منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    (المرأة تعرف أسرار الجسد أكثر من كل الكائنات

    خنساء محبة السماء
    خنساء محبة السماء


    عدد المساهمات : 96
    تاريخ التسجيل : 02/11/2009
    العمر : 34

    (المرأة تعرف أسرار الجسد أكثر من كل الكائنات Empty (المرأة تعرف أسرار الجسد أكثر من كل الكائنات

    مُساهمة  خنساء محبة السماء الأحد ديسمبر 12, 2010 12:19 pm

    [center]
    (المرأة تعرف أسرار الجسد أكثر من كل الكائنات News_icon أسطرة البوح الأنثوي :قراءة في سرديات بسمة الشوالي /عماد كامل
    (المرأة تعرف أسرار الجسد أكثر من كل الكائنات Filemanager
    عماد كامل
    (المرأة تعرف أسرار الجسد أكثر من كل الكائنات)

    الجسد ذلك الكائن الوجودي الذي يحمل دلالات كثيرة تعكس الفضاء القيميّالدال على المنظومة الثقافية المنتسب إليها، فالجسد كائن لا يفهم بغيرسياقه التاريخي والثقافي والإيديولوجي، وبقدر ما يحاول الإنسان التعرف علىفهم لغة الجسد فأنه سيعرف ما حوله من أسرار الكون،لأن الجسد اختزالللعالم،بل هو كما يصوره إبراهيم محمود هو الكائن في العالم،ولكنه المكونفيه والمتكون به،وهو الذي يكون باستمرار باعتباره حقيقة تدرك أكثر فأكثركلما كان هناك تشعب أكثر في العالم، وقد حظي الجسد باهتمام الفلاسفةوالمفكرين منذ القدم فقد اعتبره أفلاطون الحاجز الذي يمنع سموّ النفس إلىعالم المثل،فهو السجن الذي لا خلاص للنفس
    منه إلا الموت.
    أماالفلسفة الحديثة فقد حاولت الفصل بين الجسد(البيولوجي) المادي،والجسدالذاتي(المعنوي) إذ اعتبر الجسد أداة لتواصلنا مع العالم،حيث يرى بارت إنالفترات التي يهب فيها الجسد ذاته كانت محدودة جدا في المجتمعات التقليديةومفصولة عن بقية فترات الحياة،فترات الاحتفالات التي كانت تسمح للمرء بأنيلبس بشكل مختلف:الأعياد والرقصات الطقوسية،وكانت الحياة منقسمة إلىقسمين:لحظة يعطي فيها الجسد عبر الاحتفال،وهذه نادرة جدا.والجزء الثانيوالأكبر من الحياة ينمط المألوف،حيث لا يوجد الجسد إلا ضمن إطار العمل.
    أمافي الوقت الحاضر ونظرا لتغير طبيعة الظروف الحضارية والثقافية للمجتمعاتفقد تبدلت نظرة الإنسان وعلاقته بجسده،فقد انتزعت عنه القداسة التي كانمحفوفا بها،فلم يعد مصدر خجل أو مجلبة للعار،وإنما أصبح مصدر اهتماموعناية، بل استطاع الإسهام في إنتاج واستهلاك مقومات الحضارة الإنسانية،إذأسماه فوكو بـ(ميكروفيزيا السلطة) حيث اعتبر الجسد المعاصر عبارة عن شبكةمن العلاقات والإشارات الوظيفية،وبذلك فقد الجسد العديد من خاصياتهالأصلية والحقيقية،وكمثال على ذلك،عارضة الأزياء والتي لا يشكل جسدها فيحد ذاته موضوعا للرغبة والإثارة،بقدر ما هو علامة ورمز للموضة،ذلك إن الرغبة تنصبّ على البضاعة المعروضة لا على الجسد.
