منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    مقاربة سيميولوجية لقصة " دنيا

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

     مقاربة سيميولوجية لقصة " دنيا  Empty مقاربة سيميولوجية لقصة " دنيا

    مُساهمة   الأربعاء أكتوبر 26, 2011 10:22 am

    فيصل محمد الزوايدي



    تخوم الألم مقاربة سيميولوجية لقصة " دنيا "



    <blockquote class="restore">تخوم الألم
    مقاربة سيميولوجية لقصة " دنيا " * للقاص فيصل الزوايدي....
    بقلم الناقد المغربي محمدمهيم

    إليكما : فيصل الزوايدي وسارة حين يعتصر الألم قلوبنا ويعمد صهيل الخزامى بياض تخوم ليل النشوى.....
    ما قبل الحكي :
    " فالإنفتاح الدلالي لايمكن فصله بحال عن القراءة الإبداعية المنتجة للنصوص
    ، و المنسجمة مع الكيان الروحي و الإنساني لمبدع النص و منشئه، ومن هذا
    البيان علم أن تقييد هذا الانفتاح بالمرجعية النصية و الحضارية لاينافي
    ثراء العمل الأدبي ولايجافيه، بل إن الانفتاح المسؤول هو وفاء لمشروعية
    القراءة الهادفة و الراشدة ". 1
    بداية الرحلة :
    كل حكاية عليها ـ ضرورة ـ أن تؤسس بنية تخييلية ، كونا ما ، من خلاله يتم
    تسريب القيم المثمنة ورسم القصديات وأقامة ميثاق للقراءة التي تتكفل
    بالتأشير عليها أدوات التوسط ، لذا نجد أن من بين وظائف الاستهلال السعي
    إلى بلورة بعدا تخييليا ، يهيئ المتلقي ، ويعمل على توريطه في اللعبة
    السردية ، فيعمد هذا الأخير إلى تلمس أفق انتظار يمكنه من الإبحار في رحلة
    مغامرة بحثا عن المتعة الفنية و الجمالية والمعرفية التي يستضمرها الخطاب .
    و" دنيا " من النصوص التي تستقبلك عتبتها بهمس الغواية والتوريط ، عبر ذات
    الحالة / سارد بضمير المتكلم داخل حكاية intradiégetique 2 باشرت حكايتها
    بتوصيف حدث سيكون بؤرة لانتشار الدلالة ، و توزيع المحافل السردية
    والخطابية. و كبوابة إلى عالمها / عوالمها التخييلية ، ستضطلع فيه بوظيفة
    إدارت توزيع الأبعاد التصويرية و الخطابية و القيمية بمهارة فائقة ، محيلة
    على عالمها الذاتي الخالص( الخطاب الجواني) . ضمن خطاب فوق ـ سردي
    métalinguistique " لم أعرف كيف أمضيت ليلتي ، لكنني أفقت صباحا فأدركت
    أنني نمت " * فكيف تمكنت من تمرير خطابها هذا ؟

    البنية العامة للنص :

    يبدو أن الوضعية البدئية حبلى بالتحولات ، مانحة بذلك احتمالات عديدة
    لحالات الوضعية النهائية ، الشيئ الذي يجيز لنا اختيارا / اختيارات ــ بوعي
    أو دونه من ذات الحالة ـ نرصد عبره المحور التداولي المتولد عن التناص
    الداخل نصي ( تبعا لنوعية الخطاب كما سنرى )، حيث أن كل عنصر سوف يتمفصل
    عبر أدوات التوسط بواسطة المحور التركيب نصي ، يتجسد من خلال البنية العامة
    للخطاب ، أو المحور الدلالي بوصف هذا الأخير رحما لتوالد العوالم الدلالية
    ، فيتخلق التماسك و الانسجام عبر تعالق كل مكونات الخطاب . وهذا ما يمنحنا
    ترسيم المحور الدلالي ل " دنيا " كالتالي :

    الوضعية البدئية ............... .التحول ........................ الوضعية النهائية

