منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    الرحيل في شعر الميداني بن صالح من “الحلم” إلى “النضال”(2)

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    الرحيل في شعر الميداني بن صالح   من “الحلم” إلى “النضال”(2)    Empty الرحيل في شعر الميداني بن صالح من “الحلم” إلى “النضال”(2)

    مُساهمة   الثلاثاء ديسمبر 07, 2010 1:00 pm

    [center]

    قصيدة « شهرزاد»



    الرحيل في شعر الميداني بن صالح

    من “الحلم” إلى “النضال”(2)



    بقلم: الدكتور كمال عمران



    كنّا وقفنا عند إشكالية تتعلق بالشعر العربي عامة وبالشعر الحداثي خاصة وجعلنا من شواغل النقد البحث في علاقة يمحّضها الشاعر للاضطلاع بدور المقابلة والتّضّاد فيعزف عن الوصف ويعرّد بحرصه عنخصيصة الكلام العادي، فالشعر قول مخيل ووزن(25).

    وللقول المخيل بما هو عبارة جامعة دور في انجاز العدول منالشعر الجديد ثورة في الكلام النثري إلى الكلام الشعري(26) لأن الشعر ينبو عن الوظيفة المرجعية ويجنح إلى الوظيفة الإنشائية فيصبح الخطاب الشعري مكتفيا بذاته يسكن عالم القصيدة ويقنع به ولكنه منه يولدفي الدلالة ضروري على النحو التالي:



    - جملة شعرية أولى: كتابة عادية بداية من أول السطر مناللغة لا كسرا لقواعدها أو اجتثاثا لمقومات فقهها الصورة في علاقة الشبه بالنسبة إلى التشبيه وفي صوغ القرينة<'> قوله: جسمك المعروض إلى قوله كان الرقاد.

    - جملة شعرية ثانية: اقترنت بهامش يفصلها عموديا عن الجملة الأولى وقد بدأت بفوق أكداس إلى ضفة واد.

    - جملة شعرية ثالثة كالأولى تتبع خطى شهرزاد وترتبط عضويا بالجملة الأولى إذ ربطت أو كسرها بالنسبة طريقة في التصوير جديدة لم تنسف الطرق القديمة بل انطلقت من جوهرها AR-SA style='font-size:10.0pt;line-height:120%;font-family:Tahoma'>بل هو اختيار ذاتي جزّأ الدفق الشعري وحاكى صوت النفس المتشنجة لتروي بعضا من لحظات المكاشفة الشعرية كماالانفصال والاتصال بين منابت عاشتها.

    فالمقطع الأول قام على صورة جوهرية هي العبث بجسم شهرزاد وقد نسج الشاعر لهذا المقطع صورةالشعر العربي ومناهل الخروج عن السنن المألوف.وانطلقنا عند النظر في الجانب الموسيقي وفيه نواصل الدراسة:

    ينضاف إلى متحركة اختار فيها كسر نسق الكتابة الخطي ليصوغ تضاريس تحمل على ترصد صورة شهرزاد من زوايا متحركةالغموض في الشعر الحر- مجلة فصول، المجلد،7 أكتوبر 1986 مارس 1987 ص 65- 88.

    24- وقد كان تأثير الشعر إليوت Eliot واضحا في عنصر الإيقاع مظهر آخر سمي الإيقاع الداخلي(21) وهو لا يكتفي بعالم الأصوات التي ينشئها الشاعر كما يتوسل شعراء الحداثة.

    25- جعفر آل ياسين: المنطق السينوي- دار الآفاق الجديدة- بيروت، ط 1- 1983 ص 143.

    26- عبد الله صولة.. فكرة “ العدول “ في البحوث، الأسلوبية المعاصرة ضمن مجلة

    اللسانيات السيمائية، العدد 1 ربيع 1987 ص 73- 101.

    27- مصطفى الجوزو: نظريات الشعر عند العرب- دار الطليعة بيروت،إليها بفنون البديع أو باعتصار النفس واستخلاصها لبناء التجانس الصوتي Homophonie وهو علامة شعرية مهمّة، بل يستمدّ من بنية القصيدة في عباراتها أو في مقاطعها أو في الضمائر المتحركة فيها عنصر إيقاع آخر يخبر عن اختيار الشاعر وعن قدرته على صوغ بعد درامي في شعره. وهذا البعد يرتقي بالعملية الإبداعية إلى مبدأ الصراع سواء في مستوى الألفاظ من مقابلات وطباق أو في مستوى مكونات القصيدة في بنيتها وتنظيم مواد الحركة فيها أو في الشخوص المتكلمة أو في العناصر التي تحمل الصراع وهي الذوات التي حصر الشعر في “ أناه “ شوقا إلى أن يصله بالذوات المتكلمة كأصوات الجوقة في المسرح فيصبح النّص الشعري طاقة على استيعاب الصراع من أجل الحياة، فتصبح موسيقى القصيدة ما عدا الوزن والقافية ملتقى يصبّ في نفس المبدع وهو يستنفرها إلى التناغم بالطرق المتنوعة التي استعرضنا.

