منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    رسالة الماجستير لـ د.رضا زلاقي في الصوتيات المعملية

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    رسالة الماجستير لـ د.رضا زلاقي في الصوتيات المعملية Empty رسالة الماجستير لـ د.رضا زلاقي في الصوتيات المعملية

    مُساهمة   الإثنين نوفمبر 01, 2010 8:20 am

    [size=18] رسالة الماجستير لـ د.رضا زلاقي في الصوتيات المعملية Icon14 [size=24]رسالة الماجستير لـ د.رضا زلاقي في الصوتيات المعملية
    [size=12]تحية إلى إخواني أعضاء المنتدى الكرام

    يطيب لي أن أضع بين أيديكمرسالتي للماجستير وهي في مجال الصوتيات المعملية تحمل عنوان: "الصوامتالشديدة في العربية الفصحى دراسة مخبرية" وذلك لإفادة الأعضاء وتلقيملاحظاتهم حولها ولا تنسونا من خالص دعائكم.
    وإليكم الفصل الأول منها:
    مقدمة

    حظي الدرس اللغوي في العصرالحديث بالكثير من الفحص والدراسة والتحليل، بمناهج جديدة تختلف عموما عماكان سائدا في الدراسات اللغوية القديمة، فاللسانيات الحديثة تتناول اللغةبالدراسة من مستويات أربعة :هي المستوى الصوتي، والمستوى الصرفي، والنحوي،ثم الدلالي ..
    غير أننا إذا ما نظرنا فيهذا الكم الهائل من الدراسات اللغوية، وخاصة تلك التي تتعلق باللغةالعربية، وجدنا جل البحث والتأليف في الجوانب النحوية أو الصرفية أوالدلالية، وأقله في الجانب الصوتي للغة، مما جعله في حاجة إلى المزيد منالدراسة والبحث، إذ لا تزال الكثير من قضاياه غامضة مجهولة، ونحن في أمسّالحاجة إلى تفسيرها وتحليلها، وهذا مما يدعو إلى الاهتمام أكثر بدراسةالصوتيات، لأجل خدمة هذا الجانب المهم في دراسة اللغة.
    وعلى هذا تناولنا في هذاالبحث الذي بين أيدينا طائفة من الأصوات العربية بالدرس والتحليل، قصدوصفها وصفا علميا صحيحا، وبيان دقائق الفروق بينها، وتفسير هذه الفروق...، ولأنه من غير الممكن أن نصف الأصوات الوصف الجيد من غير اللجوء إلىالوسائل العلمية الحديثة التي تقلل من هامش الخطأ وتؤمن لنا الدقةالمطلوبة، فإن هذه الدراسة تطلبت أقصى ما يتاح من وسائل تقنية لذلك .
    وقبل الخوض في تفاصيل هذاالموضوع، نظرت في بعض ما كُتب من دراسات في وصف الأصوات، حيث وجدت أن هذاالجانب طُرق منذ القديم في تراثنا اللغوي العربي، فعلماء العربية القدامىتناولوا الجانب الصوتي للغة في وقت مبكر جدا من دراساتهم اللغوية، وخاصةعلماء القراءات القرآنية وأحكام التجويد، وذلك من خلال الجهود التي بذلوهافي وصفهم للحروف، وتحديدهم لمخارجها، وما يؤثر فيها من تجاور وغيره ...
    وانطلاقا مما سبق، أردتتعميق البحث في هذا المجال، فتناولت مجموعة من الصوامت العربية هي الصوامتالشديدة ( أو الانفجارية كما يسميها بعض الدارسين المحدثين ) بالتحليلوالدراسة العلمية المخبرية، بما يتاح من سبل لذلك .
    وبدأت بالتعريف بعلمالأصوات، ومختلف جوانبه وقضاياه، مرورا بوصف هذه الصوامت كما جاء عندالعرب القدامى، لنتمكن فيما بعد من المقارنة بين أهم ما توصلوا إليه منخلال وصفهم، وبين ما يقرره الدارسون المحدثون في هذا الجانب.
    أما عن دوافع وأسباب اختيارهذا الموضوع، فترجع أساسا إلى شغفي بتتبع الجوانب العلمية الدقيقة في مجالالدرس اللغوي، وخاصة تلك التي تتعلق بالأصوات. ومن مطالعاتي الخاصة وجدتفي ثنايا العديد من الكتب مباحث متنوعة عن هذا النمط من الدراسة.
