منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    قراءة أسلوبية في رواية «عرس الزين» للطيب صالح 2/2

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    قراءة أسلوبية في رواية «عرس الزين» للطيب صالح 2/2  Empty قراءة أسلوبية في رواية «عرس الزين» للطيب صالح 2/2

    مُساهمة   السبت ديسمبر 25, 2010 8:37 am



    <TABLE id=itemcontentlist>

    <TR>
    <td style="MARGIN-BOTTOM: 0px; LINE-HEIGHT: 1.4em">
    قراءة أسلوبية في رواية «عرس الزين» للطيب صالح 2/2

    Posted: 24 Dec 2010 01:20 AM PST

    قراءة أسلوبية في رواية «عرس الزين» للطيب صالح 2/2  عرس

    ب- الشخصية الثانية المحورية: في الرواية التي «قلبت المفاهيم، وغيرت الأوضاع “هي شخصية نعمة ابنة عم الزين، أجمل بنت في القرية وأكثرهن صلابة وثراء ووقارا وشعورها بالمسؤولية وأوفرهن عنادا وإلحاحا في تحملها، وقد ذاق أهلوها الأمرين منها في رفضها لكل من تقدموا بطلب يدها حتى أحس أبوها أخيرا ( بأن هذه الفتاة ليست عاقة ولا متمردة، ولكنها مدفوعة بإيعاز داخلي إلى الإقدام على أمر لا يستطيع أحد ردها عنه )، أما نعمة فكانت ( تحس أن الزواج سيجيئها من حيث لا تحتسب .. وأنه سيكون قسمة قسمها الله لها في لوح محفوظ، قبل أن تولد، وقبل أن يجري النيل، وقبل أن يخلق الله الأرض وما عليها )، ذلك أن نعمة قد أرغمت أباها أن يدخلها في الكتاب لتتعلم القرآن، فكانت الطفلة الوحيدة ، بين الصبيان، ثم كفت عن الذهاب لأنها تعتقد أن ( التعليم في المدارس كله طرطشة ) على أنه:

    «حين يخطر الزين على بال نعمة، تحس إحساس دافئا في قلبها، من فصيلة الشعور الذي تحسه الأم نحو أبنائها، ويمتزج بهذا الإحساس شعور آخر بالشفقة، يخطر الزين على بالها كطفل يتيم عديم الأهل في حاجة إلى الرعاية، أنه ابن عمها على أي حال وما في شفقتها عليه شيء غريب » .

    وكانت نعمة الفتاة الوحيدة التي يوقرها الزين، فلا يتحدث عنها ولا يعبث معها، كلما رآها مقبلة يصمت ويترك عبثه ومزاجه، وإذا رآها من بعيد، تراقبه بعيون حلوة غاضبة، فر من بين يديها وترك لها الطريق، أما هي فكانت أحيانا تنتهره قائلة:

    ( ما تخلي الطرطشة والكلام الفارغ وتمشي تشوف أشغالك ؟ ). فينسل من بين النساء ويمضي في سبيله .

    أما كيف تم القران الذي حير أهل القرية، فيرويه الزين كما يلي: « جاءتني الصباح بدري في بيتنا، وقالت لي قدام أمي: يوم الخميس يعقدوا لك علي، أنا وأنت نبقى راجل ومره ، نسكن سوا، ونعيش سوا »

    ومن المرجح أن نعمة ، وما فيها من عناد واستقلال في الرأي ، وربما بوازع الشفقة على الزين، أو تحت تأثير القيام بتضحية ، وهو أمر منسجم مع طبيعتها، قررت أن تتزوج الزين » (38). .

    جـ- الحنين: ناسك سياح، ليس له وضع اجتماعي لا يملك إلا إبريقه ومصلاته، يعيش في السماء أكثر مما يعيش على الأرض، وهو رجل موقر، وولي صالح، والممثل الحقيقي للسلطة الروحية، ورسول السماء وترجمان الغيب، وهو المحرك الأوحد لأحداث الرواية (نبوءات – معجزات) (39).

    د- سيف الدين: شرير، طريد، طرده أبوه الغني من رحابه حين بلغه أن إبنه الفتى يلم بالواحة، فيشرب ويفسق، وهو يمثل الشر ويتزعم الشواذ، وهم أفراد ليس لهم في النظام الاجتماعي منزلة محددة، يتجمعون في الواحة، وهي «جانب من القرية، تجمعت فيه الجواري (المحررات) بعد أن منع القانون استرقاقهن، هام سيف الدين على وجهه في الوادي حتى مات أبوه فعاد ليرث أمواله ويبددها، وفي إحدى غدواته على القرية يجد أهله يحتفلون بعرس أخته، ويجد الزين على عادته يعابث العروس، ولما كان غريبا عن البلد وعن دالة الزين على العرائس، فإن جاهليته تتبدى في ضربة فأس على رأس الزين، ويرد الزين هذه الضربة بمحاولته القاتلة، لولا أن الله لطف وأرسل الحنين» (40).

    5- الشخصيات الثانوية في «عرس الزين»:

    تعج رواية “عرس الزين” بالشخصيات الثانوية، وأول هذه الشخصيات “القرية” من حيث هي مجتمع، وهي شخصية جامعة تحوي كافة الشخصيات الأخرى، وهي في الحقيقة شخصية محورية، وجعلناها مع الشخصيات الثانوية كونها تشكيلة من الدلالات الرمزية.

    القرية:

    1-موقعها الجغرافي: في شمال السودان (إفريقيا، العالم الثالث)على مسافة من “مروى” مسقط رأس الطيب صالح، قد تكون حقيقة، وقد تكون خيالية (واقعها النص على كل حال) لم يسمها الكاتب، ولعله أراد بذلك أن يجعلها نموذج القرية السودانية عموما، تحدها من خلف الصحراء برمالها المجدبة، ويحدها من أمام النيل بمياهها المخصبة…

    2- نمطها الاقتصادي: تتخذ القرية معاشها من الفلاحة (نخل – قمح – ذرة – لوبياء – فول) وتستعمل في خدمة الأرض وسائل تقليدية عتيقة.

    3- التركيبة الاجتماعية للقرية: على أساس هذا النمط الاقتصادي ينبني مجتمع القرية، ويتركب من الشخصيات الآتية:

    أ- الفلاحون: الواحد منهم مشقق اليدين والرجلين من كثرة ما خاض الوحل وضرب بالمعول .

    ب- العبيد المحررون: اعتقوا من الرق حديثا، ويعيشون حياة كريمة، وبينهم وبين سادتهم السابقين ود وتواصل…

    جـ- الأعيان (كبار المزارعين والتجار):

    - الحاج إبراهيم أبو نعمة: نخل وشجر وبقر ومواش لا يحصيه العد..

