منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    تقنيات السرد المتداخل والبنية الزمنية

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    تقنيات السرد المتداخل والبنية الزمنية Empty تقنيات السرد المتداخل والبنية الزمنية

    مُساهمة   السبت ديسمبر 12, 2009 7:59 am

    تقنيات السرد المتداخل والبنية الزمنية

    في رواية غرفة البرتقال لعارف علوان


    نصوص عراقية





    العدد 24 -- أيلول 2005



    تصدر عن موقع الكاتب العراقي

    تحت اشراف القاص سلام إبراهيم

    يرجى ارسال المواد الى

    salam54@maktoob.com



    شروط النشر: لم يسبق نشر المادة في المواقع الألكترونية ويجب الالتزام بعدم نشرها على النت الا بعد نفاد مفعول العدد (شهر واحد).

    يجب أن تكون المادة مكتوبة ببرنامج الوورد ومصححة لغويآ ومرفقة كملف

    الأفتتاحية

    الأدب العراقي المعاصر ومشروع الدولة الدينية

    مقالات ودراسات

    العرب وكمياء الذهب: د. عدنان الظاهر
    من كتب روايات صدام: سلام عبود
    عروبة العراق: شاكر الأنباري
    أزمنة الشعراء وأزماتهم: شاكر لعيبي
    في العراق لم يعد الموت محتاجا إلى صانعيه: يوسف بزي
    رانسترود وترانسنسترومر ترجمتان عربيتان لشاعر واحد

    الشعر

    نشيد البرابرة وقصائد أخرى: هاتف الجنابي
    قداس العاصفة: عبد اللطيف حرز
    أولى الخطوات: علي المغازي
    ليلة وقصائد أخرى: كنار الحكيم
    سأغير التاريخ: آزاد أسكندر
    زهور هاينة: د. عدنان الظاهر

    من الشعر النمساوي: ترجمة: بدل رفو
    من الشعر المجري : اعتقال الطائي


    نص



    ولادة جسد: فاطمة المزروعي

    مسرح

    القنديل: د. شاكر الحاج مخلف

    سينما

    الشهيد المصور: قيس جعفر قاسم علوان


    حوار

    مع السيدة هيني ألين: حمودي عبد المحسن

    القصة

    زميل مدرسة: رياض الأسدي
    ظهر وغاب مثل الرؤيا: رياض الأسدي
    ترحال: علي لفتة سعيد
    مدينة الحجاج: محمد سعيد الريحاني
    كلاب: محمد سعيد الريحاني
    حفلة عيد الميلاد: صبيحة شبر
    كذبة الحياة: عبد الرحمن هويش
    كذبة الحزام الأبيض: اعتقال الطائي
    رؤيا الحفيد: سلام إبراهيم

    "مدن وأرياف ووجوه"

    بائع خردوات: سلام إبراهيم

    قراءة في قصص العدد الماضي


    ـ قراءة محمد سعيد الريحاني
    ـ قراءة صبيحة شبر

    حوارات تقافية عراقية

    الروائي التكرلي مستشارا عن ثقافة الخراب: حسين الموزاني
    أغتراب المثقف: سعد محمد رحيم
    سجلات العراقيين على جسر الأئمة: حسين الموزاني


    الرواية


    حورية أكشو رواية: حمودي عبد المحسن
    مواسم الأصطرلاب القسم الأول: علي لفتة سعيد

    متابعات نقدية

    المدينة المغرقة تنهض من جديد في رواية المزمار: هيفاء عبد الكريم
    تقنيات السرد المتداخل والبنية الزمنية في "رائحة البرتقال " لعارف علوان: علاء اللامي
    "أعجام": سنان أنطوان

