منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    مستويات التحليل السيميائي في مقارنة النص السردي

    خنساء محبة السماء
    خنساء محبة السماء


    عدد المساهمات : 96
    تاريخ التسجيل : 02/11/2009
    العمر : 34

    مستويات التحليل السيميائي في مقارنة النص السردي Empty مستويات التحليل السيميائي في مقارنة النص السردي

    مُساهمة  خنساء محبة السماء الأحد ديسمبر 12, 2010 11:10 am

    مستويات التحليل السيميائي في مقارنة النص السردي



    يتضمنهذا البحث مدخلاً يُعالج قضية تعدد الاتجاهات، وتشعبها في تحديدالسيميائية وضبط مفاهيمها، حيث يستمد كل اتجاه مفاهيمه النقدية من مرجعياتومدارس لسانية مختلفة، ونظريات متبانية أحياناً، مما نتج عنه اختلاف فيتحديد مستويات التحليل.*

    قد تكون هذه الاختلافات مستساغة، ومقبولةإذا تعلق الأمر باختلاف الاتجاهات، إلا أن ذلك يستدعي الوقوف والتحري إذاكان الأمر يتعلق باتجاه واحد يشتغل تحت مظلة نظريات سيميائية واحدة، لكنإجراءات التحليل قد لا تتطابق، عدداً ومصبَّاً.*

    وإذا كان التحليلالسيميائي ينطلق من آخر مرحلة وصل إليها التحليل اللساني على المستوىالأُفقي ليدخل في مرحلة تفسير المعطيات وتأويل العلاقات الترابطية بينالدلالات، فإن عمله تجسد بصورة خاصة في محاولة تجاوز البنية اللغويةالداخلية إلى الأنظمة الخاصة بما فيها المرجعيات الثقافية والدينيةوالسياسية التي ينتمي إليها الخطاب، والملابسات التأويلية المختلفة، وهوفي محاولة تناول البنية الرأسية، واستثمار كل الأنظمة الدالة1.*

    وهكذا فقد أحصت الدراسات النقدية اتجاهات ثلاثة رئيسية:*

    أ-اتجاهيرى أن السيميائية هي دراسة الأنظمة الدالة من خلال الظواهر الاجتماعيةالملابسة للنص من منظور أنها جزء من اللسانيات، وقد مثل هذا الاتجاه رولانبارت، جيرو، غريماس، جوزيف كورتيس، محمد عزام ورشيد بن مالك2.*

    ب-بينمايرى الاتجاه الثاني أن السيميائية دراسة لأنظمة الاتصال عامة؛ اللغويةمنها وغير اللغوية، ويسعى أتباعه إلى تحديد الأنظمة المختلفة وفق عدد منالإشارات، وقد تبنى هذا الاتجاه مونان وغيره.*

    ت-أما الاتجاهالثالث فإنه حاول أن يوفق بين الرمز اللغوي والرمز غير اللغوي، باعتبارهمايتكاملان مع اللسانيات. وقد مثل هذا الاتجاه أ.إيكو الإيطالي، وجولياكرستيفا، ومحمد مفتاح، وربما عبد الحميد بورايو3.*

    يتهيب الباحثالإقدام على تناول "مستويات التحليل السيميائي" لما يحف بهذا الموضوع منإشكال وتعقيد، يجعلان الخوض فيه بمثابة المجازفة، ولذلك بدا لي أن أطرحبعض الصعوبات التي يمكن أن تواجه كل باحث فيه ويتعلق الأمر بـ:*

    1-تتكونالمادة المتصلة بمراجع الموضوع من قسمين رئيسيين: قسم نظري وآخر تطبيقي،مع تفاوت في حجم المادة المدرجة في كل قسم، واختلاف في الرؤى وتحديدمستويات الدراسة.*

    2-لم تؤلف دراسة مستقلة تستوعب في نظرة جامعةتأليفية جهازاً نظرياً يتيح للدارس مرجعاً يعتمده، فنظريات وإجراءاتمستويات التحليل السيميائي تتقاسمها مجموعة هامة من الدراسات، وخير مثالعلى ذلك دراسات غريماس الموزعة عبر مؤلفات مستقلة أو ضمن مجلات متخصصة4.*