    - المحجوب وجماعته: لكل واحدٍ منهم حقل يزرعه في الغالب أكبر من حقول بقية الناس، وتجارة يخوض فيها …

    - البدوي الصائغ: حديث العهد بالثروة، ولعله أثرى رجل في البلد في أقل من عشرين عاما كون من العدم ثروة هائلة …

    د- الموظفون وأصحاب المهن الحرة: الناظر، المدرسون (إدريس)، المفتش، الحكيم، وعددهم قليل، ولهم منزلة اجتماعية محترفة …

    هـ- ذوو العاهات من المساكين: عشمانة الطرشاء، وموسى الأعرج، …، يعيشون داخل القرية، ولكنهم يعيشون على حافتها كالمنبوذين لا يشفق عليهم إلا الزين.

    و- الشواذ: أفراد ليس لهم في النظام الاجتماعي منزلة محددة، ومنبوذون من المجتمع:

    واحة الجواري على مشارف القرية، منطقة تمر دو مغامرة، (خمر، شرور سيف الدين).

    خلاصة: هذه هي الأبعاد الواقعية في دلالات الشخصيات في رواية “عرس الزين”:

    * مجتمع زراعي ألغى الرق حديثا، متفاوت التركيب نسبيا، يهيمن عليه كبار الملاكين، يعاني بعض التوتر، ولكن تناقضاته في الجملة لا تبلغ حد الانفجار، كونت فيه المشاريع لحكومية نواة من الأيدي العاملة … ما تقصه الرواية من وراء عرس الزين أو من خلاله إنما هو تطور القرية من ماض ما إلى مستقبل ما، وتلح الرواية خاصة على حاضر التغيرات، فهو الفترة الحاسمة في مصير القرية، وذلك يوافق طورا خاصاً من تاريخ السودان، وهو انتقال البلاد من عهد الاستعمار إلى عهد الاستقلال (42).

    6- المستوى المعجمي: أو الكلمة في النص الأدبي، فالحديث عنها شيء ضروري، لأن المستوى المعجمي هو الأساس الذي يبنى عليه النص (43).

    يمكن تصنيف معجم الطيب صالح في «عرس الزين» حسب ثلاثة معايير: السجلات والمصطلحات والصفات، وقبل ذلك نشير إلى الموقف المبدئي للطيب صالح من أداة التعبير، فقد اختار ازدواج الكلام بين فصيح ودارج، فصيح يتبوأ مواقع السرد، ودارج يحتل مراكز الحوار«فبينما يخاطب الراوي قارئه قي واقع الحياة باللغة المأثورة في الكتابة الأدبية على نطاق العالم العربي، يتخاطب الأشخاص في واقع النص باللهجة المألوفة في المعاملات اليومية داخل قرى السودان للدارجة في الرواية المرتبة الثانية لأنها ليست مستقلة بنفسها بل تابعة للفصحى قصصيا من حيث هي منطوقات عامية لكلمات معربة (قالت حليمة …الزين مو داير يعرس).

    وفيما بين- السرد = رواية = أسلوب غير مباشر (حكاية أحوال وأفعال).

    - والحوار = تمثيل = أسلوب مباشر (حكاية أقوال) يجري الكلام على مستويين من التعبير: تعبير ثقافي متجذر في التراث العربي العام، وتعبير واقعي منغرس في بيئة السودان الخاصة… وبالتالي يجوز أن نستنتج عكسياً –أن أسلوب الطيب صالح متأثر بروح القومية السودانية، مشدود إلى لغة الشعب … ونحن وإن أحسسنا أحيانا ببلاغته تعبير الدارجة في «عرس الزين» لا نستطيع تقييم أسلوب الطيب صالح في هذه اللهجة السودانية لجهلنا بأصولها … وعلى كلٍ … فتحليلنا سيقتصر بالضرورة على البعد الفصيح من أسلوب الكاتب دون البعد العامي (44).

    أ- السجلات:

    ونعني بالسجلات الألفاظ التي وظفها الكاتب في الرواية من حيث وضوحها أو غموضها، جدتها أو قدمها، فصاحتها أو عاميتها…

    - أكثر الألفاظ من المتداول في عصر الأديب … تداخلها في كثير من المواضيع بين الفصيح والدارج … كلمات مأخوذة أحيانا من قاموس اللغة الكلاسيكية، مثل: بلقع – خال – بريء – براء – الغيظ – الطلح – أيوب – وهلم جرا.

    ومفردات دارجة، مثل : باكر يجي ود حلال يعرسك وتنفك من حججك (ص: 37) – عوك يا أهل العرس، يا ناس القيص، الزين جاكم (ص: 42) – من الكلب المجرم الضرب ؟ (ص: 43) – البلاط يزلق الكراع…(ص: 44) …إلخ.

    ويؤثر الطيب صالح في معظم الأحيان اللغة العصرية، المأنوسة، المألوفة، مثل: مضى عام على سيف الدين وهو يجمع العلف للبقر (ص: 53) – يرعي الماشية – كما يقول أهل البلد (53) وكانت القهوة ما تزال ساخنة (ص:66) إلخ…

    ب – المصطلحات: ونعني بها الحقول اللغوية في النص، بعد قراءتنا للرواية قراءة فاحصة، ومتأنية، وجدنا المفردات تنتمي إلى مصطلحات وأطر شتى، وتتوزع بينها حسب نسب متفاوتة، وقد أمكننا أن نفرز ونحدد الأطر والحقول اللغوية الآتية:

    1 – وصف الفضاء (الطبيعة): الشمس – السماء – الصحراء – النجوم – الصيف – الخريف – الرمال – الواحة – النهار – الحقل – السحاب – المدينة – (طبيعة من صنع الإنسان ) – الواحة – النيل – الشجيرة – الريح …إلخ.

    2 – إطار الأخلاق: المصطلح الديني والأخلاقي متوفر إلى حد كبير: الله – النبي – القرآن – سورة الرحمن – سورة مريم – يقرأون من القرآن – سورة القصص – الآخرة – الآية – مسجد – سجادة – إبريق – أدان – صلاة – معجزة – التقوى – البر – محمد رسول الله … كلمات ذات صلة دينية تنتسب كلها إلى معجم الأخلاق (الخير – الشر).

    3 – المصطلح النفسي: يساهم بقسط في تكوين معجم الرواية: الدهشة – الغضب – الرحمة – الحنو – الضحك – الغناء – الرقص – الحنين – الخوف – طيب – الطيبين – رحمة – شفقة – طمأنينة – الحب …إلخ.

