منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    دراسة في النص و النص المترابط من النصية الى التفاعلية

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    دراسة في النص و النص المترابط من النصية الى التفاعلية Empty دراسة في النص و النص المترابط من النصية الى التفاعلية

    مُساهمة   الجمعة مارس 11, 2011 6:54 am

    دراسة في النص و النص المترابط من النصية الى التفاعلية
    الجزء الأول
    الكاتب: لبيبة خمار




    مقدمة:
    يعتبر السرد ظاهرة إنسانية شديدة الاتصال بالواقع المجتمعي و بنياته
    التحتية، خاصة ما يتعلق منها بالجانب التقني. فكل تطور يطال هذا المستوى
    يؤدي إلى تغيير بنية السرد وشكل تمظهره، فسواء اتخذ الشكل المصور، الشفهي
    أو المكتوب فإنه يشكل جزء لا يتجزأ من حياة الأفراد والمجتمعات. ومن تم
    يمكن أن ندرك جدل التفاعل القائم بينهما؛ فما دام المجتمع في حركية دائمة
    بحكم خضوع مختلف أنظمته إلى قانون التطور.كان السرد أيضا في تحول مستمر،
    بحثا عن أشكال جديدة تكون أكثر قدرة على استيعاب المستجد بكل
    خصوصياته.فماهي هذه الأشكال ؟

    لقد أدى اكتشاف ورق البردي إلى
    تحول السرد من الشفهي إلى المكتوب ممثلا في المخطوط.وأدى ظهور المطبعة إلى
    ظهور الكتاب وحضارته المتميزة، بسيطرة التتابع والاستمرارية على فعل
    القراءة و زمنها.كما ساهم الحاسوب والانترنت في تحول النص من طبيعته
    الورقية إلى طبيعة جديدة رقمية.أضحت فيها سمته الأساس: التفاعل، الذي جعل
    مختلف أجزائه تدخل في علاقات حوارية مع بعضها البعض.والذي هدم الحدود بين
    فعلي القراء و الكتابة من خلال المسارات و العقد التي يقوم القارئ
    باختيارها، أو من خلال إضافاته و تعليقاته وكتاباته الخاصة التي تشكل جزء
    هاما من نسيج النص.
    ولتلمس التفاعلية، ينبغي توضيح بعض المفاهيم
    المتولدة من التزواج ما بين الأدب والمعلوميات مثل: الترابط النصي و النص
    المترابط، مع تبيان صلة هاذين المفهومين بالتعلق النصي والوقوف عند الأسباب
    التي تكسب مفهوم التفاعل الراهنية و المشروعية.
    1- النص والتفاعل النصي:
    إن
    علاقة النص بالتراث وبغيره من النصوص لا تكون دائما مس المة وقائمة على
    الحفاظ على كل مقوماته، بل إنها قد تتعرض للنقد الساخر (الباروديا) أو
    المعارضة المتمثلة في مختلف أشكال الخرق الذي قد يطال الشكل أو المحتوى.

    هذه
    العلاقات الثلاث (المحاكاة، التحويل والمعارضة) التي تربط النصوص بعضها
    ببعض تشير إلى وجود نوع من الحوار والتفاعل الدائم الذي يصبح التواصل في
    غيابه منعدما بل ومستحيلا "فخارج التناص يغدو العمل الأدبي ببساطة غير قابل
    للإدراك" . كما يؤكد على ذلك ل. جيني (L.Jenny) لافتقاره لخلفية ينطلق
    منها ويرتكز عليها بالرفض أو القبول أو التحوير. من هنا يبرز التفاعل كعنصر
    هام يشكل جوهر العملية التناصية ونظرا لهذه الأهمية وجه الأستاذ "سعيد
    يقطين" اهتمامه للتفاعل النصي نظرا لوظيفته المزدوجة: فهو من جهة سمة
    بنيوية مميزة للنص (الانفتاح)، ومن جهة أخرى يعد أوالية تشير إلى الكيفيات
    التي تدمج بها بنيات نصية غائبة في بنية النص وطرائق اشتغالها وتحركها
    وتمظهرها. أوالية تقوم على الجدل بما فيه من هدم و بناء قائم على التوليف
    والتركيب؛ الشيء الذي يمنح للتفاعل طبيعة تفكيكية بغيتها معاينة العلاقات
    المتحققة داخل النص أو بين نصوص متعددة.
    وقد تعددت المفاهيم والمصطلحات
    الواصفة لهذه العلاقات والتي يمكن إجمالها في خمسة أنواع هي: التناص،
    المناص، الميتانص، معمارية النص والتعلق النصي المندرجة في مجملها تحت
    مفهوم المتعاليات النصية الذي يعد أعم وأشمل من التناص. كما أشار إلى ذلك
    ج. جنيت الذي حول موضوع البويطيقا من البحث في معمارية النص إلى البحث قي
    المتعاليات النصية، لما لهذا المفهوم من فائدة في تطوير نظرية النص.

