[center]ـــــــــــــــــ
99*انظر:جيرالد برنس:قاموس السرديات ، ميريت للنشر والمعلومات القاهرة العام 2003ص112
اضافة الى خاصيات اخرى في المتشابهات-والمتناظرات والتي تعتمد القياس الذي يربط:المدلولات-والمنطوقات كما هو الحال في[النبر]وايحاءات الوعي البنائي في بنية الاصوات المختلفة الالوان والخصائص المختلفة[الانغلاق والانفتاح]على ضوء حركية الحروف والكلمات التي هي مرتبطة اصلا بالنسق والسياق الصوتي وتخارجات المنظومة اللغوية.وان اللغة والحروف هي موضوعات مرتبطة بالسياقات الصوتية.والايقاع هو المقياس بتاثيرات هذه البنية الصوتية في زمنية تؤكد من خلالها حركية الايحاء.لتؤكد هذه الوساطة.هو ان ما يميز الايحاء التام -والحكم التام بالنسبة الى فلسفة ارسطو التي تعتبر ان العمليات الفنية هي[محاكاة]وان انواع الفنون الاخرى هي مختلفة حسب موضوعاتها اضافة الى الصيغ الاختلافية والتي تتالف من هذه الثنائية المنطقية عند ارسطو التي استخدمها[هوميروس]في تشكيل ثلاثة اشياء للمحاكاة واستنادا الى الخلاصة الارسطية في تحديد نوعية السرديات الصوتية باعتبارها تقع في دائرة المحاكاة الفعلية[mimesis-praxeos]في استخدام الوسيلة اللغوية في مناقشة طروحات ارسطو في كتابة[الشعر لارسطو]وما علاقة هذا الكتاب بتقنيات السرد.ثم ياتي [بول ريكو]ليطرح منظومة الحبكة[plot]في زمن انساني كتشكيل اختلافي يقع بين[الزمن المتشكل في الحياة والفعل الانساني]والزمن الذي هو محصلة تركيبية للرد وربما يكون اقوى من سابقه من ناحية التشكيل الفعلي لمفهوم المحاكاة ، هذه العملية تاتي بارتباط مفهوم جديد للتمثيل المتعلق بالحياة الانسانية او من خلال المرور عبر قنوات مصطنعة لاعمال شعرية مطروقة تحديثيا لابي الطيب المتنبي والكشف الدقيق والجوهري-وعبر الامساك بعناية الايقاع والذي يؤكد المنطق الاسلوبي للنصوص الشعرية المفتوحة عند المتنبي وهي النقطة المتحولة ، من المنظومة اللغوية المتعلقة بالنظام الصوتي وحالة الانطلاق نحو تحليل استقرائي للنص وبتصور استنتاجي يقرب عملية التوصل الى اسلوبية تجسد معنى اللغة من خلال قضية نقل المعنى الى خواص ايحائية.وهذا ياتي في سياق جدلي بين اللغة والمعنى والايحاء.هذا التركيب هو الذي يولد الشفرة الرمزية للصوت في المنظومة الشعرية عند المتنبي.
[تشكيل الصوت]
هو التشكيل الذي يتعلق بالمادة المشكلة ، والتي تظهر في تفاصيل الخطاب الشعري ، باعتبارها رسالة موجهة الى المتلقي لتحدث تحولا صوتيا في صيغة السماع وهي حلقة متواجدة في لعبة التناغم واشكالية التعبير.وتتم المناقلة عبر هذه القنوات من خلال عنصر التلقي ليتحول الى خاصية معنية بالنص.هذه العملية بدورها احدثت بعدا صوتيا في [مثيولوجيا المنطوق الادبي المتوارث في تفاصيل موسيقى الشعر العربي ]او النثر وهي معايير لشبكات وزنية متكونة من الايقاع ، وياتي في مقدمة المعاني القاموسية لانماط الشعر-والنثر الفني عبر المراحل التاريخية.هذه الاشكال الصوتية تؤكد خروجها عن الاطر الوزنية لتقوم بعملية التكرار داخل الخطاب الشعري وتختص بالمعادلات[الجناسية]بانواعها والوانها سواء التامة منها او الناقصة او اللاحقة المكثفة او الربط بين[المعنى والدال]عندها يظهر الصوت على شكل منطق دلالي اضافة الى عمل الجناس المنقوص بدلالة الجمل المقطعية المختلفة لكنها تحتوي على تشكيلات من الانسجة الصوتية المتشابهة رغم اختلاف التغاير في المعاني والجمل المقطعية .وهذا يظهر الشكل البلاغي للنص الشعري وفق ادق مهارة في نسيج اللغة مثل قوله:
سُبْحانَ خالقِ نفْسي ، كَيفْ لذَّتُها فيمـا النُّفـُوسُ تراه غاية الالمِ
الدَّهْـرُ يعْجبُ من حْملي نوائبهُ وصْبرِ نفْسي على احِداثِهِ الحُطِمُ
هذا النسيج البلاغي السيكولوجي يقع في دائرة التالف التقني بين[الزمكان]في تشكيل النمط الصوتي وتجانسه مع الوضع السيكولوجي للشاعر .ونحن نقرأ شعر المتنبي لنعثر على التصويب البلاغي وانماط من التجانس في خواص المنطق الصوتي وهمزة الدال الفاعلة في المدلولات المتغايرة تظهر الجمل والمعاني المختلفة وتكوينات تتشكل بانماط متجاورة من التجنيس والتمثيل للتكوينات المتغايرة بانماط الدلالة
واشكالية اصواتها وهذا يظهر في الخواص الطردية من احكام المنهج اللغوي.وقد تمثل بقول المتنبي:
فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ولا مال في الدنيا لمن قل مجده
ويلاحظ في هذا المحور المتعاكس وهويتعلق بالانماط الصوتية متجاوزا منهجية[النحو والدلالة]ان يكون المرتسم باللفظ هو غاية التكرار الذي يميز التكوين اللغوي بدلالة اللفظ.ثم ياتي محور[الحزم الصوتية]وقد تمثل بالعملية المتعلقة بالانسجة الخطابية وهي التي تثير مكامن الايحاء ليقوم بالتعبير عن خواص المنظومة الشعرية حيث يتسامى المنحى اللغوي في العلاقة بين[الصوت والمعنى]او[الدال والمدلول]وهنا يترجم المنحى الخاص الذي تكون عبر موسيقى الجمل المقطعية التي تعبر عن طبيعة في الرؤية البصرية او حضور المعجم اللغوي الذي ينقل الحدث الصوتي ويحوله الى حلقات التحليل الاولى في الرصد والتصنيف والبحث في خواص التداخل والترابط بين -[الدال والمدلول]او بين الضوء-والموسيقى داخل بنائية شعرية متكونة من مرتسم اللغة وتشكيلها النحوي وتعقيدات حدودها الفاصلة بين هذه المستويات المختلفة.لانها تختلف عن مكوناتها النحوية.وقد تكون عرضه لتكرار بعض الأصوات دون المبالغة في حالة السيطرة ، مما يضعها في مرتقب الخاصيات التي يغلب عليها التشكيل النحوي في تفاصيله بالحذف للكلمات والجمل المقطعية في اطار السياقات العادية ، وهي نتيجة حتمية لضرورة الاستقامة للمنطق السياقي وحلقات[المنطق النحوي والدلالي]والذي يشكل منعطفا دقيقا في الصيغ البلاغية ونزعة الاختصار للمعنى المقصود ما دام السياق واضح والحذف لايؤثر على وجه الجملة لانه يقع في منظور الجملة التي سبقت هذه الجملة المقطعية يقول المتنبي:
لو كان لفظُك فيهم ، ما أنزل الفُرقان والتَّواة والانجيلا
وقوله:
وكُنْتُ من الناسِ في مَحْفِلٍ فَها أنا في َمحِفْلٍ من قُرودِ
ويعد المحور النحوي في اطار الحذف بالاعتماد على ايضاحات الجملة التي تقع بعد الجملة التي سبقتها ثم تحذف اضافة الى حذف ادوات الربط في الجملة الشعرية المقطعية ليتشكل محورا اخر يعطينا محصلة في سرعة ودقة الايقاع ، والتعبير في النص الشعري بعد عملية التصاعد في الانساق الشعرية باضافة جمل شعرية جديدة ، وظاهرة العكوس في النص الشعري التي تمثلت بالاضافات للجمل الشعرية المقطعية ، فهي تساعد الاشكال البلاغية ، والنحوية في تنظيم الايقاع الشعري او النثري والاستهلال واحد من هذه الاشكال.وقد تمثل في قول ابي الطيب:
[ترفع فيما بينناالحجابا]وياتي الختام في تكرار وتشابه في اطراف النص الشعري وهو يتشكل بالبلاغة العربية في عنوان الارصاد والتقاء الاطراف وفق نسق من التشابه البلاغي او تكرار يحصل داخل نمطية نحوية تقع في جمل متتالية ومتوازية حسب التنظيم الخطابي للقصيدة.وتاتي هذه الشعائر البلاغية وفق مقادير -ومتقاربات تتمثل في النص الشعري:مثل قول المتنبي:
عائِبٌ عابني لدْيك وَمِنه خُلِقتْ في ذوي العُيوب العُيُوبُ
وكقوله:
ومِنْ جاهلٍ بي ، وهو يجهلُ جِهْلهُ ويَجْهل عِلمي انّه بيًّ جاهِلُ
ومع هذا الاستيفاء للاقسام التحليلية في قضية التمثيل لعناصر اختلافية نقوم بتقديم نصا مغلقا يستخدم لجمع صياغات ومعاني مختلفة.وحتى يكتسب الخطاب الشعري طبيعة فكرية بتحقيق المعنى العلمي للتعالق في نهاية المقطع الواقع في النص الشعري وللوحدات المنشورة من خلالها ، يقعان اشكالان في تاريخ البناء للنصوص تلك المرحلة الاولى وتقع في الكلاسيكية .اما الثانية فتقع في منظومة الشعر الحديث ، اما ما يقع في التركيبة داخل الجملة الشعرية وهي المرحلة الاختلافية في الاشكال النحوي وقد تمثل[بالتقديم والتأخير]وهو خارج التسميات البلاغية رغم ما له من اهمية بارزة واختلافية في الاستخدام الامثل في المتغير الافهامي للكلمات مثل تقديم الحال.في قول المتنبي:
كئيبا توقاني العواذِلُ في الهوىْ كما يتوقىَّ ريَضَ الخَيلِ حازِمه
فالنظام في توالي الجمل المقطعية يتحقق بعملية الالتفات ليحدث في تفاصيل الضمائر ثم الافعال اضافة الى مكونات الجمل.وهذا يتصل بمكونات التوزيع للانساق النحوية وهي تقوم بدورها وفق عملية انتاجية للاشكال البلاغية باطار التوازي المتشكل نحويا ليقوم بهندسة الفقرات وفق منظور متماثل يقع على مستوى طول النغمة ومكوناتها النحوية وعلاقتها بموسيقى الشعر ، وهي اصرة جوهرية تربط اللغة باواصر متقابلة من الخطاب الشعري ، وهذا التشاكل الاختلافي له نمطية جوهرية داله حين ناقشها[جاكوبسن]من موقع المقتدر حيث اعتمد عليها-100[ليفين]في خواص التحليل لاشكال التداخل الشعرية وتزاوجها ببعضها مع البعض الاخر باعتبارها حدث يستحق الاهمية في انسجة اللغة .هذا الموضوع ادى بدوره الى اثارة الشقوق الزمنية وعلاقتها بالادامة التذكرية للنصوص الشعرية كما قلنا في بداية هذا الكتاب عن الشقوق الزمنية وعلاقتها بالتناص في الاستحضار الشعري عند المتنبي.ويعد التوازي الدلالي وعلاقته بجوهر البنية الشعرية هو الاكثر اتصالا -بالمستويات المتعددة من المنظومات الصوتية وفي نمطية الجمل المقطعية المعبرة عن عناصرها النحوية والوزنية وهي التي تؤدي مستوى الوعي المتكون من الناحية الشعرية.
