منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    صورة التآخي بين الحب والحرب

    خنساء محبة السماء
    خنساء محبة السماء


    عدد المساهمات : 96
    تاريخ التسجيل : 02/11/2009
    العمر : 34

    صورة التآخي بين الحب والحرب Empty صورة التآخي بين الحب والحرب

    مُساهمة  خنساء محبة السماء الأحد ديسمبر 12, 2010 12:08 pm

    صورة التآخي بين الحب والحرب 31

    <table class="dcitbce" align="center" border="0" cellpadding="0" width="98%"><tr><td><table style="border-collapse: collapse;" border="0" cellpadding="4" width="98%"><tr><td valign="top">يوسف المحيميد في روايته الثالثة:
    صورة التآخي بين الحب والحرب


    الدار البيضاء: صدوق نورالدين

    " سأكتب كل ما مربي، وما سيمر بي.. سأكتب ما حلمت به..و ما سأحلم به.." (ص 213 )


    بدءا يمكن القول بأن الرواية الثالثة للروائي "يوسفالمحيميد"، قد جاءت لاستكمال مشروعه الروائي منذ فتحه البكر " لغط الموتى" ( 2002 )، دون أن يفهم من السوق كون:
    "القارورة" ( 2004 ) بمثابة جزء ثالث..
    على أن خاصة الاستكمال، تكمن في فرادة الاستمرارية والتميز، حيث نجدالرواية تفرض على متلقيها قاعدة التناول النقدي التي تعود في الأساس لثراءالمعنى وغناه..فالمادة لا تعد مغرقة في الماضي وإنما قيمتها تتحدد فيراهنيتها، ومدى آثار ذلك على المسار والتوجه السياسي والفكري.. بيد أن مايعضد طبيعة الاختيار، الجرأة والموقف في/ وعلى التناول النقدي لما أعتيداعتباره اللامساس، وبخاصة في القضايا الاجتماعية والسياسية..
    إن ثراء المعنى وغناه، يسهم في توسيع الخيال الروائي بحثا عن المقارنةوالتنويع، وإدراكا لبلاغة الصورة الروائية الشاملة، ولن يتحقق ذلك سوىبالمعايشة والتدوين والالتقاط السريع لتفاصيل مما يرى إليه البعض ك:"لامعقولات" حياتية تقع خارج الكتابة والتدوين، فيما الأصل كون هذه ال"لامعقولات" هي ما يمنح الرواية جدارة القوة والوثوقية والتأصيل ..
    ف "يوسف المحيميد" في "القارورة"، يؤسس لكتابة خارج الإطار الذاتي الشخصي،باعتبار أن ما درج عليه الروائيون العرب، الامتياح من معين الذات، إلىالتنويع على ذلك في اللاحق من بقية الآثار الروائية، وكأن الكتابة فيعمقها وجوهرها سيرة ذاتية كبرى، وإن جنست تحت: "رواية"..


    ".. سامحيني يا أمي إن قرأت يوما مذكراتي هذه." ( ص / 72)
    " ذات مساء ـ تكتب يومياتها.." ( ص / 96
    ومثلما تحوي أجناسا فإنها تحتضن كتابات من خارج الصيغة الأدبية، كالمذكرةالإدارية والتقرير القضائي.. إن سيرة "منيرة الساهي هي سيرة مجتمع ثابتتقليدي محافظ، تتفاعل فيه وقائع وأحداث اجتماعيةتحاكم باسم الأخلاقي ، دونتحقيق الإنعتاق نحو مجتمع الحرية والمسؤولية..




