منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    علاقة بالأم والنبي يوسف الصديق

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    علاقة بالأم والنبي يوسف الصديق Empty علاقة بالأم والنبي يوسف الصديق

    مُساهمة   الثلاثاء يناير 19, 2010 1:32 am

    علاقة بالأم والنبي يوسف الصديق في ديوان " أناشيد مبللة بالحزن " لـ عيسى الشيخ حسن
    PostDateIcon 18 أكتوبر , 2009 | PostAuthorIcon الكاتب: المحرر

    دكتور / خالد محمد عبد الغني

    clip_image002

    * أما قبل :

    إن تاريخ الإنسان والنفس يموج بالذاتية … يبتعد .. يقترب من الموضوعية ، لكنه أبداً يستحيل أن يتخطى شطآنها – ذاك إن بلغها – إلى الإبحار في خضمها .. الأمر الذي يذكرنا بعبارة ريلكه " الشجرة التي تسيطر على الذات تمنح نفسها الشكل الذي يزيل مخاطر الريح " . فلو أضفنا إلى ذلك أن ما يصدر عن الشعور ليس غير علم بنتائج الجهل .. فربما كان هذا وعياً بذاتية تحاول أن تتخطى المألوف (2).

    لذا…ذاتي أنا فيما سأقوم به من شروع في القراءة إلى أقصى درجات الذاتية.. لأنني حينئذ سأكون في أقصى درجات الموضوعية تلك التي ينظر إليها كثير من الباحثين نظرة افتنان وتقديس، وينظرون إلى الذاتية نظرة منكرة ونافرة. فيقيننا أن الذاتية في أكمل صورها.. وأصدق هيئتها.. وأتم معانيها هي التي تجعلنا نرى "الموضوع" في أنصع موضوعيته.. وأدقّ استقلاليته.. وأتم وحدته.. لأن أصدق من يبصر الزهرة من حيث هي "موضوع" هو عاشقها ، وهو في الآن نفسه أبعد مدركيها عن الموضوعية.. وأقرب مقربيها إلى الذاتية بما هي ذاتية ناضجة تتكون عند الباحث العلمي عندما يعرف لكل شيء في منهج العلم وأسلوبه؛ قدره وقدرته، مداه وحدوده، نقصه وقوته، سواء أكان في جانب الموضوعية أم في جانب الذاتية، عندئذ يتلاقى ما هو ذاتي مع ما هو موضوعي فتكون الذاتية الناضجة ، أو البصيرة العلمية (3).

    * معبر:

    هذا مفتتح أردناه لنكون على بينة مما هو ذاتي فينا وما هو موضوعي مستقل عنا ، فلا تتداخل الظلال والأبعاد ، وبداية البدايات أن عيسى الشيخ حسن تناولته أكثر من مرة حيث تحدثت عن شعره في أمسية ثقافية، ونشرت عن ذكرياتنا نتفا (4).

    فاز الشاعر عن ديوانه الأول أناشيد مبللة بالحزن بجائزة عبد الوهاب البياتي الشعرية عام 1998، ثم فاز بعد ذلك بجائزة الشارقة للإبداع الشعري عام 2002 عن ديوانه الثاني ياجبال أوبي معه. وفي القراءة الحالية سنعتمد على منهج تحليل المضمون للنصوص الشعرية في ديوان "أناشيد مبللة بالحزن" ومقارنته بما أتيح معرفته من السيرة الذاتية لحياة الشاعر من خلال مقابلات كثيرة معه ، و من خلال تداعياته الطليقة Free Association في أثنائها .

    * ملخص السيرة الذاتية :

    " من مواليد القامشلي بشمال سوريا في عام 1965 م درس الأدب العربي بجامعة حلب ، يعمل مدرساً للغة العربية ، عاش طفولة عادية لقنته آيات العذاب قبل آيات الرحمة ، عمل أبوه محفظاً للقرآن الكريم ، وهو من – الأب – من أتباع الطريق الصوفية ، تربى الشعر في هذا الجو الصوفي منذ الصغر ، أحب القراءة والكتابة ولعب كرة القدم التي أثرت سلبياً على الإنجاز الدراسي لديه فحصل على دبلوم المعلمين ثم على المؤهل الجامعي فيما بعد ، تزوج مبكراً في الثامن عشر تقرياً من عمره ، وتوفيت زوجته بعد صراع طويل مع مرض عضال ، وهو في غربته للعمل بقطر ، كان الأب يغيب كثيرا عن البيت بسبب العمل بعيداً عن القرية ، وتوفى الأب وعمر الشاعر السابعة عشر تقريباً فتولت الأم رعاية الأسرة ، كان الأب متزوجاً قبل الزوجة الثانية – أم الشاعر – وله أخوة من أبيه كانوا يكيدون له كثراً فيما مضى ، لم يعرف الشاعر الأنثى كونها موضوعاً للحب إلا في المراهقة ولكنها المعرفة التي تجعله يخشاها ، ولعل ذلك ما دفع به إلى قصيدة التصوف التي يعرج فيها إلى العشق مستتر بلغة التصوف ، خاصة و أن الفتاة الأولى التي أعجب بها في تلك الفترة قد ضربه أبوه أمامها في موقف ما نحسب أن أثاره بقيت معه زمناً حيث عدم القدرة على البوح لأي أنثى فيما بعد.