    السردالقصصي عند(بسمة الشوالي) يتطور وينمو داخل النص،ويتخذ عدة أشكال فهو هادئأحيانا ومتوتر في أحيان أخرى،هذه السمة انطبعت في كتابات الشوالي الكاتبةالمهمومة بروح الكتابة الجدية،حيث تنحى في كتابتها عن تقليد الآخرين إذتكتب بعفوية واضحة، عفوية فنية تكشف عن مستوى الإبداع،كما تكشف لغتهاالسردية عن مكنونات كاتبة متجددة في أدواتها وقدراتها التي استطاعت منخلالها تصوير قضايا الإنسان في مجتمعه وخصوصا قضية(الجسد) وإشكالية الستروالكشف.
    فيقصة(ردة) تسرد الكاتبة تفاصيل حياة يومية،متضمنة حكايات تتسم بالمتعةوالجاذبية،إذ تشعر أحيانا إن ما تكتبه ليس قصصا بل هو صورة حقيقية نعيشتفاصيلها اليومية،ربما حين أتاحت الساردة في (ردة) لفتاة أنيقة أن تصفنفسها( كنتُ أنيقة جدّا هذا اليوم، عارية الذّراعين والرّكبتينكما لم يَعْتدْ أن يراني، والهواء الغريب يتسلّل إلى جسمي من شقّ الثوبعلى صدري، وبَشَرَتي التي لم تعرف كهذا السّفور من قبل يترجرج بياضهامبقّعا بالخجل ..)
    ثميتحول السرد إلى تقديم رؤية صادقة من أعماقها الحارة المفتونةبالحياة،والمتألمة بسبب تناقض الظروف الاجتماعية المحيطة بها،كما إنها لاتكتفي بسرد الواقع بل تحاول أن تدخل معه في شبكة من العلاقات الإبداعيةالتي تكشف مخبوء هذا التناقض،وكأنها تحاول أن تسرد الواقع عاكسة من خلالهالهواجس النفسية للجسد المكبوت، إذ تقول:
    اِِلْتَفَتُّحولي كثيرا لأرصد اللّعنات التي أحسبها ترقبني ، غير أنّي سرعان مااطمأننت وعراء الرّكب والأذرع متفشّ حولي ، والشّعور منسدلة تغمر وجوهاشبه متلاصقة يحفحف بينها هوى فضائيّات الغناء الرّاقصة تبثها الهوائيّاتالرّابضة على السّطوح من الذّرى الشّاهقة إلى مرابض الحمير ومعالف الأبقارفي ربوعنا الحجريّة .
    لكأنّهؤلاء الصّبايا خرجن مثلي إلى مواعيدهنّ من سيناريو أغنية عربيّة تركتهنّكما تركتني، بعد دقائق من الفرجة ، مفغورة الحواسّ والشّهوات بين دهشةودهشة... مُزْنُ الذّكريات تنهمر على مكانه الخالي إلى جانبي وتثير حنينالمساء لصوته. كان على حزن كثيف صوته ذلك المساء الأخير قبل سفره ، يغرورقكلّما داهمه الضّحك، ويَكْلَحُ إذا صمت. وكان يلتهم بعينيه الصّورالمتحرّكة حولنا وتفاصيل الأشياء المحيطة بنا. يبتلعني بنظرة واحدة ثمّيزفرني فأرتاب: أتعشقني عيناه حقّا أم يتمرّن فيَّ على عشق آخر يصادفه بعدالسّفر ..؟

