منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    الشعر لعبة

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    الشعر لعبة Empty الشعر لعبة

    مُساهمة   السبت ديسمبر 12, 2009 7:45 am

    الوجود افتراضا/ الشعر لعبة في اصطياد المعنى
    3/01/2007
    علي حسن الفواز

    كثيرا ما يجد الشاعر في الكتابة نسيجا افتراضيا للتماهي والتمدد وحتى التنابز مع عالم يخالفه في كل شيء ،،اللغة هي الخائنة الكبرى في هذا الافتراض ، اذ هي الصانعة والمستجيبة والمحرضة الحميمة ، وهي المغرية المتسعة المستغرقة والمتشعبة!! وهذا بطبيعة الحال يجعل كتابة القصيدة والنص بمثابة التورط في كتابة المفتتح الدائم للاتصال بالعالم في تحولاته وخساراته وتفاصيله ،لان الكتابة هي لعبة استعداد متوالية للانشغال والتوجس وقذف الخارج بالاحتجاج والحجر واللذة واحيانا بالفضلات كما يقول عباس بيضون ،،لها مزاج الفتنة والتشكّل السائل ولها علامة التشقق الذي يومىء بالزلزال ،،،الكتابة تلك هي اعادة وضع الجسد/ النص خارج سياقه لان السياق يعني موته ! مثلما يعني الشكل قبره على طريقة ادونيس..
    وكتابات الحافة تنفتح بتعددها على شروط غير اليفة للكتابة، فهي ليست محكومة بقاعدة او فكرة للجمال او التدوين ،،انها تفترض الشعر هكذا مكشوفا كالجسد المباح للذة او الموت اوربما هو الكتابة في نوبة جريان ....
    قصيدة الشاعر عباس خضر(من مدافن الورد) تشكّل في لغتها الحادة المشبوبة بالتأسي ترسيما واضحا في هذا الافتراض الذي يحاول ان يقيم صلته على اساس ثيمة استعادة الحياة عبر البحث في تفاصيل الموت ..فالقصيدة تكشف من بدء استهلالها عن نمط طقسي/تعويضي لهذه ألاستعادة التي تؤنسن فكرة الموت في استطرادات وصفية/استحضارية من خلال صيغة فعلية امرية باثة لفعل الحضور/الشهادة والتي تجعل من الفعل(تذكر) هو المقود الذي يوغل في افتراض التواصل والكشف على اساس ما تملكه الطاقة الحسية للغته ،،
    وهذا الايغال طبعا يتلمس كل هواجس القسوة التي يثيرها الموت ،اذ يكون الموت هنا هو المهيمن الطاغي الذي يلوّن نسيجه الافتراضي بتماهيات اكثر تنابزا وتوحشا مع الخارج الموهوم بالحياة ،انه يقاطعه عبر اصطناع علاقة استعارية مشحون بصيغ تعبيرية (استحضارية/ ندائية) تسحب مختزن اللاوعي الى شرط السني حاد يقوم على اساس بنية مفتوحة في الكشف والتصريح ، تسخدم صيغ حضورية/عبر الضمائر المنفصلة /انت/ نحن وعبر صيغ ندائية (يا) وكأنه يجعل هذه الصيغ هي مجسه في الكشف عن حالة اشتباه الحياة ازاء الموت ، التضاد فيها يستحضر الحاضر /لعبة التذكر ويستحضر التاريخ بكل بشاعته الرومانسية !!موت المقدس /موت اليقين من خلال اشتغال ترميزي حاد يمزج ما بين بشاعة الحاضر وبشاعة التاريخ ..



    تذكر خبر الخيمة عن زعل الموجةلانهيار منزل الرمل
    تذكر بحارة المتون الغريبة والتحية والملائكة الصغار
    الحيارى الذين مروا علينا
    لنفتح لهم دروب السماء
    ،،،،،،،
    يا كاظمة يا نجمة العشية المحلاة بخبز الصباح
    وانت يا موجة،ياكل زينبات الحزن ووجع البحار
    ،،،،،،،،،

    متمم ما جدوى رثاء مالك
    ووعود الشمعة للفراشات وعودنا
    وعود النار للحطب
    هذا قرارنا قرار الفجيعة..