    وكان علي أن اختار طائفة منالأصوات لدراستها، إذ لا يمكن في مثل هذا البحث أن تُدرس جميع الأصوات،فاخترت منها مجموعة تتميز بصفة مشتركة هي الشدة ( الانفجار ) وبمخرج واحدهو النطع ، لأن صفة الشدة من أبرز السمات التي تتحدد بها الصوامت، وتتميزعلى أساسها، وبما لها من آثار فيزيولوجية وفيزيائية واضحة.
    وعموما كانت الدوافع التي حملتني على اختيار هذا الموضوع عديدة أهمها :
    1- تعلقي وشغفي بهذا النوع من العمل الذي يتم بالدقة العلمية، والتجربة الحية.
    2- محاولة مني لإبراز أهمية العمل المخبري في مجال الصوتيات، وفائدته في الدرس اللغوي عامة .
    3- قلةالأبحاث المتخصصة في هذا الجانب من الدراسة، والتي -إن وجدت- لا تعدو أنتكون نقلا عما قاله اللغويون والقراء الأوائل في مجال الدرس الصوتي .
    4- قلة أبحاث الماجستير في الدراسات الصوتية في جامعاتنا .
    5- أكثر مطالعاتي في الجوانب الصوتية للغة عموما وفي الصوتيات خصوصا.
    ومما لاشك فيه، أن دراساتسابقة عديدة قد تطرقت إلى هذا الموضوع، نذكر منها في الدراسات القديمة وصفالخليل للأصوات في "معجم العين" الذي رتبه على أساس صوتي، وكذلك ابن جنيمن خلال كتابيه "الخصائص" و"سر صناعة الإعراب"، وابن الجزري في "النشر"،وسيبويه في "الكتاب" وغيرهم ...
    تعرض هذه المؤلفات لوصفالأصوات العربية من حيث مخارجها وصفاتها، وما يعرض لها من تغير وتبدل،بسبب التجاور، وكيفيات الأداء، وغير ذلك .
    وفي الدراسات الحديثة نجدكمال بشر في "علم الأصوات"، ومحمد علي الخولي في "الأصوات العربية"، وعبدالقادر عبد الجليل، وإبراهيم أنيس، في كتابيهما المختلفين واللذين حملاعنوانا واحدا هو "الأصوات اللغوية"، وسعد مصلوح في "دراسة السمع والكلام"،ومحمد صالح الضالع في "الصوت البشري"، وغيرهم مما علمت ومما لم أعلم .
    غير أن أغلب هذه الدراساتلم تكن خاصة بهذا الموضوع تحديدا، وإنما كانت تتعرض له بالذكر فقط في بعضأبوابها وفصولها، وتشير إليه بصورة إجمالية .. ولذلك حاولت -قدر المستطاع-أن أجعل عملي مركزا في معالجة بعض الإشكاليات المحدودة، منها ما يتعلقبالدرس الصوتي القديم، ومنها ما يتعلق بالدرس الحديث بما جد فيه من قضاياوأساليب، ومناهج وطرق بحث متعددة .
    ولقد أردت من خلال هذا البحث أن ألقي الضوء ولو على جانب يسير من الموضوع، وأن أجيب عن المسائل الآتية :
    1- ما الأهمية التي تكتسيها الدراسة العلمية المخبرية للأصوات العربية ؟ وما فائدتها في المجال الصوتي ؟
    2- بم يتحدد ويتميز كل صامت من الصوامت الشديدة في دراسات العرب القدامى؟ وباستعمال الدراسة المخبرية الحديثة ؟
    3- ما الفروق الدقيقة بين الصوامت الشديدة التي قد تبدو متماثلة في كثير من الخصائص، وهي في الحقيقة مختلفة ؟
    4- كيف وصف العرب القدامى الصوامت الشديدة ؟ وهل استطاعوا أن يصفوها وصفا علميا دقيقا؟
    5- إلى إي حد وفقوا في ذلك ؟
    وبناء على هذا، جعلت عملي منصبا فيما يلي :
    1- النظر في وصف العرب القدامى للصوامت الشديدة، قصد المقارنة بالنطق الحديث المجسد في نماذج مختارة ومدروسة.
    2- دراسة الصوامت الشديدة مخبريا، وكما تنطق حديثا في اللغة العربية الفصحى، حسب النماذج المختارة .
    3- بيان دقائق الفروق بين هذه الصوامت من جهة، وبين نظيراتها الموصوفة قديما.
    4- الاعتماد على مناهج البحث المناسبة لكل فصل في هذا الموضوع .
