منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    محاضرات في علم الدلالة

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    محاضرات في علم الدلالة  Empty محاضرات في علم الدلالة

    مُساهمة   الإثنين نوفمبر 01, 2010 8:04 am

    المدرسة العليا للأساتذة
    في الآداب و العلوم الإنسانية
    بوزريعة
    قسم اللغة العربية وآدابها
    محاضرات وتطبيقات علم الدلالة
    السنة الثانية
    إعداد : الدكتور أحمد شامية
    الأستاذة نبيلة عباس
    أبنائي الطلبة الأساتذة
    السلام عليكم ورحمة الله

    هذهمحاضرات في علم الدلالة حسب المقرر لهذا المقياس ،للسنة الثانية بالمدرسةالعليا للأساتذة .حاولنا جاهدين الاقتصار على ما هو ضروري ومفيد وبأسلوبمبسط نظرا لطبيعة التكوين عن بعد.
    وقد بذلنا أقصى جهد لتصحيح الأخطاءالمطبعية أو التي كانت نتيجة السهو،ومع ذلك فربما فاتنا تصحيح بعض الأخطاءرغم التدقيق ، نعتذر لكم لذلك .
    ولا بد من الإشارة هنا إلى أننااعتمدنا عددا من المراجع والمصادر، وكان لبعضها النصيب الأوفر مثل كتابعلم الدلالة للدكتور أحمد مختار عمر ،نظرا لكون البرنامج قد وضع اعتماداعلى فهرس هذا الكتاب أصلا ، وإذا كنا لا نشير دائما إلى المرجع حتى لانثقل المحاضرة ( لأن طبيعة المحاضرة تختلف عن طبيعة تأليف الكتاب ) ،وكذلك كتاب (دلالة الألفاظ) للدكتور إبراهيم أنيس .وكان ذلك أيضا بالنسبةلكتابي الدكتور حلمي خليل حول المولد والمعاجم .
    وننصحكم بالرجوع إلى هذه الكتب بالإضافة إلى المراجع الأخرى المذكورة في قائمة المصادر والمراجع.
    نتمنى لكم التوفيق.
    أوليات
    المحاضرة الأولى: تقديم البرنامج و قائمة المصادر و المراجع
    1- تمهيد عام للمادة و يشمل:
    - تقديم حول اللغة و حياة الإنسان
    -كيف بدأت اللغة - حاجة الإنسان إلى اللغة - و العلاقة بين اللغة و التفكيرو الحضارة و العمران (العلم، الأدب، الازدهار و التقدم).
    المحاضرة الثانية: إشارة سريعة إلى (فرضيات) نشأة اللغة الإنسانية.
    2- علم الدلالة - تعريف عام - من المعاجم اللغوية و المختصة - وآراء الباحثين - الدلالة
    و المعنى.
    الدال و المدلول و العلاقة بينهما - أنواع الدلالة.
    3- البنية اللغوية - مستويات هذه البنية و علاقة ذلك بالدلالة.
    أنواع الدلالات: الصوتية، الصرفية، النحوية، البلاغية و الأسلوبية، الدلالة الاجتماعية.
    تفصيل:
    تعريف علم الدلالة ( لغة): اسم مصدر من دلّ، يدل، دلالة (بالفتح و الكسر) = الجمع دلائل
    و دلالات يراجع في ذلك معجم متن اللغة للشيخ أحمد رضا – مج/2
    و الدلالة في الاصطلاح : كيفية دلالة اللفظ على المعنى ( يراجع كتاب التعريفات للشريف الجرجاني).
    مفردات مقياس علم الدلالة.
    أولا : علم الدلالة
    - مدخل إلى دراسة الدلالة: [ مفهومه، موضوعه، غاياته، أنواعه]
    - علاقة علم الدلالة بعلوم اللغة : [ الدلالة و الأصوات، الدلالة و الصرف، الدلالة و النحو، الدلالة و المعجم].
    -علاقة علم الدلالة بالعلوم الأخرى :[ الدلالة و التعبيرات الاصطلاحية،الدلالة و الفلسفة، الدلالة و علم النفس، الدلالة و علوم الاتصال، الدلالةو علم العلامات].
    ثانيا : نشأة علم الدلالة وتطوره
    - عند القدماء : [الدرس الدلالي عند اليونان، الهنود، العرب]
    - عند المحدثين : [الدرس الدلالي عند الغربيين، الأمريكيين، العرب]
    ثالثا : أنواع المعنى :
    - [ المعنى الأساسي، المعنى الإضافي، المعنى الأسلوبي، المعنى النفسي، المعنى الإيحائي]
    رابعا : مناهج دراسة المعنى
    - نظرية السياق : [ السياق اللغوي، السياق العاطفي، سياق الموقف، السياق الثقافي]
    - نظرية الحقول الدلالية
    - النظرية التحليلية.
    خامسا : التغييرات الدلالية :
    [ أسبابها، أشكالها، مجالاتها، العلاقات الدلالية { الترادف، الاشتراك، التضاد}]
    الوحدة الدلالية.
    2. قائمة بعدد من المراجع
    إبراهيم أنيس
    - دلالة الألفاظ
    - اللهجات
    - الأصوات اللغوية