    وقبل الشروع في القراءة التحليلية النفسية ؛ لماذا هذا الشاعر تحديداً ؟ لماذا نحاول الاقتراب من عالمه النفسي والشعري ؟ ولعل ما كتبه أحد النقاد عنه يصلح أن يكون إجابة عن السؤال حيث أن شعره تدخل فيه " قصيدة العائلة " التي ترويها الذات الشاعرة في صميم القصيدة السيرذاتية ، إذ تتمركز الذات الشاعرة حول أنويتها وتنفتح بالقدر ذاته على الماحول العائلي " الأب / الأم / الأخوة …. " لتحكي سيرتها وسيرتهم ، انطلاقا من رؤية واقعية مشحونة برؤيا تخييلية ترتفع إلى بناء قصيدة سيرذاتية لها / لهم . فيتجه الشاعر إلى هذا الفضاء بروح ذاتية شعرية سردية توّاقة إلى التفاصيل السيرذاتية " العائلية "، ويرسم صورا وحكايات تبلور مشهدا شعريا يخضع على نحو أساس لتجليات القصيدة السيرذاتية ومناخاتها المكتظّة بالعاطفة والانفعال معاً (5).

    * الدلالة النفسية لسيطرة الحزن :

    الحزن في هذا الديوان يعد جزءاً من شخصية الشاعر ، يعكس ميله إلى الكآبة Depression ، وهو شعور شائع في كل قصائد الديوان كما سنلاحظ لاحقاً ، والكآبة هي حالة وجدانية سببها ألم معنوي، وتتجلى بنحول في قسمات الوجه وبطء في الوظائف الحيوية ، وانطواء على الذات (6).

    ولقد وضح ذلك من عنوان الديوان الذي يوحي بأننا سنطالع أغانيَ حزينة، ويذكر شاعرنا أنه كان نحيل البدن ،وضعيف البنية الجسمية يميل إلى الشحوب هوناً وكأن الحالة الجسمية له تتفق تماماً مع ما ورد في التراث النفسي لتعريف الحزن .

    هناك قصيدتان في الديوان تحملان لفظ الحزن ، هما [ أغنية حزينة ] وتشير إلى أن الأغنية التي نريدها ونهواها ستكون حزينة مليئة بالشجن والأسى ، و[ في الانتظار والحزن ] وهنا نلمح أن الشاعر قلق من الغد والمستقبل ، الذي يموج بتياراته وانعكاساته على شخصيته حين يقرن الانتظار بالحزن، وهو نفسه يقرر أنه ما كان ليكتب القصيدة إلا متاثراً بمناخ الشعر في الثمانينيات ، ثم ما لبث أن وجد صوته الشعري المعبر عن الذات بأقصى درجات التعبير ، وقد يعد ذلك أحد مبررات القلق لديه.

    كما نلاحظ ورود ذكر كلمة الحزن اثنتين وعشرين مرة في مواضع مختلفة تكاد تشمل كل قصائد الديوان:

    أمي حين تلامس حزني ،

    والليلة يجتاحُ الحزنُ العيد ،

    تناسلت من حزن أمي ،

    أشد وثاق الحروف لأطلق حزني ،

    وادنُ من أحزانها ،

    تغيم دموعي وتمطر حزناً على لحظة غائبة ،

    دفتر الشاعر المرتدي حزنه ،

    تقدم ورداً لحزن اليتامى،

    أذوب كشمع المساء الحزين ،

    ليتها تشرق في البال كأحزان جديدة ،

    نستبيح الحزن أحياناً،

    ثم نعقد آخر الخيط بأحزان القصيدة،

    فغطوا جثة الوقت بأحزان الأميرة،

    تحار الكتابة في رسم أنثى تلون حزن الليالي الكئيبة ،

    يجفف أحزانه العابرة ،

    هذا الشاعر يتخلى عن أجنحة الطير ويبايع حزنه ،

    فتذرُ على حزنه حفنة من كلام،

    إذ تغسل أحزان الواقع في ذات شتاء ،

    نحتسي الحزن على جسر التعب ،

    ضيع الأحزان في ناي الطرب ،

    أنذا أفرغتُ أحزاني،

    وأنا.. أقرؤني.. أتلوني .. عليِ أمسح عن وجه العالم بعض الأحزان(7).

    نتساءل : أكلّ هذا الحزن يحمله الشاعر في أعماقه ؟ ثمّ يتجلّى أمامنا أن الشاعر قد أخرج ما في نفسه من حزن عن طريق آلية التداعي الطليق، والتي استخدم فيها لغة خاصة هي شعره ، ولذا فنظرتنا لشعره أنّه نوع من التداعي الطليق كما في العلاج بالتحليل النفسي، ولكن ماذا بعد ذلك التداعي الطليق؟ .

    سنجد الإجابة في القصيدة قبل الأخيرة حيث يقرر فيها بقوله :" أنذا أفرغتُ أحزاني" ، أي قلت مستدعياتي لكم أيها القراء الذين هم همّه منذ البداية كما يقرر ذلك أحد نقاده (Cool .