    اللاإدراك..................... الرحلة ........................ .إدراك

    اتصال سلبي[ رحلة الحياة مع دنيا ]........موضوع القيمة......... اتصال مثمن[ رحلة الذات إلى ذاتها ]


    لذا نلفي ذات الحالة تحاول بدءا طرح عدم استيعابها لأبعاد الضحك المسترسل
    ل"دنيا " ، مندهشة من إقبالها الجنوني [ لم أدرك ليلتها مما كان ضحكها
    ]*ـــ لكن الإدراك سيأتي متأخرا [ أدركت متألما ساعتها أنني أنا كنت الراحل
    ] * وذلك أمر طبعي لأن ذات الحالة ستعيش رحلتها في فضاء متاخم لحدود
    اللاإدراك و الإدراك الحضور و العبور . غير أن الإدراك اليقيني لذات الحالة
    تجلى في وعيها أو قل تذكرها لخصوصية الزمن ، وتميزه على غير العادة " ليلة
    " 3 باعتباره الإطار الذي سيحتضن عوالم الرحلة ..

    التقطيع والمستوىالتصويري :

    يعتبر التقطيع النصي الإجرائي أول العتبات التأويلية و منفذا إلى تلمس
    عملية كيفية تأثيث ذات الحالة // السارد لخطابها ، وتوزيع الأدوار بين
    المحافل السردية ، ورصد للحالات و التحولات ، ونمو الحدث ، وتتبع انتشار
    الدلالة عبر الأبعاد التصويرية .لذا أفضى بنا تتبع نمو البنية التكوينية في
    علاقتها بالوضعيات السردية إلى الترسيمة التالية :

    المقطع الأول : من : لم أدرك.............................................. ... إلى : اكتفت بابتسامة غامضة .
    المقطع الثاني : من : حاولت النوم بعدها ......................................إلى : قالت إني عنك راحلة ؟
    المقطع الثالث : من : أحسست ثقل الهواء.......................................إلى : هي دنيا ، بنفس فتنتها و ضحكها ونهمها .
    المقطع الرابع : من : في تلك اللحظة دخل القطار.............................إلى كنت الراحل .


