[center]وللأسماء ـ أو لبعضها ـ كما رأينا معانٍ معضدة للدلالات النصية : فعلاوة على ما رأينا في اسم السارد / قارا ، وعلاقته بالدلالتين الأوديبية والسيزفية ، وكذا دلالته هو بلاغيا ، نلاحظ أن اسم شيخ العبيد يمكن أن يقرأ على صيغة اسم المفعول لِما وقع عليه ـ مُعَطَّلٌ ـ ليدل على حاله بعد الفشل في الثورة .
والابن / الرئيس هو " ولد معطل " أي ولد معطِّل ، إذ هو اسم فاعل للتعطيل لحقوق الوالد والشعب / السلف والخلف ؛ أما اسمه الفعلي " تنقل " بتخفيف القاف ، فهو وإن كان مصدرا دالا على عدم الاستقرار ، إلا أنه أيضاً في اللهجة الحسانية جمع يدل مفرده على صغار النخيل التي تغرس لتثمر بعد سنين . واستنادا إلى منطق الرواية وما نعتته به ، فإنه غرس خبيث لن يثمر إلا نكدا وحشفا باليا .
لقد حقق الوصف الشعري في النص إضافة إلى ما ذكرنا وظيفتين أخريين ، إحداهما تزيينية Decorative عند وصف الطبيعة والجزئيات ، تعضدها ثانية هي التبئيرية Focalisatrice وذلك عند تركيز الوصف على بعض المشاهد العجائبية الأسطورية ، الخيالية العلمية ، لدمج القارئ فيها ، ليحس بها وبمفعولَيْها : أثرِها والسارِد الواقع عليه فعلها .
خامساً : اللغة الموسيقية :
قلنا في البداية إن هذه الرواية توظف العديد من فنيات اللغة والسرد السينمائيين ، وهو أمر ظاهر في فنيات الوصف واللغة من جهة ، والحضور البيِّن لأنواع من الفنيات السينمائية ، خاصة السريالية والخيالية العلمية .
وإذا كانت الرواية فيلما خياليا أسطوريا عجائبيا ، فإن أي مخرج سينمائي ، لا بدّ له من لغة موسيقية ، تشترك في التعبير وصنع الدلالة وإحداث الإثارة والتوتر في اللحظات المناسبة .
وقد وفق الكاتب لاختيار الموسيقى الملائمة لنصه ، هذا النص الزمني بامتياز ، والذي لا يتولى الحوار فيه الأشخاص غالبا ، بل اللغات والنصوص الموظفة كما رأينا .
إن هذا النمط من النصوص فعلا يستجيب ـ في فنيات السرد السينمائي ـ للموسيقى الكلاسيكية ، لأنها موسيقى تعوض بلغتها ومجازاتها الضمنية المحذوف من التعبير ، عن طريق ما يوحي به إيقاعها ولحنها وتركيبها وتوزيعها ... إلخ ، ولقد شكلت الموسيقى الموريتانية بمقاماتها الثلاثة الكبرى ـ كما سنرى ـ الإطار الحاضن لهذه الرواية .
وقبل أن نتطرق إلى الإطار الموسيقي الحاضن للنص ، نشير إلى أن هذا التوظيف كان له دور مهم في لفت انتباه القارئ إلى خصوصية هذه الرواية التي تستدعي من المتعامل معها أولاً النظر والاستماع معا ، أي توظيف ثقافتي الأذن والعين ؛ وثانيا الانتباه إلى دلالة الزمن ومفاهيمه وصور وصفه .
الرواية تبدأ من زمن سحيق ـ ق 5 هـ ـ على غرار اللقطة الاسترجاعية Flachback ثم تعْبُرُ إلى العصر الحديث ـ ق 20 م ـ ثم تقفز إلى زمن مستقبلي ـ 2055 ـ يتجاوز زمن الكتابة ، وبعض أزمنة القراءة ، ومنها الحالية ، وكذا المستقبلية القربية . هذا فضلا عن أنها شهادة من " عالم ما بعد الموت " .
هذه البنية الزمنية العجائبية الأسطورية كان لا بدّ لها من إطار موسيقي يتفاعل مع حركتها ، ويثريها دلاليا ، إذ " الزمان هو لب الإيقاع الموسيقي ، بل إن الإيقاع الموسيقي ربما كان أقوى عناصر الفنون كلها تعبيرا عن الزمان . والواقع أننا حين نعرِّف الإيقاع بأنه تنظيم للحركة خلال الزمان ، إنما نعني بذلك أن الإيقاع يقوم بإدخال تنظيم معين على ذلك السيل المتدفق من الحركة الزمانية ، بحيث نشعر في الإيقاع بأننا نتحكم على نحو ما في مجرى الزمان وننظمه ، بدلا من أن ننساب معه دون وعي "[130] . فإحساس القارئ به ـ الزمن ـ فيها يكون عميقا ، إذ ليس الإيقاع في بعض تعريفاته سوى " مجموع اللحظات الزمانية " ، يضاف إلى ذلك نقطة أخرى خليقة بالملاحظة ، وهي أن طبيعة التعامل مع الموسيقى تأليفا وتذوقا وسماعا لها ارتباط وثيق بالزمن الذي نحن فيه ، أو بتعبير أدق بالظروف المحيطة بنا ، والتي نتواجد فيها ، مثلما أن لها علاقة بالعمر والتكوين والمستويات الاجتماعية الطبيعية وكذا المعرفية الثقافية ... كلّ ذلك ثبت بالتجربة أثره وفعله ، من هنا " تظل الموسيقى هي الفن الزماني بالمعنى الصحيح "[131] ، وهي في تعبيرها عن الزمان والحركة والمكان ... والألم والحب والعنف والرقة والنجاح والفشل والتقلب والاستقرار والخوف والغربة والحنين والألم واليأس ... وغير ذلك من المشاعر في تعبيرها عن ذلك كله " لا تخرج عن حدود المجاز "[132] .
هذا المجاز الموسيقي يمكن إدراكه من مكونات اللغة الموسيقية ومن " الفكر الكامن وراء العمل الفني " ؛ ومن المعاني المستجدة في الأصوات الموسيقية " فالأصوات في الموسيقى تقابل الكلمات في اللغة ... وإذا كانت الكلمة هي التي تحمل المعنى والفكر ، وهي وسيلة تناقله بين البشر ، فإن الأصوات ـ أي الموسيقى ـ تشارك اللغة في نفس الصفات الفكرية عن طريق مفرداتها اللغوية ، أو الصوتية السمعية ، فالجملة في الأدب والشعر تقابلها الجملة الموسيقية المكونة أيضاً من عرض لفكرة تطرح للبحث والتفنيذ والتفاعل "[133] .
إن الأفكار الموسيقية هي كغيرها من الأفكار الفنية المكتوبة عيانا منها البليغ المعبر ، ومنها المشوش[134] والغامض ، ومنها الثري بأفكاره الموسيقية الداخلية المنظمة في " قوالبه "[135] الحاملة للخصوصيات الذوقية ، المعنوية ، الاجتماعية لبيئة اللحن ومتذوقيه ، وأيضا لخصوصية الكاتب الموسيقي ذاته ، فلكل مبدع أسلوبه الخاص الذي يميزه ، حيث " إن للموسيقى مضمونا تعبيريا وآخر ذهنيا ممتزجين لا يمكن التفرقة بينهما ، أو فصل أحدهما عن الآخر ؛ ويأتي التعبير عنهما من فكرة موسيقية ... والأفكار الموسيقية شخصية ، وهذا هو مصدر اختلاف الأساليب عند المؤلفين "[136] ، وحتى عند الموسيقيين الكبار الذين يعيدون أحيانا عزف نفس اللحن / الفكرة ، إذ لكل منهم أسلوبه الخاص الذي يسمى في لغة الموسيقى : أسلوبا Style في حالة الإنشاء ، وتأويلا Interpretation في حالة إعادة إبداع الفكرة تلحينا .
ولا غرو إن اختلفت التأويلات باختلاف القراء والظروف المحيطة بهم ، وقدراتهم المعرفية التي يؤولون بها ، فلقد قلنا : " إننا لا نؤول إلا ما نعرف ". ولئن كانت هذه الأفكار التي سقنا حول لغة الموسيقى صادقة بدرجة كبيرة على الموسيقى " الكتابية " ، كما هو الحال في الموسيقى الحديثة والمعاصرة شرقا وغربا ، فإنها أيضاً تصدق على الموسيقى الموريتانية " الشفاهية " صدقا نسبيا ، وذلك من حيث الدلالة والإطار والأسلوب والتنويع والاختلاف .
إن الموسيقى الموريتانية هي موسيقى بالغة الخصوصية كالإنسان الموريتاني ذاته. إذ هي مزيج من الألحان العربية والبربرية والأفريقية تفاعلت عبر الزمن حتى استقرت على هذا النحو الذي هي عليه الآن ، لذلك فهي أصدق تعبير عن تاريخ هذا الإنسان ، وعن مدى التفاعل والانسجام بين أنسجته المختلفة اختلاف ألوان العين ، التي لا تتم كفاءتها وإنجازها إلا بسلامة بياضها وسوادها .
وتتميز الموسيقى الموريتانية بخصائص بنيوية تحدد تصنيفها أولاً وتحد من تداوليتها ثانياً ، فعلى المستوى الأول : هي موسيقى شعبية محلية إلى حدّ بعيد ، ثابتة الأنساق والقوالب تقريبا ، ذات طرق / جوانب ثلاث لا تخرج عنها ، و في كلّ من تلك الطرق تنويعات نغمية معينة .
تعزف هذه الموسيقى على آلتين : إحداهما ذكرية خاصة بالرجال تسمى " تِيدينيت " لها أربعة أوتار فقط ، والثانية أنثوية تسمى " آردين " . ثم هي موسيقى أسرية ، أي أنها متوارثة داخل أسر محددة في المجتمع الموريتاني ، يندر أن تجد من هم من خارج تلك الأسر يحترفون الفن الموسيقي ، وهذا ما منحها قالبا يكاد يكون ثابتا على مرّ تاريخها لا تخرج عنه إلا بمقدار .
أما على المستوى الثاني : وهو مترتب على الأول ، فإننا نجد أن تذوقها خاص جدا وبالغ المحلية . إذ يندر جدا أن تجد من غير الموريتانيين مَن يتذوقها بإدراك فنياتها ، حتى إن الموريتانيين أنفسهم يتباينون ويتفاوتون في تذوقها وإدراك جمالياتها تبعا للسن أولاً ، وتبعا للجهة الوطنية والأسرية التي ينتمي إليها اللحن ثانياً .
وهذا ما جعل البعض يعتبرها " فلكلورا " ، ويصر بالتالي على ضرورة تطويرها وكتابتها وتلوينها بفنيات الموسيقى المعاصرة الشرقية أساسا ، مع الاحتفاظ طبعا بقيمها التوثيقية التاريخية ومضامينها الاجتماعية . فهذه الموسيقى ذات طابع شفوي متأصل في جذورها ، ولكل من تنويعاتها المقامية قصة تاريخية ترتبط بنشأته ، التي غالبا ما كانت ذات علاقة بأصحاب السلاح والحرب في المجتمع الموريتاني القديم .
والرواية في استلهامها لهذه الموسيقى تركز على الاستفادة من دلالة التسمية من جهة ، وما تثيره في الذاكرة الجمعية للقارئ الموريتاني من جهة أخرى ، ونحن نعرف العلاقة الوثيقة بين الموسيقى " والذاكرة "[137] سواء على المستوى الإبداعي أو التذوق أو التأويل .
الجزء من الأول من الرواية حمل اسم " برج السوداء " ، وقد عدل الكاتب عن تسميته " بالطريق أو الجانبة " ـ وهما الاسمان المحلِّيان للمقام ـ إلى "البرج" ، ربما لما يثيره هذا الاسم من أجواء وظلال أسطورية عجائبية خارقة غير غريبة على لغة الرواية ومنطق أحداثها ، هذا علاوة على أن " البرج " هو نفسه طريق في الفضاء ، وجانب كبير من جوانبه .
وتتميز " الطريق السوداء " في الموسيقى الموريتانية بكثافة ألحانها وشدة أنغامها النابعة من وضع أوتار الآلة ـ الذكرية ـ لأنها تكون في غاية الشد ، لذلك توحي هذه الطريق بالحزن والألم ، وهي معانٍ لا نعدمها في هذا الجزء الأول المفعم بالسوداوية والظلم الواقعين على السارد ،وكذا الشد لأوتار نفسه الموتورة ، فضلا عن عنقه ويديه ورجليه أحيانا .
أما الجزء الثاني فقد حمل اسم " برج البيضاء " وهي الطريق الثانية في السلم الموسيقي الموريتاني ، وتوحي ألحانها بدلالات الرخاء والفرح والبساطة والانسجام ، وتتميز أوتار الآلات فيها بالارتخاء واللين .
لكن إذا كان السارد / الشاهد قد سخط على قدره ، واعتبر هذه المرحلة أعتى من السابقة عند قوله عن نفسه " شخص يقطع تسعة قرون والمجدبة الكبرى كاملة يبحث عن الخير ، ثم ينتهي به المطاف نزيلا في بؤرة الظلم !! إنني أصاب بالغثيان[138] والتقزز ... إلى أي حقبة زمنية بعثتني أيها الخضير ؟ "[139] ، فأين مصدر البياض إذن ؟؟! .
ربما كان مصدره بصيص الأمل الذي تراءى له عندما أنقذه الخضير وعبر به إلى زمن آخر يَخالُ فيه النجاة .
وربما كان بياضها من بياض الباحث الأثري الفرنسي ، الذي هيمن على هذا الجزء ، خصوصا وأن ذكر المقامات الموسيقية " للطريق البيضاء " قد ورد على لسانه خلال عرض السارد لمذكرات هذا الباحث الأجنبي ، والتي كان كتبها حول عشيقته " فالة " "... الفنانون كانوا يطيبون آلاتهم في " كَرْ " مقام الشباب والاستمتاع والفرح ، الذي يفتح السلم الموسيقي " البيظاني " ، كانت الألحان والنغمات المندمجة معها تعبر عن قسوة في لين ، هي من خصائص مداخل " الطريق البيضاء "[140] ، وإذاً فالبياض ودلالاته من جذل وسرور وأمل ، لم ينقل إلا من وجهة نظر الأجنبي ، لأنه هو الذي يحس به ، أما السارد فمحكوم عليه بالعذاب الأبدي ، حتى لا يرى من الجوانب الحيوانية عموما والإنسانية خصوصا إلا أظلمها وأعتاها . من هنا يمكننا القول إن وصف الرواية هذا الجزء بأنه " طريق بيضاء " هو نوع من زيادة الإغراب للإحساس بالسوداوية الحقيقية ، وذلك على طريق مفهوم " التغريب " البريختي[141] .