    4 – المصطلح الاجتماعي والاقتصادي:

    من أكثر المصطلحات حضورا: كان دمت الأخلاق – أسرة ميسورة الحال – جوار – أعيان – عائلته لم تكن من العوائل ذوات الأصل – فقير – غني – منبوذون – رقيق – الزراعة – الحقول –التجارة – الدكان – الفرسان – ا – السوق- العرس … ولهم جرا.

    جـ – الصفات: ونعني بالصفات لغة الرواية من حيث الحسي والمعنوي والواقع والرمز.

    1 – الحسي والمعنوي:

    ما يمكن ملاحظته هو: أن الكلمات ذات المدلول المادي في الرواية أوفر بكثير من الكلمات ذات المدلول المعنوي، وذلك لأن الكلمات المادية وثيقة الصلة بحياة شخصيات الرواية العملية (المعاملات بين الناس – عادات الأكل – تقاليد الزواج – وسواها )، ومع ذلك فلا تخلوا الرواية من بعض المعاني الحسية.

    2 – يستعمل الطيب صالح – ككل أديب – كلمات المعجم تارة على وجه الحقيقة (أعلام)، وتارة على وجه المجاز (إبداع)، “ويحمل عبارته (أحيانا) دلالتين متراكبتين، إحداهما واقعية والأخرى رمزية، الأولى تشخص ظاهرا ملموسا، والثانية توحي بمعان خفية، ويحدث هذا الازدواج في صلب العبارة كالتذبذب المعنوي يوسع أبعاد المفهوم: ” ثم صرخ” (عند المرور على الخرابة المسكونة)، ” وغابا في الظلام” (الحنين والزين):

    - غياب حقيقي + أبعاد أسطورية سحرية …

    كل واحدة من هذه العبارات تدل على شيء واضح، وتوحي بمعنى غامض، مذهب خاص في الكتابة يتداخل فيه الواقع والرمز = الشيء شي وزيادة” .

    7 – المستوى النحوي:

    أ – طبيعة الجمل: تهيمن الجملة الفعلية على الجملة الاسمية، فقد بلغ عددها واحدا وعشرين جملة في الفصل الثالث مقابل جملتين اسميتين فقط …

    ب – طبيعة الأفعال: معظم الأفعال مضارعة، فقد استعمل الطيب صالح في الفصل الثالث اثني عشر فعلا مضارعا، وسبعة أفعال ماضية، واثنين للأمر … وهذا العدد لا ينسحب على جميع الفصول.

    جـ - الجمل “في أغلب الأحيان قصيرة متعاطفة أو متلازمة، فإن طالت وتشعبت فبالتراكيب الاعتراضية أو إلحاق الأحوال” (46).

    8 – المستوى البلاغي:

    تشكل الصور البلاغية أبرز ظاهرة أسلوبية لدى الأدباء العرب في القديم والحديث، باعتبارها تجسيدا وتصويرا لرؤية رمزية للمعنى المتضمن في الألفاظ.

    ولقد تبين من خلال الاستقراء الفاحص للرواية أن أبرز الصور البيانية وأكثرها انتشاراً في الرواية، هي تلك التي اعتمدت على الصيغ المتداولة منذ القديم: استعارات – تشبيهات – كنايات – .

    ولعل أجمل ما وفق إليه الأديب هو تشخيص صورة الزين منذ الولادة (صورة بشعة كاريكاتورية) حتى دخوله المستشفى، ثم بعد خروجه من (صورة جميلة): يروى والعهدة على أمه، والنساء اللائي حضرن ولادتها، أول ما مس الأرض، انفجر ضاحكا – وأمه تقول: إن فمه كان مليئا بأسنان بيضاء كاللؤلؤ – يرتجف كمن به حمى – عيناه صغيرتان … محجراهما مثل كهفين في وجهه – الذراعان طويلتان كذراعي القرد – والساقان … كساقي الكركي – ذلك الضحك الغريب الذي يشبه نهيق الحمار – قفز من مكانه كالضفدعة – فقد فطنت أمهات البنات إلى خطورته، كبوق يدعين به لبناتهن – ينظر الزين بعينيه الصغيرتين كعيني الفأر – لا يترك أكلا لآكل – فكأنه قدر يغلي- كأنه كلبة فقدت جراءها – قفز الزين واقفا كأن عقربا لدغته – كأنه (الزين) جلد معزة جاف، ولما عاد الزين من المستشفى .. حيث ظل أسبوعين، رأى (الناس) صفا من الأسنان اللامعة في فكه الأعلى، وصفا من أسنان كأنها من صدف البحر في فكه الأسفل – وكأنما الزين تحول إلى شخص آخر – والتفت الزين خلفه كأنه يخاف أن يسمعه أحد.

    لقد هيمنت الصورة التشبيهية في رواية ” عرس الزين” على أنماط الصور البيانية الأخرى، وهذا يعكس أهمية هذه الصورة عند الطيب صالح …

    وله أيضا “بعض الجمل المبتذلة من اصطلاح العصر وهي من وحي اللغات الأجنبية: نقطة تحول – اتخاذ الخطوة الحاسمة – لماذا طلب يدها ؟ (عوض خطبها) تمثل هذه “الكليشات” الدرجة الصفر في الإنشاء وانطلاقا منها تقاس فنية الأسلوب” (47) .





    خاتمـــة:

    هذه إحدى محاولاتنا التي نسعى من خلالها إلى تجديد القراءة لنصوص من الأدب العربي القديم والحديث، وكان في منطلق هذه التجربة ثلاثة من الدارسين المغاربة (المغرب العربي) الذين حافظوا على المعايير القديمة، وأفادوا من المناهج الحديثة، وفي مقدمتهم محمد مفتاح بتحليله الشهير لنونية الرندي في كتابه الموسوم ب« في سيمياء الشعر العربي القديم » وعبد الرحيم الرحموني، ومحمد بوحمدي « في تحليلهما اللغوي الأسلوبي لنصوص من الشعر العربي القديم» ، ومحمد الهادي الطرابلسي في كتابه :

    «خصائص الأسلوب في الشوقيات».وتوفيق بكار في كتابه: « شعريات عربيات»، وفي محاضراته التي قدمها لطلبة الدراسات العليا بقسم اللغة العربية وآدابها في جامعة عنابة بالجزائر، وغيرهم.

    فقد ألهمنا هؤلاء، ثم انقطعوا عنا، وبقيت رواية «عرس الزين» للطيب صالح عبقري الرواية العربية بنوعيتها الفريدة تتحدى، وبقينا في حوار معها هذه نتائجه.