    3-تتسمهذه الدراسات في أغلبها بالثراء والعمق في التحليل والدراسة، مما يتطلبمجهوداً معتبراً لفك رموزها واستيعاب مضامينها، ومقاصدها العلمية.*

    4-ومايلاحظ أن بعض هذه الدراسات التي تناولت الموضوع، وجاءت متبنية منهج غريماستنظيراً وتطبيقاً، فهي وإن اتفقت في منهج الدراسة ومبادئها الأساسية، فإنذلك لم يصل حد التطابق، إذ سجل بعض الدارسين جوانب اختلاف تخص في المقامالأول تحديد مستويات التحليل السيميائي، ففيما تجعلها جماعة "أنترفين"Groupe d’entre vemes قسمين يتمفصلان بدورهما إلى أربعة مكونات:*

    -مستوى سطحي يتشعب بدوره إلى مكونين يقومان بتنظيم العناصر.*

    أ-مكون سردي: ويقوم أساساً على تتبع سلسلة التغييرات الطارئة على حالة العوامل؛ أي ينظم تتابع وتسلسل الحالات والتحويلات.*

    ب-مكون تصويري: ومجاله استخراج الأنظمة الصورية المبثوثة على نسيج النص ومساحته، كما أنه يتتبع آثار المعنى.*

    أما المستوى العميق فيتشكل من:*

    آ-شبكة من العلاقات تقوم بترتيب قيم المعنى اعتماداً على العلاقات القائمة، والمتجلية عبر النص.*

    ب-نظام العمليات: ينظم الانتقال من قيمة إلى أخرى5.*

    بينما قسم ج- كورتيس هذه المستويات إلى ثلاثة مكونات6:*

    1-المكون المورفولوجي Composante “Morphologique”*

    2-المكون التركيبي Composante “syntaxique”*

    3-الخطابي والسردي Discursif en narratif*

    وتجعلها آن إينو أربعة مستويات:*

    المستوى الأول: وهو المستوى السطحي، التابع إلى المعطى الأسلوبي للنص، أي: النص كما هو في صورته المظهرية.*

    المستوىالثاني: وهو المستوى الاستدلالي، مع أنه ما يزال سطحياً، يبني على الرغممن هذا وحدات، ويقيم مميزات بين أشكال وتشكلات استدلالية. وتعتبر آن إينوهذه الوحدات مكونات للمستوى السطحي.*

    المستوى الثالث:وهو المستوىالوسطي للمعنى، يقود إلى تعيين كليات جوهرية على الرغم من أنها ليستبالضرورة مرئية بالعين المجردة، ويفترض مع ذلك وجودها في النص. وتتموضع فيهذا المستوى بالذات الظواهر القصصية.*

    المستوى الرابع: وهو مستوىوصف ذرات المعنى، ويسمى أيضاً بالمستوى العميق، أو المستوى المنطقيباعتباره يقوم بشكل خاص بوصف العلاقات التي تؤلف هذه الذرات7.*

    إنتقسيم التحليل إلى مستويات لا يعني وضع جداول، وتوزيع الدلالة ضمنها،ويكفي العودة إلى ما قاله بنفنيست في مستويات التحليل اللغوي الذي يوضحفيه أن المستوى ليس شيئاً خارجياً بالنسبة للتحليل إنه فيه8.*

    لذلكألفينا آن إينو تنطلق في تحديد مستويات تحليل المعنى إلى عناصر أولية أودنيا من فرضيات من بينها أن صيغة المعنى كموضوع لدراسة علمية تخضعلتقسيمات، وقد مثلت فكرة تقطيع المعنى ثورة معرفية بمعارضتها لفكرةإمكانية الفهم المدركة كمد مستمر وغير متميز9.*