    إبراهيم بن مراد : دراسات في المعجم العربي
    ابن سيدة : المخصص
    ابن جني : الخصائص
    أبوهلال العسكري : الفروق في اللغة
    ابن قتيبة : تأويل مشكل القران
    أمين فاخر : دراسات في المعجم العربي
    أحمد مختار عمر: علم الدلالة
    توفيق شاهين: علم اللغة العام
    تمام حسن: اللغة العربية معناها و مبناها
    حسين نصار: المعجم العربي نشأته و تطوره
    حلمي خليل: دراسات لغوية معجمية
    الرازي أحمد بن حمدان: كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية
    ستيفان أولمان : دور الكلمة في اللغة
    شاكر سالم: مدخل إلى علم الدلالة
    صلاح رواي: المدارس المعجمية العربية
    عبد الله درويش: المعاجم العربية
    فايز الداية: - علم الدلالة العربي
    - الجوانب الدلالية في نقد الشعر
    محمد حسن عبد العزيز: مدخل إلى علم اللغة
    محمود فهمي حجازي: علم المصطلح
    المعاجم
    ابن منظور: لسان العرب
    الجرجاني السيد الشريف: التعريفات
    الجوهري: الصحاح
    الشيباني أبو عمرو: كتاب الجيم
    الفراهيدي الخليل بن أحمد: كتاب العين
    الفيروز أبادي: القاموس المحيط
    مجمع اللغة العربية بالقاهرة: - المعجم الكبير
    - المعجم الوسيط
    - المعجم الوجيز
    هانس دير: معجم العربية المعاصرة : عربي / انجليزي
    كتب مترجمة
    تشو مسكي : البنى التركيبية
    مظاهر النظرية التركيبية
    دوسوسير: دروس في اللسانيات العامة
    مارتينيه: مبادئ اللسانيات العامة

    مقالات
    عدنان الخطيب: المعجم العربي بين الماضي و الحاضر. مجلة مجمع دمشق ج/2، مج/4 ص 194

    أحمد شامية: مستويات الدلالة و المعنى مجلة المبرز العدد8 المدرسة العليا للأساتذة.
    من المراجع الأجنبية:
    - Bloomfield – language
    - J.R Searle : meaning and speech acts
    - S. Ullmonn: meaning and style
    - R. Bartles: Elements of semiology
    - Ogden and Richards: the meaning of meaning
    مقدمة عامة
    لابدقبل الحديث عن الدلالة من الحديث عن اللغة، لاسيما أن الدلالة اللغوية هيالأهم و الأوسع و الأكثر تعقيدا و أنها هي الموضوع الأساسي في علم الدلالةبالإضافة إلى الإشارة إلى أنواع الدلالات الأخرى.
    و يمكن القول بإيجازأن اللغة هي الإنسان أو أن اللغة أهم خصائص الإنسان التي تميزه عن غيره منالمخلوقات الحية ،و تجعل له هذه المكانة و المهمة التي خلق لها (الخلافةفي الأرض) حتى أننا يمكن أن نعرّف الإنسان بأنه حيوان ذو لغة، و إن كانالإنسان قد تميز بعقله و تفكيره و قابليته للتطور و الرقي
    و التقدم فيالحضارة و العمران، فان ذلك كان بفضل هذه المزية المعجزة ( مزية اللغة)فالله تعالىـ كما جاء في كتابه الكريم ـ " خلق الإنسان، علمه البيان "، "و علم آدم الأسماء كلها"
    و بغض النظر الآن عن كيفية نشأة اللغةالإنسانية حسب الفرضيات المشهورة فإننا يمكن أن نؤكد أن هذه اللغة للإنسانهي من الضرورات الحيوية التي ما كان للإنسان أن يستطيع الاستمرار و التطوربدونها، و تأتي ترتيبا بعد الهواء و الماء و الغذاء و ذلك نظرا لإمكانياتالإنسان الجسدية الضعيفة التي ما كان قادرا بها لولا اللغة و التفكير وهما مرتبطان، ما كان قادرا على مواجهة قوى الطبيعة الطبيعية
    و الحيوانية و بالتالي ما كان قادرا على الاستمرار و لكنها حكمة الله و إرادته بأن تستمر الحياة إلى حيث قدّر سبحانه و تعالى لها.
    و ليست اللغة في الواقع ـ و أهم غاياتها تأمين التواصل و الاتصال ـ ليست الا علاقة بين صورة صوتية
    (ألفاظ ) وصورة مفهومية ( معان ) يتم الربط بينهما ذهنيا، فسواء نشأت اللغةابتداء في صورتها المكتملة أو كانت قفزة نوعية في طرائق الاستدلال والتواصل فهي تعتمد على ربط العلاقة بين الدال
    و المدلول.
    و من هنا كان الاهتمام بالدلالة، و علم الدلالة غاية عند الأصوليين و المناطقة و اللغويين (طبعا) و علماء النفس.........
    و كان لهذا العلم علاقة بكل هذه العلوم (الإنسانية) بل إن للدلالة علاقة بكل أنواع المعرفة و في شتى مجالات الحياة.
    حصة تطبيقية حول تعريف علم الدلالة la sémantique
    يقولالدكتور عبد الرحمن الحاج صالح : " اللسان في حد ذاته نظام من الأدلةالمتواضع عليها ، فاللسان على هذا الاعتبار ليس مجموعة من الألفاظ يعثرعليها المتكلم في القواميس أو يلتقطها بسمعه من الخطابات ثم يسجلها فيحافظته ، كما أنه ليس أيضا مجموعة من التحديدات الفلسفية للاسم والفعلوالحرف أو القواعد المسهبة الكثيرة الشواذ ، بل هو نظام من الوحدات يتواصلبعضها ببعض على شكل عجيب وتتقابل فيها بناها في المستوى الواحد التقابلالذي لولاه لما كانت هناك دلالة ".
    المطلوب : حلل النص محددا منه تعريف علم الدلالة ووحدته .
    التحليل :
    ـ نظام :أي مجموعة من العناصر اللغوية التي ترتبط بعضها مع بعض وفق علاقات معينة
    ـ يتواصل : أي وجود تلك العلاقات المبنية على أساس الاتفاق والاختلاف ،
    تهتماللسانيات بنظام دلالي خاص ، هو النظام اللغوي ووحداته هي الأدلة اللغوية، جمع الدليل اللغوي ، ويدرسها علم الدلالة (la sémantique ) الذي هو فرعمن اللسانيات .لكن تتنوع الأدلة في المجتمع إذ نجد الأدلة اللغوية وغيراللغوية حيث تنتظم كلها في نظم دلالية خاصة . والعلم الذي يهتم بها جميعاهو علم الدلالات أو ما يعرف بالسميولوجيا ( la sémiologie ) واللسانياتفرع منه .
    ان كلمة دليل تعني عموما أن العنصر ( أ ) يدل على العنصر ( ب) لكن نميز هنا بين الدليل والمؤشر والرمز ونميز بينها بوجود النية فيالتبليغ وعدم وجودها .
    فنمثل للمؤشر ب : ـ أعراض المرض كضعف الجسم الذي يمكن أن يدل على نقص في التغذية
    ـ الدخان الذي يدل على اشتعال النار
    فهي مؤشرات طبيعية تدل على معان معينة دون أن تكون هناك نية للتبليغ

