منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    عناصر التحليل النصي

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    عناصر التحليل النصي   Empty عناصر التحليل النصي

    مُساهمة   الأحد ديسمبر 19, 2010 8:28 am



    <blockquote class="postcontent restore">
    عناصر التحليل النصي


    د. صبحي إبراهيم الفقي


    بادئ ذي بدء نعرض لأهمية الجملة الأولى في التحليل النصي، فالاستهلال يحتل
    مكانة بارزة من حيث أهميته من ناحية، ومن حيث علاقته ببقية أجزاء النص من
    ناحية أخرى، وتحكمه كذلك في هذه الأجزاء.
    ففي الغالب يركز المرسل كل جهوده في هذه الجملة، إذ يكون ما بعدها غالباً
    تفسيراً لها. وتمثل كذلك المحور الذي يدور عليه النص فيما بعد، إذ تتعلق
    الأجزاء الباقية من النص بالجملة الأولى بوسيلة ما. وهذا واضح في النص
    القرآني بصورة جلية.

    وقد أدرك القدماء والمحدثون أهمية الجملة الأولى في النص، بل الكلمة
    الأولى في الجملة، فيقول السيوطي: "وسُئل الشيخ.. عن الحكمة في افتتاح
    سورة الإسراء بالتسبيح، والكهف بالتحميد.. وأجاب ابن الزملكاني بأن سورة
    (سبحان) لما اشتملت على الإسراء الذي كذب المشركون به النبي (صلى الله
    عليه وسلم)، وتكذيبه تكذيب لله تعالى، أتى بـ (سبحان) لتنزيه الله عما نسب
    إليه ولنبيه من الكذب. وسورة الكهف لما أنزلت بعد سؤال المشركين عن قصة
    أصحاب الكهف وتأخير الوحي نزلت مبينة أن الله تعالى لم يقطع نعمته عن نبيه
    ولا عن المؤمنين، بل أتم عليهم النعمة بإنزال الكتاب، فناسب افتتاحها
    بالحمد على هذه النعمة... .

    وأما سورة سبأ فلما تضمنت ما منح سبحانه داود (عليه السلام) من تسخير
    الجبال والطير والريح وإلانة الحديد ناسب ذلك ما به افتتحت السورة من أن
    الكل ملكه وخلقه، فهو المسخر لها والمتصرف في الكل بما شاء، فقال تعالى
    (أول سبأ): (الحمد لله الذي له ما في السّموات وما في الأرض وله الحمد في
    الآخرة) وهذا أوضح التناسب.
    فالارتباط واضح بين افتتاح كل من هذه السور وبما يليها من موضوع السورة والقضايا التي تناقشها.
    بل امتدت معرفة القدماء لأهمية الجملة الأولى إلى الأحرف المقطعة في بداية
    السور، "فمن ذلك... اختصاص كل سورة بما بدئت به، حتى لم تكن ترد (الم) في
    موضع (الر) ولا (حم) في موضع (طس)، قال [الزركشيٍ] وذلك أن كل سورة بدئت
    بحرف منها، فإن أكثر كلماتها وحروفها مماثل له، فحق لكل سورة منها ألا
    يناسبها غير الوارد فيها.. . فسورة "ق" بدئت به لما تكرر فيها من الكلمات
    بلفظ القاف.. . وقد تكررت الراء في سورة "يونس" في الكلام الواقع فيها إلى
    مائتي كلمة أو أكثر، فلهذا افتتحت بالراء. واشتملت سورة "ص" على خصومات
    متعددة، فأولها خصومة النبي (صلى الله عليه وسلم) مع الكفار... ثم اختصام
    الخصمين مع داود، ثم تخاصم أهل النار، ثم اختصام الملأ الأعلى، ثم تخاصم
    إبليس في شأن آدم، ثم في شأن بنية وإغوائهم. فالخصومات كلها تحتوي على حرف
    الصاد، وفي هذا تناسب واضح.
    ولم يقف أمر التحليل ـ فيما نرى ـ عند حد الجملة الأولى فحسب، بل تعداها
    إلى عنوان النص، وسوف يتأكد ذلك جلياً في التحليل التطبيقي، خاصة حين
    مناقشة التماسك بين اسم السورة من ناحية وبين السورة نفسها من ناحية أخرى.
    إذ تعددت أسماء السور تبعاً لمعايير كثيرة ومتنوعة.

    والأكثر من مراعاة أهمية الجملة الأولى، رأينا اهتمام السيوطي والنحاس
    وغيرهما بمراعاة القرآن الكريم البداية بسورة "الفاتحة"، فيقول السيوطي:
    "قال الطيبي: وجميع القرآن تفصيل لما أجملته الفاتحة، فإنها بنيت على
    إجمال ما يحويه القرآن مفصلاً، فإنها واقعة في مطلع التنزيل، والبلاغة
    فيه: أن تتضمن ما سيق الكلام لأجله... .

