منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    درس من دروس فقه اللغة

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    درس من دروس فقه اللغة Empty درس من دروس فقه اللغة

    مُساهمة   الثلاثاء ديسمبر 14, 2010 1:02 pm

    [center]



    خالد عايش
    الإخوة الكرام في ملتقى أهل التأويل.
    أضع بين أيديكم حلقات في درس من دروس فقه اللغة ، أعددته من زمن بعيد ، و هو بعنوان المشترك اللفظي في اللغة و القرآن بين الإثبات و النفي .
    سأضعه في سلسلة ، في كلِّ مرةٍ نضع جزءاً منه . نرجو التفاعل مع الموضوع و إبداء الآراء و محاولة الترجيح و التصويب.



    أولاً : تعريف المشترك اللفظي
    أ) تعريف المشترك اللفظي:
    جاء في "الصاحبي" لابن فارس، تحت باب الاشتراك، قوله في معنى الاشتراك: "أن تكون اللفظة محتملة لمعنيين أو أكثر"1".

    وأمَّا السيوطي فيذكرُ في تعريفه للمشترك، أنَّ أهلَ الأصول يعرفون المشترك بأنَّه "اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفيين فأكثر دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة "2 " .ومن أكثر التعاريف دقة وتحديدًا للمشترك اللفظي تعريفُ يحيى بن حمزة في "الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز"؛ حيث يحدُّ اللفظة المشتركة بأنَّها: "اللفظة الواحدة الدالة على أزيد من معنىً واحدٍ مختلفة في حقائقها على الظهور بوضع واحد" ويشرع في تفسير مقولته بقوله: "فقولنا هي اللفظة الواحدة، وفي الألفاظ المجتمعة، بخلاف التباين والترداف، فإنَّهما لا يقعان إلا في مجموع الألفاظ، لفظتين فصاعدًا، وقولنا الدالة على أزيد من معنى نحترزُ به عن اللفظة المفردة التي لا تدلُّ إلا على معنى واحد، فإنَّها لا تكون مشتركة، وأكثر الكلام على الوضع في الدلالات الإفرادية؛ لأنَّ الاشتراك على خلاف الأصل، وقولنا مختلفة في حقائقها، نحترز به عن المتواطئة، فإنَّ اختلافها ليس في الحقائق، وإنَّما اختلافها في العدد كرجل وإنسان، فإنَّهما دالان على أفراد متعددة، لكنَّها غير مختلفة في حقائقها؛ لأنَّها اتفقت في أمر جامع لها كالرجولية والإنسانية، وقولنا على الظهور نحترز به عن الألفاظ المشتبهة، كلفظة النور، فإنَّها تطلق على الشمس والنار والعقل، فإنَّ حقيقة النار مغايرة لحقيقة الشمس والعقل؛ لكنَّ اختلافها في هذه الحقائق ليس أمرًا ظاهرًا كظهور الأسماء المشتركة، بل لا يمتنع اتفاقها في أمر جامع لها وإنْ خفي على الأذهان وكان في غاية الدقة... وقولنا بوضع واحد يحترز به عمَّا يدلُّ على شيء بالحقيقة وعلى ما يخالفه بالمجاز، كقولنا: أسد وحمار فإنَّهما قد دلاَّ على أمرين مختلفين، لكن بوضعين."3"

    ومن الباحثين المعاصرين الذين تناولوا المشترك اللفظي بالدراسة د/ علي عبد الواحد وافي، الذي عرفه بقوله: "هو أن يكون للكلمة الواحدة عدة معانٍ تطلق على كلٍّ منها على طريق الحقيقة لا المجاز، وذلك كلفظ (الخال) الذى يطلق على أخي الأم، وعلى الشامة في الوجه، وعلى السحاب، وعلى البعير الضخم وعلى الأكمة الصغيرة "4" وهو قليل جدًا بالرغم ممَّا يبدو من كثرته، وإنَّما مصدر هذه الكثرة هو التوسع المجازي في المعنى، وتنويع المعاني انطلاقًا من دلالة واحدة "5"