    الدليل :نمثل له ب : ـ الراية الحمراء التي تدل على منع السباحة
    ـ أرقام الهاتف
    ـ قوانين المرور
    الرمز : نمثل له ب : ـ الميزان الذي يدل على مفهوم العدل. يشترك الدليلوالرمز في كونهما يحملان نية للتبليغ ، لكنهما يختلفان في نوعية العلاقةالتي تربط بين العنصرين (أ ) و ( ب ) فالرمز مرتبط كثيرا بشكله ، واختيارهليس عشوائيا ولا اعتباطيا بل وفق ما يحمله ذلك الشكل من معنى .
    أماالأدلة فتمت بالاتفاق والتواضع والاصطلاح بين الناس لتحقيق غرض التبليغ ،والعلاقة التي تربط العنصرين ( أ) و( ب) ، كمكونات الدليل في هذه الحالة ،علاقة غير حتمية ، عشوائية ،اعتباطية ناتجة عن الاتفاق و التواضعوالاصطلاح فلا توجد بين كلمة (جهاز) ومعناه أية علاقة طبيعية كما لا توجدأية علاقة طبيعية بين اللون الأحمر والأمر بالوقوف في إشارات المرور .
    فنقول إذن إن علم الدلالة يدرس المعاني اللغوية وعلاقة الألفاظ بمعانيها .
    ووحدته هي الدليل اللغوي وهو أصوات يستعملها الإنسان للإبانة عن المفاهيم والأشياء.
    ملاحظة : لتوضيح أكثر ارجع إلى كتاب خولة طالب الابراهيمي ، مبادئ في اللسانيات ،دار القصبة للنشر
    *****************
    المحاضرة رقم 2
    علم الدلالة
    تعريفعلم الدلالة: العلم هو دراسة ظاهرة معينة و الوقوف على ماهيتها و جزئياتهاو ما يتعلق بها دراسة موضوعية، و الدلالة (بالتعريف) قد يختلف تعريفها بينالباحثين و لنأخذ مثالا لتعريفها من كتاب التعريفات للجرجاني السيد الشريفحيث قال: الدلالة هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر والأول هو الدال و الثاني هو المدلول . و هي إما دلالة مطابقة أو دلالةتضمن أو دلالة التزام وكل ذلك يدخل في الدلالة الوضعية لأن اللفظ الدالبالوضع يدل على تمام ما وضع له بالمطابقة و على جزئه بالتضمن و على مايلزمه في الذهن بالالتزام، كالإنسان فانه يدل على تمام الحيوان الناطقبالمطابقة،
    و على جزئه بالتضمن و على قابل العلم بالالتزام (انظر كتاب التعريفات للجرجاني علي بن محمد- الدار التونسية للنشر 1971 ص 55-56)
    وفي القاموس المحيط دلّه عليه دلالة ( و يثلث) و دلولة فاندل: سددهإليه...........(الفيروز أبادي- القاموس المحيط- دار العلم للجميع- بيروتج/3 ص 377)
    إن الحديث عن الدلالة الوضعية هنا يدفعنا إلى الحديث عن نوعي الدلالة أو الدال و هما الدال اللغوي
    و الدال غير اللغوي.
    وفي الدراسات اللسانية الحديثة تقسيم لأنواع (الدليل) الذي ينتج عن ارتباطالدال بالمدلول ارتباطا ذهنيا . دليل
    دال مدلول
    فالدال اللغوي (اللفظ/ الكلمة/ الوحدة الدالة) في رأي الباحثين بغض النظرعن بعض الاستثناءات هو دال وضعي اعتباطي أي أن علاقته بالمدلول علاقةعرفية تواضعية (و ستأتي على تفصيل ذلك على حينه)
    أما التقسيم فيبينه الشكل البياني التالي:

    الدليل

    موضوع غير موضوع

    لغوي غير لغوي طبيعي عقلي
    (اعتباطيدائما) (الغيم يدل على المطر) (الأب اكبر من الابن)

    اعتباطي غير اعتباطي
    (أرقام الهاتف) (الميزان يدل على العدالة)

