منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    الخطاب في المناهج النقدية الحديثة

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    الخطاب في المناهج النقدية الحديثة Empty الخطاب في المناهج النقدية الحديثة

    مُساهمة   الخميس أكتوبر 06, 2011 3:49 pm

    [center]الخطاب في المناهج النقدية الحديثة

    د. عبد الرحيم الخالدي

    من المفاهيم التي أثبتت جدارتها و فرضت نفسها على الحقلين الأدبي و النقدي، و باقي الحقول التي يتقاطعان معها، مفهوم الخطاب الذي ازدهر بقوة بظهور مباحث علم اللسانيات و ما تلا ذلك من تطورات منهجية و نقدية، امتدت لتشمل حقولا أخرى كعلم النفس و الاجتماع و غيرها من العلوم و المعارف المعاصرة التي جعلت من تحليل الخطاب عمدة أساسية لفهم و تحليل و مناقشة النصوص و القضايا والأفكار المطروحة، وفق ما تمليه حدود و ميكانيزمات التلقي و التأويل، و التفكيك والتركيب، وكذا آفاق الحوار و التواصل.

    الخطاب: إذا حاولنا تأصيل مفهوم الخطاب، فإننا سنعود إلى ما أنتجه تراثنا – أولا – بدءا بالمعاجم الأساسية، إذ نجد " لسان العرب" في تعريفه اللغوي يورد أن الخطاب هو مراجعة الكلام بين طرفين أو أكثر، بحيث يتم تبادل رسائل لغوية. وهو نفس المعنى الذي نجده عند التهانوي حين عرف الخطاب بأنه توجيه الكلام نحو الغير للإفهام ، و نجده كذلك عند أبي البقاء الكفوي في " الكليات" حين يقول : (( الخطاب هو الكلام الذي يقصد به الإفهام، إفهام من هو أهل للفهم، و الكلام الذي لا يقصد به إفهام المستمع، فإنه لا يسمى خطابا)).

    من هذه التعاريف نستنتج أن التراث العربي تحسس أهمية الخطاب و الدور التداولي الذي يعتبر أهم شروطه، مثلما نجد أسس النظريات اللسانية كامنة فيه، فإذا كان هذا الحقل الحديث اليوم قد اعتبر الجملة أصغر وحدات الخطاب، فإن الجرجاني منذ قرون يلمح إلى هذا المعنى بقوله بأن الكلام هو (( المعنى المركب الذي فيه الإسناد التام أو ما تضمن كلمتين بالإسناد ))؛ وهذا المعنى المركب له دلالات هي التي يتم تبادلها بين أطراف العملية التخاطبية التواصلية : كما يؤكد على ذلك النقد العربي الحديث الذي خرج من عصور الانحطاط، واحتك بالنقد الغربي في مدارسه المختلفة و بالاتجاهات الفكرية و الفلسفية المواكبة لظهورها. فمن التعاريف الحديثة للخطاب أنه (( مظهر نحوي مركب من وحدات لغوية، ملفوظة أو مكتوبة، تخضع في تشكيله و في تكوينه الداخلي لقواعد قابلة للتنميط و التعيين مما يجعله خاضعا لشروط الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه اسرديا كان أم شعريا ))، بل إن الخطاب يخضع للحقل المعرفي الذي ينتمي إليه، لذلك نجد الخطاب الأدبي و الخطاب النقدي، والديني، و الفلسفي، و السياسي، و الإيديولوجي ... الخ.

    لقد لعبت اللسانيات و البنيوية دورا كبيرا في تحديد مفهوم الخطاب، و الذي اهتم به بشكل علمي جماعة الشكلانيين الروس، الذين دعوا إلى تأسيس علم الأدب بالتركيز على الأدبية، أي ما يجعل من عمل ما أدبا. كما انتقلت اللسانيات من الاهتمام بالجملة إلى الاهتمام بالخطاب باعتباره متتالية من الجمل، ف "هاريس" و هو أول لساني حاول توسيع مجال البحث اللساني، بجعله يتعدى دراسة الجملة على دراسة الخطاب، يعتبر الخطاب عبارة عن ملفوظ طويل، أو هو متتالية من الجمل تكون مجموعة منغلقة يمكن من خلالها معاينة بنية سلسلة من العناصر، بواسطة المنهجية التوزيعية و بشكل يجعلنا في مجال لساني محض.