ـــــــــــــ
100*انظر:فضل صلاح بلاغة الخطاب وعلم النص..عالم المعرفة الكويتية العدد164ص215
[السطوح الجمالية للغة عند المتنبي ]
وهو ما يتعلق[بعلم اللغة الحديث وعلاقته بالدراسات البنائية]في انساقه من نصوص المتنبي الشعرية.والموضوع ينطبق على النضج والثراء والدقة في الشعرية واللغة عند المتنبي التي تخطت الحاجز الى العلوم الصوتية وما يتعلق بمتغيرات[علم اللغة]وما قام به المتنبي من دور في تشكيل جمالية اللغة وهي اشارة الى مكمن[علم الصوتيات]وخطواته التي كانت قد تجاوزت بنية اللغة الى المعالجة للوحدات اللغوية على اسسها الجمالية ومنظوماتها التحليلية.وفي تناولنا لموضوع[جمالية اللغة]عند المتنبي لابد من العودة الى مفهوم السطوح اللغوية[الظاهرة والسطوح الدفينة]وفي المحور الاول تكون السطوح محسوسة او مفهومة ، اما في المحور الثاني فتكون السطوح[زمكانية]فبين هذان المتوازيان في الزمكان ، يتمثل حدثان هما:حدث الصوت بامتداده الزماني وحسه المرئي الذي ياتي عن طريق تجسيم اللفظ بالدلالة مثل قول المتنبي:
ويوما كأنَّ الحسنَ فيه علامة بعثْتِ بها والشَّمْسُ منكِ رسولِ
في هذا البيت مكونين رئيسيين للزمكان:فكان الحسن من علامات الصدق والشمس هي الرسول كما يقول البرقوقي ، ولكن الحبيبة بعثت ذلك الحسن -وفسر هذا ابن
جني في اثارة الغبار وهو الذي ستر الشمس فهي الرسول الى محبوبته.101*
فتجسيم اللفظ جاء في الحلقة الدلالية في[الزمكان]في الحسن وهو الجمال الحسي ، والشمس هي الجمال المكاني وهذا معنى الظاهر والباطن الجمالي في النص الشعري .وقد توازيا في[زمكان]فعلي في اللغة ، فالزمان اللغوي كان في النسق الصوتي وهو اللفظ في المعنى الحسي وطبيعة اللغة في التنسيق الصوتي الدلالي وما بقي من السطوح الدفينة ما يحس من معنى واراء السطوح الاولى وهي تتكون من[زمكان]يتعلق بالصوت الذي يؤكد موسيقى الشعر والدلالة المكانية.فالدلالة اللغوية في السطوح الدفينة هي المعنى ما وراء السطوح الظاهره.لان اللغة مع التنسيق الصوتي هو المعنى لهذه الالفاظ الا طبيعة اللغة والنسق الصوتي :يمثلان السطوح الاولى اما المحور الثاني من فنية السطوح فيتعلق بالاحساس ما وراء هذه السطوح بتركيبيها[اللغوي+الصوتي]وعنصريها[الزمكاني]اي بصوتها الموسيقي الشعري ، وتركيب دلالتها المكانية .
فالمعرفة بمكانية الدلالة لا يعني الاطلاق بالوعي اللغوي ، لكن المنحى الفني ، هو الذي يصور لنا المساحات على مختلف تصوراتها من ناحية[التجريد الصوتي للغة ،
ـــــــــــــــــــ
101*-انظر:البرقومي عبد الرحمن ج3ص220
والمساحة اللونية والمكانية للغة ]والخير الزمكاني:هو الخير الذي يقع بين[الظاهر-والباطن]من اللغة.فاللوحة التشكيلية على سبيل المثال اذا ادركنا مساحتها وادركنا المعرفة الحسية لهذه المساحات من القطعة اللونية ، لا يعني اننا قد انجزنا الرؤية لموضوع اللوحة.فالحال ينطبق على اللغة وما تحدده الجملة من اطار معرفي دقيق ودفين سواء على مستوى التقويم او الاستخفاف في صياغة المعنى .
[المعنى واللفظ]
وهما اللذان يرتبطان بالحدث الذي يعبر عن كنه اللغة وهما عنصران من عناصر المحور الاول في الظاهر ثم ياتي الانفصال اذا تحدثنا عن المعنى في المحور الثاني .فالمعنى في الحالتين يختلف في الاشكال اللغوي الذي يربط[اللفظ والمعنى]وفريق من يعطي المحور الاول[الاهمية في اللغة]والفريق الذي يفصل بين[اللفظ والمعنى]يناصر محور المعنى ، الذي يمثل السطوح الجمالية الدفينة في اللغة ويعطونها الاهمية الكبيرة اما الفريق الاخر من هذا المحور فهو الذي يعطي الصورة الاولى اللفظ نفس الاهمية من الناحية اللغوية.فالمقاربة السيكولوجية وتفاعلاتها تأخذ المنعطف الجدلي ليكون التركيز على المحور اللفظي ليكون الانتقال الى[الكود]وبهذا يكون المحور اللغوي خارج الزمكان ، وهذا يكون في لحظة الانتقال الى محور الخطاب اي ان اللفظ لا يكون دالا الا اذا تحول الى حلقة مرئية ليتحقق فعل القدرة اللغوية على الاداء.بمعنى ان فعل الخطاب اصبح واقعة حدثية ويفهم على انه معنى خبري ، وهو تحصيل لمحتوى الفعل الاسنادي في اللفظ ويبقى ان ما نريده من هذه الفلسفة القصدية للسطوح الجمالية للغة في الشهادة على العلاقة[الديلكتيكية]بين التعقل الصوري[Nocsis]والتعقل المضموني [102Nocma]*وتبقى السطوح الجمالية للغة هي محور هذا الاشكال التاويلي الجدلي في المنطق اللفظي الذي يحدث في الجملة المقطعية للغة فهو يحدث في المحور الاول[لان الاجناس والتشبيه يقال في محور السطوح الاولى للزمكان اي ان المنطق الصوتي الزماني يتصل بالمنطق المكاني في التشبيه والاستعارة كما قال المتنبي:
أنامُ ملءَ جُفُوني عن شواردها ويَسْهرُ الخْلقُ جَرََاها ويخْتصمُ
وتعد شوارد اشكال محوري ياتي في مقدمة اللفظة الواحدة ثم ياتي دور-الكلمات اي القصائد كما قال[ابن جني]وملء الجفون هو المصدر فجاء في المحور الاول[اللفظة الواحدة]وجاء في المحور الثاني دور الكلمات او كما يسمونها[القصائد]والمصدر الزمكاني الذي يعبر عن اشتراك المحورين بالحركة الجدلية ونجد من النقاد القدماء من يتحدث عن اللفظ ونقد المعنى[مثل قدامة بن جعفر]فهو يتحدث عن المحور الاول
ــــــــــــــــــ
102*انظر:بول ريكور نظرية التاويل المركز الثقافي العربي ص38
بمظهره[الزمكاني]والذي وضع مؤشرات على معاني[ابي تمام]كان في المحور الاول المكاني المرئي او الواضح في المحور الاول وقد انصب النقد على المحور الثاني لان المحور الاول تناول بالشيء اليسير والمحور الثاني ياتي من الناحية الحسية باعتباره قاعدة تقع في المقدمة من الجانب الحسي وهي القاعدة التحتية من النص الشعري وهي التي تحدد تفاصيل المحور الثاني من النص ، وعن التجربة الفنية من حيث انها تكامل لا يمكن تقسيمه.
والمحور الثاني يعتبر هو القاعدة لمفهوم الوعي السسيولوجي للشعر عند المتنبي.وان فهم جدلية الجمال ياتي من خلال الادراك الحسي لهذه الموازنة لذلك جاء الادراك الحسي في المحور الاول من النص.والجمال في الشعر العربي قد يكون في المحور الاول لا بالمحور الثاني ولذلك كان الشاعر العربي يحدثنا عن تكامل تفاصيل الصورة في شخصية الحبيبة ، في اجزاء جسدها ، ولا نجد مقابل ذلك من شاعر يحدثنا عن الوفاء او الحنان او ذكاء الحبيبة بحيث تقع هذه الصفات في المحور الاول من النص ولكن نجد هذا عند النقاد وقد اهتموا بالمحور الثاني من النص.ولكن الاغلب عني بالمحور الاول وبقي المعنى بوصفه منهجا جدليا داخليا يتأسس وفق منظومة خطاب محورية دفينة لانها المحتوى الخبري لموضوعية المعنى ، والفعل التميزي لابعاد النص الشعري ليمثل النطق ، وهو الجانب الذاتي لحركية المعنى.والمتنبي في حركيته للنصوص الشعرية وتركيباته وفق الاحكام التي تأسست على تفاصيل المحور الثاني من النص.والنحاة كانوا قد حولوا القضية الى صياغة المعنى وفق منعطف[اللفظ والمعنى]الدلالي والصياغة بهذا المعنى.وقد تكون الغلبة والتقديم للفظ على المعنى او قد يكون التقديم والتأخير اما في نظر[ابن جني]فهو نمط من انماط الكلام وقد نجده في[القراّن الكريم]او في النص الشعري او النثري وهو انواع عديدة مثل:[تأنيث المذكر او تذكير المؤنث او ايقاع المعنى في الواحد او العكس وهذا ياتي في الحمل الثاني على نمط اللفظ.وعليه قد يكون الاول اصلا او فرعا:واسلوب[ابن جني]هو:واحد من عدة اساليب في اللغة في خواص التعبير عن كنه المعنى ، وهو مذهب واسع وقد يصل الموضوع الى التعامل بالابهام.وهنا يحتاج الى عملية تأمل في اشراك ذهني دقيق ثم جاء-[الزمخشري ،بحلول لهذا النمط من الكلام]فياتي اللفظ على[معنى المعنى]وعند الاشارة عند ابن جني في انواع الحمل على المعنى وقد يستعمل اسم الاشارة هذا الخاص بالمذكر بالاشارة الى المؤنث ، وهنا يحتاج الى اشكالية التأويل في المشار اليه الى منزلة المذكر حتى وان حصل لفظ التأنيث.وكان قوله تعالى:[فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي]وهو التقدير المحذوف في بقاء اسم الاشارة في وضعه من الدلالة التذكير.[وابن جني]جعل مركز التأويل في دخول اسم الاشارة المذكر في الاية في اطار التأنيث عند[ابن جني]ثم جاء[الاخفش]في جعل التأويل ليوسع هذا المفهوم في المحافظة على اصول المعاني في القرأن الكريم.وان ظهور الشمس وذكر الرب في النص حيث قال لهم[هذا ربي]فهو تسامى بهم في مركزية النص الى الوحدانية الالهية ونخلص الى نتيجة منطقية بان كلام[ابن جني]:ان الحمل على المعنى:هو تحميل المعنى معنى اخر بالتذكير والتأنيث عبر شواهد شعرية مثل قول الحطيئة:
ثلاثة انفس وثلاث ذَوْد لقد جار الزمان على عيالي 103*
وحين جعل ابن قتيبة هذه الطريقة في التعبير للمنحى الاختلافي في ظاهر اللفظ ومعناه وهو خروج المنطق الكلامي خلاف[الظاهر والحمل]على المعاني.