هذا في حين حمل الجزء الثالث والأخير من الرواية اسم " برج التبانة " ، ومن أسماء المقامات الستة المطلقة على أجزائه السردية نكتشف أنها مستلهمة من الطريق الثالث في سلم الموسيقى الموريتانية ، وهي المسماة محليا " الطريق العاقر " أي العقيم ، وسميت كذلك لاختلاطها وتنافر ألحانها .
وتحكي الأساطير المحلية الحافة بنشأة هذا الفن ، أن أول من عزف ألحان هذه " الطريق " هو " غول جني " لذا جاءت غير دالة على معنى محدد أو إحساس شعوري معين .
ولقد كان التعبير عن هذا الجزء " بالطريق العاقر " أي العقيم بالغ الدلالة ، فهو وإن كان أقصر الأجزاء كمّاً ـ 51 صفحة ـ وأقصرها زمن عبور ـ لأنه عبر في الأول تسعة قرون ، أما هنا فلم يعبر سوى 140 سنة فقط ، بدليل الإشارة إلى " وجبة الأحد 20 ديسمبر 2045 م "[142] ـ رغم ذلك كله فإن هذا الجزء كان الأكثر سوداوية وتشاؤما وتصريحا ، هذا علاوة على أنه الطريق الوحيد الذي صادفْنا فيه لأول مرة ذكراً لعنوان الرواية على لسان السجين " انمادي "[143] قائلا عن نفسه للسارد " أنا قادم من العاصمة مدينة الرياح ، حكموا عليّ بالأعمال الشاقة ، أدانوني بتهمة مناصرة البيئيين "[144] .
في هذه الطريق العاقر/العقيم ينتهي المطاف بالسارد في محطة كاد يفقد عقله لهول ما رأى فيها من ظلم وضلال ، لذا نراه يلوذ بمنقذه العجيب " الخضير .. الخضير في أي كارثة أوقعتني !؟ أخرجني من هنا ، أنت تعرف تماما أني مسافر في اللازمن أبحث عن بشرية أفضل ، وتعرف أن هذه الأمة هي شر الأمم .. لا تتخل عني هنا "[145] .
هنا تصرح الرواية على لسان الخضير بالمصير المظلم المحتوم الذي ينتظره وينتظر الأرض والإنسانية ، وهو المصير الذي سارت الرواية عبر الطرق الأسلوبية والموسيقية كلها إلى قوله في كلّ مرة بنغم مختلف " ... لم يبق عندك مفر .. أنت مرغم على أن تعيش في أمتك .. على كلّ ، إن هذا الذي تشاهده هو الوجه الأخير للأرض .. لو واصلت السير في المستقبل فإنك ستجد الأرض وقد أصبحت كومة رماد ، والشمس قد انطفأت "[146] .
حتى " فالة " هي الأخرى شاعرة بالوضع الذي يهدد الأرض والناس ، عند قولها للسارد / الشاهد : " نحن تحدق بنا الكوارث الرهيبة ، ولا نبذل الجهد اللازم لتفاديها ، أرضنا اليوم عالم في سكرات الموت ، لم تعد الحياة قادرة على الصمود أمام ظلم وجهالة بني آدم ، لن تستمر الحياة مع التلوث الكيميائي والنووي .. مع التصحر ، والتضخم السكاني والنقص في المياه والأغذية .. بنو آدم هم المسؤولون عن الكوارث الأرضية .. هم الذين دمروا المحيط الطبيعي بطريقة عمياء وغير معقلنة من أجل تحقيق أرباح زائفة وقصيرة الأمد ، ومن أجل إرضاء نزوات سخيفة .. المسؤولون الحقيقيون عن هذا الوضع هاجروا عن الأرض وتركونا في جحيم هم الذين أوقدوه . كنت متفهما لأسباب تشاؤمها وإحباطها "[147] .
يمكننا القول هنا إن هذا اللحن الجنائزي الذي أنهت به الرواية عزفها الكلاسيكي الحزين أصلا ، هو تأكيد على انسداد الأفاق والمأساوية والعقر / العقم في الطريق التي يسلكها الإنسان راهنا ومستقبلا ، جراء إطلاق العنان للتقنية السلبية وتدمير الوسط الطبيعي ... إلخ .
انطلاقا من هذا نستطيع أن نستنتج : أن الرواية انطلقت من الخاص ـ قضايا وإشكالات مدينة الرياح وسكانها ـ ، لكنها عندما انسدت في وجه بطلها الطرق البيض والسود والمختلطة ، عرجت على العام فجعلت القضية الكونية مشغلها ، مستعينة ـ في الإقناع بنتائجها ـ بالتقنيات الوصفية للخيال العلمي ، الممزوج بالأساليب المشار إليها سلفا .
وبالتالي يمكننا القول إن الرواية ببساطة : هي رؤية استشرافية للمستقبل ، وتحذيرية في نفس الوقت من مخاطره وويلاته ، لكنها للأسف لا تضيء في نهاية أي من طرقها / أبراجها الثلاثة أي بصيص للأمل ، ولا يتراءى أي نجم حائر قد يُهتدى به . وهذا في الحقيقة أكبر نقد يمكن أن يوجه إلى نص سردي معاصر توسل بلغات وأساليب عدة لخدمة جملة من القضايا الخاصة والعامة ، لكنه ظل مستسلما للنتائج التي كان رسمها للنهاية ـ والمهيمنة على مخياله ـ قبل الشروع في الكتابة وبعد الانتهاء منها .
إن التنظير لفكر الأمل المحفِّز ـ لا الأمل المغرر الحالم ـ هو أمر ينبغي أن لا يتخلى عنه أي امرئ حتى في أحلك الظروف وأعسر الأوقات ، إذ به يستنفر الكائن طاقات جبارة فيه ، لم يكن يحسب أنه بها قد يصل إلى مرامه ، أو على الأقل يخرج إلى آفاق ذلك المنشود .
إن الرواية العربية الموريتانية المعاصرة ما تزال في طور التكون ، فهذا النص كما قلنا هو من الناحية السردية الحديثة الجادة ، ثالث نص بعد الأسماء المتغيرة والقبر المجهول ، لذا فإن القارئ الموريتاني المشرئب إلى آفاق هذا الفن ينتظر منه الكثير ، فلا ينبغي إذن أن تكون بدايات هذا السرد انهزامية ، تشاؤمية ، كلّ طرقها تؤدي إلى مسارب مظلمة مغلقة ، لا أمل فيها .
كما أن المداخل السردية التي وظفها الكاتب تعد مداخل تتيح للكاتب إمكانيات تعبيرية وأخرى فنية رائعة في رسم فضائه وتنويع المضامين الإشكالية لشخصياته التي ينبغي أن لا تكون مستسلمة ، بل ذات رؤية موضوعية ناقدة غير ناقِضَة ، بانِية غير مفكِّكَة تفكيكا عبثيا ، الهدف منه رمي الموجود دون تقديم البديل .
ثم إن الإسراف في توظيف المداخل الحديثة التي ما تزال فنياتها غير متكاملة ، وصوغها للدلالة مرتبطا بأمور تظل مراجعها غير معروفة للقارئ العربي عامة والموريتاني خاصة ، يعد أمراً غير مشجع لعملية التواصل الفنية ، إذ يعوقها ويشوش دلالاتها ، فيصير الكاتب كما لو كان يكتب لنفسه أو لزمرة أخرى ضيقة غير معنية برسالته .
إن الفرد الموريتاني بطبيعته تكوينه وطينته العربية الافريقية الخاصة وتاريخه الوسيط والحديث ، ووسطه الصحراوي البدوي ، الذي استطاع بالعزم وقوة الإصرار تحويله إلى وسط عالِم[148] Milieu savant ، متحديا بذلك مقولات علم الاجتماع الثقافي القائلة بصعوبة إنتاج المعرفة في الوسط الصحراوي غير المستقر ؛ هذا فضلا عن حداثة عهده بالدولة بمفهومها الحديث المعاصر ، وبمؤسساتها ونظمها ، وحتى بشخصيتها ولبوسها .
هذا الإنسان الموريتاني في حاجة إلى الأمل الواقعي والدفع إلى الأمام دفعاً مؤسسا على منطق الراهن وشروط المستقبل .
لقد كان بإمكان الكاتب أن يوظف ثقافته الهائلة في خلق شخصيات إشكالية تنتقد وتقدم البديل ، وأن يرسم رؤية للممكن بعد موضوعيةِ تشخيصِ الكائن ، لا أن تكون " رائعته اللغوية " هذه نفثة مصدور برياح المدينة أو " سكرة رجل من البرزخ 2055م "[149] ، يهدف من خلالها إلى التدليل على سكرات مجتمع يحتضر ، كان هو ـ الكاتب ـ قد أعلن تاريخ وفاته اللاحقة سلفا .
ورغم الإمكانات التي يتيحها لنا " التحليل الفرويدي النفسي للرواية "[150] ، إلا أننا رغبنا عن الاعتماد عليها فرارا إلى الموضوعية ، وغبة عما قد تفتحه لنا تلك الآليات التأويلية من دلالات حول طفولة الكاتب وتجليه في شخصياته ... وغير ذلك من علاقات نصية نفسية ستبعدنا حتما عن موضوعية النقد الدلالي ، وهي موضوعية تظل حتما نسبيةٌ ، كما هو الحال في العلوم الإنسانية كلها .
فهرس المراجع :
1- أنطوني لوثربي : اللغة الأسطورية – ترجمة : منير كروان – مؤسسة عين للنشر – القاهرة 1997
2- أومبرتو إيكو : المؤلف ومفسروه – ترجمة : ياسر شعبان – دار سندباد للنشر والتوزيع – ط1- 2001 – ( مكان النشر غير مذكور )
3- برتراند راسل : حكمة الغرب – ترجمة فؤاد زكريا – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – فبراير 1983
4- بن سالم حميش : في إشكالية الهوية المزدوجة – الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية (نموذجا) – مجلة فصول – القاهرة ، عدد ربيع 1998
5- بيتر تايلور و كولن فلنت : الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر – الاقتصاد العالمي ، الدولة القومية ، المحليات – ترجمة : عبد السلام رضوان و إسحاق عبيد – سلسلة عالم المعرفة – الكويت ، عدد يوليو 2002
6- بيتر نيكوللز : السينما الخيالية – ترجمة : مدحت محفوظ – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1993
7- تودوروف (ت) : مدخل إلى الأدب العجائبي – ترجمة : الصديق بوعلام – دار شرقيات – القاهرة 1994
8- جابر عصفور : قراءة التراث النقدي – مؤسسة عين للنشر- القاهرة 1994
9- جان كوهين : بنية اللغة الشعرية – ترجمة : محمد العمري – دار توبقال – المغرب 1986
10- جوزيف بوجر: فن الفرجة على الأفلام – ترجمة : وداد عبد الله – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1995
11- رامان سلدن : النظرية الأدبية المعاصرة – ترجمة : جابر عصفور- الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 1996
12- روبرت سكولز ( وآخرون ) : آفاق أدب الخيال العلمي – ترجمة : حسن حسين شكري – الهيئة لعامة للكتاب – القاهرة 1996
13- روبرت شولز : السيمياء والتأويل – ترجمة : سعيد الغانمي – المؤسسة العربية للدراسات – بيروت 1994
14- رولان بارت : أساطير – ترجمة : سيد عبد الخالق – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1995
15- رومان جاكوبسون : قضايا الشعرية – ترجمة : محمد الولي – دار توبقال – المغرب 1986
16- رؤوف وصفي : الكون والثقوب السوداء – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – عدد 17 – مايو 1979
17- سعيد بنكراد : النص الروائي : نحو سيميائيات للأيديولوجيا – دار الأمان – الرباط – المغرب 1996
18- سعيد يقطين : الرواية والتراث – من أجل وعي جديد بالتراث – المركز الثقافي العربي – المغرب 1992
19- سيد بحراوي : محتوى الشكل – مجلة فصول النقد – القاهرة – ربيع 1993
20- شاكر عبد الحميد : العملية الإبداعية في فن التصوير – سلسلة علم المعرفة – الكويت – عدد 109
21- شعيب حليفي : شعرية الرواية الفانتستيكية – المجلس الأعلى للثقافة – القاهرة 1997
22- صبري حافظ : القصة العربية والحداثة – مجلة إبداع – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – مارس 1991
23- عبد السلام بنعبد العالي : ثقافة الأذن والعين – دار توبقال – المغرب 1994
24- عبد الرزاق الزاهير : السرد الفيلمي : قراءة سيميائية – دار توبقال – المغرب 1994
25- عبد القادر قنيني : المرجع والدلالة في الفكر اللساني الحديث ، ( دراسات مترجمة ) – دار إفريقيا الشرق – المغرب 2000
26- علي أبو شادي : لغة السينما – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1996
27- عبد الملك مرتاض : في نظرية الرواية : بحث في تقنيات السرد – عالم المعرفة – الكويت – عدد 240 ديسمبر 1998
28- عبد العزيز حمودة : المرايا المقعرة – سلسلة عالم لمعرفة – الكويت – عدد272 – أغسطس 2001
29- عزيز الشوان : الموسيقى : تعبير نغمي ومنطق – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 1986
30- عزيز الشوان : الموسيقى للجميع – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1990
31- فاضل الأسود : السرد السينمائي – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1996
32- فيصل دراج : نظرية الرواية والرواية العربية – المركز الثقافي العربي- المغرب – 1999
33- فؤاد زكريا : مع الموسيقى – مكتبة مصر – طبعة جديدة - القاهرة (ب،ت)
34- مات روبير : رواية الأصول وأصول الرواية – ترجمة : وجيه أسعد – منشورات إتحاد الكتاب العرب – دمشق 1987
35- مدحت الجيار : مشكلة الحداثة في رواية الخيال العلمي – مجلة فصول النقد – القاهرة – عدد يوليو 1984
36- محمد فكري الجزار : العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1998
37- محمد العمري : الموازنات الصوتية في الرؤية البلاغية – دار إفريقيا الشرق – المغرب 2001
38- محمد غنيمي هلال : الأدب المقارن – دار العودة – بيروت – لبنان1987
39- محمد برادة : أسئلة الرواية ، أسئلة النقد – مطبعة النجاح الجديدة – المغرب – الرباط 1996
40- محمد عناني : معجم المصطلحات الأدبية الجديدة – الشركة المصرية العالمية – لونجمان – القاهرة 1996
41- محمد الماكري : الشكل والخطاب : مدخل لتحليل ظاهراهراتي – المركز الثقافي العربي – المغرب 1991
42- محمد عابد الجابري : التراث والحداثة : دراسات ومناقشات – المركز الثقافي العربي – المغرب 1991
43- محمد هليل : برنشتاين ولغة الموسيقى : بين نظرية الأصل المشترك وعلم النحو التحويلي – مجلة عالم الفكر – الكويت – عدد يوليو 1998
44- محمد سالم ولد محمد الأمين : حجاجية التأويل – مركز البحوث والدراسات – زاوية الدهماني – طرابلس – يناير 2005
45- ميخائيل باختين : شعرية ديستويفسكي – ترجمة : جميل نصيف التكريتي- دار توبقال – المغرب 1986
46- ميشيل زيرافا : الأسطورة والرواية – ترجمة : صبحي حديدي – دار الحوار – سوريا 1985
47- والتر أونج : الشفاهية والكتابية – ترجمة : حسن البنا عز الدين – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – عدد 182
48- والاس مارتن : نظريات السرد الحديثة – ترجمة : حياة جاسم محمد – منشورات المجلس الأعلى للثقافة – القاهرة 1998
49- يوسف السيسي : دعوة إلى الموسيقى – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – عدد46 ، أكتوبر 1981
المراجع الأجنبية :
1- Bakhtine.M: Esthetique et theorie du roman – Paris – ED: Gallimard 1978
2- Bakhtine.M: Le marxisme et la philosophie du langage – Paris – ED: De Minuit 1977
3- Durand.G: Structures anthropologiques de l imaginaire – ED:Dunod Bordas – France 1984
4- Finne.J: La litterature fantastique : essais sur l organisation surnaturelle – Universite de Bruxelles 1980
5- Gadamer.H: Truth & method – an English translation- by : Carret barden & John cumming – New York 1975
6- Mariana Tutescu : Precis de semantique francaise – Paris – ED: Klincksieck – 1975
7 -Read.H: The meaning of the art – London – Penguin Books 1963
[1] ـ Mariana Tutescu : Precis de semantique francaise – Paris – Klincksieck 1975-P:15
[2] - المرجع والدلالة في الفكر اللساني الحديث : ( مجموعة دراسات ) : ترجمة : عبد القادر قنيني – دار إفريقيا الشرق – المغرب – ط1 2000 – ص : 23
[3] - Bakhtin (M) : Le marxisme et la philosophie du langage – Paris – ED de minuit – 1977 – P : 123 – 129
[4] - Bakhtine(M): Esthetique et theorie du roman –ED:Galimard1978-P:441-449
[5] - يميز بارط بين الأثر والنص على اعتبار أن الأثر ذو مظهر تقليدي تاريخي توثيقي بين العلاقة بين الأصل والشكل الحالي ، أي أن ملامح المحاكاة والتقليد فيه بينة . أما النص فهو بناء جديد معاصر متحرر يعارض – بالمعنى الشعري – أسلافه النصية محاولا استيعاب خصائصها والظهور بشكل جديد مغاير يكثف الدلالة ويخلق الاختلاف، أي أنه يحاول تجاوز أسلافه وروافده النصية من أجل التفوق الفني .