    ومن المؤكد عند البعض أنَّ المشترك إنَّما يكون حين لا نلمح أية صلة بين المعنيين، كأن يُقال مثلاً إنَّ (الأرض) هي الكرة الأرضية، وهي أيضًا الزكام"6 " ومن أمثلته تلك الأبيات التي أنشدها الخليلُ بنُ أحمد، والتي تضمنت المشترك اللفظي في كلمة الغروب ثلاث مرات، يقول:
    يا ويح قلبي من دواعي الهوى***إذ رحل الجيران عند الغروب
    أتبعتـهم طرفي وقد أزمعـوا***ودمع عيني كفيض الغـروب
    بانـوا وفيهم طفـلة حـرة***تفتر عن مثـل أقاحـي الغروب
    فالغروب الأولى، غروب الشمس، والثانية جمع غرب وهو الدلو العظيمة المملوءة، والثالثة جمع غرب، وهو الوهاد المنخفضة "7".

    ويبدو أنَّ أول من أشار إلى هذه الظاهرة هو سيبويه، فقال: "... اعلم أنَّ من كلامهم اختلاف اللفظين و المعنى واحد، واتفاق اللفظين والمعنى مختلف قولك وجدت عليه من الموجدة ووجدات إذا أردت وجدان الضالة وأشباه هذا كثير"8"، والمعاجم العربية تزخر بالكثير من الألفاظ المشتركة ومن ذلك لفظة "العجوز" التي روى لها صاحب اللسان أكثر من سبعين معنى"9".

    وأخيرًا، فإنَّ التعريف الجامع المانع للمشترك اللفظي كما يراه د/ عبد الواحد حسن الشيخ، هو تعريف الأصوليين الذى أورده السيوطي مضافًا إليه ما جاء في تعريف د/ علي عبد الواحد وافي (على طريق الحقيقة) فيكون المشترك هو: "دلالة اللفظ الواحد على معنيين مختلفيين غير ضدين فأكثر دلالة حقيقة على السواء ليس بينها علاقة"، وبذا يخرج المجاز وأبوابه من المشترك اللفظى"10".

    يلي هذه الحلقة بيانٌ لموقف القدماء و المحدثين من المشترك اللفظي و إمكانية وقوعه.


    -----------------------
    ([1]) ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة، ص 456.
    ([2]) السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج1، ص 369.
    ([3]) يحيى بن حمزة، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز، ج2، ص155.
    ([4]) علي عبد الواحد وافي، فقه اللغة، ص 145.
    ([5]) حسن ظاظا، كلام العرب من قضايا اللغة العربية، ص 158.
    ([6]) عبد الواحد حسن الشيخ، البلاغة وقضايا المشترك، ص 83.
    ([7]) البدراوى زهران، من مصنفات الثروة اللفظية، ص 56 وما بعدها.
    ([8]) ياسر الملاح، علم المعنى، ص 184.
    ([9]) رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، ص 287.
    ([10]) عبد الواحد حسن الشيخ، البلاغة وقضايا المشترك، ص 96 وما بعدها.