    وهكذا قاد هذاالتحليل من الدرجة الثانية "وهو ما تسميه إينو تحليلاً لتحليل المعنى الذيكان محققاً في البدء، والذي يبرز أن كل لغة تجزّئ إدراكنا للكل" إلى وضعوحدات تجريدية لوصف صيغة المعنى، بينما أدى التحليل العفوي المحقق بواسطةاللغة إلى الوحدات الملموسة والظاهرة التي هي الدلالة، المعترف بها منمجموع المجتمع الذي تكوِّن فيه اللغة أدوات الاتصال اليومية10.*

    وتقترحآن إينو طرقاً متنوعة لمعالجة موضوعات نظرية دراسة الدلالات. والسيميائياتهي في المقام الأول نظرية في المعنى أو هي صيغة خاصة في تناول المعنى،وعلى حد تعبير سعيد بلكراد، "هي طريقة في تحديد السبل إلى إنتاج الدلالاتوتداولها"11.*

    أما التصور الذي نملكه عن الدلالة وأنماط وجودها،أنها شكل وليس مادة، وما هو مسؤول عن ظهور الدلالة هو العلاقات، وليسالمادة المضمونية في ذاتها، وعلى هذا الأساس يمكن القول: إن الشرط المباشرللإمساك بالمعنى هو مفصلة هذا المعنى بوحدات مرئية12.*

    وما مستوياتالتحليل السيميائي إلا طريقة توضيح وبناء وتنظيم للحس الداخلي اللغوي الذييقربنا من المساحة الأسلوبية لرسالة لفظية على مستوى الكلمات، كما تسمحهذه المستويات بقياس العمليات الذهنية على أساس من التقريبات والتمييزاتالتي نقوم بها عند فك النصوص.13. ذلك أن الأصل في الفعل الإنساني هوالتشخيص، فكل قيمة تمتلك بحكم منطق التمثيل وجهاً مشخصاً، بل يمكن القولإنه ليس بمقدورنا تصور أية قيمة خارج سلوك إنساني محسوس14.*

    وقدأنجر عن هذا الاختلاف في تصور عدد مستويات التحليل السيميائي، ومكوناتهالأساسية تباين في تنظيم المفاهيم وتبويبها، ويعتقد "محمد الناصر العجيمي"أن مرد هذا التباين في بعض وجوهه يعود إلى كثافة المقولات النظريةوالمصطلحات، بحيث يصعب إدراجها في هذا المستوى أو ذاك، ويعطي مثالاً علىذلك: "الفاعل" وهو أقل المفاهيم إشكالية وإثارة للجدل، فيلاحظ أنه يصنفعند جميع الدارسين ضمن محور السرد في المستوى السطحي، باعتباره وحدةتركيبية نحوية، غير أنه مع ذلك لا يكتسب صفته تلك إلا بتحميله دلالةالفاعلية الكامنة في المستوى العميق15.*

    ويزداد الأمر تعقيداً معباقي المفاهيم، ويكفي أن نمثل على ذلك بالمكوّن التصويري “Composantediscursive”، مما يحمل على الاعتقاد أن تقسيم الدراسة التحليلية مراتبيكتسي مدى إجرائياً وظيفياً أكثر من استجابته لحقائق موضوعية قارة16. ولعلذلك ما أشارت إليه آن إينو، حين قالت: "ينبغي التذكير بأن البناء المشهودللمستويات الدلالية ليس عقيدة بقدر ما هو أداة للتحليل، ولا يستقيم ثابتاًفي موضعه إلا بصلاحيته وبمدى ما يقدمه من خدمات"17.*

    وإذا كانتالسيميائية الفرنسية والأوربية عموماً قد تكونت في الخمسينيات والستينياتمن القرن الماضي، وذلك بالتقاء لسانيات (بارت وغريماس) وأنثروبولوجية(ليفي ستروس) ومختلف التيارات الشكلية والتي انحدر بعضها من النقد الأدبيلا سيما (النقد الجديد)، والبعض الآخر من منطق الرياضيات. وقد تطورت بعضهذه الأبحاث نحو ما كان يدعى بـ: "السيميولوجيا" دراسة العلامات، تحتتأثير نظرية التواصل، غير أن التيار الأكثر تمثيلاً بقي مخلصاً على الرغممن انقساماته الكبرى لسيميائية مؤسسة على مبدأ دلالية الخطاب –النصوص-الصورة18.*