    هذاو قد أشار الزمخشري في كتابه (المفصل) إلى هذه الاعتباطية (الوضع) عندماعرف الكلمة بقوله: (الكلمة هي اللفظ الدال على معنى مفرد بالوضع).
    وبالعودة إلى (الدلالة) في اللسانيات الحديثة (البنوية) فعند سوسور هناكدال (لفظ) و هناك مدلول (معنى) أو مفهوم و الدال و المدلول وجهان لورقةواحدة و لا يمكن الفصل بينهما/ و إن تحليل الدال يؤدي إلى تحليل المدلول(ينظر: سوسور، دروس في الألسنية العامة- ترجمة صالح القرمادي و محمدالشاوش و محمد عجينة، ص 174).
    و للتأكيد على أن الدلالة تتم منالارتباط الذهني بين الدال و المدلول فقد أوضح تلاميذ سوسور هذه العلاقةمن خلال ما يعرف بمربع سوسور للدلالة حسب الشكل التالي :
    مربع سوسور للدلالة
    صورة حسية للدال صورة حسية للمدلول
    (لفظ) (الشيء في الواقع)
    صورة ذهنية صورة ذهنية للمدلول
    للدال
    الدلالة
    لأن سوسور يبدو أنه حصر عناصر الدلالة في الدال و المدلول ،و أهمل الموضوع وهو الشيء
    أو المرجع الذي تحيل اليه العلاقة الدلالية ،و هو في ذلك يلتقي – في هذهالثنائية – مع ابن سينا الذي حصرها بين اسم (مسموع) و معنى، في حين يرى(بيرس) أن العلاقة ثلاثية: الصورة (الدال) و المفسرة (المدلول) و الموضوع،و هو ما تحيل إليه العلامة، أي الشيء.
    أما الغزالي فيرى أن الأشياء لهاأربعة مراتب عندما قال " ان للشيء وجودا في الأعيان ثم في الأذهان ثم فياللفظ ثم في الكتابة، فالكتابة دالة على اللفظ ، و اللفظ دال على المعنىالذي هو في النفس ،و الذي في النفس هو مثال الموجود في الأعيان.
    (عن مجلة تجليات الحداثة، معهد اللغة العربية العدد/2، 1993 ص 34).

    صورة لهذا لفظ كلمة [ شجرة (كتابة)]
    الشكل في الذهن (شجرة باللسان)

    شجرة في الحقل
    مفهوم علم الدلالة و موضوعه:
    للحديثعن علم الدلالة (sémantique) و موضوعه أو لتوضيح ذلك ، لابد من تحديدعلاقة علم الدلالة بعلم اللغة وذلك باعتبارين الأول: أن يكون علم الدلالةفرعا من فروع علم اللغة (اللسانيات) ، و الثاني أن يكون علم اللغة(الدلالة اللغوية على الخصوص) فرعا من علم الدلالة أو علم العلامات الذييطلق عليه مصطلح (العلامية) أيضا. فموضوع العلامية (العلامات و الإشارات والأدلة بمفهومها الواسع لغوية كانت أم غير لغوية و هذا ما ذهب اليهاللساني السويسري (سوسور).
    و اذا بدأنا بالاعتبار الأول (كون علمالدلالة فرعا من اللسانيات( لابد من العودة إلى مستويات البنية اللغوية وهي على الشكل التالي: ( للملاحظة ) هناك من لا يدخل المستوى البلاغيوالمستوى الدلالي في هذه المستويات ).
    المستوى البلاغي / علام البلاغة و الأسلوب
    المستوى الدلالي
    المستوى النحوي / علم النحو و التراكيب
    المستوى الصرفي / علم الصرف
    المستوى الصوتي / علم الأصوات علم الدلالة

    وهنا نلاحظ أن المستوى الدلالي في هذا البناء هو مستوى يتقاطع مع جميعالمستويات الأخرى ،لأن الدلالة حاضرة و ناتجة عن تفاعل كل هذه المستويات،حتى المستوى الصوتي الذي يقال أنه مستوى الوحدات غير الدالة . وينبغيالإشارة هنا إلى أن هذا التقسيم هو تقسيم نظري افتراضي، فاللغة تعمل لأداءمهمتها وفق نظام اللغة الذي يندمج فيه كل هذه الأنظمة. فعلى مستوى العمل والأداء ليس هناك مستويات منفصلة ،و إنما التقسيم إلى هذه المستويات لضرورةالبحث و التحليل و الدراسة اللغوية. فالمتكلم الذي يتكلم وفق نظام اللغة(اللسان) لا علاقة له بهذه المستويات التي لها أنظمة خاصة بها.

    - على أية حال يبدو لنا في هذا التحليل أن علم الدلالة الذي يبحث في أحد تلك المستويات هو فرع من علم اللغة أو اللسان.

    -أما بالاعتبار الثاني فيظهر لنا في المستوى الأدائي أن علم اللغة (الدلالةاللغوية) هو أهم عناصر علم العلامات ، إلى جانب عناصر دلالية أخرى غيرلغوية، و أن العناصر اللغوية هي المعوّل عليها في الاتصال الذي يقوم أساساعلى فهم العلاقة بين الدال و المدلول . بل أن اللغة حاضرة دائما في كلفروع الدلالة لغوية كانت أم غير لغوية.
    و إذا كنا سنولي اهتمامناللدلالة اللغوية (الدليل اللغوي) دون التفصيل في الأدلة غير اللغوية (عداإشارات فقط، و بما أننا نستعمل مصطلحات مثل ( لغة، لسان، كلام) فلابد منمحاولة تحديد مفهوم هذه المصطلحات ، و إن كانت متداخلة أحيانا في أذهانالناس بل و في أذهان الطلبة و الباحثين في علوم اللغة.
    و قد لا نحتاج هنا إلى التفاصيل التي تدرس في علم اللغة أو اللسانيات و لكن يمكن أن نوضح هذه المفاهيم بما يلي:
    -من الشائع بين اللسانيين أن مادة علمهم ليست الكلام و لا اللسان و إنما هياللغة (ينظر عبد السلام المسدي: مباحث تأسيسيه في اللسانيات ص 168) .
    ويلاحظ هنا أن هناك ثلاثة مصطلحات لثلاثة مفاهيم ، و كلها تمثل ما يسمىبالظاهرة اللغوية التي ترتقي من (الكلام) و هو كلام الأفراد كما نسمعه أونحادثهم فيه و هذه هي المرتبة الفردية و هذا الذي يمكن أن نسجله على آلةالتسجيل، ثم تأتي مرتبة (اللسان) و تتطابق مع منزلة الوجود النوعي و هوالاشتراك في معرفة ما يتم التحاور به ضمن كل مجموعة لغوية (اللسان العربيأو الانجليزي أو الصيني)
    أما مرتبة اللغة فهي تتطابق مع جملة من القوانين التي إن أطلقت صدقت على كل لسان من الألسنة البشرية (المرجع السابق ص170).
    وهنا تبدو اللغة أعم من اللسان، و تدرس من خلال ما يسمى باللسانيات العامةمقابل اللسانيات الخاصة التي تدرس نظام كل لسان بشري على حدة.
    و في سياق أخر يذكر أن اللسان أعم من اللغة مع إمكان استعمال كل مصطلح لمفهوم الآخر.
    والحقيقة أن الظاهرة اللغوية تستوعب المفاهيم الثلاثة السابقة (الكلام،اللسان، اللغة) فاللغة (لغة الناس/ البشر) و اللسان (لسان الجماعةاللغوية) و الكلام (كلام الأفراد).
    اللغة مفهوم كلي و اللسان مفهوم نمطي و الكلام مفهوم انجازي (السابق ص 172)، اللغة جنس، اللسان نوع، الكلام شخص.
    اللغة (صورة القانون) ، اللسان ( نموذج العرف)، الكلام (نموذج السلوك).