[6] - عبد الملك مرتاض : في نظرية الرواية – بحث في تقنيات السرد – عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 240 – 1998- ديسمبر – ص : 55 ( بتصرف ).
[7] - يعرف عبد الملك مرتاض المناجاة بأنها خطاب مضمن داخل خطاب آخر يتسم حتما بالسردية : الأول جواني والثاني براني ، ولكنهما يندمجان معا اندماجا تاما لإضافة بعد حدثي أو سردي أو نفسي إلى الخطاب الروائي . راجع : في نظرية الرواية ( م ، س ) – ص : 137
[8] - سعيد بنكراد : النص السردي ، نحو سيميائيات للأيديولوجيا – دار الأمان – الرباط 1996-ص:56
[9] - ميخائيل باختين : الخطاب الروئي – ترجمة : محمد برادة - ص : 17
[10] - المقصود هنا هو دراسة تشكلات اللغة الفنية بوصفها دليلا على تنوع تمظهرات الواقع ، أي أن الشكل المقصود هنا هو شكل اللغة الحوارية الذي ينعكس على البنية الخارجية للنص . وليس قصدنا هنا الاهتمام بالأشكال الصورية ودلالاتها من خلال توزعها على بياض المكتوب ، فهذا مجال آخر اهتمت به مدارس معينة كالجشطالت وسيميوطيقا بيرس في دراساته للمجال البصري –
راجع : محمد الماكري : الشكل والخطاب – مدخل لتحليل ظاهراتي – المركز الثقافي العربي-المغرب1999-الباب الأول .
[11] - سيد بحراوي : محتوى الشكل – مجلة فصول النقد – الهيئة المصرية للكتاب – القاهرة –ربيع 1993- ص:208
[12] - Zima (P): L indifference romanesque – Paris1982- P:28-29
[13] - راجع لتوسيع هذه الفكرة : صبري حافظ : القصة العربية والحداثة – مجلة إبداع – القاهرة – مارس1991/ص:83
[14] ـ بالنظر إلى أهمية القارئ في النظرية السردية المعاصرة ، يميز النقاد بين أنواع من القراء : فثمة المسرود له وهو مصطلح أطلقه "برينس" على الشخص الذي يوجه إليه السرد ، فإن لم يكن شخصية فإنه هو القارئ الضمني نفسه. وثمة القارئ الضمني وهو فكرة تجريدية تستخدم في نظر " أيزر " لمناقشة أنواع البراعة التي يمتلكها القراء الحقيقيون ، وقد يسمي النقاد هذا الشخص ( من أجل التأكيد على أنواع البراعة ) القارئ المثالي أو الأعلى أو المعلم . وإذا كان هناك مخاطبون غير المؤلف الضمني فإن هذا الشخص يمكن أن ينقسم إلى : أ- القارئ النموذجي وهو مصطلح أطلقه " إيكو " على القارئ الذي تخطط صفاته المميزة بواسطة النص أو تستنتج منه ، وهذا دور شبه تخييلي يتوقع من القارئ أن يلعبه ؛ ويقابله مفهوم : جمهور السرد عند " رابينوفيتز " ، و المسرود له العام عند " لانسر " . ب- القارئ المؤلفي أو الصوري كما عند " جيبسون " : وهو شحص يشبه عادة الجمهور الواقعي الذي يخاطبه المؤلف الضمني ، وهو بخلاف القارئ النموذجي شخص يظل واعيا بأن التخييل تخييل ويقرأ في ضوء تلك المعرفة . راجع : والاس مارتن : نظريات السرد الحديثة – ترجمة : حياة جاسم محمد – منشورات المجلس الأعلى للثقافة – مصر – 1998 – ص : 205 / راجع أيضا للتوسع : أمبرتو إيكو : المؤلف ومفسروه – ترجمة : ياسر شعبان – دار سندباد للنشر – ط1، 2001 – ص : 99 – 103 .
[15] - والاس مارتن : ( م ، س ) – ص : 209
[16] - المرجع السابق - ص : 211
[17] - نفس المرجع - ص : 213
[18] - نفس المرجع – ص : 214
[19] - نفس المرجع – ص : 214
[20] - نفس المرجع – ص : 215 – 216 .
[21] - محمد برادة : أسئلة الرواية أسئلة النقد – مطبعة دار النجاح الجديدة – الرباط ، ط1 ، 1996-ص:71-81
[22] ـ " عبيد الرواية " مفهوم نحتناه من المفهوم النقدي القديم " عبيد الشعر " الذي كان يطلقه النقاد القدامى على شعراء الحوليات الذين دأبوا على تحبير وتحكيك أشعارهم وتنقيتها وسبكها حتى لا تخرج للسامعين إلا في أبهى صورها ، كزهير بن أبي سلمى .
[23] ـ راجع حول هذه الفكرة المراجع المحال إليها في مقال الأستاذ : ابن سالم حميش ، في إشكالية الهوية المزدوجة ، الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية نموذجا ، مجلة فصول ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، عدد ربيع 1998 ، ص 137 ـ 146 .
[24] ـ Gadamer (H) : Truth & method _ an English trans By : carret barden & john cumming _ new york 1975 P : 346 &365 .
[25] ـ محمد فكري الجزار : العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1998 ، ص 19 ـ 21 .
[26] ـ المقصود بـ : " اللانحوية " عدم تكافؤ التركيب اللغوي مع الناتج الدلالي عنه ، إذ يتسع هذا الناتج عن عناصر الحضور وعلاقاته ومن ثم عن حدود التركيب ، لتحمل علاقات الغياب بصورة أكثر فاعلية في تأسيس ذلك الناتج .
[27] ـ العنوان وسيميوطيقا الاتصال ( م . س ) ، ص : 40 ـ 41 .
[28] ـ مدينة الرياح ، الطبعة الأولى 1996 ، دار الآداب ، لبنان ، ص 7 .
[29] ـ الغلاوية منطقة في موريتانيا ، والمنكب البرزخي عبارة أطلقها العلامة الشيخ محمد المامي 1282هـ / 1865م . على بلاد شنقيط ، مورتيانيا حاليا .
[30] ـ مدينة الرياح ، ص 7 ـ 8 .
[31] ـ اللقطة هي جزء من الفيلم يبدأ من وقت دوران الكاميرا حتى تتوقف ، واللقطات أنواع عدة أهمها :
1 ) اللقطة البعيدة جدا : وهي لقطة تأسيسية ، تصور من مسافة بعيدة لتظهر مساحة كبيرة من الموقع المصور .
2 ) اللقطة البعيدة : وهي لقطعة عامة يظهر فيها الجسم المصور تحيط به تفاصيل المكان ، وهي أنسب لفن التمثيل الصامت ، لأنه من خلالها تلاحظ حركات الوجه والجسم الأساسية .
3 ) اللقطة المتوسطة : وهي تضم شخصا أو مجموعة أشخاص من الركبة حتى قمة الرأس ، وهي مهمة في الانتقال من اللقطات البعيدة إلى الكبيرة ، كما أنها مهمة في مواضع الحوار الكثير . = =
== 4 ) اللقطة الكبيرة : ويتم فيها التركيز على شيء صغير نسبيا كالوجه أو جزء من الحركة ، أو شيء محدد كالجمجة أو السكين أو الإبريق ، وذلك لإظهار القيمة الدلالية والفنية للمصوَّر .
5 ) لقطة كبيرة جدا : وتظهر تفاصيل صغيرة جدا للعين مثلا أو للأسنان أو لأحدى مناطق الجسم بهدف تكثيف التأثير وتركيزه .
6 ) لقطة ذات بعد بؤري عميق : وهي تنويع للقطة البعيدة وفيها ترى الأشياء بوضوح كامل ، سواء في مقدمة الكادر ـ الإطار ـ أو في عمقه وبمستوياته المختلفة ، وهي لقطة محببة عند المخرجين الواقعيين لأنه من الممكن من خلالها إعطاء تأثيرات متعددة ، راجع للاستزادة : علي أبو شادي ، لغة السينما ، الهيئة العلمية للكتاب ، القاهرة ، 1996 ، ص 19 ـ 51 .
[32] ـ الزوايا هي الأماكن التي يتم منها التصوير ، ومن خلالها يتجلى موقف المخرج تجاه موضوعه ، كما أنها تقرر الكثير من معنى الموضوع ودلالاته ، فالتصوير مثلا من الزاوية العالية يشعر المشاهد / القارئ بالإحساس بالتفوق على الشخصية ، أما الزاوية المنخفضة فتعطيه الإحساس بهيمنة الشخصية عليه والزوايا تصنف أما بحسب مكان آلة التصوير ، حيث ثمة خمس زوايا هي : الزاوية المرتفعة ؛ وزاوية مستوى النظر ؛ والزاوية المنخفضة ؛ والمائلة ؛ وزاوية عين الطائر .
أما من حيث التوظيف فثمة :
1 ) الزاوية الموضوعية : التي من خلالها يرى المشاهد الأحداث وكأنه في موقع الحدث ذاته ، ومن خلالها يتصرف الأشخاص كما لو لم تكن ثمة كاميراهات ولا عدسات ينظرون إليها .
2 ) الزاوية الذاتية : وهي التي ترينا إلى ماذا ، وكيف تنظر الشخصية ؟؟ وفيها تحل الكاميرا محل عيني إحدى الشخصيات ، فيرى عندئذ المشاهد ـ وكذا القارئ السردي ـ الأحداث وكأنه مشارك فيها ، ويكثر استخدام هذه الزاوية في مشاهد الرجوع إلى الماضي ، حيث تسرد الشخصية وقائع حدثت لها في الماضي ، كما هو الحال في شهادة الجمجمة / قارا في مدينة الرياح .
3 ) زوايا وجهة النظر : وهي التي تسجل الأحداث من وجهة نظر ممثل معين ، وتختلف عن السابقة بأن المشاهد هنا يرافق الشخصية ويرى من وجهة نظرها لا من رؤيتها البصرية ، وبها يندمج المتفرج فيما يدور حوله ؛ راجع للاستزادة ، لغة السينما ( م . س ) ص 51 ـ 54 .
[33] ـ راجع للاستزادة : عبد السلام بن عبد العالي، ثقافة الأذن والعين ، دار توباقال ، المغرب ، 1994
[34] ـ راجع لتوضيح ثنائية الشفاهية والكتابية ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد / 182 .
[35] ـ روبرت سكولز ( وآخرون ) ، آفاق أدب الخيال العلمي ، ترجمة : حسين حسين شكري ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1996 ، ص 132 .
[36] ـ مدينة الرياح ، ص 186 .
[37] ـ مدينة الرياح ، ص 150 ـ 153 .