    وتأتي آخر قصيدة في الديوان لتكشف لنا أن وظيفة التداعي الطليق الذي تم خلال القصائد السابقة هدفت الى إزالة الأحزان عن العالم فيقول :" علّيَ أمسح عن وجه العالم بعض الأحزان" . وهنا نكتشف استخدامه لميكانيزم دفاعي هو الاستدماج Integration لكل أحزان العالم ومسئوليته عن محاولة إزالة بعضها على الأقل ما لم تكن كلها.

    * الدلالة النفسية للرؤيا :

    الرؤيا تشير إلى الحلم ولكن في طبقاتها العميقة تشير إلى ما قد يخالف الفهم الفرويدي للأحلام باعتبارها تحقيق لرغبة فقد تكون تحصيناً للذات في مواجهة الأخطار (9).

    وقد تكون منبئات عن بعض المستقبل واستبصار بما سيأتي (10). ولعل ذلك ما يفسر به أحلام الأنبياء والصالحين وغيرهم كما في حلم فرعون والنبي يوسف والنبي إبراهيم ولعلنا في دراستنا عن الحرافيش أوضحنا تلك الدلالة لأحلام عاشور الناجي المتصلة بالتنبؤ بكيفية النجاة من الموت وتأتي معجزة عاشور عن طريق الحلم – والحلم في إحدى دلالاته ما هو إلاّ شكل من أشكال الوحي الذي تمّ مع إبراهيم ويوسف – الذي رأى فيه الشيخ عفرة يأمره بالخروج من الحارة فيستجيب ويدعو أهل الحارة وأسرته للخروج معه فيرفضون :" نام ساعتين . رأي الشيخ عفرة زيدان. هرع نحوه مجذوبا بالأشواق. كلما تقدم خطوة سبق الشيخ خطوتين. هكذا اخترقا الممر والقرافة نحو الخلاء والجبل. وناداه من أعماقه ولكن الصوت في حلقه انكتم. فقال بجدية غير متوقعة :علينا أن نهجر الحارة بلا تردد. فرمقته غير مصدقة فعاد يقول : بلا تردد. فتساءلت مقطبة : ماذا حلمت يا رجل ؟ أبي عفرة أراني الطريق .. إلى أين ؟ إلى الخلاء والجبل . الموت حقّ والمقاومة حقّ. ولكنك تهرب . من الهرب ما هو مقاومة(11). أليس الحلم ما ذكره القرآن نفسه حول كيفية نجاة موسى عليه السلام ؟ (12).

    والرؤيا كما هي لدى الشاعر حال من أحوال التصوف والارتقاء الروحي ، وفي أدق من ذلك أنها كانت إحدى لزوميات النبي يوسف وبها تبدأ قصته كما في القرآن :

    " إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين" (يوسف : أية 4).

    من هنا سيكون تكرار الرؤيا لدى الشاعر مؤكدة لتوحده اللاشعوري مع النبي يوسف ، كما سنرى لاحقاً وكأنه سيقول لنا إن رؤاه تلك ستعيد اكتشاف صورة الأب لديه وتجهزه لمقابلته كما حدث مع النبي يوسف – سنلاحظ ذلك اللقاء في الديوان الثاني للشاعر وبهذا فقد تم توظيف الرؤيا نفسياً لخدمة اللاشعور.

    الدلالة النفسية للتناص مع القرآن الكريم:

    الاستشهاد بالقران الكريم والتناص معه جاء على صور ثلاث: الأولى تكرار المفردات القرآنية ذاتها، والثانية ذكر مقاطع من الآيات، والثالثة ذكر الصورة الكلية التي تتكلم عنها آية محددة أو مجموعة من الآيات.

    ويعكس لنا هذا التناص على هذا النحو السابق تلك النشأة المرتبطة بالقرآن عبر التلاوة والحفظ اللتين عاشهما الشاعر في طفولته التقليدية المحافظة المرتبطة بالمكان الذي يجمع ما بين الريف والصحراء – القامشلي بأقصى الشمال الشرقي لسوريا – ، وإن كان هذا التناص في أغلبه قد تم توظيفه لخدمة البناء النفسي للشاعر إذ يقول :

    " أدري أن قطوفك دانية "

    فقد تم توظيف هنا التناص لبيان العجز عن قطف الصدر بعد انحسار الثوب عنه فيقول

    :" لكن يديّ مقيدتان ".

    وفي ذلك شارة إلى صعوبة نيل إشباع مادي أراده ، في ظل ظروف احتماعية محددة ، ولعل الدلالة تكتمل في قراءتنا لقصيدة وجع حيث نستعين بما أتاحه المنهج الإكلينيكي في دراسة الحالة النفسية حين يهتم بتفكير الوقائع وتكاملها لا رصدها (13).

    ويقول :

    " وإن رأيت طوفاناً قلا تذهب إلى جبل / ولا تغرق " ،

    ويقول تعالى :

    " قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلاّ من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين " (هود آية 43).

    وهنا يستشهد بالصورة القرآنية مغايراً لما ترمز إليه حيث يقرر المقاومة للطوفان والحفاظ على الحياة والنجاة دون اللجوء إلى الجبل ، وهنا تكون الوصية لكل الناس لكي يحيوا أبداً.

