منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    التحليل النفسي و الادب

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    التحليل النفسي و الادب Empty التحليل النفسي و الادب

    مُساهمة   الأحد يناير 15, 2012 2:10 pm




    التحليل النفسي و الادب


    التحليل النفسي والأدب
    ( مشهد النقد العربي )
    (2)
    : أسعد فخري

    أما المسألة التي اتضح من خلالها تعويم مفهومات التنظير وتقلبات الإنجاز
    وتغيراته هي رفض عزالدين إسماعيل لرؤية ترلنج في فهمه لعصابية الفنان
    وقبوله لها في الآن ذاته حين يقول : ( حتى حين يكون الفنان عصابياً )(14).
    لكن الإشكالية الكبرى في مرجعية المعايير البسكولوجية عند ( عز الدين إسماعيل ) وعلاقة تلك المعايير بمنهج التحليل
    النفسي, تتمظهر بجلاء تام في فصل ( مشكلة الفنان ) من كتابه ( التفسير
    النفسي للأدب) ذلك التناول الصادم في استنتاجاته وخلاصاته / Sommaire / حين
    يقول : (من كل ما مضى يتضح لنا أننا نستطيع من خلال الدراسات النفسية
    والتحليل النفسي أن نعرف الشيء الكثير عن الفنان وإن
    لم نتمكن من معرفة كل شيء ، وقد رأينا أنه يمتلك قدرة فائقة كانت تفسر
    قديماً في ضوء فكرة الإلهام ثم فسرت على أساس مرضي وكلا التفسيرين قد صار
    مرفوضاً في وقتنا الحاضر ، وهي تفسر حديثاً في أبحاث الذكاء والتوافق
    الاجتماعي)(15).
    من هنا نجد أن الكثير من المعايير والقيم النقدية التي خلص إليها ( عز
    الدين إسماعيل ) قد عانت من تقلبات لافتة ، ففي الوقت الذي يعارض فيه كتابه
    ( التفسير النفسي للأدب ) عصابيـة الفنان حسـب (ترلنج )
    فانه يوافقها ويشتغل إ نجازاً عليها. أما أن تتحول العملية برمتها إلى شكل
    من أشكال الذ كاء Intelligence/ / والتوافق الاجتماعي فهذا يدل بصورة جلية
    على تقلب وتبدل المعايير النقدية وانتقائيتها والغياب الواضح والصادم
    للمتتاليات المناهجية للتحليل النفسي عند ( عز الدين إسماعيل ) وكذلك هي
    نسف لمقومات ذلك المنهج وآليات مناجزته للنصوص الأدبية مؤكداً على أن (
    القصة النفسية التي تكتفي بذاتها والتي لا تحتاج إلى تفسير لا يمكن أن تدخل
    الميدان الادبي ولا يمكن النظر إليها بوصفها عملاً فنياً )(16).
    وبذا يغد و النظر إلى مشــكلة الفنان /adjecto Contradictioin / والخلافية القائمة على
    عصابـيته / Neuroticism / أو غيابها مسألة اشكالية أرهقت نتائج الإنجاز على
    حساب التنظير الذي يستمد منه الناقد قيمة النص الإبداعي وأدوات الكشف عما
    وراءه أما تجنيس القصة أو العمل الإبداعي ذو السياقات النفسية أو طرده إلى
    خارج أجناس الفن فتلك مسألة لا بد أن نتوقف قليلاً عند التناقض الذي وقع
    فيه ( عز الدين إسماعيل ) مجدداً وكما هي كل مرة ينزلق بسبب عدم تأمل
    انتقاله من معيار إلى آخر وغياب ثبات جهة التعامل مع النص الإبداعي .
    ففي الوقت الذي يقرر فيه إخراج العمل الإبداعي ذو القيمة البسكولوجية من
    دائرة الأجناس الإبداعية يذهب شوطاً طويلاً في تحليل قصته (السراب) لنجيب
    محفوظ ويحدد القيمة التحليلــــــية
    / Analysis / لها قا ئلاً : ( ورغم ما هو معروف عن أنها قصة نفسية قبل أي
    شيء وأن التفسير النفسي لها يزيد عن فهمنا لها ويكشف لنا عما وراء ما تعرضه
    لنا من ظواهر )(17).
    من هنا تتظهر المباينة والإرجاء والتقلب وغياب ثوابت معايير منهج التحليل
    النفسي ومناجزة النصوص عند (عز الدين إسماعيل ) الذي لو أخذنا بمعاييره
    لأخرجنا الكثير من الأعمال الإبداعية الخالدة من اللوح المحفوظ عارية من
    جلدها وجنسها إلى جنس وجلد آخرين تصعب فيه التسمية والانتماء .
    لكن وبالرغم من الخلط الزائد وابتسار الآراء والشواهد وغياب التناغم /
    Syntontonia / المنهجي في كتاب ( التفسير النفسي للأدب ) وكذلك ما عاناه من
    افتعال الكتل / Mass / التنظيرية والحشو والمبالغة إلا أنه يظل لبنة لافتة
    وهامة في إطار المراجع الكلاسيكية التي اشتغلت على منهج التحليل النفسي
    والأدب في التطبيق المناجزة النقدية العربية .
    لاشك بأن فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين المنصرم فترة
    حاسمة وهامة في إطار تظهير منهج التحليل النفسي وعلاقته بالفن فقد ساهمت
    الكثير من الترجمات إلى العربية من مصادر مختلفةإلى إنضاج إ ستلها م ذ لك
    المنهج والأخذ كذلك بالكثير من الآراء والاجتهادات البسكولوجية التي ناجرت
    في تأكيد حضور ذلك المنهج من خلال من خلال البحوث الهامة التي اشتغلت عليه
    في المشهد النقدي العربي .
    لكن القضية الأساسية التي جعلت من منهج التحليل النفسي / Psyco analysrs /
    منهج له قيمة وحضور نقدي يمكن التعامل معهما ومناجرتهما على نصوص إبداعية
    عربية, فهي دون أدنى شك البحوث النقدية النفسا نية / Psychocritigue /
    للباحث والناقد العربي ( جورج طرابيشي )(18).
    والذي كان مختلفاً وظل مختلفاً في رؤاه ومنحاه في التحليل والتأويل منتجاً
    لكم هائل من المؤلفات التي تنوعت بين الترجمات والبحوث مما جعله علامة هامة
    ومؤثرة في تظهير منهج التحليل النفسي عبر إقامته العلاقة العلمية التي لها
    مرجعيتها النظرية مع الفن والأدب معتمداً على تنوع الآراء والاجتهادات
    المعاصرة آخذاً بعين الاعتبار الأسس الموضوعية / Objectivity / لبناء تلك
    العلاقة ودفعها نحو أفق من التجاذب المحقق لمعادل التنامي بين النص المبحوث
    نفسياً والبنية المناهجية للتحليل النفسي كأداة للكشف عن البنى العميقية
    للاواعية النص والأوجه المتعددة لمعاينة / Polysemous,medning / غير
    المستقرة بالرغم من ميله الشديد إلى المعجم الفرويدي .