    إناللساني يدرس البنية اللغوية في جوانبها الصوتية و الصرفية و التركيبية والدلالية ثم يعمل على كشف ارتباط هذه البنية بوظائفها الاجتماعية.
    بعدهذا يظهر لنا أن موضوع علم الدلالة هو الأدلة بشكل عام و الدليل اللغويبشكل خاص ، و علاقة الدوال بمدلولاتها و.يتفق عدد كبير من الباحثين على أنالسيمياء كنوع من اللسانيات كان من أثر اللغوي الفرنسي بريال (1883)،باعتبار أن هذا العلم يدرس الدلالات و القوانين التي تتحكم في تغير المعاني
    أو أن الموضوع هو المعنى. ( ينظر سالم شاكر : مدخل إلى علم الدلالة ،ترجمة محمد يحياتن ، ديوان المطبوعات الجامعية . الجزائر 1992ـ ص4 )
    أماغاية هذا العلم فهي خاصة و عامة، فالغاية الخاصة هي أن علم الدلالة – مثلأي علم آخر- يسعى إلى الاستقلالية و امتلاك الأدوات و المناهج الرياضية ،و هنا ينبغي الإشارة إلى الاهتمام بهذا العلم حيث ظهر في عام 1923 كتابعنوانه (the meaning of meaning) لمؤلفيه Richards و Ogden.
    و أماالغاية العامة فهدف علم الدلالة كغيره من العلوم الإنسانية – و بالاستعانةبها و بالتعاون معها – هو الإسهام في ترقية الحياة الإنسانية في جميعالمجالات، و تسهيل عملية الاتصال و التعاون و التفاهم المشترك و ضبطالمصطلحات و المفاهيم في جميع العلوم لاسيما في العلوم الحديثة و وسائلالاتصال
    و خاصة في محيط العولمة و التقارب ، إن لم نقل الاندماج الفكري على الأقل بين الأمم و الشعوب.
    و كان أحد الباحثين قد حدد هدف علم الدلالة الإجرائي بأنه حصر صور الأوضاعالدلالية كأنظمة قابلة للتحليل ( ينظر بوجراند: النص و التطبيق و الإجراء).
    حصة تطبيقية حول الدليل اللغوي le signe linguistique
    يقولدو سوسير :" يظن بعض الناس أن اللسان إنما هو في أصله مجموع الألفاظ أيقائمة من الأسماء تطلق على عدد من المسميات . وفي تصوره هذا نظر، من عدةوجوه: انه يفترض وجود معان جاهزة قبل وجود ألفاظها ثم إننا لا نتبين به هلالاسم هو جوهر صوتي أم نفساني......ويشعرنا أيضا أن ارتباط الاسم بالمسمىهو عملية في غاية البساطة وهذا بعيد جدا عن الواقع...... إن الدليل اللغويلا يربط مسمى ما باسمه الملفوظ بل مفهوم ذلك الشيء أو تصوره الذهني بصورةلفظه الذهنية فهذه الصورة الصوتية ليست هي الصوت المادي لأنه شيء فيزيائيمحض بل انطباع هذا الصوت في النفس والصورة الصادرة عما تشاهده حواسنا .فالدليل اللغوي إذن كيان نفساني ذو وجهين ويسمى دليلا لغويا المركبالمتكون من المفهوم والصورة الصوتية ( صورة اللفظ في الذهن )...ولكن نقترحلفظة الدليل للدلالة على الكل واستبدال لفظتي المفهوم والصورة الصوتيةبلفظتي الدال والمدلول ".
    دروس في اللسانيات العامة لدوسوسير ص97
    ترجمة د عبد الرحمان الحاج صالح ص45 من مجلة اللسانيات

    المطلوب : استخرج من النص المفاهيم الدلالية واشرحها.
    الإجابة :أهم المفاهيم الدلالية الواردة في النص هي :
    أ ـ الدليل اللغوي: وهو وحدة علم الدلالة، نعرفه بأنه اللفظ الدال على شيءأو معنى معين و ركيزته المادية هي الصوت .
    ب ـ الصورة الصوتية (le signifiant) هي انطباع الصوت في الذهن .
    ج ـ الصورة الذهنية : ( Le signifié)هي انطباع الشيء في الذهن .

