منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    مدخل إلى بنية الشخوص في العمل السردي /

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    مدخل إلى بنية الشخوص في العمل السردي / Empty مدخل إلى بنية الشخوص في العمل السردي /

    مُساهمة   الأحد يوليو 29, 2012 2:06 pm




    [b]مدخل إلى بنية الشخوص في العمل السردي /
    د عبدالله مهداوي
    مفهوم بنية الشخوص
    تحديد مفهوم البنية
    بقدر ما أصبح مفهوم البنية مقبولا بقدر ما أصبحت الحاجة ماسة إلى تحديده
    تحديدا دقيقا .ولعل ذلك يرجع بالأساس إلى كثرة شيوعه واستعماله في جميع
    الحقول المعرفية ،سواء الأدبية أو العلمية .وقد عبر "هنري لوفيفر " عن
    الصعوبة التي يطرحها هذا المفهوم بقوله :"كلما انتشر مفهوم البنية إل
    وازداد غموضا ، وعادة ما يعني هذا المفهوم الصورة الموضوعية لمعرفة ممكنة
    يظن المستعمل لهذه الكلمة المفتاح أنه امتلكها في حين أنه لا يمتلكها بقدر
    ما يضعها نصب عينيه ، إذ يفترض التمام والدقة "

    يكاد يتفق عامة الباحثين على أنها عبارة عن مجموعة متشابكة من العلاقات وأن
    هذه العلاقات تتوقف فيها الأجزاء والعناصر على بعضها البعض من ناحية وعلى
    علاقتها بالكل من ناحية أخرى . وكل عنصر من هذه العناصر لا يمكنه أن يستمد
    وجوده إلا من داخل البنية ، بمعنى أن النظام الذي يحكم هذه العناصر هو نظام
    داخلي ولا اعتبار لما خارجي .
    وعلى هذا الأساس فإنه عند دراسة بنية معينة ل يجب التعامل مع عناصرها
    اعتمادا على معطيات خارجية ، ذلك لأن العلاقات التي تربط بين هذه العناصر
    محددة ضمن نسق مرسوم لا يمكنها أن تزيغ عنه ، وذلك لتوفرها على عملية ضبط
    ذاتية تتم من داخل البنية وليس من خارجها . إلا هذا لا يعني أن البنية
    محكوم عليها بالسكونية ، فهي على العكس من ذلك تعرف دينامية وتغيرا مستمرين
    .
    وإذا كان مصطلح "بنية " قد شاع مع تطور اللسانيات البنيوية بعد( سوسير) فإن
    انتقاله إلى المجال الأدبي أمر يبرر بفضل ذلك التأثير الذي أحدثته
    الدراسات اللسانية على الأدب ، واستعارة هذا الأخير للمناهج البنيوية في
    مجال الدراسات . هذا التأثير جعل الدارسين ينظرون إلى النتاج الأدبي –كيفما
    كان نوعه – كبنية مكونة من مجموعة من العناصر المتقابلة ، والتي من خلال
    عملها بنيويا تتم دراسة النتاج من دون استحضار لعناصر خارجية ، كالواقع
    المادي مثلا ، لأن في ذلك تشويشا على بنية النص ، وهو ما عبر عنه رولان
    بارت حين قوله : "يمكن القول بأن الفن لا يعرف تشويشا – بالمعنى الإخباري
    للكلمة – إنه نسق صرف "
    من هذا المنطلق يبقى العمل السردي كأثر إبداعي عبارة عن بنية متشكلة من
    مجموعة عناصر محكومة بعلاقات داخلية ، وكل عنصر من هذه العناصر يشكل بنية
    قائمة بذاتها داخل البنية العامة ( الرواية مثلا ) فإذا حاولنا تفكيك بنية
    الرواية إلى عناصرها الجزئية حسب التحديد الكلاسيكي سنجدها تتشكل من عدة
    عناصر أهمها : المكان – الزمان – الأحداث – الوصف – السرد – الشخوص –
    الحوار
    وسأقتصر في هذه الورقة على تحديد مفهوم بنية الشخوص كعنصر من البناء السردي .
    تعريف الشخوص