    ولذلك ألفينا التحليل السيميائي للنصوص السردية، وجهةنظر سيمياء الدلالة، ينطلق من مبدأ هام وهو أن كل خطاب ليس علامة كبرى أوتجميعاً لعلامات ولكنه تنظيم لدلالات في إطار تلفظه، وتتولى النظرياتالسيميائية الإفصاح عن تمفصلات الخطاب باعتباره كلاً دلالياً. ومن بينالمناهج الممكنة والتي تفترض التعرف في كل نص على عدد من الوحدات الشكليةوالتي يمكن تحديد إطارها وأبعادها بواسطة الانقطاعات المختلفة كالتي يعثرعليها أثناء القراءة: انقطاع زماني أو مكاني، انقطاع عاملي، إلخ.. غير أنهذا التصور الكلي اعترضته مسألة "الوحدات المعنوية الصغرى" لتلحق بالتقطيعإلى علامات. ولذلك تبنت النظرية السيميائية إجراء تقطيعياً آخر من أجلالتحكم في موضوعها، دون أن تحول طبيعته، إنها وضعت قيد البحث مجموعةمستويات أساسها الانتقال من المجرد إلى المحسوس، وهذه المستويات، هي:البنيات الدلالية الأولية العاملية، الموجهات، البنيات السرديةوالموضوعاتية، والبنيات التصويرية، ويفترض في كل مستوى أنه ينطلق منالمجرد إلى المحسوس، وأنه يتمفصل في المستوى الموالي له مباشرة، ولكن بشكلمعقد19.*

    ويلاحظ أن هذا النوع من التحليل استخدم في مقاربة النصوصالأدبية مناهج شكلية، كانت مطبقة خصوصاً على الأساطير والحكايات الخرافية،واقتربت بذلك السيميائية الأدبية من الأنثروبولوجية البنائية للخطابالسردي. ويبدو أن السيميائية الأدبية من وجهة نظر أتباع سيميائية التلقي،تكون قد تحولت إلى شكل من أشكال النشاط الأنثروبولوجي البنيوي للنصالأدبي20.*

    وقد اعتبر هذا التوجه الجديد تطوراً نحو آفاق لم يعرفهاالنقد الأدبي، غير أنها لم تكن كافية مقارنة بطموحات المشتغلين في حقلالسيميائيات الأدبية. غير أن السيميائية تحولت بشكل تدريجي إلى سيميائيةالخطاب Semiotique du discours لتشتغل في الحقل الذي كان مقرراً لها منذالبداية، ويتعلق الأمر بإنجاز نظرية لمجموعة دوال، لا نظرية للعلامات، ومنأجل تحقيق ذلك كان عليها أن تنجز أدوات إجرائية تمكنها من احتواء الخطابوهو في عملية التكوين، الخطاب الذي ينتج أشكاله الخاصة، ولا يكتفيبالإمداد الذي يوفره التراث الذي ينتمي إليه من أشكال وموتيفات ووضعيات،أي على مرجعيات خارجية، مهما كان نوعها لتحديد دلالته21.*

    المربع السيميائي –المسار التوليدي- السردية:*

    يرىجاك فانتانيل Jacques Fontanille في كتابه: Sémiotique et littérature.Essais de méthode (1999) "السيميائية والأدب. محاولات في المنهج" 1999 أندور ركائز النظرية السيميائية الكلاسيكية، ويتعلق الأمر بـ (المربعالسيميائي –المسار التوليدي-السردية) في حاجة إلى إعادة تقويم.*