    ان قصيدة عباس خضر تضع نفسها امام كتابة تطفح بالحزن المرسل من واجهات اللحظة والتاريخ ،وهذه الكتابة تضفي عليها بلاغة كاشفة لامهرب منها /بلاغة التصريح وسردية الافصاح ، اذ
    تنحاز الى مكنونات ما يرهنه من تداعيات تجعل اللغة النثرية في اطار هي اشبه بالمونولوج الذي يتوالى عبر سلسة من الاستذكارات، ولاشك ان هذه القصيدة تعكس ايضا روح الشاعر القلقة اللجوجة باسئلة وجودية يقارب فيها نزوعه باتجاه تحويل الصوت الانساني/نداءه الى شهوة احتاج ضد صناعة الحزن والغياب القصدي...
    وتحمل قصيدة الشاعر رياض الغريب(تلوث) نزوعا نحو يقينية قصيدة النثر باعتبارها كتابة تتوافر على اغلب عناصرها الفنية ومؤثراتها وتركيبها الذي يقوم على استيلاد سردوي يقابله مستوى من الايقاع الذي يقوم هو الاخر على مجموعة من العلاقات والتصادمات الداخلية ..
    القصيدة تبدأ من حيث اللامتوقع من حافة اللغة /البنية السردية/الحكواتية (اكثر من قال تريث هو انت) او من حافة الاكتشاف/العد الدلالي الذي يؤمىء الى فتراض التفاصيل..
    ان قصيدة الغريب مهمومة باقامة علاقة مفارقة كاشفة للوجود واسى الكائن الذي يكتشف !!اذ يكون هذا الكشف هو المحرض على هندسة رؤى كائنه المتعالية للعالم والعذاب والمكان ،انها قصيدة ضاجة بالتفاصيل واستحضار العالم ومرموزاته (الام /الطفولة/الامكنة الموحلة/ رائحة الخميس /......)تلك الرموز التي تضع اللغة امام لعبة تشظ متعددة ،يسندها الشاعر باستحضار لغوي رمزي استعاري/ عماد البنية الشعرية ،والذي يتمازج مع سلسلة من التناصات السردية في توظيفها الكنائي المكثف باستدعاء وظائفية الراوي المفتوح على اسناد حكائي من الموروث الشعبي(في رواية..............)او من الموروث اليومي( انت تلعب وهي تناديك انه المساء/ادخل/سيأتي ابوك ) وهذا التوالي يجعل القصيدة في حالة اقرب الى الهياج الذي يقوم على التوالد اللانهائي !!والذي تكون فيه اللغة في مستوييها السردي والشعري هي الدافع السري الذي يستعيد الشاعر عبره محمولاته الترميزية والايحائية والوقائعية ..

    //انت من عجز عن نسف امكنةموحلة في بطن ليلك الاكثر رعبا
    انت من اخترع الابواب الموصدة والانزواء في فم العنكبوت ينسج
    احلاما تشل ايامك ،،تضع مايريده منك المسيج بازقته الملوثة داخلها
    خارجها فوق خارجها رسوم متحركة انت تلعب هناك وهي تناديك..//

    ان قصيدة الغريب تندفع باتجاه طمأنة النثرية الشعرية من اتساع مدياتها داخل النسيج الشعري فهي ليست كتابة مهيمنة قدر ماهي لعبة توصيفية سردية يتوافق فيها مكونات السرد الزمني والسرد الحكائي مع الاستعارة الشعرية ،وهذه ليست مفارقة حادة هنا لان الشاعر يجد فيها نصه المفتوح على الواقع واللغة والحكاية والزمن الخيطي والزمن الرأسي ،،وهذا ما يجعله ينحاز اساسا الى وظائفية الموجّه الداخلي الذي يضعه في نوبة من الهيجان او يسبقه !!اذ تكون الرؤيا هنا ملازمة للغة في مستوييها الاستعري والكنائي عبر توالي لعبة الكشف والتصريح وحتى بناء الجملة الشعرية الافقية او الايحاء بها صوتيا !!