فالذي حصل في هذه القضية:هو التنوع الخطابي والتنوع الكلامي ، والانتقال من حالة اسلوبية الى اخرى ، وهذا الذي يتعلق بالمعنى وتشعباته ومجاز الاسلوب وما يتعلق بتركيب النصوص من تحليل لغوي ودراسة تركيبية للنص والمتغيرات التي تحصل من خلال[حمل المعنى واللفظ]وما يشوبهما من تضمين واتساع وما يرافق ذلك من تغير في تشكيلات التراكيب واختلافية في التقديرات الدلالية وما يعتريها من تغيير في التقديم والتأخير او الحذف اثر التركيب الجديد للمفردة بعد حصول الوعي
ــــــــــــــــــــــــ
103*-انظر:تاريخ الامم والملوك ج9ص109
الجدلي من اتساع في[الحمل على المعنى]وما ال اليه المنهج التأويلي في الظاهر ودراسة اصل المعنى استنادا الى عمق البنية التي تختفي داخل سطوح النص الشعري.وهذا هو المنهج اللغوي الذي اختطه[سيبويه في دراسته للتركيب اللغوي وتأسسيه المدرسة القديمة درس النحو استنادا الى النصوص في القرأن الكريم.مثل الاخفش ، والقراء ومن المعاصرين مثل عبد القاهر الجرجاني]ويتجلى النص في قيمته من خلال ما يحتويه من خلاصة للمجاز لانه المحور الحقيقي للسطوح الجمالية للغة وهي تتفرد بالجملة العربية .والنص القرأني يتجلى في خواصه الجمالية العربية فهو نصا متساميا في خواصه المنطقية وقد تجلت تراكيبه المجازية في الدراسات القرأنية.
[النص والاسلوب]
ما يتعلق بالمدار البلاغي والفهم لمنطلق الصياغة وطريقة التفسير والتأويل-وتحديد الابنية السطحية التي تتعلق بالتمثيل الضمني للاحكام.وما هو متصور في اختلاف الثقافات.وكان[الجرجاني قابل ملتقى هذا الحوار في النص من خلال تأدية معناه باعادة الصياغة بلغة وانتاج وتركيب جديد للنص]الى معنى للفهم والمفهوم والى خلاصة بالاتيان للمعنى بعينه ، وايراد الكلام على حقيقته ، وان دلالات الالفاظ عند[المعري في لزومياته هي ظاهرة ايضاح لهذه-الدلالات في كتابه[زجر النابح]واذا اتينا الى المقارنة بين[الشعر والنثر]تتوضح الصيغة المنطقية في الكلام بعد ان حملت معاني عديدة.وهناك امثلة لما اورده المعري في كتابه اعلاه حين يقول: كن عابدا لله دون عبيده فالشرع يعبدُ والقياسُ يُحرّر
والمعنى ان الذي يحدث في مجال العبادة هو قرار بالنسبة للناس:فالشرع هو ان يعبد وانك يجب ان تكون عبدا لله.وان مقياس هذا اللغز هو التحرر بالقياس الذي هو التحرير والاظهار والاثبات وهنا القياس في معناه هو التحرير وهو الرجوع الى الاصول كما الالفاظ في الصياغات اللغوية.ولذلك كان[الجرجاني يبحث في حقيقة النظم وتوخي المعاني والاحكام وفروقها والعمل بالقوانين والاصول فيما يتعلق بالمعاني في التقديم والتأخير ووضعها في مكانها]مثل قول المتنبي بعد ان حمل عليه النقد:
ولذا سمّ أعطيهِ العيون جفونها مِن أَنها عَمَلَ السيوف عواملُ
فيأتي على عدة مشاهد وقوانين :
1.بذم هذا الجنس.
2.الفكر الزائد على المقدار.
3.سوء الدلالة .
4.ايداع المعنى في قالب غير سوي .
5.واذا اردت ابرازه او اظهاره خرج على غير عادته مشوه وناقص البنية والصورة 104*وبالقياس الى النسق في الاشارات ياتي ثلاثيا وهذا مسند نتعرف من خلاله على[الدال والمدلول]وترتيب هذه الاشارات بشكل ثنائي في المنظومة الشعرية عند المتنبي.فالدال والمدلول الجماليين هما محورا معرفيا يلجأ الى المجالات الشكلية للعلامات والمضامين والذي تدل عليه هذه المتشابهات وشكل الاشارات وهي المضامين التي تنحل في التركيب للنص الشعري.
هذا التركيب هو في تجريبيته اللغوية يوجد في عملية التسامي لكيان النص المتفاعل بالحدث ، وبالاشياء.وهي علامة يقوم باظهارها الوعي الشعري واختلافاته من خلال جمالية اللغة باعتبارها منهجا مطلق الولادة المستمرة للخطابات الجمالية ، حيث يتشكل النص الشعري ليعيد اشاراته في كلام يتجدد من خلال التوازنات الجمالية للنص وافتراضات للشرح في اطار العلامات المرئية ، وتقع في ثلاثة مستويات للغة وفق كينونة الكتابة.هذا التعقيد يخفي اشكالا يتأرجح باختلافية ثنائية تجعل النص الشعري بدلالة اللغة ووجود الشأن الكتابي في معترك هذه الاشياء.والنص الشعري
ـــــــــــــ
104*انظر:الدكتور المعلوف سمير احمد:حيوية اللغة بين الحقيقة والمجاز منشورات اتحاد الكتاب العرب ص242
عند المتنبي متواجد جماليا في مديات النظام العام للغة وهي تترتب بالتمثيل الجديد في
قيادة محور الظهور باشكالية جديدة يعطي معنى جماليا ، وبالفعل يتم التعرف على هذه الاشارات اللغوية ، وهي مرتبطة بما تعنيه من تصورات وتمثيل واستجابة فكرية حدثية تحيل المعنى والمغزى الدلالي الى امكان لغوي معلوم في حالة من الانتماء العميق للغة.
وكذلك المعلم[الابستمولوجي]باعتباره سيطرة اولية لمعنى الكتابة واللغة معا.ثم تتلاشى الطبقة الهشة التي يتقاطع معها[المرئي الابستمي]والمقروء في رؤيا البيان ، وتداخل الاشياء في لغة تكرس المعنى الجمالي في السماع.وتكون مهمة الخطاب الشعري هو اعلان التركيبة الفكرية والشعرية لوعي الثقافة في القرن الرابع الذي عاش فيه المتنبي ، وهو التركيب الذي يعي دلالة الاشارة في وعي سيادة التشبيه حيث ولادة الكينونة للاشارات ذات الغموض الرتيب في الشعر ، وهي اشارة الى اتجاهات وميول ابي الطيب المتنبي الى المعرفة التفكيرية الجديدة فيما يتعلق بغريزية الشعر الى اكبر مداحي العمود الشعري-اللذان عرفهما العصر السابق وهما[ابي تمام وتلميذه البحتري]والذي باشر ابي الطيب النشأة على ايديهما وفي هذه النشأة من القراءة تطبع ابي الطيب بطابع هذا الكيان من النفوذ والذي لم يستطع الافلات منه الا بعد ان امتلك الصفة الخطابية للشعر.ولكن بعد جهد جهيد من وظيفة التمثيل هذه.فكان التأثير يملك قيمة بوصفه خطابا وفن في طريقة البناء.فكانت اللغة تشكل حضورا متشكلا في تكوين هذه الشعرية اضافة الى[ثمة انحيازا عرقيا مسبقا لان ابا تمام والبحتري مثل ابي الطيب ينتسبان الى طي باعتبارها قبيلة عربية تقع في الجنوب وابي الطيب كان يعتقد مثل بقية من عاصرهم بان الوعي الشعري مرهونا بأليمنيين وهذا اجزء من التأثير بالشاعرين اي ان السبب كان في التأثير الشعري والتأثير العشائري او القبلي]105*لقد خلص ابي الطيب الى نتيجة في هذا الانحياز والتفضيل الى طريقة شعرية في البناء وهو صعود وظيفة التمثيل عند المتنبي في خاصية المدح باعتبارها هي السوق الدائمة في تلك الفترة ، وان الخاصية الابستمية وهي تعلن عن تكوين جديد يتخللها مضمون ينظم الاشياء من خلال علاقة[الدال بالمدلول]في حيز يكفل شكل مداخلات الابستمة وقيمها اللغوية وهي تنطوي على تمثيل يتضمن معالم ذلك العصر الذي عاش فيه ابي الطيب.ونرى ذلك في تطابق الاشارة في الانساق الشعرية وهي تخفي تحت طياتها[فكرة التشابه]او[التشكيل في المنظومة الثنائية لابي تمام وتلميذه البحتري]ثم الايقاع الشعري في التشكيل الذي اصبح ثلاثيا عندما التحق بهم ابي
ــــــــــــــــ
105*انظر:الدكتور ريجيس بلاشير:ابو الطيب المتنبي:ترجمة الدكتور ابراهيم الكيلاني منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق ص40ص41
الطيب حين قلدهم وبقي التشكيل الثلاثي في كينونة الخطاب الشعري حتى تمت بلورة
التمثيل المستقل لابي الطيب ، والفكرة الدالة على خروجه من الكوفة وحدود هذا المدلول ودوره في التمثيل خارج مسقط رأسه.فكان المقصود هو اخفاء هذا الطموح والانتظار حتى تتشكل هذه الاصرة في الدالة المضمونية وتعيين خواص التمثيل ، ولكن الاقدار كانت اكبر في اظهار ما كان خفي في ترسيم الخريطة السياسية الجديدة لمدينة الكوفة.فالتمثيل الذي حدث في اواخر سنة[315 هجرية /927 ميلادية من القرن الرابع]هو ظهور كيفيات فكرية مختلفة من القرامطة تحت قيادة ابي طاهر بالهجوم مرة ثانية على الكوفة.وكان من نتائج هذا الترتيب الجديد من الغزو هو مضاعفة فكرة التمثيل الجديد خاصة بعد رحيل ابي طاهر بفكرة الظهور العمودي للاديولوجيا وفكرة التمثيل الشعبي الافقي الثنائي للثورة في داخل مدينة الكوفة وخارجها اي في ضواحيها ، ولكن هذان المحوران العمودي-والافقي اديا الى نزوع فكرة الرحيل المبكر لاصحاب الثروة من[البرجوازيين]الذين افزعهم[المنهج الشيوعي القرمطي]وهذا بدوره اثرا تاثيرا مباشرا في المتنبي على المستوى الشعري.