    * أستاذ التعليم العالي ،كلية الآداب ، جامعة عنابة .ورئيس تحرير مجلة بونة للبحوث والدراسات ص ب: A 76 ( وادي القبة) – عنابة – الجزائر، متعاون مع الموقع .




    الهــوامـش والمراجــع:

    (1). أنظر: عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز ( تصحيح حمد رشيد رضا )، مكتبة القاهرة، 1954 .

    (2). أنظر: المصنف نفسه ” أسرار البلاغة” ، تحقيق: د.محمد عبد المنعم خفاجي، ود.عبد العزيز شرف ) ، دار الجيل، بيروت، طبعة 01 ، سنة 1991 .

    (3). أنظر: الزمخشري “الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل”، دار الكتاب العربي، بيروت، طبعة03 ، سنة 1981 .

    (4). أنظر: ابن قيم الجوزية: بدائع الفوائد (1-2) دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان .

    (5). أنظر: د. عبد الرحيم الرحموني، ود. محمد بوحمدي: التحليل اللغوي الأسلوبي ( سلسلة الأسلوبية في خدمة التراث )، ج 2 ، ص: 5 ، طبعة فاس، المغرب، سنة 1994.

    (6). هنريش بليث: البلاغة والأسلوبية ” نحو نموذج سيميائي لتحليل النص ” ترجمة وتقديم وتعليق: د. محمد العمري، منشورات دراسات (سال) ، طبعة1 ، البيضاء- المغرب – ، سنة 1989.

    (7). ميكائيل ريفاتير: معايير تحليل الأسلوب ” ترجمة وتقديم وتعليقات : د.حميد لحمداني” ، منشورات دراسات (سال)، دار النجاح الجديدة، البيضاء – المغرب – ، سنة 1993 .

    (Cool. عبد الرحيم الرحموني، ومحمد بوحمدي: المرجع السابق (2،1).

    (9). محمد مفتاح: في سيمياء الشعر العربي القديم ( دراسة نظرية وتطبيقية )، دار الثقافة ،الدار البيضاء – المغرب – سنة 1989.

    (10). توفيق بكار: شعريات عربية ( الجزء الأول )، دار الجنوب، تونس، سنة 2000 .

    (11). عبد الرحيم الرحموني، ومحمد بوحمدي: المرجع السابق ، ج 1 ، ص: 5 .

    (12). المرجع نفسه، والصفحة نفسها.

    (13). عبد القاهر الجرجاني: المصدر دلائل الإعجاز ( تح: محمد عبده والشنقيطي )، ص: 361.

    (14). أحمد الشايب: الأسلوب، ص: 44.

    (15). محمد مندور: في الأدب والنقد، ص: 6.

    (16). توفيق بكار: محاضرات في الأدب الحديث قدمها لطلبة السنة الأولى ماجستير، بقسم اللغة العربية وآدابها، جامعة عنابة، الجزائر، في العام الجامعي: 81/1982.

    - وأنظر أيضا: عدنان بن دريد: اللغة والأسلوب، ص: 97.

    (17). أنظر أيضا كتابنا: شعر النساء في صدر الإسلام والعصر الأموي، ص: 372 ( هامش 2 )، دار المناهل، بيروت، سنة 2007.

    (18). يتحدث عن ” الأسلوب ” في الموضة، والفن والموسيقى، وتدبير الحياة، وفي المائدة، والسياسة … إلخ ( هنريش بليث: البلاغة والأسلوبية نحو نموذج سيميائي لتحليل النص ( ترجمة وتقديم وتعليق: الدكتور محمد العمري )، ص: 33 ، منشورات دراسات سال، المغرب، الطبعة 1 ، سنة 1989.

    (19). بيفون ( BUFFON ) : عالم في الطبيعيات وأديب في الوقت نفسه، عاش بين سنتي 1707-1788 م ، من أبرز مؤلفاته: مقالات في الأسلوب.

    (20). د.عبد السلام المسدي: الأسلوبية والأسلوب، ص: 67 ، الدار العربية للكتاب – تونس – ، سنة 1982.

    (21). أنظر ص : ومن كتاب:

    F.DELOFFRE : STYTIQUE et POE’TIQUE. FRANCAISES.

    اقتبسه د.عبد السلام المسدي : المرجع السابق، ص: 67.

    (22). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 7-8 ، دار العودة، بيروت، 1976 ، والموسوعة الحرة ( ويكيبيديا ) ، ص: 1 وصحيفة الصحيفة ، النسخة الإلكترونية ، ص: 4.

    (23). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 9.

    (24). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 11-12.

    (25). المرجع نفسه، ص: 16.

    (26). المرجع نفسه، ص: 16.

    (27). صحيفة لصحافة، ص: 6.

    (28). صحيفة الصحافة، ص: 2.

    (29). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 220 .

    (30). صحيفة الصحافة ، ص: 1.

    (31). المرجع نفسه، ص: 7.

    (32). توفيق بكار: خصائص الشكل في رواية ” عرس الزين ” محاضرات ألقاها على طلبة السنة الأولى ماجستير، سنة 1981-1982م.

    (33). عبد الله عزايرة: المدرسة العربية ” موقع إلكتروني ” ، ص: 1.

    (34). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 200-201 .

    (35). صحيفة الصحافة، ص: 1.

    (36). توفيق بكار: الشخصيات في رواية ” عرس الزين ” ، محاضرات ألقاها على طلبة الدراسات العليا في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة عنابة، – الجزائر- ، ص1 في العام الجامعي: 1981/1982.

    (37). الطيب صالح عبقري، الرواية العربية، ص: 23 وما بعدها.

    (38). المرجع نفسه، ص: 26 وما بعدها.

    (39). توفيق بكار: المرجع السابق، ص: 6، وأنظر أيضا: الرواية، ص:35 وما بعدها، دار العودة ، بيروت، 1983.

    (40). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 33.

    (41). استعنا بمحاضرات توفيق بكار السالفة الذكر بتصرف، ص:1 وما بعدها.

    (42). توفيق بكار: المرجع السابق، ص: 8.

    (43). أنظر يوري لوتمان، ص: 243 ، اقتبسه محمد مفتاح في كتابه: في سيمياء الشعر القديم، ص: 42.

    (44). توفيق بكار: الأسلوب في عرس الزين ” محاضرات ألقاها على طلبة الدراسات العليا في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة عنابة، الجزائر، في العام الجامعي: 1981/1982″ ، ص: 2-3 ، وقد استعنا بهذه المحاضرات في كثير من المواضيع.