    وقد تطلَّبَ موضوع هذاالبحث في طُرق دراسته وأساليبها منهجا خاصا يناسبه، يتباين هذا المنهجويتغير بحسب طبيعة المحور المطروق في كل فصل، وقد جاء هذا البحث في أربعةفصول رئيسة تغطي مجمل نقاطه.
    وقد استُعمل في الفصل الأولوالذي عنون بـ : "مفاهيم أساسية في الصوتيات" المنهج الوصفي غالبا، لأنهذا الفصل يتشكل أساسا من معلومات أولية هامة في الدرس اللغوي، لا تتطلبأكثر من نقلها نقلا صحيحا مع الوصف، وتفسير ما أُبهم منها، وما استعصى عنالفهم .
    وهذا الفصل – وما أشبهه –أساسي في كل بحث يتعلق بالدرس الصوتي ، لأنه يقدم أساسيات علم الأصوات،والتي بدونها لا يمكن أن يُفهم باقي البحث فهما جيدا .
    أما الفصل الثاني والذيعنون بـ : "الصوامت الشديدة عند العرب القدامى"، فيتطلب المنهج الاستقرائيغالبا، لأننا بصدد تتبع آراء العرب القدامى الصوتية، ومحاولة الإحاطةبوجهات نظرهم حول الموضوع المدروس .
    وتكمن أهمية هذا الفصل في حاجتنا إلى معلوماته التي تُستعمل في عملية المقارنة والموازنة بين وصف العرب القدامى والمحدثين.
    واستُعمل المنهج التجريبيفي الفصل الثالث المعنون بـ : "الدراسة المخبرية للصوامت الشديدة"، والذينبدأ فيه بتعريف أهم الأجهزة المخبرية اللازمة في الدرس الصوتي، وطرائقعملها ، وتبيان مجالات استخدامها في الموضوع .
    ونستطيع بواسطة المنهجالتجريبي أن نختبر كل صامت من الصوامت المدروسة على حدة، ونحدد مخرجهوصفاته بناء على ذلك، باستعمال أجهزة المخبر التي تقلل من احتمالات الخطأ،وتدقق الوصف والتشخيص، وهذا الفصل أساس البحث كله، لأن النتائج المستخلصةمنه هي الوصف الحقيقي للصوامت الشديدة كما تنطق الآن في اللغة العربيةالفصحى، وكذلك تُستعمل هذه النتائج في المقارنة بين هذه الصوامت قديماوحديثا.
    أما الفصل الرابع الذي يحملعنوان (الصوامت الشديدة بين وصف القدامى والمحدثين)فقد استعمل فيه المنهجالمقارن،والذي يمكن بواسطته أن نوازن بين ما وصل إليه
    العرب القدامى، وبين ما وصل إليه المحدثون .
    وتكمن أهمية هذا الفصل فيأنه يمكِّننا من معرفة مدى دقة العرب القدامى في الوصف والتشخيص، ومعرفةما حصل من تغيير وتبدل في الأصوات اللغوية عبر المراحل الزمنية المختلفة،وكذا بعض اللهجات في نطق الحروف عند العرب ...
    ويمكن أن نلخص الأهداف المرجوة من خلال هذا البحث فيما يأتي :
    1- خدمة الجانب الصوتي من اللغة العربية وإثراؤه، وبيان ما تفردت به هذه اللغة في هذا الجانب
    2- إحياء التراث الصوتي اللغوي العربي وربطه بما جد في العصر الحديث .
    3- بيان أهمية العمل المخبري وضرورته، وطرقه ووسائله في الدرس الصوتي .
    4- إبراز جهود العرب القدامى الكبيرة في خدمة الدرس الصوتي .
    وقد واجهتُ العديد منالمصاعب في هذا البحث، تتعلق بندرة المراجع التي تتناول الدراسة المخبريةللأصوات وقلتها، وكذا مشكلة العثور عن الأجهزة المخبرية التي تستعمل فيالدراسة الفيزيائية أو الفيزيولوجية، وذلك بسبب ندرة المخابر الصوتية فيجامعاتنا، ولكن ذلك لم يمنع من الاستمرار في العمل، وخاصة في جانب الدراسةالفيزيائية، لمّا توفرت البدائل عن الأجهزة المخبرية، وهي برامج الحاسوبالحديثة التي وضعت خصيصا لمثل هذه الدراسة، فتمّ العمل بها، وإني لأرجو أنأكون قد وُفقت في هذا البحث وأجبت عن إشكالاته ولو بشكل جزئي، وأن يكونفيه شيء من الفائدة لمن يطالعه من الطلبة وغيرهم.