    هذه المعطيات تجعلنا نقف على شخصية مثقفة تحدق صنعة الكتابة والتأليف،وتسهم بالنقد والتعليق (وهو الوعي الناقد "خلفه المؤلف")، وفق ما تجسد فيالملفوظ الإبداعي :"القارورة" حيث يلعب النقد وظيفة تلخيص الروايةواختصارها..
    " كانت منيرة قد تركت الكتابة الصحفية أيضا " ( ص / 14)
    " ( لا أعرف لماذا لا أكتب بضمير المتكلم، أحيانا أشعر أنني
    بحاجة لأن أكتب رواية عن أبي وجدتي، وعن مأساة حياتي الغريبة ، فأكتببضمير الغائب ، أتحدث عنه كأب فقط، أو
    كابن أكبر للجدة المريضة، وعنها كجدة أو كأم، أو على
    الأقل كامرأة نجدية حزينة." ( ص / 36 )
    إذا كانت شخصية " منيرة الساهي " صحافية ودارسة وقارئة، بمعنى الشخصيةالأنثوية المثقفة في الوسط المحافظ التقليدي، فذلك لأن ما يطولها الفقدانوالنسيان ضمن المحيط الذكوري.. ومن تم فجرأة ممارسة الكتابة، إعلان للذاتوقوة حضورها.. إنه التأمين و التحصين الذاتي خارج البيت.
    وهو بالطبع ما يلفت نظر الرجل ويثيره، وقد كان الجندي "حسن العاصي" (الرائد علي الحال):
    " ..ربما هذا ما جعلني أنصرف إلى عالم الكتب و القراءة
    والبحث..كنت لا أجد الأمن الوجداني، وأتعرض للإهمال
    والنسيان من الجميع في البيت، أو لحالات اقتحام جسدي ممن
    هم خارج البيت .." ( ص / 69 )
    على أن دلالة الانبثاقة المتعلقة بالتمكن من الحكي، كما صنعة الكتابة، وليدة السؤال الموجه من الجدة، في صيغة طلب استفهامي:
    " ـ من تقص قصة حزينة لها عندي هدية !" ( ص / 16 )
    فالدعوة إلى القص على نمط اختبار وامتحان، وهي مشروطة بالحزن كإعدادوتهيئة للقارئ وكتواز وما سيتم نسجه في هذه الرواية.. ومادام التركيز يقععلى شخصية "منيرة الساهي"، فإن حكايتها الحزينة تأتي في الموقع الثالث عوضالثاني، إذا ما تم الاحتكام لعامل السن.. فالمفروض هو:
    أ / 1 ـ حكاية نورة..


    إلا أن الترتيب أصبح هو التالي :
    ب/ 1 ـ حكاية نورة ..


    والملاحظ أن صبغة الحزن تبرز قوية في الحكاية الثالثة (ملاحظة: يرد حرفالنون في الأسماء الثلاثة) ومن ثم كوفئت عليها بهدية هي "القارورة"الجامعة لحكاياتها ويومياتها التي تعرفنا/ نتعرف عليها.
    " ضعي فيها الحكايات الميتة كي تعيش !" ( ص / 23)
    " كنت أفكر كيف لقارورة ناعمة هندية غامضة
    على سطحها ، أن تزحم بهذا العالم ، هل علي
    أن أكتب عن كل ذلك ، أليس الحال حبيبي
    جزءا من هذه الحرب ، أليس الحب هو حرب
    بصورة أو بأخرى ؟
    كنت دائما أسأل.." ( ص / 92)
    " برغم أن القارورة تحفظ الحكايات المؤلمة" (ص/ 123)
    إن صيانة "القارورة" لهذه الأوراق، جعلها خاصة وذاتية.. لكن ضياع"القارورة" كما توحي الرواية، تحويل للخاص إلى عام، وتم تنوع التلقيوخصوبة التأويل.. ف "القارورة" وفق السالف، يتجاور فيها نصان: النصالإطار، وضمنه تحكى قصة كتابة الرواية.. والمؤطر حيث من خلاله نتعرف علىالحكاية المختزلة ضمن ثنائية: حب/ حرب..
    أسئلة الكتابة الروائية :
    إن ما يقود إليه السابق ، إثارة أسئلة الكتابة الروائية في "القارورة"..وهي أسئلة وليدة المظهر التجريبي الذي خضع له/ إليه النص.. فقد يبدو بعدالتجريب بسيطا وعاديا، لكنه في الجوهر اكثر تعقيدا، إذا ما تم إمعان النظرفي الصيغة بهدف تفكيكها.. من هذا المنطلق أعتبر قراءة المتن الروائي ل"يوسف المحيميد"، عملية تفترض قارئا واعيا للفعل الروائي، بغية الإحاطةبآليات الكتابة وإنتاج المعنى الروائي..
    عتبة الرواية:
    يتشكل بناء النص الروائي "القارورة" من فصول تحمل أرقاما وليس عناوين، كماالشأن في "فخاخ الرائحة" ( 2003 ).. من ناحية ثانية، تستهل "القارورة"بعتبة عبارة عن قول فلسفي ل "نيتشه"، لا يتم ضبط إحالته المرجعية..واللافت أن: "فخاخ الرائحة" تفتح بمقدمة هي جزء من الرواية ..
    إن عتبة القول الفلسفي، تختزل الرواية في ثنائية: حب/ حرب.. هذه تعمل علىتوجيه القارئ وتحديد قصديته.. خاصة وأن المعنى المنتج في الرواية يتأطر فيسياق هذه الثنائية دون أن ينفصل عنها..
    من ثم تعيد الرواية إنتاج ذات المعنى في نوع من التكرار على امتداد النص..
    " أليس الحب هو حرب بصورة أو بأخرى؟"(ص/ 92)
    ".. ذات حرب و حب " ( ص / 162)
    فالعتبة وفي هذه الحالة من حيث وظيفتها:



    الاستهلال :
    من أين تبدأ الرواية؟
    و أين تنتهي؟
    ألمحنا سابقا بأن الرواية تتشكل من فصول هي عبارة عن أرقام.. هذه تمتد من1 وإلى: 41..
    فالبداية أو الاستهلال يضعنا زمنيا في: 1991..هذا التاريخ يجسد نهاية الرواية وليس بدايتها..
    و "المحيميد" يحدق بكفاءة خاصة الإرجاء، حيث يرتب المادة ترتيب الخيالالروائي، فيما على الناقد إعادة لملمة الأوراق، وهو ما نقف عليه في "فخاخالرائحة" أيضا ..
    لقد كان السؤال: "الكاتبة منيرة قريبتك يا طويل العمر؟" ( ص / 166 )، البداية الفعلية للرواية ..
    حيث خيض في الرهان على أسئلة التحدي والوصول.. حدد هذا زمنيا في: 1990..فيما الرواية تستهل ب: 1991.. بمعنى آخر: إن عمر الرواية سنة كاملة.. سنةتؤاخي بين الحب و الحرب..
    على أن الملاحظ ـ كما سلف ـ التكرار المستمر لهذا البعد الزمني:
    " كيف اقتحم عزلتي ومملكتي الخاصة ليل الثالث عشر
    من يوليو 1990..أي بعد سفر أخي بثلاث ليال." (ص/ 99)
    " تذكر أنها في مساء الثالث عشر من يوليو، تلقت
    اتصالا ليليا ساخنا من قارئ.." ( ص / 163
    " بدأ حسن العاصي يسلك الخط السريع إلى قلب منيرة
    في الثالث عشر من يوليو 1990 ، أي قبل سبعة عشر
    يوما من انطلاق المدرعات وناقلات الجند من البصرة
    صوب الكويت .." ( ص / 168 )
    و هو تكرار وظيفته:



    خاصات روائية :
    يتشكل النص الروائي "القارورة" من خاصات هي المتكأ الأساس لتناسل المعنىالروائي.. من هذه الخاصات: العرض، الاختزال، التوازي والإعداد.. على أننالا نذهب إلى القول بأن هذه الخاصات تنفرد بها "القارورة" وحسب، وإنما نسوقتمظهراتها كما تجلت في هذه الرواية..