    2- تجسّم المظهر الثاني من مظاهر الحداثة في الشعر في طبيعة العلاقة بين الشاعر واللغة وقد خرجت عن القواعد المسطرة والتعامل “ القدسي “ إلى انصهار كامل عبّر عنه البيّاتي بقوله “ أنا صرت اللغة واللغة صارت أنا “ فأحدث هذابل في الوقوف منها موقف الكائن الحي المتنامي فلم تبق وسيلة تعبير بل أضحت كيان تعبير.

    ولا تتكثّف الشعرية( أو الشاعرية) في العلاقة بين الدال والمدلول بل في صياغة التدلال Signifiance وهو النسيج المنعكس في القصيدة والذي يفصح عن إعمال شاق(22) هو ضرب من معاناة الشعر ونوع من النفاذ إلى بنى في القصائد هندسية تدرك بإضفاء طابع الغموض(23)، وليست العلاقة الجديدة بين شاعر الحداثة واللغة نقضا أو نقيضا لما كانت عليه صلة الشاعر العربي القديم بها، بل هي وليدة ما طرأ على اللغة من تغيّر فتح به فردينان دي سوسير Ferdinand de Saussure عهدا جديدا سرعان ما نما ليفتح على علوم شتى نواتها الدراسة اللغوية، كالصوتيات والدلالة والعلامة.

    وقد استفاد الشعر العربي الحديث من هذه الثورة بتطور الدراسات اللغوية باللسان العربي وبالاحتكاك أو الأخذ عن الغرب(24).

    على أن ميزة شعر الحداثة الأساسية هي المجاز، فإذا كان الشعر في الحد القديم كلاما موزونا مقفى فهو مجاز في الدرجة الأولى لأن المجاز هو صوغ الصور في الشعر حتى يتم الانزياح عن الكلام العادي والعدول عن الكلام النثري. وقد تحددت الوظيفة الشعرية قديما بالوزن والقافية وبالمجاز وقد رأى ابن سينا أن موضع الاستعارة الأول إنما هو الشعر والألفاظ العارية أليق بالخطاب العادي أو بالقول الخطابي. والشعر بالوزن والقافية والمجاز يفي بالخصوصية التي تميزه وتجذره في الأشجاء دون الوظيفة المفهومية وهي الكون الشعري إذ الشعر نافذ إلى الدال مقصر في المدلول، مفعم بالرموز والدلالات فقير إلى المباشرة والمخاطبة بل هو ضنين، وعنها راغب.

    وإذا قام القول المخيل قديما مسطرا بالعيار والعمود وكتب فيه أساطين النقد والذوق الأدبي وأطالوا(27) فإن القول المخيل الحداثي رشح بمعيار ذات الشاعر هو الذي يصوغ الصورة من نفسه وعلى قدر تجذره في التجربة الشعرية، تتبلور الصور الرائقة وقد جرت قاعدة البلورة على القاع الأسطوري، والمراد به النأي عن النمطية والإقرار بالأسطورية وهي لا تتمثل جوهرا في سرد القصة ذات المنبع القدسي أو ذات النزعة الدائبة إلى الزمن الأول بل خاصة في الترميز. فإذا كانت الأساطير متوفرة فإن دور الشاعر في خلق الأسطورة من الجاهز وتكثيف الرموز حولها. وليست الأسطورة وحدها قناة الشعر الحداثي في مستوى التصوير بل عناصر تركيب إلى الاستعارة. فالشعر الحداثي اختارلتحيي عالم تصوير آخر نواته نفس الشاعر في عمقها.

    فكلما ترقت النفس الشاعرة في تجربة الحياة وخبرت الوجود نبع منها شعر ستمحض في السياق الحداثي للفعل في الواقع المعيش لا الهروب منه ولبعثه بعثا يليق بالظرف الحضاري الذي تعيشه الأمة العربية لا لتزيينه أو لتقبيحه، فكانت النفس مولد الشعر وكذلك مولد الصورة الجديدة(28).