    *ا لفصل الأول*
    مفاهيم أساسية في الصوتيات

    المبحث الأول : الصوتيات: مفهومها وفروعها وأهميتها .
    المبحث الثاني : نبذة عن الدرس الصوتي العربي قديما .
    المبحث الثالث : الصوت اللغوي .
    المبحث الرابع : تصنيف الأصوات العربية .


    *المبحث الأول*
    الصوتيات: مفهومها وفروعها وأهميتها
    المطلب الأول: مفهوم الصوتيات.
    المطلب الثاني: فروعها.
    المطلب الثالث: أهمينها.
    تمهيد:
    شهدت الدراسات اللغوية في العصر الحديث تطورا مثيرا، مع بدايات ظهوراللسانيات الحديثة التي أسسها دي سوسير، حيث أعاد النظر في الكثير منالمفاهيم التي كانت سائدة في دراسة اللغة، شمل هذا التغيير الأسس النظريةالتي كانت تنبني عليها هذه الدراسة، وكذا المنهج الذي كان متبعا.
    فأصبحت تسعى إلى التخصصوالدقة أكثر فأكثر، بأن صارت اللغة تدرس على أربعة مستويات الغالب، هيالمستوى الصوتي والصرفي والنحوي والدلالي[1].
    والجانب الصوتي للغة أحدالجوانب الهامة والأساسية في الدراسة اللسانية، إذ أنه يجسد المفهومالحقيقي لها باعتبارها أصواتا كما عرفها ابن جني: «أما حدها فإنها أصواتيعبر بها كل قوم عن أغراضهم»[2]. ويوافق ذلك رأي دي سوسير الذي دعا إلى دراسة اللغة آنيا وفي شكلها المنطوق.
    وعلى هذا الاعتبار حظيالجانب الصوتي في اللغة بالكثير من الدراسة والفحص والتحليل، أدى إلىتفريع الصوتيات إلى عدة أقسام، كل منها يتناول جانبا معينا في الدراسة.
    نتناول في هذا الفصلالمفاهيم الأساسية التي ينبغي أن يعرفها كل دارس في مجال الأصوات اللغوية،والتي يمكن إجمالها بتناول المفاهيم العامة المتعلقة بالصوتيات وفروعهاوأهميتها، وفيه أيضا نلقي الضوء على الدراسة الصوتية عند العرب القدامى،ثم نربطها بالدراسة الصوتية الحديثة في مختلف جوانبها.
    المبحث الأول: الصوتيات: مفهومها وفروعها وأهميتها.
    المطلب الأول: مفهومها.
    يعد المصطلح من أهم الخصائص التي يتميز بها أي علم من العلوم، إضافة إلىما يحتويه من مبادئ عامة وأصول نظرية... ويمكن أن نعتبر دراسة ما علما،إذا كان لها العدد الكافي من المصطلحات الخاصة التي تحدد مختلف مفاهيمها،والتي تكون بطبيعة الحال نابعة من ماهية المادة المدروسة.
    والمصطلح له شقان: لفظهالدال على المعنى اللغوي المتداول في اللغة العامة ، وهو المعنى الذي وضعتله الكلمة ابتداء، ومعناه في الاصطلاح وهو الذي تخرج به الكلمة من معناهااللغوي العام إلى معنى خاص في علم من العلوم، ويسمى في اصطلاح اللغويين"المفهوم" وهذا ما يمكن أن يختلف فيه الدارسون.
    والدراسة الصوتية –كغيرها منالعلوم- تعاني من مشكلة الاختلاف في المصطلحات بين الدارسين: فهناك العديدمن الأسماء التي وضعت لها، سواء في الدرس اللغوي الأجنبي، أو عندنا فيدارستنا الحديثة، ابتداء من تحديد المصطلح الذي يعين بدقة معنى : الدرسالصوتي للغة.
    عند استقراء المصطلحات التيتطلق على هذا المفهوم عند الأجانب، نجد أكثرها شيوعا في اللغة الإنجليزيةPhonetics و Phonology، ويمكن بتأمل بسيط أن نرى الاختلاف الواضح في مدلولهاتين الكلمتين «فقد استعمل دي سوسير اللفظ Phonetics للدلالة على ذلكالفرع من العلم التاريخي الذي يحلل الأحداث والتغيرات والتطورات عبرالسنين، في حين حدد مجال Phonology، بدراسة العلمية الميكانيكية للنطق»[3]«أما مدرسة براغ اللغوية فتستعمل مصطلح Phonology في عكس ما استعمله ديسوسير، إذ تريد به ذلك الفرع من علم اللغة الذي يعالج الظواهر الصوتية منناحية وظيفتها اللغوية»[4].
    «أما Phonetics فقد أخرجه تروبتسكوي وجاكسون من علم اللغة»[5].
    «واستعمل علم اللغة الإنجليزي والأمريكي مصطلح Phonology لعشرات السنين
    في معنى تاريخ الأصوات»[6].
    «ومن اللغويين من رفض الفصلبين ما يسمى Phonetics وPhonology، لأن أبحاث كل منهما تعتمد على الأخرى،وَوَضَع الاثنين تحت مصطلح Phonetics أو تحت المصطلح Phonology»[7].
    «ومن اللغويين من اعتبر المصطلحين مترادفين، وميّز الدراسة التاريخية من الدراسة الوصفية عن طريق إضافة كلمة: تاريخي أو وصفي»[8].