    الشخوص جمع شخصية ، وهي من بين المصطلحات التي استعملها النقد الأدبي في
    الوقت الذي كان يعتمد فيه على المضمون من الوجهة النفسية كمعيار نقدي .وقد
    نص النقاد منذ القديم على أهمية وجودالشخوص كعنصر في البناء القصصي ، بدونه
    لا يتيسر فهم الأحداث ، فالشخوص داخل العمل اسردي هم مجموعة من الأفراد
    يقومون بعدة ادوار إما متناسقة أو متعارضة تسند إليهم من طرف السارد
    فيساهمون بذلك تطور الأحداث أو تأزم الصراع ، وهم لا يختلفون عن ممثلي
    المسرح أو السينما : "فكلاهم ينتمي إلى عالم متخيل ، ولا يمكنه أن يتواجد
    إلا داخل هذا العالم الذي بواسطته تصبح كل الشخوص حية فينا بكل معالمها "
    وذلك من خلال علاقتها بالأحداث ، وقد تنبه بارت إلى نفس المسألة حينما
    اعتبر الشخصيات

    السردية كائنات من ورق لا تمت للواقع المادي بأية صلة، فهي إذن مجرد ناقلة للأحداث (ساردة ) أو موظفة في إطارها ( فاعلة ) .
    ونحن نعمل على تحديد مفهوم الشخوص لابد من تسجيل ملاحظة هامة ، ذلك أن
    مفهوم الشخصية ليس قاصرا بالأساس على على الإنسان " فالعقل ( كما يرى فيليب
    هامون ) يمكن اعتباره شخصية داخل أعمال هيجل مثلها مثل شخصية الرئيس أو
    المدير العام أو المجتمع ... كما أن البيض والدقيق والزبدة تعتبرشخصيات
    مشاركة في عملية الطبخ ..وقد تعتبر الجراثيم أيضا شخوصا مشاركة داخل النص
    الذي يحكي تفخم مرض معين "
    فشخوص الرواية إذن قد تكون إنسانا أو حيوانا كما هو في كليلة ودمنة أو
    جمادا كما في رواية "لقاء لميخائيل نعيمة حيث تصبح آلة الكمنجة شخصية
    مشاركة .وقد تكون الشخصية فكرة مجردة كالخير أو الشر أو الحق أو الباطل ...
    بنية الشخوص كموضوع للدراسة في المناهج القديمة والحديثة
    إذا كان النقد قد أولى اهتماما بالغا لتحليل العمل السردي فإن هذا التحليل
    قد ظل حتى فترة جد قريبة رهين معطيات التحليل الكلاسيكي الذي لا يتعدى
    مجموعة من المناهج لا تكاد بدورها تخرج عن التحليل التاريخي أو النفسي
    للعمل السردي باعتبار هذا الأخير كنتاج أدبي امتداد للواقع الذي يعيشه
    الكاتب ، كما أن دراسة الشخوص لم تتعد تلك الدراسة التي تتناول البطل في
    تحديد مسهب على ضوء المناهج النفسية والبحث عن العلاقة القائمة بين الكاتب
    وشخوصه ومع اكتشاف البنيوية وما صاحب ذلك من تقدم في مجال اللغة وعلم
    الدلالة تم تجاوز هذا النمط من التحليل ، فلم تعد الدراسة المتعلقة بالسرد
    حبيسة المناهج غير الأدبية كعلم الاجتماع وعلم النفس .لقد كان ظهور
    الشكلانيين الروس إيذانا بمجيء مرحلة جديدة تمثلت في استهدافهم من خلال
    الأبحاث الأدبية التي مارسوها استخلاص الصفات المشتركة التي تتمتع بها جميع
    الأعمال الأدبية .ومن هنا جاء مصطلح جاكبسون ( الأدبية ) أي كل ما يجعل
    النص أدبيا وهكذا " راح فلاديمير بروب وهو أحد أفراد هذه الجماعة يدرس
    الحكاية الشعبية دراسة علمية تعتمد على الملاحظة والتحليل والاستنتاج ،
    وذلك من أجل استخلاص البنية العامة المشتركة لهذا النوع من الفن الشعبي (
    الفلكلوري)
    وقد حاول بروب في ذلك الاستفادة من بعض المناهج العلمية ، كما يوضح ذلك في
    قوله :" إن دراسة الأشكال واكتشاف القوانين التي تحكم بنيتها فيما يخص
    الحكاية الشعبية الفلكلورية شيء يمكن القيام به بالدقة نفسها التي تدرس
    فيها أشكال الكائنات العضوية "
    هكذا نظر بروب للحكاية على اعتبارها" كلا" مكونا من عدة أجزاء ويتشكل كل
    جزء من سلسلة من الوظائف ، حددها انطلاقا من دراسته لمائة حكاية روسية في
    إحدى وثلاثين وظيفة متعاقبة تبدأ ب ( الابتعاد) وتنتهي ب ( مكافأة البطل ) .
    على ان ظهور هذه الوظائف كلها ليس لازما في كل حكاية إنما يجب أن تظهر
    دائما بنفس الترتيب الذي حدده . والوظيفة حسب بروب (عمل شخص محدد ) غير
    قابلة للتفكيك ، لذلك فهو يرى بأن الوظائف هي العناصر الثابثة والدائمة في
    الحكاية أيا يكن الأشخاص ، وايا تكن الطريقة التي تباشر بها هذه الوظائف .
    أما توزيع الوظائف على الشخوص فيرى بروب أن كل مجموعة من الوظائف يمكنها أن
    تشكل دائرة لفعل شخصية أو شخوص ، فكل حكاية تتوفر على دوائر سبعة :
    - دائرة فعل المعتدي
    - دائرة فعل البطل
    - دائرة فعل البطل المزيف
    - دائرة فعل الأميرة
    - دائرة فعل الواهب
    - دائرة فعل المساعد
    - دائرة فعل الموكل