    اخاف من
    ا
    ل
    ت
    ل
    و
    ث
    متى
    ا
    م.و.ت


    القصيدة تنداح الى هذه البنية الصوتي بايقاطعها الداخلي الضاغط رغم نثريتها التي يصطنع فيها الشاعر معايشة تتحرك فيها رؤاه ويوغل عبرها الى صياغات تصويرية تتقصى الحواس والوقائع والبنى الايحائية ، فالشاعرينحاز مع صوت الام الى بناء جملة نداء وجملة تغريبية بدافع الاحساس بشهوة الزمن وينحاز الى صوته الداخلي عبر تركيب رأسي للصورة الشعرية التي يعمل عبرها على تشتيت بعض مفاصل البنية الافقية السردية التي استغرقت القصيدة ،،ويكررها ايضا مع استحضار البنية الصوتية/ الامرية (اجلس ياولد ) المدغمة باستحضار الوصايا التي تماثل بنية صوتية اشمل،

    اجلس ياولد
    بنت الجيران ياولد
    انه الليل
    صحبك السكارى
    متى تكبر
    متى اموت
    ياولد

    ولعل قصيدة الشاعر اديب كمال الدين (اصدقائي الاوغاد والمنفيون والسذج) تملك محورا يفترض دالة المعنى الغائب سعيا لاصطياده بالاستحضار و انطلاقا من انوية مركزية تتألف فيها شهوة البحث عن هذا المعنى مع قدرة اللغة في ان تكون خطابا متعاليا وطيد الصلة بالمعارف الباطنية التي كثيرا ما تستغرق الشاعر عبر انثيالات صوفية وحلولية تتمثل روح الاشارة والحرف والرؤيا باعتباره هذه المكونات ادوات بث باتجاه الكشف عن قوة ما تملكه اللغة من بنيات وصور وما تحمله من فيض دلالي محكوم بشراهة المعرفة وغائيتها ..
    القصيدة تبدأ بوصفيتها وصوفيتها باثة لاشارة متعدية على الزمن الوضعي المقترن بالمعنى المكشوف والمبذول باتجاه زمن رؤيوي يقترن عادة بالمعنى الغائب ،اذ يضع الشاعر هذه الاشكالية بمثابة استيلادا لموجهات لغوية باحثة عن المطلق في المعنى والوقت والجسد والموت دون ان يضع المطلق في اطار مرجعيات محددة !!اذ هو يستخرج موجهاته تلك من الموروث المسيحي والموروث الاسلامي باعتبار ان نصه الوارد في اغلب كتاباته هو مكون تستبطنه الشفرات والطلاسم والمعاني الغائرة والاقنعة ،وهذا مايفترض استحضار تصريح /كتابة في الوصل والاتصال التي تجعل العالم/الوجود رغم انه مادة لغوية !! الا انه خاضع ايضا لمقايسة معرفية وفكرية تهاجر الى المعنى وتتصل به عبر الحروف والاشارات والنقط باعتبارها فيضا اشاريا للبحث عن المعنى !!!!..

    حين جلست الى الساعة
    كانت الساعة شابا مقتولا
    قرب كنيسة احزان العالم
    جاء اصدقائي الاوغاد والمنفيون والسذج
    ووضعوا صليبا خشبيا
    قرب دماء الجثة
    ووضعوا وردا لااسم له
    واسا وفاكهة معفرة بالتراب
    قالوا من هذا المقتول؟ زما معنى الساعة؟


    ان الزمن الحلولي في هذه القصيدة هو زمن وعي الشاعر ورؤيته لما يمكن ان تشكله اللغة من انثيالات وصور ،اذ هو زمن استبدالي متحرك باطني وحامل لشارة اغتراب عن الزمن اليومي المرهون للوضوح !!لذا نجد القصيدة تستغور الكتابة دون شروط هذا الوضوح لبيان ما تصنعه لغة الشاعر من توليدات لانهائية ،تبدأ من انوية الشاعر الذي تستبدل نفيه بالموت ،ويستبدل البيئة المائية التي عاشها بالنهر الميت وتنهي بالاشارة الى مركزة قوته المتماهية في اللغة باعتبارها القوة الحافظة والمولدة عبر ما تختزنه الحروف والنقاط من كينونات وحيوات غير خاضعة لقانون الموت الفيزيقي ...