    و يقدم أصحاب "معجم اللسانيات" ثلاثة تحديدات للخطاب (( فهو، أولا، يعني اللغة في طور العمل، أو اللسان الذي تتكلف بإنجازه ذات معينة و هو يعني ثانيا وحدة توازي أو تفوق الجملة، ويتكون من متتالية ... لها بداية و نهاية، وهو هنا مرادف للملفوظ. أما التحديد الثالث، فيتجلى في استعمال الخطاب لكل ملفوظ يتعدى الجملة منظورا إليه من وجهة قواعد تسلسل متتاليات الجمل)). هكذا تتعدد التحديدات الخاصة بمفهوم الخطاب، خصوصا إذا استحضرنا الكم الهائل من التعريفات الصادرة عن النقاد، و التي تتسم بعدة سمات تترواح بين التكامل و التنافر، وأحب أن أضيف، تعضيدا لما سبق، تعريف معجم گريماص وكورتيس الذي يعتبر الخطاب مقابلا للنص، حيث ورد فيه أن (( مفهوم الخطاب يتحدد ككلية من العلاقات و الوحدات و العمليات ... المتموضعة في المحور التركيبي للغة. و الخطاب إجراء سيميوطيقي، يتمظهر كمجموعة من الممارسات الخطابية. فهو تطبيق لساني ( ذو خصائص لسانية لفظية) و تطبيق غير لساني (ذو خصائص دالة تتمظهر كأصوات و حركات ).

    و تتداخل شروط لغوية و أخرى معرفية لصياغة الخطاب كمنظومة من الكلمات و الجمل من جهة، و كرسالة موجهة إلى المتلقي من جهة أخرى ؛ إذ الخطاب ((هو المجال الذي تكتسب فيه الوحدات اللغوية قيمتها الدلالية الملموسة، بعد أن كانت كيانا نظريا دالا بالقوة. فالمتكلم الباث يلجأ إلى الجهاز اللغوي لبناء المعرفة التي يريد إرسالها إلى المتلقي عبر شبكة من التراكيب البنيوية المضبوطة في ظروف مادية معينة)). فالخطاب عملة واحدة ذات وجهين متلازمين و متكاملين،الأول أنه نظام من العلامات و الرموز أي أنه يهم جانب اللغة الموظفة و طبيعتها و تراكيبها، و الثاني أنه يتضمن محتوى أي مجموعة من المضامين و الأفكار والأحاسيس، فهو رسالة من الباث إلى المتلقي يهدف إلى تحقيق التأثير و التواصل.

    وإذا كانت اللسانيات قد اقتصرت على العلاقات اللغوية و اللسانية و البنيوية التي تنسجها الكلمات مع بعضها البعض، فإن حقولا أخرى تداركت الأمر كالسيميائيات التي جعلت من المكونات اللغوية و اللفظية مؤشرات تحيل على ما هو خارج النص و بالتالي سيتجه تحليل الخطاب نحو قراءة ما وراء الكلمات بناء على نوع الألفاظ و المصطلحات الموظفة و صيغ التعبير، مع المراهنة على التلقي والتأويل.

    تحليل الخطاب

    سعت اللسانيات بالتدريج إلى كشف الروابط القائمة بين مكونات الحمول محاولة تحليل الجملة باعتبارها أصغر وحدة تمثل الخطاب، لكننا نعتقد أن كل المجهودات ظلت تدور في مجال لساني محض إلى أن ظهرت السيميولوجيا (السيميوطيقا) التي فتحت النص على عدة عوالم، نستطيع معها أن نتكلم عن تحليل الخطاب.

    و قد ظهرت محاولات التمييز بين اللغة و الخطاب عند دوسوسير نفسه الذي جعل الخطاب مرادفا للكلام. و بذلك جعل اللغة مجرد جزء من الخطاب. وهذا ما دفع أحد ابرز رواد تحليل الخطاب، "يلمسليف"، إلى الإشادة بدور دوسوسير، لكنه اختلف معه كثيرا بتعمقه في الموضوع.

