منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    د. محمد العمري: البلاغة دولة قائمة بذاتها

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    د. محمد العمري: البلاغة دولة قائمة بذاتها Empty د. محمد العمري: البلاغة دولة قائمة بذاتها

    مُساهمة   الثلاثاء مايو 04, 2010 10:42 am


    الناقد المغربي د. محمد العمري: البلاغة دولة قائمة بذاتها

    كتبهاأحمد شبلول ، في 11 فبراير 2010 الساعة: 20:19 م

    الناقد المغربي د. م�مد العمري

    ناقد مغربي يؤكد أن أعداء البلاغة اليوم ليس السيميائيون ولا السوسيولوجيون ولا اللسانيون بل الكسالى من أبنائها.

    الشارقة ـ من أحمد فضل شبلول

    شارك الدكتور محمد العمري أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب بالمملكة المغربية في الدورة الثامنة لملتقى الشارقة للشعر العربي بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من 31 يناير/كانون الثاني ـ 6 فبراير/شباط 2010، من خلال ورقة بحث قدمها في المحور النقدي المصاحب للملتقى "الرؤية البلاغية والأسلوبية في قراءة النص الشعري".
    ويرأس العمري حاليا وحدة البلاغة الجديدة والنقد الأدبي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط منذ عام 2000، وسبق له أن رأس وحدة النقد القديم بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في ظهر المهراز بفاس (1998 ـ 2005).
    وهو عضو اتحاد كتاب المغرب، وخبير معتمد لدى اللجنة الوطنية لمنح الاعتماد في الدراسات العليا والدكتوراه التابعة لوزارة التعليم العالي منذ عام 1997.
    وحصل على جائزة المغرب الكبرى للكتاب عام 1990، وجائزة مؤسسة الملك فيصل العالمية فرع اللغة والكتاب عام 2007، وله العديد من المؤلفات والتحقيقات والترجمات منها:
    في بلاغة الخطاب الإقناعي (مدخل نظري وتطبيقي لدراسة الخطابة العربية) الخطابة في القرن الأول نموذجا عن دار الثقافة في الدار البيضاء 1986، والبلاغة العربية أصولها وامتداداتها عن أفريقيا الشرق بالدار البيضاء ـ بيروت 1999، والبلاغة الجديدة بين التخييل والتداول عن أفريقيا الشرق بالدار البيضاء ـ بيروت 2005، ومنطق رجال المخزن وأوهام الأصوليين عن منشورات جمعية وادي الحجاج ـ دار القرويين بالدار البيضاء 2009.
    وكما نرى فإن ضيفنا الدكتور محمد العمري متخصص في علم البلاغة العربية، والموازنات الصوتية في لغة الشعر التي حاز بها على درجة الدكتوراه من كلية الآداب جامعة محمد الخامس عام 1989، وجاءت مشاركته في الحلقة النقدية المصاحبة لملتقى الشارقة للشعر العربي الثامن، فاعلة ومفيدة، وكان لنا معه هذا اللقاء:
    * شاركتم في ملتقى الشارقة للشعر العربي الثامن ببحث في محور "الرؤية البلاغية والأسلوبية في قراءة النص الشعري"، تُرى ما أهم نقاط الالتقاء بين البلاغة والأسلوبية، وما أهم نقاط الاختلاف؟
    = تقتضي الإجابة عن هذا السؤال وضع النقط على الحروف فيما يخص تحديد المقصود من البلاغة. فقد فوجئتُ بأن بعض المتدخلين مازالوا يتحدثون عن البلاغة ويقصدون التصور المدرسي الذي اقترحه السكاكي، أي ما نسميه البلاغة المدرسية المختزلة حيث يُتحدث عن علم المعاني والبيان والبديع.