    (45) – توفيق بكار: المرجع السابق، ص 8.

    (46) – المرجع نفسه، والصفحة نفسها.

    (47) – المرجع نفسه، ص 9 .احفظ المقالة على أحد المواقع التالية


    </TD></TR></TABLE>

    Posted: 24 Dec 2010 01:20 AM PST

    قراءة أسلوبية في رواية «عرس الزين» للطيب صالح 2/2  عرس

    ب- الشخصية الثانية المحورية: في الرواية التي «قلبت المفاهيم، وغيرت الأوضاع “هي شخصية نعمة ابنة عم الزين، أجمل بنت في القرية وأكثرهن صلابة وثراء ووقارا وشعورها بالمسؤولية وأوفرهن عنادا وإلحاحا في تحملها، وقد ذاق أهلوها الأمرين منها في رفضها لكل من تقدموا بطلب يدها حتى أحس أبوها أخيرا ( بأن هذه الفتاة ليست عاقة ولا متمردة، ولكنها مدفوعة بإيعاز داخلي إلى الإقدام على أمر لا يستطيع أحد ردها عنه )، أما نعمة فكانت ( تحس أن الزواج سيجيئها من حيث لا تحتسب .. وأنه سيكون قسمة قسمها الله لها في لوح محفوظ، قبل أن تولد، وقبل أن يجري النيل، وقبل أن يخلق الله الأرض وما عليها )، ذلك أن نعمة قد أرغمت أباها أن يدخلها في الكتاب لتتعلم القرآن، فكانت الطفلة الوحيدة ، بين الصبيان، ثم كفت عن الذهاب لأنها تعتقد أن ( التعليم في المدارس كله طرطشة ) على أنه:

    «حين يخطر الزين على بال نعمة، تحس إحساس دافئا في قلبها، من فصيلة الشعور الذي تحسه الأم نحو أبنائها، ويمتزج بهذا الإحساس شعور آخر بالشفقة، يخطر الزين على بالها كطفل يتيم عديم الأهل في حاجة إلى الرعاية، أنه ابن عمها على أي حال وما في شفقتها عليه شيء غريب » .

    وكانت نعمة الفتاة الوحيدة التي يوقرها الزين، فلا يتحدث عنها ولا يعبث معها، كلما رآها مقبلة يصمت ويترك عبثه ومزاجه، وإذا رآها من بعيد، تراقبه بعيون حلوة غاضبة، فر من بين يديها وترك لها الطريق، أما هي فكانت أحيانا تنتهره قائلة:

    ( ما تخلي الطرطشة والكلام الفارغ وتمشي تشوف أشغالك ؟ ). فينسل من بين النساء ويمضي في سبيله .

    أما كيف تم القران الذي حير أهل القرية، فيرويه الزين كما يلي: « جاءتني الصباح بدري في بيتنا، وقالت لي قدام أمي: يوم الخميس يعقدوا لك علي، أنا وأنت نبقى راجل ومره ، نسكن سوا، ونعيش سوا »

    ومن المرجح أن نعمة ، وما فيها من عناد واستقلال في الرأي ، وربما بوازع الشفقة على الزين، أو تحت تأثير القيام بتضحية ، وهو أمر منسجم مع طبيعتها، قررت أن تتزوج الزين » (38). .

    جـ- الحنين: ناسك سياح، ليس له وضع اجتماعي لا يملك إلا إبريقه ومصلاته، يعيش في السماء أكثر مما يعيش على الأرض، وهو رجل موقر، وولي صالح، والممثل الحقيقي للسلطة الروحية، ورسول السماء وترجمان الغيب، وهو المحرك الأوحد لأحداث الرواية (نبوءات – معجزات) (39).

    د- سيف الدين: شرير، طريد، طرده أبوه الغني من رحابه حين بلغه أن إبنه الفتى يلم بالواحة، فيشرب ويفسق، وهو يمثل الشر ويتزعم الشواذ، وهم أفراد ليس لهم في النظام الاجتماعي منزلة محددة، يتجمعون في الواحة، وهي «جانب من القرية، تجمعت فيه الجواري (المحررات) بعد أن منع القانون استرقاقهن، هام سيف الدين على وجهه في الوادي حتى مات أبوه فعاد ليرث أمواله ويبددها، وفي إحدى غدواته على القرية يجد أهله يحتفلون بعرس أخته، ويجد الزين على عادته يعابث العروس، ولما كان غريبا عن البلد وعن دالة الزين على العرائس، فإن جاهليته تتبدى في ضربة فأس على رأس الزين، ويرد الزين هذه الضربة بمحاولته القاتلة، لولا أن الله لطف وأرسل الحنين» (40).

    5- الشخصيات الثانوية في «عرس الزين»:

    تعج رواية “عرس الزين” بالشخصيات الثانوية، وأول هذه الشخصيات “القرية” من حيث هي مجتمع، وهي شخصية جامعة تحوي كافة الشخصيات الأخرى، وهي في الحقيقة شخصية محورية، وجعلناها مع الشخصيات الثانوية كونها تشكيلة من الدلالات الرمزية.

    القرية:

    1-موقعها الجغرافي: في شمال السودان (إفريقيا، العالم الثالث)على مسافة من “مروى” مسقط رأس الطيب صالح، قد تكون حقيقة، وقد تكون خيالية (واقعها النص على كل حال) لم يسمها الكاتب، ولعله أراد بذلك أن يجعلها نموذج القرية السودانية عموما، تحدها من خلف الصحراء برمالها المجدبة، ويحدها من أمام النيل بمياهها المخصبة…

    2- نمطها الاقتصادي: تتخذ القرية معاشها من الفلاحة (نخل – قمح – ذرة – لوبياء – فول) وتستعمل في خدمة الأرض وسائل تقليدية عتيقة.

    3- التركيبة الاجتماعية للقرية: على أساس هذا النمط الاقتصادي ينبني مجتمع القرية، ويتركب من الشخصيات الآتية:

    أ- الفلاحون: الواحد منهم مشقق اليدين والرجلين من كثرة ما خاض الوحل وضرب بالمعول .

    ب- العبيد المحررون: اعتقوا من الرق حديثا، ويعيشون حياة كريمة، وبينهم وبين سادتهم السابقين ود وتواصل…

    جـ- الأعيان (كبار المزارعين والتجار):

    - الحاج إبراهيم أبو نعمة: نخل وشجر وبقر ومواش لا يحصيه العد..

