منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي في سطور

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي في سطور Empty الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي في سطور

    مُساهمة   الأربعاء مارس 16, 2011 3:15 am

    [center]
    زمان الغواية : Nov 2006
    المكان : تحت الاحتلال!
    عدد الأدلة: 2,512
    Lightbulb الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي في سطور
    هي الرواية الجميلة.. الساحرة.. و المبدعة بامتياز. شاعرة الرواية العربية.. و ليس غريبا عليها ذلك، فهي بدأت حياتها الأدبية في كتابة الشعر، و تحولت إلى الرواية في أروع عطاء صنعته إلى الآن على شكل ثلاثية أقل ما يقال عنها أنها تحفة الأدب العربي..
    أحلام مستغاني الجزائرية التي ترعرعت في عائلة بسيطة و كريمة.. منذ ثلاثين سنة غادرت فيها الجزائر حاملة احساسا بالمرارة، ربما لأنها مبدعة في زمن لم يكن يفقه فيه كثير من الناس قيمة ما تكتبه، و لأنها كانت مختلفة أيضا في أفكارها، جريئة في مجتمع محافظ.. سافرت إلى فرنسا، و تزوجت من الاعلامي اللبناني المعروف جورج الراسي.. و تحولت من شاعرة فقط، إلى أكبر روائية على الاطلاق، فهي لم تكسر حاجز اللغة بالنسبة لها كجزائرية، بل أيضا تجاوزت اللغة التي من خلالها أبهرت كل القراء العرب الذي اكتشفوا الروائية و الشاعرة على حد سواء.. لتحتل اليوم ريادة الأديبات و الأكثر شهرة في العالم العربي بعد أن وصلت مبيعات روايتها الأولى ذاكرة الجسد إلى 500 ألف نسخة.
    أحلام تدرك جيدا متاعب الشهرة. تدرك أن عليها أن تبقى في القمة، و أن عليها ألا تتراجع، فكلما أصدرت كتابا تراهن من خلاله على الريادة و هو أمر يبدو متعبا في ظل الوافدين إلى الشهرة من باب الرواية تحديدا..
    دودة قراء

    سأعود
    رد مع الاستدلال
    داليا الهواري
    الاطلاع على ملف القضية العام
    البحث في جميع مشاركات داليا الهواري
    #2
    قديم 21-03-2007, 11:23 PM
    داليا الهواري داليا الهواري غير متواجد
    ضــوء شرف

    زمان الغواية : Nov 2006
    المكان : تحت الاحتلال!
    عدد الأدلة: 2,512
    أحلام مستغانمي من مواليد الجزائر العاصمة عام 1953. وقد نالت البكالوريوس في الأدب العربي من جامعة الجزائر عام 1976. وفي مطلع السبعينيات أسهمت في تقديم الشعر في الإذاعة الجزائرية شفاهياً وفي جريدة الشعب تحريراً. وبعد تخرجها، سافرت إلى باريس حيث أكملت في عام 1980 بحوثها ونالت شهادة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية من جامعة السوربون. وقد نشرت رسالتها المكتوبة بالفرنسية بتقديم المستعرب جاك بيرك عام 1985 وعنوانها "الجزائر: المرأة والكتابة". راجع Ahlem Mosteghanemi, Algérie: Femme et écritures (Paris: L'Harmattan, 1985). ولها مجموعتان شعريتان، على مرفأ الأيام (الجزائر: الشركة القومية للنشر والتوزيع، 1973)؛ الكتابة في لحظة عري (بيروت: دار الآداب، 1976)، بالإضافة إلى ثلاث روايات: ذاكرة الجسد (بيروت: دار الآداب، 1993)؛ فوضى الحواس (بيروت: دار الآداب، 1997)؛ عابر سرير (بيروت: منشورات أحلام مستغانمي، 2003). وقد نالت روايتها الأولى جائزة نجيب محفوظ عام 1998، وترجمت إلى الإنجليزية عام 2000 ثم أعيد نشر الترجمة منقحة عام 2003 (صدرت الطبعتان عن دار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة)، كما ترجمت إلى الفرنسية (دار ألبان ميشيل)، عام 2002، وهناك مشروع نقل الرواية إلى الشاشة. وكل الإشارات إلى صفحات رواية ذاكرة الجسد في المقالة ترجع إلى طبعة دار الآداب الأولى.
    رد مع الاستدلال
    داليا الهواري
    الاطلاع على ملف القضية العام
    البحث في جميع مشاركات داليا الهواري
    #3
    قديم 21-03-2007, 11:29 PM
    داليا الهواري داليا الهواري غير متواجد
    ضــوء شرف

    زمان الغواية : Nov 2006
    المكان : تحت الاحتلال!
    عدد الأدلة: 2,512
    أحلام مستغانمي كاتبة تخفي خلف روايتها أبًا لطالما طبع حياتها بشخصيته الفذّة وتاريخه النضاليّ. لن نذهب إلى القول بأنّها أخذت عنه محاور رواياتها اقتباسًا. ولكن ما من شك في أنّ مسيرة حياته التي تحكي تاريخ الجزائر وجدت صدى واسعًا عبر مؤلِّفاتها.
    كان والدها "محمد الشريف" من هواة الأدب الفرنسي. وقارئًا ذا ميول كلاسيكيّ لأمثال :
    Victor Hugo, Voltaire, Jean Jaques Rousseau . يستشف ذلك كلّ من يجالسه لأوّل مرّة. كما كانت له القدرة على سرد الكثير من القصص عن مدينته الأصليّة مسقط رأسه "قسنطينة" مع إدماج عنصر الوطنيّة وتاريخ الجزائر في كلّ حوار يخوضه. وذلك بفصاحة فرنسيّة وخطابة نادرة.
    هذا الأبّ عرف السجون الفرنسيّة, بسبب مشاركته في مظاهرات 8 ماي 1945 . وبعد أن أطلق سراحه سنة 1947 كان قد فقد عمله بالبلديّة, ومع ذلك فإنّه يعتبر محظوظاً إذ لم يلق حتفه مع من مات آنذاك ( 45 ألف شهيد سقطوا خلال تلك المظاهرات) وأصبح ملاحقًا من قبل الشرطة الفرنسيّة, بسبب نشاطه السياسي بعد حلّ حزب الشعب الجزائري. الذي أدّى إلى ولادة ما هو أكثر أهميّة, ويحسب له المستعمر الفرنسي ألف حساب: حزب جبهة التحرير الوطني FLN .
    وأمّا عن الجدّة فاطمة الزهراء, فقد كانت أكثر ما تخشاه, هو فقدان آخر أبنائها بعد أن ثكلت كل إخوته, أثناء مظاهرات 1945 في مدينة قالمة. هذه المأساة, لم تكن مصيراً لأسرة المستغانمي فقط. بل لكلّ الجزائر من خلال ملايين العائلات التي وجدت نفسها ممزّقة تحت وطأة الدمار الذي خلّفه الإستعمار. بعد أشهر قليلة, يتوّجه محمد الشريف مع أمّه وزوجته وأحزانه إلى تونس كما لو أنّ روحه سحبت منه. فقد ودّع مدينة قسنطينة أرض آبائه وأجداده.