    ويقول :" يطوِّف من حولها الزائرون حجيجاً .. على ضامر ورجالاً"

    ويستشهد هنا بالصورة القرآنية والمفردات نفسها حول الحج يقول تعالى :

    " وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق (الحج : آية 27). لينتقد الخلافات القائمة حول القصيدة الشعرية العمودية وبعض الأشكال الأخرى الجديدة ، وربما يعلن أن حالة التقديس لشكل القصيدة العمودية يجب أن تتغيّر فيوظف تلك الصور بما يحفظ ذاته لأنه وقد كان يعيش صراعا حول أي أنواع القصيدة يكتب وأيّ التيارات ينتهج وها هو ممن يكتبون قصيدة التفعيلة الحرّة فينتصر لها أخيراً.

    وفي قصيدة المريد يقول :

    " وقال لي :

    إن جاءك الإعصار في الضحى

    في ليلك البهيم إن سجى

    فانحر وصلّ (14)..

    وذلك استناداً لقوله تعالى :" والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى " (سورة الضحى) وقوله :" إنا أعطيناك الكوثر* فصل لربك و انحر " ( سورة الكوثر) ، وهنا كان القرآن تخفيفاً لنفس الرسول لما يقوله المشركون ولما يفعلونه من أذى وتسرية لنفسه عما يلاقيه من عنتهم . ويكون الشاعر بذلك قد قصد لا شعورياً استحضار تلك الصورة في هذا المقام باعتبار أن تلك وصايا معلمه له وهو في حال التصوف ، لكي يخفف عنه مواجده و ألامه ووحدته في ليله الطويل الذي يحدث فيه الإعصار ، وهو ليل الشتاء وما فيه من وحشة للحزانى. وكان شيخه يسري عن نفسه هو أيضاً كما حدث مع الرسول ( ص).

    ويقول :" حواء تجثو عند بابها

    محاطة بالورد والنشيد

    وسرها الباتع أوهى من خيوط العنكبوت

    وأنها تنفث من سمومها في جمرة العقد

    في غاسق لكي تموت (15).

    وهنا يقول تعالى:" وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت ( سورة العنكبوت :آية 29) والشاعر يشبه الدنيا بحواء التي تمتلك الفتنة ولكنها فتنة هشة ضعيفة ، وقوله تعالى :"ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات في العقد " ( سورة الفلق) يفسرها – الدنيا – أكثر بأنها تنفث الشر والقتل في الليل لكي يموت الإنسان. وهنا استعار الشاعر ضعف الفتنة وخطورة الدنيا.

    * التوحد بالنبي يوسف :

    ويقول لأول مرة وبطريقة مستترة هوناً – ولسوف نعطي هذه الفكرة حقها في الديوان الثاني لأنها أكثر وضوحاً في قصائده – :" النبي أدخل السجن"،

    وهو يقصد هنا النبي يوسف عليه السلام والمتتبع للقصيدة " في الانتظار والحزن " سيجد أن هذا المقطع موضوع في مكانه بتعسف يفرضه البناء النفسي للشاعر وليست الضرورة الفنية إذ يحاول إخفاء التوحد النفسي مع يوسف فقهرته الرغبة بذلك المقطع. وفي قصيدة الغريب يقول :

    " صباحاً دفيئاً / قميصاً من الأغنيات الحنون

    ترفرف روح الغريب على دفتر من حطام (16).

    والقميص كان العلامة على حياة يوسف بعد ظن أخوته بموته حين جاؤوا به إلى أبيه يعقوب وكان وسيلة لشفاء الأب، وهو في الوقت نفسه كان العلامة والدليل على موته عندما جاء إخوته عليه بدم كذب ليقولوا إن الذئب أكله. وفي القصيدة يشير الشاعر إلى الدلالة الأولى وهي بشارة الحياة. وليس ببعيد أن الغريب هو الشاعر الذي ستعود إليه نفسه من غربتها ، كما عاد يوسف من غربته أيضاً بدلالة القميص على وجه أبيه. ويأتي تناصّ آخر مع صورة- وليست سورة – قرآنية في نفس قصة يوسف فيقول:

    " ما بال الأقدام تراود هذا الشارع عن شاعره

    فتطارده حتى الحلم

    ما بال الأيام تراود هذا الشاعر عن شارعه (17).

    وذلك اقتباسا من قوله تعالى :

    " وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين " ( سورة يوسف: أية 30) .وهذا توحد مع يوسف أيضاً. وفي قصيدة "نشيد" يقول :

    " من يدفع ثمن الرؤيا

    آه وكيف سيأكلك الذئب …

    يا يوسف

    إن عجافاً بعد عجاف

    قد مرت

    والرؤيا في ثقب الباب (18).

    وهنا نتأكد من أن الشاعر متوحّد مع النبي يوسف في قصة طفولته وشبابه ورجولته ، ونلاحظ أن الشاعر قد عبر في طول الديوان عن هذا التوحّد اللاشعوري ، ولكنه في المرة الأخيرة التي يأتي فيها ذكر يوسف نراه قد كشف عن ذلك صراحة كما رأينا. ويكشف ذلك التدرّج في ذكر رموز تشير إلى يوسف إلى اتفاقِ في الآلية التي استخدمها حين عبّر عن الحزن طوال الديوان ليذكر في القصيدة الأخيرة إجابة عن لماذا كل هذا الحزن؟ فيقول :" علّي أمسح عن وجه العالم بعضَ الأحزان (19).

