منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    الخطـاب الشعـري الجزائـري الـراهن ( موت السياقي ... إنبثاق النسقي )

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    الخطـاب الشعـري الجزائـري الـراهن ( موت السياقي ... إنبثاق النسقي ) Empty الخطـاب الشعـري الجزائـري الـراهن ( موت السياقي ... إنبثاق النسقي )

    مُساهمة   الأربعاء ديسمبر 29, 2010 1:45 pm

    الخطـاب الشعـري الجزائـري الـراهن ( موت السياقي ... إنبثاق النسقي )
    بقلم : قلـولي بن سـاعد
    [ شوهد : 598 مرة ]

    الخطـاب الشعـري الجزائـري الـراهن ( موت السياقي ... إنبثاق النسقي ) 1255709304
    ليس
    الموضوع وحده بما هو علة وجود النص الإبداعي و الفعل المحرك بتلك
    الديناميكية التي تربط علاقة الشاعر تحديدا بموضوع الكتابة حائلا دون
    انبثاق خطاب شعري جديد يراهن على البناء الفني للقصيدة على أعتبار أنه
    الجوهر الوحيد الذي تنطوي عليه الكتابة الإبداعية برمتها بل هي أيضا
    مسؤولية سياق إبداعي ثقافي تشكل بفعل ما ترسب لدى بعض الشعراء من مفاهيم
    مغلوطة مغلقة لحساب تراتبية في « المفهمة الشعرية » و في النظر إلى طرائق
    القول الشعري مقابل رؤية أخرى جذرية ترى في الكتابة الشعرية اشتغالا
    رؤيويا عميقا عمق نهر الحياة متواصل و ملتحم كتواصل الحضارات و الإبداعات
    الإنسانية و الفنية و ليس قول يقيس الحاضر بالغائب و المجسد بالمجرد و
    المباشر بالمؤجل في دياليكتيك إبداعي شبيه إلى حد بعيد بالانعكاس الذي ساد
    فترة السبعينيات من القرن المنصرم بمنطوقاته الشعرية الملتبسة بأيدولوجيا
    الكفاح و البناء و التشييد و هو الانعكاس الذي لا يزال لا يرى في الحداثة
    الشعرية إلا عناصرها الشكلية البحتة حيث يخلوا النص الشعري من نظام أشياء
    الحياة و بناء الصورة الشعرية ... الصورة الشعرية (كأنزياح و إحلال)
    بالمصطلح السيميائئ الشهير و ليس كمعطى جاهز نقل الى النصوص دون أدنى وعي
    بأهمية و خطورة أمتصاص الصور الشعرية المعطاة قبليا المستقرة في اللاوعي
    القرائي ضمن عملية ما يمكن لنا أن نسميه « بالقراءة العائمة » بل الصورة
    التي نرومها هي ذات الإيحاءات و الدلالات المنطوية على الاستجابة و
    الفعالية الجمالية عبر التحام داخلي لشبكة الخصائص الفنية الأخرى و أستناد
    إلى فكرتي « المعايشة الفنية و الوعي المعرفي » و التي تعتبر أهم المداخل
    الكفيلة بأكتشاف طرائق للقول الشعري جديدة لا تقبل بالتسليم الأعمى
    المطمئن للموتيفات و التنميطات الجاهزة المعطاة قبليا في إطار التجربة
    الشعرية السياقية و التي للأسف الشديد لازالت مستمرة إلى الآن و أستمرارها
    بالطبع لا يدل على وجود أو إنبثاق « صحوة شعرية » كما يعتقد البعض و هذا
    في حد ذاته مؤشر دال على زحزحة المصدر السياقي تدريجيا ليحل محله إبداع
    نسقي تجريبي من مثل الإبداع الذي عاشت عليه شعلة الحداثة الشعرية الرؤيوية
    إذ ليس المهم الإعلان عن موت الشعر السياقي – الإله الذي لا يريدأن ينقرض
    « وقد أنقرض بالفعل » كما بشر بذلك نيتشة بل المهم هو العمل على التمكين
    للتجربة الشعرية النسقية كون أهم ما تزودنا به الانتروبولوجيا الفلسفية في
    صلتها مع الشعري النسقي هو هذه الأيقونة الطريفة الشائقة التي تعلن عن
    أنقضاء أسطورة القطائع لصالح أخرى مستحدثة و لكنها مغرية و هي المجاورة
    حيثما يقف فرد فتقع حادثة فينيجس عصر قابل ليدخل من نظرائه في أبداع و
    تشكيل ما ... لذالك عندما حدث تزاوج الشعري بالفلسفي لدى الجيل « النتشوي
    – الهيدغري » و سلالته الفرنسية فقد كان ذلك إشارة الى الموت الشعر
    السياقي و بالتالي إستنفاذ أدواته الشكلية البحتة ... تلك هي ولادة
    المختلف و قد أرادت الفلسفة أخيرا أن « تماشي الحياة لا أن تعلوا فوقها
    »(1) بتعبيرالمفكر مصاع صفدي و هكذا « يستعيد الخطاب الفلسفي دراميته التي
    افتقدها منذ أن أضله « أبولون » عن غريمه« يوتريوس » كما جاء في الاسطورة
    اليونانية و سحبه الى طبقة الفكر بدل ان يظل راقصا تائها بين الصور و
    الأفكار »(2)... هذا هو الجوهر الذي تتأسس عليه مشهدية إنبثاق النسقي بفعل
    تزاوج الشعر بالفلسفة كما أرتسمت في قول مطاع صفدي و كما بشر بها الجيل «