    كانت تونس فيما مضى مقرًّا لبعض الرِفاق الأمير عبد القادر والمقراني بعد نفيهما. ويجد محمد الشريف نفسه محاطاً بجوٍّ ساخن لا يخلو من النضال, والجهاد في حزبي MTLD و PPA بطريقة تختلف عن نضاله السابق ولكن لا تقلّ أهميّة عن الذين يخوضون المعارك. في هذه الظروف التي كانت تحمل مخاض الثورة, وإرهاصاتها الأولى تولد أحلام في تونس. ولكي تعيش أسرته, يضطر الوالد للعمل كمدرّس للّغة الفرنسيّة. لأنّه لا يملك تأهيلاً غير تلك اللّغة, لذلك, سوف يبذل الأب كلّ ما بوسعه بعد ذلك, لتتعلَّم ابنته اللغة العربيّة التي مُنع هو من تعلمها. وبالإضافة إلى عمله, ناضل محمد الشريف في حزب الدستور التونسي (منزل تميم) محافظًا بذلك على نشاطه النضالي المغاربيّ ضد الإستعمار.
    وعندما اندلعت الثورة الجزائريّة في أوّل نوفمبر 1954 شارك أبناء إخوته عزّ الدين وبديعة اللذان كانا يقيمان تحت كنفه منذ قتل والدهما, شاركا في مظاهرات طلاّبيّة تضامنًا مع المجاهدين قبل أن يلتحقا فيما بعد سنة 1955 بالأوراس الجزائريّة. وتصبح بديعة الحاصلة لتوّها على الباكالوريا, من أولى الفتيات الجزائريات اللاتي استبدلن بالجامعة الرشّاش, وانخرطن في الكفاح المسلَّح. ما زلت لحدّ الآن, صور بديعة تظهر في الأفلام الوثائقية عن الثورة الجزائرية. حيث تبدو بالزي العسكري رفقة المجاهدين. وما زالت بعض آثار تلك الأحداث في ذاكرة أحلام الطفوليّة. حيث كان منزل أبيها مركزاً يلتقي فيه المجاهدون الذين سيلتحقون بالجبال, أو العائدين للمعالجة في تونس من الإصابات.
    بعد الإستقلال, عاد جميع أفراد الأسرة إلى الوطن. واستقرّ الأب في العاصمة حيث كان يشغل منصب مستشار تقنيّ لدى رئاسة الجمهوريّة, ثم مديراً في وزارة الفلاحة, وأوّل مسؤول عن إدارة وتوزيع الأملاك الشاغرة, والمزارع والأراضي الفلاحيّة التي تركها المعمّرون الفرنسيون بعد مغادرتهم الجزائر. إضافة إلى نشاطه الدائم في اتحاد العمال الجزائريّين, الذي كان أحد ممثليه أثناء حرب التحرير. غير أن حماسه لبناء الجزائر المستقلّة لتوّها, جعله يتطوّع في كل مشروع يساعد في الإسراع في إعمارها. وهكذا إضافة إلى المهمّات التي كان يقوم بها داخليًّا لتفقّد أوضاع الفلاّحين, تطوَّع لإعداد برنامج إذاعي (باللّغة الفرنسيّة) لشرح خطة التسيير الذاتي الفلاحي. ثمّ ساهم في حملة محو الأميّة التي دعا إليها الرئيس أحمد بن بلّة بإشرافه على إعداد كتب لهذه الغاية.
    وهكذا نشأت ابنته الكبرى في محيط عائلي يلعب الأب فيه دورًا أساسيًّا. وكانت مقرّبة كثيرًا من أبيها وخالها عزّ الدين الضابط في جيش التحرير الذي كان كأخيها الأكبر. عبر هاتين الشخصيتين, عاشت كلّ المؤثّرات التي تطرأ على الساحة السياسيّة. و التي كشفت لها عن بعد أعمق, للجرح الجزائري (التصحيح الثوري للعقيد هواري بومدين, ومحاولة الانقلاب للعقيد الطاهر زبيري), عاشت الأزمة الجزائرية يومًّا بيوم من خلال مشاركة أبيها في حياته العمليّة, وحواراته الدائمة معها.
    لم تكن أحلام غريبة عن ماضي الجزائر, ولا عن الحاضر الذي يعيشه الوطن. مما جعل كلّ مؤلفاتها تحمل شيئًا عن والدها, وإن لم يأتِ ذكره صراحة. فقد ترك بصماته عليها إلى الأبد. بدءًا من اختياره العربيّة لغة لها. لتثأر له بها. فحال إستقلال الجزائر ستكون أحلام مع أوّل فوج للبنات يتابع تعليمه في مدرسة الثعالبيّة, أولى مدرسة معرّبة للبنات في العاصمة. وتنتقل منها إلى ثانوية عائشة أم المؤمنين. لتتخرّج سنة 1971 من كليّة الآداب في الجزائر ضمن أوّل دفعة معرّبة تتخرّج بعد الإستقلال من جامعات الجزائر.
    لكن قبل ذلك, سنة 1967 , وإثر إنقلاب بومدين واعتقال الرئيس أحمد بن بلّة. يقع الأب مريضًا نتيجة للخلافات "القبليّة" والانقلابات السياسيّة التي أصبح فيها رفاق الأمس ألدّ الأعداء.
    هذه الأزمة النفسيّة, أو الانهيار العصبيّ الذي أصابه, جعله يفقد صوابه في بعض الأحيان. خاصة بعد تعرّضه لمحاولة اغتيال, مما أدّى إلى الإقامة من حين لآخر في مصحّ عقليّ تابع للجيش الوطني الشعبيّ. كانت أحلام آنذاك في سن المراهقة, طالبة في ثانوية عائشة بالعاصمة. وبما أنّها كانت أكبر إخواتها الأربعة, كان عليها هي أن تزور والدها في المستشفى المذكور, والواقع في حيّ باب الواد, ثلاث مرّات على الأقلّ كلّ أسبوع. كان مرض أبيها مرض الجزائر. هكذا كانت تراه وتعيشه.
    قبل أن تبلغ أحلام الثامنة عشرة عاماً. وأثناء إعدادها لشهادة الباكلوريا, كان عليها ان تعمل لتساهم في إعالة إخوتها وعائلة تركها الوالد دون مورد. ولذا خلال ثلاث سنوات كانت أحلام تعدّ وتقدّم برنامجًا يوميًا في الإذاعة الجزائريّة يبثّ في ساعة متأخرّة من المساء تحت عنوان "همسات". وقد لاقت تلك "الوشوشات" الشعريّة نجاحًا كبيرًا تجاوز الحدود الجزائرية الى دول المغرب العربي. وساهمت في ميلاد إسم أحلام مستغانمي الشعريّ, الذي وجد له سندًا في صوتها الأذاعيّ المميّز وفي مقالات وقصائد كانت تنشرها أحلام في الصحافة الجزائرية. وديوان أوّل أصدرته سنة 1971 في الجزائر تحت عنوان "على مرفأ الأيام".
    في هذا الوقت لم يكن أبوها حاضراً ليشهد ما حقّفته ابنته. بل كان يتواجد في المستشفى لفترات طويلة, بعد أن ساءت حالته.
    هذا الوضع سبّب لأحلام معاناة كبيرة. فقد كانت كلّ نجاحاتها من أجل إسعاده هو, برغم علمها أنّه لن يتمكن يومًا من قراءتها لعدم إتقانه القراءة بالعربية. وكانت فاجعة الأب الثانية, عندما انفصلت عنه أحلام وذهبت لتقيم في باريس حيث تزوّجت من صحفي لبناني ممن يكنّون ودًّا كبيرًا للجزائريين. وابتعدت عن الحياة الثقافية لبضع سنوات كي تكرِّس حياتها لأسرتها. قبل أن تعود في بداية الثمانينات لتتعاطى مع الأدب العربيّ من جديد. أوّلاً بتحضير شهادة دكتوراه في جامعة السوربون. ثمّ مشاركتها في الكتابة في مجلّة "الحوار" التي كان يصدرها زوجها من باريس, ومجلة "التضامن" التي كانت تصدر من لندن. أثناء ذلك وجد الأب نفسه في مواجهة المرض والشيخوخة والوحدة. وراح يتواصل معها بالكتابة إليها في كلّ مناسبة وطنية عن ذاكرته النضاليّة وذلك الزمن الجميل الذي عاشه مع الرفاق في قسنطينة.