    تهرب من السجون: أكرم قطريب

    رسائل

    رسائل حمزة عليوي/ طالب أدب


    يوميات وذكريات

    يا الله يا شباب: محمد غرافي
    يوم في حياة الروائي جمال الغيطاني: جمال الغيطاني

    الكتابة والتجربة

    المرأة والنص: سلام إبراهيم

    أدب شعبي


    "أعبر وحدك" قصيدة: طارق ياسين

    كتاب الشهر

    سرير الرمل: د. عدنان الظاهر




    عودة الى موقع الكاتب العراقي













    علاء اللامي
    تستأهل رواية غرفة البرتقال للروائي العراقي عارف علوان التوقف عندها نقديا لعدة أسباب لعل من أهمها: أنموذجيتها ـ صعودا وهبوطا ـ في التقنية السردية المتداخلة وبساطتها الحكائية اضافة الي وجود ضرب من الشفافية الحميدة في مجال اللغة التي سنلاحظ انها غدت بفعل سلاستها ومرونتها العالية من العوامل الدافعة لتوليد بنية روائية علي قدر كبير من التماسك مع انها كررت ـ وانْ نادرا ـ الهنات البلاغية السائدة في النثر العراقي المعاصر من قبيل عبارة ذروة الهاوية وتشبيهات وتركيبات خاطئة مماثلة.
    قد تبدو هذه الرواية للنقاد المطلعين علي أعمال عارف علوان الروائية أقل أهمية من رواية أخري صدرت له قبل هذه ببضعة أعوام هي محطة النهايات لناحية التعقيد البنيوي والموضوع المركزي والحجم السردي غير ان لـ غرفة البرتقال صفة النَمْذَجة كما أسلفنا في مجال جديد نسبيا علي السردية العراقية وهو المتعلق بأساليب السرد المتداخل.
    يخبرنا الناشر في الغلاف الخلفي بأن الزمن الحقيقي لهذه الرواية يستغرق خمسا وأربعين دقيقة ولعله يقصد بالـ زمن الحقيقي ما يسميه بعض نقاد السرديات بالطبقة الأولي للبنية الحكائية أو المدي الزمني الذي يستغرقه فعل الرَوي، غير أن البنية الزمنية التي تمتد عليها أحداث الرواية المستعادة عبر الاستذكار والمحايثة والاسترجاع وأساليب قرينة أخري يستغرق زمنا أطول كثيرا حتي انه يعود الي فترة طفولة الشخصية المحورية في الرواية وهي الزوجة وداد .
    نلاحظ أيضا، وعطفا علي الاشارة السابقة، أن هذه الشخصية تقوم بدور الراوي الداخلي الي جانب الراوي الرئيس والذي لا علاقة له بالرواية حَدَثيّا، عَنَيْنَا: الراوي المحايد الممارس لفعل الكتابة. ثمة شخصيتان أخريان محوريتان هما الزوج صبحي الذي يقود السيارة والعشيق جلال الجالس في المقعد الخلفي.
    تقوم اللعبة التقنية لتقديم هذا التداخل الزمني والسردي بين أحداث رحلة الشخصيات الثلاث في داخل السيارة من مدينة بحمدون اللبنانية الي صليما وبين لقطات منتقاة من حياة امرأة في الثلاثين، تقوم علي ركائز حَدَثية بسيطة وبأساليب وتقنيات متنوعة منها: الاسترسال، الاسترجاع، الاستغراق، التماثل، المقارنة، الاستيهام، التفكيك البصري والمحايثة النفسانية....الخ. ولتوضيح المراد النقدي ـ وهو تعريفي بالدرجة الأولي وتحليلي تنظيري بالدرجة الأخيرة ـ سنقدم الآن قراءة تخطيطية للصفحات الأولي من الرواية محاولين من خلالها ملامسة ملامح الخطة السردية المنفذة:
    تبدأ الرواية ومنذ سطرها الأول بحركة هبوط حقيقية ومباغتة للسيارة المقلة للشخصيات الثلاث عند نزلة حمانا باتجاه منحدر صليما لتدرك الزوجة وداد النوايا الثأرية القاتلة التي تعتمل في ذهن زوجها. يلي ذلك مقطع وصفي لداخل السيارة، فمقطع علي لسان الراوي لتوضيح حادثة سابقة في المنحدر ذاته كادت تؤدي بصبحي ومن معه الي كارثة. يتواصل الاسترجاع ليطرح نماذج من التفاصيل اليومية من حياة الزوجين بغرض توضيح الخط الحَدَثي، فعودة الي متابعة السيارة في اندفاعتها علي الطريق الجبلي مع لقطات وصفية للمحيط، فحوار مقتضب بين الزوج والزوجة حول ما يبيعه رجال مسنون علي الطريق، ليواجه القارئ، بعد هذا الحوار، أول نقلة في السياق السردي حين تستلم الزوجة فعل الرَوي من الكاتب وبضمير المتكلم هذه المرة بعفوية وسلاسة وباتجاه عمق راوية الداخلية الخاصة بفترة طفولتها فيكفُ الراوي / الكاتب عن فعل الرَوي تماما في هذا المثال، أما في مثال آخر ومع تقدم السرد وحتي الربع الأخير من المتن الروائي فسوف يتقاسم الراوي والزوجة الفعل وتحديدا في الصفحة 100 حيث تبدأ الفقرة الفرعية بعبارة للراوي الرئيسي نصها (كانت في السادسة عشرة)، تتضمن توصيفا لفترة مراهقتها ولأول حادث اعتداء جنسي تعرضت له في أحد شوارع بغداد، وقبل أن تنتهي هذه الفقرة الفرعية تكمل الزوجة فعل الروي وتصف لعشيقها جلال أثر ذلك الاعتداء عليها والألم الصاعق الذي شعرت به حينها ثم، وفجأة، يعود الراوي الرئيسي الي عمله. النقلة الأولي والتي ذكرناها قبل قليل لا تستغرق سوي تسعة أسطر محصورة بين مزدوجتين صغيرتين لنعود بعدها الي الطبقة الأولي في السرد أي الي داخل السيارة المتجهة نحو منحدر صليما .
    يمكن اعتبار هذا العرض القصير للصفحات العشر الأولي ـ من المهم الاشارة الي أن متن الرواية مؤلف من كتلة واحدة غير منقسمة الي فصول أو أجزاء غير أن القارئ لا يلاحظ ذلك وهنا تكمن مهارة الكاتب النثرية ـ بمثابة مقطع عرضي للبنية السردية المتداخلة وأيضا للبنية الزمنية المحيطة بها احاطة (الفضاء الزماني بالوجود الفيزيقي) بعبارة الفيلسوف كانط، غير اننا اذا اكتفينا برصد مكونات هذا المقطع العَرَضي رصدا رقميا فلن نصل الي فهم الكيفية التي نهضت عليها البنية السردية العامة ولا الي مدلولاتها المضمونية المحايثة للمضمون الروائي العام والذي سيغدو جزءا مكملا للبعد الجمالي الشامل في العمل.
    لعل من المفيد كذلك، الاشارة الي اننا، وعبر تفحص مكونات، وحركة مكونات، هذا المقطع سنفهم وبصورة أفضل أن التداخل السردي الذي نتحــدث عنـــه والذي اعتمده عارف علـــــوان يختلف اختلافا جذريا عن مفهـــوم مشابه هو البنية العنقــــــودية السردية وعن مثالها الأشهر كما نجده في الملحمة السردية العربية الخالدة ألف ليلة وليلة حيث القصة تلد أخري فأخري فأخري، ومن هذه الأخيرة تولد قصص أخري وهكذا دواليك الي درجة لا يبقي من الطبقة الأولي غير الأثر الغائم أو الخيط الباهت والجامع لحبات العنقود.
    نلاحظ أيضا أن التقنية المعتمدة في الرواية موضوع قراءتنا هذه تختلف جوهريا عن تقنية النص داخل النص أو القصة داخل القصة كما دشنها دويستوفيسكي في روايته ذكريات من منزل الأموات حيث يعثر الراوي الرئيس علي مذكرات السجين السابق جوريانتشكوف بعد وفاته ليستلم الميت ! فعل الرَوي عَبر مذكراته بعد الفصل الأول من الرواية مباشرة ولينسحب الراوي /الكاتب من الرواية انسحابا تاما أو للدقة انسحابا يغدو بموجبه مجرد محرر لما يمليه الراوي الميت! ثمة أيضا تجربة قريبة من هذا المثال لدويستوفيسكي ذاته استعمل فيها طريقة توزيع البنية السردية علي مجموعة من الرسائل المستقلة في قصته التي تحمل اسم قصة في تسع رسائل والقريبة بدورها من روايته الليالي البيضاء والتي يتوزع متنها السردي علي عدد من الليالي وثمة تقنيات مشابهة جربها كتاب معاصرون من أمثلتهم الروائي السوري محمد الدروبي