    (تأملات أولية في التحليل النفسي للأدب والفن)

    مدخل:


    لا مندوحة من التأكيد على أن الشرارة الأولى كانت للمعلم الأول ( سيموند
    فرويد ) وشغله الشهير على رواية ( كراديفيا جنسن ) في كتابه ( الهذيان
    والأحلام )(19). والذي أحلّ سياقاً جديداً أنضج من خلاله آلية / Mechanism
    /متعددة الأغراض والأهداف تسعى في اشتغالها على إشادةعمارة مليئة بالمتاهات
    والأسئلة التي تبحث في ماهية/ Eidetic / الفن والأدب استناداً إلى منهج
    معقد وصارم يدعى التحليل النفسي .
    لقد كان عام "1907" عام تحولات هامة في علم النفس والتحليل النفسي للأدب
    وذلك من خلال مقاربة نصوص أدبية بعينها واخضاعها لأدوات تلامس جوانية /
    Latent / تلك النصوص وعلائق مبعثها .
    وذلك ما حقق ( للفرويدية ) فتحاً جديداً دعاها إلى الخروج من العيادة
    السريرية / Clinical / إلى حفريات المخيلة البشرية وأحلامها والتي رأى فيها
    فرويد حقلاً خصباً لتأمل أكثر تجريباً وانفتاحاً وكذلك نقلة أكثر حدساً /
    Intuition / وتشوفاً مما كان قد أحدثه مؤلفه الشهير ( تفسير الأحلام )(20)
    .الصادر عام 1900 م والذي يعد بحق من الكلاسيكيات الفرويدية الهامة
    والمرجعية .
    ولأهمية ( كراديفيا )(21) الرواية التي شكلت عبر اجرائية / Operationism /
    الاشتغال عليها مفتاحاً ذهبياً للفرويدية وحضوراً أولياً لإنشاء العلاقة
    الحميمة بين نظرية التحليل النفسي والفن والتي لم تكن أصلاً في أجندة (
    فرويد ) وتطلعاته كمشروع للاحتكاك بالفن كطاقة غامضة / Ambiguity / يجوز
    عليه ما يجوز على غيره من العلوم الإنسانية .
    لكن التأكيد اللافت الذي أبداه فرويد في الهذيان والأحلام ( بأن الكاتب
    الذي كرس نفسه منذ عام / 1893/ لدراسة تكون الاضطرابات النفسية لم يكن
    ليدور في خلده أبداً أن يبحث عن تأكيد لنتائجه لدى الروائيين والشعراء
    )(22).
    من هنا نلمس المكانة العالية والسامية لتأكيد فرويد على أهمية دور الفن
    كمرجعية / Referential / للكثير من العلوم والكشوفات التي كرس نفسه من
    أجلها وبذا يكون ( فرويد ) قد حقق قصب السبق في الاقتراب من النقطة العمياء
    التي حامت حولها الكثير من المعارف الانسانية دون ان تحقق إدهاشاً أو
    كشفاً في ملامسة حقيقتها التي مازالت محصنة بغامض أكثر من الغموض ومتاهة من
    الأسئلة التي لم تجد لها جواباً بعد, وذلك ما دعى ( فرويد ) للقول ( إن
    الشعراء والروائيين حلفاء موثوقون وينبغي أن تثمن شهادتهم عاليا ، لأنهم
    يعرفون أشياء كثيرة ما بين السماء والأرض وليس بمقدور حكمتنا المدرسية أن
    تحلم بها ، أنهم أساتذتنا في معرفة النفس )(23).
    لكن أشد الدوافع اشكالية / Heros / تلك التي جعلت ( فرويد ) يذهب شـوطاً تحليلياً في رواية
    ( كراديفيا ) هي كثافة الأحلام فيها إذ كان ينتقل من حلم إلى آخر, محاولاً
    جمع شتاتها ليؤكد حضور مفهومه الجديد عن تأويل الحلم في المخيلة البشرية
    وإسقاطاته المرضية التي يراها تحقيقاً لرغبة مكبوته لدى الحالم في الرواية
    كشخصية لها سلوكاتها النفسية وليس البتة كما هو الحال عند المؤلف كحالم
    يعبر عن حلمه .
    أما المسألة التي حملت الكثير من المفارقات الهامة أن ( فرويد ) بعد
    اكتشافه باعثة اللاوعي في رواية ( كراديفيا ) من خلال سبر وتحليل منظومة
    الأحلام المتناوبة فيها غدا غير منفك عن إعادة دمج تلك الأحلام في النسيج
    الأساسي للنص ناظراً إليها كمعيار أساسي وهام يتم من خلاله تحديد أسس مبدأ
    تأويل الحلم استناداً إلى المصائر النفسية للبطل / Problematiguele /
    والشخصيات المحيطة به مؤكداً بذلك ومن جديد على أهمية الشخصيات/
    Perosnality/ النصية ، وأن ما تم اكتشافه في كراديفيا من أحلام ونكوصات /
    Regression / يعود إلى شخصيات النص وحيواتهم قائلاً : ( لا بد أن قراءنا
    دهشوا لرؤيتنا نعالج نور برها نولد وزويا بيرتغانغ في جميع ضروب التعبير عن
    حياتهما النفسية وعن أعمالهما وتصرفاتهما كما لو كانا شخصين حقيقيين ،
    وليسا مخلوقين من إبداع القاص )(24).
    من هنا نلمس أهمية بالغة في النظر إلى ما قام به ( فرويد ) من تحليلات على
    النص الروائي مؤثراً عدم الإلماح أو الإشارة إلى الروائي(جنسن ) وعلاقته
    السيرية / Autob,ography /بشخصيات ( كراديفيا ) معتبراً أن الروائي قد أدى
    رسائله الغامضةعبر تخيل مركب لشخصيات لبوسها الحلم وفاقاً لضروب منالتعبير .

    لكن وبعد سنوات من القبض على باعثين اللاوعي التي اكتشف معادلها ( فرويد )
    في ( كراديفيا ) يقرر وبصورة صادمة وانقلابية ( أن التحليل النفسي يسعى إلى
    معرفة خلفية الانطباعات والذكريات الشخصية / Autob,ography / التي استند
    إليها الكاتب لبناء عمله ، وهذا يعني أننا ننتقل من النص إلى السيرة
    الذاتية ومن الشخصية إلى الكاتب )(25).
    لا شك أن تحول فرويد إلى تتبع مصائر الشخصيات في العمل الفني كمرجعية
    لاكتشاف لاوعي المؤلف في إطارها السيري قد أحدث انزياحاً كبيراً في منهج
    التحليل النفسي والأدب الذي سعى إليه فرويد منذ البداية ، وبدلاً من أن
    يكون للعمل الفني ( لاوعيه الخاص ) صار العمل الفني يخضع إلى معيار جديد
    يقوم على انقسـام ( أنا الكاتب إلى أنوات / Egoism / جزئية فمختلف الأبطال
    يجسدون اتجاهات الحياة النفسية المختلفة للروائي )(26).
    وبالرغم من أن منهج التحليل النفسي الوليد على يدي ( فرويد ) قد أعطى فرصة
    كبيرة للخروج من قوقعة العلم الذي نشأ أصلاً في حقل الأمراض الذهانية /
    Psychosis / والممارسة السريرية وكذلك التأثير البالغ الذي أحدثته
    الإنزياحات الكبرى عن المسار البدئي في ( كراديفيا ) قد أوقع انقلاباً
    هاماً في المشهد النقدي للأدب والفن واتجاهاته /Approaches / العالمية .
    لقد كانت أولى المشاهد المثيرة واللافتة في السياق النقدي في أوربا وأمريكا
    أن إصدارات كثيرة كرست إنحراف مسارالفرويدية بعد ( كراديفيا ) ومن أهمها
    صدور كتاب فرويد نفسه(التحليل النفــــسي للفن )(27). الذي ناجز فيه
    انحرافه عن المسار الذي وضع أسسه هو بتحليل شخصيّتي ( ليوناردو دافينشي
    وديستوفوسكي ) متتبعاً سيرتيهما الذاتيةعبر تنقيب لافت أحدث خلخلة تجلت في
    الإفتتان السهل لمجاراة إنقلابيته ، حيث صدرت من بعده مؤلفات عديدة من
    أهمها :
    ( شارل مورون ـ التحليل النفسي لمالارميه وماري بونابرت عن ادغار آلن بو
    وكذلك فشل بودلير, للافورغ وتنظيرات سارة كوفمان عن طفولة الفن ثم شباب
    أندريه جيد لجان دولاي ، وهولدرلين ومسألة الأب لجان لابلانش)(28).
    وكذلك الكثير من المؤلفات التي عنيت بتأكيد هذا الشأن الذي شكّل في ماهيته
    التحليلية الاتجاه المختلف أو المرحلة التي تم فيها تراجع ( المعلم الأول
    فرويد ) عن الأسس التي وضعها في ( كراديفيا ) فقد آثرت تلك المؤلفات
    الــــسابقة على تأكيد وضع اليد على البواعث اللاواعية لعملية الإبداع
    وتمتين الرا بط المقد س أيضاً بين فعل الإبداع ولاوعي المؤلف .
    واللافت هنا أن فرويد وقبل أن يصدر كتابه ( التحليل النفسي للفن ). كان قد
    كتب مقالاً في مجلة ( ايماغو Imago ) الصادرة في فيينا والتي أسسها (
    أتورانك ) وكان بعنوان (الخارق للطبيعة) (29) عام 1919 والذي أ بدا من
    خلاله كثيراً من الاستسهال في إ خضاع أي مشكل جمالي للتحليل النفسي معتدّاً
    بمقولته الشهيرة ( على التحليل النفسي أن يلقي بأسلحته أمام مشكلة الفنان
    الخالق )(30) واضعاً من خلال ذلك أ ســــساً لحدود الاشتغال على الأدب
    والفن محكماً إغلاق بوابة النفوذ إلى الغامــض
    / Ambiguity / في ما وراء النص ومؤكداً في الآن ذاته على أن سيرة النص او
    العمل الفني هي بالضرورة سيرة الفنان المكتسبة والذاكرية / Memory / .
    تلك هي أهم المفاصل الأساسية لبواعث اللاوعي التي وضع أسسها ( فرويد )
    والتي كانت المُشكّل والدافع / Motive / الحقيقي لتنظيرات تلميذه المهم (
    كارل يونع )(***) من بعده .