    ثمّ ذات يوم توّقفت تلك الرسائل الطويلة المكتوبة دائمًا بخط أنيق وتعابير منتقاة. كان ذلك الأب الذي لا يفوّت مناسبة, مشغولاً بانتقاء تاريخ موته, كما لو كان يختار عنوانًا لقصائده. في ليلة أوّل نوفمبر 1992 , التاريخ المصادف لاندلاع الثورة الجزائريّة, كان محمد الشريف يوارى التراب في مقبرة العلياء, غير بعيد عن قبور رفاقه. كما لو كان يعود إلى الجزائر مع شهدائها. بتوقيت الرصاصة الأولى. فقد كان أحد ضحاياها وشهدائها الأحياء. وكان جثمانه يغادر مصادفة المستشفى العسكري على وقع النشيد الوطنيّ الذي كان يعزف لرفع العلم بمناسبة أوّل نوفمبر. ومصادفة أيضًا, كانت السيارات العسكريّة تنقل نحو المستشفى الجثث المشوّهة لعدّة جنود قد تمّ التنكيل بهم على يد من لم يكن بعد معترفًا بوجودهم كجبهة إسلاميّة مسلّحة.
    لقد أغمض عينيه قبل ذلك بقليل, متوجّسًا الفاجعة. ذلك الرجل الذي أدهش مرة إحدى الصحافيّات عندما سألته عن سيرته النضاليّة, فأجابها مستخفًّا بعمر قضاه بين المعتقلات والمصحّات والمنافي, قائلاً: "إن كنت جئت إلى العالم فقط لأنجب أحلام. فهذا يكفيني فخرًا. إنّها أهمّ إنجازاتي. أريد أن يقال إنني "أبو أحلام" أن أنسب إليها.. كما تنسب هي لي".
    كان يدري وهو الشاعر, أنّ الكلمة هي الأبقى. وهي الأرفع. ولذا حمَّل ابنته إرثًا نضاليًا لا نجاة منه. بحكم الظروف التاريخيّة لميلاد قلمها, الذي جاء منغمسًا في القضايا الوطنيّة والقوميّة التي نذرت لها أحلام أدبها. وفاءًا لقارىء لن يقرأها يومًا.. ولم تكتب أحلام سواه. عساها بأدبها تردّ عنه بعض ما ألحق الوطن من أذى بأحلامه.
    مراد مستغانمي شقيق الكاتبة
    الجزائر حزيران 2001
    رد مع الاستدلال
    داليا الهواري
    الاطلاع على ملف القضية العام
    البحث في جميع مشاركات داليا الهواري
    #4
    قديم 22-03-2007, 12:03 AM
    داليا الهواري داليا الهواري غير متواجد
    ضــوء شرف

    زمان الغواية : Nov 2006
    المكان : تحت الاحتلال!
    عدد الأدلة: 2,512
    أن تكون كاتباً جزائرياً
    ألقيت هذه الشهادة في مؤتمر الروائيين العرب في القاهرة 1998

    عندما تكون كاتباً جزائرياً, وتأتيك الجزائر يومياً بقوافل قتلاها, بين اغتيالاتها الفردية, ومذابحها الجماعية, وأخبار الموت الوحشي في تفاصيله المرعبة, وقصص أناسه البسطاء في مواجهة أقدار ظالمة. لا بد أن تسأل نفسك ما جدوى الكتابة؟ وهل الحياة في حاجة حقاً الى كتّاب وروائيين؟ ما دام ما تكتبه في هذه الحالات ليس سوى اعتذار لمن ماتوا كي تبقى على قيد الحياة.
    وما دامت النصوص الأهم, هي ليست تلك التي توقّعها أنت باسم كبير, بل تلك التي يكتبها بدمهم الكتاب والصحافيون المعرفون منهم والذكرة, الصامدون في الجزائر. والواقفون دون انحناء بين ناري السلطة والإرهاب والذين دفعوا حتى الآن ستين قتيلاً.. مقابل الحقيقة وحفنة من الكلمات.
    عندما تكون كاتباً جزائرياً مغترباً, وتكتب عن الجزائر, لا بد أن تكتب عنها بكثير من الحياء, بكثير من التواضع, حتى لا تتطاول دون قصد على قامة الواقفين هناك. أو على أولئك البسطاء الذين فرشوا بجثثهم سجاداً للوطن. كي تواصل أجيالاً أخرى المشي نحو حلم سميناه الجزائر. والذين على بساطتهم, وعلى أهميتك, لن يرفعك سوى الموت من أجل الجزائر الى مرتبتهم.
    الجزائر التي لم تكن مسقط رأسي بل مسقط قلبي وقلمي, ها هي ذي تصبح مسقط دمي. والأرض التي يقتل عليها بعضي بعضي, فكيف يمكنني مواصلة الكتابة عنها ولها. واقفة على مسافة وسطية بين القاتل والقتيل.
    لقد فقدنا في الجزائر خلال السنوات الأخيرة أكثر من ستين كاتب ومبدع. هم أكثر من نصف ثروتنا الإعلامية. ولم يبق لنا من الروائيين أكثر من عدد أصابع اليدين في بلد يفوق سكانه الثلاثين مليون نسمة, أي انه لا يوجد في مقابل كل مليون جزائري, كاتب واحد ينطق ويكتب ويحلم ويفكر باسم مليون شخص.
    فأي نزيف فكري هو هذا؟.. وأيّة فاجعة وطنية هي هذه! ولذا كلما دعيت الى ملتقى حول الكتابة بدأ لي الجدل حول بعض المواضيع النقدية أو الفنية أمراً يقارب في طرحه مسرح العبث.. عندما يتعلّق الأمر ببلد يشكل فيه الكاتب في حد ذاته نوعاً بشرياً على وشك الإنقراض, وتشكّل فيه الكتابة في حد ذاتها تهمة لم يعد الكاتب يدري كيف يتبرّأ منها.. وذنباً لم يعد يدري كيف يجب أن يعلن توبته عنه أمام الملأ ليتمكن أخيراً من العيش بأمان.
    فما الذي حلّ بنا اليوم؟
    منذ الأزل نكتب وندري أن في آخر كل صفحة ينتظرنا رقيب ينبش بين سطورنا, يراقب صمتنا وأنفاسنا, ويتربص بنا بين جملتين.
    كنا نعرف الرقيب ونتحايل عليه. ولكن الجديد في الكتابة اليوم أننا لا ندري من يراقب من.. وما هي المقاييس الجديدة للكتابة.
    الجديد في الكتابة اليوم, أنّ أحلامنا تواضعت في بضع سنوات. فقد كنا نحلم أن نعيش يوماً بما نكتب.. فأصبحنا نحلم ألا نموت يوماً بسبب ما نكتب.
    كنا نحلم في بدايتنا أن نغادر الوطن ونصبح كتاباً مشهورين في الخارج. اليوم وقد أصبحنا كذلك أصبح حلمنا أن نعود الى وطننا ونعيش فيه نكرات لبضعة أيام.
    كنا نحلم بكتابة كتب جديدة.. أصبحنا نحلم بإعادة طبع كتبنا القديمة ليس أكثر .. فالذي كتبناه منذ عشرين سنة لم نعد نجرؤ على كتابته اليوم.
    عندما تكون كاتباً جزائرياً. كيف لك اليوم أن تجلس لتكتب شيئاً في أي موضوع كان دون أن تسند ظهرك الى قبر.
