منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    النظرية التوزيعية عند بلومفيلد

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    النظرية التوزيعية عند بلومفيلد Empty النظرية التوزيعية عند بلومفيلد

    مُساهمة   السبت أكتوبر 27, 2012 2:44 pm



    النظرية التوزيعية عند بلومفيلد

    كتبهاحمامة الجزائر، في 17 مارس 2008 م .

    المبحث الأول



    (1)

    أ- مفهوم التوزيع :


    إن
    طبيعة المنحى اللساني التوزيعي الذي هو في الواقع رد فعل على الدراسة
    اللسانية التقليدية ، التي ما برحت ترسخ مبدأ الخطأ والصواب في القعيد
    المعياري للغات ، جعلته ينفرد بالرؤية الوصفية الظاهرية للأشكال اللغوية ،
    فهو يتوخى لتحقيق ذلك معاينة السياق الكلامي عن كثب ، ومحاولة ضبط توارد
    المؤلفات اللغوية في هذا السياق حسب المواقع التي تتبدى فيها .

    فمفهوم
    التوزيع ، إذن هو الموقع الذي يحتله العنصر اللساني ضمن حواليته المألوفة
    .وقد " يحدد توزيع عنصر بأنه مجموع العناصر التي تحيط به ، ومحيط عنصر (أ)
    يتكون من ترتيب العناصر التي ترد معه ، أي العناصر الأخرى .التي يتوافق كل
    منها في موقع معين مع العنصر في تركيب كلامي ، والعناصر التي ترد مع العنصر
    (أ) في موقع معين تدعي انتقاء هذا العنصر لهذا الموقع".

    إنّ
    المتكلم – المستمع المثالي –للغته حين إحداثه الفعل الكلامي يشعر كأنه
    يقوم بعملية انتقاء للعناصر اللسانية التي تحقق المحتوى الفكري لكلامه في
    الواقع ، بيد أنه في الحقيقة " ليس حرا سوى في اختياره لوحدات الفئات التي
    ترد عادة معا ، ولايقوم باختيارها إلا في الترتيب التي ترد فيه هذه الفئات
    ".

    لذلك فإن العناصر
    اللسانية التي لها التواتر نفسه ، في السياق نفسه يقال إن لها التوزيع نفسه
    ، فهي بذلك بدائل توزيعية .ومن ثم ، فإن التحليل اللساني الذي يعول على
    موقعية فئات الكلم ، وتوزيعها ضمن سياقها المألوف "يتوخى استكشاف آلية لغة
    من اللغات ، من خلال وضع لائحة للوحدات الأساسية في كل مستويات الدراسة
    اللغوية ، ومن خلال تحديد الفئات التي تنتمي إليها واستكشاف تآلفها فيما
    بينها ".

    ولذلك أخذ
    التوزيعيون –كما أخذ بعض النحاة العرب الأقدمين – يحددون كل جزء من أجزاء
    الكلام بما يمكن أن يوجد حوله من عناصر في السياق تنتمي إلى القسم نفسه من
    أقسام الكلام ".

    وتحسن
    الإشارة هنا ، إلى ما فعله ابن مالك في ألفيته حين تعرضه لأقسام الكلام ،
    فقد عرفها حسب موقعيتها تماما كما فعل التوزيعيون. حيث جاء في ألفيته:

    بِالْجَرِّ والْتَّنْوِينِ ، وَالنـــِّدَا ،وَأَلْ وَ مُسْنَدٍ لِلْاِسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ

    بِتَا فَعَلَتْ وَ أَتَتــــــْ وَاَفْعَلِــــــــي وَ نُونِ اقْبِلَنَّ فِعْلُنْ يَنْجَلِـــي

    سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَ فِي وَلَمْ ………………………….

    إنّ
    أدنى تأمل في هذا التعريف ،يهدي إلى أنّ ابن مالك ، قد راعى في ذلك توزيع
    العناصر اللسانية ، وجعل همه الأول أي يفي التعريف حقه بتحديد الحوالية
    اللسانية ( environnement) التي تتباين العناصر اللسانية وفقها من حيث
    تواترها في السلسلة الكلامية المنطوقة .

    ب- إقصاء المعنى :
    إنّ
    الدراسة اللسانية في نظر التوزيعيين ،ليست البحث عن موجودات مفترضة وراء
    الأشكال اللغوية تعد أسبابا لها ولانتظامها ، إن كل شيء في الوصف اللساني ،
    يجري على السطح المنطوق ،أو المكتوب ، وكل محاولة تسعى إلى البحث عن أشياء
    خلف السطح هي وهم منهجي عقيم ، ولهذا يصر التوزيعيون "على استبعاد المعنى
    استبعادا كليا من التحليل اللغوي ، ليس لأنه لا أهمية له ،بل لإيمان أصحاب
    هذه المدرسة ، بأنّ المعنى لا يمكن إخضاعه لنوع الدراسة الوصفية ، العلمية
    الدقيقة ، التي يمكن أن تخضع لها الأنظمة الظاهرة الأخرى".