    فبروب من خلال هذه الدوائر لم يعط أهمية كبرى للشخصيات ، بحيث ركز اهتمامه على جانب الوظائف التي تقوم بها فقط .
    أما جريماس الذي ينطلق في دراسته لبنية العمل السردي من علم الدلالة
    البنيوي فقد تناول بنية الشخوص فوضع بذلك نموذجا عامليا ، هذا النموذج قد
    وجد صداه في أعمال سابقة منها أعمال " تنيير" و" بروب " وأتيان سوريو"
    فالأول وهو صاحب مصطلح "عامل
    فيشبه الملفوظ البسيط ( الجملة ) بفرجة حيث يتم توزيع مجموعة من الأدوار
    على عوامل محدودة . وإذا كان مضمون الملفوظ في تحول مستمر ، وإذا كانت
    الشخصيات التي تقوم بهذه الأدوار في تغير مستمر ن فإن طبيعة الملفوظ
    (الجملة ) كفرجة ثابثة لاتتحول ، ذلك أن ديمومة هذه الفرجة واستمراريتها
    يضمنها التوزيع الثابث للأدوار ، فالفاعل دائما يبقى فاعلا والموضوع دائما
    يبقى موضوعا ، فحين نقول " أكل محمد التفاحة " فإننا نكون إزاء فرجة متضمنة
    في جملة ذات مضمون محدد ، هذه الفرجة تتكون من خلال عمل العامل الذات
    "محمد" والعامل الموضوع " التفاحة " لكن حينما نعمل على تغيير الشخصيات
    التي تقوم بهذه الفرجة مثلا فنقول :" اشترى أحمد وعلي سيارة " فإن مضمون
    الملفوظ يتغير بتغير الشخصيات ، لكن الأدوار العاملية الموزعة تبقى ثابثة
    على الشكل الذي لاحظناه في الجملة الأولى أي على شكل العامل الذات ( أحمد
    وعلي ) وعامل الموضوع ( السيارة ) وبذلك تبقى الجملة رغم كل التغييرات التي
    تطرأ على الشخصيات محتوية لطابع الفرجة المتشكل من نفس العوامل .
    أما العمل الثاني الذي انطلق منه جريماس فهو المجهود الذي قام به بروب في
    دراسته للحكاية العجيبة كما( رأينا ) ففي تحديد هذا الأخير للوظائف ولعددها
    ولطبيعتها الثقافية حاول تجميعها في دوائر للفعل مرتبطة بشخصيات محددة
    .ومن ثمة فإذا كانت الوظائف يمكن تجميعها في فئات يوحدها مضمون دلالي واحد
    فإن الشخصيات التي تقوم بهذه الوظائف تخضع هي الأخرى لعملية تكثيف حسب
    موقعها من الوظائف .
    وإذا كانت أسماء الشخصيات (الممثلين ) تتغير من قصة عجيبة إلى أخرى فإن
    الفعل الذي يقوم به هؤلاء الممثلون يظل ثابثا ، حينها لن يكون هؤلاء
    الممثلون سوى التعبير عن عامل واحد يحدد انطلاقا من دائرة الفعل التي يعمل
    فيها .
    هذا التحديد سيقود بروب إلى تعريف القصة العجيبة باعتبارها حكاية قائمة على سبعة عوامل .
    أما العمل الثالث الذي انطلق منه جريماس فهو ما قام به " إتيان سوريو في
    كتابه "المائتي ألف وضع درامي " وهو عمل يعتبره جريماس امتدادا لعمل بروب
    ومكملا له ، لكن أهميته تكمن في كونه أثبث أن نظرية العوامل يمكن تطبيقها
    على المسرح بسهولة ، وهو جنس أدبي يختلف في كل شيء عن الحكاية العجيبة التي
    كانت موضوع دراسة بروب .
    هذه العوامل يحددها إتيان سوريو على الشكل التالي :
    - القوة التيمية الموجهة
    - الموضوع المنشود
    - المستفيد من الموضوع
    - المعيق
    - الحكم وهو صاحب الموضوع المنشود أو الخير
    - المساعد
    ‘لا أن جريماس لم يكن على ذلك المستوى من السطحية حتى يتبنى هذه الأعمال
    كما جاءت عند بروب وإتيان سوريو ، لقد لاحظ أن الأول لم يهتم إلا بالمستوى
    السطحي في الحكاية الشعبية كما أن الثاني في نموذجه لم يهتم و الآخر
    بالعلاقات القائمة بين العوامل الستة التي حددها ، وبذلك يبقى نموذجه يعاني
    من السطحية التي اكتشفها جريماس في تحليلات بروب .
    هكذا يلاحظ جريماس "أن تحديد جنس ما انطلاقا من عدد العوامل فحسب والتغاضي
    عن المضمون معناه موضعة هذا التحديد في مستوى شكلي عام ، وكذلك تقديم
    العوامل على شكل جرد بسيط دون التساؤل عن علاقاتهم الممكنة معناه التخلي عن
    التحليل "
    من هذا المنطلق يتحدث جريماس عن النموذج العاملي كنسق معتمدا التفريق بين
    الممثل والعامل فالتمييز بين الممثل والعامل تمييز بين وحدة تركيبية دلالية
    ( عامل ) ليست معطاة سلفا وإنما يتم الحصول عليها من خلال التحليل العميق
    لبنية العمل السردي ، ومابين وحدة خطابية ظاهرة على مستوى السطح وغالبا ما
    تكون متفردة في كلمة واحدة ( محمد _خبز – سيارة ...)
    أما العلاقة بين الممثل والعامل فهي علاقة معقدة ، وذلك أن عاملا واحدا
    يمكن أن يغطيه ممثلون عديدون ، كما أن ممثلا واحدا يمكن أن ينتظم داخل
    عوامل مختلفة بمعنى أنه يمكن لممثل واحد أن يلعب أدوارا عاملية مختلفة :