    في زمن العنف العدميّ, والموت العبثي, كم مرة تسأل نفسك. ماذا تكتب؟ ولمن؟ داخلاً في كل موت في حالة صمت حتى تكاد تصدّق أنّ في صمت الكاتب عنفاً أيضاً.
    ماذا تكتب أيّها الروائي المتذاكي.. ما دام أيّ مجرم صغير هو أكثر خيالاً منك. وما دامت الروايات اكثر عجائبية وإدهاشاً تكتبها الحياة.. هناك.
    سواء أكانت تريد أن تكتب قصة تاريخية, أم عاطفية أو بوليسية. رواية عن الرعب أ عن المنفى. عن الخيبة, عن المهزلة, عن الجنون.. عن الذعر.. عن العشق.. عن التفكك.. عن التشتت عن الموت الملفّق.. عن الأحلام المعطوبة.. عن الثروات المنهوبة أثناء ذلك بالملايين بين مذبحتين.
    لا تتعب نفسك, لقد سبقتك جزائر الأكاذيب والخوف وكتبتها.
    الحياة هي الروائي الأول في الجزائر. وأنت, أيّها الروائي الذي تملك العالم بالوكالة, وتدير شؤونه في كتاب. الذي يكتب قطعاً ليس أنت. ما دمت تكتب بقلم قصصاً يشاركك القدر في كتابتها بالدم.
    كنا نحلم بوطن نموت من أجله.. فأصبح لنا وطن نموت على يده.
    فلماذا تكتب؟ ولمن؟ وكيف يمكن فضّ الاشتباك بينك ككاتب والوطن؟ وهل المنفى هو المكان الأمثل لطرح تلك الأسئلة الموجعة أكثر من أجوبتها.
    أراغون الذي قال صدقتها "الرواية أي مفتاح الغرف الممنوعة في بيتنا" لم يكن عربياً. وإلا لكان قال "إن الرواية هي مفتاح الأوطان المغلقة في وجهنا.
    إنه التعريف الأنسب للرواية المعاصرة, التي منذ جيلين أكثر تولد في المنافي القسرية أو الإختيارية. موزعة على الخرائط العربية والغربية. هناك حيث ينتظر عشرات المبدعين العرب موتهم. حالمين أن يثأروا يوماً لغربتهم بالعودة في صناديق مفخخة بالكتب, فيحدثوا أخيراً ذلك الدوي الذي عاشوا دون أن يسمعوه: دويّ ارتطامهم بالوطن.
    إنه زمن الشتات الجزائري إذن. وطن يفرغ ليتبعثر كتّابه ومثقفوه بين المقابر والمنافي ليواصلوا الميراث التراجيدي للكتابة العربية, وينضمّوا للشتات الفلسطيني وللشتات العراقي.. والشتات غير المعلن لأكثر من بلد عربي, تنفى منه شعوب بأكملها, وتنكسر فيه أجيال من الأقلام إكراماً لرجل أو لحفنة من الرجال, يفكرون بطريقة مختلفة ولا يغفرون لك ان تكون مختلفاً.
    ذلك ان الكتابة أصبحت الآن أخطر مهنة. والتفكير أصبح أكبر تهمة, حتى أنه يشترك مع التكفير في كل حروفه ويبدو أمامه مجرد زلة لسان.
    فلماذا نصرّ إذن على التفكير؟ ولماذا نصرّ على الكتابة؟ وهل يستحق أولئك الذين نكتب من أجلهم كل هذه المجازفة؟
    إن وطناً أذلّنا أحياء لا يعنينا أن يكرّمنا امواتاً. ووطناً لا تقوم فيه الدولة سوى بجهد تأمين علم وطني تلف به جثماننا, هو وطن لا تصبح فيه مواطناً إلا عندما تموت.
    يبقى أن الذين يتحملّون جريمة الحبر الجزائري ليسوا القتلة. والذين يحملون على يدهم آثار دم لما يقارب المائة ألف شخص كانوا يعيشون آمنين.. ليسوا التقلة. وإنما أولئك الذين لم تمنعهم كلّ فجائعنا من مواصلة الحياة بالطمأنينة والرخاء نفسه, والذين استرخصوا دمنا.. حتى أصبح الذبح والقتل أمراً عادياً لا يستوقف في بشاعته حتى المثقفين العرب أنفسهم.
    والذين تفرّجوا خلال السنوات الأخيرة بلا مبالاة مدهشة على جثتنا. والذين جعلوننا نصدق ذلك الكاتب الذي قال:
    "لا تخش أعداءك, ففي أسوأ الحالات يمكنهم قتلك
    لاتخش أصدقاءك ففي أسوأ الحالات يمكنهم خيانتك
    إخش اللامبالين فصمتهم يجيز الجريمة والخيانة".
    رد مع الاستدلال
    داليا الهواري
    الاطلاع على ملف القضية العام
    البحث في جميع مشاركات داليا الهواري
    #5
    قديم 22-03-2007, 12:10 AM
    داليا الهواري داليا الهواري غير متواجد
    ضــوء شرف

    زمان الغواية : Nov 2006
    المكان : تحت الاحتلال!
    عدد الأدلة: 2,512
    شهادة في الكتابة
    قدمّت هذه الشهادة في معهد العالم العربي في باريس سنة 1997
    ككّل مرة يطلب مني ان أتحدث عن تجربتي في الكتابة أجدني أنا التي احترف الكلمات, لا أدري كيف ألخّص عمري على ورق. ولا أعرف متى كان مولدي بالتحديد.
    فالكاتب يولد فجأة, ولكن غالباً في غير التاريخ الذي يتوّقعه.
    هناك من يعتقد انه كاتباً منذ الأزل. وهناك من ولد أمام أول كتاب أصدره. وآخر لم يولد إلا في الأربعين, أمام نصّه الأخير.
    لكن, أن تسوّد عشرات الأوراق, لا يعني أنك مبدع. وأن تصدر أكثر من كتاب لا يعني أنك كاتب. "همنغواي" كان يقول "الكاتب هو من له قراء" وربما كان يعني من له معجبون وأعداء. وحسب هذا المفهوم, يمكنني أن أقول أنني كاتبة.
    فأن تكتب يعني تفكّر ضدّ نفسك. أن تجادل أن تعارض أن تجازف, أن تعي منذ البداية, أن لا أدب خارج المحظور, ولا إبداع خارج الممنوع, ولا خارج الأسئلة الكبيرة التي لا جواب لها. ولو كانت الكتابة غير هذا, لاكتفت البشريّة بالكتب السماوية وانتهى الأمر. ولكن, خطر الكتابة ومتعها يكمنان في كونها إعادة نظر, ومساءلة دائمة للذات. أي كونها مجازفة دائمة. ألهذا, كلما تقدمت بي الكتابة, غادرت عمر القناعات, ودخلت سنّ الشك. ربما لأنّ الكتابة لا يمكن أن تتم على أرض ثابتة, حتى أنك تنتقل فيها من صنف أدبيّ الى آخر دون سابق قرار.
    في البدء, كنت شاعرة, وربما جئت الى الشعر في لحظة تحد. أتوّقع أن أكون ولدت في السابعة عشرة من عمري. عندما وقفت لألقي شعراً في الجزائر على جهور متحمّس وشرس. جاء نصفه ليصفق لي. ونصفه الآخر ليحاكمني بتهمة أنوثتي, والكتابة عن الحب, في زمن لم ينته فيه الأخرون من دفن الشهداء على صفحات الجرائد والكتب. أعتقد ذلك, لأن الشاعر يولد دائماً في لحظة مواجهة.
    وكهامش لهذه الحادثة التي تناقلت الصحافة الجزائرية آنذاك تفاصيلها. بما في ذلك تدخّل والدي نيابة عني للرد على الجمهور, نظراً لصغر سني وعدم قدرتي على مواجهة قاعة بأكملها.