[38] ـ عبد الرزاق الزاهد ، السرد الفلمي ـ قراءة سينمائية ـ دار توبقال ، المغرب ، ط1 ، 1994 ، ص 31 .
[39] ـ راجع : محمد عناني ، معجم المصطلحات الادبية والنقدية .
[40] ـ جوزيف بوجر ، فن الفرجة على الأفلام ، ترجمة : وداد عبد الله ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، بالقاهرة ، 1995 ، ص31 ؛ راجع أيضاً لتوسيع هذه الفكرة وفكرة إضفاء السينما على الواقع قوة تعبيرية جديدة لم تكن للموجودات في الواقع ، فاضل الأسود : السرد السينمائي ، الهيئة العامة للكتاب ، مصر ، 1996 ، ص112 ؛ لكن يجب أن لا يغيب عن بالنا أن السينمائي يظل تقنيا في حين إن السردي متعدد إنساني ، دائم الحضور ومتجدد .
[41] ـ مدينة الرياح ، ص 167 ـ 169 .
[42] ـ مدينة الرياح : تكثر الإشارات ذات الدلالات العبثية في الرواية ؛ راجع الصفحات : 25 ، 63 ، 94 ، 95 .
[43] ـ راجع : بيترنيكوللز : السينما الخيالية ، ترجمة : مدحت محفوظ ، الهيئة العامة للكتاب ، 1993 ، ص 40 ـ 41 .
[44] ـ مدينة الرياح ، ص 132 .
[45] ـ السينما الخيالية ( م . س ) ، ص 40 .
[46] ـ " العصر الذهبي " فيلم فرنسي يعتبره النقاد السينمائيون أول فلم سريالي طويل ، وقد ظهر هذا الفيلم سنة 1930 ، وهو من إخراج لوي بونويل ، وقد اشترك رسميا في كتابته الرسام السريالي : سلفادور دالي الأسباني ، راجع : السينما الخيالية ( م . س ) ص 461 .
[47] ـ السينما الخيالية ( م . س ) ص 41 .
[48] ـ يحضرني هنا تشبيه عميق لما يكل بيليج حين يشبه قداسة أرض الدولة بقداسة جسد الأم وحصانتها ، وبالتالي يكون " اغتصاب الأرض أسوأ ـ بما لا يقاس ـ من اغتصاب الأمهات الفعليات ، وموت أمة هو المأساة في اكتمالها ، وهو أبعد غورا وأبلغ خطرا من موت اللحم والدم " ؛ راجع : بيترتايلور ، وكولن فلنت : الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر ، الاقتصاد العالمي ، الدولة القومية ، المحليات ، ترجمة : عبد السلام رضوان ، وإسحاق عبيد ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 283 يوليو 2002 ، ص 67 ؛ وإن نحن نظرنا من زاوية أخرى أكثر قربا إلى مدينة الرياح وجدنا أن عمليتي البيع المدنستين : بيع الابن في البداية وبيع الرئيس في النهاية ، تتوازى معهما عمليتا اغتصاب شنيعتين : اغتصاب الأرض بوصفها أمّا مجازية ، واغتصاب " فالة " من قبل حفيدها بوصفها جدة حقيقة ؛ سرديا .
[49] ـ مدينة الرياح ، ص 76 .
[50] ـ آفاق أدب الخيال العلمي ( م . س ) ، ص 41 .
[51] ـ راجع لتوسيع هذه الفكرة : مدحت الجيار : مشكلة الحداثة في رواية الخيال العلمي ، مجلة فصول ، القاهرة ، عدد يوليو 1984 ، ص 181 .
[52] ـ راجع للمزيد حول هذه الفكرة :
Read (H) : The meaning of the art , London – penguin books – 1963 .
راجع أيضاً : شاكر عبد الحميد : العلمية الإبداعية في فن التصوير سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 109
[53] ـ الاختلاف Difference مصطلح في اللسانيات السوسيرية يدل على أن أهم سمة لغوية هي الاختلاف الذي ينسحب على المستويات الدلالية والنحوية والصوتية والصرفية وكذا المعجمية ؛ وقد نحت " دريدا " من هذا المصطلح مفهومه وتصوره المختلفين للاختلاف ، وتعميقا منه للتباين مع الأصل غير الشكل المعجمي للكلمة مكتفيا بإحالاتها الصوتية والدلالية التي تسلم هي الأخرى من النحوية ، فقام بكتابة مصطلحه هكذا Differance ، خارجا بذلك عن مواصفات اللغة الفرنسية ، كما شحنه بفكرة الإرجاء للتأكد على ضرورة السعي الأبدي خلف المعنى الذي لا يمكن الإحاطة به ولا محاصرته .
[54] ـ برتراندراسل : حكمة الغرب ، ترجمة : فؤاد زكريا ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، فبراير 1983 ، ص 263 .
[55] ـ مثل تودوروف في كتابه " مدخل إلى الأدب العجائبي " ترجمة : الصديق بوعلام ، دار شرقيات ، 1994 .
[56] ـ شعيب حليفي : شعرية الرواية الفانتاستيكية ، المجلس الأعلى للثقافة ، مصر ، القاهرة 1997 ، ص 58 .
[57] ـ مدخل إلى الأدب العجائبي ( م . س ) ، ص 7 .
[58] ـ مدخل إلى الأدب العجائبي ( م . س ) ، ص 8 .
[59] ـ مدينة الرياح ، ص81
[60] Finne (J) : la litterature fantastique : Essai sur l organisation surnaturelle – universite de bruxelles 1980 ,P : 50 -51
[61] ـ شعرية الرواية الفانتاستيكية ( م . س ) ، ص126 .
[62] ـ مفهوم التردد في نظر تودوروق من أبرز سمات الأدب العجائبي ، راجع مدخل إلى الأدب العجائبي ، ( م . س ) ، ص 18 ـ 20 .
[63] ـ محمد غنيمي هلال : الأدب المقارن ، دار العودة ، بيروت ، 1987 ، ص 406 .
[64] ـ راجع للتوسع في فهم هذا المفهوم الفلكي المهم كتاب : رؤوف وصفي ، الكون والثقوب السوداء ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 17 ، مايو 1979 .
[65] ـ راجع للتوسع في دلالات هذه المفاهيم ، محمد العمري : الموازنات الصوتية في الرؤية البلاغية ، دار أفريقيا الشرق ، الغرب ، ط1 ، 2001 ، ص 21 وما بعدها .
[66] ـ شعرية الرواية الفانتاستيكية ( م . س ) ، ص 130 .
[67] ـ شعرية الرواية الفانتاستيكية ( م . س ) ، ص 126 .
[68] ـ شعرية الرواية الفانتاستيكية ( م . س ) ، ص 133 .
[69] ـ مدخل إلى الأدب العجائبي ( م . س ) ، ص 88 .
[70] ـ مدخل إلى الأدب العجائبي ( م . س ) ، ص 91 .
[71] ـ راجع لتوسيع هذه الفكرة حول المظاهر الحجاجية للتأويل : كتابنا المعنون : حجاجية التأويل ، مطبوعات مركز البحوث والدراسات ، زاوية الدهماني ، طرابلس ، يناير 2005 ، المبحث الأول .
[72] ـ روبرت شولز : السينمياء والتأويل ، ترجمة سعيد الغنمي ، المؤسسة العربية للدراسات ، بيروت ، لبنان ، 1994 ، ص 113 .
[73] ـ مدنية الريح ، ص 125 .
[74] ـ مدينة الرياح ، ص 14 ـ 16 .
[75] ـ يسخر بعض النقاد الغربيين من النقاد الحداثيين الذين يميلون إلى الأغرب والمتعمقة ، والتشاؤم أحيانا ، ويعبرون عن هذه السخرية بالجناس الصوتي الشكلي في الإنجليزي Terrorist & Theorist وهو تشبيه تمثيلي له أبعـــاده الدلالـــية المفارقة بالمعنى النــقدي Ironique وليس المنطقي الفلسفي Paradoxal .
راجع : عبد العزيز حمودة : المرايا المقعرة ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 272 ، أغسطس 2001 ، ص 137 .
[76] ـ شعرية الرواية الفانتاستكية ( م . س ) ، ص 139 .
[77] ـ Durand ( Gilbert ) : structures anthropologigues de l imaginaire , ED : Dunod bordas france , 1984 , P: 60 – 64
[78] ـ ميشيل زايرافا : الأسطورة والرواية .
[79] ـ رولان بارت : أساطير ، ترجمة : سيد عبد الخالق ، الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة ، 1995 ، ص 55 و 68 .
[80] ـ مدينة الرياح ، ص 147 .
[81] ـ راجع للتوسع في هذه الفكرة ، فيصل دراج ، نظرية الرواية والرواية العربية ، نشر المركز الثقافي العربي ، 1999 ، ص 109 .
[82] ـ تتعدد الاتجاهات الرمزية في تأويل أسطورة أوديب ، فقد ذهب فرويد إلى أنها ترمز إلى رغبة الابن في امتلاك الأم والتخلص من الأب ـ كما هو الحال في نصنا ـ ، ويذهب ايريش إلى أنها رمز للصراع بين النظامين الأموي والأبوي ، بينما يرى يونغ أنها ترمز إلى الصراع الأخلاقي بين التراخي والواجب ، وهذه التأويلات المتعددة تؤكد انفتاح الأسطورة على الثقافات .
[83] ـ مدينة الرياح ، ص 74 .
[84] ـ مدينة الرياح ، ص 147 .
[85] ـ مدينة الرياح ، ص 61 .
[86] ـ مدينة الرياح ، ص 188 .
[87] ـ مدينة الرياح ، ص 188 .
[88] ـ مدينة الرياح ، ص 61 .
[89] ـ مدينة الرياح ، ص 151 .
[90] ـ مدينة الرياح ، ص 25 .
[91] ـ مدينة الرياح ، ص 94 .
[92] ـ مدينة الرياح ، ص 153 .
[93] ـ مدينة الرياح ، ص 19 .
[94] ـ مدينة الرياح ، ص 23 .
[95] ـ مدينة الرياح ، ص 23 .
[96] ـ مدينة الرياح ، ص 171 .
[97] ـ مدينة الرياح ، ص 84 .
[98] ـ مدينة الرياح ، ص 67 .
[99] ـ مدينة الرياح ، ص 67 .
[100] ـ مدينة الرياح ، ص 189 .
[101] ـ انطوني لوثربين : اللغة الأسطورية ، ترجمة : د. منير كروان ، ط1 ، 1997 ، مؤسسة عين للنشر ، القاهرة ، ص 43 .
[102] ـ جابر عصفور : قراءة التراث النقدي ، ط1 ، مؤسسة عين ، القاهرة ، ص 9 ـ 12 .
[103] ـ محمد عابد الجابري : التراث والحداثة ، دراسات ومناقشات ، المركز الثقافي العربي ، ط1 ، 1991 ، ص 45 ـ 47 .
[104] ـ الرواية والحداثة ( م . س ) ، ص 61 .
[105] ـ سعيد يقطين : الرواية والتراث ، من أجل وعي جديد بالتراث ، المركز الثقافي العربي ، المغرب ، 1992 ، ص 5 .
[106] ـ الرواية والحداثة ( م . س ) ، ص 5 .
[107] ـ أوداغست : مدينة أثرية تقع في الجنوب الشرقي الموريتاني ، كانت معقلا لحضارة افريقية بربرية عريقة .
[108] ـ المحظرة : اسم محلي باللهجة الحسانية يطلق على مدارس البادية التي تدرس مختلف العلوم اللغوية الشرعية ، وتكون المحظرة تحت زعامة شيخ ضليع في كلّ تلك العلوم ، يدرس الطلاب المتون حسب ترتيب تدرجي خاص .
[109] ـ مدينة الرياح ، ص 53 .
[110] ـ مدينة الرياح ، ص 53 .
[111] ـ مدينة الرياح ، ص 54 .
[112] ـ هو عبد الله بن ياسين ، أحد الزعماء الروحيين للمرابطين ، قدم من القيروان مع يحيى بن إبراهيم اللمتوني في قفوله من الحج ليعلم أبناء الصحراء العلم ، ومع الزمن تحلقت حولهما في الرباط الذي كانوا يقيمون حركة المرابطين .
[113] ـ مدينة الرياح ، ص 55 .
[114] ـ مدينة الرياح ، ص 57 .
[115] ـ مدينة الرياح ، ص 58 .
[116] ـ مدينة الرياح ، ص 83 .
[117] ـ مدينة الرياح ، ص 127 ـ 128 .
[118] ـ مدينة الرياح ، ص 23 .
[119] ـ مدينة موريتانية عريقة ، في الوسط تقريبا ، فيها قُتِل كيولاني سنة 1905 .
[120] ـ مدينة الرياح ، ص 129 .
[121] ـ مدينة الرياح ، ص 131 .
[122] ـ صاغ رومان جاكوبسون سنة 1958 ، مخططا لتوصيف عملية التواصل الأدبية / الفنية كونه على الترتيب من العناصر المشاركة في العملية " كاتب ، كتابة ، سياق ، شفرة ، قارئ " وتنبثق على الترتيب من هذا المخطط وظائف Fonctions خاصة بكل مكوِّن هي على النشر المرتب : " انفعالية ، شعرية ، إشارية ، شارحة ، طلبية " ، وإن نحن نظرنا إلى مدارس النقد الأدبي ألفينا كلا منها تركز على وظيفة من الوظائف السابقة ، على النحو المرتب التالي : " رومانسية ، الشكلانية ، الماركسية ، البنيوية ، نظريات القارئ " .
[123] ـ رومان جاكوبسون : قضايا الشعرية ، ترجمة : محمد الولي ، دار توبقال للنشر ، المغرب ، ط1 ، 1988 ، ص 10 .
[124] ـ جان كوهين : بنية اللغة الشعرية ، ترجمة : محمد العمري ، دار توبقال ، المغرب ، 1986.
[125] ـ راجع لهذه الفكرة : باختين ( م ) : شعرية ديستويفسكي ـ ترجمة : جميل نصيف التكريتي ، دار توباقال ، المغرب ، 19986 .
[126] ـ نسبة إلى الروائي الواقعي الفرنسي Balzac بالزاك ، الذي تميز سرده بالتركيز على وصف التفاصيل مهما كانت تافهة .