    العامل




    ممثل 1 ممثل 2 ممثل 3



    الممثل




    العامل 1 العامل2 العامل 3
    أما العوامل عند جريماس فتنتظم في أزواج ثلاثة :
    المرسل / المرسل إليه
    الذات /ااموضوع


    المساعد /المعيق
    هذاالانتظام ليس اعتباطيا وإنما هو نتاج لتحليل يأخذ بعين لاعتبار
    الاستثمارات الدلالية المتنوعة ، فهذه الأزواج الثلاثة التي يستخلصها
    جريماس من الجرد العام للممثلينيقدمها في نموذج يريده شاملا وعاما ،
    لايقتصر على المجال السردي فحسب ، بل يمكن تطبيقه في مجالات كثيرة من
    الحياة ويأخذ ها النموذج الشكل التالي
    مرسل.......................................موضوع.. ..................................مرسل إليه
    مساعد........................................ذات.. .......................................معيق
    كما أن هذه الأزواج الثلاثة ليست مركبة تركيبا اعتباطيا ، فكل زوج يتكون من
    عاملين يربط بينهما محور دلالي معين .وبذلك تصبح لدينا ثلاثة محاور دلالية
    :
    محور الرغبة : الذات /الموضوع
    محور الإبلاغ :المرسل / المرسل إليه
    محور الصراع :المساعد /المعيق.


    …………….
    لائحة المراجع
    1 ) هنري لوفيفر : "الإديولوجية البنيوية "
    2 ) edition seuil R – barthes « poetique du recit
    3 ) د صلاح فضل "نظرية البنائية في النقد الأدبي
    4 ) د صلح هاشم " البنيوية والحداثة
    5 ) V prope « morphologie du conte populaire » edition seuil
    6 ) A-j greamas « semantique structural »
    [/b]






      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 9:30 am