    أذكر الآن بألم, أن أمسيتي الشعرية تلك كانت في إطار موسم شعري سنة 1973 أقيم في قاعة "الموغار". أخذ فيه شعر الشباب باللغتين الحيّز الأكبر. وهكذا فقد جاءت بين أمسيتين للشاعرين الشهيدين الطاهر جعوط ويوسف سبتي, اللذين كانا يكتبان باللغة الفرنسية. وبدآ مشوارهما الشعري معي في ذلك الموسم نفسه. وحتماً كانا يجهلان آنذاك أنه برغم الهدوء والفتور الذين قوبلا بهما من طرف الجمهور, ورغم الزوبعة الإعلامية التي حسداني عليها. سيأتي يوم بعد عشرين سنة يتصدران فيه جميع الجرائد العربية والأجنبية كشهيدين للشعر الجزائري, سقطا ذبحاً.. ورمياً بالرصاص.. بتهمة الكتابة.
    كان ذلك زمن التحدي الجميل. ورغم أنني كنت الفتاة الوحيدة التي تكتب آنذاك بين شعراء اللغتين, فقد كنت أشعر دائماً ان انتمائي لأحلام ذلك الجيل من الشباب يفوق انتمائي لأنوثتي, وأن الشعر والوطن هما قضيتي الأولى. وأما الأنوثة فهي مشكلتي وحدي.
    تأكّد لي ذلك بعد عدّة سنوات, عندما غادرت الجزائر لأقيم في فرنسا وأدخل دوّامة الحياة الزوجية والأمومة والإلتزامات الإجتماعية.
    ذات صباح استيقظت وإذا بي زوجة وأمّ لثلاثة صبيان ودكتورة في السوربون وباحثة في علم الاجتماع وطبّاخة وغسّالة وجلاّية ومربيّة في كل ساعات النهار. كان لي أكثر من لقب وأكثر من مهنة. غير أني كنت قد فقدت لقب "شاعرة".
    أعتقد أنني أنا التي أخذت قرار التخلي عن الشعر. خشية أن أصبح أدنى منه.
    أن تحترم الشعر, حدّ الإعتراف في أول خيانة له بأنك لم تعد شاعراً. هي الطريقة الوحيدة لتحافظ على لقب شاعر, ولو بينك وبين نفسك.
    فإذا كان لا شيء أكثر سطوة ووجاهة من لقب شاعر. فلا شيء أيضاً أثقل حملاً ولا أسرع عطباً من هذا اللقب.
    فإن تكون شاعراً يعني أن تكون إنساناً حراً, حريّة مطلقة. ولا أقصد فقط أن تكون حراً في الإدلاء برأيك أو حراً في الذهاب بجنونك حيث شئت قولاً وفعلاً. بل يتطلّب أيضاً أن تكون حراً في وقتك. أن تكون شاعراً يعني أن تكون بتصرّف الشعر وكأنك نذرت نفسك له. فهو ككل حالات الإبداع يأتيك متى شاء, فيلغي لك موعداً ويأخذ لك آخر. ويحجزك ساعات أمام ورقة. ويخرجك من طورك لأيام. ولذا الشعر ترف ليس في متناول أمرأة عندنا. إنه يذكرني بذلك التعبير الجميل (لمورياك) عندما يقول "أنا حصان الشعر الجامح.. لكنني مشدود الى عربة المحراث".
    وأن أكتشف أن الشعر قد غادرني لم يخفني, بقدر ما خفت أن يغادرني الحبر أيضاً, وتخونني الكلمات. فأنا إمرأة من ورق. تعوّدت أن أعيش بين دفتي الكتب. أن أحب وأكره وأفرح وأحزن وأقترف كل خطاياي على ورق. تعلّمت ان أكون كائناً حبرياً, ألآ أخاف من رؤية نفسي عارية مرتجفة على ورق.
    فأنا أحب عُريي هذا. أحب قشعريرة جسدي العاري أمام بركة حبر. وأؤمن أن الكلمات التي تعرينا هي وحدها التي تشبهنا. أمّا تلك التي تكسونا فهي تشوهنا. ولذا كان عنوان ديواني الثاني منذ عشرين سنة "الكتابة في لحظة عري".
    وربما كان لحياة الأمومة والبيت التي عشتها خمس عشرة سنة متتالية أثر في تغيير مزاجي الحبري, ونظرني الى الكتابة. ذلك ان الكتابة لم تعد كل حياتي. بل حياة مسروقة من حياتي الشرعيّة . أصبحتْ أشهى وأصبحتْ أخطر. أصبحتْ حالة مرضية. وعكة حبر, وحالة خوف وذعر من شيء لا يمكن تحديده. أصبحتْ حالة تعددية وقدرة على أن أعيش داخل أكثر من امرأة. أن يكون لي أكثر من نشرة جويّة في اليوم. وأكثر من جسد كل ليلّة. وأكثر من مزاج عشقي, وأن تكون لي يد واحدة لا أكثر أكتب بها كل هذا.. وأسرق بها كل هذا.
    (جان جنيه) كان يقول "كنت من قبل أسرق, اليوم صرت أكتب الكتب" وبإمكاني أن أقول العكس: فلقد بدأت كاتبة, وانتهيت سارقة. فالكتابة بالنسبة لي مواجهة مع الواقع المضاد. إنّها نهب وسطو دائم. فأنا أسرق الوقت لأكتب. وأسطو على مكتب إبني لأكتب, وأتحايل على من حولي لأخذ موعداً مع الورق.
    وسأظل أنهب الكلمات كما ينهب بعضهم السعادة. ذلك أنّ الكتابة هي المغامرة النسائية الوحيدة التي تستحق المجازفة. وعلي أن أعيشها بشراسة الفقدان كمتعة مهددة.
    لقد عشت عدة سنوات دون مكتب ودون غرفة للكتابة. أنقل أوراقي من غرفة الى أخرى. الأن كل الغرف من حولي كانت محجوزة, تعوّدت أن أسكن ذاتي. ولأن كل الأبواب كانت مغلقة حولي فتحت يوماً خطأ باباً كان لا بد ألا أفتحه. وإذا بي أمام نفسي. وإذا بي روائية.
    لأراغون مقولة جميلة "الرواية هي مفتاح الغرف الممنوعة في بيتنا" يوم قرأتها أدركت أنني دخلت الرواية دون أن أدري. وأنا أفتح ذلك الباب بحشريّة وفضول. وإذا بي أصاب بالدوار والذهول وانا أقع على امرأة توقعتها غيري.. وإذا بطوفان الكلمات يذهب بي نحو نصّ مفتوح ومخيف في نزيفه. لم يكن إلا رواية سيكون حجمها أربع مئة صفحة ويكون إسمها "ذاكرة الجسد".
    عن هذه الرواية التي كان لها قدر أكبر مما توقعت, لن أقول لكم شيئاً. فأنا لست هنا لأروج لها. إنني اعتبر صمت الكاتب بعد كل كتاب جزءاً من إبداعه.
    فالكاتب عليه أن يقول كل شيء في كتابه وليس بعد صدوره. وليس عليه أن يقول أكثر مما كتب ليشرح للآخرين ما كان ينوي قوله. كل كتابة لا بد أن تؤدي الى الصمت. ولذا الأجمل أن يصمت الكاتب بعد كل كتاب أحتراماً لذكاء القارىء. ولأبطال لم يعودوا في حاجة إليه بعد الآن.
    ولكن ما أريد قوله, هو أن الكتابة مشروع شخصي. ورحلة لا يقوم بها المسافر إلا وحده. لسبب وحده معني به.
    وحتماً إن رحلة على هذا القدر من المجازفة والمواجهة تكون شاقة أكثر بالنسبة الى المرأة التي تدفع مقابلها ثمناً مزدوجاً. هو ثمن الكتابة.. وثمن الأنوثة.