    ليعلن في الديوان الثاني توحده اللاشعوري بالنبي يوسف الصديق، فيذكر في كل قصائد الديوان تللك مفردات قصة يوسف كما جاءت في القران ، ويتأكد ما نذهب إليه عندما يقرّر الشاعر أنه من أم ثانية وأنه أثير لدى أبويه وقد ناله بعض كيد من إخوته الذينَ من زوجة أبيه خلال أيام الطفولة والصبا.

    وليس توحد الشاعر بيوسف بدعاً قام به لاشعورياً لأن اتفاقاً يجمع بين الشخصيتين، فاسم يُوسُف في القرآن يختلف في المعنى إذا نطق في أغلب اللهجات العامية حيث يقرأ هكذا: (يوسِف) وهنا يشير إلى الأسف والحزن ، كما أن قصّة النبي يوسف ملؤها الحزن والأسف فيقول تعالى :

    " وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسُف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم "(سورة يوسف أية :84).

    ومن هنا يكون التقاطع بين الشخصيتين لما فيهما من إحساس بالحزن ويتفق ذلك تماما ً مع عنوان الديوان، وما قالت به لجنة تحكيم جائزة البياتي، إذ تقول في مبررات منحه الجائزة:" محاولة أخرى في محاورة نشيد الإنسان الخالد:الحزن بلغة بسيطة لا تسرف في أوهام الاكتشاف بل تنطوي على دلالات واضحة تكشف بها عن إرهاصات الروح بإيقاعات يقارب بها صوت الشاعر أصوات أشياء العالم (20) . تماما كما ظهر في شعر بدر شاكر السياب في مرحلة مرضه الأخير حيث برزت شخصية النبي أيوب إذ يقول القرآن :

    " وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الرحمين ، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين " ( الأنبياء: آية 83 و 84 ). وسمّى السياب عشراً من قصائد ديوانه " منزل الأقنان " [ بسِفْر أيوب ] بجانب قصيدة أخرى في الديوان بعنوان " قالوا لأيوب " فالسياب هنا يلتقي مع النبي أيوب في كثير من العبارات والنص التالي من قصيدة " قالوا لأيوب "

    قالوا لأيوب " جفاك الإله"

    فقال لا يجفو

    من شد بالإيمان ،

    لاقبضتاه ترخي ،

    ولا أجفانه تغفو "

    قالوا له " والداء من ذا رماه "

    في جسمك الواهي (21).

    * النكوص :

    يعد النكوص إحدى الآليات النفسية التي تكشف عن المعاناة النفسية لدى الإنسان ، ونستدل على ذلك النكوص من القصيدة الأولى "بيان" التي يقول فيها

    : " وأنا …

    آه من ولد أهمل درسه "

    و في قصيد أخرى :

    "إن مشينا نحوها سنبلة ،

    أو أغنية

    رددتها الريح في أذن الولد (22).

    وهذا النكوص يمهد لوجود حالة الحزن الدائمة لدى الشاعر، مما يدلنا على أن الطفولة لديه لم تكن يسيرة أو سهلة ؛ بل كانت ذات أثر واضح في شخصيته ، وسيكون ذلك في أوضح صورة في الديوان الثاني أيضاً .

    · العلاقة بالأم :

    من أول صفحات الديوان يطالعنا علاقة فريدة بالأم ؛ لعلها بقايا الموقف الأوديبي حيث عشق الأم وكراهية الأب من جانب الطفل الذكر(23). عن طريق الإهداء وكان على النحو التالي:

    "إلى نشيد الإنسانية الخالد: أمي" .

    وفي القصيدة الأولى بيان يقول :

    " أمي حين تلامس حزني

    وتفتش في روحي عن نكسه" .

    وكأنّ أمه قادرة على معرفة ما يلم به من حزن ، وتستطيع اكتشاف مصادر ألمه .

    وفي قصيدة أغنية للضفة الأخرى يقول:

    "تناسلت من حزن أمي

    وقلت اقرؤوني (24).

    وكأنه يريد أن يؤكد وراثته للحزن من حزن أمه وربما توحّد لاشعورياً بها ، ولعل ذلك لتأثره بالأم التي تتعذّب في رعاية الأبناء ومساعدة الأب الذي يغيب كثيراً ، والتي تحملت رعايتهم بعد رحيله المبكر هوناً.

    وفي قصيدة الغريب يقول:

    "ينام على دكة من تعب

    يجفف أحزانه العابره

    ويرنو إليها كأم وأب

    وفي قصيدة سؤال يقول :

    " والشتاء انتحب

    دامياً ذا أنين

    أي أم وأب

    يبعثان الحنين (25).

    وهنا يتضح التأكيد على مكانة الأم إذ يجعلها مقدمة على الأب ولعله في ذلك متأثر بالحديث النبوي القائل من أحب الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك. ولا نرى ذلك حقيقياً وإن إدعاه الشاعر خلال المقابلات وتداعياته الطليقة بل هي مقدمة على الأب لعدم حل الموقف الأوديبي الذي يشير إلى تعلق الطفل الذكر بالأم وكراهيته لمنافسته الطفل في حب الأم.