[127] ـ مدينة الرياح ، ص18.
[128] ـ مدينة الرياح ، ص 21 ـ 22 .
[129] ـ مدينة الرياح ، ص 44 .
[130] ـ فؤاد زكريا : مع الموسيقى ، مك
والابن / الرئيس هو " ولد معطل " أي ولد معطِّل ، إذ هو اسم فاعل للتعطيل لحقوق الوالد والشعب / السلف والخلف ؛ أما اسمه الفعلي " تنقل " بتخفيف القاف ، فهو وإن كان مصدرا دالا على عدم الاستقرار ، إلا أنه أيضاً في اللهجة الحسانية جمع يدل مفرده على صغار النخيل التي تغرس لتثمر بعد سنين . واستنادا إلى منطق الرواية وما نعتته به ، فإنه غرس خبيث لن يثمر إلا نكدا وحشفا باليا .
لقد حقق الوصف الشعري في النص إضافة إلى ما ذكرنا وظيفتين أخريين ، إحداهما تزيينية Decorative عند وصف الطبيعة والجزئيات ، تعضدها ثانية هي التبئيرية Focalisatrice وذلك عند تركيز الوصف على بعض المشاهد العجائبية الأسطورية ، الخيالية العلمية ، لدمج القارئ فيها ، ليحس بها وبمفعولَيْها : أثرِها والسارِد الواقع عليه فعلها .
خامساً : اللغة الموسيقية :
قلنا في البداية إن هذه الرواية توظف العديد من فنيات اللغة والسرد السينمائيين ، وهو أمر ظاهر في فنيات الوصف واللغة من جهة ، والحضور البيِّن لأنواع من الفنيات السينمائية ، خاصة السريالية والخيالية العلمية .
وإذا كانت الرواية فيلما خياليا أسطوريا عجائبيا ، فإن أي مخرج سينمائي ، لا بدّ له من لغة موسيقية ، تشترك في التعبير وصنع الدلالة وإحداث الإثارة والتوتر في اللحظات المناسبة .
وقد وفق الكاتب لاختيار الموسيقى الملائمة لنصه ، هذا النص الزمني بامتياز ، والذي لا يتولى الحوار فيه الأشخاص غالبا ، بل اللغات والنصوص الموظفة كما رأينا .
إن هذا النمط من النصوص فعلا يستجيب ـ في فنيات السرد السينمائي ـ للموسيقى الكلاسيكية ، لأنها موسيقى تعوض بلغتها ومجازاتها الضمنية المحذوف من التعبير ، عن طريق ما يوحي به إيقاعها ولحنها وتركيبها وتوزيعها ... إلخ ، ولقد شكلت الموسيقى الموريتانية بمقاماتها الثلاثة الكبرى ـ كما سنرى ـ الإطار الحاضن لهذه الرواية .
وقبل أن نتطرق إلى الإطار الموسيقي الحاضن للنص ، نشير إلى أن هذا التوظيف كان له دور مهم في لفت انتباه القارئ إلى خصوصية هذه الرواية التي تستدعي من المتعامل معها أولاً النظر والاستماع معا ، أي توظيف ثقافتي الأذن والعين ؛ وثانيا الانتباه إلى دلالة الزمن ومفاهيمه وصور وصفه .
الرواية تبدأ من زمن سحيق ـ ق 5 هـ ـ على غرار اللقطة الاسترجاعية Flachback ثم تعْبُرُ إلى العصر الحديث ـ ق 20 م ـ ثم تقفز إلى زمن مستقبلي ـ 2055 ـ يتجاوز زمن الكتابة ، وبعض أزمنة القراءة ، ومنها الحالية ، وكذا المستقبلية القربية . هذا فضلا عن أنها شهادة من " عالم ما بعد الموت " .
هذه البنية الزمنية العجائبية الأسطورية كان لا بدّ لها من إطار موسيقي يتفاعل مع حركتها ، ويثريها دلاليا ، إذ " الزمان هو لب الإيقاع الموسيقي ، بل إن الإيقاع الموسيقي ربما كان أقوى عناصر الفنون كلها تعبيرا عن الزمان . والواقع أننا حين نعرِّف الإيقاع بأنه تنظيم للحركة خلال الزمان ، إنما نعني بذلك أن الإيقاع يقوم بإدخال تنظيم معين على ذلك السيل المتدفق من الحركة الزمانية ، بحيث نشعر في الإيقاع بأننا نتحكم على نحو ما في مجرى الزمان وننظمه ، بدلا من أن ننساب معه دون وعي "[130] . فإحساس القارئ به ـ الزمن ـ فيها يكون عميقا ، إذ ليس الإيقاع في بعض تعريفاته سوى " مجموع اللحظات الزمانية " ، يضاف إلى ذلك نقطة أخرى خليقة بالملاحظة ، وهي أن طبيعة التعامل مع الموسيقى تأليفا وتذوقا وسماعا لها ارتباط وثيق بالزمن الذي نحن فيه ، أو بتعبير أدق بالظروف المحيطة بنا ، والتي نتواجد فيها ، مثلما أن لها علاقة بالعمر والتكوين والمستويات الاجتماعية الطبيعية وكذا المعرفية الثقافية ... كلّ ذلك ثبت بالتجربة أثره وفعله ، من هنا " تظل الموسيقى هي الفن الزماني بالمعنى الصحيح "[131] ، وهي في تعبيرها عن الزمان والحركة والمكان ... والألم والحب والعنف والرقة والنجاح والفشل والتقلب والاستقرار والخوف والغربة والحنين والألم واليأس ... وغير ذلك من المشاعر في تعبيرها عن ذلك كله " لا تخرج عن حدود المجاز "[132] .
هذا المجاز الموسيقي يمكن إدراكه من مكونات اللغة الموسيقية ومن " الفكر الكامن وراء العمل الفني " ؛ ومن المعاني المستجدة في الأصوات الموسيقية " فالأصوات في الموسيقى تقابل الكلمات في اللغة ... وإذا كانت الكلمة هي التي تحمل المعنى والفكر ، وهي وسيلة تناقله بين البشر ، فإن الأصوات ـ أي الموسيقى ـ تشارك اللغة في نفس الصفات الفكرية عن طريق مفرداتها اللغوية ، أو الصوتية السمعية ، فالجملة في الأدب والشعر تقابلها الجملة الموسيقية المكونة أيضاً من عرض لفكرة تطرح للبحث والتفنيذ والتفاعل "[133] .
إن الأفكار الموسيقية هي كغيرها من الأفكار الفنية المكتوبة عيانا منها البليغ المعبر ، ومنها المشوش[134] والغامض ، ومنها الثري بأفكاره الموسيقية الداخلية المنظمة في " قوالبه "[135] الحاملة للخصوصيات الذوقية ، المعنوية ، الاجتماعية لبيئة اللحن ومتذوقيه ، وأيضا لخصوصية الكاتب الموسيقي ذاته ، فلكل مبدع أسلوبه الخاص الذي يميزه ، حيث " إن للموسيقى مضمونا تعبيريا وآخر ذهنيا ممتزجين لا يمكن التفرقة بينهما ، أو فصل أحدهما عن الآخر ؛ ويأتي التعبير عنهما من فكرة موسيقية ... والأفكار الموسيقية شخصية ، وهذا هو مصدر اختلاف الأساليب عند المؤلفين "[136] ، وحتى عند الموسيقيين الكبار الذين يعيدون أحيانا عزف نفس اللحن / الفكرة ، إذ لكل منهم أسلوبه الخاص الذي يسمى في لغة الموسيقى : أسلوبا Style في حالة الإنشاء ، وتأويلا Interpretation في حالة إعادة إبداع الفكرة تلحينا .
ولا غرو إن اختلفت التأويلات باختلاف القراء والظروف المحيطة بهم ، وقدراتهم المعرفية التي يؤولون بها ، فلقد قلنا : " إننا لا نؤول إلا ما نعرف ". ولئن كانت هذه الأفكار التي سقنا حول لغة الموسيقى صادقة بدرجة كبيرة على الموسيقى " الكتابية " ، كما هو الحال في الموسيقى الحديثة والمعاصرة شرقا وغربا ، فإنها أيضاً تصدق على الموسيقى الموريتانية " الشفاهية " صدقا نسبيا ، وذلك من حيث الدلالة والإطار والأسلوب والتنويع والاختلاف .
إن الموسيقى الموريتانية هي موسيقى بالغة الخصوصية كالإنسان الموريتاني ذاته. إذ هي مزيج من الألحان العربية والبربرية والأفريقية تفاعلت عبر الزمن حتى استقرت على هذا النحو الذي هي عليه الآن ، لذلك فهي أصدق تعبير عن تاريخ هذا الإنسان ، وعن مدى التفاعل والانسجام بين أنسجته المختلفة اختلاف ألوان العين ، التي لا تتم كفاءتها وإنجازها إلا بسلامة بياضها وسوادها .
وتتميز الموسيقى الموريتانية بخصائص بنيوية تحدد تصنيفها أولاً وتحد من تداوليتها ثانياً ، فعلى المستوى الأول : هي موسيقى شعبية محلية إلى حدّ بعيد ، ثابتة الأنساق والقوالب تقريبا ، ذات طرق / جوانب ثلاث لا تخرج عنها ، و في كلّ من تلك الطرق تنويعات نغمية معينة .
تعزف هذه الموسيقى على آلتين : إحداهما ذكرية خاصة بالرجال تسمى " تِيدينيت " لها أربعة أوتار فقط ، والثانية أنثوية تسمى " آردين " . ثم هي موسيقى أسرية ، أي أنها متوارثة داخل أسر محددة في المجتمع الموريتاني ، يندر أن تجد من هم من خارج تلك الأسر يحترفون الفن الموسيقي ، وهذا ما منحها قالبا يكاد يكون ثابتا على مرّ تاريخها لا تخرج عنه إلا بمقدار .
أما على المستوى الثاني : وهو مترتب على الأول ، فإننا نجد أن تذوقها خاص جدا وبالغ المحلية . إذ يندر جدا أن تجد من غير الموريتانيين مَن يتذوقها بإدراك فنياتها ، حتى إن الموريتانيين أنفسهم يتباينون ويتفاوتون في تذوقها وإدراك جمالياتها تبعا للسن أولاً ، وتبعا للجهة الوطنية والأسرية التي ينتمي إليها اللحن ثانياً .
وهذا ما جعل البعض يعتبرها " فلكلورا " ، ويصر بالتالي على ضرورة تطويرها وكتابتها وتلوينها بفنيات الموسيقى المعاصرة الشرقية أساسا ، مع الاحتفاظ طبعا بقيمها التوثيقية التاريخية ومضامينها الاجتماعية . فهذه الموسيقى ذات طابع شفوي متأصل في جذورها ، ولكل من تنويعاتها المقامية قصة تاريخية ترتبط بنشأته ، التي غالبا ما كانت ذات علاقة بأصحاب السلاح والحرب في المجتمع الموريتاني القديم .
والرواية في استلهامها لهذه الموسيقى تركز على الاستفادة من دلالة التسمية من جهة ، وما تثيره في الذاكرة الجمعية للقارئ الموريتاني من جهة أخرى ، ونحن نعرف العلاقة الوثيقة بين الموسيقى " والذاكرة "[137] سواء على المستوى الإبداعي أو التذوق أو التأويل .
الجزء من الأول من الرواية حمل اسم " برج السوداء " ، وقد عدل الكاتب عن تسميته " بالطريق أو الجانبة " ـ وهما الاسمان المحلِّيان للمقام ـ إلى "البرج" ، ربما لما يثيره هذا الاسم من أجواء وظلال أسطورية عجائبية خارقة غير غريبة على لغة الرواية ومنطق أحداثها ، هذا علاوة على أن " البرج " هو نفسه طريق في الفضاء ، وجانب كبير من جوانبه .
وتتميز " الطريق السوداء " في الموسيقى الموريتانية بكثافة ألحانها وشدة أنغامها النابعة من وضع أوتار الآلة ـ الذكرية ـ لأنها تكون في غاية الشد ، لذلك توحي هذه الطريق بالحزن والألم ، وهي معانٍ لا نعدمها في هذا الجزء الأول المفعم بالسوداوية والظلم الواقعين على السارد ،وكذا الشد لأوتار نفسه الموتورة ، فضلا عن عنقه ويديه ورجليه أحيانا .
أما الجزء الثاني فقد حمل اسم " برج البيضاء " وهي الطريق الثانية في السلم الموسيقي الموريتاني ، وتوحي ألحانها بدلالات الرخاء والفرح والبساطة والانسجام ، وتتميز أوتار الآلات فيها بالارتخاء واللين .
لكن إذا كان السارد / الشاهد قد سخط على قدره ، واعتبر هذه المرحلة أعتى من السابقة عند قوله عن نفسه " شخص يقطع تسعة قرون والمجدبة الكبرى كاملة يبحث عن الخير ، ثم ينتهي به المطاف نزيلا في بؤرة الظلم !! إنني أصاب بالغثيان[138] والتقزز ... إلى أي حقبة زمنية بعثتني أيها الخضير ؟ "[139] ، فأين مصدر البياض إذن ؟؟! .
ربما كان مصدره بصيص الأمل الذي تراءى له عندما أنقذه الخضير وعبر به إلى زمن آخر يَخالُ فيه النجاة .
وربما كان بياضها من بياض الباحث الأثري الفرنسي ، الذي هيمن على هذا الجزء ، خصوصا وأن ذكر المقامات الموسيقية " للطريق البيضاء " قد ورد على لسانه خلال عرض السارد لمذكرات هذا الباحث الأجنبي ، والتي كان كتبها حول عشيقته " فالة " "... الفنانون كانوا يطيبون آلاتهم في " كَرْ " مقام الشباب والاستمتاع والفرح ، الذي يفتح السلم الموسيقي " البيظاني " ، كانت الألحان والنغمات المندمجة معها تعبر عن قسوة في لين ، هي من خصائص مداخل " الطريق البيضاء "[140] ، وإذاً فالبياض ودلالاته من جذل وسرور وأمل ، لم ينقل إلا من وجهة نظر الأجنبي ، لأنه هو الذي يحس به ، أما السارد فمحكوم عليه بالعذاب الأبدي ، حتى لا يرى من الجوانب الحيوانية عموما والإنسانية خصوصا إلا أظلمها وأعتاها . من هنا يمكننا القول إن وصف الرواية هذا الجزء بأنه " طريق بيضاء " هو نوع من زيادة الإغراب للإحساس بالسوداوية الحقيقية ، وذلك على طريق مفهوم " التغريب " البريختي[141] .