    وقد درست اللسانيات التواصل بواسطة اللغة لكنها لم تعمق بداية النظر في الخطاب و لم توسع مجاله، إذ ظلت أكثر انشدادا نحو المكونات الداخلية، رغم ما حاولته المدرسة التوزيعية بزعامة بلومفليد، ثم هاريس و ما حاولته المدرسة التوليدية التحويلية مع تشومسكي. بالمقابل استطاع التحليل السوسيولوجي للأدب مع باختين التوجه إلى الاهتمام أكثر بالخطاب، حيث تلمس مفهومي الأدبية و الحوارية و بدأ بالخروج من الجملة ووحداتها إلى التفسير السوسيولساني للخطاب (الأدبي) ؛ لتجد السيميائيات المعاصرةفي مجهودات المدرسة الشكلانية ما يضيء لها السبيل و هي تبحث عن كل ما توحي إليه إشارات النص و علاماته اللغوية ؛ لذلك استطاع التحليل السيميائي التمييز بين المكونات اللسانية.

    و مضمون الخطاب و دلالاته ... الخ، فسيميائيات التواصل مع جاكبسون و لوثمان أصابت في تحليل الخطاب بتحديد أطراف عملية التواصل وابرز عناصرها (الباث- المتلقي- الرسالة- السنن- المرجع ... الخ).

    لا ينبغي أن يتوقف الخطاب عند الحدود اللسانية للجملة أو الفقرة أو النص، بل أن يتجاوز ذلك، بدون شك، إلى المضمون و المحتوى، ثم إلى الخطاب انطلاقا من خصائصه الفنية المتمثلة في درجة الأدبية فيه ... لذا فإن تحليلنا للخطاب يجب أن يراعي اجتماع الخصائص اللسانية و القضايا الفكرية والاعتبارات النفسية و البويطيقية و الفنية. وهذا الاجتماع هو الخطوة الأساس لفهم أي نص/ خطاب. لكننا نعتقد أن تحليل الخطاب يجب أن يتجاوز كل هذا إلى ما هو أعمق باعتماد الاستقراء و الاستنباط و التأويل مع الاستعانة بالأدوات السيميائية المسهلة لفتح سبل الإشارات و الدلالات.

    و التأويلات التي تربط النص بكافة الأجواء الخارجية، و التي يتعلق معظمها بنفسية صاحبه و بخلفياته الفكرية و المعرفية و الإيديولوجية ... وهذا يدفعنا إلى الانفتاح بقوة على حقول علم النفس و السوسيولوجيا والسياسة و غير ذلك كثير.

    هذه هي معظم محطات تحليل الخطاب، و التي بدونها لا يمكن سبر أغوار خطاب ما و فهم ما وراء السطور.

    و التقاط شذرات المعاني و الأفكار المشتتة بين ثناياه؛ وهذا ينطبق على الملفوظ الشفوي و الخطاب المكتوب، بل على كل وسائل التعبير و التواصل باللغة و الصورة و غيرهما. رغم أن العملية صعبة جدا وتستلزم شروطا لعل أقلها هو سعة الاطلاع إضافة إلى المواهب الذاتية التي يمكن أن تصل إلى حد الفراسة، و أن يتم صقلها بالتمرن و المراس..

    فإذا أخذنا جملة يمكن أن نجد أن الحدود اللسانية لا تكفي لسبر أغوارها و تأويل دلالاتها ومعانيها، مما يستلزم الاستعانة بما ذكرناه من الآليات:

    ألقى الرئيس خطابا أعلن فيه تنحيه عن منصبه.

    فهذه الجملة فعلية تدمج حملين داخلها بواسطة الإحالة النصية الموجودة في ضمير الهاء المتصل بحرف الجر و العائد على (خطابا) المذكورة في الحمل الأول.

    و الجملة توصل إلينا خبرا واضحا هو التنحي عن المنصب؛ من خلال انسجام مكوناتها الداخلية. أما الآن فسنأخذ الجمل التالية:

    أ- ألقى الرئيس خطابا أعلن فيه تنحيه عن منصبه.

    ب- ألقى الرئيس خطابا لأنه تنحى عن السلطة.