    وشاع هذا الاختلاف أيضا عندالدارسين العرب، بين من يرى أخذ المصطلح الأجنبي كما هو من غير ترجمة له،وبين من يحاول ترجمته بشكل دقيق حتى يدل على المعنى المقصود، فلو أخذنامثلا مصطلح Phonology الإنجليزي وأردنا تحديد ما يقابله في العربية نجده«يُنقل مرة كما هو في اللغة الإنجليزية، فيسمى الفنولوجيا، ويترجم مرةأخرى إلى تسميات عدة منها: التشكيل الصوتي، علم وظائف الأصوات، علمالأصوات التنظيمي، علم الأصوات، دراسة اللفظ الوظيفي، علم النظمالصوتية... وترجمات أخرى مدرجة في الترجمات السابقة مثل: علم الأصواتالتشكيلي، الذي هو تحوير للترجمة السابقة التشكيل الصوتي، وكذلك علمالأصوات الوظيفي، الذي هو تحوير للترجمة: علم وظائف الأصوات، وقد ترجمهمجمع اللغة العربية في القاهرة: النطقيات»[9].
    والأمر كذلك بالنسبة لـ:Phonetics حين دخل درسنا اللغوي الحديث «أبقاه بعض الدارسين دخيلا، فقالفونيتيك دون تعريب، وغالبا ما كان يقرن كتابته بإحدى اللغتين الإنجليزيةأو الفرنسية Phonetics أو Phonetique ، مع شرح لمدلوله بالعربية، كماتُرجم إلى علم الصوت، منهج الأصوات، علم الأصوات العام، وعلم الأصوات،وعلم الأصوات اللغوية، والصوتيات، والصوتية»[10].
    ويوجد غير PhoneticsوPhonology مصطلحات أخرى تطلق على الدرس الصوتي الأجنبي، ولكننا اقتصرناعلى السابقين فقط لأنهما الأكثر شيوعا واستعمالا، والأدل على العلمالمدروس. وسنستعمل في هذا البحث المصطلح العربي (الصوتيات) في مقابلالإنجليزي Phonetics على ما اختاره العديد في العصر الحديث منهم عبدالرحمان الحاج صالح الذي يقول:« أدق ترجمة لمصطلح Phonetics هي الصوتيات،وهي كلمة من قسمين: صوت: للدلالة على المادة المدروسة و: ات: للدلالة علىالعلم، فيكون المعنى بذلك: علم الصوت، أو علم الأصوات، قياسا على كلماتكثيرة منها: لسانيات، رياضيات..»[11].
    يعرَّف العلم الذي يدرسأصوات اللغة في جانبها المادي من غير نظر في وظائفها بأنه «العلم الذييهتم بدراسة الأصوات المنطوقة في لغة ما، وتحليلها وتصنيفها، بما في ذلكطريقة نطقها وانتقالها وإدراكها»[12].
    فهو تناول الدراسة والتحليلالأصوات المنطوقة التي تصدر عن الإنسان طواعية واختيارا لغرض التبليغ،وذلك بأن يحللها إلى أصغر أجزائها (الأصوات البسيطة أو الحروف) ويقومبوصفها، ليصل بعد ذلك إلى تصنيفها وفق معايير معينة، ويدرس إضافة إلى ذلكعملية انتقالها حتى تصير إلى أذن السامع، وما يرافق هذا الانتقال من ظواهرفيزيائية وميكانيكية...
    «والفونيتيك عند مقابلتهبالفنولوجيا يصبح ذا مدلول ضيق نسبيا، إذ يطلق حينئذ ويراد به دراسةالأصوات من حيث كــونـها أحدثا منـطوقة بالفعل actual speech evenis لهاتأثير سمعي معين Audiotory effect ، دون نظر في قيم هذه الأصوات أومعانيها في اللغة المعينة، إنه يعنى بالمادة الصوتية لا بالقوانينالصوتية، وبخواص هذه المادة أو الأصوات بوصفها ضوضاء Noice، لا بوظائفهافي التركيب الصوتي للغة من اللغات»[13].
    ومن المعروف أن لكل صوتلغوي أثره في تحديد المعنى وإبراز الدلالة، فهو يؤدي دورا هاما ووظيفةأساسية في الكلمة، تنظم هذه الوظيفة قواعد اللغة العامة ونظامهاالفنولوجي، إلا أن دارس الصوتيات لا يهتم بهذا المجال من الدراسة، بل إنهينظر إلى الأصوات اللغوية من جانبها المادي، بغض النظر عن قيمتها الوظيفيةفي الكلام.
    «أما الآن فمعظم اللغويين يخصصون المصطلحPhonology للدراسة التي تصف وتصنف النظام الصوتي للغة معينة»[14]
    ونظرا لتوسع المباحثالصوتية في الدراسة اللسانية، فإن الصوتيات قد تفرعت بدورها إلى أقسامعدة، وفق ما تقتضيه الدقة والتخصص، لكل منها مجاله وبحثه، بحيث يخدم كلقسم الآخر ويتممه، بشكل يكفل الوصف الدقيق للأصوات اللغوية.
    المطلب الثاني: فروعها.
    يعمد جل الدارسين في مجال الصوتيات إلى تقسيم هذا العلم بحسب ترتيب أحداثعملية إنتاج الكلام ومساره وتلقيه – بغض النظر عما يرافق هذه العملية منأحداث نفسية وعقلية في ذهني المتكلم والسامع- هذا التقسيم يُستنتج منالشكل التالي:[15]
    فإذا نظرنا إلى الأصواتاللغوية باعتبارها مادة منطوقة تنتقل من متكلم إلى سامع، فإن ذلك يتطلبمنا تفريع الصوتيات «إلى ثلاثة فروع هي: علم الأصوات النطقي، علم الأصواتالفيزيائي أو الأكوستيكي، وعلم الأصوات السمعي، ولكل خصائصه ومجاله»[16].