هذا في حين حمل الجزء الثالث والأخير من الرواية اسم " برج التبانة " ، ومن أسماء المقامات الستة المطلقة على أجزائه السردية نكتشف أنها مستلهمة من الطريق الثالث في سلم الموسيقى الموريتانية ، وهي المسماة محليا " الطريق العاقر " أي العقيم ، وسميت كذلك لاختلاطها وتنافر ألحانها .
وتحكي الأساطير المحلية الحافة بنشأة هذا الفن ، أن أول من عزف ألحان هذه " الطريق " هو " غول جني " لذا جاءت غير دالة على معنى محدد أو إحساس شعوري معين .
ولقد كان التعبير عن هذا الجزء " بالطريق العاقر " أي العقيم بالغ الدلالة ، فهو وإن كان أقصر الأجزاء كمّاً ـ 51 صفحة ـ وأقصرها زمن عبور ـ لأنه عبر في الأول تسعة قرون ، أما هنا فلم يعبر سوى 140 سنة فقط ، بدليل الإشارة إلى " وجبة الأحد 20 ديسمبر 2045 م "[142] ـ رغم ذلك كله فإن هذا الجزء كان الأكثر سوداوية وتشاؤما وتصريحا ، هذا علاوة على أنه الطريق الوحيد الذي صادفْنا فيه لأول مرة ذكراً لعنوان الرواية على لسان السجين " انمادي "[143] قائلا عن نفسه للسارد " أنا قادم من العاصمة مدينة الرياح ، حكموا عليّ بالأعمال الشاقة ، أدانوني بتهمة مناصرة البيئيين "[144] .
في هذه الطريق العاقر/العقيم ينتهي المطاف بالسارد في محطة كاد يفقد عقله لهول ما رأى فيها من ظلم وضلال ، لذا نراه يلوذ بمنقذه العجيب " الخضير .. الخضير في أي كارثة أوقعتني !؟ أخرجني من هنا ، أنت تعرف تماما أني مسافر في اللازمن أبحث عن بشرية أفضل ، وتعرف أن هذه الأمة هي شر الأمم .. لا تتخل عني هنا "[145] .
هنا تصرح الرواية على لسان الخضير بالمصير المظلم المحتوم الذي ينتظره وينتظر الأرض والإنسانية ، وهو المصير الذي سارت الرواية عبر الطرق الأسلوبية والموسيقية كلها إلى قوله في كلّ مرة بنغم مختلف " ... لم يبق عندك مفر .. أنت مرغم على أن تعيش في أمتك .. على كلّ ، إن هذا الذي تشاهده هو الوجه الأخير للأرض .. لو واصلت السير في المستقبل فإنك ستجد الأرض وقد أصبحت كومة رماد ، والشمس قد انطفأت "[146] .
حتى " فالة " هي الأخرى شاعرة بالوضع الذي يهدد الأرض والناس ، عند قولها للسارد / الشاهد : " نحن تحدق بنا الكوارث الرهيبة ، ولا نبذل الجهد اللازم لتفاديها ، أرضنا اليوم عالم في سكرات الموت ، لم تعد الحياة قادرة على الصمود أمام ظلم وجهالة بني آدم ، لن تستمر الحياة مع التلوث الكيميائي والنووي .. مع التصحر ، والتضخم السكاني والنقص في المياه والأغذية .. بنو آدم هم المسؤولون عن الكوارث الأرضية .. هم الذين دمروا المحيط الطبيعي بطريقة عمياء وغير معقلنة من أجل تحقيق أرباح زائفة وقصيرة الأمد ، ومن أجل إرضاء نزوات سخيفة .. المسؤولون الحقيقيون عن هذا الوضع هاجروا عن الأرض وتركونا في جحيم هم الذين أوقدوه . كنت متفهما لأسباب تشاؤمها وإحباطها "[147] .
يمكننا القول هنا إن هذا اللحن الجنائزي الذي أنهت به الرواية عزفها الكلاسيكي الحزين أصلا ، هو تأكيد على انسداد الأفاق والمأساوية والعقر / العقم في الطريق التي يسلكها الإنسان راهنا ومستقبلا ، جراء إطلاق العنان للتقنية السلبية وتدمير الوسط الطبيعي ... إلخ .
انطلاقا من هذا نستطيع أن نستنتج : أن الرواية انطلقت من الخاص ـ قضايا وإشكالات مدينة الرياح وسكانها ـ ، لكنها عندما انسدت في وجه بطلها الطرق البيض والسود والمختلطة ، عرجت على العام فجعلت القضية الكونية مشغلها ، مستعينة ـ في الإقناع بنتائجها ـ بالتقنيات الوصفية للخيال العلمي ، الممزوج بالأساليب المشار إليها سلفا .
وبالتالي يمكننا القول إن الرواية ببساطة : هي رؤية استشرافية للمستقبل ، وتحذيرية في نفس الوقت من مخاطره وويلاته ، لكنها للأسف لا تضيء في نهاية أي من طرقها / أبراجها الثلاثة أي بصيص للأمل ، ولا يتراءى أي نجم حائر قد يُهتدى به . وهذا في الحقيقة أكبر نقد يمكن أن يوجه إلى نص سردي معاصر توسل بلغات وأساليب عدة لخدمة جملة من القضايا الخاصة والعامة ، لكنه ظل مستسلما للنتائج التي كان رسمها للنهاية ـ والمهيمنة على مخياله ـ قبل الشروع في الكتابة وبعد الانتهاء منها .
إن التنظير لفكر الأمل المحفِّز ـ لا الأمل المغرر الحالم ـ هو أمر ينبغي أن لا يتخلى عنه أي امرئ حتى في أحلك الظروف وأعسر الأوقات ، إذ به يستنفر الكائن طاقات جبارة فيه ، لم يكن يحسب أنه بها قد يصل إلى مرامه ، أو على الأقل يخرج إلى آفاق ذلك المنشود .
إن الرواية العربية الموريتانية المعاصرة ما تزال في طور التكون ، فهذا النص كما قلنا هو من الناحية السردية الحديثة الجادة ، ثالث نص بعد الأسماء المتغيرة والقبر المجهول ، لذا فإن القارئ الموريتاني المشرئب إلى آفاق هذا الفن ينتظر منه الكثير ، فلا ينبغي إذن أن تكون بدايات هذا السرد انهزامية ، تشاؤمية ، كلّ طرقها تؤدي إلى مسارب مظلمة مغلقة ، لا أمل فيها .
كما أن المداخل السردية التي وظفها الكاتب تعد مداخل تتيح للكاتب إمكانيات تعبيرية وأخرى فنية رائعة في رسم فضائه وتنويع المضامين الإشكالية لشخصياته التي ينبغي أن لا تكون مستسلمة ، بل ذات رؤية موضوعية ناقدة غير ناقِضَة ، بانِية غير مفكِّكَة تفكيكا عبثيا ، الهدف منه رمي الموجود دون تقديم البديل .
ثم إن الإسراف في توظيف المداخل الحديثة التي ما تزال فنياتها غير متكاملة ، وصوغها للدلالة مرتبطا بأمور تظل مراجعها غير معروفة للقارئ العربي عامة والموريتاني خاصة ، يعد أمراً غير مشجع لعملية التواصل الفنية ، إذ يعوقها ويشوش دلالاتها ، فيصير الكاتب كما لو كان يكتب لنفسه أو لزمرة أخرى ضيقة غير معنية برسالته .
إن الفرد الموريتاني بطبيعته تكوينه وطينته العربية الافريقية الخاصة وتاريخه الوسيط والحديث ، ووسطه الصحراوي البدوي ، الذي استطاع بالعزم وقوة الإصرار تحويله إلى وسط عالِم[148] Milieu savant ، متحديا بذلك مقولات علم الاجتماع الثقافي القائلة بصعوبة إنتاج المعرفة في الوسط الصحراوي غير المستقر ؛ هذا فضلا عن حداثة عهده بالدولة بمفهومها الحديث المعاصر ، وبمؤسساتها ونظمها ، وحتى بشخصيتها ولبوسها .
هذا الإنسان الموريتاني في حاجة إلى الأمل الواقعي والدفع إلى الأمام دفعاً مؤسسا على منطق الراهن وشروط المستقبل .
لقد كان بإمكان الكاتب أن يوظف ثقافته الهائلة في خلق شخصيات إشكالية تنتقد وتقدم البديل ، وأن يرسم رؤية للممكن بعد موضوعيةِ تشخيصِ الكائن ، لا أن تكون " رائعته اللغوية " هذه نفثة مصدور برياح المدينة أو " سكرة رجل من البرزخ 2055م "[149] ، يهدف من خلالها إلى التدليل على سكرات مجتمع يحتضر ، كان هو ـ الكاتب ـ قد أعلن تاريخ وفاته اللاحقة سلفا .
ورغم الإمكانات التي يتيحها لنا " التحليل الفرويدي النفسي للرواية "[150] ، إلا أننا رغبنا عن الاعتماد عليها فرارا إلى الموضوعية ، وغبة عما قد تفتحه لنا تلك الآليات التأويلية من دلالات حول طفولة الكاتب وتجليه في شخصياته ... وغير ذلك من علاقات نصية نفسية ستبعدنا حتما عن موضوعية النقد الدلالي ، وهي موضوعية تظل حتما نسبيةٌ ، كما هو الحال في العلوم الإنسانية كلها .
فهرس المراجع :
1- أنطوني لوثربي : اللغة الأسطورية – ترجمة : منير كروان – مؤسسة عين للنشر – القاهرة 1997
2- أومبرتو إيكو : المؤلف ومفسروه – ترجمة : ياسر شعبان – دار سندباد للنشر والتوزيع – ط1- 2001 – ( مكان النشر غير مذكور )
3- برتراند راسل : حكمة الغرب – ترجمة فؤاد زكريا – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – فبراير 1983
4- بن سالم حميش : في إشكالية الهوية المزدوجة – الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية (نموذجا) – مجلة فصول – القاهرة ، عدد ربيع 1998
5- بيتر تايلور و كولن فلنت : الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر – الاقتصاد العالمي ، الدولة القومية ، المحليات – ترجمة : عبد السلام رضوان و إسحاق عبيد – سلسلة عالم المعرفة – الكويت ، عدد يوليو 2002
6- بيتر نيكوللز : السينما الخيالية – ترجمة : مدحت محفوظ – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1993
7- تودوروف (ت) : مدخل إلى الأدب العجائبي – ترجمة : الصديق بوعلام – دار شرقيات – القاهرة 1994
8- جابر عصفور : قراءة التراث النقدي – مؤسسة عين للنشر- القاهرة 1994
9- جان كوهين : بنية اللغة الشعرية – ترجمة : محمد العمري – دار توبقال – المغرب 1986
10- جوزيف بوجر: فن الفرجة على الأفلام – ترجمة : وداد عبد الله – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1995
11- رامان سلدن : النظرية الأدبية المعاصرة – ترجمة : جابر عصفور- الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 1996
12- روبرت سكولز ( وآخرون ) : آفاق أدب الخيال العلمي – ترجمة : حسن حسين شكري – الهيئة لعامة للكتاب – القاهرة 1996
13- روبرت شولز : السيمياء والتأويل – ترجمة : سعيد الغانمي – المؤسسة العربية للدراسات – بيروت 1994
14- رولان بارت : أساطير – ترجمة : سيد عبد الخالق – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1995
15- رومان جاكوبسون : قضايا الشعرية – ترجمة : محمد الولي – دار توبقال – المغرب 1986
16- رؤوف وصفي : الكون والثقوب السوداء – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – عدد 17 – مايو 1979
17- سعيد بنكراد : النص الروائي : نحو سيميائيات للأيديولوجيا – دار الأمان – الرباط – المغرب 1996
18- سعيد يقطين : الرواية والتراث – من أجل وعي جديد بالتراث – المركز الثقافي العربي – المغرب 1992
19- سيد بحراوي : محتوى الشكل – مجلة فصول النقد – القاهرة – ربيع 1993
20- شاكر عبد الحميد : العملية الإبداعية في فن التصوير – سلسلة علم المعرفة – الكويت – عدد 109
21- شعيب حليفي : شعرية الرواية الفانتستيكية – المجلس الأعلى للثقافة – القاهرة 1997
22- صبري حافظ : القصة العربية والحداثة – مجلة إبداع – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – مارس 1991
23- عبد السلام بنعبد العالي : ثقافة الأذن والعين – دار توبقال – المغرب 1994
24- عبد الرزاق الزاهير : السرد الفيلمي : قراءة سيميائية – دار توبقال – المغرب 1994
25- عبد القادر قنيني : المرجع والدلالة في الفكر اللساني الحديث ، ( دراسات مترجمة ) – دار إفريقيا الشرق – المغرب 2000
26- علي أبو شادي : لغة السينما – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1996
27- عبد الملك مرتاض : في نظرية الرواية : بحث في تقنيات السرد – عالم المعرفة – الكويت – عدد 240 ديسمبر 1998
28- عبد العزيز حمودة : المرايا المقعرة – سلسلة عالم لمعرفة – الكويت – عدد272 – أغسطس 2001
29- عزيز الشوان : الموسيقى : تعبير نغمي ومنطق – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 1986
30- عزيز الشوان : الموسيقى للجميع – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1990
31- فاضل الأسود : السرد السينمائي – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1996
32- فيصل دراج : نظرية الرواية والرواية العربية – المركز الثقافي العربي- المغرب – 1999
33- فؤاد زكريا : مع الموسيقى – مكتبة مصر – طبعة جديدة - القاهرة (ب،ت)
34- مات روبير : رواية الأصول وأصول الرواية – ترجمة : وجيه أسعد – منشورات إتحاد الكتاب العرب – دمشق 1987
35- مدحت الجيار : مشكلة الحداثة في رواية الخيال العلمي – مجلة فصول النقد – القاهرة – عدد يوليو 1984
36- محمد فكري الجزار : العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي – الهيئة العامة للكتاب – القاهرة 1998
37- محمد العمري : الموازنات الصوتية في الرؤية البلاغية – دار إفريقيا الشرق – المغرب 2001
38- محمد غنيمي هلال : الأدب المقارن – دار العودة – بيروت – لبنان1987
39- محمد برادة : أسئلة الرواية ، أسئلة النقد – مطبعة النجاح الجديدة – المغرب – الرباط 1996
40- محمد عناني : معجم المصطلحات الأدبية الجديدة – الشركة المصرية العالمية – لونجمان – القاهرة 1996
41- محمد الماكري : الشكل والخطاب : مدخل لتحليل ظاهراهراتي – المركز الثقافي العربي – المغرب 1991
42- محمد عابد الجابري : التراث والحداثة : دراسات ومناقشات – المركز الثقافي العربي – المغرب 1991
43- محمد هليل : برنشتاين ولغة الموسيقى : بين نظرية الأصل المشترك وعلم النحو التحويلي – مجلة عالم الفكر – الكويت – عدد يوليو 1998
44- محمد سالم ولد محمد الأمين : حجاجية التأويل – مركز البحوث والدراسات – زاوية الدهماني – طرابلس – يناير 2005
45- ميخائيل باختين : شعرية ديستويفسكي – ترجمة : جميل نصيف التكريتي- دار توبقال – المغرب 1986
46- ميشيل زيرافا : الأسطورة والرواية – ترجمة : صبحي حديدي – دار الحوار – سوريا 1985
47- والتر أونج : الشفاهية والكتابية – ترجمة : حسن البنا عز الدين – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – عدد 182
48- والاس مارتن : نظريات السرد الحديثة – ترجمة : حياة جاسم محمد – منشورات المجلس الأعلى للثقافة – القاهرة 1998
49- يوسف السيسي : دعوة إلى الموسيقى – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – عدد46 ، أكتوبر 1981
المراجع الأجنبية :
1- Bakhtine.M: Esthetique et theorie du roman – Paris – ED: Gallimard 1978
2- Bakhtine.M: Le marxisme et la philosophie du langage – Paris – ED: De Minuit 1977
3- Durand.G: Structures anthropologiques de l imaginaire – ED:Dunod Bordas – France 1984
4- Finne.J: La litterature fantastique : essais sur l organisation surnaturelle – Universite de Bruxelles 1980
5- Gadamer.H: Truth & method – an English translation- by : Carret barden & John cumming – New York 1975
6- Mariana Tutescu : Precis de semantique francaise – Paris – ED: Klincksieck – 1975
7 -Read.H: The meaning of the art – London – Penguin Books 1963
[1] ـ Mariana Tutescu : Precis de semantique francaise – Paris – Klincksieck 1975-P:15
[2] - المرجع والدلالة في الفكر اللساني الحديث : ( مجموعة دراسات ) : ترجمة : عبد القادر قنيني – دار إفريقيا الشرق – المغرب – ط1 2000 – ص : 23
[3] - Bakhtin (M) : Le marxisme et la philosophie du langage – Paris – ED de minuit – 1977 – P : 123 – 129
[4] - Bakhtine(M): Esthetique et theorie du roman –ED:Galimard1978-P:441-449
[5] - يميز بارط بين الأثر والنص على اعتبار أن الأثر ذو مظهر تقليدي تاريخي توثيقي بين العلاقة بين الأصل والشكل الحالي ، أي أن ملامح المحاكاة والتقليد فيه بينة . أما النص فهو بناء جديد معاصر متحرر يعارض – بالمعنى الشعري – أسلافه النصية محاولا استيعاب خصائصها والظهور بشكل جديد مغاير يكثف الدلالة ويخلق الاختلاف، أي أنه يحاول تجاوز أسلافه وروافده النصية من أجل التفوق الفني .