    إذن الكلمة الأولى، والجملة الأولى، بل السورة الأولى بالنسبة للنص
    القرآني، لكل من هذه الأمور وظيفته الترابطية في النص. ولم يكن موقف
    المحدثين مخالفاً لموقف القدماء، بل أكدوه، فيذكر أحد الباحثين المحدثين
    أن "الجملة الأولى في أي نص تمثل معلماً عليه يقوم اللاحق منها ويعود.
    وداخل تلك الجملة نفسها يمثل اللفظ الأول منها معلماً تقوم عليه سائر
    مكوناتها. فالمسند يقتضي المسند إليه، وهذا الأخير يقتضي الأول، وهما معاً
    يقتضيان متممات، فهذه حلقة أولى تنتهي دون أن تنغلق على نفسها، فهي مستقلة
    من حيث التركيب، ولكنها منطلق في كل شيء لما يأتي بعدها من حلقات هي جمل
    أخرى، وبين هذه الحلقات علاقات تخالف في نوعها العلاقات التي تحكم انتظام
    الجملة الداخلي، فهي علاقات انتشارية أفقية تضيف جديداً من حيث الإخبار أو
    البيان، ولذلك توصف الحلقة إلى جانب الأخرى لتكون عالماً ممتداً هو عالم
    النص..." .

    وكذلك في البنية الزمانية "يحكم الفعل الرئيسي... الأزمنة كلها في الأفعال
    أو غيرها... وفي الإحالة يحكم العنصر الإشاري العناصر الإحالية المتعلقة
    به كلها...".

    أما العنصر الثاني من عناصر التحليل النصي، فهو عنصر الإحالة أو المرجعية.
    وقبل ذلك نود أن نشير إلى أن هناك صعوبة واجهها الباحث، عند دراسته
    للإحالة ـ خاصة مرجعية الضمير ـ في النص القرآني، وهي أن المحال إليه قد
    يكون واحداً معيناً، وهذا لا غموض فيه، ولكن قد يكون المحال إليه متعدداً،
    وهنا تبرز المشكلة: إلى أي من هذه يعود الضمير؟
    وقد وجد الباحث الحل في معرفة السياق اللغوي والسياق الاجتماعي المحيط
    بالنص حتى يمكن معرفة إلى أي شيء يعود الضمير. ومن هنا تبرز أيضاً أهمية
    دراسة السياق وعلاقته بالنص.
    أما مستويات الإحالة فقد لخصها الباحثون في مستويين أساسيين هما:
    المستوى الأول: مستوى خارجي يقوم على وجود ذات المخاطب خارج النص وتتوفر فيه إحالة على خارج اللغة.
    المستوى الثاني: مستوى داخلي يختص بالنص المدروس، وعناصر الإشارة تحيل إلى
    عناصر موجودة داخل النص، والإحالة هنا تكون لغوية. وأن النوع الثاني ينقسم
    إلى: إحالة قبلية، وإحالة بعدية.
    وهناك المستوى ثالث: أشار إليه د. الزناد وهو:
    "الإحالة النصية" وهي إحالة عنصر معجمي على مقطع من الملفوظ أو النص، وتؤديها ألفاظ من قبيل "قصة"، "خبر"، "رأي"، "فعل" ... .
    ونرى أن هذا المستوى يندرج تحت "الإحالة الداخلية"، فالكلمة مثلاً عندما تحيل إلى قطعة من النص، فإن هذه تسمى "إحالة خارجية".
    والإحالة تمثل وسيلة من وسائل التماسك النصي، ومن ثم تتمثل أهمية الإحالة
    في "إنشاء التماسك الدلالي للنص... فالإحالة من العناصر المؤثرة في تماسك
    النص".
    وأهمية الإحالة في تحقيق التماسك الدلالي للنص صادر أساساً من منطلق أن الإحالة شيء رابط دلالي... لايطابقه أي رابط بنيوي آخر.
    وبالطبع ليست الإحالة فقط هي التي تقوم بدور فعال في تماسك النص وتماسكه، "بل يوجد عامل تركيبي، وعامل زمني".

    أما العنصر الثالث من عناصر التحليل النصي فهو قائم على العنصر السابق،
    فأهمية الإحالة تحقيق التماسك، في الحقيقة لانريد أن نحمل النصوص فوق
    طاقاتها، لكننا لاحظنا في نص مهم لسيبويه أنه يعبر عن عملية التماسك هذه،
    خاصة بين المسند والمسند إليه، وهما يمثلان ظاهرة بارزة من ظواهر التماسك،
    خاصة على مستوى الجملة، إذ تكاد أبواب النحو كلها تقوم على هذه العلاقة
    (المسند والمسند إليه والمتعلقات).
    وهذا هو معنى التماسك بمعناه الشامل، عدم استغناء الأول عن الآخر، والعكس
    عدم استغناء الآخر عن الأول. وإن كان هذا على مستوى الجملة، فإنه المفهوم
    نفسه على مستوى الجمل المتجاورة المتباعدة، سواء أكانت المسافة بينها
    متقاربة أم متباعدة.
    وإن كانت علاقة الإسناد هي الأساس الذي تبنى عليه الجمل، فغن العلاقة بين
    جمل النص تتعدى هذه العلاقة إلى علاقات أخرى تختلف عن الإسناد الجملي.
    والتأكيد على العلاقة الترابطية، الإسنادية أكده علماء النص المحدثون
    كذلك، فأطلقوا الموضوع (المسند إليه) Topic على المعلومة المذكورة سلفاً
    في النص، أما المحمول (المسند) أو الخبر Predicate فهو المعلومة الجديدة
    في النص.
    ونسأل: هل هذا يعني أن علاقة الإسناد تتعدى مستوى الجملة الواحدة إلى العديد من الجمل المتتابعة؟
    نقول: نعم، فمن الممكن أن يأتي المسند إليه في الجملة الأولى، ثم تأتي المسندات المتعددة في الجمل التالية للجملة الأول











    </blockquote>

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 2:55 am