    وكان
    بلومفيلد قد صرح بأهمية الدراسة الدلالية حين قال : " لكي نقدم تعريفا
    صحيحا علميا عن معنى كل شكل لغوي ، لابد لنا من أن نملك معرفة صحيحة ،
    علميا ، عمّا يكون عالم المتكلم ، إذ التطور الحالي للمعرفة الإنسانية غير
    كاف لتحقيق هذه الغاية".

    وكاد
    هذا التصريح منه يشي بما آمن به في قرارة نفسه ، إلا أن تلامذته اللاحقين
    استنتجوا من كلامه الظاهر، أن دراسة الدلالة " صعبة المنال علميا ، وأنها
    ستظل كذلك كما رأوا أنه لابد من استبعاد علم الدلالة من الوصف اللغوي ".

    ولذلك
    فهم يميلون إلى شطب الدلالة من اهتماماتهم المنهجية دون أدنى عناء لصالح
    النزعة الشكلية ، الناتجة عن التأثر الواضح بنظريات علم النفس السلوكي الذي
    يعول كثيرا على ظاهر الأشياء ، فالممكن في نظرالتوزيعيين

    هو ضبط السياقات المختلفة التي يظهر فيها العنصر اللغوي ؛ أي تسجيل توزيع هذا العنصر في السلسلة الكلامية.

    ج- التحليل إلى مؤلفات مباشرة :
    لقد انفردت الدراسة اللسانية التوزيعية باتخاذها
    منهجا ، وأساليب محددة ، وأكثر وضوحا ودقة ، مما كان مألوفا آنذاك ، في
    الدراسات التركيبية التقليدية " فالتحليل التركيبي التوزيعي يمثل أولى
    المحاولات لوصف البنية التركيبية وصفا بنيويا تما".



    فالمنهج
    الأساسي المعتمد في تحليل البنية التركيبية لدى التوزيعيين ينعت بالتحليل
    إلى مؤلفات ، وهو التحليل الذي عن طريقه تفكك بنية الجملة ليس على أساس
    أنها مؤلفة من طبقات مرصوفة بعضها بجانب بعض ، بل على أساس أنها مؤلفة من
    طبقات من مكونات الجملة بعضها أكبر من بعضها الآخر ، إلى أن يتم تحليلها
    إلى عناصرها الأولية من المورفيمات ، لكون المورفام (morphème) وحدة دنيا
    تفيد دلالة يبرزها التحليل .

    وتحسن الإشارة هنا ، إلى أنّ أصفى صورة للفرق بين اللسانيات التوزيعية، واللسانيات
    الأوربية المعاصرة ، تتجلى في مفهوم مصطلح المورفام ، فهو عند التوزيعيين
    له مفهوم خاص يختلف عن المفهوم الأوربي الذي يدل على الوحدة النحوية مقابل
    الوحدة المعجمية ، هذا المفهوم الذي يتوخاه بخاصة مارتيني (
    MARTINET) ومن يلف لفه ، حيث يستعملون للتعبير عن معنى المورفام عند التوزيعيين مصطلح اللفظ (La monème ) .

    إنّ
    مصطلح مؤلّف (constituant) يطلق في اللسانيات التوزيعية على كل مورفام ،
    أو ركن كلامي الذي يمكن له أن يدرج ضمن بناء أكبر ، وتنقسم مؤلفات الكلام
    إلى قسمين :

    أحدهما : المؤلفات المباشرة (Les constituants immédiats) وهي مكونات الجملة القابلة للتحليل إلى مؤلفات أصغر .

    والآخر : المؤلفات النهائية (Les constituants terminaux) وهي المؤلفات غير القابلة للتحليل إلى مؤلفات أصغر.

    إن
    هذا النمط من التحليل أمسى سائدا في كل منوال يسعى إلى وصف البنى
    التركيبية للغات ، سواء أكانت تلك اللغات معروفة كاللغات الهندوأوربية ، أو
    مجهولة كلغات الهنود الحمر .
    فكان
    هذا التحليل ، إذن وسيلة تطغى على ما سواها في تحليل بنية الجملة
    إلى"العناصر التي تتألف منها ، ومعرفة أي جزء من أجزاء الكلام يتبع كل عنصر
    وذلك بموجب سلوكه اللغوي في الجملة ، والاهتداء إلى علاقة الكلمات بعضها
    ببعض
    .


      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مارس 19, 2024 5:24 am