منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    قراءة نقدية في مجموعة القاص السعودي فهد

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    قراءة نقدية في مجموعة القاص السعودي فهد Empty قراءة نقدية في مجموعة القاص السعودي فهد

    مُساهمة   الخميس ديسمبر 17, 2009 5:22 am

    قراءة نقدية في مجموعة القاص السعودي فهد الخليوي ( رياح وأجراس) ـ د. محمد عبد الرحمن يونس

    تشرين الأول 24th, 2008 كتبها mohamad younes نشر في , دراسات نقدية في القصة العربية القصيرة ,
    لا يوجد تعليق
    ,
    قراءة نقدية في مجموعة القاص السعودي فهد الخليوي ( رياح وأجراس).
    د.محمد عبد الرحمن يونس
    ـــــــــــــــــ
    في البداية أحبّ أن أشير إلى أن السارد في مجموعة ( رياح وأجراس ) للقاص السعودي فهد الخليوي، يمتاز بقدرة واضحة على الفهم والتحليل والتأويل والاستنتاج، تساعده في ذلك خلفية معرفيّة فكريّة مهمّة تتمثّل في مجموعة من أمهات الكتب التي عرفتها الساحة الثقافية العربية قبل أكثر من خمسين عاما، فهو ينقل لقارئه مجموعة من هذه الكتب التي شكّلت لديه هذه الخلفية المرجعية المهمة التي تتباين تباينا واضحا عن ثقافة النسق السائد التي تمّثّلت في أفق معرفي محدود لا يستطيع أن يتجاوز بيئته ومحيطه الصحراوي البدوي، ولعلّ أهمّ هذه الكتب كما يصرح السارد: الوجود والعدم لجان بول سارتر، وتدهور الحضارة لاشبنغلر ، وهكذا تكلم زرداشت لنيتشه. هذا السارد الذي يمثّل وعيا معرفيا يتجاوز حيّه ومحيطه، وثقافة هذا الحي لم يستطع أن يحقق توازنا إنسانيا بين ما تفرزه هذه الخلفية المعرفية من خطابات وأنساق فكريّة، وبين واقع يحبط فيه المثقفون، ولا يستطيعون دفع أبسط متطلبات حياتهم، من أجور سكن متواضع وغيرها (( توغّل داخل الحيّ إلى أن وصل إلى منزله الصغير الذي تركه قبل ثلاثين عاما، بسبب عجزه عن دفع أجره الشهري. مالك المنزل أمهله يومين للبحث عن منزل آخر)). ص 22 من المجموعة.
    ومن هنا فما كان من هذا السارد إلاّ الارتحال إلى فضاءات يأمل منها أن تكون أكثر فرحا وأمانا وطمأنينة نفسيّة وروحيّة، وكان عليه أن يصحب معه عدّة المثقّف المعرفيّة من كتب مهمّة تربّى على ثقافتها ونما وترعرع، وعدّة بسيطة أخرى تعينه على متطلبات حياته اليوميّة التقشفيّة، من مأكل ومشرب وملبس. يقول الخطاب القصصي: (( آنذاك جلب عشرات الكراتين، من مستودعات الأغذّية لشحن كتبه، أمّا باقي الأمتعة فأمكن شحنها بكيس صغير، إبريق شاي من النحاس الأصفر، سخّان كهربائي عتيق، كوب من الزجاج الباهت، فراش من الاسفنج الهابط، أقلام، ناي، شريط غنائي لـ ( فيروز) وأخر لـ ( فوزي محسون).)) ص 22.
    وإذا كان هذا الارتحال يبدو أمرا مألوفا في النسق القصصي، فإنّه يشير بشكل مرمّز وخفي إلى القطيعة الابستيمولوجية المعرفيّة بين المثقّف المتميز ثقافة عالية وشموليّة، وبين واقع محبط( بكسر الباء) لا تحقق فيه الذات المثقّفة أي تصالح مع هذا الواقع. ولعلّ سكّان المدن الاقتصادية والتجارية في هذا الواقع، بما فيهم من ملاكين كبار وتجار وسماسرة وثراء فاحشا، هم أكثر الناس إهمالا للمعرفة وطموحات العقل، وبعدا عن أخلاقياتها، وهو يستعير من تدهور الحضارة لشبنغلر المقطع التالي حتى يؤكّد قطيعته مع الواقع : (( سكّان المدن يكررون الحياة والموت بطريقة رتيبة، وليس لهم علاقة بصنع الحضارة البتّة)). ص 22.