[6] - عبد الملك مرتاض : في نظرية الرواية – بحث في تقنيات السرد – عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 240 – 1998- ديسمبر – ص : 55 ( بتصرف ).
[7] - يعرف عبد الملك مرتاض المناجاة بأنها خطاب مضمن داخل خطاب آخر يتسم حتما بالسردية : الأول جواني والثاني براني ، ولكنهما يندمجان معا اندماجا تاما لإضافة بعد حدثي أو سردي أو نفسي إلى الخطاب الروائي . راجع : في نظرية الرواية ( م ، س ) – ص : 137
[8] - سعيد بنكراد : النص السردي ، نحو سيميائيات للأيديولوجيا – دار الأمان – الرباط 1996-ص:56
[9] - ميخائيل باختين : الخطاب الروئي – ترجمة : محمد برادة - ص : 17
[10] - المقصود هنا هو دراسة تشكلات اللغة الفنية بوصفها دليلا على تنوع تمظهرات الواقع ، أي أن الشكل المقصود هنا هو شكل اللغة الحوارية الذي ينعكس على البنية الخارجية للنص . وليس قصدنا هنا الاهتمام بالأشكال الصورية ودلالاتها من خلال توزعها على بياض المكتوب ، فهذا مجال آخر اهتمت به مدارس معينة كالجشطالت وسيميوطيقا بيرس في دراساته للمجال البصري –
راجع : محمد الماكري : الشكل والخطاب – مدخل لتحليل ظاهراتي – المركز الثقافي العربي-المغرب1999-الباب الأول .
[11] - سيد بحراوي : محتوى الشكل – مجلة فصول النقد – الهيئة المصرية للكتاب – القاهرة –ربيع 1993- ص:208
[12] - Zima (P): L indifference romanesque – Paris1982- P:28-29
[13] - راجع لتوسيع هذه الفكرة : صبري حافظ : القصة العربية والحداثة – مجلة إبداع – القاهرة – مارس1991/ص:83
[14] ـ بالنظر إلى أهمية القارئ في النظرية السردية المعاصرة ، يميز النقاد بين أنواع من القراء : فثمة المسرود له وهو مصطلح أطلقه "برينس" على الشخص الذي يوجه إليه السرد ، فإن لم يكن شخصية فإنه هو القارئ الضمني نفسه. وثمة القارئ الضمني وهو فكرة تجريدية تستخدم في نظر " أيزر " لمناقشة أنواع البراعة التي يمتلكها القراء الحقيقيون ، وقد يسمي النقاد هذا الشخص ( من أجل التأكيد على أنواع البراعة ) القارئ المثالي أو الأعلى أو المعلم . وإذا كان هناك مخاطبون غير المؤلف الضمني فإن هذا الشخص يمكن أن ينقسم إلى : أ- القارئ النموذجي وهو مصطلح أطلقه " إيكو " على القارئ الذي تخطط صفاته المميزة بواسطة النص أو تستنتج منه ، وهذا دور شبه تخييلي يتوقع من القارئ أن يلعبه ؛ ويقابله مفهوم : جمهور السرد عند " رابينوفيتز " ، و المسرود له العام عند " لانسر " . ب- القارئ المؤلفي أو الصوري كما عند " جيبسون " : وهو شحص يشبه عادة الجمهور الواقعي الذي يخاطبه المؤلف الضمني ، وهو بخلاف القارئ النموذجي شخص يظل واعيا بأن التخييل تخييل ويقرأ في ضوء تلك المعرفة . راجع : والاس مارتن : نظريات السرد الحديثة – ترجمة : حياة جاسم محمد – منشورات المجلس الأعلى للثقافة – مصر – 1998 – ص : 205 / راجع أيضا للتوسع : أمبرتو إيكو : المؤلف ومفسروه – ترجمة : ياسر شعبان – دار سندباد للنشر – ط1، 2001 – ص : 99 – 103 .
[15] - والاس مارتن : ( م ، س ) – ص : 209
[16] - المرجع السابق - ص : 211
[17] - نفس المرجع - ص : 213
[18] - نفس المرجع – ص : 214
[19] - نفس المرجع – ص : 214
[20] - نفس المرجع – ص : 215 – 216 .
[21] - محمد برادة : أسئلة الرواية أسئلة النقد – مطبعة دار النجاح الجديدة – الرباط ، ط1 ، 1996-ص:71-81
[22] ـ " عبيد الرواية " مفهوم نحتناه من المفهوم النقدي القديم " عبيد الشعر " الذي كان يطلقه النقاد القدامى على شعراء الحوليات الذين دأبوا على تحبير وتحكيك أشعارهم وتنقيتها وسبكها حتى لا تخرج للسامعين إلا في أبهى صورها ، كزهير بن أبي سلمى .
[23] ـ راجع حول هذه الفكرة المراجع المحال إليها في مقال الأستاذ : ابن سالم حميش ، في إشكالية الهوية المزدوجة ، الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية نموذجا ، مجلة فصول ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، عدد ربيع 1998 ، ص 137 ـ 146 .
[24] ـ Gadamer (H) : Truth & method _ an English trans By : carret barden & john cumming _ new york 1975 P : 346 &365 .
[25] ـ محمد فكري الجزار : العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1998 ، ص 19 ـ 21 .
[26] ـ المقصود بـ : " اللانحوية " عدم تكافؤ التركيب اللغوي مع الناتج الدلالي عنه ، إذ يتسع هذا الناتج عن عناصر الحضور وعلاقاته ومن ثم عن حدود التركيب ، لتحمل علاقات الغياب بصورة أكثر فاعلية في تأسيس ذلك الناتج .
[27] ـ العنوان وسيميوطيقا الاتصال ( م . س ) ، ص : 40 ـ 41 .
[28] ـ مدينة الرياح ، الطبعة الأولى 1996 ، دار الآداب ، لبنان ، ص 7 .
[29] ـ الغلاوية منطقة في موريتانيا ، والمنكب البرزخي عبارة أطلقها العلامة الشيخ محمد المامي 1282هـ / 1865م . على بلاد شنقيط ، مورتيانيا حاليا .
[30] ـ مدينة الرياح ، ص 7 ـ 8 .
[31] ـ اللقطة هي جزء من الفيلم يبدأ من وقت دوران الكاميرا حتى تتوقف ، واللقطات أنواع عدة أهمها :
1 ) اللقطة البعيدة جدا : وهي لقطة تأسيسية ، تصور من مسافة بعيدة لتظهر مساحة كبيرة من الموقع المصور .
2 ) اللقطة البعيدة : وهي لقطعة عامة يظهر فيها الجسم المصور تحيط به تفاصيل المكان ، وهي أنسب لفن التمثيل الصامت ، لأنه من خلالها تلاحظ حركات الوجه والجسم الأساسية .
3 ) اللقطة المتوسطة : وهي تضم شخصا أو مجموعة أشخاص من الركبة حتى قمة الرأس ، وهي مهمة في الانتقال من اللقطات البعيدة إلى الكبيرة ، كما أنها مهمة في مواضع الحوار الكثير . = =
== 4 ) اللقطة الكبيرة : ويتم فيها التركيز على شيء صغير نسبيا كالوجه أو جزء من الحركة ، أو شيء محدد كالجمجة أو السكين أو الإبريق ، وذلك لإظهار القيمة الدلالية والفنية للمصوَّر .
5 ) لقطة كبيرة جدا : وتظهر تفاصيل صغيرة جدا للعين مثلا أو للأسنان أو لأحدى مناطق الجسم بهدف تكثيف التأثير وتركيزه .
6 ) لقطة ذات بعد بؤري عميق : وهي تنويع للقطة البعيدة وفيها ترى الأشياء بوضوح كامل ، سواء في مقدمة الكادر ـ الإطار ـ أو في عمقه وبمستوياته المختلفة ، وهي لقطة محببة عند المخرجين الواقعيين لأنه من الممكن من خلالها إعطاء تأثيرات متعددة ، راجع للاستزادة : علي أبو شادي ، لغة السينما ، الهيئة العلمية للكتاب ، القاهرة ، 1996 ، ص 19 ـ 51 .
[32] ـ الزوايا هي الأماكن التي يتم منها التصوير ، ومن خلالها يتجلى موقف المخرج تجاه موضوعه ، كما أنها تقرر الكثير من معنى الموضوع ودلالاته ، فالتصوير مثلا من الزاوية العالية يشعر المشاهد / القارئ بالإحساس بالتفوق على الشخصية ، أما الزاوية المنخفضة فتعطيه الإحساس بهيمنة الشخصية عليه والزوايا تصنف أما بحسب مكان آلة التصوير ، حيث ثمة خمس زوايا هي : الزاوية المرتفعة ؛ وزاوية مستوى النظر ؛ والزاوية المنخفضة ؛ والمائلة ؛ وزاوية عين الطائر .
أما من حيث التوظيف فثمة :
1 ) الزاوية الموضوعية : التي من خلالها يرى المشاهد الأحداث وكأنه في موقع الحدث ذاته ، ومن خلالها يتصرف الأشخاص كما لو لم تكن ثمة كاميراهات ولا عدسات ينظرون إليها .
2 ) الزاوية الذاتية : وهي التي ترينا إلى ماذا ، وكيف تنظر الشخصية ؟؟ وفيها تحل الكاميرا محل عيني إحدى الشخصيات ، فيرى عندئذ المشاهد ـ وكذا القارئ السردي ـ الأحداث وكأنه مشارك فيها ، ويكثر استخدام هذه الزاوية في مشاهد الرجوع إلى الماضي ، حيث تسرد الشخصية وقائع حدثت لها في الماضي ، كما هو الحال في شهادة الجمجمة / قارا في مدينة الرياح .
3 ) زوايا وجهة النظر : وهي التي تسجل الأحداث من وجهة نظر ممثل معين ، وتختلف عن السابقة بأن المشاهد هنا يرافق الشخصية ويرى من وجهة نظرها لا من رؤيتها البصرية ، وبها يندمج المتفرج فيما يدور حوله ؛ راجع للاستزادة ، لغة السينما ( م . س ) ص 51 ـ 54 .
[33] ـ راجع للاستزادة : عبد السلام بن عبد العالي، ثقافة الأذن والعين ، دار توباقال ، المغرب ، 1994
[34] ـ راجع لتوضيح ثنائية الشفاهية والكتابية ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد / 182 .
[35] ـ روبرت سكولز ( وآخرون ) ، آفاق أدب الخيال العلمي ، ترجمة : حسين حسين شكري ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1996 ، ص 132 .
[36] ـ مدينة الرياح ، ص 186 .
[37] ـ مدينة الرياح ، ص 150 ـ 153 .
[38] ـ عبد الرزاق الزاهد ، السرد الفلمي ـ قراءة سينمائية ـ دار توبقال ، المغرب ، ط1 ، 1994 ، ص 31 .