فكان المنهج التفكيري لابي الطيب قد امتد ليشمل التصور اي لحركية الفكرة القرمطية وهي تسكن في امتداده فكان للفكرة ادراكا مجردا ومجسدا للفكرة الابستمية العامة وهي التي تكونت بالحس والتمثيل لهذا الحس وبشفافية مطلقة.
وكان لتمثيل الفكرة والقدرة على استعادة الانتاج لهذه الفكرة في دقة ، بمعنى للكلمة من تدقيق للغة من مداخلاتها الجوهرية في الدلالة والقدرة والتوافق السياسي في تحليل هذا التصور وهو جزء من تفكير حقيقي يمثل بالذات ويرمي الى جملة اطلاقية يكون مضمونها منقسم الى قسمين ينعكسان في المعادل الجذري الاطلاقي الفكري وكذلك المعاينة السياسية في التقاء هذه الذات.فكان للمتنبي تشكيل فكري خطير ودقيق من حيث المواجهة التي تستدعي التداخل بين خاصية التطور الشعري من خلال تطور اللغة بالحدث السياسي واظهار الموازنة المأخوذة بشكية النسيج المحبوكة بالاثر الخارجي وعبر شبكة لا مرئية تقع داخل مكونات المنظومة العقلية والتي شكلت مشكلة كبيرة بالنسبة الى وعي المتنبي وواقعه المعقد حتى على مستوى اللغة اضافة الى سمك العالم المحيط به وسماجة مجتمعه في خلط الاشياء والاوراق فان كل هذه الاشكاليات كانت تستدعي لغة اخرى للمتنبي في تفسيره وشرحه وتأويله لجعل اللغة تتكلم وتتحرك وفق كينونة المنطق الحسي للاشياء من حيث القراءة الجديدة لمداخلات الواقع الاجتماعي ووجوده المحير للغة.وكان المتنبي يجد نفسه متمردا ثم يظهر متواريا في هذا التشكيل الاختلافي والذي يظهر بوجود هذا التجرد في منظومة اللغة وليس لها بدا سوى التطور والتغير من خلال القيمة والقدرة على صنع الحدث بالنسبة الى ابي الطيب وكان يناهز من العمر تسعة عشر عاما وكان نبوغه الشعري واللغوي مغمورا وكان لزامًا علينا ان نضعه في خانة التمرد على المستوى السياسي والديني باعتباره متمردا شابا في بداية حياته الشعرية.وكانت الدعوة القرمطية والايمان بها قد غلبت على هذا التمرد عند ابي الطيب في بيتين للشعر مؤرخين في سنة 321هجري/933ميلادي كما يقول الدكتور[ريجيس بلاشير في كتابه ابو الطيب المتنبي كما اشرنا اليه قبل قليل]حيث كان ابي الطيب مفتونا بالجرأة الفكرية لهذه الحركة القرمطية.وكان للغة دافعا جماليا متوثبا للمشاركة بهذه الثورة الشعبية .يقول المتنبي:
ِبكُل مُنْصلتٍ ما زالُ مُنْتظري حتى أدلت له من دولة الخدم 1*
شيخُ يرى الصلوات الخمس نافلة ويستحلُ دَمَ الحُجّاجِ في الحَرَمِ 2* 106*
وهنا تتكشف العلاقات الدينية والسياسية واللغوية بتشكيل هذا التمرد عند ابي الطيب ويمكن التحقق من وجودها ليس بهذين البيتين ، ولكن بخلاصة الخطاب الشعري وشروطه التمردية المطلقة حتى على النص الشعري وبتشابك هذه العلامات والكلمات
ـــــــــــــــــــــــ
106-*-المصدرالسابق نفسه ص83
1*-يقصد دولة الخدم الاتراك الذين تملكوا بالعراق.
2*-وهي اشارة الى المذابح التي قام بها القرمطي ابو طاهر في صفوف الحجاج سنة 317هجري/930ميلادي
باعتبار ان اللغة عند ابي الطيب تدخل في عملية تسامي جمالية حيث يكون النص الشعري شديد التماسك من الناحية اللغوية وهو يجري مجرى التسامي الفكري حتى تظهره لغة تاويلية شارحة كنه الاستدلال الجوهري للتمثيل الامكاني المفتوح بحيادية مطلقة الا ان مهمة الخطاب الشعري تنجز لغويا بالثبات الفكري الذاتي المخصب[قرمطيا]والممثل بالغامض المختفي المبهم ، تمثيل الاستقطاب وتحليل المركب في لعبة التبدلات والتمثيلات الذاتية من خلال اكتشاف المضامين وتحليل الاشياء الدفينة والمرئية ، والظاهره وتحليل اللغة خاصة القيمة ، المتركبة فكريا ، والدور السياسي الذي اختلط بالغموض حيث تم استنطاق اللغة وفق وظيفة مستقلة من الاشارات يطرح من خلالها حضور الكلمات وتمثلها بهذه الضرورة الجدلية والجمالية والتعارضات في المضامين المطروحة وتثبيت الدور التمثيلي للغة وفق اشكالية متميزة تضامنية ومتمفصلة متعلقة بعملية التركيب الجدلية الجديدة على المستوى الفكري في التاويل للكلمات وعلى مستوى بناء منظومة فلسفية من مفردات لغوية جديدة ذات تركيب جدلي تاريخي اضافة الى تنديد المتنبي بالمفردات العامة التي تصور عملية الخلط وبتمايز في التمثيل وفق كلمات عامة ومجردة وهي التي تقوم بعملية الشرخ وابعاد ما هو متضامنا والضرورة كل الضرورة باكتشاف لغة متطورة تواكب الاحداث التاريخية من ناحية التحليل والتجلي المنطقي بالنحو باعتباره تحليل واستنتاج لقيم ممثلة بتركيب المفردات وفق منظومة لغوية تكون اكثر كمالا ومتانة في صياغة النحو وامتلاك نسق الحروف في نظام لغوي متقدم ومتعالق مع منظومة
[زمكانية]تؤشر علاقات هذا التعاقب ومجاله في فحص الاشكالية البنائية وتحليل انماط الخطاب وقيمة الاستعارات وفق ، مختلف القيم والعلاقات التي تقيمها اللغة مع مضامين التمثيل الجوهري او توابع الحدث في مواجهة اللغة وفق مهمة تحديد العلاقة بما تمثله من اشكالية في متن اللغة وما يقع عليها من تبعات.والمقصود من هذا ، هو اعادة حقيقة الخطاب الشعري عند المتنبي الى علميته ، باعتباره خطابا خرج عن لسان نبي من الانبياء الى عامة الناس وهذا هو السائد في شعر المتنبي حين تستنطق اللغة جماليا انطلاقا من جدلية العصر التاريخية في تحديث اللغة وفق مفردة التمثيل عند المتنبي فهو يحافظ على اللغة داخل نظامها الالسني وفي صعود انساقها الجمالية وكينونتها.اما وعورة النص الملتزم تاريخيا بالمديح احيانا والمتنبي كان قد اخذ على عاتقه المهمة الصعبة والمستحيلة احيانا ، فكان متجددا دائما في ذاته الشعرية.وكانت اللغة بالنسبة الى ابي الطيب هي لغة الانتماء الى اللغة اولا والتمثيل لها ثانيا على المستوى اللانهائي في عملية التردد.واللغة الشعرية في نظر ابي الطيب وجودا كاملا في التمثيل الطبيعي للخطاب الشعري ، باشاراته اللفظية وخصوصية هذه الاشارات في التعامل الفني الذي يقوم بتسجيل عملية التمثيل داخل تركيبة وانساق تتعلق بالمدى التجديدي للبنية الشعرية ، حيث قال ابي الطيب ابيات مرتجلة في بني[القصيص]الذين بقوا اشداء رغم هزيمتهم وهكذا كان اتصاله[بابي عبد الله معاذ بن اسماعيل]رغم العقبات التي كانت قد اعترضت المتنبي بسبب حداثته في السن وهو يريد ان يحقق ما يريد بهذا الخطاب الشعري المرتجل ، فكان عليه ان يتصنع المبالغة وهذه جاءت من رصانة طبعه ومحاولة السيطرة على نفسه وتجنب كل ما يقلل من شخصيته ، وكان لا يتردد في السيطرة على الاوضاع اثناء تلاوة القصيدة.
يقول المتنبي:
أبا عبد الاله مُعــاذُ إني
قفيّ عنكَ في الهَيجْا مَقامي
ذكرْتُ جَسيمَ ما طَلَبي وإنا
تُخاطرُ فيه بالمهج الجسام
امثلي تأخذ النكباتْ مِنهُ
ويجزعُ مِنْ ملاقاة الحِمامِ
ولو برز الزمانُ اليَّ شخصاً
َلخضبَ شعرَ مفرقه حُسامي
وما بلغتُ مشيئتها الليالي
ولا سارتْ وفي يدها زِمامي
إذا امتلأتْ عُيُون الخيل منّي
فويلٌ في التيقظِ والمنامِ 107*
فكان للرسالة البنيوية عند المتنبي طابعها[الشعبي]بالاعتقاد وذلك في امتداد جذورها الاولى في صناعة الخطاب الشعري من نسق بالعلاقات والاختيارات للافراد وبهذه المنهجية في الخطاب استطاع ابي الطيب ان يحقق التمثيل اللغوي في بناء الخطاب الشعري بادوات[قرمطية]من الناحية الفكرية اضافة الى اعتقاداته[القرمطية]بالامامة بان الامامة هي ليست تنتهي بالوقوف وبالتمثيل على الامام علي واسرته من خلال الحكم الوراثي.بل ان الامامة في نظر[القرامطة]هي ولاية مشاعة لكل المسلمين.وبهذه الطريقة استطاع ابي الطيب اقناع اكثر عدد من سكان اللاذقية بفرض هذه الافكار التي اقنعت الكثير منهم من خلال الخيال[الشعبي]بان اراءه هي اراء يضفي عليها طابع النبوة.
