منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    لحظة في ظل القصيدة النثرية المعاصرة

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    لحظة في ظل القصيدة النثرية المعاصرة Empty لحظة في ظل القصيدة النثرية المعاصرة

    مُساهمة   السبت مارس 20, 2010 9:32 am

    القصيدة النثرية المعاصرة

    لحظة في ظل القصيدة النثرية المعاصرة للأديبة فاطمة الزهراء العلوي



    {الشعرالمعاصرهو منعقد الأهوال في الثقافة العربية منذ الخمسينيات إلى الآن} * محمد بنيس
    ولعل أهم إشكال واجهته القصيدة ووقف عنده السؤال كثيرا هو " البيت " كسكن للنص الشعري
    فإذا كان الناقد القديم يعتبر البيت المفرد أساس بناء النص { والبيت من الشعر كالبيت من الأبنية } *ابن رشيق ..
    فان هذا البناء هو "سجن " مع البيت الجديد "البيت الحر" ومن هنا جاءت التسمية ،وطالب رواد التحول البنيوي لشكل القصيدة في ربطها ربطا عضويا دالا ومدلولا بالانطلاق والحرية إلى آفاق شكل يتلاءم ومستجدات العصر حيث الشاعر مطالب إن يجد طرقا أخرى ليقول كل مواطن الحياة الجديدة

    يقول يوري تينيانوف{ إن " البيت الجديد" كان حسنا ، لا لأنه " أكثر موسيقية أو " جودة" ولكن لأنه كان يوجد حيوية في العلائق بين مختلف العناصر .وهكذا فإن النمو الجدلي للشكل ،وهويعدل ارتباط مبدأالبناء بالعوامل المتصلة به، ينقذ فيه الوظيفة البنائية }*بنيس

    يذهب "أدونيس " قائلا في هذا الصدد وما يتلاءم معه{ ليس الشعر استعادة بل شهوة.وكما أن الطفل يلعب لكي يبطل أن يكون طفلا ، كذلك الشاعر يكتب ليكون مايشتهي وليمتلك حياته الحاضرة.فالشعر يضعنا دائما على عتبة زمن آخر،بدء جديد لحياة مختلفة .إنه مغامرة ،لكنها مغامرة فرح ورجاء .وكل مغامرة تربطك بالمستقبل }

    {ما ورثته عن آبائك اكتسبه بغية امتلاكه ..} فالإقامة في القصيدة القديمة والبيت القديم ليس معناه استنساخه حرفيا ولا الابتعاد عنه نهائيا بل مساءلة هذا الإرث للإقامة فيه مع متطلبات المستجدات الحديثة
    بمعنى ربط العلاقة العضوية مركزية ما بين الدال والمدلول في أعمق رباطهما وخلفياتهما المتناصرة بقوة التركيب اللغوي
    لأن { المعنى هو فعالية العلاقات التي ينتجها الكلام.يكون المعنى غنيا بقدر نا تكون هذه العلاقات غنية. وفي هذا الحيز ، يمكن القول إن " الشكل " هو المعنى .النقد ، في بعض وجوهه ، هو الكشف عن هذه الفعالية}أدونيس.

    فهل إشكالية القصيدة اليوم هي إشكالية غياب نقد ؟؟؟

    يجيب ألقاسمي وهو شاعر وفنان تشكيلي مغربي عن هذه العلاقة الوطيدة ما بين الكتابة والقراءة لكشف خيط ماورائيات الكلمة في أوجهها المتعددة قائلا{ الكتابة هي في الأخير نتاج تساؤلات حيث يلتقي التفكير بالكلام إلى جانب التفكير بالتركيب أو إبداع رموز لتتحول جميعها إلى عمل بصري معين، او نص شعري معين ..}

    وهنا العلاقة الجدلية ما بين القراءة والكتابة ما بين الدال والمدلول ..
    { القراءة التي لا تربط جدليا ما بين سؤال الإرجاع والواقع هي قراءة لا تنتج } نجيب العوفي.

    فالبيت الجديد سيأخذ هذا المعيار الثقيل في بنيوية هندسة القصيدة ، شكلا ومضمونا قراءة وكتابة ، كلحظتين منفصلتين زمنا ، متصلتين قراءة
    { البيت الجديد هو مسكن لذات كاتبة جديدة لها مستلزماتها كما لها تاريخها الخاص بها ، بيتا لكل الأزمنة ولا لكل الذوات } احد النقاد .