    ج- سمعت الرئيس يلقي خطابا لأنني كنت أجري مقابلة في كرة القدم.

    فالجملة (أ) تبدو سليمة لأن القضيتين فيها متلائمتان، فسبب إلقاء الرئيس لخطابه هو رغبته في الإخبار بتنحيه عن منصبه. أما الجملة (ب) فتبدو فيها بعض القيود لأن تنحي الرئيس عن منصبه ليس هو السبب الوحيد و الأوحد كي يلقي خطابا، لذلك فإنها تحتمل وجهين. أما في الجملة (ج) فيبدو الانفصام و عدم التلاؤم بين القضيتين واضحا، إذ لا علاقة بين إلقاء الخطبة و إجراء المتلقي لمباراة عادية في كرة القدم. هذا من حيث الدلالات، لكن من حيث التراكيب و النحو فالجمل كلها صحيحة. من هنا فإن الجوانب اللسانية و النحوية و البنيوية لا تكفي لتأكيد سلامة الخطاب و فهم دلالاته.

    فالقيود الموجودة راجعة إلى الدلالات لا إلى التركيب النحوي.

    دلالات البنية الايقاعية في الشعر العراقي المعاصر

    رياض عبد الواحد

    حنجرة طرية “مثالا

    تغايرات التوزيع

    يمكن التعامل مع البنية الصوتية في هذه المجموعة بطريقتين:

    أ : المستوى ألوزني

    ب : المستوى الدلالي

    أ : المستوى ألوزني : يمكن تطبيقه على قصائد كثيرة , لكننا سنأخذ بعض الأمثلة لتشابه المستويين أنفا فيهما ' وأول تلك الأمثلة قصيدة / رهان / من بحر المتقارب.

    1-غدا نشتري فسحة في الفضاء البعيد.

    2-ونسمح للأرض بالطيران.

    3-إليها

    4-لم الخوف من أن تطير

    5-إذا وجدت مستقرا لها في مدار جديد

    6-وراق لها أن تغير دورتها

    7-وتعاند مجرى الزمان ؟

    8-غدا نشتري فسحة في الفضاء البعيد

    9-غدا سوف نكسب هذا الرهان

    أولا : في المستوى ألوزني , يعتمد المقطع آنفا على / فعولن ,فعولُ , فعول / بضمة على فعول الثانية وسكون على الأخرى , لهذا تتمظهر القصيدة في ضوء ما سبق على النحو الآتي , لهذا تتمظهر القصيدة في ضوء ما سبق على الشكل الآتي:

    رقم الشطر تشكيلة التفعيلة العدد الكلي الزحاف

    1 4فعولن+1فعولْ 5 1 2 4 فعولُ+ 1 فعولن + 1 فعولْ 4 1 3 1فعولن 1 - 4 2 فعولن + 1 فعولْ 3 1 5 1 فعولُ + 4 فعولن + 1 فعولْ 6 2 6 - 7 الشطران تشكيلة واحدة اعتمدت التدوير وقد فصلا بسبب الطول 2فعولن + 4 فعولُ + 1 فعول 8 6 8 4 فعولن + 1 فعولْ 5 1 9 2 فعولن + 1 فعولُ + 1 فعول ْ 4 2 هنا استعمل الشاعر ضربا واحدا هو ( فعولْ ) إذا ما استثنينا الشطر رقم 3 القصير ( إليها ) بتفعيلة واحدة , وهي في حقيقة الأمر تكوّن وحدة إيقاعية بتشكيلة رباعية مع الشطر الرابع . كما أن الشاعر قد أكثر من زحاف ( فعولُ ) وتوالى ذلك في الشطر الطويل ( 6- 7 ) بأربع تفعيلات متلاحقة ' ووزعت السطور وفق المعنى لا وفق الاشطر على أساس من التوافق الكمي مع التشكيلات , لذلك فُصل الشطر الطويل ذو التشكيلات الثمانية إلى شطرين , وهذا ما نلحظه جليا في الشطر السابع / وتعاند مجرى الزمان / إذ انه لا يستقيم على المتقارب إلا بإيصاله إيقاعيا بما قبله وهذا ما فعله الشاعر ورمى إليه . إن تناوب المفردات في هذا النص إعطانا تنغيما إيقاعيا مزدوجا لإثارة وتحفيز دواخلنا باتجاه خلخلة الشعور ( البعيد / جديد ) و (الزمان / الرهان ) . فاستعمال البنية العروضية التركيبية المعتمدة على وزن ى( فعولن / فعول ) قد أدى إلى المزاوجة الحاصلة بعملية التناوب لتزودنا بدفقات إيقاعية تعتمد - في الأساس - على المفردة / المقطع / . فعملية الشراء المتحققة في الشطر ( 1 ) عملية خيالية إلا إن تحققها قد يكون يسيرا في ضوء المعطيات الحاصلة الآن وفي المستقبل والمتمثلة في مفردة / غدا / , لذلك يحاول الشاعر الخروج على التفعيلة الرئيسة , فأحتفظ الشطر رقم ( 1 ) بخمس تفعيلات على الرغم أن الشطر رقم ( 2 ) هو نتيجة للشطر رقم ( 1 ) , بيد أن الخروج على المألوف متمركز في عملية / السماح / التي نقررها نحن , لذلك جاء الخرق ألتفعيلي في الفعل / نسمح / الذي هو أداة التغيير والحركة في الوزن والدلالة , إذ تحول من / فعولن / إلى / فعولُ / متداخلا مع التالي على النحو المبين:

    وَنَسمَ ح للار ض بالط يران

    فعولُ فعولن فعولُ فعولْ

    إن العنصر الموسيقي يتدرج من نغم لأخر بتداخل الأفكار وما تؤول إليه . فألا رض حين تجد مستقرا لها في مدار جديد يكون المنتج ( بفتح التاء ) مجموعة من المتغيرات التي لا تعد ولا تحصى ومنها المنتج الرئيس / معاندة الزمان / , أي تغيير ما هو ثابت كينونيا , لهذا نرى إن عملية الشراء تمثل خرقا اكبر مما مثلته بقية الأفعال , كما أن الزحاف لم يقتصر على الأفعال كونها حركة التغيير الرئيسة بل حصل في الأسماء والحروف , ونجد ذلك في كلمة من الشطر السادس / دورتها / , أو في / واو العطف / الواردة في بداية الشطر السابع مع كلمة / تعاند / , إلا أن ذلك لم يمنع أن يكون أكثر الزحاف قد وقع على الأفعال كونها تقترح لسانيا الإفصاح عن حدث الخرق الكينوني الذي حفلت به القصيدة مقترنا بالزمن , وبهذا جاء الخرق العروضي متوافقا مع الخرق الفلكي المفترض الذي راهن الشاعر عليه بامتلاك الفسحة العالية. ويتخذ الإيقاع مستوى عاليا بسبب من البنية الدرامية المتكونة نتيجة عمليات التكرار المتحركة باتجاه خلق نسق إيقاعي قادر على تمثل التوازنات والتضادات الحاصلة في البنيات اللغوية . أما قصيدة / حنجرة طرية / فتشتغل على الوظائف اللسانية . فعبارة / ذات ليلة / إيماءة ظرفية مبهمة لحدث تم في الماضي وهي مضافة إلى نكرة , وهذا يعني تنكير الزمن , أو تقنيعه ' إذ أن ما حصل في ليلة ما معناه ليلة غير محددة بموضع تقويمي ( من التقويم ) , أما / كل ليلة / فهي الأخرى محددة لسانيا بإرادتها الظرفية.





    قصة قصيرة

    الندّاف المريض

    عدنان المبارك

    -أكبر طغاة الأرض إثنان: المصادفة والزمن. يوهان غوتفريد هيردير.