    أمّا إذا كانت جزائرية وتكتب باللغة العربية, فهي معرّضة لمخالفتين إضافيتين, الأولى أن تدفع ثمن هويّتها والثانية ثمن اختيارها الكتابة بلغة محفوفة بالمخاطر أكثر من غيرها.
    فهل نعجب بعد هذا, أن لا يكون لنا في الجزائر شاعرات أو روائيات باللغة العربية. على ألأقلّ بما يعادل باللغة الفرنسية على قلّتهن. وهل نعجب أن يكون ديواني الصادر سنة 1973 في الجزائر أوّل ديوان شعري نسائي باللغة العربية. وأن تكون روايتي (ذاكرة الجسد) الصادرة بعد ذلك بعشرين سنة تماماً. هي أيضاً أول عمل روائي نسائي باللغة العربية. وكأن الأدب الجزائري المكتوب باللّغة العربية لم يكن ينتظر غيري طوال عشرين سنة. في بلد تتخرّج عن جامعاته كلّ سنة آلاف الطالبات, بإتقان للغة العربية.
    إن اكتشافاً كهذا لا يملأني زهواً فأنا أعي أن وجاهتي الأدبية تعود لمصادفة تاريخية وجغرافية, ليس أكثر.
    بقدر ما يملأني بإحساس غامض بالخوف على اجيال لن تعرف متعة الكتابة بهذه اللغة. بل وقد لا تعرف متعة الكتابة على الإطلاق. بعد أن حرمها البعض من متعة القراءة أيضاً. وأقنعها أن الكتاب صديق سوء. وأن هناك كتباً مفخّخة تنفجر في قارئها. وأن الكتّاب قطاع طرق يتربصون بالقارىء بين صفحتين, ومجرمون يتنقلون وفي حوزتهم أوراقاً وأقلاماً. وأنهم صنف بشري لا يستحق الحياة.
    في زمن ما زالت فيه الحدود مغلقة أمام ما تبقى واقفاً من أقلام. وما زال فيه أنظمة عربية من الجهل, بحيث تخاف حتى من عناوين كتبنا. وتمنع مؤلفاتنا من قبل حتى أن تقرأنا. وثمّة أخرى استرخص فيها دم وشرف الكتاب بحيث يموتون كل يوم مقابل حفنة من الكلمات. نحن نطمح أن تعيش كتبنا.. لا ان نعيش منها. نطمح أن تسافر كتبنا لا أن نسافر على حسابها. نطمح أن لا يشتري القارىء كتبنا على حساب لقمته. لأنه لن يزيدنا ثراءاً.. وإنما يزيد من عقدة ذنبنا.
    رد مع الاستدلال
    داليا الهواري
    الاطلاع على ملف القضية العام
    البحث في جميع مشاركات داليا الهواري
    #6
    قديم 22-03-2007, 12:13 AM
    قنديش قنديش غير متواجد
    متّهم

    زمان الغواية : Oct 2006
    المكان : في غرفة لها باب وسقف وشباك
    عدد الأدلة: 271
    ممكن سؤال

    هل قرأت رواياتها؟
    رد مع الاستدلال
    قنديش
    الاطلاع على ملف القضية العام
    البحث في جميع مشاركات قنديش
    #7
    قديم 22-03-2007, 12:15 AM
    داليا الهواري داليا الهواري غير متواجد
    ضــوء شرف

    زمان الغواية : Nov 2006
    المكان : تحت الاحتلال!
    عدد الأدلة: 2,512
    يوم كامل مع أحلام في قسنطينة
    فوضى الأشياء في مدينة فقدت رونقها
    خلال الزيارة التي قامت بها الروائية أحلام مستغانمي مؤخراً الى الجزائر لحضور حفل تسليم جائزة مالك حداد الأدبية, انتقلت الى مسقط رأسها قسنطينة, بحثاً عن الملاية ومالك حداد والحياة التي تركتها ذات يوم, فلم تجد سوى الفنادق البائسة ومظاهر الحياة الجديدة التي قضت على التقاليد التي جاءت من أجلها, وبروحها النقدية" التي تلازمها كالقلم عبّرت عن سخطها ورفضها لهذا الواقع.
    * *
    كتبت أحلام مستغانمي في روايتها الشهيرة "ذاكرة الجسد":
    "قسنطينة...
    كيف أنت يا أميمة.. واشك؟
    أشرعي بابك واحضنيني.. موجعة تلك الغربة.. موجعة هذه العودة...
    بارد مطارك الذي لم أعد أذكره.. بارد ليلك الجبليّ الذي لم يعد يذكرني. دثريني يا سيدة الدفء والبرد معاً..
    أجلي بردك قليلاً.. أجلي خيبتي قليلاً...
    قادم اليك أنا من سنوات الصقيع والخيبة, من مدن الثلج والوحدة.. فلا تتركيني واقفاً في مهب الجرح".
    هكذا حدست زيارة أحلام مستغانمي لقسنطينة من الوصفة الجاهزة, "ولكن من يملك ما يكفي من الحدس لقراءة خطى امرأة ذاهبة أو عائدة من موعد حب؟" المشهد لم يكن معقداً كما توقعته ولا درامياً, لم تذرف أحلام مستغانمي دمعة اللقاء الحار ولم تفتح عينيها دهشة أمام الجمال الخرافي الذي يصيب الغرباء بالدوار, أحلام مستغانمي وهي تلتصق جسداً نابضاً وجميلاً بذاكرة صعبة ومتعبة كانت كالمدينة معلقة, وقلبت هذه السيدة منطق توقعاتي فالمشهد المعقد الدرامي كنته وحدي أنا.
    "جميل ما يحدث لي هذا الصباح, كأن تستيقظ من نوم شتوي, تزيل ستائر نافذتك بكسل وفضول من يريد أن يعرف ماذا حدث في العالم أثناء نومه, واذا بالحب يطالع جريدة على كرسي في حديقة بيته.. وينتظره, بينك وبينه لم يكن سوى زجاج النافذة المبلل وفصل "-فوضى الحواس- فتحت النافذة وقطعت الفصل للوصول. في صالون فندق البانوراميك, التقيت بالقلم الذي هزّ أركان المشرق والمغرب, وكانت على قدر تلك الأمجاد بسيطة, مباشرة وثائرة, كانت تبدو مسيرة للفرح في مدينة جنائزية, بدأت في انتقاد الفندق الذي لا يمكنه أن يشرّف أحداً أو مدينة "يجب أن نفعل شيئاً, ماذا يكلّف بناء فندق لائق؟ لمَ لا نكتب لائحة أوقعها ويوقعها كل مواطن؟" مطالب لا علاقة لها بالشعر ولكن بالثورة, كيف استطعت ان تهبي كل تلك الحياة لكل ذاك الموت؟ رافقت وفد أحلام الصغير إلى قسنطينة العتيقة, وكان يتكوّن من الكاتبة وشقيقها (ياسين), صديقين و"منخب" كان دليلنا ونحن نتسلّق وجه سيرتا المجعّد. من حيّ القصبة إلى قصر الباي, المسافة كانت بعض خطوات لمعاينة مأساة القصر الذي تحوّل من معلم حضاري كوني الى ما يشبه البيوت الممهجورة التي تتحوّل مع الوقت الى بيوت "مسكونة" بالأشباح!