    وممّا يلاحظ في الخطابات الأدبيّة العربيّة المعاصرة، سواء أكانت شعرية أم روائية أم قصصيّة، نفور الكاتب من المدينة، واعتبارها بؤرة للشرّ والفساد، والكيد والمكر، وانسحاق الرجولة، وتهتك الأنوثّة، و محاولته استحضار بديل من هذه المدينة، وهو فضاء جديد يحقق فيه الحلم صبواته، وخروجه عن فضاء المدينة الملوّث. ولعلّ من أهم الأعمال الأدبية المعاصرة التي تنفر من فضاءات المدن الملوّثة : أشعار بدر شاكر السياب، وبخاصة ديوان: أنشودة المطر.، وروايات الروائي السوري هاني الراهب، وكذلك حيدر حيدر، وروايات المغربي محمد شكري، وغيرها من الأعمال العربية العديدة. وما كان على سارد قصة ( أجراس) لفهد الخليوي إلاّ أن يخرج من هذا الفضاء متأبطا غربته، وزاده المعرفيّ الكبير: (( حمل كراتينه المدهشة وكيس متاعه الصغير، ورحل عن هذا الحيّ قبل ثلاثين عاما)). ص 23.
    و بعد ثلاثين عاما تقوده المصادفة لزيارة هذا الفضاء مرّة ثانية، غير أنّه لا يجد فيه إلاّ الخواء، وإحساسا فاجعا بالغربة والشجى، حادا يفتت مسامات روحه، حيث تهبط على روحه: (( إيقاعات حزينة وشجيّة، تناغمت في فضاء روحه، شعر أنّ ذاكرته تشتعل، وتصهر المكان والزمان، وكأنها تحيل حقبة ثورات إلى وثائق معدودات)). ص 23.
    غير أنّ الفضاء الذي يبقى أكثر مدى واتساعا وعمقا، وبالتالي أكثر ألفة وحميمة هو فضاء البحر في هذه المدن، إذ يبدو ملاذا لمتاعب الروح، وأرقها: (( قاد سيارته متجها إلى الشارع العام، ثمّ سلك الطريق المؤدّية إلى البحر، هناك وقف على الشاطئ منصتا لدمدمة البحر)). ص 23.
    وإذا كان الفضاء القصصي يقلّص جميع الفضاءات القصصية في القصة، باعتبارها فضاءات مغلقة وطاردة لقاطنيها فإنّه يشكّل في آخر السرد القصصي فضاء حرّا شاسعاً، تصبو فيه الروح إلى الانعتاق من فضاء المدينة الملوّث ، مالا واقتصادا وتجارة وثراء فاحشا، وفقرا مدقعا في آن، وإلى اللوذ بشاطئ البحر والاستماع إلى بوحه وخباياه الدفينة، باعتباره فضاء حرّا شاسعا لا محدودا، و بالتالي هو الآخر فضاء معرفي فسيح من الفضاءات المعرفيّة الأخرى الأليفة التي يحقق للسارد متعة جمالية ونفسيّة، وأفقا معرفيا مفتوحا، و ذلك بعد أن أسهمت فضاءات المدينة الأخرى في سدّ هذا الأفق وحجبه، وتعكير صفائه الإبداعي والنفسي.
    يقول الشاعر والروائي علي الدميني عن فهد الخليوي في مقدمته للمجموعة القصصيّة: (( ومنذ كتاباته المبكرّة في الصحافة المحليّة في مطلع السبعينيات اختطّ (( فهد الخليوي)) لنفسه مسارا واضح المعالم، لا يركن للمهادنة واستمراء مجانية الكلمة، كما لم ينخدع بما تعد به من مغانم زائفة. و لذلك ذهب إلى صومعة (( الزهد)) الفاضلة منذ مطلع التسعينيات، بعد أن أسهم بشكل فاعل في الإشراف على الصفحات الثقافية في مجلة(( اقرأ))، و حفر اسمه من خلالها كمثقّف تنويري، و مبدع يعمل ضمن سياق الباحثين عن رؤى متسائلة، وآفاق ممكنة لكتابة جديدة.)). ص 10.
    ولعلّ من أهمّ معالم الكتابة الجديدة في مجوعة ( رياح وأجراس) خروج فهد الخليوي عن مسار القصّة الكلاسيكيّة بأنساقها المعتاد

    المزيد



    "لا يتحمّل مكتوب أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها و/أو نشرها في مدوّنة مكتوب. ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدرجاتهم التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طر

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 12, 2024 6:36 am