    طائر أسود ينشب مخالبه الطويلة، في لحم الظهر. العلو عن الأرض مخيف. أضرب بيدي اليمنى التي خلصتها من المخلب على بطن الطير الذي إختطفني وحلق بي قريبا من الشمس. أظل محلقا مغمض العينين كي لا أرى سقوطي الأكيد. أفتحهما لثانية أو ثانيتين. مدن وأنهار كما في النماذج المعمارية المجسمة. غير فعلية. يبدو منظر نهرنا مسليا. شبيه بمجرى دقيق لحبرأخضر عكر إنسكب على طاولة مستعارة من طبيعتنا: بساتين وحقول وبيوت وأكواخ ، لكني لم أتبين حينها جسورنا الخشبية الصغيرة. أخذت اقترب من الطاولة بسرعة مخيفة وأظنها كانت تضحك على الزمن. لم أرتطم بالطاولة. قبلها نهض نصفي الأعلى كالملسوع، من الفراش. عرق الرقبة وتحت الأبطين نقّع قميص النوم. جاءني شعور براحة غريبة سرعان ما خجلت منه - ألم أكن شبيها بطفل حلم بأنه تاه في ظلام وإستيقظ بعدها في غرفته المضاءة؟ أكثر من ثلاثة أرباع يومي، ربما أكثر فأنا لا أتذكر ما يحصل أثناء النوم، أشعر بأني هزأة بسبب أمور كثيرة أعجز دائما عن أن لا أفكر فيها ولو لبضع دقائق. أفكار مثل ذباب مزعج. يحوم ويرتطم بالوجه والرقبة وكأنه يريد إفتراسي. أمر مضحك. كيف لهذه الكتلة الصغيرة الطائرة أن تفترس كتلة أكبر منها بآلاف المرات. لأترك هوس الإفتراس الذبابي. فكل أمر محتمل وقوعه في هذه الدنيا. ألم نقرأ حكاية الأسد والفأرة التي أنقذته. اليوم عطلة. الفارق الوحيد بينه وبقية الأيام همود الضجيج. علي أن أتوقف عن التفكير. هناك بعض الأشغال التي لابد من القيام بها في هذا اليوم. يمكن اثناءها مواصلة التفكير تماما مثل حمزة النجار الذي كان يعمل ويتكلم عن أمور ويفكر بأخرى. كان من معارفي. نجار ذو سمعة طيبة. مواعيده مضبوطة، وأسعاره مغرية. إبنته كانت مغرية أيضا. إسمها صبيحة. صبيحة لو مليحة ؟ لا فرق الآن. سعدي كتب بضعة أبيات شعرية لها. لكنه ، وهوالخوّاف طول العمر، لم يقرأها لها ولم تستلمها منه بطريقة ما. أما أنا فكنت الأكثر وقاحة بين مراهقينا. أوقفتها في صباح لم يهاجمه القيظ بعد - كانت العطلة الصيفية في أوجها - وقرأت عليها القصيدة. لم تكن طويلة. صبيحة أو مليحة إنكمشت على نفسها. شعرتُ بأنها كانت تبحث عن الإنقاذ في الأرض كي تنشق وتبتلعها. لم تكن قصيدة طويلة. أقل من عشرة أبيات. ما زلت أتذكر الفزع المتفجر في عينيها السوداوين الواسعتين ، كانتا تشبهان عيني محبوبتي محاسن من البيت المقابل لكن عيني محاسن خضراوان. المهم إتساع دائرة العين. وهو نفسه في العيون الأربع. إنفلتت صبيحة أو مليحة بمحاذاة الجدار، وكنا في الزقاق المجاورالضيق، وهي تتمتم (هاي شنو . شنو هاي). وقاحة أيام زمان. لم يبق منها ولا حبة واحدة. صرت مثل حصان عجوز يتذكر كيف إشترك في السباقات وفاز لأكثر من مرة. أنا لا أفكر الآن فقط بل أتكلم، من الأنسب أن أعثر على من أتكلم معه، أن أخاطبه. المسافة لا تلعب عندي أي دور. إذن فليكن آخر من مراهقي ذاك الزمان. وليكن إختياري صائبا ، وإلا ستحصل متاعب. لا ، الأحسن أن يكون من أطفال هذا الزمان. فمنذ أسابيع لا أتكلم في أحلامي إلا مع الأطفال. الغرابة في أني رجل آخر في اليقظة ونادرا ما إقتربت من طفل وتكلمت معه. أنظرُ في عينيه وأظل أنظر ولا أعرف كيف الكلام معه. قد أكون ملتاثا بعض الشيء ، فحينها أفكر بنقاء الطفل وأخشى أن ألوثه بكلمات حتى لو كانت بريئة ولطيفة أو تدفعه الى الإبتسام أو الضحك. في الأحلام الحال أخرى ، فها أني أركض مع الأطفال وأثير الضجيج وأتمرغ معهم على الأرض أو أنافسهم في العدو. عندما نشعر بالتعب وأرى كيف تتلامع عيونهم وكيف يلتقطون بالكاد أنفاسهم وكيف يكرعون الماء أو شرابا آخر من قناني البلاستيك ، أشعر بأني في أحسن رفقة. غالبما أقوم في أحلامي بدفعهم الى الضحك الصاخب بل الهستيري كأن اقلد مشية جارلي جابلن أو كلام البط دونالد. وأكف عن التقليد لكن الضحك يستمر طويلا ويخال إلي أني أستيقظ تاركا في الحلم أطفالا سيظلون ضاحكين الى آخر العمر. مفهوم أني شغفت بهذه الأحلام الجميلة التي لو عرف الله بها لحوّل جنته الى روضة كبرى للأطفال. كانت الحال هكذا الى أن جاءتني أحلام أخرى لا أقول بأنها سيئة بل صرت فيها مُشاهِدا حسب. لا أعرف كيف قدم في الحلم رجل آخر كان غير معروف تماما بل ظهر في الحلم وكأنه تمثال نصفي من زمن الرومان. كان يبدو لي هكذا حين يصمت ولايتحرك. بشرته تميل الى اللون الوردي ، ملامحه ملامح ممثل كوميدي تقليدي. رداؤه جلباب أزرق شاحب لايظهر منه إلا ما كان محصورا في ما يسمى باللقطة الأميركية الشبيهة بذاك التمثال النصف ، لكن الرجل يظهر أمام خلفيات متغيرة ، وكلها بالألوان. الأطفال جالسون وأمامهم الرجل داخل إطار التلفاز.