    - المحجوب وجماعته: لكل واحدٍ منهم حقل يزرعه في الغالب أكبر من حقول بقية الناس، وتجارة يخوض فيها …

    - البدوي الصائغ: حديث العهد بالثروة، ولعله أثرى رجل في البلد في أقل من عشرين عاما كون من العدم ثروة هائلة …

    د- الموظفون وأصحاب المهن الحرة: الناظر، المدرسون (إدريس)، المفتش، الحكيم، وعددهم قليل، ولهم منزلة اجتماعية محترفة …

    هـ- ذوو العاهات من المساكين: عشمانة الطرشاء، وموسى الأعرج، …، يعيشون داخل القرية، ولكنهم يعيشون على حافتها كالمنبوذين لا يشفق عليهم إلا الزين.

    و- الشواذ: أفراد ليس لهم في النظام الاجتماعي منزلة محددة، ومنبوذون من المجتمع:

    واحة الجواري على مشارف القرية، منطقة تمر دو مغامرة، (خمر، شرور سيف الدين).

    خلاصة: هذه هي الأبعاد الواقعية في دلالات الشخصيات في رواية “عرس الزين”:

    * مجتمع زراعي ألغى الرق حديثا، متفاوت التركيب نسبيا، يهيمن عليه كبار الملاكين، يعاني بعض التوتر، ولكن تناقضاته في الجملة لا تبلغ حد الانفجار، كونت فيه المشاريع لحكومية نواة من الأيدي العاملة … ما تقصه الرواية من وراء عرس الزين أو من خلاله إنما هو تطور القرية من ماض ما إلى مستقبل ما، وتلح الرواية خاصة على حاضر التغيرات، فهو الفترة الحاسمة في مصير القرية، وذلك يوافق طورا خاصاً من تاريخ السودان، وهو انتقال البلاد من عهد الاستعمار إلى عهد الاستقلال (42).

    6- المستوى المعجمي: أو الكلمة في النص الأدبي، فالحديث عنها شيء ضروري، لأن المستوى المعجمي هو الأساس الذي يبنى عليه النص (43).

    يمكن تصنيف معجم الطيب صالح في «عرس الزين» حسب ثلاثة معايير: السجلات والمصطلحات والصفات، وقبل ذلك نشير إلى الموقف المبدئي للطيب صالح من أداة التعبير، فقد اختار ازدواج الكلام بين فصيح ودارج، فصيح يتبوأ مواقع السرد، ودارج يحتل مراكز الحوار«فبينما يخاطب الراوي قارئه قي واقع الحياة باللغة المأثورة في الكتابة الأدبية على نطاق العالم العربي، يتخاطب الأشخاص في واقع النص باللهجة المألوفة في المعاملات اليومية داخل قرى السودان للدارجة في الرواية المرتبة الثانية لأنها ليست مستقلة بنفسها بل تابعة للفصحى قصصيا من حيث هي منطوقات عامية لكلمات معربة (قالت حليمة …الزين مو داير يعرس).

    وفيما بين- السرد = رواية = أسلوب غير مباشر (حكاية أحوال وأفعال).

    - والحوار = تمثيل = أسلوب مباشر (حكاية أقوال) يجري الكلام على مستويين من التعبير: تعبير ثقافي متجذر في التراث العربي العام، وتعبير واقعي منغرس في بيئة السودان الخاصة… وبالتالي يجوز أن نستنتج عكسياً –أن أسلوب الطيب صالح متأثر بروح القومية السودانية، مشدود إلى لغة الشعب … ونحن وإن أحسسنا أحيانا ببلاغته تعبير الدارجة في «عرس الزين» لا نستطيع تقييم أسلوب الطيب صالح في هذه اللهجة السودانية لجهلنا بأصولها … وعلى كلٍ … فتحليلنا سيقتصر بالضرورة على البعد الفصيح من أسلوب الكاتب دون البعد العامي (44).

    أ- السجلات:

    ونعني بالسجلات الألفاظ التي وظفها الكاتب في الرواية من حيث وضوحها أو غموضها، جدتها أو قدمها، فصاحتها أو عاميتها…

    - أكثر الألفاظ من المتداول في عصر الأديب … تداخلها في كثير من المواضيع بين الفصيح والدارج … كلمات مأخوذة أحيانا من قاموس اللغة الكلاسيكية، مثل: بلقع – خال – بريء – براء – الغيظ – الطلح – أيوب – وهلم جرا.

    ومفردات دارجة، مثل : باكر يجي ود حلال يعرسك وتنفك من حججك (ص: 37) – عوك يا أهل العرس، يا ناس القيص، الزين جاكم (ص: 42) – من الكلب المجرم الضرب ؟ (ص: 43) – البلاط يزلق الكراع…(ص: 44) …إلخ.

    ويؤثر الطيب صالح في معظم الأحيان اللغة العصرية، المأنوسة، المألوفة، مثل: مضى عام على سيف الدين وهو يجمع العلف للبقر (ص: 53) – يرعي الماشية – كما يقول أهل البلد (53) وكانت القهوة ما تزال ساخنة (ص:66) إلخ…

    ب – المصطلحات: ونعني بها الحقول اللغوية في النص، بعد قراءتنا للرواية قراءة فاحصة، ومتأنية، وجدنا المفردات تنتمي إلى مصطلحات وأطر شتى، وتتوزع بينها حسب نسب متفاوتة، وقد أمكننا أن نفرز ونحدد الأطر والحقول اللغوية الآتية:

    1 – وصف الفضاء (الطبيعة): الشمس – السماء – الصحراء – النجوم – الصيف – الخريف – الرمال – الواحة – النهار – الحقل – السحاب – المدينة – (طبيعة من صنع الإنسان ) – الواحة – النيل – الشجيرة – الريح …إلخ.

    2 – إطار الأخلاق: المصطلح الديني والأخلاقي متوفر إلى حد كبير: الله – النبي – القرآن – سورة الرحمن – سورة مريم – يقرأون من القرآن – سورة القصص – الآخرة – الآية – مسجد – سجادة – إبريق – أدان – صلاة – معجزة – التقوى – البر – محمد رسول الله … كلمات ذات صلة دينية تنتسب كلها إلى معجم الأخلاق (الخير – الشر).

    3 – المصطلح النفسي: يساهم بقسط في تكوين معجم الرواية: الدهشة – الغضب – الرحمة – الحنو – الضحك – الغناء – الرقص – الحنين – الخوف – طيب – الطيبين – رحمة – شفقة – طمأنينة – الحب …إلخ.

    4 – المصطلح الاجتماعي والاقتصادي:

    من أكثر المصطلحات حضورا: كان دمت الأخلاق – أسرة ميسورة الحال – جوار – أعيان – عائلته لم تكن من العوائل ذوات الأصل – فقير – غني – منبوذون – رقيق – الزراعة – الحقول –التجارة – الدكان – الفرسان – ا – السوق- العرس … ولهم جرا.