    بنية القصيدة في مستوى السطح



    ينطلق شعر الحداثة من السطح بوصفه فضاء يقصد إليه الشاعر قصدا، فهو يدخل في إطار إبداع القصيدة ويعبر متى ترتقي العملية الشعرية إلى الجد الصارم وتتحلى بخصائص شعر الحداثة كما ألمعنا إليها، عن موقف هو هندسة المساحة بالنسبة إلى الشاعر وهو السطح المرئي عند المتلقي والمداخل إلى هذا البعد كثيرة اخترنا منها ما هو يسير متمثلا في بنية المقاطع.



    لهذه القصيدة مقاطع ستة متفاوتة الطول، ويمكن تجسيمها على النحو التالي:



    المقطع (1): 33 سطرا شعريا ــــــــــــ 33

    المقطع (2): 36 سطرا شعريا ـــــــــــــــــ 36

    المقطع (3): 59 سطرا شعريا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ 59

    المقطع (4): 35 سطرا شعريا ــــــــــــــ 35

    المقطع (5): 77 سطرا شعريا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 77

    المقطع (6): 41 سطرا شعريا ـــــــــــــــــــــــــ 41



    بدأت المقاطع على التّدرّج في النفس الشعري ولم تخف الارتباط بين طول المقطع وطول النفس، وإذا كانت عملية توزيع المقاطع مقصودة من الشاعر فإن الأعداد والترتيب يخرجان عن العفوية في القصدية وتصبح وظيفة القارئ داعية إلى تأمل القصيدة وتفكيك مكوناتها فهي لا تنمو على نسق تصاعدي تدريجي أو طابقي(29) بل تنشأ على شكل باطني تتغذى من صلب المعاناة وتتنامى فيها الأسطر كما تتغذى أغصان الشجرة بحركة متدفقة(30)، ثم يتكسر الدفق في المقطع الرابع ليشهد تردد يتمثل في اندفاع ضمن الأسطر الشعرية بلغ الأقصى ( 77 سطرا شعريا ) كما عرف تراجعا بمقطع يضم 41 سطرا وهو خاتمة القصيدة.

    وليس التقسيم حسب المقاطع في هذه القصيدة قائما على تحوّل بين جسد الفتاة وحركتها.

    - جملة شعرية رابعة كالثانية بدأت بهامش فاصل عموديا وهي تحيل على موقف من شهرزاد.

    - جملة شعرية خامسة كالأولى فيها خطاب بأسلوب إنشائي يحمل على العلاقة بين الشاعر والفتاة والواقع.

    - جملة شعرية سادسة: تواصل كالثانية بتر التتابع العمودي من بداية السطر كما تواصل ترصد وضع الفتاة بين أصحاب اللذة.

    - جملة شعرية أخيرة في المقطع الأول كالجملة الأولى في بداية السطر ولكنها أقل الجمل عددا من حيث الأسطر، وهي لا تضيف شيئا جديدا بالقياس إلى الجملة السابقة ولا نجد له موضعا ينطق عن حاجة إلى صياغتها على نحو يخرجها عن سياق الصورة السابق.



    شهرزاد

    جسمك المعروض بالسوق

    من الشهوة يرتج ارتعاد

    وبعينيك اشتهاء شبقيّ وسهاد

    وحنين للرّقاد..

    كيفما كان الرّقاد

    فوق أكداس النفايات،وأكوام الرماد

    وهشيم للحصاد

    وحشيش وقتاد،

    ليس بعينيك فراش ووساد

    إن تمدّدت على ضفّة واد

    أو قضيت اللّيل ما بين الوهاد،

    أو على أرصفة الشارع في ليل،،،

    بهيميّ السوّاد

    تزرعين الأرض غيا وفساد

    تنشرين الرّجس في كل البلاد،

    آه يا «بائعة اللّذة» لم يبق زناد،



    الهوامش:



    21 - عبد الجبار داود المصري: إيقاع الشعر الحر بين النظرية والإبداع، مهرجان المربد- 1989.

    22- انظر على سبيل المثال قصيدة أمل دنقل: الخيول، الأعمال الكاملة منشورات مكتبة مدبولي- القاهرة ( د.ت ) ص 330- 334.

    23- خالد سليمان: ظاهرة ط 1- 1981.

    28- عز الدين إسماعيل: المرجع المذكور ص 124- 194.

    29- عبد العزيز المقالح: الشعر بين الرؤيا والتشكيل- دار العودة- بيروت- 1981.

    30 - ص 35- 44 نفسه ص 42
















      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 5:51 am