    دوسوسيرفي هذا النص ينفي فكرة سادت ،وهي أن الألفاظ ألقاب للمسميات ويبين لناالدليل اللغوي لا يربط بين لفظ ومسماه ( الشيء والمعنى ) إنما يربط بينالمفهوم والصورة الصوتية في قوله " إن الدليل اللغوي .........لفظهالذهنية ".
    يعني هذا أننا لا ننظر إلى الدليل اللغوي كحقيقة ماديةلأننا لا نتحدث عن المعنى كشيء جاهز ولا عن الألفاظ كمجموعة من الأصواتنسمعها في قوله " يفترض وجود معان جاهزة ................نفساني ".
    لكندوسوسير يتصور الدليل اللغوي كيانا ذهنيا مكونا من دال هو الصورة الصوتيةومدلول هو المفهوم الذي يتصوره الإنسان لذلك الشيء الخارجي، أي الموجودخارج ذهن الإنسان والذي ندرج فيه كل الأشياء المادية والمعنوية التي تحيطبنا و نسميه المرجع أو المدلول عليه.
    فالدليل اللغوي إذن يتكون عندما يريد الإنسان الحديث عن المرجع ( الشيء ) فيبحث في نظامه التقديري
    عنالمفهوم الذي ينطبق على ذلك المرجع وقد تعلمه وورثه عن أفراد مجتمعه ،والمسمى المدلول أو ( الصورة الذهنية ) . ثم يعبر عنه بصورة صوتية وهي (التصور الذهني للأصوات الذي يتم في ذهن الإنسان ) وهنا تتم عملية تكوينالدليل اللغوي ، ويمكننا التمثيل له بالشكل التالي :
    دال ( صورة صوتية)
    المرجع دليل لغوي
    مدلول (صورة ذهنية )

    أما عن ميزات الدليل اللغوي فهي :
    أ ـ الاعتباطية :(arbitraire ) أي لا يوجد في اللفظ ما يدل حتما على معناه ، ونعطي لذلك مثلا توضيحيا كلمة شجرة.
    فلوكانت الشين مثلا تدل على الأوراق والجيم على الساق والراء على الأغصانلقلنا بطبيعية العلاقة وحتميتها ، لكن ، بما أن الأمر عكسي فنقول بأنهاعلاقة اعتباطية وضعية ناتجة عن التواضع والاتفاق بين بني البشر .والدليلعلى ذلك اختلاف اللغات ففي اللغة العربية نستعمل ـ مثلا ـ كلمة ( كرسي )للدلالة على شيء معين ،في حين يستعمل الناطق باللغة الفرنسة كلمة (chaise)للدلالة على الشيء ذاته ، فأي الأصوات من الكلمتين تدل على المعنى أكثر منالأخرى ؟

    ب ـ الخطية :(liniaire) بما أن الركيزة المادية للدليلاللغوي هي الصوت فانه يتسلسل عند إحداثه تسلسل الزمن في خط واحد أفقي يسمىمدرج الكلام ، مثلا كلمة ( صدق ) التي تنطق حروفها متسلسلة ص+د+ق وإذاتغير التسلسل ق+ ص+ د تغير المعنى.
    **********************
    المحاضرة رقم3
    علاقة علم الدلالة بعلوم اللغة
    كنافي المحاضرة السابقة قد بينا العلاقة المتبادلة بين علم الدلالة(العلامية) و علم اللغة (اللسانيات) حيث أنها علاقة عموم و خصوص أو كلّ وجزء.
    و قد ذكرنا أن علم الدلالة – كغيره من العلوم – ، يعتمد أساساعلى اللغة كأداة في كل ما يتعلق بهذا العلم ، و نبين بعد ذلك بشيء منالتفصيل علاقة (الدلالة) بعناصر (مستويات) البنية اللغوية بافتراضاستقلالية هذه العناصر نظريا فقط.
    و بشكل عام ينصرف مفهوم علم الدلالة إلى الدلالة اللغوية.

    أولا: علاقة علم الدلالة بالأصوات (المستوى الصوتي).
    مازلنانذكر حين حديثنا عن المستوى الصوتي أن الأصوات [ الحروف / (حروف البناء)]وحدات غير دالة ، و هي القطع الصوتية الصغرى التي تتشكل منها بجمع بعضهاإلى بعض الوحدات الدالة (الكلمات). هذه القطع الصوتية الصغيرة التي تظهرفي التقطيع الثاني عند البنويين الوظيفيين (مارتينيه). و هنا يجب أننشيرإلى أن هناك ما يسمى بالوحدات الدلالية التي هي أقل من الكلمة و تتمثلفي (المورفيم المتصل) مثل السوابق و اللواحق و الضمائر المتصلة بل أن هناكوحدة دلالية أقل من المورفيم ، مثلا دلالة الحركات على تاء الفاعل ( كتبتم، كتبت ،كتبتما ..) أنظر أحمد مختار عمر ص34.
    هذه الأصوات في الواقع تدرس من جانبين. الجانب الأول : هو من حيث طبيعتها الفيزيائية
    –الفيزيولوجية، و الجانب الثاني: من حيث وظيفتها (الدلالية) في بنية الكلمةأو الوحدة الدالة و لذلك صار للأصوات علمان أحدهما: علم التصويت و الثاني: علم وظائف الأصوات، حيث تدرس وظائف هذه الأصوات من خلال التقابلاتالثنائية التي تظهر القيمة الدلالية أو المعنوية للصوت بالاشتراك مع أصواتأخرى.
    فالفرق الدلالي بين قال و مال جاء من التقابل بين (ق) و (م).
    وتبدو علاقة الدلالة بالأصوات جلية هنا. و هناك كلمات يتغير أحد أصواتها ولا تتغير دلالتها مثل: الصراط مقابل السراط. و السقر، و الزقر، و الصقر، وهذا ما يسمى كيفيات أو وجهات أداء. و لابد من الإشارة أيضا إلى أن هناك منيرى أن الصوت (الحرف) الواحد منفردا له قيمة تعبيرية (دلالية) خاصة به.
    وقد ذهب عدد من الباحثين إلى هذا الرأي و من هؤلاء ابن جني ت 392ه. الذيأورد في كتابه الخصائص عددا من العناوين و الأمثلة التي تؤكد قناعته بهذاالرأي، من ذلك تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني. و باب في إمساس الألفاظأشباه المعاني. فالصوت (الحرف) مفردا أو مركبا يحمل قيمة دلالية في ذاته،و ليس ذلك بغريب على ابن جني الذي لم يخف ميله إلى النظرية التي ترى أنأصل اللغات إنما هو من الأصوات المسموعة، فهذا المذهب عنده وجه صالح ومتقبل.
    و هناك أمثلة كثيرة غايتها تأكيد القيمة التعبيرية (الدلالية)للحرف الواحد، مركبا في الكلمة من ذلك: نضح و نضخ، قال تعالى " فيها عيناننضاختان "و بما أن النضخ أقوى من النضح فقد جعلوا الحاء لرقتها للماءالضعيف، و الخاء لغلظها لما هو أقوى منه، و كذلك : قضم و خضم ، فالقضمللصلب اليابس و الخضم للرطب. و كان أحمد بن فارس (توفي 395ه) قد وضع معجماسماه: (مقاييس اللغة) وجه فيه كل جهده لاستنباط الصلات بين الألفاظ ودلالاتها، و لكنه غالى و تكلف، كما فعل ابن جني.