    جـ – الصفات: ونعني بالصفات لغة الرواية من حيث الحسي والمعنوي والواقع والرمز.

    1 – الحسي والمعنوي:

    ما يمكن ملاحظته هو: أن الكلمات ذات المدلول المادي في الرواية أوفر بكثير من الكلمات ذات المدلول المعنوي، وذلك لأن الكلمات المادية وثيقة الصلة بحياة شخصيات الرواية العملية (المعاملات بين الناس – عادات الأكل – تقاليد الزواج – وسواها )، ومع ذلك فلا تخلوا الرواية من بعض المعاني الحسية.

    2 – يستعمل الطيب صالح – ككل أديب – كلمات المعجم تارة على وجه الحقيقة (أعلام)، وتارة على وجه المجاز (إبداع)، “ويحمل عبارته (أحيانا) دلالتين متراكبتين، إحداهما واقعية والأخرى رمزية، الأولى تشخص ظاهرا ملموسا، والثانية توحي بمعان خفية، ويحدث هذا الازدواج في صلب العبارة كالتذبذب المعنوي يوسع أبعاد المفهوم: ” ثم صرخ” (عند المرور على الخرابة المسكونة)، ” وغابا في الظلام” (الحنين والزين):

    - غياب حقيقي + أبعاد أسطورية سحرية …

    كل واحدة من هذه العبارات تدل على شيء واضح، وتوحي بمعنى غامض، مذهب خاص في الكتابة يتداخل فيه الواقع والرمز = الشيء شي وزيادة” .

    7 – المستوى النحوي:

    أ – طبيعة الجمل: تهيمن الجملة الفعلية على الجملة الاسمية، فقد بلغ عددها واحدا وعشرين جملة في الفصل الثالث مقابل جملتين اسميتين فقط …

    ب – طبيعة الأفعال: معظم الأفعال مضارعة، فقد استعمل الطيب صالح في الفصل الثالث اثني عشر فعلا مضارعا، وسبعة أفعال ماضية، واثنين للأمر … وهذا العدد لا ينسحب على جميع الفصول.

    جـ - الجمل “في أغلب الأحيان قصيرة متعاطفة أو متلازمة، فإن طالت وتشعبت فبالتراكيب الاعتراضية أو إلحاق الأحوال” (46).

    8 – المستوى البلاغي:

    تشكل الصور البلاغية أبرز ظاهرة أسلوبية لدى الأدباء العرب في القديم والحديث، باعتبارها تجسيدا وتصويرا لرؤية رمزية للمعنى المتضمن في الألفاظ.

    ولقد تبين من خلال الاستقراء الفاحص للرواية أن أبرز الصور البيانية وأكثرها انتشاراً في الرواية، هي تلك التي اعتمدت على الصيغ المتداولة منذ القديم: استعارات – تشبيهات – كنايات – .

    ولعل أجمل ما وفق إليه الأديب هو تشخيص صورة الزين منذ الولادة (صورة بشعة كاريكاتورية) حتى دخوله المستشفى، ثم بعد خروجه من (صورة جميلة): يروى والعهدة على أمه، والنساء اللائي حضرن ولادتها، أول ما مس الأرض، انفجر ضاحكا – وأمه تقول: إن فمه كان مليئا بأسنان بيضاء كاللؤلؤ – يرتجف كمن به حمى – عيناه صغيرتان … محجراهما مثل كهفين في وجهه – الذراعان طويلتان كذراعي القرد – والساقان … كساقي الكركي – ذلك الضحك الغريب الذي يشبه نهيق الحمار – قفز من مكانه كالضفدعة – فقد فطنت أمهات البنات إلى خطورته، كبوق يدعين به لبناتهن – ينظر الزين بعينيه الصغيرتين كعيني الفأر – لا يترك أكلا لآكل – فكأنه قدر يغلي- كأنه كلبة فقدت جراءها – قفز الزين واقفا كأن عقربا لدغته – كأنه (الزين) جلد معزة جاف، ولما عاد الزين من المستشفى .. حيث ظل أسبوعين، رأى (الناس) صفا من الأسنان اللامعة في فكه الأعلى، وصفا من أسنان كأنها من صدف البحر في فكه الأسفل – وكأنما الزين تحول إلى شخص آخر – والتفت الزين خلفه كأنه يخاف أن يسمعه أحد.

    لقد هيمنت الصورة التشبيهية في رواية ” عرس الزين” على أنماط الصور البيانية الأخرى، وهذا يعكس أهمية هذه الصورة عند الطيب صالح …

    وله أيضا “بعض الجمل المبتذلة من اصطلاح العصر وهي من وحي اللغات الأجنبية: نقطة تحول – اتخاذ الخطوة الحاسمة – لماذا طلب يدها ؟ (عوض خطبها) تمثل هذه “الكليشات” الدرجة الصفر في الإنشاء وانطلاقا منها تقاس فنية الأسلوب” (47) .





    خاتمـــة:

    هذه إحدى محاولاتنا التي نسعى من خلالها إلى تجديد القراءة لنصوص من الأدب العربي القديم والحديث، وكان في منطلق هذه التجربة ثلاثة من الدارسين المغاربة (المغرب العربي) الذين حافظوا على المعايير القديمة، وأفادوا من المناهج الحديثة، وفي مقدمتهم محمد مفتاح بتحليله الشهير لنونية الرندي في كتابه الموسوم ب« في سيمياء الشعر العربي القديم » وعبد الرحيم الرحموني، ومحمد بوحمدي « في تحليلهما اللغوي الأسلوبي لنصوص من الشعر العربي القديم» ، ومحمد الهادي الطرابلسي في كتابه :

    «خصائص الأسلوب في الشوقيات».وتوفيق بكار في كتابه: « شعريات عربيات»، وفي محاضراته التي قدمها لطلبة الدراسات العليا بقسم اللغة العربية وآدابها في جامعة عنابة بالجزائر، وغيرهم.

    فقد ألهمنا هؤلاء، ثم انقطعوا عنا، وبقيت رواية «عرس الزين» للطيب صالح عبقري الرواية العربية بنوعيتها الفريدة تتحدى، وبقينا في حوار معها هذه نتائجه.

    * أستاذ التعليم العالي ،كلية الآداب ، جامعة عنابة .ورئيس تحرير مجلة بونة للبحوث والدراسات ص ب: A 76 ( وادي القبة) – عنابة – الجزائر، متعاون مع الموقع .