    بدءا من العتبة النصية تشرع ذات الحالة في تسريبي المحافل السردية التي
    ستتكفل بتوزيع الأدوار: العامل الذات ممثلا بواسطة ذات الحالة / السارد ،
    ثم " دنيا " ممثل لعاملين المعيق والمساعد حسب الدور التي يمنحها لها تطور
    الحدث ، و " ليلة " بوصفها الزمن الذي سيحتضن الرحلة إلى الذات ، بوصفها
    موضوع القيمة المثمن ، كما سنرى . ذلك أن حدث الضحك المسترسل والإقبال
    الجنوني لدنيا على ذات الحالة ، أثارا اندهاش هذه الأخيرة ، لعدم إدراكها
    سر ذلك ، لكن المؤكد أيضا إدراكها الواعي للزمن " ليلة " . غير أن ما يتثير
    الاستغراب فعلا هو وقع إعلان دنيا الارتحال ـ بعد إشباعها لمتعها الحسية ـ
    بعيدا عن ذات الحالة رغم كونه كان أمرا مسلما به . هذا الإعلان ـ إني عنك
    راحلة ـ * الذي سيكون المرسل المستفز لذات الحالة على الرغبة في الفعل ،
    كما أن الابتسامة الغامضة ستزيد وضعها تأزما ، باعتبارها الشرارة التي
    ستوقد لهفة البحث ، و مؤشرات ذلك المصوغات التالية : هزني قولها ـ فسألتها
    بتوسل قلق ـ حاولت النوم بعدها ـ تناومت ـ تقلبت * ..... الشيء الذي
    سيجعلنا نرتاب في سر العلاقة التي تربط بينهما . فعلا ، هل كانت ذات الحالة
    ستهتاج لو غادرت دنيا دون أن تنبس ببنت شفة ؟! ولماذا هذا الارتباك والقلق
    و التوجس الناتج عن هذا الملفوظ / الصدمة ؟ " إني عنك راحلة " . هل حدست
    ذات الحالة منازعة دنيا لها الرحلة ؟ الرحلة هنا بوصفها تيمة الولوج إلى
    عالم (فيصل الزوايدي ) لأني أعتبرها النواة التي ترفد الرؤى المؤثثة
    لعوالمه الدلالية الذاتية والإنسانية ، تتلون عبر إشراقات التيمات التي
    تغريه بفتنها الحارحة غالبا ـ على الأقل فيما قرأت له : (ـ الرحيل ، بيني
    وبينك ، الغروب ـ ) . إن ذات الحالة تعيش مفارقة عميقة تغذي مسار الحالات و
    التحولات ، و نمو الأحداث عبر الرحلة الوهمية وراء دنيا بوصفها صورة سردية
    نووية، لكونها تكتنه ــ تارة ــ الإجابة عن السؤال المعلق : من كان الأجدر
    بالارتحال عن الآخر ؟ من كان في حاجة ماسة إلى الآخر ؟ ، بل من كان وجوده
    رهين بوجود الآخر ؟ دنيا أم ذات الحالة ؟ ذلك ما دفع بذات الحالة نحو البحث
    ، رغم أن حضور دنيا يعتبر مصدر إزعاج وارتباك لها، وتكبيل لحريتها ،
    واستشراء للحزن فيها ــ وتارة أخرى ــ يعد غيابها فرصة لاختلاء الذات
    بذاتها مؤول ذلك عامل الزمن المصاحب لتواجد دنيا " تنبهت فجأة إلى الساعة
    التي شغلتها دنيا ، عقاربها تتكتك ( مفردها عقرب )، كم أكره صوتها ،
    (.......) ، دقات العقرب تلسعني ، كل ثانية تنقصني ، أوقفت الساعة بعنف "
    .* فذات الحالة تفقد إدراكها بحضور دنيا / اللذة ، لكنها تستعيده بغيابها .
    ففي حضورها ـ الفعلي أو الذهني ـ يمارس الزمن بعده الكرونولوجي الضاغط على
    ذات الحالة و الخانق لانتعاشها الروحي ، باعتباره زمنا تاريخيا ، مأساة
    ذات الحالة 4 . ففي غيابها تعانق الذات زمنها الحميمي ، كما سنرى ، زمن
    الذاكرة ، والحيرة ، والألم ، زمن الصفاء الروحي ، فيه تتملى الذات بهويتها
    الباطنية النقية وقد تخلصت من كراهات الزمن الملوث : " لكنها كانت ليلة