    المربعالسيميائي Le carré sémiotique: فالمربع السيميائي هو ترسيمة لمقولات تفصحعن علاقات ضدية، تناقضية، اقتضائية، تنظم وتحدد المقولة الدلالية، وكمايقول بول ريكر. P. Ricoeur "إنها تجعل من وحدة معنوية ما مكوناً دلالياًصغيراً، أي نسقاً علائقياً بسيطاً، فما يكون هو ما ينظم أيضاً، وهو مايسمح بالتحكم لاحقاً في المعنى أي العنصر الذي يحكم كل التحولات"22. وهيكيفية تحليلية تظهر من خلال نص سردي كيف تدخل عناصر في تناقض مع عناصرأخرى، غير أن هذا التحليل لا يكشف عن العلاقة التي تميز العنصرينالمتناقضين أو غيرها من العلاقات، وكذا وضعية هذا العنصر داخل مقولةالعناصر الطبيعية، أي ما يفسر ويجلي العلاقات داخل الثقافة الطبيعيةللمجتمع. فالمربع السيميائي يعتبر تأليفاً تقابلياً لمجموعة من القيمالمضمونية، ويعتبره غريماس بنية دلالية منطقية سابقة للنص السردي ببعدهالتشخيصي التصويري ومؤكدة له، وهو يسعى من خلال هذا النموذج إلى تفسير كيفيتم التحول من المفاهيمي المجرد إلى المشخص المحسوس23.*

    وانطلاقاً من هذه الفرضيات أمكن التمييز بين مستويين للتحليل السيميائي:*

    -مستوى سطحي، وفيه يخضع السرد بكل تمظهراته لمقتضيات المواد اللغوية الحاملة له.*

    -مستوى عميق، ويشكل جذراً مشتركاً تكون السردية داخله منظمة بشكل سابق عن تمظهرها من خلال هذه المادة التعبيرية أو تلك.*

    ويعتقدغريماس أن التمييز بين مستويين للتنظيم السردي يعود إلى أساس تشكل الخطابونمط إنتاجه، فعوض التعامل معه باعتباره تسلسلاً للملفوظات، يستحسن القول:إن الخطاب كل دال، أنتج أولاً على شكل تأليف تام يتفكك بعد ذلك تدريجياً،وعلى مراحل، لينفجر في النهاية على شكل ملفوظات خاصة24.*

    إن هذهالكيفية من التحليل تعتبر الخطاب ملفوظاً: أي المعنى منتهياً، ويمكنناإعادة بنائه، اعتماداً على الميكانيزمات المهيمنة فيه، ومقولات المربعالسيميائي، غير أنه يمكن الاهتمام بالطريقة التي يشتغل بها الخطاب نفسه فيإنتاج تشكلاته الخاصة، وكيف تتبنى جزئيات المضمون وتقام العلاقات التيتمكن من التعرف على التوالد الدلالي، كما يمكن اختيار الكيفية التي يقحمبها الخطاب أو يفصل أشكاله من أجل فهم التناظر الذي يتكون أثناء حركةالتلفظ، وهي وجهة نظر تدعو إلى تفعيل الخطاب، وامتداداً لهذه الرؤيةالداعية إلى تفعيل الخطاب الأدبي، يعتبر "فانتانيل" أن المربع السيميائيلا يمكنه أن يطال الكيفية التي تتشكل وفقها المقولة انطلاقاً من التلقي،كما لا يمكنه أن يفسر الطريقة التي تتعامل بها الخطابات كلها مع مقولاتهالخاصة الداخلية، من تنظيم وإعادة تركيب. إن إنشاء مربع سيميائي أثناءتحليل نص أدبي، يعني أننا أمام مقولة ثابتة، يكون تكوينها منتهياً، غير أنالبحث عن الكيفية التي تجري بها عملية التلقي من تجميع واختيار وترتيبلمجموعة الأشكال من أجل تنظيمها في مقولات تبقى مستعصية، ولا يمكن للتحليلالقائم على المربع السيميائي استيعابها، وينبغي البحث عن مناهج أخرىونماذج جديدة للتحليل تدمج هذه الفرضيات الجديدة25.*

    المسارالتوليدي Le Parcours générautif: وهو نموذج ترتيب المقولات الموظفة فيخطاب؛ ابتداءً من المجردة: البنيات الأولية، وانتهاءً بالمحسوسة، أي:البنيات المشخصة للخطاب.*