    يتبع القسم الثالث....

    ( الهوامش والمراجع )

    ( 14) ـ المصدر السابق ـ ص28 .
    ( 15) ـ نفس المصدر ـ ص49 .
    ( 16) ـ نفس المصدر ـ ص251 .
    (17) ـ نفس المصدر ـ ص252 .
    (18) ـ جورج طرابيشي , ينظر في الهامش / 1 /
    (19) ـ الهذيان والأحلام ـ فرويد ـ ترجمة نبيل أبو صعب ـ الثقافة السورية ـ ط1 ـ 1986
    (20) ـ سيموند فرويد ـ تفسير الأحلام ـ دار المعارف ـ ترجمة مصطفى صفوان ـ
    ط1 ـ 1958
    (21) ـ الهذيان والأحلام ـ فرويد ـ ترجمة نبيل أبو صعب ـ وزارة الثقافة السورية ـ 1986 .
    (22) ـ المصدر السا بق ـ ص158 .
    (23) ـ النقد في القرن العشرين ـ هان ايف تادييه ـ ترجمه قاسم مقداد ـ وزارة الثقافة السورية 1993 ـ ص192
    (24) ـ الهذيان والأحلام ـ فرويد ـ ص143
    (25) ـ النقد الأدبي في القرن العشرين ـ ص ( 193 + 194 ) .
    (26) ـ المصدر السابق ـ ص194 .
    (27) ـ التحليل النفسي للفن ـ فرويد ـ دار الطليعة ـ ط2 ـ ترجمه سمر كرم .
    (28) ـ النقد في القرن العشرين ـ مرجع سابق ـ ص221 .
    (29) ـ النظرية الأدبية الحديثة ـ آن جفرسون وديفيد روبي ـ ترجمه سمير مسعود ـ وزارة
    الثقافة السورية ـ ط 1992 ـ ص209 .
    (30) ـ التحليل النفسي للفن ـ مرجع سابق ـ ص94 .
    (***) ـ كارل كوستا ف يونغ : 1875 ـ 1961
    ولد في سويسرا, تخرج طبيباً في مدينة بازل , بدأ حياته العلمية طبيباً مسا عد في مشفى
    الأمراض العقلية حتى عام 1909 ـ عمل تحت اشراف (بلوير) التقى بفرويد وأثمر اللقاء عن
    صدا قة دامت لعدة سنوات انتهت بصدام خلا في مما دفع يونغ للاستقلا عنه حيث أسس منهجه
    الخا ص وبما يعرف اليوم بـ ( علم النفس التحليلي ) مؤكداً من خلاله على المصطلح الذي
    أوجده كتوازي خلافي لمفهوم اللاشعور الذاتي عند فرويد , وأسماه ( اللاشعور الجمعي ـ
    الخا فية ) .














    التحليل النفسي والأدب
    ( مشهد النقد العربي )
    (3)
    : أسعد فخري

    مما لا شك فيه أن مشكلة الفنان الخالق / Textuality / تعد من المسائل
    الغامضة ، وأن التحليل النفسي وتطبيق مفهوماته على الأدب والفن إنما هي
    نضال مرير يدار ضد كشف الأقنعة التي تحجب المعنى الخفي والمتعدد /
    Pluralistic / ( للاوعي الجمعي )(31) / Collectiveunconscious / كقاع أوالي
    يحتوي على تاريخ الكبت / Repression / الإنساني ( ولأن ليس للمكبوت تاريخ (
    اللاشعور خارج الزمن ) ؛ فإن الكبت هو الذي له تاريخ ، إنه تاريخ : تاريخ
    الإنسان من الطفولة إلى الرشد وتاريخ من . . . ما قبل