    "ــ " هل أحتاج معرفة الزمن في ليلتي هذه ؟ " * حيث الزمن فيها يفقد كل
    مؤشرات الاستمرارية و التحول , ففي الملفوظ الأول نجد لفظة " ليلة " نكرة
    مطلقة ، تجريد زمني ، صورة سردية على التوحد و السرية ، ليلة غادرت فيها
    دنيا وعي ذات الحالة ، لذا نلفيها في الملفوظ الثاني منسوبة إلى هذه
    الأخيرة لا إلى دنيا أو إلى أي معطى آخر، لأنه زمنها الخالص ، سيولة زمنية
    تتولد عبر حركة الحضور / دنيا والعبور / الذات ، فدنيا كانت المستفيد
    الوحيد من اللقاء الحسي و المتعي ، تعيش زمنها الخطي ، لأن الإقبال كان من
    طرف واحد ، مرتبط بالرغبة النفسية والمتعية ، غير المرغوب فيه من طرف ذات
    الحالة " لم أدرك ليلتها مما كان ضحكها المتواصل .. أدهشني أيضا إقبالها
    علي " ، " أخذت ترتدي ثيابها.." * إنها " ليلة " مثمنة عجزت فيها ذات
    الحالة عن توصيف هذه اللحظة الغامضة غموض بهاء الليل و أسراره ، لحظة
    انتشاء قصوى " لم أعرف كيف أمضيت ليلتي، لكنني أفقت صباحا فأدركت أنني نمت "
    . * إن النوم ، والقلق ، والحيرة ، والألم ، و الذاكرة ، وكذا المرآة
    أبعاد تصويرية تتوسلها ذات الحالة جسرا للعبور إلى كينونتها لترى الأشياء
    في صفائها ، ليتخلق الإبداع من رحم اللحظة العابرة ، وتفاصيل الحياة
    البسيطة ، لحظة تخلصها من أعباء الزمن التاريخي " انعكاسات الأضواء على
    السقف ، خيالات من حياة باهتة و أشباح تمر سراعا وأنا على فراش الحيرة ".* ـ
    إنها طقوس الاستعداد لخوض المغامرة " في الطريق كانت شاب يعاكس..... "ـ
    وعلى إحدى الشرفات المجاورة كانت امرأة مترهلة..." * صور من الذاكرة و
    الحياة تتحول عبر عمق التجربة الذاتية الصادقة إلى مرافيئ لانطلاق الرحلة /
    اسراء الروح إلى عوالمها الحميمية . إننا أمام رحلة مضاعفة : رحلة النفس
    وراء الملذات الدنيوية ، والمتع الحسية ، ورحلة الروح نحو الجوهري ،
    والأصيل ، والنبيل ، إن ذات الحالة تعيش شرخا عميقا يعبر عن نفسه من خلال
    هذا الانكسار الوجودي الذي يتسبب فيه حضور دنيا المحيلة على الهش والزائل
    والزائف ، باعتباري خضوعه للزمن الكرونولوجي . حيث أن " الحقيقة باعتبارها
    فكرة ، لاتقوم على المطابقة بين الذات والذات بعينها ، بل بين الذات
    والواقع في رمته . يجب أن تصبح الهوية موجودة بين الذات المفكرة والموجودة
    لذاتها مع الوجود في ذاته الذي يحيط بالواقع برمته " 5 كل ذلك يجعل ذات
    الحالة تفقد تركيزها ، واستيعابها لما يجري حولها . لكن غيابها ـ دنيا ـ
    يفضي بذات الحالة إلى الاختلاء بنفسها ، إلى تأمل هويتها في علاقتها بذاتها
    و علاقتها بالآخر / المحيط من حولها . إذن عبر هذه الحركة ـ حضور / عبور
    أو قل عبر تخومهما يتخلق البعد الجمالي نسغا لتتولد العوالم الدلالية التي
    تنتشر عبر نمو الخطاب في رحلتين متوازيتين : رحلة وهمية داخل الزمن وراء
    دنيا ، وأخرى خارج الزمن نحو الذات . وهذه الثنائيات حضور // عبور ت داخل
    // خارج .... لاتتغذى من الضدية بل إنها تشير إلى " السيرورة " المنتجة
    للدلالة / السيميوزيس ، أي الحركة الدلالية التصاعدية جسرا من حالة
    الانكسار إلى أخرى متمنة .