    وكتجربة مقراة ما بين البيتين في الزمنين القصيدة القديمة والحديثة المعاصرة لتبيان أهمية التداخل العضوي ما بين الدال والدوال في التجربة الجديدة ، امرئ القيس وصلاح عبد الصبور والموضوع المرأة / الحبيبة لنقارن على سبيل التبيان

    يقول عبد الصبور

    جارتي مدت من الشرفة حبلا من
    نغم
    نغم قاس رتيب الضرب منزوف القرار
    نغم يقلع من قلبي السكينة
    نغم يورق في نفسي أدغالا حزينة


    ويقول امرؤ القيس في نفس سياق الكلام عن المرأة

    أفاطم مهلا بعد هذا التدلل
    وإن كنت أزمعت صرمي فأجملي
    أغرك مني أن حبك قاتلي
    وانك مهما تآمري القلب يفعل
    وما ذرفت عيناك إلا لتضربي
    بسهميك في أعشار قلب مقتل


    في المقطع الأول مع شاعرنا عبد الصبور نلاحظ تجاوب المفردات { والمدركات وتتجاوب والإحساسات ،فيغدو المسموع مرئيا والمرئي مسموعا والمحسوس معنويا والمعنوي حسيا.والاستعارة المكنية الأساسية تتحول إلى استعارة مرشحة تتولد منها تشبيهات واستعارات فرعية متداخلة ، موقعة توقيع تفعيلة الرمل /فاعلاتن/ / التي تتاو بالمعنى الموزع على قافية ثنائية ترد على القافية الاستهلالية } د.جابر عصفور / مجلة العربي.


    بينما مع شاعرنا امرئ القيس فلغة الحب {هنا ماخوذة من لغة الحرب . والحب هنا هو هو نفسه حرب:معركة- تخطيط ، هجوم على المكان الذي تتحصن فيه المرأة المحبوبة ، حصار ...إلى أن تستلم..
    لكن منذ أن تستسلم يسقط هو، الفاتح ، أسيرا بين يديها ..وتلك هي المفارقة في معركة الحب .الأسر هنا معنوي ، يرمز له امرؤ القيس ببكائه قرب دار الحبيبة ، وبالتوسل اليها ان تجمل ..} ادونيس


    والدلالات التي توشحتها المدلولات ما بين المقطعين بينة وواضحة
    فرغم اللحظة الحانية مع امرئ القيس وتوسلها فلم ترقى لغته إلى جوانيات اللحظة الحانية مع صلاح عبد الصبور في المقطع الاول وعمق الصورة .. فهنا توحد الرؤية العضوية ما بين الذات الكاتبة والمخاطبة الحبيبة مابين البراني والجواني ما بين الشكل والمضمون ..

    تقول خالدة سعيدة {أن تمتاز القصيدة بالوحدة العضوية ، يعني ان تكون نسيجا حيا متناميا .وهذا مرتبط بصفة أخرى أظهرت في أواخر الخمسينيات.وكان السياب من بين القائلين بها هذه الصفة – هي القصيدة – الرؤيا." النهر والموت" نموذج للقصيدة الرؤيا } خالدة سعيد .حركية الإبداع .

    إلا أن البناء الحر كمسكن للقصيدة ، للغة سينفجر مع الرومانسيين وهذا ما اسماه "جبران خليل جبران" {الإبداع والابتكار} يقول في هذا الصدد { ...فمستقبل اللغة العربية يتوقف على مستقبل الفكر المبدع الكائن – أو غير الكائن – في مجموع الأمم التي تتكلم اللغة العربية .فإذا كان الفكر موجودا كان مستقبل اللغة عظيما كماضيها ، وان كان غير موجود فمستقبلها سيكون كحاضر شقيقتها السريانية والعبرانية ..} جبران الأعمال الكاملة نقلا عن بنيس.

    ففي الخطاب الشعري المعاصر تقوم شعرية الإيقاع على أسبقية الدال وربما{ كان الإيقاع هو الدال الأكبر } لأنه ليس دليلا فهو يـُبـَنـْيـِنُ الخطاب كدال وبما ان الخطاب { غير منفصل عن معناه فان الإيقاع غير منفصل عن معنى هذا الخطاب} ميشونيك .