    و لم يكن علماءالعرب و حدهم الذين يعتقدون بهذه القيمة التعبيرية للأصوات (الحروف)، فمنالمحدثين الغربيين (جسبرسن) الذي يلخص آراء المحدثين في الصلة بين الألفاظو الدلالات فتعرض لمقال
    (همبلت) الذي يزعم أن اللغات بشكل عام تؤثرالتعبير عن الأشياء بواسطة ألفاظ أثرها في الأذن يشبه أثر تلك الأشياء فيالأذهان، و هذا ما يسمى بالمناسبة الطبيعية بين الألفاظ و معانيها ،و إنكان يرى أن هذه الصلة كانت في البداية، و لكنها تطورت حتى أصبحت العلامةغامضة.
    و كان جسبرسن يضرب بعض الأمثلة عن المناسبة الطبيعية، من ذلك أن طائرا في أوربا يسمى(كوكو) فهو يصيح فيصدر صوتا هو – كوكو -.
    ويمكن أن نمثل لهذا كذلك بكلمة الصفق و هو الصفع على الوجه، و هو ما يشبه الصوت الصادر عن ذلك.

    ومن مظاهر الدلالة الصوتية (النبر) فالنبر و الاعتماد بقوة أو الضغط علىمقطع ما أو كلمة ما يجعل لها معنى خاصا . وفي لغات أخرى يحدد موضع النبرنوع الكلمة ، اسما أو فعلا .
    و من مظاهر الدلالة الصوتية كذلك، النغمة الكلامية ففي اللغة الصينية قد يكون للكلمة الواحدة عدة معان يفرق بينهما النغمة.
    و مثال ذلك في العربية قولنا Sadهكذا)فقد تكون بمعنى الاستفهام إذا كان المتكلم يريد الاستفسار عن كيفية عملشيء ، و قد تكون للشجب و الاستنكار، و قد تكون للإقرار و الإخبار.
    ومما يتعلق بهذه الدلالة الصوتية ما ذكر من أن بعض اللغات تعبر عن الأصولالمختلفة للفعل ،أي لحدوث الفعل من الفاعل بكلمات إضافية تدل من حيثالإيقاع الصوتي على تلك الحالة أو الكيفية، من ذلك ما ذكره الدكتورإبراهيم أنيس في كتابه (دلالة الألفاظ) من أن من لغات وسط إفريقيا أنالفعل الذي يدل على مطلق المشي هو (zo) :





    ( ارجع إلى ص69/70 من هذا الكتاب / مكتبة الأنجلو مصرية ط/5 1984)

    حصة تطبيقية حول علاقة علم الدلالة بمستويات التحليل اللساني

    أ ـ علاقته بالمستوى الصوتي :

    النص الأول :
    يقولابن جني في باب إمساس الألفاظ أشباه المعاني : " اعلم أن هذا موضع شريفلطيف وقد نبه عليه الخليل وتلقته الجماعة بالقبول له والاعتراف بصحته .قالالخليل كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة ومدا فقالوا صر ، وتوهموا فيصوت البازي تقطيعا فقالوا صرصر،
    وقال سيبويه في المصادرالتي جاءت علىالفعلان أنها تأتي للاضطراب والحركة ، نحو الغليان والغثيان فقابلوا تواليحركات المثال بتوالي حركات الأفعال ".
    الخصائص ج2 ص152

    النص الثاني :
    ويقول أيضا : " فأما مقابلة الألفاظ بما يشاكل أصواتها من الأحداث ، فبابعظيم وواسع ونهج متلئب عند عارفيه ، ذلك لأنهم كثيرا ما يجعلون أصواتالحروف على سمت الأحداث المعبر بها عنها ، فيعدلونها بها ويحتذونها عليهابذلك أكثر مما نقدره وأضعاف ما نستشعره من ذلك كقولهم خضم وقضم ، فالخضملأكل الرطب كالبطيخ والقثاء وما كان نحوهما من المأكول الرطب ، والقضمللصلب اليابس نحو قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك " .
    الخصائص ج2 ص 157
    النص الثالث :
    أمافي باب تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني فيقول :" من ذلك قول الله سبحانه :"ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا " أي تزعجهم وتقلقهم .فهذا في معنى تهزهم هزا ، والهمزة أخت الهاء ، فتقارب اللفظان لتقاربالمعنيين . وكأنهم خصوا هذا المعنى بالهمزة لأنها أقوى من الهاء وهذاالمعنى أعظم في النفوس من الهز لأنك قد تهز ما لا بال له ، كالجذع وساقالشجرة ونحو ذلك ".

    الخصائص ج2 ص146 ـ147

    المطلوب : حلل هذه النصوص مبرزا أهم الظواهر الدلالية .