في روايته الأخيرة عشاق الدَير ولكن بشكل أكثر تركيبية حيث يجد القارئ نفسه بازاء ثلاثة نصوص: الأول وصفي تعريفي للكاتب الروائي ـ الدروبي ـ ، والثاني للراهب الشامي افرام الشخصية الروائية المحورية عبر مذكراته والثالث لـ عكرمة المكلَّف من قبل الخليفة الوليد الثاني بتدوين كتاب عن الراهب افرام هدفه دحض وتفنيد ما يشاع عن وجود علاقة معينة بين الراهب والخليفة لتؤلف النصوص الثلاثة ـ من ثَم ـ بنيةً سردية واحدة ومتداخلةً علي المستوي الأفقي وليس العمودي المَزْجي كما سنتفحصه في غرفة البرتقال .
    هذه التقنيات السردية تنتمي جميعها الي السرد المتداخل البسيط والأفقي، غير أن الفارق بين الأمثلة التي أتينا علي ذكرها وبين رواية غرفة البرتقال يكمن أيضا في التنفيذ النثري وفي أساليب هذا التنفيذ بهدف تشكيل البنية الروائية المندغمة منظورا الي طبقتها الأولي والمركبة باسترسال محسوب زمنيا ونفسيا ومقروءةً ـ في النهاية ـ كمتن سردي منجز.
    وبالعودة الي المتن الروائي ذاته، يمكن لنا رصد بداية السرد بالحركة الهابطة للسيارة التي أتينا علي ذكرها، والبؤرة المكانية أو المنطلق المكاني للحدث فسيكون مثالها الأول السيارة المتحركة ذاتها. أما فعالية الشخصيات الروائية ووزنها البنيوي فتشكو ـ في الظاهر ـ من خلل فادح جعل من الشخصية الثالثة: العشيق جلال ، مجرد نتوء ملصق بشبكة الشخصيات الأخري مع أنه يمتح محوريته من وجوده الفيزيقي في البؤرة المكانية السيارة أكثر مما يمتحها من دوره في الفعالية الحَدَثية وعلاقته بعشيقته وداد وزوجها صبحي . وقد يقول قائل: ان هذا الخلل الظاهري ينمُ عن رؤية واقعية لوزن العشيق في الحبكة الروائية وفي الحياة الاجتماعية الواقعية بذات القدر. وهذا قول يحتاج الي تمحيص وتقويم خصوصا اذا نظرنا الي وزن الشخصية من حيث فعلها الدرامي هي، ومن حيث فعل الآخرين الدرامي الواقع عليها، مما يمنحها في أمثلة روائية واجتماعية معاكسة نطاقا حركيا أوسع، ووزنا وجوديا أثقل.
    ان الحضور الطاغي للشخصيتين الرئيسيتين: الزوجة وداد والزوج صبحي والحركة الصراعية النفسية والعاطفية بينهما، جعلت وزن الشخصية الثالثة جلال يخف كثيرا حتي أن شخصية عمة وداد الواردة في الرواية الداخلية ـ علي ثانويتها السردية ـ أكثر حضورا، دع عنك أن نهاية الرواية التي سنتوقف عندها بعد قليل لأهميتها جعلت حضور العشيق لا يزيد علي حضور هيكل السيارة التي احترقت قبل بلوغ منحدر صليما وترنح في لهيبها الزوج في أزمة قلبية مباغتة.
    ولعل من المفيد أن نشير ـ وان بعجالة ـ الي بعض المؤاخذات والهنات ذات الطابع الاجرائي التي تسجل علي هذا العمل ولكنها لا تنقص البتة من قيمته التأسيسية ومن ذلك:
    ـ لم يحسم عارف علوان أمره بخصوص اللهجة المستعملة في الحوارات القليلة التي وردت في الرواية فهو تارة يستعمل اللهجتين العراقية واللبنانية بحسب الشخصية الروائية الناطقة، لنجده في مناسبات أخري يستعمل العربية الفصحي في حوارات مشابهة. لقد كان بوسعه أن يحسم هذا الموضوع فيميل الي خيار اللهجات العربية المحلية ويهمل الحوار بالفصحي أو يفعل العكس ليخرج نصه وقارئه من هذا المأزق الاجرائي السهل نسبيا. مع ملاحظة اننا نتكلم ـ هنا ـ عن الحوار الخارجي الديالوج وليس الداخلي المونولوج الذي يمكن أن يكون بالعربية الفصحي في حين يكون الخارجي باللهجة المحلية.