    النثر والقصيدة النثرية أعتقد بأن البداية كانت منذ امرئ القيس وبشار بن برد منذ الأوائل....
    ثم كبر السؤال مع الشاعر المعاصر وقبله الرومانسين ،عن بناء النص الشعري { وتعدد أنماط بناء النص أساسا ثم التأملات والتحليلات النظرية المواكبة للمارسات النصية تثبت التساؤل ، تنحته وتهبه شكلا متحركا لا يـَنـِي عن تغيير مكانه .أساس التساؤل تولد عن الانشغال بتحديث الشعر العربي ثم تحول الى هم لدى الرومانسيين العرب في بناء نص شعري له شجرة نسبه في القديم العربي " الموشحات" أو " الحديث الأوروبي " السوناتة"}

    إذن فالتغيير لا ينسلخ نهائيا من خيمة العطاء الخليلية فالموسيقى تحكم بنية النص النثري ومن أساسياته الفنية
    التساؤل أكبر من تحديث على مستوى الشكل هو في بعده الأنطلوجي علاقة ما بين { الإنسان واللغة والكون} هو "مسالة وجودية " بالدرجة الاولى
    وأدونيس مثلا في استيعابه لوظيفة اللغة الشعرية أصبحت معه لغة مفارقة وبنية معزولة عن الاعتيادية { لغة تحتمي بلعبتها الداخلية وهي تقيم احتفالا ل " كيمياء الشعور"

    لقد انتقل الشاعر المعاصر ، من قيد الشكل الى مضمون النص وربطه هذه العلاقة العضوية ما بين سؤال الإبداع وسؤال الإرجاع ،فتغيرت وفق ذلك وظيفة اللسان كمحرك لآلية الكلام والتعبير .

    فالشاعر لا يفكر { في القاعدة حين يكتب .اللغة فيه قبل القاعدة } حيث ينحت كلماته من حضوره الواقعي ومن { سياق وجوده الثقافي – الإجتماعي ، من التموج اللغوي – الحياتي الذي يتحرك داخله وينمو فيه .بل ان هذه الكلمات تفقد دلالاتها المعجمية ، حتى أننا نشعر ، فيما نقرؤها ، أننا لا نقرا كلمات ، وإنما نقرا أصداء حروف ، أو نقرا شحنة نفسية وتخيلية وفكرية ، ترشح ُ من هذه الحروف وعلاقتها ن حتى لتبدو الكلمات أفرغت كليا من معناها المعجمي أو مما وضعت له في الأصل اللغوي } ادونيس

    وهنا المفارقة بين الشكلين البيت القديم والقصيدة اليوم.البيت الحر والسكن الحر ..
    ويضيف ادونيس في نفس المقام { أميز بين نوعين من الشعراء
    الأول يمكن وصفه بأن اللغة هي التي تكتبه ن وهو من يكون قابلا ، يتبنى الموروث بمفهوماته ، وطرائق تعبيره .لا يطرح حولها أي سؤال .ولا يبتكر أي اعتراض.
    والثاني هو من يمكن القول عنه بأنه يغير طرق الكتابة ن ويمارسها في الوقت نفسه قراءة مغايرة لنتاج الماضي.وهو في ذلك، يغير الرؤية السائدة للعالم عبر الشعر .وهنا ينحصر الدور التعبيري للشعر:فيما يغير الشاعر إشكال التعبير ، يغير طرق الإدراك والرؤية في العلاقة بالأشياء والزمن ..}


    أن الأسس النظرية لحداثة الشعر المعاصر { يستحيل اختزالها في عنصر أو نسق أو محور.وانفتاح مغامرة ، هذا الشعر ، بحثا عن حريته وحداثته، لم تأت دفعة واحدة ، ولا خارج الواقعي والكوني ...} محمد بنيس .
    ومع ذلك فتجربة الشعر المعاصر سمة المختبر الشعري { لقد أعطت للفردي والكوني ان يتجانسا في الفضاء النصي } يضيف بنيس قائلا دائما
    ولا يزال السؤال مفتوحا على كل منافذ العطاء في القصيدة الشعرية اليوم وعبر تجلياتها من خلال الانفتاح على كل قضايا المجتمع .


    أحبتي هذه نظرة من سياق مجمل الحديث عن إشكالية تطور القصيدة واللغة في المتن الشعري المعاصر حاولت أن أكون لحظة استماع لمواكبة هذا التطور من أقلام مبدعة ناقدة أسست لهذه الصيرورة
    والأمثلة لم تكن حصرا بل على سبيل سياق الكلام .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 4:43 am