    وأخيراً – نؤكد ما ذهبنا إليه سابقاً- وكأنه يعاتب الأم التي توحد بحزنها باعتباره ابنها الأكبر والأثير لديها ، فيقول إذ يقرر واقعاً حدث في الأسرة ؛ وهو سفر أخيه لدراسة الطب في روسيا وذلك في القصيدة الأخيرة [ بيان متأخر ]:

    " والآن

    لم يتبقّ من قرائي إلا اثنان :

    أمّي تركتني

    كي تنسج حبات الدمع

    قميصاً…

    لمكاتيب أخي

    المغترب النائي

    حتى الإدمان (26).

    ونرى أنه خشي من تحول تعلق الأم به إلى أخيه فيصبح الأخ المسافر والمغترب (يوسف) جديداً يرتدي قميصاً منسوجاً من دموع الأم.ولمَ لا؟.فشعوره تجاه الأم بأنها تخلت عنه يتجلى في ردّ فعل معاكس Reaction Formation حيث يكون إهداء الديوان للأم الحزينة :" إلى نشيد الإنسانية الخالد أمي" وأناشيده مبللة بالحزن فما بالنا بنشيده الخالد والأعظم ألا يكون مليئاً بالحزن.

    · الأب الرمزي / الغائب:

    يذكرنا قيام الشاعر بإقصاء الأب من علاقة ثلاثية تضم ( الشاعر / الأم / الأب ) بلعبة الحضور والغياب التي كان يلعبها حفيد فرويد ، عندما كان يقذف ببكرة الخيط ويخفيها ثم يحضرها ويقول مبتهجا إنها جاءت وذلك لمواجهة غياب الأم (27).

    وقد يكون مما زكّى ذلك الشعور أن الأب كان كثير الغياب والذي لم يأتِ أي ذكر له في هذا الديوان. وإن كان سيأتي هونا في الديوان الثاني. وعندما جاء ذكر الأب في هذا الديوان على النحو التالي :

    " والشتاء انتحب

    داميا ذا أنين

    أي أم وأب.

    يبعثان الحنين (28).

    ولنلاحظ كيف ذكر الأب في شكل استفهام يفيد الشك ، وغير معرف بال التعريف. وفي الجلسات التحليلية يؤكد على انه لم يقصد الأب الحقيقي فعلاً في هذا المقطع مما أكد ما توصلنا إليه في هذا الجانب.

    إنّ الشاعر هو يوسف الجميل، صورة أبيه البهيّة، والذي ربّما يتحقّق ميلاده الجديد عبر غوصه في عمق هذه الظّلمة.فالنّبيّ يوسف تركه أبوه، فأخذه إخوته إلى الجبّ، ثمّ عاد إليه الأب والتقى به بعد رحلة سعي طويل، وتحقق حلم الشاعر بلقاء أبيه الذي سيأتي ذكره في الديوان الثاني (29).

    ولعل هذا كان دافعاً وراء سيطرة مفردة الرؤيا في الديوان وكأنها إرهاص بلقاء سيتحقق فيما هو قادم من الأيام.

    الزوجة / رفيقة الدرب :

    نستطيع بيان دور الزوجة التي يذكرها الشاعر في قصيدتين هما ( بيان ، وبيان متأخر ) وعندما نطالع هذين الموضعين نجدنا أمام القصيدة الأولى والأخيرة ففي الأولى يقول ورفيقة دربي .. حين تفاجئني خلسة . وفي الأخيرة يقول :" ورفيقة دربي يشغلها عني المرض الداهم والأقراص …فلم يتبق منها إلا الذكرى والعينان (30).

    وكأنها كانت معه في بداية الرحلة – رحلة الحياة – ولكنها انصرفت عنه منشغلة بمرضها الداهم ، ومن ثم غابت عن الديوان باعتباره قصيدة الذات وسيرتها، وبما أنها غابت عن الذات فقد غابت عن الديوان.

    · التصوف والصوفية:

    في هذا الديوان قصيدتين نقف عندهما لما لهما من دلالة على تجربة صوفية يبدو أن الشاعر قد عاشها يوما حيث يعبر عن أدق خصوصيات هذه التجربة ونذهب إلى أن تلك التجربة الصوفية قد مهد لها في قلب الشاعر حالة عشق بغير منال ربما كانت في صباه أو في يفاعته الأولى ولربما هيئت نفسه لتلقي تلك التجربة فكما هو معروف لدى المتصوفة قولهم أذهب واعشق واهجر آنئذ تستحق أن ترتدي خرقة التصوف. بالإضافة إلى أن الشاعر في اسم أبيه شبلي ما يوحي بذلك حيث أن شبلي كان صديق الحلاج وتابعه ويذكر انه لما مات الحلاج ذهب إلى قبره وانشد يقول : سرنا معا على الطريق صاحبين أنت سبقت .. تقت للرجوع ها أنت قد رجعت .. أعطيك بعض ما أعطيت… وألقى على قبره وردة (31).