    التحليل: نلاحظ في النص الأول أن ابن جني قد التفت إلى وجود صلة بين صوت الجندبوالفعل الذي يدل عليه " صر " . وبسبب تشابه صوت البازي وصوت الجندب معوجود اختلاف في الكيفية ، جاء الفعل الذي يصف صوت البازي مضعفا " صرصر " .
    فنجدابن جني يركز على تقارب المعاني نتيجة لتقارب جرس الأصوات ، ويفرق بينالمعاني نتيجة لاختلاف الجرس .ويضيف ابن جني ما قاله سيبويه في هذا الباب" أن المصادر التي جاءت على الفعلان ، أنها تأتي للاضطراب...........حركات الأفعال ".فالمصادر التي على وزن " فعلان " ـ بفتح الفاء والعين ـتدل على الحركة المصاحبة للحدث .
    ثم يوضح في النص الثاني أثر الأصواتفي المعاني ، فالصوت الرخو يدل على المعنى الرخو وبالمقابل يدل الصوتالغليظ على المعنى الغليظ ويعطينا مثالا لذلك كلمتي :الخضم التي تدل علىأكل الرطب
    و القضم لأكل الصلب اليابس.
    أما في النص الثالث فيوضحلنا أن تقارب الحروف أو الأصوات ناتج عن تقارب المعاني ويقدم مثالا لذلككلمتي الهز و الأز المتقاربتين في المعنى ومعناهما : تزعجهم وتقلقهم . أماإذا نظرنا إلى الكلمتين من الناحية اللفظية فنجد أنهما لا تختلفان إلا فيحرف الهاء والهمزة وهما حرفان متقاربان أيضا من الناحية الصوتية فالهاءمخرجه الحلق وهو المخرج ذاته للهمزة .
    فتتصور من مجموع هذه النصوص أنابن جني يريد القول بوجود العلاقة الطبيعية بين الحرف ومعناه أو ما يسمىبالقيمة التعبيرية للحرف الواحد ، إذ تتقارب المعاني أحيانا نتيجة تقاربمخارج الحروف، وترتبط قوة المعاني بقوة الحروف .

    ملاحظة : هذه فكرة توضيحية وعلى الطالب أن يتعمق في الشرح والتعليل كنموذج تدريبي .
    تابع للمحاضرة رقم 3
    علاقة الدلالة بعلم الصرف (الدلالة الصرفية).
    بالرجوعإلى المستوى الصرفي من مستويات البنية اللغوية نذكر أن عناصر هذا المستوىهي (المفردات أو الكلمات أو الوحدات الدالة) التي تنشأ من جمع الأصوات(الوحدات غير الدالة) بصورة اعتباطية (مع التحفظ هنا على هذه الاعتباطية)ليكون لدينا وحدات لها دلالة مفردة (بالوضع) كما ذكر الزمخشري في كتابه(المفصل). هذه الوحدات ذات الدلالة المفردة تأخذ أشكالا صرفية مختلفة و هيالتي تسمى الصيغ الصرفية ، و لكل صيغة دلالة معينة بالإضافة التي دلالةالمادة الصوتية التي تتشكل منها. فللأأسماء
    و الأفعال و الأوصاف(المشتقات المختلفة) دلالة إضافية تحددها الصيغة. فلكل فعل من الأفعال(الماضي، المضارع و الأمر) و بصورها المختلفة (المجردة و المزيدة ) هيئةصرفية تدل على المعنى أو على جزء من المعنى . مثل: فعل، يفعل، افعل،استفعل، تفاعل............و كذلك فاعل، مفعول، مفعل، مفعل، فعال، مفعال.

    و قد تدل صيغة واحدة على عدة معان يحددها السياق، مثل صيغة اسم الفاعل و المفعول.
    (مختار)، بضم الميم ، المتحولة من البنيتين العميقتين: مختير و مختير، بفتح الياءفي الأولى وكسرها في الثانية ،و من ذلك الصيغة التي تدل على اسم الزمان والمكان و اسم المفعول و المصدر الميمي (مسعى) على وزن مفعل ، ومن ذلك أيضا: الفعل ضاع يضوع ،التي تدل على الظهور
    و الاختفاء و ندرك ذلك بالرجوعإلى المضارع: ضاع يضيع و ضاع يضوع ،و كذلك رام يروم و يريم (حلمي خليلمقدمة لدراسة فقه اللغة ص 182).
    إن علم الصرف الذي يدرس هذه الصيغ (هذهالوحدات) التي تعد من المفردات على الرغم من أنها قد تتألف من أكثر منوحدة دالة حسب مبدأ تحديد الوحدات الدالة بناء على المعنى، أقول إن علمالصرف هنا يتقاطع مع علم الدلالة لأن الأصل في تصريف الصيغة الأولى إلىصيغ مختلفة الحاجة إلى الدلالات المختلفة التي نحتاج إليها ضمن النظاماللغوي لتؤدي اللغة وظيفتها بشكل كامل و دقيق.
    حصة تطبيقية حول علاقة علم الدلالة بالمستوى الصرفي

    النص
    يقولابن جني في " باب في الدلالة اللفظية والصناعية والمعنوية " : اعلم أن كلواحد من هذه الدلائل معتد مراعى مؤثر إلا أنها في القوة والضعف على ثلاثمراتب ، فأقواهن الدلالة اللفظية ثم تليها الصناعية ثم تليها المعنويةولنذكر من ذلك ما يصح به الغرض فمنه جميع الأفعال ، ففي كل واحد منهاالأدلة الثلاثة ، ألا ترى إلى قام ودلالة لفظه على مصدره ودلالة بنائه علىزمانه ودلالة معناه على فاعله ، فهذه ثلاث دلائل من لفظه وصيغته ومعناه ،وإنما كانت الدلالة الصناعية أقوى من المعنوية من قبل أنها وان لم تكنلفظا فإنها صورة يحملها اللفظ ويخرج عليها و يستقر على المثال المعتزم بها، فلما كانت كذلك لحقت بحكمه وجرت مجرى اللفظ المنطوق به ، فدخلا بذلك فيباب المعلوم والمشاهدة و أما المعنى فإنما دلالته لاحقة بعلوم ال

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 4:11 pm