    التاريخ إلى التاريخ ؛ فإلى إنزياح مجموعة المباحث يضاف أيضاً إنزياح
    طرائقي : ينبغي الآن للتفسير أن يـمر بتكوين أنماط من نوع جديد ، الأنماط
    التكوينية ومآ لها التنسيق
    بين تطورين، تطور الفرد وتطور النوع في كنف تاريخ أسا سي وحيد يمكننا أن
    نسميه تاريخ الرغبة والسلطة )(32), بالمعنى الحقيقي لتاريخ البشرية تاريخ
    النوع الذي يحمل في ( خافيته ) سلالات المخيال المغرق في القدم.
    من هنا نلمس الأبعاد الجديدة التي سعى نحوها ( كارل يونغ )( المتمرد الأول
    على الأسس التي وضعها ( فرويد ) في التحليل النفسي للفن بعد ( غراديفيا )
    لقد استطاع ( يونغ ) بحكمته وتأمله المتفكر أن يعيد النظر ( بباعثة اللاوعي
    ) الفرويدية ويصوغ تصحيحه الذي اشتهر به وكان نقطة خلاف كبرى مع معلمه ألا
    وهو ( اللاشعور الجمعي ) أو الخافية التي أعادت الاعتبار لمكانة الفن
    والسلوك الإنساني .
    لذا فإننا ننظر إلى الخافية كمعيار / Norms / حســب الإصلاح اليونغي , علــى أنها اللازمة
    / Leitmotive / كالظلال لسلوك النوع ومفازة فردانيته الخاصةوكذلك هي
    التداول المرتقب لسلطة الرغبة وحرية الانتماء إلى الواحد المتعدد في سلالم
    التعبير عن مرغوب /Desire /آثر أن يبني مجده الغامض طويلاً في أعشاش (
    الخافية ) إمتهمت بدورها الارثي تذكر الكلي المنسي عبر تجليات المخيال /
    Phantasy / البارع في الدهشة والإدهاش والغامض العصي لالية الخلق المبدع
    وسلالات تذكره .
    وبذلك يكون ( يونغ ) قد أحدث الوقفة الهامة لخلخلة الثوابت الكلاسيكية (
    للاشعور ) /unconscious / وأشاع تفكراً مختلفاً عن الفرويدية بما يخص
    مرجعية الإبداع الفني إذ أعاده عبر الخافية إلى نوعه الجمعي المتخيل
    واشراقته المتشوفة لنسيانها السري من قبل اكتسابها ومن بعده .
    لكن دعونا نتسائل ما الخافية . . / Unconscious the/ :
    حسب يونغ : ( تنطوي على إ رث يمدنا بمعرفة لا حدود لها حين تصير في الواعية )(33).
    فهي الطريق الذي يؤدي إلى المملكة الجليلة مملكة الميراث الهائل والتي (
    تحوي جميع أنماط الحياة والسلوك الموروثة عن الأسلاف ، حتى أن كل طفل بشري
    وهو في مرحلة ما قبل الوعي مجهز بنظام كامن / موجود بالقوة / من الوظائف
    النفسية المتكيفة )(34).
    وعلى حد تعبير ( يونغ ) فإن الكامن / Potential / والموجود بالقوة ما هو
    إلا السلوك أو التعبير غير المكتسب والذي يعد أحد أهم الوظائف النفسية
    الموروثة بالطبيعة البشرية لذا فإن ( من أفداح الأخطاء أن ننظر إلى الخافية
    على أنها ناشئة من الواعية )(35).
    أماالأنماط الأولية / Mechanism / لحضورها كجهاز نفسي /
    Appareille,psychigue / موروث فلـها خصوصيها التي ( تد رك وتقصد وتحدس
    وتشعر وتفكر تماماً مثلما يدرك العقل الواعي )(36).
    وذلك يعود لمائزتها وخصوصيتها / Singularism / عن مختلف المفاعيل النفسية
    فهي ( ليست مركزة ولا مكثفة بل يطويها الظلام وهي واسعة جداً وتستطيع أن
    تجمع مخزوناً هائلاً من عوامل الوراثة المتراكمة التي خلفها الجيل إلى
    الجيل الذي يليه )(37).
    وهي في هذا الإطار تخالف الواعية / Consiousness / إلى حد التباين في
    المائزة فــهي أي الواعية ( مكثفة ومركز لكنها زائلة وهي تتوجه نحو الحاضر
    المباشر والميادين المباشرة للانتباه )(38) .
    وبذا تصبح أنماط الخافية أنماطاً ( جينية ) / Gen / لها تواتر طباع
    السلالات البشرية فهي تولد مع الإنسان وتحمل موروث خبرته الجمعية القابلة
    لمركمة المزيد وقت تعاملها مع الخبرة الفردية المباشرة التي لا تتجاوز
    حياتها بضعة عقود من السنوات .
    ولكي نحدد بشكل أكثر دقة وموضوعية ماهية / Eidetic / الخافية وأبعادها ضمن
    الأجندة التحليلية للجهاز النفسي(أمكننا القول أنها كائن بشري كلي يضم
    خصائص كلا الجنسين ، فوق الشباب والشيخوخة وفوق الولادة والموت وتحت إمرته
    خبرة بشرية عمرها مليون أو مليونان من السنين لذلك هو كائن شبه خالد )(39).