    غير أن كثيرا من الدارسينيضيفون فرعا رابعا لما سبق، لا يختص بدراسة مرحلة محددة من مراحل إنتاجالكلام، وإنما يقدم يد العون والمساعدة إلى الفروع السابقة بما يتيحه منإمكانيات علمية وتقنية، تساعد على الوصف الدقيق للصوت اللغوي، هذا القسم«يُخضِع نتائج ما توصلت إليه الفروع الثلاثة الأولى للتجريب والتوثيق،بواسطة الآلات والأجهزة الصوتية، ومن ثم سمي هذا الفرع علم الأصواتالمعملي أو التجريبي أو العملي»[17].
    أولا: الصوتيات النطقية Articulatory phenotics
    أول فرع للصوتيات هو مايعرف عندنا حديثا بالصوتيات النطقية، وهو يدرس «نشاط المتكلم بالنظر فيأعضاء النطق، وما يعرض لها من حركات، فيعين هذه الأعضاء، ويحدد وظائفها،ودور كل منها في عملية النطق، منتهــيا بذلك إلى تحليل
    ميكانيكية إصدار الأصوات من جانب المتكلم».[18]vfu, lsj;dhj td ghgy
    فمجال بحث هذا الفرع دراسةجهاز النطق وأعضائه، وما يطرأ عليها من تغيرات وتحولات أثناء الكلام معمختلف الأصوات اللغوية، وبشكل أدق فإن الصوتيات النطقية «تدرس الأصواتاللغوية من حيث المخارج والصفات»[19].
    تبين دراسة المخارج المواضعالتشريحية التي يتم في مستواها إنتاج الصوت اللغوي، وتعين جملة خصائصهالتي تميزه عن غيره من الأصوات الأخرى.
    هذه المخارج لا يمكن أننكتفي بدراستها حال سكونها، أي كونها أعضاء تشريحية في جهاز النطق فقط، بلأيضا حال الكلام وهي تقوم بحركات معينة وتتمثل أوضاعا عديدة بما يفسر«عملية إنتاج الأصوات اللغوية وطريقة هذا الإنتاج»[20]
    وعندما نعيد النظر في الشكلالسابق، نلاحظ أن هذا الفرع من الدراسة يهتم بالمرحلة الأولى من إنتاجالكلام، وهو يكتسي أهمية بالغة في الدرس اللساني عامة، تتجلى في مختلفالمعايير التي يمدنا بها لغرض استعمالها في تصنيف الأصوات، نذكر منهاالمعيارين العضوي والصوتي، وهما يرتبطان مباشرة بمخارج الأصوات وصفاتها.
    ورد في معجم اللسانيات عندالحديث عن دور وأهمية الصوتيات النطقية في التصنيف:«وتصنف الأصوات عادةعلى أساس اعتبارين: اعتبار عضوي وفسيولوجي يتمثل في مكان الصوت أو مخرجه،واعتبار صوتي يتمثل في طبيعة الصوت أو الصفة التي يظهر بها في طريقة النطق»[21].
    ثانيا: الصوتيات الفيزيائية Acoustic or physical phonetics
    يبدأ مجال الصوتياتالفيزيائية حيث انتهى مجال النطقية، وتعرّف على أنها«فرع يهتم بدراسةالخصائص المادية أو الفيزيائية لأصوات الكلام أثناء انتقالها من المتكلمإلى السامع»[22].وهي المرحلة الثانية من المراحل التي يمر بها الصوت اللغوي، والتي يكونفيها أمواجا ميكانيكية تتذبذب في الهواء، نتمكن من دراستها وتحليلهاباستعمال التقنيات العديدة التي تتيحها الصوتيات التجريبية (المعملية)بواسطة «أجهزة علمية خاصة لقياس صفات هذه الأصوات فيزيائيا»[23]والتي نتمكن بواسطتها من وصف دقيق للصوت المدروس، وتتم دراسة الأصواتفيزيائيا عندما نقوم بتحليل «الذبذبات والموجات الصوتية المنتشرة فيالهواء، بوصفها ناتجة عن ذبذبات ذرات الهواء في الجهاز النطقي المصاحبةلحركة أعضاء هذا الجهاز، ومعنى ذلك أن وظيفته –علم الأصوات الفيزيائي-مقصورة على تلك المرحلة الواقعة بين فم المتكلم وأذن السامع، بوصفهاالميدان الذي ينتظم مادة الدراسة فيه، وهي الذبذبات والموجات الصوتية»[24].
    هذا الفرع من البحث حديثالوجود نسبيا قياسا إلى سابقه، الذي ظهر منذ زمن بعيد عند الهنودوالعرب...وغيرهم، ونستطيع القول أن ظهوره كان نتيجة طبيعية للتطور العلميوالتقني الكبير الذي انطلق في بداية القرن التاسع عشر، حتى وصل إلى ما وصلإليه في عصرنا الحالي.
    وقد قدم –ولا يزال يقدم-الخدمات الجليلة للدرس الصوتي بمختلف جوانبه، بتشخيصه الدقيق للأصواتاللغوية، معطيا بذلك معلومات وافية عنها للمهتمين بالدراسات اللسانيةعامة، وهي كثيرا ما تُستخدم في مجالات بعيدة حتى عن طبيعة الدرس اللغويواهتماماته، ويرى العديد من الباحثين في العصر الحديث أن آفاقه تَعِدبالكثير إذا ما حظي بالعناية اللازمة والدرس الكافي.
    ثالثا: الصوتيات السمعية Audiotory phonetics