    ولما لا ؟ فوالده أحد المتصوفة الذين بموتهم أنشأت القرية له ضريحاً ، ولا شك أن الشاعر كان قد عاش مع أبيه ذلك قاصداً أو غير قاصد. وفي قصيدة فاتحة وكأنه يقول هذه هي البداية لما سيأتي في هذا الجانب إذ يقول :

    " في باب الرؤيا أوقفني شيخي

    ياعبد الله … (32).

    وفي قصيدة المريد يعبر بقوله :

    "وقال لي معلمي …. (33).

    ونذهب إلى أن تجربة التصوف كانت فاتحة عليه بأشياء كثيرة لم يذكرها صراحة أو فاتحة عليه بحال العشق والتصوف …..الخ

    وتحمل قصيدة " المريد " عدداً من الإشارات التي تحيل على الفضاء الصوفي الذي يضج بالرؤى الكاشفة للكون الشعري من خلال عملية اتصال بين الصوفي ( المعلم ) والصوفي ( المريد ) الذي يتلقى وصايا معلمه :

    وقال لي معلمي : ( وعندما تكن غارقاً بماء الحال يا بني

    عليك أن تطل من بعيد

    كي تملك الرؤيا غداً في القادم الجديد)

    وقالَ لي :

    ( إن مرت الرؤيا عليك في ثيابٍ عاشقٍ

    يهيم في الشعاب والجبال

    فادعُ له بالعشقِ يستزد

    فإنه ما جاس في كؤوسها

    إلا بقايا ادمعِ المريد).

    إن مصطلح " قصيدة الرؤيا " ينطبق على هذه القصيدة المشبعة بالحس الصوفي ، وهي – بالتأكيد – رؤيا جوانية مشحونة " بفعل ذلك بالحدس ، وقوة الحلم ، وطاقة الشعر : تلك الطاقة الفياضة الخالقة التي تتجاوز سطح المرئيات ، وكياناتها الحسية، لتنغمرَ وإياها في عملية خلق بارعة شديدة الرهبة والجمال . والرؤيا هنا لا تعنى بالوصف الخارجي وإنما هي " فعل اكتشاف وكشف للذات ، فعل احتواء تعبيري للإنساني العام.

    وجو القصيدة لا يخلو من حزنٍ شفيف ، ولكنه حزن خاص بالصوفي العاشق الذي يملأ كؤوس الرؤيا ببقايا أدمعه وقصيدة " الغريب " تفتح أمام القارئ " باباً من الوجد والذكريات " . وتجتهد " في رسم أنثى / تلون حزن الليالي الكئيبة (34).

    · اللون ودلالته النفسية :

    إن تحديد اللون يوحي بالصدق في الحكم وفي محاورة الاشياء وفي إحياء التجربة الشعرية ثم استحيائها والعيش فيها ، و لأن اللون لا يأتي لوظيفة زخرفية جمالية محضة ، بل لهدف نفسي يثري التجربة والمعنى (35).

    وبالإضافة لذلك يكشف اللون عن البناء النفسي لشخصية الشاعر. ولقد عرض سكاي Schaie للعديد من الدلالات الرمزية الخاصة بالألوان , والتي نتجت عن عدد من البحوث أجريت بين عامي 1935م – 1961م ، وأفادت أن: اللون الأحمر أشار إلى السعادة والراحة والفوران الداخلي والإثارة والحرارة والانفعال والحب والعدوان والكراهية والتصلب والقوة ؛ واللون البرتقالي أشار إلى الإحساس بالسعادة والحرارة والتعاسة والتوتر والدفء والبهجة والسرور والرشاقة ، واللون الأصفر أشار إلى الإثارة والغيرة والتعصب والدهشة والسعادة ، واللون الأخضر أشار إلى التحكم والانفعال والفتوة والهدوء والسلام والانتعاش والمرض والشباب ، واللون الأزرق أشار إلى الوقار والحزن والبرد والرغبة في التحكم والأمن والراحة والقوه والعمق والسرور، واللون الأرجواني أشار إلى الاكتئاب والنشاط والرفض والحزن والعمق والثبات والتعاسة، أما اللون الأسود فقد رمز إلى الحزن والخوف والقلق والرفض والاكتئاب والتمكن والعمق والشيخوخة والغيظة والتعاسة والتعصب ، واللون الأبيض يرمز إلى النقاء والفراغ والهدوء والشجاعة والهيبة والسلام والأمن ، واللون البني إلى الحزن والرفض والأمن والراحة (36).

    وتأتي الألوان لدى الشاعر في أغلب ذكرها بطرق غير مباشرة كما يلي: الليل = الأسود و الفجر = الأبيض و نجوم الليل = الأحمر و السماء = الأزرق والشفاه = الأحمر والشجر= الأخضر والدم = الأحمر والتراب = لا لون والماء = لا لون والجمرة = الأحمر و الشمع = الأبيض و حبر الكتابة = الأسود والنار = الأحمر والمشمش = الأصفر و القمح = الأصفر و سنبلة = الأصفر و الضحى = الأصفر والنهار = الأصفر وجمرة العقد = الأحمر والغسق= الأسود و ورق= الأبيض والبحر = الأزرق والغيم = الأزرق .