    نتابع سلسلة المشترك اللفظي

    ثانياً: موقف الباحثين القدماء والمحدثين من المشترك اللفظي:
    يبدو أنَّ قضية المشترك اللفظي قد تنازعها الباحثون، كلٌّ يشد في أحد طرفيه وانقسموا بإزائها على فريقينSad[1])
    الأول: يقرُّ بوجوده باعتباره واقعًا لغويًا لا يمكن إنكاره، وهم الأكثرون.
    والثاني: ينكرون وجوده لأنَّه عندهم طريق للإيهام والغموض، ومجاله باب الحقيقة والمجاز والمنكرون قلة.
    أمَّا الفريق الثاني الذى عمل على إنكاره بتاتًا، فقد عمل على تأويل أمثلته تأويلاً يخرجها من هذا الباب، كأنْ يجعل إطلاق اللفظ في أحد معانيه حقيقة وفي
    المعاني الأخرى مجازًا، وعلى رأس هذا الفريق ابن درستويه([2])، وحُجَّة هذا الفريق تكمنُ في أنَّ المخاطبة باللفظ المشترك لا تفيد في فهم المقصود على التمام، وما كان كذلك يكون منشأ للمفاسد([3])، أو احتجاجات ابن درستويه وتحليله للمشترك يبرز لنا وجهة نظره والتي جاءت في كتاب "شرح الفصيح"، فإذا ظنَّ اللغويون أنَّ لفظ "وجد" -مثلاً- يفيدُ عدة معانٍ: عثر، غضب، تفانى في حبه، فإنَّه لا يُسَلِّم بأنَّ هذا لفظٌ واحدٌ قد جاء لمعانٍ مختلفة "وإنَّما هذه المعاني كلُّها شيء واحد، وهو إصابة الشيء خيرًا أو شرًا، ولكنَّهم فرقوا بين المصادر لأنَّ المفعولات كانت مختلفة، فجعل الفرق في المصادر بأنَّها أيضًا مفعولة، والمصادر كثيرة التعاريف جدًا... فلذلك توهم غورها"([4])، وإلى مثل هذا أيضًا يعترض ابن درستويه([5]) على المشترك فيرى أنَّه قصد إلى التعمية والغموض وليس من خصائص اللغة أن يكون فيها ذلك لأنَّه ليس من الحكمة والصواب، يقول في هذا المعنى "..وليس إدخال الإلباس في الكلام من الحكمة والصواب وواضع اللغة – عز وجل – حكيم عليم؛ وإنَّما اللغة موضوعة للإبانة عن المعانى، فلو جاز وضع لفظ واحد للدلالة على معنيين مختلفين أو أحدهما ضد للآخر لما كان ذلك إبانة بل تعمية وتغطية؛ ولكن قد يجيء الشيء النادر من هذا لعلل فيتوهم من لا يعرف العلل أنَّهما لمعنيين مختلفيين وإن اتفق اللفظان"([6])
    وإلى مثل هذا الذى فطن إليه ابن درستويه ينادي أبو علي الفارسي،([7]) ويرى بأنَّ اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين ينبغي ألا يكون قصدًا في الوضع ولا أصلاً له، ولكنَّه من لغات تداخلت، أو أن يكون لفظة تستعمل بمعنى، ثمَّ تستعار لشيء فتكثر وتصير بمنزلة الأصل، ولعلَّ أبا علي قد وضع إصبعه على بعض أسباب المشترك اللفظي([8]).