    بعد سنين من كتابة نصي هذا
    قتلت قرب نهر ميت
    في آخر قارات العالم
    جاء اصدقائي الاوغاد والمنفيون والسذج
    حملوني في تابوت اسود
    حفروا الارض ووضعوني فيها
    قالوا لم نفهم ما قال
    كا ن يكتب حروفا ونقاطا صوفية
    ويصف الدنيا كسرير امرأة من عسل الوحل


    تقوم قصيدة الشاعر سليمان جوني(رسم هزلي) على مجموعة التقاطات حادة وسريعة يضعها الشاعر في سياق صياغة المراقب(الباربوسي) الذي يكشف ما تصنعه اللغة من مشاهد تتحكم بها قوة الرؤيا التي تؤسس وتمحو ، وما تصنعه الرؤيا من تلازمات حادة فيها الكثير من النزق الدلالي ،،اذ يرسم الشاعر نوعا من ملامح الكوميديا السوداء التي تؤدي الى تخليق الخارج المتواتر في وجوده ومشاهده وتضادته ، ووفق ما تحققه الرؤيا ،،هذا الخارج المصنوع بلعبة الساحر لكنه القابل ايضا للقسوة والقابل للمحو في ان !!

    بين حشد واخر
    يرفع الساحر مشنقة على رابية
    وكلما ضربها بعصاه
    تلاشت الحكاية

    ان جملة سليمان جوني الرشيقة تركز على دالات وجودية فارقة اكثر من انشغالها بالصور المأنوسة بشدّ بنائها الصياغي ،اذ تؤدي القصيدة في مجموع بناء جملها/صورها الى رؤية جمالية سريعة لها تحقق حضوري مكثف !زمنها الدائري يصطنع له بعدا استعاريا يتلازم فيه فعل الساحر/يرفع مشنقة على رابية مع فعل الحشد الذي يعيد رفع الساحر الى رابية ، وهذه الاشارة المكررة الى تنكير الاسم هي جوهر هذا البعد الاستعاري ... كما انه يضع المفارقة الصورية في اطار هذا البعد الاستعاري كنوع من التواصل الاشكالي الذي يقوم على توقع انزياحات شعرية تستقرأ برمزية دالة على ان العالم /الخارج / الحشد تستغرقه دائما شهوة الساحر /الصانع/الماحي ،وان الشاعر ازاء اللعبة لا يملك الاّ ان يذهب بعيدا في ايهامية البحث عن ايجاد توافقات وتقاطعات مابين الساحر والحشد ، باعتبارهما الجوهر البنائي في القصيدة ،،وهذه الايهامية تجد في البنية السؤالية (كيف ارى / كيف أضم ) جوهرا كينونيا للشاعر مثلما هي الخيط الخفي الذي يعبّر عن حميمية ذاته الرائية !!! وهي تلمس وترقب وتستقي ما تؤديه هذه الكوميديا من تضادات تقوم على انتاج نصية مغايرة والى رؤيا رغم محسوسيتها الا انها قد تؤمى بالتجريد الذي يتجاوز المالوف والعاكس لمل تكرره الوقائع، انها كتابة في المفارقة الضاجة بالاكتشاف والمفتوحة على اسطرة المكان واغترابه الذي يؤسس شرطه الاستعاري على الرؤيا التي تبصر داخليا العشب وبرادة الحديد والجبل والزجاجة وانعكاساتهما .

    النصوص :

    * من مدافن الورد : عباس خضر
    * تلوث : رياض الغريب
    * أصدقائي الأوغاد والمنفيّون والسذّج : أديب كمال الدين
    * رسم هزلي : سليمان جوني
    منقول afro

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 5:23 am