    من هنا نلمس مفارقة الميراث الأزلي لميكانيزم الخافية أو اللاشعور الجمعي
    لنتعرف أكثر على طبائعها وسعة خصائصها كحمالة لفطنة الخلق / Creation /
    والتخليق ، ولأن ( الموجود الإنساني يحوز على كثير من الأشياء التي يكتسبها
    أبداً بنفسه ولكنه ورثها عن جدوده القدماء . إنه لا يولد لوحة بيضاء ولكنه
    يولد في حالة من اللاشعور فقط ويحمل الإنسان عند ولادته مخطط وجوده مخططه
    الأساسي لا مخطط طبيعته الفردية فحسب ، بل مخطط طبيعته الجمعية أيضاً )(40)
    .
    لذا لا بد من النظر إلى ( الخافية ) على أنها المرجعية الأوالية لسيرة النص
    الأدبي وإلهامات تكوينه / Genetic / فهي في ماهيتها تشكل جينته وتلاوين
    فوضى مدركاته وصيرورة مفاعيل تعدديته وتأويله .
    من هنا نستطيع القول أن ( الخافية أو اللاشعور الجمعي ) صندوق البدء
    للانهاية , واللابداية أنه نقطة العماء الأوالية ومرجعية التكوينات المفرقة
    في القدم لللغة المنسية ( والموجودة بالقوة )(41) حسب تعبير كارل يونغ لذا
    فهي أصل العملية الإبداعية برمتها وما المؤلف إلا وسيط / Median / نبيل
    ينهل من قاعها مستخدماً نظاماً معقداً من الأقنعة الرمزية ولأنها أيضاً (
    بقايا حالات عقلية تاريخية ، ما علينا إلا أن نرجع القهقرى إلى بضع مئات
    مـن السـنين لكي نبلغ ذلك المستوىمن الواعية الذي يوازي محتويات الخافية
    )(42).
    لا شك أن البحث عن أسس موضوعية لاعتبار ( الخافية ) مرجعية أوالية للعملية
    الابداعية يستدعي كثيراً من التأمل / Speculation / ولأن الفنان مخلوق عصي
    عن الإدراك والكشف فهو غامض بقدر غموض أدواته وتأويل لغته وخيالاته الفطرية
    / Nativism / ولأن ( الفن نوع من السائق الفطري يستولي على الكائن البشري
    ويجعله أداة مسخّرة له ـ ليس الفنان شخصاً يمتلك إرادة حرة يسعى نحو أهدافه
    الخاصة ، وإنما هو شخص يتيح للفن أن يحقق أغراضه من خلاله قد يكون للفنان
    بما هو كائن بشري أمزجته وارادته وغاياته الشخصية لكن بما هو فنان ، هو
    إنسان بمعنى أعلى ، هو ( إنسان كلي ) إنسان يحمل الخافية = اللاشعور الجمعي
    ، ويمنحها الشكل أي الحياة النفسية للنوع البشري )(43).
    واللافت في إشكالية المرجعية الخافوية أن أغلب التصورات / Conceptualism/
    المعرفية أخذت بها واستندت إليها استناداً واضحاً ، فالكثير من المناهج
    النقدية المعاصرة والحداثوية قد اتكأت بشكل مباشر وغير مباشر على مفهومة
    الخافية كصيرورة تفكرية ومن أقرب الأمثلة الحارة والأكثر جدلاً مقولة (
    فوكو ):
    ( ما هو المؤلف ) التي أثارت عاصفة من الجدال والاجتهاد لدرجة تطور الأمر
    في الحوارات الساخنة إلى اعتبارها سخرية من ( الأنا ) / Ego / والتي تعتبر
    مشكّل أساسي للوعي بماهية الاكتساب وفق سياق النمو الإدراكي للعمليتين
    العقلية والنفسية عند الإنسان .
    وبالرغم من أن مقولة ( فــوكو ) الشهيرة ( ما هو المؤلف ) أو استطراداتها
    الأخرى بنيوياً بــ ( موت المؤلف ) كانت كأّس وملفوظية / Enonciation /
    متداولة بأشكالها وتفكراتها الخام حتى مـن قبل ( فوكو ودريدا أوبارت ) عبر
    اشاريات نيتشه ومالارميه ( من هو المتكلم )(44), تاركين حيرة البحث عن
    الإجابة لعالم النفس الشهير ( لاكان ) ليجيب بعد مضي عدة عقود من الزمن
    قائلاً :
    ( إن الذي يتكلم هو اللغة )(45)، جاعلاً من تلك الإجابة بوابة كبيرة تتدفق
    منها كثيراً من الأسئلة الهامة والإشكالية / Heros / في الآن ذاته فقد ذهب (
    رولان بارت ) إلى اعتبار اللغة لساناً خفياً لسيرة الخافية عبر الوسيط
    النبيل وهو المؤلف قائلاً : ( إن اللغة هي التي تتكلم وليس المؤلف ، أن
    تكتب
    هو أن تصل إلى تلك النقطة حيث اللغة هي التي تفعل وتؤدي وليس أنا ( ضمير
    المتكلم ) ولا تتحقق مثل هذه المقولة إلا من خلال متطلب مسبق هو اللاشخصية
    )(46).
    ثم لا ينفك عن تأكيد ذلك التصور وتحدد أبعاده الاشكالية بوضوح أكبر إذ (
    ليس المؤلف لغوياً أكثر من لحظة الكتابة تماماً مثلما أ ن ( ضمير المتكلم
    ): أنا أ و نحن ، ليس شيئاً آخر غير لحظة قـول
    ( أنا ) اللغة تعرف (فاعلاً) لا " شخصاً " وهذا الفاعل مجرد فراغ خارج لحظة اللفظ الذي يحدده ) (47) .
    كذلك نجد في مساءلة ( فوكو ) الكبرى عن موت المؤلف إرهاصاً جديداً للتفكر /
    Intellection / بماهية البعد الآخر الذي يهب الغياب والحضور للمؤلف بحد
    ذاته قائلاً : ( يعتقد الرجال أن لغتهم هي خادمتهم ولا يدركون أنهم يخضعون
    هم أنفسهم لأسرها )(48).
    ربما تكون تلك هي أهم القضايا الإشكالية التي ظل منهج التحليل النفسي يعاني
    من إرهاصاتها وتقلباتها , لكن السؤال الخالد الذي بقي في ذهن المتفكر
    المتأمل لماهية ذلك المنهج وأبعاد منا جزته للإبداع والفن ، سؤال الحيرة
    والتباس الغموض وسراب الأجوبة في عماء من إشكالية الفنان الخالق والذي بات
    من المفيد الرضوخ والاستسلام أمام وصايا الفرويدية في حدودها القصوى عن عجز
    التحليل النفسي عن إدارك فحوى / Import / الغامض في مسألة الفنان وصورة
    المؤلف / Contradictioin,adjecto / المخلّق بالرغم من الحضور اليونغي (
    للخافية ) ومرجعيتها المنطقية الأكثر اقناعاً وعلمية .
    فقد صار من الممكن والأكثر حضوراً أن نتساءل مع ( جان بليمان نويل ) السؤال
    الأكثر مناجزة ( هل يمكن قراءة مادة أدبية بالاستناد إلى فرويد بدون أخذ
    المؤلف بعين الاعتبار ونسيانه )(49).
    ثمة دعوة واضحة يريدها ( بليمان ) وذلك بالعودة بنا إلى المربع الفرويدي
    الأول مربع ( الهذيان والأحلام ) والذي كان نقطة جدّ هامة في البحث عن
    معادل متوازن يلقى فيه النص الأدبي أو الفني أهمية بالغة في إطار خصوصيته
    التي تنبعث من مكوناته / Compenent / هو كنص له فضا ئه / Lichtung / ووعيه
    الخاص ولا وعيه الجمعي بعيداً عن الدخول في المتاهة المغلقة للمؤلف الخالق .
    ( فكل خطاب هو لغز لما تترابط فيه من عمليات ومعان لاواعية وواعية )(50).
    لقد صار من المفيد الآن البحث عن مفاتيح مختلفة حين الاشتغال على النص
    الأدبي بغية تلمس معادله , وكذلك امتثالاً موضوعياً للاقتراب من حدود
    وحقائق تكوينه الآوالي كنص له هيئته الخاصة وأدوات تمايزه المختلفة التي
    تذهب عميقاً في إجلاء الصورة البدئية لدوافعة اللاواعية ، وتأمل تحولاته من
    نص سؤول إلى نص شكوك / Scepticism / الإجابة , يحمل في طياته كلية الشك
    وجزئية اليقين المفتوح عبر نظام أقنعته الخاصة وسياق تبادل أدوار قيادة
    لعبته الغامضة تمكيناً للدلالات من نصب أشراك معانيها عبر شبكة من التآويل
    وتعدد أوجه / Polysemous,meaning / تلمســها كحقائق نصية لها متعاليتها
    وآفاقها وكما يقول هيراقليت / السيد الذي يهبط وحيّه في دْلف لا يتكلم ولا
    يخفي ،أنه يدل/ (51).
    ما من شك أن لكل نص دالاته ونظام علامات / Marks,order / ينتجها هو ( أي
    النص ) بعيداً عن المسبق ، بمعنى أن لكل نص خصوصيته ومرجعيته المفارقة
    لمؤلفه لذا فإن معادلة البحث في كم هائل من
    العلامات الصامتة والحبلى بدلالات لامتناهية مسألة شائكة ومعقدة وذلك من
    جراء مرجعيتها الخلافية والنظرة المتنوعة لمناهجية التعرض لها عبر المدارس
    النقدية المختلفة .
    لكننا نؤثر هنا الاشتغال على مقاربة لها لأهمية بالغة بما يخص اشكالية
    استبعاد المؤلف كمرجعية لنصه والإبقاء على النص ذاته كمثار للتساؤل
    والإجابة عن ذاته بذاته وفق جدليته الخاصة عملاً بمعايير يخلّقها هو ووفق
    نظم إشارية وتأويلية / Interpretation / تحدد الإطار العام لمرجعيته
    البسكولوجية والتي تُنْطِقُ لغة حراك / Mobility / الشخصيات النصية وعمارة
    معناها المنفتح على فضاء النص بذاته كونها مرجعية النص السيرية وملامح
    بنيته / structure / الخافوية .
    لذا فإننا نجد في معادلة ( النص المؤلف ) مثنوية في إطارها البراني أما
    فيما يتعلق ببنية العلاقة القائمة بينهما فإنهما بالضرورة سوف يكونان في
    وضع التقابل للتميز في ( الدور والماهية ).
    فاالمؤلف هو ( الأنا ) التي تميز نفسها بالأدوات والتي تستطيع من خلالها
    تحديد الآخر (الماهية ) بهواماته التي تنظم فضاءً يشكل ( النص ) , حيث صورة
    / Image / التقابل بينهما من أجل الانفصال
    مسألة ضرورية إذ تم من خلالها تميز الوظيفة عن الأصل ولأن ( المؤلف ) محدد
    لكتلة / Mass / الماهية فإنه تابعاً لها وليس أصلاً سابقاً .
    من هنا نلمس مسألة التخارج الذي يحدد أبعاده شكل العلا قة الخا صة بين
    الؤلف ونصه , تلك العلا قة المفترضة في كليّة ماهياتها وتفصيلاتها الدقيقة .

    ولتفحص فحوى العلا قة بين المؤلف ونصه لابد من تأمل التخارج والإ ستقالة
    التين أبداهما( جوتة ) حين ذهب إلى اعتبار أن قصائده هي من أنشأته قائلاً :
    ( إنها هي التي أنشأتني ولست أنا الذي أنشاتها )(52).



    يتبع القسم الرابع .....