    مع الإشارة إلى بقية الأخوة والأخوات، حسب القيمة الاعتبارية الممنوحةلهم.. واللافت تغييب الأم إلا من إشارات عابرة، إلى استحضار شخصية (صالحالساهي) بهدف التوثيق الزمني لبداية الرواية، والإبانة عن كون "حسنالعاصي" يشتغل إلى جانب الرائد "صالح"، حيث يقع الاحتيال عليه، كما علىأخته "منيرة"..
    و تتميز شخصية " محمد الساهي " بالسمة الأصولية، وفق ما يتمثل في رفضهاللمستجدات التحديثية والحداثية، ومقاومتها لكل ما يعد خارجا عن المنظومةالدينية..
    إن الغاية من العرض:




    وإذا كان الاختزال ينحصر في الغرفة، فإن وجهة النظر تركز من حيث الرؤية على ضميرين:
    المتكلم والغائب، حيث ثقل الضوء يقع على "منيرة الساهي".. إنها مبتدأالحكي ومنتهاه، بحكم القصدية المتوخاة من رمزيتها: من الأنثوية إلىالدلالة الاجتماعية..
    على أن المستوى الثالث من هذه الاختزالية، يجلوه الزمن المنحصر في سنةكاملة، حيث إن كتابة الحرب تتوازى بكتابة قصة الحب.. وأعتقد بأن النص لوانحصر في التدوين للحرب والتوثيق لها، لما اكتسب أفق تلقيه الواسع..فالاختزال المرصود الهدف منه:



    " وحدها منيرة الساهي ـ البنت الثلاثينية ـ بقيت مستقلة في فراشها الوثير،عيناها مصوبتان تجاه السقف
    تنظر بعينين جامدتين تشبهان أعين الموتى، وهي تتأمل
    فضيحة البارحة، وتسأل روحها، لم حدث كل ذلك ؟" (ص/10)
    " كنت أتمنى لو لم أبق وحدي في البيت ليلة الثالث
    عشر من يوليو 1990 ، لو كان سواي هنا لما حدث
    كل ذلك ." ( ص / 24 )
    " تذكر أنه في مساء الثالث عشر من يوليو، تلقت
    اتصالا ليليا ساخنا من قارئ..! "( ص/ 163)

    وثم تلعب ثقافة الروائي ودقة متابعته ورصده، دورها في تجذير النص وتأصيله ضمن البنية الاجتماعية المنتمى إليها..
    تحفل "القارورة" بوحدات حكائية صغرى وظيفتها الأساس خلق التوازي والتنويععلى الثابت كمعنى.. من تم نقف على كم واسع من الحكايات التي نمثل عنهابالتالي: حكاية نبيلة، ميثاء، فاطمة، حسناء وغنيمة (ملاحظة: لمجموعالأسماء دلالات قوية)..
    هذه الحكايات الصغرى في مجموعها تنتج/ تعيد إنتاج حكاية "منيرة الساهي"، و"الدحال/ الدجال".. إنهن جميعا نتاج مجتمع تقليدي محافظ يكرس دونية الأنثىويعضد القيم الذكورية..
    ويمكن القول بأن "يوسف المحيميد" في تحديده للجانب الدراسي الأكاديمي ـ إذا شئنا ـ ل:
    "منيرة الساهي"، والمندرج في عالم الاجتماع، إلى المهنة المتمثلة في مرشدةاجتماعية بدار الفتيات أسهم في توثيق ولملمة العناصر الفاعلة في/ وعلىالإضافة للرواية..

    فالإعداد ينتهي إلى ترسيخ قاعدة مضاعفة الحد من حرية المرأة ، وتسييد سلطةالرجل.. إنها بالتالي، قاعدة الانهزام والفجيعة المرة، حيث انغلاقالمجتمع، وتوسيع دائرة محافظته، وانعدام مسايرته للتحولات الراهنة، أمامهول المد/ الامتداد الأصولي الذي عكسته في الرواية شخصية: "محمد الساهي"..
    "لم تعد تخرج من البيت أبدا، ماعدا عملها في دار الفتيات
    الذي قاتلت لأجله، شرط أن يأخذها أخوها محمد إلى العمل
    و يعيدها ظهرا إلى المنزل .." ( ص / 15 )
    "ستمر الأيام رتيبة وبطيئة، وسيأتي زميل أبي في سوق العود
    والسجاد، وهو يحمل معه مهري، وأعوامه الستين."(ص/ 212)
    إن الخاصات المرصودة والممثل عنها، أقوى حضورا من سواها، ونشير إلى أنجانبا من بلاغة الرواية أضطلع عليه في الرواية الثانية "فخاخ الرائحة"..