[39] ـ راجع : محمد عناني ، معجم المصطلحات الادبية والنقدية .
[40] ـ جوزيف بوجر ، فن الفرجة على الأفلام ، ترجمة : وداد عبد الله ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، بالقاهرة ، 1995 ، ص31 ؛ راجع أيضاً لتوسيع هذه الفكرة وفكرة إضفاء السينما على الواقع قوة تعبيرية جديدة لم تكن للموجودات في الواقع ، فاضل الأسود : السرد السينمائي ، الهيئة العامة للكتاب ، مصر ، 1996 ، ص112 ؛ لكن يجب أن لا يغيب عن بالنا أن السينمائي يظل تقنيا في حين إن السردي متعدد إنساني ، دائم الحضور ومتجدد .
[41] ـ مدينة الرياح ، ص 167 ـ 169 .
[42] ـ مدينة الرياح : تكثر الإشارات ذات الدلالات العبثية في الرواية ؛ راجع الصفحات : 25 ، 63 ، 94 ، 95 .
[43] ـ راجع : بيترنيكوللز : السينما الخيالية ، ترجمة : مدحت محفوظ ، الهيئة العامة للكتاب ، 1993 ، ص 40 ـ 41 .
[44] ـ مدينة الرياح ، ص 132 .
[45] ـ السينما الخيالية ( م . س ) ، ص 40 .
[46] ـ " العصر الذهبي " فيلم فرنسي يعتبره النقاد السينمائيون أول فلم سريالي طويل ، وقد ظهر هذا الفيلم سنة 1930 ، وهو من إخراج لوي بونويل ، وقد اشترك رسميا في كتابته الرسام السريالي : سلفادور دالي الأسباني ، راجع : السينما الخيالية ( م . س ) ص 461 .
[47] ـ السينما الخيالية ( م . س ) ص 41 .
[48] ـ يحضرني هنا تشبيه عميق لما يكل بيليج حين يشبه قداسة أرض الدولة بقداسة جسد الأم وحصانتها ، وبالتالي يكون " اغتصاب الأرض أسوأ ـ بما لا يقاس ـ من اغتصاب الأمهات الفعليات ، وموت أمة هو المأساة في اكتمالها ، وهو أبعد غورا وأبلغ خطرا من موت اللحم والدم " ؛ راجع : بيترتايلور ، وكولن فلنت : الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر ، الاقتصاد العالمي ، الدولة القومية ، المحليات ، ترجمة : عبد السلام رضوان ، وإسحاق عبيد ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 283 يوليو 2002 ، ص 67 ؛ وإن نحن نظرنا من زاوية أخرى أكثر قربا إلى مدينة الرياح وجدنا أن عمليتي البيع المدنستين : بيع الابن في البداية وبيع الرئيس في النهاية ، تتوازى معهما عمليتا اغتصاب شنيعتين : اغتصاب الأرض بوصفها أمّا مجازية ، واغتصاب " فالة " من قبل حفيدها بوصفها جدة حقيقة ؛ سرديا .
[49] ـ مدينة الرياح ، ص 76 .
[50] ـ آفاق أدب الخيال العلمي ( م . س ) ، ص 41 .
[51] ـ راجع لتوسيع هذه الفكرة : مدحت الجيار : مشكلة الحداثة في رواية الخيال العلمي ، مجلة فصول ، القاهرة ، عدد يوليو 1984 ، ص 181 .
[52] ـ راجع للمزيد حول هذه الفكرة :
Read (H) : The meaning of the art , London – penguin books – 1963 .
راجع أيضاً : شاكر عبد الحميد : العلمية الإبداعية في فن التصوير سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 109
[53] ـ الاختلاف Difference مصطلح في اللسانيات السوسيرية يدل على أن أهم سمة لغوية هي الاختلاف الذي ينسحب على المستويات الدلالية والنحوية والصوتية والصرفية وكذا المعجمية ؛ وقد نحت " دريدا " من هذا المصطلح مفهومه وتصوره المختلفين للاختلاف ، وتعميقا منه للتباين مع الأصل غير الشكل المعجمي للكلمة مكتفيا بإحالاتها الصوتية والدلالية التي تسلم هي الأخرى من النحوية ، فقام بكتابة مصطلحه هكذا Differance ، خارجا بذلك عن مواصفات اللغة الفرنسية ، كما شحنه بفكرة الإرجاء للتأكد على ضرورة السعي الأبدي خلف المعنى الذي لا يمكن الإحاطة به ولا محاصرته .
[54] ـ برتراندراسل : حكمة الغرب ، ترجمة : فؤاد زكريا ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، فبراير 1983 ، ص 263 .
[55] ـ مثل تودوروف في كتابه " مدخل إلى الأدب العجائبي " ترجمة : الصديق بوعلام ، دار شرقيات ، 1994 .
[56] ـ شعيب حليفي : شعرية الرواية الفانتاستيكية ، المجلس الأعلى للثقافة ، مصر ، القاهرة 1997 ، ص 58 .
[57] ـ مدخل إلى الأدب العجائبي ( م . س ) ، ص 7 .
[58] ـ مدخل إلى الأدب العجائبي ( م . س ) ، ص 8 .
[59] ـ مدينة الرياح ، ص81
[60] Finne (J) : la litterature fantastique : Essai sur l organisation surnaturelle – universite de bruxelles 1980 ,P : 50 -51
[61] ـ شعرية الرواية الفانتاستيكية ( م . س ) ، ص126 .
[62] ـ مفهوم التردد في نظر تودوروق من أبرز سمات الأدب العجائبي ، راجع مدخل إلى الأدب العجائبي ، ( م . س ) ، ص 18 ـ 20 .
[63] ـ محمد غنيمي هلال : الأدب المقارن ، دار العودة ، بيروت ، 1987 ، ص 406 .
[64] ـ راجع للتوسع في فهم هذا المفهوم الفلكي المهم كتاب : رؤوف وصفي ، الكون والثقوب السوداء ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 17 ، مايو 1979 .
[65] ـ راجع للتوسع في دلالات هذه المفاهيم ، محمد العمري : الموازنات الصوتية في الرؤية البلاغية ، دار أفريقيا الشرق ، الغرب ، ط1 ، 2001 ، ص 21 وما بعدها .
[66] ـ شعرية الرواية الفانتاستيكية ( م . س ) ، ص 130 .
[67] ـ شعرية الرواية الفانتاستيكية ( م . س ) ، ص 126 .
[68] ـ شعرية الرواية الفانتاستيكية ( م . س ) ، ص 133 .
[69] ـ مدخل إلى الأدب العجائبي ( م . س ) ، ص 88 .
[70] ـ مدخل إلى الأدب العجائبي ( م . س ) ، ص 91 .
[71] ـ راجع لتوسيع هذه الفكرة حول المظاهر الحجاجية للتأويل : كتابنا المعنون : حجاجية التأويل ، مطبوعات مركز البحوث والدراسات ، زاوية الدهماني ، طرابلس ، يناير 2005 ، المبحث الأول .
[72] ـ روبرت شولز : السينمياء والتأويل ، ترجمة سعيد الغنمي ، المؤسسة العربية للدراسات ، بيروت ، لبنان ، 1994 ، ص 113 .
[73] ـ مدنية الريح ، ص 125 .
[74] ـ مدينة الرياح ، ص 14 ـ 16 .
[75] ـ يسخر بعض النقاد الغربيين من النقاد الحداثيين الذين يميلون إلى الأغرب والمتعمقة ، والتشاؤم أحيانا ، ويعبرون عن هذه السخرية بالجناس الصوتي الشكلي في الإنجليزي Terrorist & Theorist وهو تشبيه تمثيلي له أبعـــاده الدلالـــية المفارقة بالمعنى النــقدي Ironique وليس المنطقي الفلسفي Paradoxal .
راجع : عبد العزيز حمودة : المرايا المقعرة ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 272 ، أغسطس 2001 ، ص 137 .
[76] ـ شعرية الرواية الفانتاستكية ( م . س ) ، ص 139 .
[77] ـ Durand ( Gilbert ) : structures anthropologigues de l imaginaire , ED : Dunod bordas france , 1984 , P: 60 – 64
[78] ـ ميشيل زايرافا : الأسطورة والرواية .
[79] ـ رولان بارت : أساطير ، ترجمة : سيد عبد الخالق ، الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة ، 1995 ، ص 55 و 68 .
[80] ـ مدينة الرياح ، ص 147 .
[81] ـ راجع للتوسع في هذه الفكرة ، فيصل دراج ، نظرية الرواية والرواية العربية ، نشر المركز الثقافي العربي ، 1999 ، ص 109 .
[82] ـ تتعدد الاتجاهات الرمزية في تأويل أسطورة أوديب ، فقد ذهب فرويد إلى أنها ترمز إلى رغبة الابن في امتلاك الأم والتخلص من الأب ـ كما هو الحال في نصنا ـ ، ويذهب ايريش إلى أنها رمز للصراع بين النظامين الأموي والأبوي ، بينما يرى يونغ أنها ترمز إلى الصراع الأخلاقي بين التراخي والواجب ، وهذه التأويلات المتعددة تؤكد انفتاح الأسطورة على الثقافات .
[83] ـ مدينة الرياح ، ص 74 .
[84] ـ مدينة الرياح ، ص 147 .
[85] ـ مدينة الرياح ، ص 61 .
[86] ـ مدينة الرياح ، ص 188 .
[87] ـ مدينة الرياح ، ص 188 .
[88] ـ مدينة الرياح ، ص 61 .
[89] ـ مدينة الرياح ، ص 151 .
[90] ـ مدينة الرياح ، ص 25 .
[91] ـ مدينة الرياح ، ص 94 .
[92] ـ مدينة الرياح ، ص 153 .
[93] ـ مدينة الرياح ، ص 19 .
[94] ـ مدينة الرياح ، ص 23 .
[95] ـ مدينة الرياح ، ص 23 .
[96] ـ مدينة الرياح ، ص 171 .
[97] ـ مدينة الرياح ، ص 84 .
[98] ـ مدينة الرياح ، ص 67 .
[99] ـ مدينة الرياح ، ص 67 .
[100] ـ مدينة الرياح ، ص 189 .
[101] ـ انطوني لوثربين : اللغة الأسطورية ، ترجمة : د. منير كروان ، ط1 ، 1997 ، مؤسسة عين للنشر ، القاهرة ، ص 43 .
[102] ـ جابر عصفور : قراءة التراث النقدي ، ط1 ، مؤسسة عين ، القاهرة ، ص 9 ـ 12 .
[103] ـ محمد عابد الجابري : التراث والحداثة ، دراسات ومناقشات ، المركز الثقافي العربي ، ط1 ، 1991 ، ص 45 ـ 47 .
[104] ـ الرواية والحداثة ( م . س ) ، ص 61 .
[105] ـ سعيد يقطين : الرواية والتراث ، من أجل وعي جديد بالتراث ، المركز الثقافي العربي ، المغرب ، 1992 ، ص 5 .
[106] ـ الرواية والحداثة ( م . س ) ، ص 5 .
[107] ـ أوداغست : مدينة أثرية تقع في الجنوب الشرقي الموريتاني ، كانت معقلا لحضارة افريقية بربرية عريقة .
[108] ـ المحظرة : اسم محلي باللهجة الحسانية يطلق على مدارس البادية التي تدرس مختلف العلوم اللغوية الشرعية ، وتكون المحظرة تحت زعامة شيخ ضليع في كلّ تلك العلوم ، يدرس الطلاب المتون حسب ترتيب تدرجي خاص .
[109] ـ مدينة الرياح ، ص 53 .
[110] ـ مدينة الرياح ، ص 53 .
[111] ـ مدينة الرياح ، ص 54 .
[112] ـ هو عبد الله بن ياسين ، أحد الزعماء الروحيين للمرابطين ، قدم من القيروان مع يحيى بن إبراهيم اللمتوني في قفوله من الحج ليعلم أبناء الصحراء العلم ، ومع الزمن تحلقت حولهما في الرباط الذي كانوا يقيمون حركة المرابطين .
[113] ـ مدينة الرياح ، ص 55 .
[114] ـ مدينة الرياح ، ص 57 .
[115] ـ مدينة الرياح ، ص 58 .
[116] ـ مدينة الرياح ، ص 83 .
[117] ـ مدينة الرياح ، ص 127 ـ 128 .
[118] ـ مدينة الرياح ، ص 23 .
[119] ـ مدينة موريتانية عريقة ، في الوسط تقريبا ، فيها قُتِل كيولاني سنة 1905 .
[120] ـ مدينة الرياح ، ص 129 .
[121] ـ مدينة الرياح ، ص 131 .
[122] ـ صاغ رومان جاكوبسون سنة 1958 ، مخططا لتوصيف عملية التواصل الأدبية / الفنية كونه على الترتيب من العناصر المشاركة في العملية " كاتب ، كتابة ، سياق ، شفرة ، قارئ " وتنبثق على الترتيب من هذا المخطط وظائف Fonctions خاصة بكل مكوِّن هي على النشر المرتب : " انفعالية ، شعرية ، إشارية ، شارحة ، طلبية " ، وإن نحن نظرنا إلى مدارس النقد الأدبي ألفينا كلا منها تركز على وظيفة من الوظائف السابقة ، على النحو المرتب التالي : " رومانسية ، الشكلانية ، الماركسية ، البنيوية ، نظريات القارئ " .
[123] ـ رومان جاكوبسون : قضايا الشعرية ، ترجمة : محمد الولي ، دار توبقال للنشر ، المغرب ، ط1 ، 1988 ، ص 10 .
[124] ـ جان كوهين : بنية اللغة الشعرية ، ترجمة : محمد العمري ، دار توبقال ، المغرب ، 1986.
[125] ـ راجع لهذه الفكرة : باختين ( م ) : شعرية ديستويفسكي ـ ترجمة : جميل نصيف التكريتي ، دار توباقال ، المغرب ، 19986 .
[126] ـ نسبة إلى الروائي الواقعي الفرنسي Balzac بالزاك ، الذي تميز سرده بالتركيز على وصف التفاصيل مهما كانت تافهة .
[127] ـ مدينة الرياح ، ص18.
[128] ـ مدينة الرياح ، ص 21 ـ 22 .
[129] ـ مدينة الرياح ، ص 44 .
[130] ـ فؤاد زكريا : مع الموسيقى ، مك