    أمَّا الذين أيدوا المشترك فهم كُثُر، ولهم في ذلك حُجج استمدوها من المنطق العقلي أيضًا، ومن منطق اللغة، واستقراءاتهم فيها([9])، ومنهم من يقول بوجوب وقوع المشترك، بقولهم: "إنَّ الألفاظ متناهية والمعاني غير متناهية والمتناهي إذا وزع على غير المتناهي لزم الاشتراك"، ومن قالوا بجواز وقوعه وإمكانه، استندو إلى أنَّ "المواضعة تابعة لأغراض المتكلم"([10]). ومن هذا الفريق الذى أيد وقوع المشترك في اللغة العربية، علماء كثيرون على رأسهم الأصمعي والخليل وسيبويه، وأبو عبيدة، ولقد أفرد بعض هؤلاء مؤلفات خاصة سردوا فيها أمثلة للمشترك اللفظي([11])، وسنعرض لذلك عند حديثنا عن المؤلفات التى وضعت لبحث المشترك اللفظي.
    أمَّا علماءُ الأصول فقد أثاروا جدلاً كبيرًا حول هذه الظاهرة وتفرقوا شيعًا وأحزابًا: فمنهم من قال بوجوب وقوعه (لعلة الألفاظ المتناهية)، ومنهم من قال باستحالة ذلك لعلة عدم الإبانة وحصول الإبهام"، ومنهم - وهم الأكثرون – قالوا بإمكان وقوعه لفقدان الموانع العقلية وعلى وقوعه فعلاً([12]).
    أمَّا علماءُ اللغة المعاصرون، فإنَّهم قد اختلفوا في موقهم من المشترك، وفي كيفية دراسته، فهذا د/ إبراهيم أنيس، ينظر إلى آراء العلماء القدماء في هذه الظاهرة، وهم منقسمون على أنفسهم ما بين مؤيد ومعارض، فيعلق على ذلك بقوله: "ويظهر أنَّ كلا الفريقين قد أسرف فيما ذهب إليه، وبعد عن جادة الصواب في بحثه، إذ لا معنى لإنكار المشترك اللفظي مع ما روي لنا في الأساليب العربية الصحيحة من أمثلة كثيرة، لا يتطرق إليها الشك، كذلك لا معنى للمغالاة في رواية أمثلة له مع ما في هذا من التعسف والتكلف.."([13])، ولكن د/ إبراهيم أنيس يبدو أكثرَ نزوعًا وميولاً إلى موقف ابن درستويه، فيثني عليه قائلاً: "وقد كان ابن درستويه محقًا حين أنكر معظم تلك الألفاظ التي عُدَّت من المشترك اللفظي و عدَّها من المجاز، فكلمة الهلال حين تعبر عن هلال السماء، وعن حديدة الصيد التى تشبه في شكلها الهلال، وعن قلامة الظفر التى تشبه فى شكلها الهلال... لا يصح إذن أن تعد من المشترك اللفظي؛ لأنَّ المعنى واحد في كلِّ هذا، وقد لعب المجاز دوره في كلِّ هذه الاستعمالات"([14]).
    فالدكتور إبراهيم أنيس لا يسلم بالمشترك إلا إذا دلت النصوص على أن اللفظ الواحد يعبر عن معنيين متباينين كلَّ التباين، أمَّا إذا اتضح أنَّ أحد المعنيين هو الأصل وأنَّ الآخر مجاز له، فلا يصح أن يُعَدَّ مثل هذا من المشترك اللفظي في حقيقة أمره([15]).
    ويتخذ د/ علي عبد الواحد وافي موقفًا مشابهًا لموقف د/ أنيس، ويروي أنه من التعسف محاولة إنكار المشترك إنكارًا تامًا وتأويل جميع أمثلته تأويلاً يخرجها من هذا الباب، وذلك لأنَّه في بعض الأمثلة لا توجد بين المعاني التى يطلق عليها اللفظ الواحد أية رابطة واضحة تسوِّغُ هذا التأويل... غير أنَّه لم يكثر ورود المشترك في اللغة على الصورة التى ذهب إليها الفريق الثاني، وذلك أنَّ كثيرًا من الأمثلة التي ظنَّ هذا الفريق أنَّها من قبيل المشترك اللفظي يمكن تأويلها على وجه آخر يخرجها من هذا الباب..."([16])، والذى يحيل نظره فى كلام د/ أنيس ود/ وافي المتقدم، يجد أنَّ نفيهما للمشترك قائمٌ على اعتباره مجازًا، وهو في حقيقته تطور لغوي باعثه المجاز، ولمَّا شاع وانتشر أصبح أصلاً، وأصبح لامجاز فرعًا أو كاد، لأنَّ استخدام الكلمة في معنى مجازي يؤدي فى كثير من الأحيان إلى انقراض المعنى الحقيقي([17]).
    أمَّا فندريس علم اللغة الشهير فيرى أنَّ المجاز وإنْ كان هو السبب في خلق جزء كبير من المشترك اللفظي في اللغة، إلا أنَّه سريعًا ما ينسى، ويصبح المعنى الجديد الذي دخل الفظ عن طريق المجاز لا يقل أهمية في حقيقته عن المعنى الأول الذى كان له، ونحن إذا أردنا أنَّ نحدِّدَ معنى الكلمة أو معانيها فعلينا أن ننظر إلى استعمالاتها كما هي اليوم، لا إلى تاريخها([18])، ففندريس كما يبدو يرفض استخدام المنهج التاريخي في دراسة اللفظ المشترك.
    وأمَّا اللغوي الفرنسى لروا B. Leroy فإنَّه يرى أنَّ الكلمة المشتركة ليس لها في الوقت الواحد غير معنى واحد هو الذى نفهمه منها، يقول: "إنَّنا حينما نقول بأنَّ لإحدى الكلمات أكثر من معنى واحد في وقت واحد نكون ضحايا الانخداع إلى حد ما، إذ لا يطفو في الشعور من المعاني المختلفة التي تدل ُّعليها إحدى الكلمات إلا المعنى الذى يعنيه سياق النص"([19])، "أمَّا المعاني الأخرى جميعًا فتمحى وتتبدد ولا توجد إطلاقًا فنحن في الحقيقة نستعمل ثلاثة أفعال مختلفة عندما نقول "الخياط يقص الثوب"، أو "الخبر الذي يقصه الغلام صحيح"، أو "البدوى خير من يقص الأثر"([20]) فكان لروا يعارض فكرة اللفظ الواحد والمعاني المختلفة "فإنَّ كلَّ لفظ في سياق ما – وإن اتحدت صورته مع لفظ آخر – هو في حقيقة الأمر لفظ مختلف لارتباطه بسياق مختلف وتعبيره عن معنى مختلف"([21]).
    ومن جهة نظر الدرس اللغوي الحديث فإنَّ المشترك اللفظي ظاهرة لغوية عامة واقعة في كلِّ اللغات([22])، ومن التعسف إنكار وجودها في اللغة العربية وتأويل جميع أمثلتها تأويلاً يخرجها من هذا الباب([23])، وهي ظاهرة حقيقة تفرضها قوانين التطور اللغوي الدلالي، ولا مناص من الاعتراف بأكثر وجوهه ولاسيما حين تستند في تحديد دلالة الكلمة المعنية إلى السياق وفي ضوء مفاهيم المعنى وأنواعه ممَّا يعين على تحديد المشترك اللظفي وبيان أنواع المتكاثرة([24]).