    من الناحية السياسية، فإن حقبة التسعينات شهدت تراجعا سياسيا عربيا تمثلوفق الكامن في الرواية في احتلال العراق للكويت، وما ترتب من اختلالات فيالعلاقات العربية، كما الغربية، والغربية الأمريكية (من الآراء التي ترىبأن الغرب واحد)، علما بأن هذه الاختلالات نواة لما سيصبح عليه الوضعالعربي لاحقا من هشاشة وعطالة فظيعة للسياسي كقيم مدنية ديمقراطية نبيلة.
    على أن ما تولد عن هذه العطالة اختراق المد الأصولي، وما خلفه من تداعياتدولية وعربية، حيث اعتبر الدين ملاذا وخلاصا، والحضارة العربية واجهةجديدة للصراع الحضاري، بعد انهيار المدين الشيوعي والاشتراكي، وهو ماسيستدعي أغنية الديمقراطية المستوردة المفروضة، والتي سيترتب عنها لاحقانتائج بعضها سلبي في دول، وإيجابي ـ إلى حد ما ـ في أخرى..
    بيد أن انهيار القيم الاجتماعية، وهيمنة ظاهرة السوق الاستهلاكي، قاد إلىتحويل هذه المجتمعات إلى تحديثية عوض أن تكون حداثية، واستفحلت الظاهرةبالرهان على الصورة ليس كثقافة ومعرفة، وإنما كتبديد للزمن، الشيء الذينتج عنه تراجع القراءة والثقافة في أغلب الدول العربية.
    هذه السياقات متباينة ومتقاطعة، دوافع لإنتاج قول روائي تخييلي تتحكم فيهثقافة الروائي، ومدى متابعته للمستجدات الحاصلة.. وأعتقد بأن اختيارالروائي لفاعل نسائي أنثوي في "القارورة"، ينتمي لمجتمع تقليدي محافظتتعضد وتتقوى فيه الظاهرة الروائية، بعد هيمنة جنس الشعر، ما جعل النصمحفلا ثريا مثريا للحقل الدلالي الرمزي..

    " ..كان أبطال دستيوفسكي أقرب إليها وأحب من
    أي شيء آخر.. كانت مهووسة بهذا الكاتب، لدرجة
    أنها ترى أنه نبي .." (ص/ 49)
    ".. ربما هذا ما جعلني أنصرف إلى عالم الكتب والقراءة
    والبحث.." (ص/ 69)
    وأما الدلالة الاجتماعية فتجلوها المهمة التي تقوم بها "منيرة الساهي"،بصفتها مرشدة اجتماعية وهي النافذة التي تتيح لها تمتين قوة البحث، والخوضفي ممارسة علم الاجتماع، برصد العادات والتقاليد المحافظة، وهي مهمة لمتتخل عن مزاولتها رغم سقوطها..
    إن الدلالة الاجتماعية بقدر ما تكشف وعي المحافظة والتقليد، فإنها تعكسصعوبات الانتقال والتحول نحو تكريس حرية فاعلة، حيث مطالب المرأة تظلحاضرة فارضة لنفسها..
    " لم تعد تخرج من المنزل أبدا ، ما عدا عملها في دار
    الفتيات الذي قاتلت لأجله .." ( ص / 15 )
    " ..هل الدحال ، أو الدجال ، يتقن خيوط اللعبة
    بهذه المهارة .." ( ص / 69 )
    " كيف اقتحم عزلتي و مملكتي الخاصة ليل الثالث
    عشر من يوليو 1990 ، أي بعد سفر أخي بثلاث
    ليال .." ( ص / 99 )
    من حيث الجانب النفسي ف "منيرة الساهي" كانت بداية، وانتهت نهاية إلى عزلةواغتراب فرضته التقاليد المحافظة الصارمة، والتي لا تصدر في الرواية عنشخص الأب، وإنما الأخ المتشدد الرافض لقيم الحداثة والتحديث ..
    " كنت امرأة حديدية وأنا أضبط رغباتي، وأطرد
    طيور الفضول المحلقة في سمائي، مانعة أصابعي من أن
    تضع حبوبا لطيور الفضول تلك، وولع الكشف عن
    أسرار خطيبي، وحياته الزائفة .." ( ص / 141)
    ويتجلى البعد السياسي في كون قصة الحب المراوغ والمحتال، تتوازى وحربالخليج التي بانتهائها يأفل نجم قصة الحب، ليعلو المد الأصولي متمثلا فيشخصية "محمد الساهي" العائد من أفغانستان وهو ما يبين عن مظهر تشاؤميوانتقال معاق نحو مجتمع الحرية والديمقراطية ..
    " منذ أن عاد محمد بن حمد الساهي في سبتمبر 1986من
    أفغانستان، وهو لا يكف عن سرد حكايات الحرب
    ضد الشيوعيين " ( ص / 48 )
    " ..إذ ما أن يدخل عائدا من الثانوية، حتى يمر قلقا
    هائجا قلاب التلفزيون ويقفله، أمام عيني أخته منيرة
    وأخيه الصغر سعد .." ( ص / 50)
    " ذات حرب وحب " ( ص / 162 )
    إن استقصاء دلالات "منيرة الساهي" لا تكتمل سوى بالإشارة إلى الفاعل(الدحال احتيالا والعاصي حقيقة)، والذي يعكس وعيا متدنيا ساقطا ماداميراهن على المكر والاحتيال بحثا عن إيقاع ضحاياه، إذ وفي الختم سيخرجمنتصرا من هذه القصة المختلقة.. لذلك فالعلاقة:
    منيرة الساهي ــــ الدحال :