    النيتشوي – الهيدغري » و سلالته الفرنسية و كما هي أيضا لدى الشاعر
    المكسيكي أو كتافيوباث و جماعته المسماة « جماعة المعمل » وفي عالمنا
    العربي قد نجد شذرات من هذه الأيقونة لدى أدونيس ومحمد بنيس تنضيرا
    وأبداعا ونسبيا شوقي بزيغ ومحمد علي شمس الدين وآخرين يعدون على أصابع
    اليد الواحدة وعليه فحين نصل بالخطاب الشعري الجزائري إلى مصافه النسقية
    القصوى يمكن التفاؤل حينئذ بمقاربة مفهومية لاشكالية الشعري / الفلسفي /
    غير أنه مادامت الذوات الشعرية عندنا منشغلة بأقراص التثمينات وإستنساخ
    التجارب الاخرى و هو المجال الحيوي « للاتباع » بدل الابداع بتعبير أدونيس
    و « المتشاكل » بدل المختلف حسب عبارةعبد الله محمد الغذامي كما لو أن
    الأمر يخص ذاتا أو ذواتا شعريةأمسكت بناصية المعنى مع أن المعنى كما يقول
    عبد الله محمد الغدامي « في بطن القارئ لا في بطن الشاعر و لو كان المعنى
    في بطن الشاعر لصار عمليا من الناحية الرمزية و الدلالية في قبره »(3) و
    لاجل هذا يكتسب القارئ / الناقد مكانة ربما تفوق ما يمنحه الشاعر لنفسه و
    لذلك أيضا قال الفرردق قولته الشهيرة : كان الشعر جملا بازلا عظيما فنحر
    فجاء أمرؤ القيس فاخذ رأسه و عمرو بن كلثوم سنامه وزهير كاهله و الاعشى و
    النابغة فخذيه و طرفة و لبيد كركرته و لم يبق الا الذراع والبطن
    فتوزعناهما بيننا »(4) ومن هنا سوف تظل الخطابات الشعرية مسيجة بالمرآويات
    الضريرية العمياء وهو الفخ الذي ينصبه الشاعر لنفسه اولا وهو يضن انه
    ينصبه لغيره في عملية هي أشبه باعادة فرز طبقات الشعراء حسب المرتبة
    والولاء والنتيجة انه يخسر الشعر ذاته من حيث هو نزوع انساني الي التماهي
    والتماس مع الاخرين قبل ان يكون انشغالا رؤيويا على المسكوت عنه» ويبدد
    جغرافيته ومكانه من هذه الجغرافيا ولا يكسب من صفته كشاعر الا فراغه
    وضحالة تفكيره وبؤس مخياله وبالتالي سقوطه الحر وعليه فشرط انبثاق تحول
    نوعي جديد في النظر الي الشعر كاشتغال فلسفي هاديء وصبور ردما لعواصف
    الأدلجة ومفهوم الفرد الواحد المحايث الغير قابل للاستنفاذ الداعي الي
    رؤية مالايراه الاخرون علنا نتمكن من أنجاز اركيولوجيا مشروع شعري بكل
    ذاتياته اللامتناهية بحيث يتم أخيرا ردم «الفجوة .. مسافة الوتر» بتعبير
    كمال أبو ديب الفاصلة بين ماهو سياقي نفعي دون أن يذهب بعيدا في مساءلة
    الذاكرة والوجود والمخيال والتاريخ و بين ما هو نسقي إبداعي يتم فيه تحرير
    الشاعر من مداخل « ألـ » التعريف و وهم الاسم المكرس بفعل عوامل غير
    إبداعية كالتثمينات والتتويجات مثلا كي يصير جسد العبارة الشعرية يسبق
    مدخله النحوي أي عندما يختفي تعريف ما لا يعرف و يصبح التعريف مجرد
    التأشير على أجساد الاشياء البسيطة و التي مع ذلك تؤلف كوكب العالم ...
    أرض البشر ...عندئذ...... يمكن للشاعرأن يتنازل عن أستعلائية بدخولـه «
    بيت الطاعة القرائية » إمتثالا لقول لجاحظ « إذا سمعت شاعرا بقول ما ترك
    الأول للآخرشيئا فأعلم أنه لن يفلح »(5) على نصوصه ضمن نسق مفتوح لا
    يستأثر بأكل رأس الجمل البازل و لا سنامه و فخذيه وحده و يصادر رأي القارئ
    في أن يفكك شفرات النص و يؤول معناه ذلك أن المعرفي وحده من يتصدى
    للغوغائي و ديكتاتورية الجهل و التجهيل بإسم النص الذي صار حديث من لاحديث
    لهم و المعنى الذي صار في( بطن القارئ ) .

    -----------------

    1) فورية الفرد العربي الحر- مطاع صفدي – مجلة الفكر العربي المعاصر– ص08
    – عدد 9293 – مركز الإنماء القومي – بيروت – بدون ذكر السنة .
    2) نفس المرجع – ص 08 .
    3) تأنيث القصيدة و القارئ المختلف – عبد الله محمد الغذامي – ص 112 – المركز الثقافي العربي – بيروت – الطبعة الثانية – 2005 .
    4) أبوزيد القرشي – جمهرة أشعار العرب – ص24 – دار المسيرة – بيروت – 1978 .
    5) تأنيث القصيدة و القارئ المختلف – مرجع مذكور – ص129 – العبارة أوردها
    الغذامي و قد أشار أنه ظل يحفضها و قد أعياه البحث عنها في أي من كتب
    الجاحظ .

    نشر في الموقع بتاريخ : 2009-10-

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 10:38 pm