    والحال أن عمل السكاكي (في أعقاب الجرجاني) لا يمثل غير مسارٍ من مسارين كبيرين أبزناهما في كتابنا "البلاغة العربية أصولها وامتداداتها"، المسار الذي ينطلق من الجاحظ ويصل إلى حازم القرطاجني عبر ابن سنان. وهناك أيضا من استسهل المسألة فجعل البلاغة والأسلوبية مترادفتين، لا يفصل بينهما إلا الزمن؛ إحداهما قديمة والأخرى جديدة. ومؤدي ذلك أن الجديد ينسخ القديم.
    والواقع أن الدرس الحديث قد أعاد للبلاغة نسقها الذي فقدته عبرَ عصور الانحطاط حين اختُزلت في مجموعة من الصور الشعرية. فالغربيون أعادوا الاعتبار للبعد التداولي المقامي رابطين الصلة بكتاب فن الخطابة لأرسطو، وقمنا نحن بنفس العمل حين أعدنا الاعتبار لهذا البعد انطلاقا من البيان والتبيين للجاحظ.
    وبذلك صارت البلاغة ذات جناحين: جناح نصي لغوي، وجناح تداولي مقامي. وبذلك أيضا صرنا نتحدث عن بلاغة عامة وبلاغات خاصة: بلاغة الشعر وبلاغة الحجاج. وقد صدر في المغرب، منذ سنة العدد الأول من مجلة بعنوان: بلاغات خصص لبلاغة السرد.
    أما الأسلوبية فإنها، بحكم نشأتها على هامش النحو، أي باعتبارها انزياحا، فإنها تفتقر إلى البعد التداولي للخطاب. وهذا ما أبرزه هنريش بليت في دراسته "البلاغة والأسلوبية". وقد ترجمنا هذا العمل إلى العربية، وصدرت منه طبعتان لحد الآن.
    ولا شك أن الأسلوبية (أو الأسلوبيات) أسهمت في تعميق البحث في الأساليب، وتجاوزت المعيارية التي كانت البلاغة قد وقعت فيها خلال أزمتها، ولكنها لا تقدم إطارا نظريا يغطي "الخطاب الاحتمالي المؤثر" الذي تستوعبه البلاغة اليوم بشكل سهل. لقد تحولت البلاغة بفضل جهود بعض مناطقة الحجاج إلى لغة للتواصل بين كل الاختصاصات العلمية. فالكل يحتاج إلى أدواتها التخييلية والحجاجية للتبليغ والإقناع.
    * إذن هل من طريق لتأسيس نظرية نقدية عربية الآن؟
    = هذا بالفعل ما نسعى إليه، ولكن خطوط الاتصال بين الباحثين مقطوعة في هذا العالم العربي البئيس بقومه. فمن خلال تجربتي في النشر، حين كنت مديرا لمجلة "دراسات أدبية ولسانية"، و"درسات سيميائية" ومنشوراتهما، اقتنعتُ بأن الكتاب هو البضاعة غير المرغوب فيها في الوطن العربي. وحاولت تصدير المجلة على بعض البلاد العربية دون جدوى.
    النظرية النقدية لا يمكن أن تكون اليوم إلا كونية أو مجرد وهم، وهم مثل السراب الذي يراه من يتحدثون عن الأصالة "القاتلة" وعن "النقد الإسلامي"، وهم يفتخرون بابن رشد والفارابي وابن سينا ويعتبرونهم فلاسفة مسلمين متجاهلين تشبعهم بمنظومة المنطق الأرسطي والتصور الأفلاطوني.
    وأرى أنه من الضروري منهاجيا ـ وليس عاطفيا ـ الاستماع إلى البلاغيين واللغويين العرب، وإلى الفلاسفة المسلمين إذا شئنا أن نتفاعل تفاعلا إيجابيا مع التراث الأدبي العربي، فهو من أنتج البلاغة ثم تأثر بها، إنها مسألة منهاجية. ولكن الماضي لا يمكن أن يُفهم ويُقرأ قراءة مثمرة إلا من معرفة الحاضر ومعاناة أسئلته. وأكثر الذين يشتغلون بالتراث معوَّقون من هذا الجانب.
    والخلاصة أن نظرية النقد الممكنة حديثا هي نظرية كونية بروائح محلية وإقليمية. والروائح الإقليمية صارت اليوم عطرا غالي الثمن في الإبداع والنقد، أي في بلاغة الإنشاء وبلاغة الوصف.
    * انفردت الساحة النقدية المغربية منذ سنوات بعلم السيميولوجيا، أو الإشارة في النقد الأدبي. ترى ما المجهودات الفاعلة التي قدمت هذه النظرية إلى الساحة النقدية العربية؟
    = هناك عاملان مهمان في تحريك النظرية النقدية في المغرب يبدوان غريبين أو كالغريبين في أكثر البلاد العربية بعد رحيل رواد النهضة في مصر:
    أولهما تجذر الفكر الفلسفي خاصة في مجال التاريخ وعلم الاجتماع والنفس والمنطق ثم اللسانيات، حيث ظهر أعلام مثل محمد عزيز لحبابي وعبدالله العروي ومحمد عابد الجابري وعبد القادر الفاسي الفهري وطه عبدالرحمن (قبل أن يُجهض عمله وينقض غزله) وغيرهم من الأعلام الذين تعدى صيتهم العالمَ العربي إلى المستوى العالمي. ومعلوم أن هذه المجالات من البحث تغذي البحث البلاغي والعلامي وتتغذى منهما.
    وثاني العاملين الاتصال المباشر بما يجري في الجامعة الفرنسية سواء عن طريق البعثات العلمية أو حضور أعلام من الباحثين للتدريس بالجامعة المغربية في الرباط وفاس، مثل رولان بارت وجون مولينو.
    لا شك أن هذه العوامل لم تكن لتعطي أكلها لولا جو التدافع الحماسي الذي خلقه الصراع السياسي في المغرب، فقد كان الاشتغال بالفلسفة والسوسيولوجيا خلفية للسياسة، كان تحديا للنظام، ولذلك سعى إلى تجفيف منابعهما، بعد فوات الأوان.
    وقد استعرض المغاربة كل المناهج الأساسية في ظرف وجيز: من الواقعية الاشتراكية (أو المنهج الجدلي)، إلى البنيوية التكوينية، إلى البنيوية اللسانية الشكلانية، إلى السيميائيات وجمالية التلقي.
    وقد أسهمت مجلة "دراسات دال"، ومجلة "دراسات سال" اللتان كنت أشرف عليهما (منذ منتصف الثمانينيات) في إبراز هذه المناهج وترويجها، خاصة البنيوية اللسانية وجمالية التلقي والسميائيات من خلال المحاور والأعداد التي خصصتها لها، والحوارات التي أجرتها مع روادها، فضلا عن الدراسات والمقالات التي كانت تدور في أغلبها في هذا المجال. ثم ظهرت مجلة علامات (المغربية) التي يديرها الزميل سعيد بن كراد متخصصة في البحث السيميائي. وكان لهذه المنابر ولمؤلفات بعض الباحثين الرواد، مثل محمد مفتاح وعبدالفتاح كليطو وآخرين صيت في العالم العربي.
    هذا على العموم، أما رصد الأثر بدقة فيستلزم فحصا واستقصاء لا يتسع له المقام. وعموما فإن الكتاب المغربي صار مألوفا في مراجع الباحثين الطلائعيين في الوطن العربي برغم كل العوائق.
    * هل يصلح علم السيميولوجيا للتطبيق على كل النصوص الإبداعية، أم هو معني بأجناس أدبية معينة؟
    = المجال الذي جَلَّى فيه التحليل السيميائي وبرَّز هو مجال السرديات والإشهار وما يتصل بهما، أو يتركب منهما من سينما ومسرح. يظهر أن لذلك علاقة بغياب رصيد بلاغي تقليدي في هذا المجال لجدته.
    أما حين يتصدى السيميائيون للشعر والخطابة (خاصة الشعر) فإن كلامهم يبدو هزيلا بالقياس إلى ما تقدمه البلاغة بعتادها البديعي والبياني والعروضي. (ونحن نتحدث هنا عن البلاغة الحديثة النسقية، لا عن البلاغة المختزلة الموروثة عن عصور الانحطاط). ولذلك يغلب على ما يقدم في هذا المجال التنسيق التعسفي والتأويل غير المؤسس، وافتراع الأبواب المشرعة، وإعادة تسمية المسميات، بل تعميتها.
    إن التحليل السيميائي الجيد للنصوص الشعرية والخطابية لابد أن يجد نفسه وقد وقع في حمى البلاغة وتحت رايتها. وقد شرعت البلاغة في استرجاع جميع الأراضي التي اقتطعت من إمبراطوريتها من طرف العلوم المجاورة، ومنها السيميائيات، ونظرية تحليل الخطاب ..الخ. فالمشكلة تكمن في أن السيميائيات الأدبية مجرد "ملحقة" تابعة للسيميائيات العامة، ولذلك تشوبها عناصر من غير معدنها تشوش عليها، كما يقع لها حين تُجعل مبحثا لسانيا أو منطقيا أو سوسيولوجيا أو سيكولوجيا ..الخ.