    في الحلقة القادمة، نتناول عوامل ظهور المشترك اللفظي.

    -------------------------------------------------------------------
    ([1]) هادى نهر، الأساس في فقه اللغة العربية وأرومتها، ص 264.
    ([2]) علي وافي، فقه اللغة، ص 146.
    ([3]) محمد غاليم، التوليد الدلالي في البلاغة والمعجم، ص 15.
    ([4]) إميل بديع يعقوب، فقه اللغة العربية وخصائصها، ص 187.
    ([5]) يرى د/ أحمد الكراعين: أنَّ ابن درستويه لم ينكر المشترك كما ذهب جل الباحثين وعلى رأسهم علي وافي، ولكنه أقره.
    ([6]) ياسر الملاح، علم المعنى في العربية، ص 185.
    ([7]) رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، ص 287.
    ([8]) مهدي أسعد عرار، جدل اللفظ والمعنى، ص 99.
    ([9]) البدراوي زهران، من مصنفات الثروة اللفظية، كتاب الأشباه والنظائر للهمذاني، ص 55
    ([10]) محمد غاليم، م س ، ص 15.
    ([11]) إبراهيم أنيس، في اللهجات العربية، ص 192.
    ([12]) أحمد مختار عمر، علم الدلالة، ص 157.
    ([13]) إبراهيم أنيس، م س ، ص 192، وما بعدها.
    ([14]) أحمد مختار عمر، م س ، ص 157.
    ([14]) محمد الأنطاكي، الوجيز في فقه اللغة، ص 390.
    ([16]) علي وافي، م س ، ص 146.
    ([17]) مهدي عرار، م س ، ص 105
    ([18]) محمد الأنطاكى، م س ، ص 391.
    ([19]) ياسر الملاح، م س ، ص 184.
    ([20]) محمد الأنطاكى، م. س ، ص 393.
    ([21]) الملاح، م. س، ص 184.
    ([22]) البدراوى زهران، من مصنفات الثروة اللفظية "كتاب الأشباه والنظائر للهمذانى"، ص 60.
    ([23]) إميل بديع يعقوب، م س ، ص 179.
    ([241]) هادى نهر، م س ، ص 264.