وبهذا الخطاب الشعري البلاغي ، استطاع المتنبي ان يثبت ان العمق الشعري وعمق
ـــــــــــــــــ[/b]
99*انظر:جيرالد برنس:قاموس السرديات ، ميريت للنشر والمعلومات القاهرة العام 2003ص112
اضافة الى خاصيات اخرى في المتشابهات-والمتناظرات والتي تعتمد القياس الذي يربط:المدلولات-والمنطوقات كما هو الحال في[النبر]وايحاءات الوعي البنائي في بنية الاصوات المختلفة الالوان والخصائص المختلفة[الانغلاق والانفتاح]على ضوء حركية الحروف والكلمات التي هي مرتبطة اصلا بالنسق والسياق الصوتي وتخارجات المنظومة اللغوية.وان اللغة والحروف هي موضوعات مرتبطة بالسياقات الصوتية.والايقاع هو المقياس بتاثيرات هذه البنية الصوتية في زمنية تؤكد من خلالها حركية الايحاء.لتؤكد هذه الوساطة.هو ان ما يميز الايحاء التام -والحكم التام بالنسبة الى فلسفة ارسطو التي تعتبر ان العمليات الفنية هي[محاكاة]وان انواع الفنون الاخرى هي مختلفة حسب موضوعاتها اضافة الى الصيغ الاختلافية والتي تتالف من هذه الثنائية المنطقية عند ارسطو التي استخدمها[هوميروس]في تشكيل ثلاثة اشياء للمحاكاة واستنادا الى الخلاصة الارسطية في تحديد نوعية السرديات الصوتية باعتبارها تقع في دائرة المحاكاة الفعلية[mimesis-praxeos]في استخدام الوسيلة اللغوية في مناقشة طروحات ارسطو في كتابة[الشعر لارسطو]وما علاقة هذا الكتاب بتقنيات السرد.ثم ياتي [بول ريكو]ليطرح منظومة الحبكة[plot]في زمن انساني كتشكيل اختلافي يقع بين[الزمن المتشكل في الحياة والفعل الانساني]والزمن الذي هو محصلة تركيبية للرد وربما يكون اقوى من سابقه من ناحية التشكيل الفعلي لمفهوم المحاكاة ، هذه العملية تاتي بارتباط مفهوم جديد للتمثيل المتعلق بالحياة الانسانية او من خلال المرور عبر قنوات مصطنعة لاعمال شعرية مطروقة تحديثيا لابي الطيب المتنبي والكشف الدقيق والجوهري-وعبر الامساك بعناية الايقاع والذي يؤكد المنطق الاسلوبي للنصوص الشعرية المفتوحة عند المتنبي وهي النقطة المتحولة ، من المنظومة اللغوية المتعلقة بالنظام الصوتي وحالة الانطلاق نحو تحليل استقرائي للنص وبتصور استنتاجي يقرب عملية التوصل الى اسلوبية تجسد معنى اللغة من خلال قضية نقل المعنى الى خواص ايحائية.وهذا ياتي في سياق جدلي بين اللغة والمعنى والايحاء.هذا التركيب هو الذي يولد الشفرة الرمزية للصوت في المنظومة الشعرية عند المتنبي.
[تشكيل الصوت]
هو التشكيل الذي يتعلق بالمادة المشكلة ، والتي تظهر في تفاصيل الخطاب الشعري ، باعتبارها رسالة موجهة الى المتلقي لتحدث تحولا صوتيا في صيغة السماع وهي حلقة متواجدة في لعبة التناغم واشكالية التعبير.وتتم المناقلة عبر هذه القنوات من خلال عنصر التلقي ليتحول الى خاصية معنية بالنص.هذه العملية بدورها احدثت بعدا صوتيا في [مثيولوجيا المنطوق الادبي المتوارث في تفاصيل موسيقى الشعر العربي ]او النثر وهي معايير لشبكات وزنية متكونة من الايقاع ، وياتي في مقدمة المعاني القاموسية لانماط الشعر-والنثر الفني عبر المراحل التاريخية.هذه الاشكال الصوتية تؤكد خروجها عن الاطر الوزنية لتقوم بعملية التكرار داخل الخطاب الشعري وتختص بالمعادلات[الجناسية]بانواعها والوانها سواء التامة منها او الناقصة او اللاحقة المكثفة او الربط بين[المعنى والدال]عندها يظهر الصوت على شكل منطق دلالي اضافة الى عمل الجناس المنقوص بدلالة الجمل المقطعية المختلفة لكنها تحتوي على تشكيلات من الانسجة الصوتية المتشابهة رغم اختلاف التغاير في المعاني والجمل المقطعية .وهذا يظهر الشكل البلاغي للنص الشعري وفق ادق مهارة في نسيج اللغة مثل قوله:
سُبْحانَ خالقِ نفْسي ، كَيفْ لذَّتُها فيمـا النُّفـُوسُ تراه غاية الالمِ
الدَّهْـرُ يعْجبُ من حْملي نوائبهُ وصْبرِ نفْسي على احِداثِهِ الحُطِمُ
هذا النسيج البلاغي السيكولوجي يقع في دائرة التالف التقني بين[الزمكان]في تشكيل النمط الصوتي وتجانسه مع الوضع السيكولوجي للشاعر .ونحن نقرأ شعر المتنبي لنعثر على التصويب البلاغي وانماط من التجانس في خواص المنطق الصوتي وهمزة الدال الفاعلة في المدلولات المتغايرة تظهر الجمل والمعاني المختلفة وتكوينات تتشكل بانماط متجاورة من التجنيس والتمثيل للتكوينات المتغايرة بانماط الدلالة
واشكالية اصواتها وهذا يظهر في الخواص الطردية من احكام المنهج اللغوي.وقد تمثل بقول المتنبي:
فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ولا مال في الدنيا لمن قل مجده
ويلاحظ في هذا المحور المتعاكس وهويتعلق بالانماط الصوتية متجاوزا منهجية[النحو والدلالة]ان يكون المرتسم باللفظ هو غاية التكرار الذي يميز التكوين اللغوي بدلالة اللفظ.ثم ياتي محور[الحزم الصوتية]وقد تمثل بالعملية المتعلقة بالانسجة الخطابية وهي التي تثير مكامن الايحاء ليقوم بالتعبير عن خواص المنظومة الشعرية حيث يتسامى المنحى اللغوي في العلاقة بين[الصوت والمعنى]او[الدال والمدلول]وهنا يترجم المنحى الخاص الذي تكون عبر موسيقى الجمل المقطعية التي تعبر عن طبيعة في الرؤية البصرية او حضور المعجم اللغوي الذي ينقل الحدث الصوتي ويحوله الى حلقات التحليل الاولى في الرصد والتصنيف والبحث في خواص التداخل والترابط بين -[الدال والمدلول]او بين الضوء-والموسيقى داخل بنائية شعرية متكونة من مرتسم اللغة وتشكيلها النحوي وتعقيدات حدودها الفاصلة بين هذه المستويات المختلفة.لانها تختلف عن مكوناتها النحوية.وقد تكون عرضه لتكرار بعض الأصوات دون المبالغة في حالة السيطرة ، مما يضعها في مرتقب الخاصيات التي يغلب عليها التشكيل النحوي في تفاصيله بالحذف للكلمات والجمل المقطعية في اطار السياقات العادية ، وهي نتيجة حتمية لضرورة الاستقامة للمنطق السياقي وحلقات[المنطق النحوي والدلالي]والذي يشكل منعطفا دقيقا في الصيغ البلاغية ونزعة الاختصار للمعنى المقصود ما دام السياق واضح والحذف لايؤثر على وجه الجملة لانه يقع في منظور الجملة التي سبقت هذه الجملة المقطعية يقول المتنبي:
لو كان لفظُك فيهم ، ما أنزل الفُرقان والتَّواة والانجيلا
وقوله:
وكُنْتُ من الناسِ في مَحْفِلٍ فَها أنا في َمحِفْلٍ من قُرودِ
ويعد المحور النحوي في اطار الحذف بالاعتماد على ايضاحات الجملة التي تقع بعد الجملة التي سبقتها ثم تحذف اضافة الى حذف ادوات الربط في الجملة الشعرية المقطعية ليتشكل محورا اخر يعطينا محصلة في سرعة ودقة الايقاع ، والتعبير في النص الشعري بعد عملية التصاعد في الانساق الشعرية باضافة جمل شعرية جديدة ، وظاهرة العكوس في النص الشعري التي تمثلت بالاضافات للجمل الشعرية المقطعية ، فهي تساعد الاشكال البلاغية ، والنحوية في تنظيم الايقاع الشعري او النثري والاستهلال واحد من هذه الاشكال.وقد تمثل في قول ابي الطيب:
[ترفع فيما بينناالحجابا]وياتي الختام في تكرار وتشابه في اطراف النص الشعري وهو يتشكل بالبلاغة العربية في عنوان الارصاد والتقاء الاطراف وفق نسق من التشابه البلاغي او تكرار يحصل داخل نمطية نحوية تقع في جمل متتالية ومتوازية حسب التنظيم الخطابي للقصيدة.وتاتي هذه الشعائر البلاغية وفق مقادير -ومتقاربات تتمثل في النص الشعري:مثل قول المتنبي:
عائِبٌ عابني لدْيك وَمِنه خُلِقتْ في ذوي العُيوب العُيُوبُ
وكقوله:
ومِنْ جاهلٍ بي ، وهو يجهلُ جِهْلهُ ويَجْهل عِلمي انّه بيًّ جاهِلُ
ومع هذا الاستيفاء للاقسام التحليلية في قضية التمثيل لعناصر اختلافية نقوم بتقديم نصا مغلقا يستخدم لجمع صياغات ومعاني مختلفة.وحتى يكتسب الخطاب الشعري طبيعة فكرية بتحقيق المعنى العلمي للتعالق في نهاية المقطع الواقع في النص الشعري وللوحدات المنشورة من خلالها ، يقعان اشكالان في تاريخ البناء للنصوص تلك المرحلة الاولى وتقع في الكلاسيكية .اما الثانية فتقع في منظومة الشعر الحديث ، اما ما يقع في التركيبة داخل الجملة الشعرية وهي المرحلة الاختلافية في الاشكال النحوي وقد تمثل[بالتقديم والتأخير]وهو خارج التسميات البلاغية رغم ما له من اهمية بارزة واختلافية في الاستخدام الامثل في المتغير الافهامي للكلمات مثل تقديم الحال.في قول المتنبي:
كئيبا توقاني العواذِلُ في الهوىْ كما يتوقىَّ ريَضَ الخَيلِ حازِمه
فالنظام في توالي الجمل المقطعية يتحقق بعملية الالتفات ليحدث في تفاصيل الضمائر ثم الافعال اضافة الى مكونات الجمل.وهذا يتصل بمكونات التوزيع للانساق النحوية وهي تقوم بدورها وفق عملية انتاجية للاشكال البلاغية باطار التوازي المتشكل نحويا ليقوم بهندسة الفقرات وفق منظور متماثل يقع على مستوى طول النغمة ومكوناتها النحوية وعلاقتها بموسيقى الشعر ، وهي اصرة جوهرية تربط اللغة باواصر متقابلة من الخطاب الشعري ، وهذا التشاكل الاختلافي له نمطية جوهرية داله حين ناقشها[جاكوبسن]من موقع المقتدر حيث اعتمد عليها-100[ليفين]في خواص التحليل لاشكال التداخل الشعرية وتزاوجها ببعضها مع البعض الاخر باعتبارها حدث يستحق الاهمية في انسجة اللغة .هذا الموضوع ادى بدوره الى اثارة الشقوق الزمنية وعلاقتها بالادامة التذكرية للنصوص الشعرية كما قلنا في بداية هذا الكتاب عن الشقوق الزمنية وعلاقتها بالتناص في الاستحضار الشعري عند المتنبي.ويعد التوازي الدلالي وعلاقته بجوهر البنية الشعرية هو الاكثر اتصالا -بالمستويات المتعددة من المنظومات الصوتية وفي نمطية الجمل المقطعية المعبرة عن عناصرها النحوية والوزنية وهي التي تؤدي مستوى الوعي المتكون من الناحية الشعرية.