    إن البلاغة دولة قائمة الذات، ترفض أن تكون تابعة لكيان آخر. بل إنها إمبراطورية تضم دولا عديدة، بدستور عام، ودساتير خاصة بالأقاليم: إقليم الشعر، إقليم السرد، إقليم الحجاج، إقليم السينما والمسرح والإشهار.. الخ. وعدوُ البلاغة اليوم ليس السيميائيون ولا السوسيولوجيون ولا اللسانيون.. الخ، بل أعداؤها هم الكسالى من أبنائها الذين يصرون على اختزالها في الدروس البئيسة التي تلقوها في المدارس والثانويات والجامعات، أعداؤها هم المسؤولون التربويون الذين لا يسايرون مستجدات البحث العلمي.
    وحقيقة أحس بالاختناق حين أسمع ـ كما وقع أخيرا ـ "بلاغيين" يجترون ـ في بداية القرن الواحد والعشرين ـ الملخصات التي وضعها بعض المدرسين (مثل المراغي) منذ قرن مضى لطلاب المدارس الثانوية.
    * انتشرت في الآونة الأخيرة مصطلحات نقدية جديدة، مثل النقد الرقمي. هل بالفعل يوجد نقد رقمي بدأ يظهر في الآفاق ويستفيد منه المبدعون والنقاد حقا؟
    = هناك مبدأ أساسي يذهب إلى أن تغيير الأدوات يؤدي مباشرة على تغيير الفكر والرؤية. يقال هذا بمناسبة الحديث عن ظهور الكتابة الذي شكل انقلابا في مستوى العقل البشري. ولا شك أن العالم الافتراضي الذي تتيحه الشبكة العنكبوتية سيؤدي على تغيير الكثير من المفاهيم، غير أنه يجب التذكير بأن الشبكة العنكبوتية وسيلة (أو واسطة) تسهل التواصلَ، وتتيح الوصول إلى المعرفة، ولكنها ليست "مدرسة أدبية" ولا "منهاجا" ولا "نظرية نقدية".
    وقد يقال إن هناك نقدا صحفيا ونقدا أكاديميا والصحافة وسيلة (أو واسطة)، وهذا قياس غير سليم، لأن صفة "الصحفية النقدية" تتجه إلى التيسير، والحال أن الشبكة تحمل اليسير والمعقد، الصحفي والأكاديمي.
    ستكون الخصوصية، في نظري للإنشاء، للإبداع، حيث تتيح الشبكة تشغيل الفضاء بالأشكال والألوان والروابط المتشعبة، أما "النقد الرقمي" فمازال في حاجة إلى بلورة مفاهيمه وتحديد وظيفته.
    * إذن دعني أخيرا أسألك عن مدى استفادتك شخصيا من الشبكة العنكبوتية؟
    = علاقتي بالحاسوب عامة والشبكة خاصة بدأت منذ خمس عشرة سنة، أي سنة 1995 بالضبط. ونظرا للمعاناة التي كنا نعانيها قبل ذلك في طبع مجلة دراسات، وكذا منشوراتها وكتبنا الشخصية، وما كنا نعانيه من صعوبات التواصل مع المجلات والزملاء في أرجاء الوطن العربي، والمشقة التي نلقاها في ضبط المعلومات، نظرا لكل ذلك فقد كنت أجدني أحيانا أردد مع المغنية: "عمري قبلك ضاع.. ".
    استفادتي الشخصية من الشبكة تبدأ من البريد الإلكتروني الذي أتصفحة صباح مساء وألتقي عبره يوميا بالعديد من الباحثين وطلبة العلم. وأتلقى من خلاله معلومات كافية عن كل الأنشطة العلمية التي تهمني وأكثر. استفدت من الشبكة في التعريف بأعمالي العلمية من خلال الموقع الذي أنشأته منذ عشر سنوات:
    www.medelomari.net
    وقد غمرتني السعادة حين استطلعت مرة عدد زواره شهريا (وكنت أظنهم بالعشرات، فمن يهتم بالبلاغة؟) فوجدتهم بعشرات الآلاف.
    واستفدت من الشبكة في متابعة أخبار العالم في أية لحظة. ومتابعة ما يجد في عالم المعرفة بصورة عامة. وصار من السهل اليوم على الباحث أن يطلع على الكثير من الكتب التراثية العربية والعالمية، ويقتني الكتب الحديثة ويشترك في المجلات العلمية المتخصصة، وهذه من جملة استفاداتي وهي كثيرة.
    إنه عالم ينفتح أمامنا لا يوليه قفاه إلا أعمى.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 13, 2024 5:30 pm