    عوامل ظهور المشترك اللفظي :
    يعزو الباحثون أسباب المشترك اللفظي إلى أسباب: (أ) داخلية (ب) خارجية([1]). تتمثل الأولى في التغير الصوتي والتغير الدلالي للكلمات، وتتمثل الثانية في انتقال الكلمات من لغة أولهجة إلى أخرى ([2]) وسنتوقف بشيء من التفصيل عند كلِّ عامل من عوامل ظهور المشترك اللفظي.

    1. الاستعمال المجازي :
    ينبغي أولاً أن نفرق بين الحقيقية والمجاز ، فالحقيقة هي "لفظ مستعمل فيما وضح له ابتداء ، وما أقر في الاستعمال على أصل وضعه في اللغة، أو الكلام الموضوع موضعه الذي ليس باستعارة ولا تمثيل ، وقوعاً لا يستند فيه على غيره"([3]) وهى إمَّا لغوية وإما شرعية وإما عرفية.. فالأولى كالأسد للحيوان المفترس والثانية كلفظ الصلاة للعبادة المخصوصة، والثالثة كالدابة لذوات الأربع كالحمار، مع أنَّها لغة لكل ما يدب على الأرض([4]).
    أمَّا المجاز فإنه مصطلح من الفعل " جاز الشيء" بمعنى " تعداه إلى غيره" وهو اصطلاحاً: استعمال أية لفظة في غير معناها المعجمي " الحقيقي أو الأصلي " لوجود علاقة بين المعنى اللغوي الأصلي لهذه اللفظة والمعنى المجازي " الجديد" الناتج عن ذلك الاستعمال " بشرط وجود قرنية مانعة من إرادة المعنى الأصلي للفظة "([5]).

    وممَّا تقدم نرى أنه لدنيا لفظ " هو الدال ، ومعنى هو المدلول ، أو لدينا تركيب هو الدال، ومفهوم أو معنى هو المدلول"([6]).
    وعلى هذا فالاستعمال المجازي هو من عوامل المشترك كما في استعمال لفظة " عين الدالة على : سجاب ينشأ من قبل القبلة، وعين الإنسان ، والعين التى ينبع فيها الماء، وعين الركبة ، والعين الواشي ، والعين المال الحاضر، وغيرها ، وقد مثل ابن بنين لذلك بأبيات من الشعر ، نقلها عن ابن فارس([7]).
    ولعلَّ أهم عامل فى تغيير المعنى هو الاستعمال المجازي، وليس من الضروري أن يكون الاستعمال المجازي مقصوداً متعمداً، كما نلحظ في بعض الأساليب الشعرية والكتابية ، بل قد يقع من عدة أفراد في البيئة اللغوية في وقت واحد، ودون مواضعة أو اتفاق بينهم([8]). ويعد البعض أن مصدر الكثرة في المشترك اللفظي إنما هو بسبب الاستعمال المجازي ، يقول د. حسن ظاظا: " وإنما مصدر هذه الكثرة هو التوسع المجازي في المعنى ، وتنويع المعاني انطلاقاً من دلالة واحدة"([9]) ويمثل لذلك بلفظة "العين".
    ويقسم الدكتور أحمد مختار عمر المجاز إلى أنواع يقع ضمنها المشترك اللفظي، وهيSad[10])
    أ‌) توسيع المعنى : كما حدث للفعل (ساق) في التعبير القديم: ساق الرجل إلى المرأة مهرها، فقد كان ذلك حقيقة ، حينما كان المهر من نوع الحيوانات، ولكن بعد أن تغير العرف وصار المهر نقوداً أعطي الفعل معنى أوسع واحتفظ بحيويته.