    الهوامش والمراجع


    (31) اللاوعي الجمعي ـ اصلاح أوجده كارل يونغ ويساوي الخافية أو اللاشعور الذاتي عند فرويد.
    (32) ـ بول ريكور ـ في التفسير محاولة في فرويد ـ ترجمة وجيه أسعد ـ ط1 ـ دار أطلس ـ
    ص154 .
    (33) ـ علم النفس التحليلي ـ ط1 ـ دار الحوار ـ سوريا ـ 1982 ـ كارل يونغ ـ ترجمة
    نهاد خياطة ـ ص226 .
    (34) ـ المصدرالسا بق ـ ص226 .
    (35) ـ المصدرالسا بق ـ ص228 .
    (36) ـ المصدر السابق ـ ص227 .
    (37) ـ المصدرالسابق ـ ص227 .
    (38) ـالمصدر السابق ـ ص227 .
    (39) ـ المصدرالسابق ـ ص227 .
    (40) ـ ايلي هوبرت ـ كارل غوستاف يونغر / ترجمة وجيه أسعد ـ وزارة الثقافة السورية ـ
    ط1 ـ 1991 ـ ص139
    (41) ـ علم النفس التحليلي ـ يونغ ـ ص226 .
    (42) ـ الدين في ضوء علم النفس ـ كارل يونغ ـ ترجمة نهاد خياطة ـ دار الحوار ـ
    سوريا 1988 ـ ط2 ـ ص68 .
    (43) ـ علم النفس التحليلي ـ كارل يونغ ـ ص ( 209+210 ) .
    (44) ـ دليل الناقد الأدبي ـ د. ميجان الرويلي ـ د. سعد البازعي ـ المركز الثقافي العربي ـ
    المغرب ـ ط2 ـ 2000 ـ ص ( 153+154 ) .
    (45) ـ دليل الناقد الأدبي ـ مرجع سابق ـ ص153 .
    (46) ـ دليل الناقد الأدبي ـ مرجع سابق ـ ص154 .
    (47) ـ دليل الناقد الأدبي ـ مرجع سابق ـ ص154 .
    (48) ـ دليل الناقد الأدبي ـ مرجع سابق ـ ص154 .
    (49) ـ النقد الأدبي في القرن العشرين ـ مرجع سابق ص216 .
    (50) ـ عالم الفكر ـ العدد 221 ـ 1997 ـ ص72 ـ مارسيل ماريني .
    (51) ـ في التفسير ـ بول ريكور ـ مرجع سابق ص26 .
    (52) ـ العبقرية ـ عالم المعرفة الكويتية ـ العدد208 ـ 1996 ـ ص295 .




    التحليل النفسي والأدب
    (4)
    : أسعد فخري
    مؤكداً بذلك الرأي الذي أبداه كارك يونغ , فيما يخص علم النفس التحليلي/
    Analytical, psy chology / والأدب وإشكالية العلاقة بين المؤلف ونصه وبكثير
    من الدقة يقول ( ليس جوته هو الذي يبدع فاوست بل إن فاوست هو الذي يبدع
    جوته ، ثم من هو فاوست ؟ إنه أساساً رمز ولا أعني بهذا أنه تعبير مجازي عن
    شيء مألوف تماماً ولكنه تعبير عن شيء حي في أعماق كل ألماني ساعد جوته على
    إظهاره للوجود )(53).
    أما المسألة اللافتة والأكثر إيضاحاً فهي الاحتجاج الغاضب الذي أبداه (
    همنغواي ) بشأن تتبع سيرته الذاتية/ Autob,ography / فيما كتب وانعكاسها
    على نصوصه ومؤلفاته صارخاً ( في أي شيء تعهم العقد النفسية الموجودة لدي؟إن
    عملي فقط هو الذي ينبغي ان يوضع في الإعتبار أنني كشخص غير هام )(54).
    ثمة اشكالية كبرى تتعرض لها مسألة استبعاد المؤلف من بعض المناهج النقدية
    والتحليلية المختلفة لكن تحيد المؤلف واستبعاده أو ( تبعيده ) /
    Distanciation / عن نصه يلاقي قبولاً مدهشاً عند عدد كبير من رواد الأدب
    العالمي العربي أيضاً فمسألة استبعاد المؤلف تجد مكاناً بارزاً لها عند
    روائي كبير مثل جيمس
    لذا فإن أهمية مقاربة تحديد الفصل بين حقيقتي إيقاع / Rhytunms / ( المؤلف
    النص ) ضرورة لا بد من تأملها والاشتغال عليها وهي لا تعني أبداً إحتلال
    أحدهما لمكانة الآخر بل هي إجلاء لصورة خصوصية Singularism/ / تمايز الواحد
    عن الآخر من منظار أن ( النص ) سياق له مرجعيته الخافوية وأن المؤلف ناسخ
    بارع يعتمد في ماهيته على موروث كبير من اللغة لا يستطيع أي إنسان آخر
    بوظيفته المقدسة تلك .
    من هنا تأتي أهمية المؤلف وتمايزه وخصوصيته كفنان إذ ( كلما إزداد ذلك
    الفنان اتقاناً انفصل الإنسان الذي يعاني بداخله انفصالاً تاماً عن العقل
    الذي يبدع )(63).
    تلك أهم المسائل الأكثر إشكالية في سيرة المؤلف وعلاقته الأثيرية بالنص
    تاريخياً كمخلق ومرجعية, إذ أصبح النظر إلى تلك العلاقة محـط تأمل /
    Speculation / وتفكر جديدين .
    لكن المفارقة التي نعتزم الشغل عليها وتفقد فحواها والتي نرى فيها مدخلاً
    ذا أهمية تنظيرية بالغة فهي ( أركولوجيا ) النص المفارق أو المستقيل عن
    مرجعية مؤلفه ، حيث يتبدى لنا في تخارجه واستقالته عن مألوف أبوته
    الكلاسيكية , نصاً طليقاً وحراً حمّالته الإشارية فيما لم يقله والتأويل
    فيما قاله حيث تتمظهر الدوال / Signifier / فيه شكلاً من أشكال برانية
    الكتابة أو آلية الانكتاب الناقصة وسروداته المشكلة ليقين المعنى وشكه في
    الآن ذاته .
    ( ولأن في الكتابة ليست المسألة مسألة إظهار أو اعلان حركة الكتابة ؛ ولا
    تسمير موضوع في لغة ، إنها مسألة فتح فضاء لا تكف الذات الكابتة فيه عن
    الاختفاء )(64).
    ولأن أي اختفاء يستدعي بالضرورة ظهورات تعادله بات من الممكن الآن أن
    نتساءل وبكثير من الحذر والتفكر ما هي البنى الأساسية التي يقوم عليها نص
    ما . وماهي القيم الموضوعية التي تسوّغ ماهية العلاقة المتحركة بين دالاته
    ومدلولاته .