    يختلف اللغويون حول هذاالفرع اختلافا بينا، حيث يرى بعضهم إدراجه ضمن أقسام الدرس الصوتي، في حينيعتقد البعض الآخر عدم جدواه وإفادته في الموضوع.
    واللغويون الذين يدرجونه،يحددون مجاله ابتدءا من أعضاء السمع عند المتلقي، وما يحدث لها عند فعلالصوت فيها، من عمليات فيزيولوجية وعصبية وغيرها، وهذا الفرع على وجهالتحديد «يدرس عملية إدراك الفروق لأصوات الكلام، مثل إدراكه للفروق أوالاختلافات في النطق، مثل الفرق المسموع عند نطق الصوت الباء /b/ كما فيكلمة /tibr/ وكلمة /sabt/ ، وللفروق الأخرى في نوعية نطق الصوت، في مثلالفرق بين صوت اللامين في قولنا: الله /alla:h/ وبالله:/billa:h/»[25] فهو يبحث عن إجابة للسؤال التالي: كيف يمكن للمستمـع أن يدرك الفروق بين مختلـف الأصـوات عامة
    والأصوات المتقاربة خاصة؟ بل وحتى المتماثلة والتي تختلف في نطقها من سياق صوتي إلى آخر؟
    عملية الإدراك هذه، تحددها مختلف التغيرات التي تحدث في جهاز السمع، عند وصول الذبذبات الصوتية المسموعة إليه.
    وتحقيقا لما يسعى إليه هذاالجانب من الدرس الصوتي، فإنه يبدأ بدراسة «جهاز السمع عند الإنسان، ويحللالعملية السمعية، ويوضح ماهية الإدراك السمعي، وأثره في وصف الأصوات»[26].
    وقد قل البحث في هذا الفرعمن الدرس الصوتي «ويرجع السر في عدم اهتمام هؤلاء الباحثين بهذا الفرع،إلى وجود صعوبات جمة في طريق غير المتخصصين تخصصا يكفل الوصول إلى نتائجعلمية صحيحة، من هذه الصعوبات كما يرى بعضهم احتواء هذا الفرع على ميدانينتظم عمليات نفسية معقدة لا تدخل – في حقيقة الأمر- في مجال البحث اللغويبمعناه الاصطلاحي»[27].
    ويخالف هذا الرأي ويعارضهبشدة أحمد مختار عمر، الذي يرى لهذا الفرع من الصوتيات أهمية كبيرة، وعلىهذا الأساس يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند الدارسين، وذلك «لأن أهمية دورالسامع في العملية الكلامية لا تقل أهمية عن دور المتكلم»[28] وقد أفرد له فصلا خاصا في كتابه لهذا السبب.
    رابعا: الصوتيات المعملية (التجريبية) instrimental or laboratory phonetics
    يُعرّف هذا الفرع من الصوتيات بأنه «الدراسة الصوتية التي تعتمد على استعمال الأجهزة والآلات»[29].فهو لا يتناول الصوت بالدراسة في مرحلة معينة من مراحله، كما هو الشأنبالنسبة للفروع الأخرى، وإنما يلعب دور المساعد لهذه الأخيرة، بما يتيحلها من أساليب علمية وآلات دقيقة تستعملها لأجل الوصول إلى الوصف الحقيقيوالدقيق للأصوات وما يتعلق بها.
    تعتمد الصوتيات النطقيةوالفيزيائية بشكل أساسي على هذا الفرع، فالذي يدرس مخارج الأصوات مثلا، لايستطيع الاستغناء عن العديد من أجهزة المعمل الصوتي لتحديد هذه المخارج،وذلك منوط بهذا الفرع، والأمر كذلك بالنسبة للفيزيائية.
    «وقد حدثت معظم التطورات المدهشة هفي دراسة الأصوات اللغوية من جانبها الأكوستيكي منذ الحرب العالمية الثانية»[30]
    وفي بيان أهميته والحاجةإليه، يقول الدكتور كمال بشر: «ومن الجدير بالذكر أن هذين الفرعينكلاهما-يقصد النطقي والفيزيائي- يعتمدان الآن أشد الاعتماد على فرع ثالثللأصوات متمم لهما، ولا يمكن السير في أحدهما وبخاصة علم الأصواتالفيزيائي بدونه، إذا كان لنا أن نحصل على نتائج صحيحة يمكن الاعتمادعليها»[31].
    وهو يعتمد أساسا على «إجراءالتجارب المختلفة بوساطة الوسائل والأدوات الفنية في مكان معد لذلك، يسمىمعمل الأصوات، وهذه الأجهزة منها ما يخدم علم الأصوات النطقي، ومنها مايستخدم في دراسة الجانب الفيزيائي للأصوات»[32].
    لقد بات من الضروري – ونحنفي عصر سمته الهامة التطور العلمي والتكنولوجي- أن لا نكتفي في دارساتنااللغوية بما اكتفى به القدماء ولهم عذرهم في ذلك، وإنما علينا أن نستعملأقصى ما يتاح من هذه الإمكانيات الحديثة في خدمة الدرس اللغوي.
    من هذا المنطلق نشأتالصوتيات المعملية، وبدأت تخطو خطوات واسعة في خدمة الدرس الصوتي، وهي فيالوقت الحاضر تقوم «بأدوار حيوية خطيرة، لا في مجال الأصوات وحدها بل فيميادين كثيرة ذات صلة بالإنسان وحاجاته المباشرة، كما يظهر ذلك مثلا فيتقديم العون للمشتغلين بالصوت الإنساني في أية صوره، وللمهتمين بعلاج عيوبالنطق والصمم»[33].