    الهــوامـش والمراجــع:

    (1). أنظر: عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز ( تصحيح حمد رشيد رضا )، مكتبة القاهرة، 1954 .

    (2). أنظر: المصنف نفسه ” أسرار البلاغة” ، تحقيق: د.محمد عبد المنعم خفاجي، ود.عبد العزيز شرف ) ، دار الجيل، بيروت، طبعة 01 ، سنة 1991 .

    (3). أنظر: الزمخشري “الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل”، دار الكتاب العربي، بيروت، طبعة03 ، سنة 1981 .

    (4). أنظر: ابن قيم الجوزية: بدائع الفوائد (1-2) دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان .

    (5). أنظر: د. عبد الرحيم الرحموني، ود. محمد بوحمدي: التحليل اللغوي الأسلوبي ( سلسلة الأسلوبية في خدمة التراث )، ج 2 ، ص: 5 ، طبعة فاس، المغرب، سنة 1994.

    (6). هنريش بليث: البلاغة والأسلوبية ” نحو نموذج سيميائي لتحليل النص ” ترجمة وتقديم وتعليق: د. محمد العمري، منشورات دراسات (سال) ، طبعة1 ، البيضاء- المغرب – ، سنة 1989.

    (7). ميكائيل ريفاتير: معايير تحليل الأسلوب ” ترجمة وتقديم وتعليقات : د.حميد لحمداني” ، منشورات دراسات (سال)، دار النجاح الجديدة، البيضاء – المغرب – ، سنة 1993 .

    (Cool. عبد الرحيم الرحموني، ومحمد بوحمدي: المرجع السابق (2،1).

    (9). محمد مفتاح: في سيمياء الشعر العربي القديم ( دراسة نظرية وتطبيقية )، دار الثقافة ،الدار البيضاء – المغرب – سنة 1989.

    (10). توفيق بكار: شعريات عربية ( الجزء الأول )، دار الجنوب، تونس، سنة 2000 .

    (11). عبد الرحيم الرحموني، ومحمد بوحمدي: المرجع السابق ، ج 1 ، ص: 5 .

    (12). المرجع نفسه، والصفحة نفسها.

    (13). عبد القاهر الجرجاني: المصدر دلائل الإعجاز ( تح: محمد عبده والشنقيطي )، ص: 361.

    (14). أحمد الشايب: الأسلوب، ص: 44.

    (15). محمد مندور: في الأدب والنقد، ص: 6.

    (16). توفيق بكار: محاضرات في الأدب الحديث قدمها لطلبة السنة الأولى ماجستير، بقسم اللغة العربية وآدابها، جامعة عنابة، الجزائر، في العام الجامعي: 81/1982.

    - وأنظر أيضا: عدنان بن دريد: اللغة والأسلوب، ص: 97.

    (17). أنظر أيضا كتابنا: شعر النساء في صدر الإسلام والعصر الأموي، ص: 372 ( هامش 2 )، دار المناهل، بيروت، سنة 2007.

    (18). يتحدث عن ” الأسلوب ” في الموضة، والفن والموسيقى، وتدبير الحياة، وفي المائدة، والسياسة … إلخ ( هنريش بليث: البلاغة والأسلوبية نحو نموذج سيميائي لتحليل النص ( ترجمة وتقديم وتعليق: الدكتور محمد العمري )، ص: 33 ، منشورات دراسات سال، المغرب، الطبعة 1 ، سنة 1989.

    (19). بيفون ( BUFFON ) : عالم في الطبيعيات وأديب في الوقت نفسه، عاش بين سنتي 1707-1788 م ، من أبرز مؤلفاته: مقالات في الأسلوب.

    (20). د.عبد السلام المسدي: الأسلوبية والأسلوب، ص: 67 ، الدار العربية للكتاب – تونس – ، سنة 1982.

    (21). أنظر ص : ومن كتاب:

    F.DELOFFRE : STYTIQUE et POE’TIQUE. FRANCAISES.

    اقتبسه د.عبد السلام المسدي : المرجع السابق، ص: 67.

    (22). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 7-8 ، دار العودة، بيروت، 1976 ، والموسوعة الحرة ( ويكيبيديا ) ، ص: 1 وصحيفة الصحيفة ، النسخة الإلكترونية ، ص: 4.

    (23). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 9.

    (24). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 11-12.

    (25). المرجع نفسه، ص: 16.

    (26). المرجع نفسه، ص: 16.

    (27). صحيفة لصحافة، ص: 6.

    (28). صحيفة الصحافة، ص: 2.

    (29). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 220 .

    (30). صحيفة الصحافة ، ص: 1.

    (31). المرجع نفسه، ص: 7.

    (32). توفيق بكار: خصائص الشكل في رواية ” عرس الزين ” محاضرات ألقاها على طلبة السنة الأولى ماجستير، سنة 1981-1982م.

    (33). عبد الله عزايرة: المدرسة العربية ” موقع إلكتروني ” ، ص: 1.

    (34). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 200-201 .

    (35). صحيفة الصحافة، ص: 1.

    (36). توفيق بكار: الشخصيات في رواية ” عرس الزين ” ، محاضرات ألقاها على طلبة الدراسات العليا في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة عنابة، – الجزائر- ، ص1 في العام الجامعي: 1981/1982.

    (37). الطيب صالح عبقري، الرواية العربية، ص: 23 وما بعدها.

    (38). المرجع نفسه، ص: 26 وما بعدها.

    (39). توفيق بكار: المرجع السابق، ص: 6، وأنظر أيضا: الرواية، ص:35 وما بعدها، دار العودة ، بيروت، 1983.

    (40). الطيب صالح عبقري الرواية العربية، ص: 33.

    (41). استعنا بمحاضرات توفيق بكار السالفة الذكر بتصرف، ص:1 وما بعدها.

    (42). توفيق بكار: المرجع السابق، ص: 8.

    (43). أنظر يوري لوتمان، ص: 243 ، اقتبسه محمد مفتاح في كتابه: في سيمياء الشعر القديم، ص: 42.

    (44). توفيق بكار: الأسلوب في عرس الزين ” محاضرات ألقاها على طلبة الدراسات العليا في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة عنابة، الجزائر، في العام الجامعي: 1981/1982″ ، ص: 2-3 ، وقد استعنا بهذه المحاضرات في كثير من المواضيع.

    (45) – توفيق بكار: المرجع السابق، ص 8.

    (46) – المرجع نفسه، والصفحة نفسها.

    (47) – المرجع نفسه، ص 9 .احفظ المقالة على أحد المواقع التالية


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 11:27 am