ـــــــــــــ
100*انظر:فضل صلاح بلاغة الخطاب وعلم النص..عالم المعرفة الكويتية العدد164ص215
[السطوح الجمالية للغة عند المتنبي ]
وهو ما يتعلق[بعلم اللغة الحديث وعلاقته بالدراسات البنائية]في انساقه من نصوص المتنبي الشعرية.والموضوع ينطبق على النضج والثراء والدقة في الشعرية واللغة عند المتنبي التي تخطت الحاجز الى العلوم الصوتية وما يتعلق بمتغيرات[علم اللغة]وما قام به المتنبي من دور في تشكيل جمالية اللغة وهي اشارة الى مكمن[علم الصوتيات]وخطواته التي كانت قد تجاوزت بنية اللغة الى المعالجة للوحدات اللغوية على اسسها الجمالية ومنظوماتها التحليلية.وفي تناولنا لموضوع[جمالية اللغة]عند المتنبي لابد من العودة الى مفهوم السطوح اللغوية[الظاهرة والسطوح الدفينة]وفي المحور الاول تكون السطوح محسوسة او مفهومة ، اما في المحور الثاني فتكون السطوح[زمكانية]فبين هذان المتوازيان في الزمكان ، يتمثل حدثان هما:حدث الصوت بامتداده الزماني وحسه المرئي الذي ياتي عن طريق تجسيم اللفظ بالدلالة مثل قول المتنبي:
ويوما كأنَّ الحسنَ فيه علامة بعثْتِ بها والشَّمْسُ منكِ رسولِ
في هذا البيت مكونين رئيسيين للزمكان:فكان الحسن من علامات الصدق والشمس هي الرسول كما يقول البرقوقي ، ولكن الحبيبة بعثت ذلك الحسن -وفسر هذا ابن
جني في اثارة الغبار وهو الذي ستر الشمس فهي الرسول الى محبوبته.101*
فتجسيم اللفظ جاء في الحلقة الدلالية في[الزمكان]في الحسن وهو الجمال الحسي ، والشمس هي الجمال المكاني وهذا معنى الظاهر والباطن الجمالي في النص الشعري .وقد توازيا في[زمكان]فعلي في اللغة ، فالزمان اللغوي كان في النسق الصوتي وهو اللفظ في المعنى الحسي وطبيعة اللغة في التنسيق الصوتي الدلالي وما بقي من السطوح الدفينة ما يحس من معنى واراء السطوح الاولى وهي تتكون من[زمكان]يتعلق بالصوت الذي يؤكد موسيقى الشعر والدلالة المكانية.فالدلالة اللغوية في السطوح الدفينة هي المعنى ما وراء السطوح الظاهره.لان اللغة مع التنسيق الصوتي هو المعنى لهذه الالفاظ الا طبيعة اللغة والنسق الصوتي :يمثلان السطوح الاولى اما المحور الثاني من فنية السطوح فيتعلق بالاحساس ما وراء هذه السطوح بتركيبيها[اللغوي+الصوتي]وعنصريها[الزمكاني]اي بصوتها الموسيقي الشعري ، وتركيب دلالتها المكانية .
فالمعرفة بمكانية الدلالة لا يعني الاطلاق بالوعي اللغوي ، لكن المنحى الفني ، هو الذي يصور لنا المساحات على مختلف تصوراتها من ناحية[التجريد الصوتي للغة ،
ـــــــــــــــــــ
101*-انظر:البرقومي عبد الرحمن ج3ص220
والمساحة اللونية والمكانية للغة ]والخير الزمكاني:هو الخير الذي يقع بين[الظاهر-والباطن]من اللغة.فاللوحة التشكيلية على سبيل المثال اذا ادركنا مساحتها وادركنا المعرفة الحسية لهذه المساحات من القطعة اللونية ، لا يعني اننا قد انجزنا الرؤية لموضوع اللوحة.فالحال ينطبق على اللغة وما تحدده الجملة من اطار معرفي دقيق ودفين سواء على مستوى التقويم او الاستخفاف في صياغة المعنى .
[المعنى واللفظ]
وهما اللذان يرتبطان بالحدث الذي يعبر عن كنه اللغة وهما عنصران من عناصر المحور الاول في الظاهر ثم ياتي الانفصال اذا تحدثنا عن المعنى في المحور الثاني .فالمعنى في الحالتين يختلف في الاشكال اللغوي الذي يربط[اللفظ والمعنى]وفريق من يعطي المحور الاول[الاهمية في اللغة]والفريق الذي يفصل بين[اللفظ والمعنى]يناصر محور المعنى ، الذي يمثل السطوح الجمالية الدفينة في اللغة ويعطونها الاهمية الكبيرة اما الفريق الاخر من هذا المحور فهو الذي يعطي الصورة الاولى اللفظ نفس الاهمية من الناحية اللغوية.فالمقاربة السيكولوجية وتفاعلاتها تأخذ المنعطف الجدلي ليكون التركيز على المحور اللفظي ليكون الانتقال الى[الكود]وبهذا يكون المحور اللغوي خارج الزمكان ، وهذا يكون في لحظة الانتقال الى محور الخطاب اي ان اللفظ لا يكون دالا الا اذا تحول الى حلقة مرئية ليتحقق فعل القدرة اللغوية على الاداء.بمعنى ان فعل الخطاب اصبح واقعة حدثية ويفهم على انه معنى خبري ، وهو تحصيل لمحتوى الفعل الاسنادي في اللفظ ويبقى ان ما نريده من هذه الفلسفة القصدية للسطوح الجمالية للغة في الشهادة على العلاقة[الديلكتيكية]بين التعقل الصوري[Nocsis]والتعقل المضموني [102Nocma]*وتبقى السطوح الجمالية للغة هي محور هذا الاشكال التاويلي الجدلي في المنطق اللفظي الذي يحدث في الجملة المقطعية للغة فهو يحدث في المحور الاول[لان الاجناس والتشبيه يقال في محور السطوح الاولى للزمكان اي ان المنطق الصوتي الزماني يتصل بالمنطق المكاني في التشبيه والاستعارة كما قال المتنبي:
أنامُ ملءَ جُفُوني عن شواردها ويَسْهرُ الخْلقُ جَرََاها ويخْتصمُ
وتعد شوارد اشكال محوري ياتي في مقدمة اللفظة الواحدة ثم ياتي دور-الكلمات اي القصائد كما قال[ابن جني]وملء الجفون هو المصدر فجاء في المحور الاول[اللفظة الواحدة]وجاء في المحور الثاني دور الكلمات او كما يسمونها[القصائد]والمصدر الزمكاني الذي يعبر عن اشتراك المحورين بالحركة الجدلية ونجد من النقاد القدماء من يتحدث عن اللفظ ونقد المعنى[مثل قدامة بن جعفر]فهو يتحدث عن المحور الاول
ــــــــــــــــــ
102*انظر:بول ريكور نظرية التاويل المركز الثقافي العربي ص38
بمظهره[الزمكاني]والذي وضع مؤشرات على معاني[ابي تمام]كان في المحور الاول المكاني المرئي او الواضح في المحور الاول وقد انصب النقد على المحور الثاني لان المحور الاول تناول بالشيء اليسير والمحور الثاني ياتي من الناحية الحسية باعتباره قاعدة تقع في المقدمة من الجانب الحسي وهي القاعدة التحتية من النص الشعري وهي التي تحدد تفاصيل المحور الثاني من النص ، وعن التجربة الفنية من حيث انها تكامل لا يمكن تقسيمه.
والمحور الثاني يعتبر هو القاعدة لمفهوم الوعي السسيولوجي للشعر عند المتنبي.وان فهم جدلية الجمال ياتي من خلال الادراك الحسي لهذه الموازنة لذلك جاء الادراك الحسي في المحور الاول من النص.والجمال في الشعر العربي قد يكون في المحور الاول لا بالمحور الثاني ولذلك كان الشاعر العربي يحدثنا عن تكامل تفاصيل الصورة في شخصية الحبيبة ، في اجزاء جسدها ، ولا نجد مقابل ذلك من شاعر يحدثنا عن الوفاء او الحنان او ذكاء الحبيبة بحيث تقع هذه الصفات في المحور الاول من النص ولكن نجد هذا عند النقاد وقد اهتموا بالمحور الثاني من النص.ولكن الاغلب عني بالمحور الاول وبقي المعنى بوصفه منهجا جدليا داخليا يتأسس وفق منظومة خطاب محورية دفينة لانها المحتوى الخبري لموضوعية المعنى ، والفعل التميزي لابعاد النص الشعري ليمثل النطق ، وهو الجانب الذاتي لحركية المعنى.والمتنبي في حركيته للنصوص الشعرية وتركيباته وفق الاحكام التي تأسست على تفاصيل المحور الثاني من النص.والنحاة كانوا قد حولوا القضية الى صياغة المعنى وفق منعطف[اللفظ والمعنى]الدلالي والصياغة بهذا المعنى.وقد تكون الغلبة والتقديم للفظ على المعنى او قد يكون التقديم والتأخير اما في نظر[ابن جني]فهو نمط من انماط الكلام وقد نجده في[القراّن الكريم]او في النص الشعري او النثري وهو انواع عديدة مثل:[تأنيث المذكر او تذكير المؤنث او ايقاع المعنى في الواحد او العكس وهذا ياتي في الحمل الثاني على نمط اللفظ.وعليه قد يكون الاول اصلا او فرعا:واسلوب[ابن جني]هو:واحد من عدة اساليب في اللغة في خواص التعبير عن كنه المعنى ، وهو مذهب واسع وقد يصل الموضوع الى التعامل بالابهام.وهنا يحتاج الى عملية تأمل في اشراك ذهني دقيق ثم جاء-[الزمخشري ،بحلول لهذا النمط من الكلام]فياتي اللفظ على[معنى المعنى]وعند الاشارة عند ابن جني في انواع الحمل على المعنى وقد يستعمل اسم الاشارة هذا الخاص بالمذكر بالاشارة الى المؤنث ، وهنا يحتاج الى اشكالية التأويل في المشار اليه الى منزلة المذكر حتى وان حصل لفظ التأنيث.وكان قوله تعالى:[فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي]وهو التقدير المحذوف في بقاء اسم الاشارة في وضعه من الدلالة التذكير.[وابن جني]جعل مركز التأويل في دخول اسم الاشارة المذكر في الاية في اطار التأنيث عند[ابن جني]ثم جاء[الاخفش]في جعل التأويل ليوسع هذا المفهوم في المحافظة على اصول المعاني في القرأن الكريم.وان ظهور الشمس وذكر الرب في النص حيث قال لهم[هذا ربي]فهو تسامى بهم في مركزية النص الى الوحدانية الالهية ونخلص الى نتيجة منطقية بان كلام[ابن جني]:ان الحمل على المعنى:هو تحميل المعنى معنى اخر بالتذكير والتأنيث عبر شواهد شعرية مثل قول الحطيئة:
ثلاثة انفس وثلاث ذَوْد لقد جار الزمان على عيالي 103*
وحين جعل ابن قتيبة هذه الطريقة في التعبير للمنحى الاختلافي في ظاهر اللفظ ومعناه وهو خروج المنطق الكلامي خلاف[الظاهر والحمل]على المعاني.