    لغة تعكس فيها عذابات المرأة المسكونة،عذابات لا تبارح الذاكرة،الذاكرةالمشحونة بالأسئلة لما سيحل بروحها من ضياع،أسئلة تعبر عن تواصل إنسانيحميم تزينه الرغبة الإنسانية الرفيعة،الرغبة التي يتلمسها القارئ جليةوصريحة عندما يواصل السير في دروب هذا النص الهادئ الذي جمع بين البساطةوالعمق،فـ(الشوالي) تصف أدقّ مشاعرنا وتصور آلامنا التي نحاول عبثاتجاهلها،وهذه الحالات السردية بلغة شاعرية بسيطة تبتعد عن التكلف، لغةاستطاعت من خلالها طرح موضوعاتها بروح مهمومة ومتألمة فتحيل الخيال إلىواقع يثير فينا الأسئلة والإعجاب.ولهذا فأن سرد(بسمة) يتجاوز الحدودالتقليدية في استحضار المشهد عبر الزمان والمكان،بل هو يحاول الغور في عمقالسرد المتوتر بشجن اللغة،لتكشف خبايا السلوك الإنساني، برؤية متجددةللأشياء وللواقع اليومي لتحيله أدبا رفيعا يقدم صورا عن بؤس تعاملنا معالجسد كقيمة عليا.
    عاشقأحمق أنت يا جسدي.. تلك الأغاني المصوّرة التي أغرت محاسنك بالسّفور لمتفصّل فساتين السّعادة على مقاس الأيّام المُحْدَوْدِبَة شقاء على ظهرك،والبحر الذي أغواك بالانتظار على حاشيته ليس بركة العرق اليوميّ إن نغرقتنجينا خشبة أملٍ طافية.. ضفّة البحر الثّانية ليست كضفّته الأولى وقلبهحُوَّلُ الطّبع لا حدّ فيه بين الضّحك والبكاء..
    هاضمّة واحدة ولحظات من الرّغبة المختبئة في لقاء وحيد ، عقِب بِعاد طويلوتفجّع ، جعلتاك تغادر معجم الصّفات المؤنّثة مخذولا ، وجعلتني أتوه فيكعن دقّة التّعريف، مكتفية من الصّفات بدرجة الأنثى المنتهكة ومرتبة الدّمالمهدور لا يدركه أحد ويُخلي سبيله إلى الحياة إلاّ وشرب منه حدّ الارتواء. خسرنا يا جسد ..
    هنانسمع صوت الشوالي الخاص صوتا يخاطب الروح ويذهب بالقارئ إلى أعماقه،سرد يصور لنا لهاثنا اليومي الاستهلاكي فيمنحه الحياة، لذا فأن الشوالي تعتبرالأدب مهمة جوهرية وظيفته أن يعيد الإنسان إلى ذاته، الذات المأزومةليمنحها الثقة ويتصالح معها،
    سقطعن وجوده إلى جانبي معناه الضّروريّ . ربّما لأنّ العشق كالنّجم البعيدنرنو له معجبين مُكبرين ويوم يفقد استحالته ويدنو من ملامسنا يصير فعلاعاديّا وحدثا متداولا قابلا للقيس والمقارنة والعمليّات الحسابيّةالمختلفة ، أو ربّما لأنّي استطعت ببساطة أن أطرحه من معادلة السّيروالذّهاب مفردة بين الأرقام المتزاحمة على أرصفة الوجود .. بعد ما حدثبيننا لم يعد الصّفر في موقع النتيجة يرهقني.
    لميكن السرد الفني الخالي من التعقيد والتكلف هو ما أعطى التميز لنص الشواليفحسب بل رؤيتها للواقع الذي استطاعت من خلاله التعبير بأسى عن هموم واقعالحياة اليومية التي غاليا ما تصور شخوصها متألمين بصمت، وكذلك نلحظ فيسرد بسمة حضورا فاعلا للجسد،كما نلاحظ التماهي بين الواقع الافتراضيوالواقع الحقيقي،فهي تحقق هذا التمازج ببساطة رغم إنها مهمومة بواقعصعب،فنصوصها عبارة عن إدانة لكل ممارسات الزيف والخداع التي نمارسها فيحياتنا اليومية وفضح للمفاهيم المغلوطة التي نتمسك بها.
    ويمكنناملاحظة الحضور الطاغي للجسد في سرديات(الشوالي) باعتباره الصوت المعبر عنالروح التائقة التي تحاول الإفلات من الأغلال التي تكبلها،فحضور الجسديتخذ صورة البطل لديها.فحين تستحضر الجسد في سردياتها إنما تستحضره منمنظور يجعل من الجسد شعورا داخليا يخترق الذات،مستلهمة عبر كتابتها تجربةالعشق والرغبة اللامتناهية،عبر الجسد العاري،حيث يهيمن العري على سلطةالنص.وقد أظهرت الجسد في نصها عاريا ولكن ليس العري المبتذل وكأنها تريدالتأكيد على مقولة رولان بارت إن(الجسد البشري لم يكن أبدا عاريا بالكامل)ومعنى هذا أنّ عري الجسد رمز للتحرر والرفض بمنتهى أشكاله وبكافة ألوانهويمكن ملاحظة بعض دلالات العري في هذا النص منها أنها مزجت بين القبولوالرفض بين العري والخجل من فعله وهذه الإشكالية التي ما انفكت مجتمعاتنامن أسر قيودها، أسر (الرغبة والكبت).
    بسمةعالمها السردي لا يشبه عالما آخر،عالم تتوق فيه الأرواح إلىأجسادها،والأجساد إلى أجساد أخرى،لتجعل من هذا الفعل حقيقة تتلبسنا مثلأرواحنا.

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 6:54 pm