    فالنوم و النافذة والحيرة .... أبعاد تصويرية تتخذها ذات الحالة جسرا
    للعبور إلى الذاكرة باعتبارها المخزن الذي تمتح منه جذور هويتها ، نسغ
    تعلقها بالكينونة و الوجود . إنها ذات حزينة و مهمومة تعيش معاناة وجودية
    من خلال مشاعر التردد و الترقب و الحيرة البارزة هناك عبر بنية اللاتحديد و
    الأشكال اللغوية المكونة لمسار خطاب تجسدها بنية التنكير و المجاز .
    فذات الحالة تبحث عن منفذ للعبور ، تتحرك في فضاء بين النوم و اليقظة ـ
    الليل والصباح – بين الانفتاح على الذاكرة / الذات ، و الانطواء / حين حضور
    دنيا ، و من خلال هذه الحركة ـ حركة الحضوروالعبور ـ تعيش معاناتها
    الأليمة التي تدفع بنمو الخطاب إلى التصعيد نحونهاية تراجيدية ، عبر لحظتين
    حاسمتين في مسار الذات نحو تنفيذ برنامجها السردي ، لحظة اختناق أولى ، [
    لم أصبح الصمت ساعتها خانقا ] ،* دفعت بذات الحالة إلى التخلص من أكراهات
    عالم " دنيا " متلمسة مسارب تفضي بها إلى انكشاف الرؤيا لتعبر الذات إلى
    صفائها الروحي للكشف عن الحقائق الكامنة في الأعراض ، عن سؤال الحقيقة و
    الوهم ، من خلال توظيف البعد التصوير ـ المرآة ، ذلك " لأن كثيرا من هذه
    العوالم ـ التي تحيل عليها ـ الخاصة بالخيال الحديث تكون موضوعة هناك خلف
    المرآة أو من خلالها . إنها فضاءات خلف المرئي ، خلف الصورة ، تقدم مناطق
    مظلمة " ، 6 حيث سؤال البراءة الأزلي : سؤال الوجود [ رأيت في الصفحة أمامي
    صبيا يسأل أباه : أبتي ، كيف ولدت ؟ ] .* تلقائية وعفوية و توق معرفي ،
    يقابل برد قاس وعنيف من الأب / الوصي ، فيه غلظة و فظاظة طوحت بأحلام الصبي
    ، وخلقت لديه تصدعات وجدانية قد لاتلتئم أبدا ، مؤولها الملفوظ الوصفي [
    وارتسمت قطرة براقة في مؤقه رفضت النزول ] . * إنها صرخة احتجاج و تنديد ضد
    العنف المدجن التي يتماهى مع كل مظاهر القمع الفكري والجداني
    والاجتماعي...... صراع الكينونة والوجود بين الرغبات الدفينة والواقع
    المعيش بكل أشكاله ، سؤال يحدد العلاقة بين الذات و الآخر ، "فالسؤال متى
    نكون أمام الشخص نفسه أو أمام شخص آخر ، متعلق بمعيار الهوية الذي نسلم
    بوجوده ، سواء تعلق الأمر بالذات نفسها أو بعلاقتها بالآخر " 7 . تلاه سؤال
    وجودي آخر لكنه يتغي وضع العلاقة بين الذات و هويتها للتداول قصد إعادة
    النظر في كثير من المسلمات ، [ وسألت الشاخص أمامي عابثا أو جادا : أين أنا
    ؟ فابتسم بحزن و أشار إلى نفسه .. ] . * تلك بعض تداعيات الرحلة في بعدها
    العمودي ، عبر الحقل التشاكلي 8 المحيل على العالم الجواني للذات ـ الذاكرة
    ، الحيرة ، القلق ، النوم .. ـ لتستمر الرحلة من جديد في بعدها الأفقي إثر
    لحظة اختناق ثانية ، [ أحسست ثقل الهواء ، فككت زري أغلى القميض.... ] *
    إثر عودة الحضور الذهني لدنيا ، عبر الملفوظ السردي المحفز و الديناميكي [
    إني عنك راحلة ] . رحلة ـ ولما لانقول إسراء مادام الليل سيظل لافا
    لأسرارها ، و لاتنكشف إلا عبر الأبعاد التصورية التي ستتكيئ عليها الذات في
    استدراج المتلقي لا رتقاء مسار ها . [لبست بياص ثوبي وسرت نحو المحطة ]
    المحطة باعتبارها فضاء لبداية الرحلة الأفقية ونهاية " للرحلة الكبرى " حيث
    تبدو صورة الفتاة والمرأة المترهلة أبعادا تصويرية للعلاقات الاحتمالية
    التي تمر منها الرحلة في عالم " دنيا " أوهي تشريح أزلي لبداية ونهاية
    العلاقات المؤسسة على المتع الحسية واللذة الشبقية ، لتقف بنا الرحلة في
    فضاء التماهي ــ عبر زجاج النافذة [ المرآة ]ــ بين عربة القطار والغرفة
    والذات الجوانية لذات الحالة لتجسيد ذلك الارتباط القدري ، والذي لا مفر
    منه ، بين أنين وحنين الذات إلى صفائها وبراءتها ، هويتها المطمورة ، وبين
    أكراهات الواقع الضاغطة بكل أشكال العنف والقمع .. وعلى إثر صوت موجع فعلا
    تستفيق ذات الحالة من رحلتها / إسرائها لتدرك النهاية دون أن تستمع
    بأطوارها ،وأنى لها ذلك وقد تمت في زمن يكتنفه سحر الليل وتدعيات النوم . [
    أدركت متألما ساعتها أنني أنا الرحال ] * ، رحلة كان زادها الألم ،
    ونهايتها ألم ....لكنها استطاعت أن تتحفنا ببنائها الفني المتقن ، وأن ترحل
    بنا في عوالمها الدلالية الممكنة الممتعة 9، التي تزداد فتنة و غواية كلما
    ازددت منها تقربا وتوددا ...