    وإذا كان ج. جنيت قد جعل المتعاليات النصية مفهوما عاما تنضوي تحته أشكال
    وأنواع أجناسية مختلفة، فإن الباحث سعيد يقطين قد وضع مصطلحا آخر كمقابل
    للمتعاليات النصية هو "التفاعل النصي" لأنه يستجيب للتطورات التي يعرفها
    النص، ويعبر عن التحولات التي تطرأ عليه في تعالقه مع المعلوميات.
    ويكتسب مفهوم التفاعل النصي أهميته وراهنيته لعدة أسباب نلخصها فيما يلي:
    1-
    يعد التفاعل النصي الأكثر ملاءمة لطبيعة النص الأدبي/ الرقمي، المسمى
    بالنص المترابط أو بالأدب التفاعلي، الناشئ عن التفاعل المتبادل ما بين
    إنتاج المبدع ونشاط المستعمل الذي يحينه ويعطيه تمظهرا خاصا من خلال مسارات
    القراءة المتعددة. وعن طريق الربط بين عناصر وجزئيات هذا الإنتاج الذي يظل
    محايدا وافتراضيا، دون تدخل القارئ الذي يعيد كتابته في كل مرة يشغل فيها
    الحاسوب.
    2- يفتح هذا الموضوع النص على علامات متعددة: لغوية، بصرية أو
    صوتية، تخترق النص مشكلة جزءا من نسيجه العام إذ أصبح بإمكان المبحر أن
    يقرأ مثلا عن تاريخ تأسيس الكتبية وأن يشاهد موقعها الجغرافي وبقية المعالم
    المحيطة بها وأن يسمع المؤذن يدعو للصلاة، كل هذا بمجرد نقرة على مؤشر
    الفأرة.
    3- إن كل نص تناص، وكل نص مترابط يعد أعلى أشكال التناص، وعمق
    العملية التناصية هو التفاعل: فالكاتب يتفاعل مع نصوص سابقة أو لاحقة،
    والنص المترابط نصوص تتحاور وتتفاعل مع بعضها البعض.
    ونشير أخيرا إلى أن التناص بأنواعه الخمسة كلها تندرج ضمن التفاعل النصي، ومن ضمن هذه الأنواع سنتوقف عند: التعلق النصي