    إن أولى اللوافت والمشيرات التي تحدد حياة النص في بنيته السيرية هي
    اشكالية / heros / الأسس الدالة وقوة إشعاعها الإيحائي / Sggestion / في
    سفر تحولاتها إلى مداليل تضج بالجذب والإغواء ولربما يطالها الغموض كلما
    أغوت وجذبت متأملها , محيلة إياه إلى ( كرونوس )(****) يلتهم ما يلد ليعيد
    إيحاءه مجدداً ولكن بصورته الأخرى .
    من هنا تغدو سلوكات النص حراك / Mobility / أطياف تغيب لتظهر بصورة لا تشبه
    ظهورات ما قبل الغياب . وهو لا ينفك أي ( النص ) عن تخليق دالاته كثوابت
    تعني ملئه الذي يستدعي بالضرورة واللازمة
    اشغال فراغ يماثل اشعاعها محققاً بذلك ديمومة لحياة الدالة والتي هي المبعث
    الحقيقي لاتساع توالد تأويلاتها المدلولية وبحجم يساوي قوتها الدلالية .
    تلك هي لعبة الخفاء والظهور في المبعث الأوالي لدالات النص إنه نوّسان
    الظهور والاختفاء ذلك أن النص في انتشاره / Dissemination / يلج متاهة
    الحراك ، حراك النوّسان في تمظهره الناقص وتخفيه المخادع والذي يشكل في
    بنيته آلية استنطاق لمضمراته ومسكوتاته .
    لا شك أن لعبة الدالة / Function / في النص لعبة معقدة وشائكة ولكي ننطق
    علامة الدالة وإشارية المدلول لا بد أن ننظر إلى المسالة بشكلها الآخر ،
    الشكل الذي نظن أنه الأجدى في تفكيك تلك اللعبة المفتوحة بغية الاقتراب من
    محارك النص ودفع ميكانيزم التأويل إلى حدودها القصوى وحدود النص الذي يحمل
    في مكوناته أسس تصوير ذاته التي تحدث تأثيرها الخاص والمائز .
    فالفراغ / Space / متسع لا نهائي لملوءات محددة وناقصة في الآن نفسه , ولأن
    أهمية الفراغ تشكل ماهية الرحم الذي تنمو فيه النصوص الملوءات الناقصة ,
    فإن ما لم يقله النص هو الجزء الناقص في اكتماله الدالي / Signifier / لذا
    فإن خصوصية نسقه / Systm / المعرفي تنبعث من مرايا الفراغ الرامزة إلى
    خيالات من الاختلاف وتعدد ا لمناظير التأ ويلية في اشتغا ل التفكيك على
    ماهـية التـصور المتـعالي / Transcendenting / لعلاقة الدال بمدلوله بغية
    إعادة بناء هذيان / Delirium / اللغة والقول لملامح سحنة الحقيقة في النص
    واستبعاد مألوفيته تخليصاً له من أنماط / Types / المحدود والمحدد لدالاته
    وتحقيقاً لمزيد من الرؤى المغايرة واحتفاءً بالتفكّر الفراغي الذي يحيط به
    والذي بدوره يحقق حراك التطفيف فيه .
    والتطفيف هنا متاهة القول الناقص في النص والمحدد لأبعاد الصـورة الأخرى
    لخلاصّـه من مرجعيته / Referential / والإنطلاق نحو هدمها وتغيبها ليس من
    أجل التمويت بل من أجل الإنكتاب على صفحة الفراغ محدد بذلك بعدي التطفيف
    والنوسان بغية رسم ملامح حدوده اللانهائية كنص آثر الملئ مخضباً بما لم
    تقبله اللغة أو القول فيه مستسلماً لهيبة الفراغ الذي يعد آلة الخلق الكبرى
    ومبعث الحياة في المداليل التأويلية له كنص شاغله الإبدال اللامتناهي.
    ولأن ( كل شيء يقال ينبثق على أنحاء عديدة مما لا يقال ، سواء كان هذا
    اللامقول أو المسكوت عنه شيئاً مالم يقل بعد أو كان من اللازم أن يبقى لا
    مقولاً )(65).
    من هنا تأتي أهمية التأويل كآلية للعبة المداليل في ابتعادها أو نكوصها /
    Regression / تمكيناً للنص من ترسيم سيرته على أية من الإنغلاق أو الانفتاح
    محدداً بذلك أقانيم القول فيه كملئ أو نوسانة كإحتفاءً بالفراغ المخلّق /
    Creation / للمعاني اللامتناهية وتأكيداً بارعاً لمقولة فرانز كافكا
    الشهيرة :
    (أنا أكتب خلافاً لما أتكلم ، وأتكلم خلافاً لما أفكر، وأفكر خلافاً لما يجب أن أتأمل فيه حــتى أعماق الغموض )(66).
    جويس حين يقول: ( الروائي أو المؤلف إله محايد ينظف أظافره بصمت )(55).
    والمحايدة هنا تأخذ الشكل الآخر والمختلف من نسـق / System / القول الذي يؤكـد عمـلية
    ( التبعيد ) كمسأ لة هامة تشير إلى أبعاد الخلق / Textuality / والحياد في
    الأن ذاته بمعنى أنه الموْجد للنص دون أن يكون أصله لذا فإن حيادية ( جويس )
    بالمعنى الذي ذهب إلى تأكيدها تعني الحيا د ية التي فيها شكل التخلي عن
    النص ومنحه استقلاليته وخصوصيته / Singularism / .
    أما ( أن تكون صورة الكاتب Contradi ctioinadjecto/ / قابلة للإنفصال عن
    صورة شخصياته فهذا أكد طبعاً ، ينبغي أن هذه الأخيرة تصدر عن الكاتب وهي
    بفضل ذلك ثنائية القيمة
    أ يضاً ، إننا نستبد ل غالباً الشخصيات بما يشبه الكائنات الحية )(56).
    لذا فإننا نجد في التأكيد اللافت الذي أبداه ( جورج طرابيشي) والمتعلق
    بحيوية الشخصية الروائية وحيواتها ككائن له وجوده وحضوره بدءً بالاسم
    وانتهاءً بالحيوات والسلوك / Behaviour / فيقول:

    ( أنا عندما أفتح قاموس ( لاروس ) الخاص بأسماء الأعلام أجد اسم
    راسكولينكوف كما أجد اسم نابليون . وراسكولينكوف بطل روائي ومع ذلك فهو
    موجود وكأنه اسم علم خاص كأنه موجود حقيقي قائم بذاته )(57).
    لا بل أن كثيراً من الروائيين قد ذهبوا إلى أبعد من ذلك . البعض يقول أنه
    قد رأى شخصيات أعماله في الحلم وتحد ث إليها كما يؤكد على ذلك ( رينه ويلك ـ
    أوسـتن ورا ين ) في كتابهــما ( نظرية الأدب ) أن ( بعض الروائيين من
    أمثال ديكنيز قد تحدثوا عن رؤية شخصياتهم وسماعها بشكل حـي وتحد ثوا مرة
    أخرى عن الشخصيات وهي تأخذ زمام القصة وتصوغ لها نهاية تختلف عن النهاية
    الأولية التي صممها لهاالروائي )(58).
    أما مسألة إشكالية السيرة الذاتية / Autob,ography / وعلاقتها بالمؤلف ،
    فإن روائياً كعبد الرحمن منيف يأخذ شكل العلائق إلى أبعاد مختلفة حيث يقول :
    ( السيرة الذاتية بحد ذاتها مطلوبة وضرورية ولكن الروائي يفشل عندما يريد
    أن يضع تجربته الشخصية في عمله الروائي )(59).
    ثم يؤكد من جديد على حقيقة العلاقة مع شخصياته الروائية وتمردها عليه في
    كثير من الأحيان فيقول : (أما حول شخصيات رواياتي فإنني أرى بعضهم في
    المنام ولا أملُّ من الحد يث معهم , ولسنا دائماً على وفاق إذ كثيراً ما
    يتحرر( الأ بطال ) ويشقو ن عصا الطاعة ثم يستقلون , وتكون لهم أيضاً حيا
    تهم الخاصة وصدف أكثر من أن مدّ بعض ( الأ بطال) ألسنتهم هزءاً بعد أ ن
    اختا روا طريقهم الخا ص وحددوا مصا ئرهم بأنفسهم )(60).
    لكن التسائل الأكثر إدها شاً والذي جا ء على لسا نروائي انكليزي من القرن الثا من عشر وهو
    ( وليم ثاكري ـ 1811 ـ 1863) حيث كتب قا ئلاً :
    (أ صا بتني الدهشة للملا حظات التي أ بدتها بعض شخصيا تي ويبدو كأن قوة
    خفية كا نت تحرك القلم فا لشخصية تتصرف وتقول شيئاً ما, وأني لأ تساءل كيف
    تأ تي لها بحق الشيطانأ ن تفكر في ذلك )(61 ).
    من هنا تأ تي أهمية ما يقول المبدع أو المؤلف عن علا قته بمكونات / Compenent / النص وحياته وسيرة ظهوراته .
    لذا فإننا نجد أن الجوهري في تلك العلاقة يخضع لمعايير مُحَدِدَّة لأسبقية
    الأصل واشارية/ Index / تابعه من منظار الصيرورة والأوالية , فما هو متعدد
    في معناه لا يقوله إلا النص .
    فأهمية ( الميزان الدال ) في الكتابة والذي يتم من خلاله تحديد شكل العلاقة
    بين ( النص والمؤلف ) كعلاقة تؤسس للتخارج والإنفصال،هوما أعطى بعدهما
    التاريخي أفقاً من الأثيرية في مدلولاتها المرجعية وأيقظ الإحساس بالاشتغال
    على تحليل الثوابت الكلاسيكية لعمارة الأنوات / Egoism / الفرويدية وخلخلة
    الموروث الرومانتيكي لتأليه المؤلف الذي ظل يقبض على صولجانه ردحاً من
    الزمن محتكراً للمعنى / Reference / والقصد ومحتلاً لمكانة الأصل ( النص )
    بدعوى أنه خالقة .
    وهو في حقيقة الأمر ( ناسخ يعتمد على مخزون هائل من اللغة الموروثة فلا بد
    أن يتنازل للكتابة أو النص عن العرش الذي يتربع عليه لمدة قرنين من الزمن
    )(62).
    والمفارقة الاشكالية هنا أن النص وفاقاً لمقولة كافكا قد استقال متخارجاً لمرتين :
    الأولى حين استقال عن مؤلفه والثانية حين استقال عن ذاته , فبدا في الفراغ مخلّقاً لكينونته / Being /
    الأخرى ، كينونة المقروئية التي تجعل للفراغ جمالياتهRezeption asthetik /;
    / ولتنامي الملئ فيه أبعاداً جديدة تؤسس لماهية الانقسام أو الإنشطار /
    Splitting / .
    حينها تتمظهر لعبة الانتشار التي نتقرى فيها سلوكات النص السرية , يثابر
    الصمت في فراغها وفق اندفاعات الملئ غير المنفك عن قول دالاته التي تخفي
    شيئاً في الذي لم تقله اللغة .
    من هنا ندرك أن القول ليس فيما يقال, بل هو ما سكتت عنه اللغة في قولها أو ما أخفته في تأملات صمتها.
    عندئذ تنشأ ماهية المعنى الذي في جوهرانيته تقوم معادلة / Formulae / النص
    الذي يكاثر ما لم تقله اللغة وما غيبته وفق أنماطٍ أوالية للدالة, منشئاً
    كماً هائلاً من التراكيب النوسانية اللامتناهية لصورة المعنى الذي أخفته
    اللغة كأنساق كتابية لمشهد صمتها الكلي ومفارقتها للدالة القصدية التي
    تعاني تكشيفاً اعتباطياً ووهماً نسبياً في توريط دوافع الاقتراب من مفاتيح
    الإنطا ق , أي إنطاق الصمت ومداليله الفراغية .
    لا شك أن مداليل الفراغ وحوهرانيته مفاعيل دينامية لتنشيط عملية المقروئية
    ومحفزاً لاشتغال التأويل ، حيث يتحول التأويل عندئذٍ إلى سـلطة أُ حفورية
    مهـمتها البحث ( في ) ، وليس ( عن ) المستوى العميق / Profondestructure /
    للكائن الصامت أو الفراغي في النص والذي يدين بحضوره كقيمة جمالية إلى
    الفراغ / Space / الكليم والمستقيل أصلاً عن معايير القول النوساني الجمعي
    الذي لا ينفك أبداً عن تقديم فراغه و ليمة لإمتلاءه .
    ثمة رغبة لدينا فيما ذهبنا إليه , رغبة التخلص من أنماط الوعي النقدي
    السائدة ونحو مزيداً من الابتكار الموضوعي لرؤى / Visionary / مغايرة
    ومختلفة مصدرها ليس مرجعية النص المألوفة وإنما التفكير/ Intellection /
    الفراغي الذي يحيط به .
    لا بل ذلك الذي يغذي تطفيفاته ونوسانه تلك مهمة لا بد من الالتفات إليها
    خلاصاً للنقد من اقتصاره على الشرح والتفسير / Clossolalia / والإيضاح
    ومغالاته في عدم الإقدام على محصنات المعايير / Norms / والطواطم الناجرة
    والمسبقة ما كان منها مدرسياً أو اجتهادياً قاصراً .
    إذ لا بد من الإشارة هنا أن ما خلصنا إليه من تصورات عن مرجعية النص ومسألة
    الفصل بين المؤلف ونصوصه ومناهجيتنا في سيرة النص وتفكيكه وفق منهج
    التحليل النفسي بصورته التنظيرية يستدعي منا أن نقارب ما بين مفاهيمنا
    التنظيرية واشتغالنا على الانجار النصي مدركين صعوبة ذلك الاشتغال وتراكيبه
    / Struetrol / المعقدة والشائكة ناظرين إلى النظم اللاوعية في النص كدافع
    ومحرك لسلوك / Behaviour / الشخصيات فيه وبناء متنامي لعلاقاتها النصية .

    } يتبع نصوص تطبيقية على الرواية العربية...{


    ( الهوامش والمراجع)

    (53) ـ المصدر السابق ـ ص304 .
    (54) ـ مجلة عالم الفكر ـ العدد 3+4 ـ 1995 ـ ص212 .
    (55) ـ عالم المعرفة ـ في نظرية الرواية ـ العدد 240 ـ 1998 ـ ص14 .
    (56) ـ الفكر المعاصر ـ مسألة النص ـ ص47 ـ العدد 36 ـ 1985 .
    (57) ـ الإبداع الروائي ـ دار الحوار 1994 ـ مجموعة من الكتاب ـ ط1 ـ ص106 .
    (58) ـ نظرية الأدب ـ رينه ويلك وأوستن وارين ـ ط2 ـ ترجمة محي الدين صبحي ـ
    المؤسسة العربية للطباعة والنشر ـ 1981 ـ ص85 .
    (59) ـ الكاتب والمنفى ـ دار الفكر ـ عبد الرحمن منيف ـ ط1 ـ 1992 ـ ص158 .
    (60) ـ بين السياسة والثقافة ـ عبد الرحمن منيف ـ ط1998 ـ المركز الثقافي العربي ـ
    ص239
    (61) ـ عالم المعرفة ـ العبقرية ـ العدد 208 ـ ص 315 ـ 1996 .
    (62) ـ دليل الناقد ـ مرجع سابق ـ ص ( 152 + 153 ) .
    (63) ـ العبقرية ـ اليوت ـ ص298 ـ عالم المعرفة الكويتية ـ العدد 208 ـ 1996 .
    (64) ـ ميشل فوكد ـ مجلة الفكر المعاصر ـ العدد 6+7 ـ 1980 ـ ص116 .
    (65) ـ هيدغر ـ ماهية اللغة وفلسفة التأويل ـ ترجمة سعيد توفيق ـ المؤسسة الجامعية ـ ط1
    1993 ـ الدار البيضاء ـ ص101 .
    (66) ـ النقد الحديث ـ فؤاد أبو منصور ـ دار الجيل بيروت ـ ط1 1985 ـ ص378 .

    (****) ـ كرونوس :
    الإ له كرونوس اسطورة يونا نية تصف التهام الأب لأولاده لظة ولادتهم , ويرى فرويدأنها
    الحالة الأمثل لمفهو مة ( الإ دماج ) في التحليل النفسي .
    موضوع قد يكون مفيدا لدراسة مؤلف قراءة ثانية لشعرنا القديم المعتمد علي النقد الاسطوري,ارجو ذلك...

    المصدر: نجاح نت

    المرفقات
    التحليل النفسي و الادب Attachmentالنص الأدبي بين البنيوية واللسانيات ـــ دراسة.doc
    لا تتوفر على صلاحيات كافية لتحميل هذه المرفقات.
    (155 Ko) عدد مرات التنزيل 0

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 2:15 pm