    البنية السردية :

    من خلال الحالات والتحولات التي عملت على نمو الأحداث وتطورها يمكننا إقامة الترسيمة التالية :


    المرسل الموضوع المرسل إليه
    استفزاز دنيا الرحلة ذات الحالة
    الساعد الذات المعيق
    الذاكرة / الليل ذات الحالة دنيا
    النوم /الحيرة الزمن الكرونولوجي
    القلق الصباح

    البنية التكوينية :

    من خلال انتشار الدلالة عبر الأشكال الخطابية والتصويرية ، يمكن رصد البنية
    التكوينية التي ساهمت في خلق انسجام النص و تماسكه كالتلي :

    الحضور العبور



    الانكسار الانتشاء

    وتتجلى وحدات التأسيس لهذه الحدود القيمية فيما يلي :
    الحضور : الضحك المتواصل ـ الفتنة ـ الابتسامة الغامصة ـ ......
    الانكسار : الساعة ـ الصباح ـ دنيا ـ .......
    العبور : ليلة ـ المرآة ـ الطريق ـ ......
    الانتشاء : النوم ـ الذاكرة ـ الحيرة ...... حالات لاتستطيع ذات الحالة
    تمثيلها [ هل أحتاج معرفة الزمن في ليلتي هذه ؟ ] ، [ لم أعرف كيف أمضيت
    ليلتي ] .
    لذا نلاحظ بأن ذات الحالة تكون مسلوبة الإرادة في حضور دنيا مأخوذة بفتنتها
    و نهمها وضحكها وهذا يقتضي حالة انكسار وارتباك ، في حين أن لحظة الانتشاء
    تقتضي عبور ذات الحالة إلى عالمها الجواني بعيدا عن عالم دنيا ،الشيئ الذي
    يجعل نمو الدلالة و تطورها يسير نحو نهاية مؤلمة فعلا لذات توزعت بين لذة
    عابرة وعرضية و أخرى أصيلة وجوهرية ..

    ما بعد الرحلة :

    تلك كانت همسات جاد بها نص الزوايدي فلتتوقف القراءة إذن ولتستمر غواية
    الخطاب / المحكي ، آسرة بعوالمها الدلالية والممكنة المتلقي أوقل القاريء
    المجرد....

    ـــ محمد مهيم

    إحالات :

    1 ـ د عزيز محمد عدمان . مقاربات نقدية . عالم الفكر العدد 3 المجلد 37 يناير ـ مارس 2009 ص 78 .
    2 ـmaingueneau , Elément de linguistique pour le texte littérraire p : 29 Dominique
    3 ـ المصدر السابق : ص 25 و26
    4 ـ الغروب : قصة مشورة للقاص..
    5 ـ د . عز العرب الحكيم بناني : الجسم و الجسد و الهوية الذاتية . عالم الفكر العدد 4 المجلد 37 أبريل ـ يونيو 2009 ص : 112
    6 ـ د. شاكر عبد الحميد : الخيال.... . عالم المعرفة ، عدد 360 فبراير 2009 ً : ص . 212
    7 ـ د . عز العرب الحكيم بناني ، مرجع سابق ص : 212
    8ـ Catherine fromilhague , Anne sancier – château : introduction a
    l’analyse stylistique .p : 63 9ـ Umberto Eco / les limites de
    l’interprétation . p : 215 .
    * ـ القصة : دنيا .

    رابط قصة "دنيا "
    http://www.merbad.net/vb/showthread.php?t=13480

    </blockquote>


      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 12:01 am