    2- التعلق النصي:
    أشار
    سعيد يقطين إلى السبب الذي حذا به إلى الاهتمام بهذا النوع دون بقية
    الأنواع قائلا: "ويهمنا من هذه الأنواع جميعا الوقوف على النوع الأخير (أي
    التعلق النصي) لأني أريد النظر في هذا المفهوم من زاوية اتصاله بالإعلاميات
    ونعيد النظر فيه في ضوء الانفتاح على المستجدات النصية في اتصالها
    بالإعلاميات ونعاين كيفية استفادة نظرية التفاعل النصي من الإنجازات التي
    تتحقق في هذا المجال وبذلك نعطي لنظرية النص والتفاعل النصي كل الاحتمالات
    الممكنة للتطور والتبلور في ثقافتنا العربية الحديثة" .
    سيتم النظر إلى
    مفهوم التعلق النصي من زاوية اتصاله بالمعلوميات لتحديد الوضع النظري الذي
    يتخذه هذا المفهوم. وقبل ذلك سنقف عند الوضع النظري الذي يتخذه ضمن نظرية
    النص.
    لقد حدد ج. جنيت في دراسته حول "المتعاليات النصية" مفهوم التعلق
    النصي في كونه ارتباط نص لاحق (Hypertexte) بنص سابق (Hypotexte) ارتباطا
    أو تعلقا يجعل من النص السابق نموذجا يحتذي به وينسج على منواله، أو يتعلق
    به قصد معارضته، أو تحويله.
    أما سعيد يقطين فيميز بدءا بين التفاعل
    النصي الخاص الذي يتعلق فيه النص مع نص آخر محدد، وبين التفاعل العام أي:
    ما يقيمه النص من علاقات مع نصوص عديدة مع ما يوجد بينها من اختلاف على
    صعيد الجنس والنوع والنمط. جاعلا التعلق النصي نوعا خاصا من أنواع التفاعل
    النصي لأنه يتجسد من خلال العلاقة بين نصين محددين أولهما سابق والثاني
    لاحق، مركزا اهتمامه على كل الإيحاءات التي يحبل بها فعل تعلق، من الارتباط
    والاختيار الذي يشي بنوع من الانتماء، ذلك أن كل نص لاحق يمتلك نصه
    السابق.
    والتفاعل بنوعيه لا يقتصر فقط على النصوص ذات الطبيعة اللغوية
    بل ينفتح على نصوص علاماتية مختلفة كالصوت والصورة إلى غير ذلك إذ يمكن لنص
    لغوي أن يحول إلى فيلم سينمائي، وإلى مسرحية أو لوحة أو معزوفة موسيقية
    والعكس صحيح. فالتفاعل يمكن أن يحدث في كل الإنتاج الإنساني وخير دليل على
    ذلك الأواصر والوشائج ما بين الأدب والمعلوميات والتي منحت للتعلق النصي
    لبوسا جديدا يختلف عما ألفناه ضمن نظرية النص وجعلت التفاعل يطغى ليصبح هو
    المعيار الأدبي الجديد لدرجة يمكننا معها أن نقيس أدبية النص بمقدار
    التفاعل الذي يحققه ويمنحه للقارئ والذي يعتمد عليه في تشييد بنائه. إن
    التفاعل لا يتوقف فقط على تلك الحركة ما بين النص والقارئ، بل تنشأ أيضا من
    الحركة الداخلية التي تتجاذب وتتفاعل بها كل أجزاء النص. مما يجعلنا نتحدث
    عن نظرية جديدة هي نظرية التفاعل النصي التي مهدت لولادتها الوشائج التي
    تصل ما بين الأدب والمعلوميات، وضمن هذه النظرية سنتحدث عن وجه آخر للتعلق
    النصي هو الترابط النصي.
    4- الترابط النصي:
    أشار سعيد يقطين في
    دراسته حول التفاعل النصي والترابط النصي إلى أن مفهوم الترابط النصي هو
    مفهوم إعلامي محض، إذ قبل أن يقوم ج. جنيت بنحته سنة 1982 كان يوظف بمعنى
    مختلف في المعلوميات. لكن هذا لا ينفي وجود بعض النقاط المشتركة والكامنة
    في ارتباط نص بآخر، كما لا ينفي وجود نقاط فارقة، لأن الترابط النصي جعل
    فضاء النص فضاء منفتحا تعبره أصوات شتى وأشكال وأنواع متعددة، كما أصبحت
    سمته الأساسية التفاعل.
    ونظرا للتطور الذي عرفه هذا المفهوم سنقوم بنقله
    من مجال المعلوميات إلى مجال الأدب، ليستفيد هذا الأخير من التطورات
    والإمكانيات المتوفرة من خلال الحاسوب الذي ولد نصا جديدا هو النص الرقمي،
    الخاضع في بنائه للمواصفات الرقمية التي تجعله يختلف عن النص الشفهي
    أوالمكتوب، فهو نص يتحقق من خلال شاشة الحاسوب ويخضع لنظامه وتقنياته
    الخاصة. وداخل هذا النص يظهر مفهوم الترابط النصي المتجسد من خلال الروابط
    التي تتم داخل النص والتي تسمح بالتنقل داخله.
    مما سبق يمكن تحديد النقط الفارقة بين الترابط النصي والتعلق النصي:
    - الترابط النصي: خاص بالنص الإلكتروني وهو علاقة داخل نصية.
    - التعلق النصي: خاص بالنص وهو علاقة خارج نصية، لأنه يربط بين نصين أحدهما سابق والثاني لاحق.
    وكلا
    النصين يرتبطان ببعضهما من خلال التفاعل النصي "بوصفه مفهوما جامعا يتسع
    لمختلف العلاقات بين النصوص،سواء كانت لفظية أو غير لفظية،وسواء قدمت شفاها
    أو كتابة
    أو إلكترونيا" .
    إن الإحاطة بالوضع النظري للترابط النصي يتطلب منا التفريق بين الترابط النصي والنص المترابط.
    4- الترابط النصي والنص المترابط:
    "الترابط النصي" إجراء معلوماتي يسمح بربط كلمة بأخرى، أو فقرة أو أيقونة
    أو صورة بغيرها. كما يتيح للمستعمل إمكانية اختيار مساره داخل نص أو وثيقة
    معينة بمجرد نقره على مؤشر الفأرة على الكلمة التي تهمه، فينتقل مباشرة
    إلى الجزء المرتبط بها فيؤسس بالتالي مساره القرائي الخاص.
    أما "النص
    المترابط" فهو نص افتراضي، محتمل، لا يأخذ شكله الواقعي إلا من خلال نشاط
    القارئ، مما يجعل منه نصا تفاعليا لأن التواصل أصبح يتطلب التشارك، فالحركة
    أصبحت تتجه من النص إلى القارئ وبالعكس، خلافا لما كان عليه الأمر مع النص
    الذي كان يمارس سلطة كبيرة على القراءة، لأنه لم يكن بمقدور القارئ التحرر
    من التتابع الذي تفرضه خطية الكتاب. لكنه مع النص المترابط أصبح بوسعه
    القفز على أجزاء ومشاهد ويتجه مباشرة إلى ما يهمه.



      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 6:05 pm