    تشرد النوافذ

    ستار الدراجي

    شربت حزنها.. كما

    تشرب الارض دموع

    السحاب....

    موحلة بلعاب المتسكعين..

    الكلاب المسعورة

    حفرت اقدام الشوارع

    لونت جسد الارصفة

    اشعلت جوف الجمرات

    الاهات امتلئت باليأس

    صرخة.. زمجرت الفضاء

    آوت التشرد... لاعنة

    منافذ الايام

    التي اغلقت

    كل المسافات تبتعد

    اين تمضي

    يحاصره خوفها.. كجدرا

    من الفولاذ

    يطاردها.. كسفاح

    شرس..

    تحلم بليلة دافئة

    مراكب خضراء تحملها

    فغي اللاشيء

    تمتص امالها.. الضائعة

    تطرد ليالي الضجر.. المملة..

    هناك انزوت بعيدة.. حيث المطر

    شلال من الذكريات..

    هي كالقشة تصارع

    السيل..

    الخوف يصهر.. مرافئها

    صغير يبعثر انفاسها

    كرماد... متطاير

    ماذا تفعل...

    وهي تموج في.. بحر من

    الآه...

    اجنحة الالم

    الاوجه العارية.. تنتعل

    الشفاه..

    الابتسامة تختبئ.. في

    حزنها

    نحلم بالمراكب الخضراء

    قناديل البحر..

    القصائد تحلق

    الخطوات تتبعثر

    احلام الخريف.. مشوشة

    طرق الغزاة.. وعرة

    الاوجاع تحصد الاوراق

    لم اشكو الغبار

    لمن هذا الموت

    هل للمنفى حدود

    هل لحياة مخيفة.. حلم

    اين اجنحتي.. اريد

    عبور هذا الالم..

    اذن هو الفشل

    الذي يسلخ الكبرياء

    المحفور في الاصابع

    يصهر حرارة قدري

    المنحوت كرسوم سومرية

    اليوم مسامير الضجر تدق

    في رأسي..

    عشتار آلهة الحب

    مد يدك البيضاء

    لم يبقى سوى.. هذه

    الاسطر..

    اتلمس بها حقيقي

    حلمي تصدع

    تراب المواجع لونت

    ارجلي

    ابحث عن نافذة وسط.. الضجيج

    لكن.. ثمة من يقذفني نحو..

    الهاوية..

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 6:43 am