    ـ كان من الأفضل أن تعتني الجهة الناشرة أو المحررة والمراجِعة للنص بعلامات الترقيم والتنقيط وخصوصا في طبع عمل دقيق يعتمد هذه الأساليب السردية الحديثة وعدم الاكتفاء باستعمال المزدوجتين الصغيرتين أو خلط الكلام الحواري بالوصفي كما حدث في مناسبات كثيرة فلا يستطيع القارئ تمييز كلام الشخصية الروائية من كلام الراوي.
    ـ تبدو بعض المضامين الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والايروتيكية المعبر عنها علي لسان الشخصيات الروائية وخصوصا علي لسان شخصية مأزومة وملوثة روحيا وعاطفيا كـ صبحي بحاجة الي حرص في الصياغة وتنظيم وموضوعية في الطرح لكي لا يساء فهمها فتتحول الي أحكام معيارية تحسب خطأً علي المؤلف لا علي شخصياته وخصوصا تلك المتعلقة باللبناني والعربي الفرد والمجتمع..الخ. أما الوقفات الايروتيكية الواردة في الرواية فبعضها كان منسجما وشفافا أما بعضها الآخر فيبدو محشورا حشرا وفي غير مناسبته أو بيئته أو أنه مبالغ فيه علي أرجح تقويم.
    ـ كان يمكن تفادي الكثير من الغموض غير المبرر والاكتفاء بنماذج من الرواية الداخلية مع الانتباه الي توزيعها بدقة وعدالة تخطيطية علي مجمل الهيكل الروائي، ولعل من أبرز الأمثلة علي الغموض هو ذلك المتعلق بالحركة الصغيرة التي لجأ اليها الكاتب لاحداث الحريق فهي للأسف حركة حدثية رئيسية لم تكن مبررة واقعيا ولا سرديا: فبعد أن تتوقف السيارة بسبب نفاد البنزين تتذكر وداد علبة بلاستيكية مملوءة به وموجودة في الحقيبة الخلفية للسيارة فتقدمها لزوجها الغاضب في حركة تحد واضحة ـ كان يمكن تطويرها سرديا ـ وحين يبدأ الزوج بصب البانزين في خزان السيارة يسيل جزء منه علي غطاء السيارة ذاتها فيمد الزوج يده في حركة مفاجئة ويسحب الولاعة من داخل السيارة ويقدح النار قريبا من فتحة صب الوقود. لماذا فعل ذلك؟ هل للتخلص من البنزين المسكوب خارج السيارة؟أم انها محاولة مقصودة لاحراق السيارة بجلال الذي ظل داخلها كما يبدو؟ ثم تأتي النوبة القلبية لتجمد وتشل صبحي وتسقطه في اللهب. في الواقع يمكن لنا أن نبرر بأكثر من سبب وكيفية هذه النهاية المركبة ولكننا ومهما فعلنا لن نتمكن ـ للأسف ـ من تخليص نهاية الرواية من الأثر العميق والمحبط لهذا الغموض والارتباك في صياغتها. ولعل قارئا فطنا قد تساءل بعد أن انتهي من قراءة الرواية: تري ألم تكن النوبة القلبية كافية كخاتمة ليبحث المؤلف عن حريق اضافي لا يمكن تبريره سرديا أو واقعيا؟ ومع ذلك، وعلي الرغم من هذه المؤاخذات الثانوية وغيرها مما لم نتـوقف عنده، يمكن القول بثقة ان عارف علوان قدم عبر روايته غرفة البرتقال تمرينا سرديا محمودا لا يخلو من ابداع ملحوظ ونقاط جِدَة وقوة علي استعمال هذه الأساليب السردية، ولعل أبرز ما سيلاحظه العارفون بالمنجز السردي لهذا الكاتب هو لغته السلسة والتي تحولت الي ما يشبه الماء الفرات الذي تسيل فيه الكلمات فتتطامن مكونات البنية السردية لتلتحم به تماما، وسنلاحظ أيضا خلو الرواية من أي أثر للنبرة الخطابية المسرحية اذا ما علمنا أن علوان كان كاتبا مسرحيا له العديد من الأعمال قبل أن يكون كاتبا روائيا مقارنة بتجارب كثيرة لكتاب آخرين جاؤوا الي السرد الروائي من النص المسرحي، لذلك كله يمكن اعتبار ما فعله كاتبنا عملا لا يخلو من التميز والتحدي الابداعي وخطوة تأسيسية مهمة في السردية العراقية المعاصرة.
    كاتب من العراق يقيم في جنيف
    منقول Basketball

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 11:14 am