    وهنا نلاحظ سيطرة وتكرار للألوان التالية الأسود ثلاث مرات والأصفر خمس مرات والأزرق ثلاث مرات والأحمر ست مرات والأخضر مرة واحدة ، ولعلها تشير إلى الحزن والعدوانية وليس أدل على الاكتئاب والحزن من الأسود والأزرق وعلى العدوانية الموجهة نحو الذات – باعتبارها تعبير عن ديناميات الاكتئاب – من اللون الأصفر. ولا على الفوران والإثارة والعدوان من الأحمر وهذا التكرار كشف عن البناء النفسي للشاعر ، ولكنه في الآن نفسه يدلنا على البيئة الجغرافية التي نشأ فيها الشاعر حيث وجود تنوع من الألوان ، يلفتنا إلى البيئة الزراعية وألوانها في ليلها ونهارها ، وفي مواسم الزراعة والحصاد حين تزدهر الأغصان بالثمار التي حان قطفها.

    · خاتمة :

    حاولنا في الدراسة الحالية القيام بقراءة تحليلية نفسية لديوان أناشيد مبللة بالحزن للشاعر عيسى الشيخ حسن ، مستندين إلى المفاهيم الأساسية للتحليل النفسي في تحليل مضمون قصائد الديوان والكشف عن العلاقة التي تربط بين الشعر وأحداث السيرة الذاتية للشاعر ، وتوصلنا إلى أن الشاعر يكتب قصيدة الذات ، التي تكشف عن بنائه النفسي وتاريخه الشخصي والعائلي وكأنه يكتب سيرته الذاتية.

    الهوامش

    · القرآن الكريم

    1- حسين عبد القادر: الشخصية التاريخية في السينما . مجلة القاهرة . عدد 149. الهيئة المصرية العامة للكتاب .1995.

    2- سيد أحمد عثمان : الذاتية الناضجة "مقالات في ما وراء المنهج" ، مكتبة الأنجلو المصرية, القاهرة، 2000.

    3- خالد محمد عبد الغني : الأريكة وليس السرير والدراسة النفسية للأدب [ تعقيبا على مقالات عيسى الشيخ حسن ] "جريدة الشرق القطرية ، بتاريخ ،9/6/ 2006.

    4- محمد صابر عبيد : قصيدة العائلة وسردية الذات الشاعرة . تحت النشر.

    5- ماجد قاروط:المعذب في الشعر العربي الحديث في سوريا ولبنان .منشورات اتحاد الكتاب العرب ،دمشق. 1999.

    6- عيسى الشيخ حسن : أناشيد مبللة بالحزن . منشورات جائزة عبد الوهاب البياتي .دار الجندي ، دمشق .1998.

    7- إبراهيم اليوسف: مقال في جريدة السفير السورية دمشق.

    8- سيجموند فرويد : تفسير الأحلام . ترجمة مصطفى صفوان، القاهرة ،دار المعارف ،1998.

    9- صلاح مخيمر : أحلام لا تحقق رغبة .القاهرة . مكتبة الأنجلو المصرية ،1975.

    10- نجيب محفوظ : ملحمة الحرافيش . مكتبة مصر . القاهرة .1977.

    11- خالد محمد عبد الغني: تاريخ عاشور الناجي هو تاريخه : [ هل كانت الحرافيش سيرة محفوظ الذاتية ] .القاهرة .جريدة أخبار الأدب .عدد 700 بتاريخ 10/12/2006.

    12- سامية القطان: كيف تقوم بالدراسة الإكلينيكية . ج 2 ، القاهرة. مكتبة الأنجلو المصرية ، 1983.

    13- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    14- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    15- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    16- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    17- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    18- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    19- لجنة التحكيم : أناشيد مبللة بالحزن لعيسى الشيخ حسن : منشورات جائزة عبد الوهاب البياتي .دار الجندي ، دمشق .1998.

    20- علي البطل :الرمز الأسطوري في شعر بدر شاكر السياب ،الكويت . دار الربيعان . 1982.

    21- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    22- حسين عبد القادر وآخرون : موسوعة علم النفس والتحليل النفسي . القاهرة . دار سعاد الصباح . 1993.

    23- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    24- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    25- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    26- مصطفى زيور : في النفس :بحوث مجمعة في التحليل النفسي .بيروت . دار النهضة العربية .1986.

    27- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    28- عيسى الشيخ حسن : يا جبال أوبي معه . منشورات جائزة الشارقة للإبداع الشعري . الشارقة .2002.

    29- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    30- صلاح عبد الصبور : مأساة الحلاج . القاهرة . الهيئة المصرية العامة للكتاب . 1996.

    31- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    32- عيسى الشيخ حسن : مرجع سابق .1998.

    33- فيصل صالح القصيري : تشظّيات الحزن الشعري بين الإيقاع والدلالة . تحت النشر .

    34- يوسف حسن نوفل : صلاح عبد الصبور والرمز اللوني .الهيئة المصرية العامة للكتاب،طبعة دمشق.

    35- Schaie,K.W : On The Relation Of Color And Personality . Journal of Projective Techniques & Personality Assessment. 1966, Vol. (30), No. (6), P.P. (512-521).

    * اح

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08, 2024 7:26 pm