فالذي حصل في هذه القضية:هو التنوع الخطابي والتنوع الكلامي ، والانتقال من حالة اسلوبية الى اخرى ، وهذا الذي يتعلق بالمعنى وتشعباته ومجاز الاسلوب وما يتعلق بتركيب النصوص من تحليل لغوي ودراسة تركيبية للنص والمتغيرات التي تحصل من خلال[حمل المعنى واللفظ]وما يشوبهما من تضمين واتساع وما يرافق ذلك من تغير في تشكيلات التراكيب واختلافية في التقديرات الدلالية وما يعتريها من تغيير في التقديم والتأخير او الحذف اثر التركيب الجديد للمفردة بعد حصول الوعي
ــــــــــــــــــــــــ
103*-انظر:تاريخ الامم والملوك ج9ص109
الجدلي من اتساع في[الحمل على المعنى]وما ال اليه المنهج التأويلي في الظاهر ودراسة اصل المعنى استنادا الى عمق البنية التي تختفي داخل سطوح النص الشعري.وهذا هو المنهج اللغوي الذي اختطه[سيبويه في دراسته للتركيب اللغوي وتأسسيه المدرسة القديمة درس النحو استنادا الى النصوص في القرأن الكريم.مثل الاخفش ، والقراء ومن المعاصرين مثل عبد القاهر الجرجاني]ويتجلى النص في قيمته من خلال ما يحتويه من خلاصة للمجاز لانه المحور الحقيقي للسطوح الجمالية للغة وهي تتفرد بالجملة العربية .والنص القرأني يتجلى في خواصه الجمالية العربية فهو نصا متساميا في خواصه المنطقية وقد تجلت تراكيبه المجازية في الدراسات القرأنية.
[النص والاسلوب]
ما يتعلق بالمدار البلاغي والفهم لمنطلق الصياغة وطريقة التفسير والتأويل-وتحديد الابنية السطحية التي تتعلق بالتمثيل الضمني للاحكام.وما هو متصور في اختلاف الثقافات.وكان[الجرجاني قابل ملتقى هذا الحوار في النص من خلال تأدية معناه باعادة الصياغة بلغة وانتاج وتركيب جديد للنص]الى معنى للفهم والمفهوم والى خلاصة بالاتيان للمعنى بعينه ، وايراد الكلام على حقيقته ، وان دلالات الالفاظ عند[المعري في لزومياته هي ظاهرة ايضاح لهذه-الدلالات في كتابه[زجر النابح]واذا اتينا الى المقارنة بين[الشعر والنثر]تتوضح الصيغة المنطقية في الكلام بعد ان حملت معاني عديدة.وهناك امثلة لما اورده المعري في كتابه اعلاه حين يقول: كن عابدا لله دون عبيده فالشرع يعبدُ والقياسُ يُحرّر
والمعنى ان الذي يحدث في مجال العبادة هو قرار بالنسبة للناس:فالشرع هو ان يعبد وانك يجب ان تكون عبدا لله.وان مقياس هذا اللغز هو التحرر بالقياس الذي هو التحرير والاظهار والاثبات وهنا القياس في معناه هو التحرير وهو الرجوع الى الاصول كما الالفاظ في الصياغات اللغوية.ولذلك كان[الجرجاني يبحث في حقيقة النظم وتوخي المعاني والاحكام وفروقها والعمل بالقوانين والاصول فيما يتعلق بالمعاني في التقديم والتأخير ووضعها في مكانها]مثل قول المتنبي بعد ان حمل عليه النقد:
ولذا سمّ أعطيهِ العيون جفونها مِن أَنها عَمَلَ السيوف عواملُ
فيأتي على عدة مشاهد وقوانين :
1.بذم هذا الجنس.
2.الفكر الزائد على المقدار.
3.سوء الدلالة .
4.ايداع المعنى في قالب غير سوي .
5.واذا اردت ابرازه او اظهاره خرج على غير عادته مشوه وناقص البنية والصورة 104*وبالقياس الى النسق في الاشارات ياتي ثلاثيا وهذا مسند نتعرف من خلاله على[الدال والمدلول]وترتيب هذه الاشارات بشكل ثنائي في المنظومة الشعرية عند المتنبي.فالدال والمدلول الجماليين هما محورا معرفيا يلجأ الى المجالات الشكلية للعلامات والمضامين والذي تدل عليه هذه المتشابهات وشكل الاشارات وهي المضامين التي تنحل في التركيب للنص الشعري.
هذا التركيب هو في تجريبيته اللغوية يوجد في عملية التسامي لكيان النص المتفاعل بالحدث ، وبالاشياء.وهي علامة يقوم باظهارها الوعي الشعري واختلافاته من خلال جمالية اللغة باعتبارها منهجا مطلق الولادة المستمرة للخطابات الجمالية ، حيث يتشكل النص الشعري ليعيد اشاراته في كلام يتجدد من خلال التوازنات الجمالية للنص وافتراضات للشرح في اطار العلامات المرئية ، وتقع في ثلاثة مستويات للغة وفق كينونة الكتابة.هذا التعقيد يخفي اشكالا يتأرجح باختلافية ثنائية تجعل النص الشعري بدلالة اللغة ووجود الشأن الكتابي في معترك هذه الاشياء.والنص الشعري
ـــــــــــــ
104*انظر:الدكتور المعلوف سمير احمد:حيوية اللغة بين الحقيقة والمجاز منشورات اتحاد الكتاب العرب ص242
عند المتنبي متواجد جماليا في مديات النظام العام للغة وهي تترتب بالتمثيل الجديد في
قيادة محور الظهور باشكالية جديدة يعطي معنى جماليا ، وبالفعل يتم التعرف على هذه الاشارات اللغوية ، وهي مرتبطة بما تعنيه من تصورات وتمثيل واستجابة فكرية حدثية تحيل المعنى والمغزى الدلالي الى امكان لغوي معلوم في حالة من الانتماء العميق للغة.
وكذلك المعلم[الابستمولوجي]باعتباره سيطرة اولية لمعنى الكتابة واللغة معا.ثم تتلاشى الطبقة الهشة التي يتقاطع معها[المرئي الابستمي]والمقروء في رؤيا البيان ، وتداخل الاشياء في لغة تكرس المعنى الجمالي في السماع.وتكون مهمة الخطاب الشعري هو اعلان التركيبة الفكرية والشعرية لوعي الثقافة في القرن الرابع الذي عاش فيه المتنبي ، وهو التركيب الذي يعي دلالة الاشارة في وعي سيادة التشبيه حيث ولادة الكينونة للاشارات ذات الغموض الرتيب في الشعر ، وهي اشارة الى اتجاهات وميول ابي الطيب المتنبي الى المعرفة التفكيرية الجديدة فيما يتعلق بغريزية الشعر الى اكبر مداحي العمود الشعري-اللذان عرفهما العصر السابق وهما[ابي تمام وتلميذه البحتري]والذي باشر ابي الطيب النشأة على ايديهما وفي هذه النشأة من القراءة تطبع ابي الطيب بطابع هذا الكيان من النفوذ والذي لم يستطع الافلات منه الا بعد ان امتلك الصفة الخطابية للشعر.ولكن بعد جهد جهيد من وظيفة التمثيل هذه.فكان التأثير يملك قيمة بوصفه خطابا وفن في طريقة البناء.فكانت اللغة تشكل حضورا متشكلا في تكوين هذه الشعرية اضافة الى[ثمة انحيازا عرقيا مسبقا لان ابا تمام والبحتري مثل ابي الطيب ينتسبان الى طي باعتبارها قبيلة عربية تقع في الجنوب وابي الطيب كان يعتقد مثل بقية من عاصرهم بان الوعي الشعري مرهونا بأليمنيين وهذا اجزء من التأثير بالشاعرين اي ان السبب كان في التأثير الشعري والتأثير العشائري او القبلي]105*لقد خلص ابي الطيب الى نتيجة في هذا الانحياز والتفضيل الى طريقة شعرية في البناء وهو صعود وظيفة التمثيل عند المتنبي في خاصية المدح باعتبارها هي السوق الدائمة في تلك الفترة ، وان الخاصية الابستمية وهي تعلن عن تكوين جديد يتخللها مضمون ينظم الاشياء من خلال علاقة[الدال بالمدلول]في حيز يكفل شكل مداخلات الابستمة وقيمها اللغوية وهي تنطوي على تمثيل يتضمن معالم ذلك العصر الذي عاش فيه ابي الطيب.ونرى ذلك في تطابق الاشارة في الانساق الشعرية وهي تخفي تحت طياتها[فكرة التشابه]او[التشكيل في المنظومة الثنائية لابي تمام وتلميذه البحتري]ثم الايقاع الشعري في التشكيل الذي اصبح ثلاثيا عندما التحق بهم ابي
ــــــــــــــــ
105*انظر:الدكتور ريجيس بلاشير:ابو الطيب المتنبي:ترجمة الدكتور ابراهيم الكيلاني منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق ص40ص41
الطيب حين قلدهم وبقي التشكيل الثلاثي في كينونة الخطاب الشعري حتى تمت بلورة
التمثيل المستقل لابي الطيب ، والفكرة الدالة على خروجه من الكوفة وحدود هذا المدلول ودوره في التمثيل خارج مسقط رأسه.فكان المقصود هو اخفاء هذا الطموح والانتظار حتى تتشكل هذه الاصرة في الدالة المضمونية وتعيين خواص التمثيل ، ولكن الاقدار كانت اكبر في اظهار ما كان خفي في ترسيم الخريطة السياسية الجديدة لمدينة الكوفة.فالتمثيل الذي حدث في اواخر سنة[315 هجرية /927 ميلادية من القرن الرابع]هو ظهور كيفيات فكرية مختلفة من القرامطة تحت قيادة ابي طاهر بالهجوم مرة ثانية على الكوفة.وكان من نتائج هذا الترتيب الجديد من الغزو هو مضاعفة فكرة التمثيل الجديد خاصة بعد رحيل ابي طاهر بفكرة الظهور العمودي للاديولوجيا وفكرة التمثيل الشعبي الافقي الثنائي للثورة في داخل مدينة الكوفة وخارجها اي في ضواحيها ، ولكن هذان المحوران العمودي-والافقي اديا الى نزوع فكرة الرحيل المبكر لاصحاب الثروة من[البرجوازيين]الذين افزعهم[المنهج الشيوعي القرمطي]وهذا بدوره اثرا تاثيرا مباشرا في المتنبي على المستوى الشعري.