    جريدة الصحراء المغربية- العدد6084 في سبتمبر2005م
    1 / إن المتلقي الحصيف لرواية "القارورة"، يحس وبمجرد الانتهاء من تلقيها،بأنه لو قيض للرواية الاستمرار لما كانت انتهت، إذا ما نظر لثراء وغزارةالنص..ف "القارورة" في اعتباري النص المفتوح على احتضان متن واسع منالحكايات الموازية التي تفعل بالحضور لتغذية وتعضيد الحكاية الأساس.. علىأنه وبالإضافة إلى اعتبارها الديوان الموسع للحكايات، مما يؤطرها في جانبضمن المدونة التراثية، دون أن يفقدها بعد الكتابة الحداثية الرصينةوالمنطقية، وبخاصة على مستوى التقديم والتأخير والترتيب، فإنها تحويأجناسا لا تصرح بها كالسيرة (ليس نص القارورة سوى السيرة الذاتية لاسم علممتخيل هو "منيرة الساهي" ..) واليوميات والمذكرات، حيث إن ماجريات الحياةاليومية تكتب وتدون ويحافظ عليها في "القارورة".. هذه التي تحيل بالرمزوالإشارة على الحكاية في شموليتها:2 / إن قراءة "القارورة" بمثابة وعي بمستوى إنتاجها الخيالي والجمالي..بمعنى آخر فالرواية تفصح من داخلها عن صيغة إنتاجها.. ومن تم يتآخى الوعيالإبداعي بالنقدي الذي يضمر سلطة الكاتب باعتباره المؤلف (وأنا هنا لاأفرق بين الذاتين: ذات الكاتب وذات المؤلف).. و الواقع أن هذه الدرجة منالوعي، وعي الكتابة من داخل الكتابة، لا تتحقق وتتم إلا في الحالات التييتم فيها اختيار الفاعل كمدير للأحداث ودافع بها، إلى أثره/ تأثيره علىالسواء.. ف"منيرة الساهي" : 2 ـ تخوض في بحث اجتماعي يندرج في علم الاجتماع..3 ـ وهي قارئة نهمة للآداب العالمية.. 2 ـ حكاية منيرة .. 3 ـ حكاية منى .. 2 ـ حكاية منى .. 3 ـ حكاية منيرة ..1/ التمهيد للنص ..2 / التأطير له ..3 / توجيه القارئ..1 / الامتداد بالنص ..2 / توسيع بعده التخييلي ..3 / تمتين بناء النص ..1 ـ العرض: يرتبط العرض بالشخصيات الفاعلة في النص.. وبالذات الرئيسةمنها.. ولقد تم بناؤها وفق الصورة التي يوجد عليها المجتمع كبنية تقليديةمحافظة: الأب (حمد الساهي)، الجدة، الأخ (محمد الساهي)، إلى الأخت (منيرةالساهي) محور النص في علاقتها ب (حسن العاصي).1 / الكشف عن الفاعلين في الرواية بالتدرج..2 / تبيان دائرة تحركهم وتفاعلهم..3 / رصد العلاقات القائمة بينهم..2 ـ الاختزال: إن مكونات العرض السابق، يتم توسيعها باعتماد الاستحضاروالتذكر وسرد حكايات موازية.. على أن اللجوء إلى الاختزال الروائي جعل