    وبقدر ما ندرك مكانة هذاالفرع وأهمية النتائج القيمة التي يمدنا بها، والآفاق المستقبلية الواعدةله، نقتنع بضرورة الاعتناء به، والبحث فيه ما أمكن ذلك، خدمة للدرس اللغويعامة وللغة الضاد خاصة.
    المطلب الثالث: أهميتها.
    [color=black]
    [b]يحتل الدرس الصوتي موقعا هاما في دارسة اللغة التي لا يمكن أن تستغني عنهبحال من الأحوال، ولا أن تدرس الدارسة الوافية بمعزل عنه، باعتبارها فيالحقيقة مجموعة من الأصوات.
    وقد بين اللغويونواللسانيون في العصر الحدث أهمية الدراسة الصوتية في العديد من مؤلفاتهم،ذاكرين مواطن الاستفادة منها، «فهي تشير إلى حقائق عن كيف تصنع الأصوات،وتعطي أسماء لهذه الحقائق، وباستعمال المصطلحات التي توفرها الفونيتيكايمكننا وصف كيف تتميز الأصوات عن بعضها البعض، وتصنف معا الأصوات التيتشترك في أسلوب معين لإخراجها»[34] وهذا ما لا يمكن أن يدرك بمجرد التأمل السطحي، دون التخصص في هذا الجانب من الدرس والتبحر فيه.
    ويقول الدكتور محمودالسعران: «لا يمكن الأخذ في دراسة لغة ما، أو لهجة ما دراسة علمية، ما لمتكن هذه الدراسة مبينة على وصف أصواتها، وأنظمتها الصوتية، فالكلام أولاوقبل كل شيء سلسلة من الأصوات، فلا بد من البدء بالوصف الصوتي للقطعالصغيرة أو العناصر الصغيرة، أقصد أصغر وحدات الكلمة»[35].
    وهذا ما يقتضيه تحليل اللغةووصفها، إذ يصعب أن ندرك مختلف الجوانب للغة ما – ونقصد بها الجوانبالصرفية والنحوية والدلالية- قبل إدراك جانبها الصوتي الذي تنتظمه جملة منالقوانين تُبنى عليها بقية الجوانب الأخرى.
    وإذا كان جل اللغويين يولونالجانب الأكبر من دراستهم- عادة- إلى الجوانب النحوية أو الصرفية أوالدلالية، فقد صار من الضروري الاهتمام بالجانب الصوتي وإعطائه حقه منالدراسة، بل أصبح واجبا «وجوب دراسة الصرف والنحو، إذ أن السيطرة علىاللغة لا تتم بدون دراسة أصواتها، شأنها في ذلك شأن العلمين المذكورينتماما»[36].
    وتظهر آثار هذه الدراسةوفوائدها في العديد من المجالات التي تعتمد على نتائج الصوتيات بشكلمباشر، أهم هذه المجالات «تعليم اللغة القومية، وتعلم اللغات الأجنبية،
    ووضع الألفباء وإصلاحها»[37].
    ويضيف أحمد مختار عمر لهذه المجالات «تعليم الأداء، تعليم الصم، وعلاج عيوب النطق، وسائل الاتصال...»[38].
    هذا في المجالات العمليةالتطبيقية، أما في مجال الدرس اللغوي النظري؛ فإن الجانب الصوتي يخدم بشكلمباشر الجوانب الأخرى، ففي النحو مثلا يساعدنا في «التفريق بين أنماطالجمل، تحديد أنماط الجمل والعبارات، توجيه الإعراب»[39].
    أما عن الفائدة في مجالالدلالة والمعاني «فإن المنطوق لا يكتمل معناه و لا يتم تحديده وتوضيحه،إلا إذا جاء مكسوا بكسائه المعين من الظواهر الصوتية الأدائية التي تناسبمقامه، كالنبر والتنغيم والفواصل الصوتية، أو ما يمكن نعتها جميعابالتلوين الموسيقي للكلام»[40].
    ولو أدرنا أن نفصّل في ذلكلما اتسع المقام، ولكن إلقاء هذه النظرة الخاطفة في بيان أهمية الدرسالصوتي وضرورته ربما كانت كفيلة بدفع الباحث ليسلك هذا الطريق، ويمهدصعابه ويذلل عقباته، لا سيما حين يعرف قلة السائرين فيه، ويرى باحثينا فيالعصر الحديث كثيرا ما يحثون على ذلك، مبينين ومفصلين الفوائد الجمةوالمعلومات الغزيرة التي يمكن أن نعرفها يوم أن نعطي هذا الجانب حقه منالدرس والتحليل.

    [1]
    - أحمد محمد قدور، مبادئ اللسانيات،دار الفكر، ط2، سنة 1990، دمشق، ص 25.

    [2]
    - ابن جني، الخصائص، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط4، سنة 1999، القاهرة، تحقيق: محمد على النجار، ج1، ص 34.

    [3]
    - أحمد مختار عمر، دراسة الصوت اللغوي، عالم الكتب، سنة 1997، القاهرة، ص 65.

    [4]
    - المرجع نفسه، ص 66.

    [5]
    - المرجع نفسه، والصفحة نفسها.

    [6]
    - المرجع السابق، والصفحة نفسها.

    [7]
    - المرجع نفسه، ص 67.

    [8]
    - المرجع نفسه، والصفحة نفسها.

    [9]
    - عبد العزيز الصيغ، المصطلح ال

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 12, 2024 1:57 pm