فكان المنهج التفكيري لابي الطيب قد امتد ليشمل التصور اي لحركية الفكرة القرمطية وهي تسكن في امتداده فكان للفكرة ادراكا مجردا ومجسدا للفكرة الابستمية العامة وهي التي تكونت بالحس والتمثيل لهذا الحس وبشفافية مطلقة.
وكان لتمثيل الفكرة والقدرة على استعادة الانتاج لهذه الفكرة في دقة ، بمعنى للكلمة من تدقيق للغة من مداخلاتها الجوهرية في الدلالة والقدرة والتوافق السياسي في تحليل هذا التصور وهو جزء من تفكير حقيقي يمثل بالذات ويرمي الى جملة اطلاقية يكون مضمونها منقسم الى قسمين ينعكسان في المعادل الجذري الاطلاقي الفكري وكذلك المعاينة السياسية في التقاء هذه الذات.فكان للمتنبي تشكيل فكري خطير ودقيق من حيث المواجهة التي تستدعي التداخل بين خاصية التطور الشعري من خلال تطور اللغة بالحدث السياسي واظهار الموازنة المأخوذة بشكية النسيج المحبوكة بالاثر الخارجي وعبر شبكة لا مرئية تقع داخل مكونات المنظومة العقلية والتي شكلت مشكلة كبيرة بالنسبة الى وعي المتنبي وواقعه المعقد حتى على مستوى اللغة اضافة الى سمك العالم المحيط به وسماجة مجتمعه في خلط الاشياء والاوراق فان كل هذه الاشكاليات كانت تستدعي لغة اخرى للمتنبي في تفسيره وشرحه وتأويله لجعل اللغة تتكلم وتتحرك وفق كينونة المنطق الحسي للاشياء من حيث القراءة الجديدة لمداخلات الواقع الاجتماعي ووجوده المحير للغة.وكان المتنبي يجد نفسه متمردا ثم يظهر متواريا في هذا التشكيل الاختلافي والذي يظهر بوجود هذا التجرد في منظومة اللغة وليس لها بدا سوى التطور والتغير من خلال القيمة والقدرة على صنع الحدث بالنسبة الى ابي الطيب وكان يناهز من العمر تسعة عشر عاما وكان نبوغه الشعري واللغوي مغمورا وكان لزامًا علينا ان نضعه في خانة التمرد على المستوى السياسي والديني باعتباره متمردا شابا في بداية حياته الشعرية.وكانت الدعوة القرمطية والايمان بها قد غلبت على هذا التمرد عند ابي الطيب في بيتين للشعر مؤرخين في سنة 321هجري/933ميلادي كما يقول الدكتور[ريجيس بلاشير في كتابه ابو الطيب المتنبي كما اشرنا اليه قبل قليل]حيث كان ابي الطيب مفتونا بالجرأة الفكرية لهذه الحركة القرمطية.وكان للغة دافعا جماليا متوثبا للمشاركة بهذه الثورة الشعبية .يقول المتنبي:
ِبكُل مُنْصلتٍ ما زالُ مُنْتظري حتى أدلت له من دولة الخدم 1*
شيخُ يرى الصلوات الخمس نافلة ويستحلُ دَمَ الحُجّاجِ في الحَرَمِ 2* 106*
وهنا تتكشف العلاقات الدينية والسياسية واللغوية بتشكيل هذا التمرد عند ابي الطيب ويمكن التحقق من وجودها ليس بهذين البيتين ، ولكن بخلاصة الخطاب الشعري وشروطه التمردية المطلقة حتى على النص الشعري وبتشابك هذه العلامات والكلمات
ـــــــــــــــــــــــ
106-*-المصدرالسابق نفسه ص83
1*-يقصد دولة الخدم الاتراك الذين تملكوا بالعراق.
2*-وهي اشارة الى المذابح التي قام بها القرمطي ابو طاهر في صفوف الحجاج سنة 317هجري/930ميلادي
باعتبار ان اللغة عند ابي الطيب تدخل في عملية تسامي جمالية حيث يكون النص الشعري شديد التماسك من الناحية اللغوية وهو يجري مجرى التسامي الفكري حتى تظهره لغة تاويلية شارحة كنه الاستدلال الجوهري للتمثيل الامكاني المفتوح بحيادية مطلقة الا ان مهمة الخطاب الشعري تنجز لغويا بالثبات الفكري الذاتي المخصب[قرمطيا]والممثل بالغامض المختفي المبهم ، تمثيل الاستقطاب وتحليل المركب في لعبة التبدلات والتمثيلات الذاتية من خلال اكتشاف المضامين وتحليل الاشياء الدفينة والمرئية ، والظاهره وتحليل اللغة خاصة القيمة ، المتركبة فكريا ، والدور السياسي الذي اختلط بالغموض حيث تم استنطاق اللغة وفق وظيفة مستقلة من الاشارات يطرح من خلالها حضور الكلمات وتمثلها بهذه الضرورة الجدلية والجمالية والتعارضات في المضامين المطروحة وتثبيت الدور التمثيلي للغة وفق اشكالية متميزة تضامنية ومتمفصلة متعلقة بعملية التركيب الجدلية الجديدة على المستوى الفكري في التاويل للكلمات وعلى مستوى بناء منظومة فلسفية من مفردات لغوية جديدة ذات تركيب جدلي تاريخي اضافة الى تنديد المتنبي بالمفردات العامة التي تصور عملية الخلط وبتمايز في التمثيل وفق كلمات عامة ومجردة وهي التي تقوم بعملية الشرخ وابعاد ما هو متضامنا والضرورة كل الضرورة باكتشاف لغة متطورة تواكب الاحداث التاريخية من ناحية التحليل والتجلي المنطقي بالنحو باعتباره تحليل واستنتاج لقيم ممثلة بتركيب المفردات وفق منظومة لغوية تكون اكثر كمالا ومتانة في صياغة النحو وامتلاك نسق الحروف في نظام لغوي متقدم ومتعالق مع منظومة
[زمكانية]تؤشر علاقات هذا التعاقب ومجاله في فحص الاشكالية البنائية وتحليل انماط الخطاب وقيمة الاستعارات وفق ، مختلف القيم والعلاقات التي تقيمها اللغة مع مضامين التمثيل الجوهري او توابع الحدث في مواجهة اللغة وفق مهمة تحديد العلاقة بما تمثله من اشكالية في متن اللغة وما يقع عليها من تبعات.والمقصود من هذا ، هو اعادة حقيقة الخطاب الشعري عند المتنبي الى علميته ، باعتباره خطابا خرج عن لسان نبي من الانبياء الى عامة الناس وهذا هو السائد في شعر المتنبي حين تستنطق اللغة جماليا انطلاقا من جدلية العصر التاريخية في تحديث اللغة وفق مفردة التمثيل عند المتنبي فهو يحافظ على اللغة داخل نظامها الالسني وفي صعود انساقها الجمالية وكينونتها.اما وعورة النص الملتزم تاريخيا بالمديح احيانا والمتنبي كان قد اخذ على عاتقه المهمة الصعبة والمستحيلة احيانا ، فكان متجددا دائما في ذاته الشعرية.وكانت اللغة بالنسبة الى ابي الطيب هي لغة الانتماء الى اللغة اولا والتمثيل لها ثانيا على المستوى اللانهائي في عملية التردد.واللغة الشعرية في نظر ابي الطيب وجودا كاملا في التمثيل الطبيعي للخطاب الشعري ، باشاراته اللفظية وخصوصية هذه الاشارات في التعامل الفني الذي يقوم بتسجيل عملية التمثيل داخل تركيبة وانساق تتعلق بالمدى التجديدي للبنية الشعرية ، حيث قال ابي الطيب ابيات مرتجلة في بني[القصيص]الذين بقوا اشداء رغم هزيمتهم وهكذا كان اتصاله[بابي عبد الله معاذ بن اسماعيل]رغم العقبات التي كانت قد اعترضت المتنبي بسبب حداثته في السن وهو يريد ان يحقق ما يريد بهذا الخطاب الشعري المرتجل ، فكان عليه ان يتصنع المبالغة وهذه جاءت من رصانة طبعه ومحاولة السيطرة على نفسه وتجنب كل ما يقلل من شخصيته ، وكان لا يتردد في السيطرة على الاوضاع اثناء تلاوة القصيدة.
يقول المتنبي:
أبا عبد الاله مُعــاذُ إني
قفيّ عنكَ في الهَيجْا مَقامي
ذكرْتُ جَسيمَ ما طَلَبي وإنا
تُخاطرُ فيه بالمهج الجسام
امثلي تأخذ النكباتْ مِنهُ
ويجزعُ مِنْ ملاقاة الحِمامِ
ولو برز الزمانُ اليَّ شخصاً
َلخضبَ شعرَ مفرقه حُسامي
وما بلغتُ مشيئتها الليالي
ولا سارتْ وفي يدها زِمامي
إذا امتلأتْ عُيُون الخيل منّي
فويلٌ في التيقظِ والمنامِ 107*
فكان للرسالة البنيوية عند المتنبي طابعها[الشعبي]بالاعتقاد وذلك في امتداد جذورها الاولى في صناعة الخطاب الشعري من نسق بالعلاقات والاختيارات للافراد وبهذه المنهجية في الخطاب استطاع ابي الطيب ان يحقق التمثيل اللغوي في بناء الخطاب الشعري بادوات[قرمطية]من الناحية الفكرية اضافة الى اعتقاداته[القرمطية]بالامامة بان الامامة هي ليست تنتهي بالوقوف وبالتمثيل على الامام علي واسرته من خلال الحكم الوراثي.بل ان الامامة في نظر[القرامطة]هي ولاية مشاعة لكل المسلمين.وبهذه الطريقة استطاع ابي الطيب اقناع اكثر عدد من سكان اللاذقية بفرض هذه الافكار التي اقنعت الكثير منهم من خلال الخيال[الشعبي]بان اراءه هي اراء يضفي عليها طابع النبوة.
وبهذا الخطاب الشعري البلاغي ، استطاع المتنبي ان يثبت ان العمق الشعري وعمق
ـــــــــــــــــ[/b]