    ومن شأن هذا المسار التوليدي التحويليتمكين الدارس من التعرف على وضعية مجموعة البنيات الممكنة أثناء عمليةالتلفظ. غير أنه في شكله التصاعدي أو التنازلي لا يكشف عن الكيفية التييجري بها التلفيظ، وكيف يتم الاختيار، والتنظيم، والامتزاج بين الوحدات منأجل إيداع مقولته. ومن أجل الوصول إلى الكشف، ينبغي التفكير في وسائلوأدوات إجرائية أخرى.*

    السردية La narratvité: مثلت السردية مبدأتنظيمياً مركزياً في التحليل البنائي في الستينيات والسبعينيات من القرنالماضي، ويعود ذلك لأسباب تاريخية، لأن العالم كان قد اكتشف مورفولوجيةالسرد لفلاديميربروب وأبحاث ليفي ستروس، ولكن أيضاً لأسباب علمية مؤسسة،لأنها كانت توفر –حينها- جهازاً مفاهيمياً لكل الدوال التي كانت أكبر منالجملة، وفي حجم الجملة أيضاً.*

    ويقوم مبدأ السردية على مفاهيممنها مفهوم العامل الذي اختلف كثيراً في تحديده، وتسميته: حالة دلالية(Fillmore فيلمور)، دور درامي (سوريو Souriau)، عامل سردي غريماس. ومنوجهة النظر هذه تحتوي كل الدراسات سواء التي اتخذت الجملة موضوعاً لها أمالتي اتخذت النص الكامل، أم تلك التي اعتمدت على الفعل مباشرة، أو بشكلغير مباشر عن طريق مجموعة التحويلات السردية26؛ أقول تحتوي عدداً منالأماكن العاملية، التي تكون ما أسماه "تسنيار" و"فيلومور" (الخشبة Lascéne).*

    مكّن هذا المبدأ التفسيري الوحيد حينها من تصور اختزال نصطويل إلى نص قصير جداً، وهو الإجراء الذي قام به (ج-جينيت) حيث أخذ النصحجم جملة: أصبح مرسال كاتباً. فهذه الجملة تلخص رواية: "البحث في الزمنالمفقود" لمرسيل بروست27.*

    كما مكّن هذا الاختزال من التفكير في"نحو سردي للنصوص"، لأنه كان بالإمكان تبرير نوع من المعادلة بين البنيةالسردية البسيطة كالجملة، وتلك التي تبدو أكثر تعقيداً كالقصة، والحكايةالشعبية أو الرواية.*

    وهكذا أصبح بالإمكان تشكيل مبدأ يقوم علىمفاهيم سردية لكل خطاب، اعتماداً على المعارف المكتسبة في تحليل الجملة،ويمكن تلخيص هذا المبدأ ضمن قاعدة تجريبية: "لا يدرك المعنى إلا من خلالالتحويلات"28. غير أن هذا الإجراء تعقد كثيراً بعد أن كشفت التحليلاتالسردية أن الذي يمكن إمساكه هو التحويل الفعلي من حالة ثابتة إلى حالةأخرى جديدة عبر صيرورة البرامج السردية التي يخضع لها البناء السرديللخطاب.*

    فالتحليل لا يُطال الدلالة الفاعلة التي تتشكل فورالقراءة وإنما تلك الثابتة المستقرة بعد التحويلات الناتجة عن البرامجالسردية أثناء الحالات والتحويلات. ولذلك تبقى مقولة "السردية" غير كافيةفي تصور آفاق مستويات التحليل الخطاب في منظور سيميائية التلقي.*

    1-حلامالجيلالي، المنهج السيميائي وتحليل البنية العميقة للنص، مجلة الموقفالأدبي، العدد 365 أيلول/ سبتمبر 2001 ص.إنترانيت، ضمن موقع اتحاد الكتابالعرب. [Link nur für registrierte Benutzer sichtbar] Awu-dam. Net.*

    2-المرجع السابق، ص. إنترنت.*

    3-المرجع السابق، ص. إنترنت.*





    مستويات التحليل السيميائي في مقارنة النص السردي Empty

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 7:13 pm