    ب)تضيق المعنى: مثل لفظ "المأتم" الذى كان يراد به اجتماع الرجال أو النساء في مناسبة حزينة أو سعيدة، ثم استعمل فيما بعد في المناسبة الحزينة فقط.
    ج) السببية : مثل كلمة "الإثم" التي تعني الذنب ، ثمَّ أصبحت فيما بعد مرادفة لكلمة الخمر، فأصبح لكلمة "الإثم" معنيان مختلفان أحدهما سببٌ في الآخر.
    د) اطلاق اسم الجزء على الكل: مثل كلمة اللسان التي تعني العضو المعروف، ثم صارت تستعمل كذلك في معنى المتحدث الرسمي أو المتكلم عن قومه.
    هـ) إعطاء الشيء اسم مكانه : كما حدث في كلمة الراوية التي كانت تعني الجمل الذى يحمل قربة الماء، ثم أصبحت تعني القربة نفسها.
    ممَّا سبق نرى أنَّ للمجاز دوراً في وقوع المشترك اللفظي ، فالعرب كانوا يميلون إلى التلويح دون التصريح، والإيماء بالإشاره اللطيفة الدالة ثقة بفهم المخاطب ، ولما كثر نقل ألفاظ على معان مجازية أصبحت معاني هذه الألفاظ معاني حقيقية ، يقول ابن سيدة :" ... أو تكون كل لفظة تستعمل بمعنى ثم تستعار بشيء فتكثر وتغلب فتصير بمنزلة الأصل"([11]) وقد عني الزمخشري في معجمه "أساس البلاغة" بتبيان المعاني الحقيقية والمجازية للكلمات، ولكنَّه حاول استقاق معنى حسي من آخر معنوي ... مع أنَّ ما أجمع عليه المحدثون من علماء اللغات هو أنَّ المعاني الحسية أسبق في الوجود وأجدر بأن تعدَّ المعاني الحقيقية، وغيرها فروع لها عن طريق المجاز([12]).

    نتابع العامل الثاني لاحقاً بعون الله.
    ------------------------------------------------------------------
    ([1])أحمد مختار عمر ، علم الدلالة ، ص 160
    ([2]).كريم زكي حسام الدين ، أصول تراثية فى اللسانيات الحديثة ، ص 299
    ([3]).توفيق محمد شاهين ، عوامل تنميته اللغة العربية ، ص 151
    ([4]).نفس المرجع ، ص 151 وما بعدها.
    ([5])عبد الوهاب المسيري ، اللغة والمجازيين التوحيد ووحدة الوجود ، ص 12
    ([6])عبد الرءوف مخلوف ، من قضايا اللغة والنقد والبلاغة ، ص 47 .
    ([7]) هادي نهر ، م.س ، ص 263، وانظر أيضا ، اتفاق المباني وافتراق المعاني ، لابن بنين النحوي ، ص 107، ص 108.
    ([8]) إبراهيم أنيس ، في اللهجات العربية ، ص 193.
    ([9]) حسن ظاظا، كلام العرب من قضايا اللغة العربيةن ص 108.
    ([10]) أحمد مختار عمر ، علم الدلالة ، ص 162.
    ([11]) مهدي عرار ، جدل اللفظ والمعنى ، ص 105.
    ([12]) إبراهيم أنيس ، م.س. ص 199.



    خالد عايش

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 9:26 am