    "خسارة" لم تتوّقف أحلام عن ترديد هذه الكلمة بلهجة جزائرية حادة وصلبة, لم تخفِ قناعتها بأن هذا القصر ورغم محاولات انتشاله لن يكون كامل الجثة " c est fini - ماذا سيرمّمون فيه؟" لم تقتنع بشيء أمام المهزلة الحيّة, "لماذا تركتموه كل هذه المدة بلا عناية؟.." قالت أحلام الجملة المزعجة المفيدة.. ثم شارع فرنسا الغاص بالمارة وباعة كل شيء وأي شيء, هناك بدأ البعض ينتبه للزائرة المختلفة, تطلعت العيون إليها واشتدّ الهمس أحياناً "هذي أحلام!" كنا محتاجين للكلام الذي قلتِه في التلفزيون" وعلق صديق مرافق "لهذا لا يريدون تحرير التلفزيون" كانت الأصوات تناديها بألفة غريبة, في كل مرّة يستوقفها معجب أو معجبة ليخبروها عن حبهم لما تكتب, ولمرورها الجميل, "مرحباً بك" كانت الكلمات تلقى باتجاهها كالورد في كل مرة حتى من تلك السيدة التي تعاني الصمم والبكم, كما أحبت أحلام وردتها هي, بنفس الابتسامة التي لا تتعب, ووقعت كتاباص لمعجبة مذهولة انحنت تقبل اطفالاً رأوها في نشرة اخبار تلفزيون الأمس, ورفعت رأسها لتحية المرحبين من إحدى نوافذ البيوت العتيقة ثم تعليق أحد الشاب الذي استوقفها "هذِ هي البلاد!" ليمتدّ شاطىء الحديث الجميل بينهما, من قال أن الجزائريين غير مهتمين. قالت "أترين إنها شبهة لا تجوز في حق الجزائريين" فقلت "نعم". سرت أحياناً خلف كاتبتي ولم أكن أستطيع التمييز بينها وبين أبطال روايتها, ها هما يسيران خالد بن طوبال وأحلام جنباً الى جنب أو ربما بعضاً في بعض يوّحدهما الجسد الانثوي القادم من الشرق وقلب حامل عدسة مكبرة لاقتفاء آثاره, ذلك المالك حداد. بعد دهر أو 20 سنة إكتشفت الزائرة حمام سوق الغزل ودار البحري أو "دار الوصفان" كما هي معروفة لدى الأهالي, وحيث ما زالت "النشرة" تمارس بطقوس السنين كل يوم إثنين. التقطت أحلام صورة في كل مكان (هي التي لا تحبّ الصور) في "دار عرب" و"زنقة عرب" وفي "المدرسة" أو الاكاديمية الجماعية كما تسمى اليوم, ثم يا أحلام.. هذا مقهى النجمة, قلت لأحلام التي فتحت عينيها حباً وشهوة, قلت لها أنه مكان كاتب ياسين أيضاً ولا أدري إن سمعتني لأني رأيتها تحتل مكاناً على طاولة ومكاناً في صورة للذكرى, ربما بطريقة ما حفرت مرورها على مقهى النجمة الذي يجب أن يغيّر أهدافه ويستميت في الدفاع عن اسمه.
    البحث عن الملاية من زنقة الى اخرى
    قالت: أبحث عن ملاية, قلت: سيكون الأمر صعباً قالت: وعلاش؟ قلت: لأن "مودة الحجاب قضت على التقليد الجميل. لكن حظها كان جميلاً لأنها أفلحت في اصطياد معلم ينقرض, وافتكت صور تخدم حبها للمدينة.. هو لك أحلام, متحف الحداد النسائي علي صالح باي.. إستمتعت كثيراً وأنا أراقب هاتين اليدين وهما تحاولان جمع مشاهد اللوحة المحطّمة, ساعتان من التنقل بين زنقة وأخرى, ساعتان من ورطة الخروج عن النصّ أو محاولة الدخول فيه, ساعتان لم تقل فيهما أحلام أشياء كثيرة عن إحساسها أو بالأحرى لم تقل شيئاً هل هي سعيدة أو محبطة؟ وعندما لم يبق لفضولي الصحفي متسع صبر سألتها: هي منفرة هذه المدينة الصابرة. إستجابت بسرعة المستفز, "لا لماذا تقولين ذلك. إنني فقط عاجزة عن الكلام أفضل الكتابة". ثم صمتت, فهمت أنها الصدمة فهي من تعطّل كل شعور بالسعادة أو الألم الى ما بعد حالة دفن الحدث, فهمت أيضاً أن حديثاً صحفياً تقليدياً لا يعني شيئاً طالما أنني لا أستطيع إفتكاك "الانطباع" لكنني بالمقابل افتككت شيئاً آخر, أو تراها كانت عمليّة تعويض مقصودة؟ لأنه كان من المفترض أن تزور صاحبة الجسد والذاكرة متحف سيرتا, لم تفعل وفاجأت دليلها بالطلب الآتي: ياخويا أنا حابّا نشوف الجبّانة (المقبرة)" ثم أضافت "عندما يموت شخص مهم في الخارج ويحمل كي يدفن هنا.. وين تدفنوه؟" في المقبرة المركزية تؤكّد إجابات متفرّقة, قالت إحملوني إليها.. الأمر كان يتعلق بوفاة خالد بن طوبال بطل روايتها الثالثة, قالت هل هناك مكان محجوز للشخصيات. لا إنه لم يعد في هذا المقبرة مكان لأي موتى أصلاً لكن يضيف المنتخب مازحاً ما دام لدينا بعض نفوذ في المدينة "نلقاولو بًليْصَه مليحه, كِي تجيبيه رانا هنا". بصمت كنت اتلقّى رغبات هذه السيدة كثلج في آب, لا أعلم لماذا وأنا أقرأ من فوضى الحواس جملتك التالية تذكرت تلك الزيارة التي كانت خارج التوقيت التقليدي (السبت الرابعة مساءا) "الأدب يجعلك تتوهّم أنك تواصل في الحياة نصاً بدأت كتابته في كتاب".