نص"القارورة" يفعل/ يتفاعل انطلاقا من مكان مغلق هو الغرفة التي تقيم فيها"منيرة الساهي"، والتي تعد مستقر تدوين هذه السيرة/ اليوميات/ المذكرات،وصيانتها في " قارورة " إلى حين الإفصاح عنها.. ذلك أن ما يتلقى، يقرأ،يخلف أثره، ويخلق هذا الأثر، التقليب في أوراق "القارورة".. إنها الحكاية،وحكاية الحكاية كما سلف..1 / التحكم في بناء النص ..2 / امتلاك القدرة على الامتداد به..3 / الرهان على الاستحضار والتذكر والاستعادة ..3 ـ التوازي: أعتيد في بعض النصوص الروائية بناء النص على نمط وحداتحكائية صغرى قد ينظر إليها بشكل مستقل، لولا أن قصدية تلقيها تتحقق بوضعهافي السياق العام الشامل للحكاية الكبرى الكامنة في النص.. وكأنها تخلقتوازيا وما يدرج ويساق، مما يستدعي الحس المقارن..4 ـ الإعداد: إن "القارورة" باعتبارها رمز الرواية أصلا، تصاغ وفق ضميرالمتكلم أنا.. لذلك فوظيفة الضمير التعريف بالسيرة (سيرة منيرة الساهي)،وبالتالي إعداد القارئ لما حصل وانتهي إليه.. وكأن الجواب يتحقق بصددالسؤال: "وماذا بعد؟".. 2- " منيرة الساهي " : الدلالة و الرمز 2 / تتمثل الدلالة الفكرية ل "منيرة الساهي"، في كونها كاتبة مثقفةأكاديمية وصحافية.. وبالتالي إنها التجسيد الأعلى لوعي النخبة الذي لايمكنه المسايرة بسهولة، والانقياد كذلك.. إلا أن هذه الدلالة في الروايةتعيش زمن انهيارها وسقوطها، وكأن الروائي يلمح إلى ضرورة إعادة النظروالتفكير في الوعي النخبوي السائد..1 / غير متكافئة على المستوى التشخيصي والوعي الفكري..2 / لا تصنف ـ كما المعتاد ـ ضمن نفس التركيبة الاجتماعية ..3 / و بالتالي فإنها علاقة صراع يتفوق فيها الوعي الأدنى عن الأعلى ..3 / تبقى رواية "القارورة" إضافة قوية للرواية العربية، إضافة قادمة منالخليج، حيث يتطلع التلقي الموضوعي والحق لما يمكن أن يوسع فضاء التخييلالروائي..
    1- الرواية .. و كتابة الرواية :1 ـ صحافية تدون زاويتها (فخها) تحت عنوان "وردة في آنية"..1 / إن استقراء السياقات التي أفضت إلى الاشتغال على مادة الرواية:"القارورة"، يقتضي التلميح إلى حصيلة متداخلة هي دوافع وعوامل استلزمتتدوينها والتأريخ لها، ليس التاريخ الصرف كوقائع وأحداث، وإنما الكتابةالأدبية في جنسها الروائي المتعدد المفتوح..
    </td></tr></table></td></tr></table>

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 8:13 pm