    لحظة غضب
    أيعقل ان تمنحيني بهذه البساطة لحظة من لحظات الميلاد؟ أيعقل ان تجعلي مني شاهداً على ميلاد جنازة بن طوبال. كيف سحبتني نحو لحظة الشذوذ بين أنثيين, كاتبة ومدينة لتأكيد شرعية المولود؟ من سيتجرّأ على القول بعدها أن "عابر سرير" طفل أنابيب أو يدعي بأنه متبنى؟؟ أردت أن أقول مثلك: "يتركني المشهد جثة حب على شاطىء الذهول", لا يهتم لوجودي الطحلبي ينسانس وينتهي.." لكن عيناي امتلأت برائحة الأرض والصنوبر في المقبرة الآمنة, والتصقت بشفتاي صورة امرأة متحمّسة لقبر ما وأمسكت بيدي صوتاً حاداً يعلن عن تحقيق الهدف: "يوريكا بن طوبال قد ينام هنا. في لحظة وعي كادت أن تكون عابرة فهمت بأن قوة المشهد أصابتني بفوضى الحواس, ركضت صامتة كاتمة ذعري نحو سيارتي متخذة قراراً عسكرياً باستبعاد التحكم بي, لكن قرار أحلام أسرع مني لقد قررت مرافقتي في السيارة وستؤرخ عن غير قصد لتلك "اللذة المنهوبة". على الطريق تداخلت الأشياء في حديث كان أشبه بزمن الهمبرغر مستعجل ومختصر, كان حول البلد والحرية والرواية القادمة "عابر سرير" ثم نزار قباني "قال لي ان الكلمة التي تخافين منها هي التي يجب أن تكتبيها وتستميتي في الدفاع عنها" وأقول لك عفواً فقد أخذت مكاناً في مدرسة نزار من خلالك وحفظت الدرس. نزلت الكاتبة في دار البلدية حيث كان ينتظرها كومة من المنتخبين الذين لا يعرفون عن ذاكرة الجسد شيئاً وقلة مختلفة, إستقبلها الفرقاتي أيضاً وغنّى لها شيئاً عن الاقمار وقدمت لها قندورة تقليديّة لكن ذلك لم يثنها عن مطالبة المسؤولين بإنشاء فندق للمدينة, لا يعقل ان تدعو هذه المدينة شخصيات دولية الى فنادق بائسة.. من يقبل النوم مع الصراصير؟ سألت ثم أضافت كيف لم يفكر مسؤول واحد منذ 40 سنة في مشروع مهم كهذا؟ لوجاء ضيوفي معي (كانت تقصد نور الشريف ود. سهيل إدريس, وبعض الكتاب من لبنان وأبو ظبي) لتهدّم في لحظة ما بنيته في سنوات.. وتساءلتُ كيف أنها استطاعت الانتصار على لوثة المراسيم.. ثورة على قدمين كانت تلك الأحلام ومرّت كالشهب المضيئة, كالنجم الهارب, لذلك أغمضت عيني وأسريت الى الله بأمينة.. حان وقت المغادرة ولم يبق على موعد إقلاع الطائرة إلا بعض ساعة نستعد لأخذ طريق المطار , لكن شهرزاد تغير مسار الحكاية.. إتجهنا الى بيت مالك حداد, هذا الرجل الذي حفر بِصمته معجزة ما في روح هذه المرأة.. إنها تحبه حدّ الولع, وربما قال لها مالك حداد يوماً شيئاً ما وربما لم يقل لكنه في كل حالات التواصل حقق لنفسه امتداداً غريباً في قلم كسب تأييد القراء ورفعه باللغة التي قتلته حباً, إلتقت بزوجته وتحدثت طويلاً.. مدت حبال الحديث الى بعض الكواكب كانت تحوم في المجرة لتقول أحبه لكن المجرّة ابتلعتها. هل تزور أحلام قسنطينة ولا تنهب شيئاً من مالك حداد لتهربيه معها؟ جاءت تبحث عن ذراع خالد بن طوبال المبتورة كي تشدّ عليها في بيته ورائحته وصوره, كانت أحلام تصلّي, وكنت أتفرج على مشهد حار وواحد, قالت: "عليك أن تعيشي السعادة كلحظة مهدّدة, أن تعي أن اللذة نهب والفرح نهب والحب.. وكل الأشياء الجميلة لا يمكن الاّ أن تكون مسروقة من الحياة أو من الاخرين.. "قطعت أحلام مستغانمي مئات الآميال بحثاً عن شبح مدينة وشبح رجل وأشباح كثيرة أخرى لا علاقة لها بالتجارة الخارجية والتبزنيس. ثم الطريق الى المطار.. لا شيء يقال هنا غير أنني عانقت قوس قزح بمحبة بعد أن قالت لي "أكتبي أن احلام مستغانمي إغتالها الحب في قسنطيتة" لكنني اعتذرت لأنني أكره الاغتيال وأخاف الموت, قلت لها: أعذريني أحلام لن أوقّع على كلمة اغتيالك ولو بالحب, لكنني سأوقع على جملة أخرى من مالك حداد اليك:
    "الشمس تريدين؟
    إليك الشمس
    اريد الابتسام للأغنية التي ستقول رغم كل شيء
    أنّ الموسيقيّ ليس سعيداً..
    وأريد أن أقول شكراً.." من مالك حداد الى أحلام مستغانمي..
    غ.رشيدة
    جريدة الخبر 25 حزيران 2001
    رد مع الاستدلال
    داليا الهواري
    الاطلاع على ملف القضية العام
    البحث في جميع مشاركات داليا الهواري
    #8
    قديم 22-03-2007, 12:18 AM
    داليا الهواري داليا الهواري غير متواجد
    ضــوء شرف

    زمان الغواية : Nov 2006
    المكان : تحت الاحتلال!
    عدد الأدلة: 2,512
    ساحرة بصيغة شاعرة
    حين تولد أنثى خارج حرب الجزائر, وتخرج من قشرة الجسد في تونس, إنما تبدأ مغامرات وجودها مهاجرة من مكان الى مكان آخر, ومن أعماق الأحاسيس الى أحداق الحواس, مسكونة بذاكرة لا سبيل الى وصفها الا بصوت القاص أو الراوي, الروائي. هي حلم بين أحلام كثيرة حملها الجزائريون معهم إبان حرب التحرير. ولكن والدها, الذي تحبه كثيراً, لدرجة عدم البوح باسمه اقله على صفحات كتاباتها, فهو من مستغانم, أورثها غنائمه, وحمّلها أحلامه, من قسنطينة الى اللامتناهي. أمّا هي فقد اكتشفت مبكراً أنثاها الساحرة, فلم تدخر أنوثة الثقافة والجماليات لكي تكتب ملحمتها الشعرية, وتخرج الى المسرح الأدبي الكبير, روائية ساحرة بصيغة شاعرة.
    أحلام مستغانمي, ما زالت تخاطبنا وكأنها لم تكتب بعد "الأحلام الكبيرة" أو الأخيرة, إن كان للأحلام من آخر. بين الجزائر وباريس, احرزت تكويناً أدبياً وعلمياً رفيعاً, فتخرجت من كلية الآداب بجامعة الجزائر, حملت دكتوراه في علم الاجتماع من السوربون, ولعلها رغبت في التخفيف من اثقالها فلم تقرن اسمها بألقاب ولانعوت.
    سنة 1973, نشرت أحلام مستغانمي, في الجزائر, مجموعتها الشعرية الاولى: "على مرفأ الايام". وجاءت الى لبنان, شاعرة وكاتبة بادئة/باهرة, حيث تعرفت في بيروت على رفيق عمرها الدائم (جودت) أو جورج الراسي, الذي صار باحثاً ودكتوراً وكاتباً,.. لكنه لم يدخل مع زوجته عالم الأدب والرواية. تزوجت أحلام وأنجبت ثلاثة أبناء, وصارت لبنانية –جزائرية, عربية على كل حال, وانسانية عالمية في وجهها الأدبي الآخر.
    هربت من آثار حرب الجزائر لتواجهها في لبنان حرب فلسطين, ثم حروب على لبنان نفسه. فغادرت مع زوجها الى فرنسا, وكان غياب جسدي طويل, لكن ذاكرة الحبر كانت تطوّق فينا ذكريات الاجساد, وهي تعبر الآفاق المتحولة, من الاعماق الى الاحداق. فجأة أحلام مستغانمي, ذات اللغة الفرنسية, ولكن هذه المرة بلسان عربي, فتقتحم عالم الكتابة بعنوان مثير كالحرب: "الكتابة في لحظة عري" (الآداب, بيروت 1976). هنا أدركت أحلام حرية الكتابة بلا مواربة, تأصلت في محبرة ذاتها, بعد تلوّث طبيعي بأقلام آخرين.
    مفارقة الباحثة والروائية
    الدكتورة أحلام مستغانمي, كالدكتورة نوال السعداوي, مثلاً, تعتبر دون إعلان أن "الدكترة" هي الاستثناء وأن الكتابة هي الاصل, والقاعدة بالنسبة الى النساء العربيات اللواتي حرمن بقوة "الحريم الثقافي" من حق القراءة والكتابة فكان ردها على القهر النسائي الثقافي في أسلوبين:
    -أسلوب البحث العلمي الاجتماعي, من خلال اطروحتها: "الجزائر, المرأة والكتابة". بالفرنسية, المنشورة في باريس سنة 1985, ومن خلاله بحثها السابق, بالعربية: "المرأة في الادب الجزائري المعاصر" (1981).
    -اسلوب السرد الروائي, الابداعي على خلاف ما عرفته الجزائر من قبل ولا سيما مع

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 10:03 pm