منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    الجذور العربية لنظرية الحقول الدلالية

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    الجذور العربية لنظرية الحقول الدلالية Empty الجذور العربية لنظرية الحقول الدلالية

    مُساهمة   الثلاثاء يوليو 16, 2013 7:00 pm

    الجذور العربية لنظرية الحقول الدلالية

    تقوم نظرية الحقول الدلالية ( semantic fields ) أو الحقول المعجمية
    ( lexical fields) عند أصحاب هذا الاتجاه ـ الذي ظهر في العشرينات من القرن الماضي ـ على فكرة أن هناك مفاهيم عامة تؤلف
    بين المفردات داخل اللغة ، و أن المعاني لا توجد منعزلة في الذهن بل لابد لفهمها من ربط كل معنى منها بمعنى آخر ، فلفظ "حار " مثلا لا يفهم إلا بالنسبة إلى " بارد " ، وكلمة " امرأة " لا يمكن أن نعقلها إلا بالنسبة لكلمة " رجل " ... و هكذا .
    أما الحقل الدلالي فهو عبارة عن لائحة من المفردات أو الوحدات المعجمية التي توحد بينها ملامح دلالية مشتركة و بالتالي يمكن أن تصنف في مجال عام يجمع بينها ، فكلمات : أم ، أب ، عم ، عمة ، خال ، خالة ، أخ ، أخت ، ... وغيرها مثلا تندرج ضمن مفهوم عام أو مجال واحد
    هو حقل القرابة .
    لذلك يعرف John Lyonsـ بصفته رائدا من رواد هذا الاتجاه ـ مدلول الكلمة بأنه حصيلة علاقاتها بالكلمات الأخرى داخل الحقل المعجمي . يراجع كتابه semantic fields ،ص22 . ومعنى هذا أن دلالة لفظ معين ـ في نظره ـ لا تتحدد بشكل دقيق إلا بدراسة هذا اللفظ مع أقرب الألفاظ إليه في إطار مجموعة واحدة ، و أن الكلمة لا معنى لها بمفردها و إنما تكتسب معناها من خلال علاقتها بالكلمات الأخرى .
    ولعل من مزايا هذه النظرية أنها تستثمر عند تأليف المعاجم الثنائية اللغة
    فتعين على البحث عما يقابل الكلمة أو يناقضها ، كما أن استخدام هذه النظرية يسهم في تصنيف المدلولات في العملية التربوية لتقريب الدلالات إلى ذهن الأطفال .
    وقد فطن اللغويون العرب القدماء منذ القرن الثاني الهجري
    إلى فكرة الحقول الدلالية وسبقوا بها الأوربيين بعدة قرون ، وإن لم يطلقوا عليها المصطلح نفسه وذلك من خلال تصنيفهم لمجموعة من الرسائل الدلالية المتنوعة التي اقتصرت على مجال دلالي واحد كرسائل خلق الإنسان ،
    و الخيل ، والإبل
    و الغنم ، و الوحوش ، و الطير ، و الحشرات ، و النبات ، و الشجر ، و المطر .
    و لن يتسع المجال هنا لذكرها كلها نظرا لكثرتها و لاتساع التاليف فيها ، لذلك سنقتصر على ذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر و هي :
    ـ رسائل خلق الإنسان : لكل من أبي عبيدة معمر بن المثنى ( المتوفى 210 هـ) ، و الأصمعي ( 213 هـ) ، و أبي علي القالي ( 356 هـ) ، و ابن فارس ( 395 هـ) ، و الصغاني ( 650 هـ) . وقد دونوا فيها أسماء أحوال الإنسان المختلفة من الناحية العضوية ووسعوا دائرة بحثهم لتشمل النواحي الأخلاقية و الاجتماعية أيضا .
    ـ رسائل الخيل : لكل من النضر بن شميل ( 204 هـ) و أبي عمرو الشيباني ( 206 هـ) ، و قطـــــــــــرب ( 206 هـ) ، و أبي إسحاق الزجاج ( 310 هـ) ، حيث قسموا رسائلهم تقسيما موضوعيا فخصصوا بابا لأسماء أعضاء الخيل ، و بابا لما يستحب فيها ، وآخر لما يكره فيها ، وبابا لأوصافها و أسمائها ...إلخ
    ـ رسائل النبات : و تشمل الأشجار و الزروع و البقول و الحبوب . و ألف فيها كل من الأصمعي و أبي عبيدة .... إلى غيرها من الرسائل التي تعتبر بحق النواة الأولى لمعاجم المعاني أو معاجم الموضوعات التي ظهرت في التراث العربي بمئات السنين قبل الحضارة الأوربية . ويمثل معجم " المخصص " لابن سيده الأندلسي ( 458 هـ) أضخمها على الإطلاق و أكمل صورة لفكرة الحقل الدلالي في التراث العربي .
    إن هذه الأمثلة تبين أن اللغويين العرب أول من خاض غمار معاجم الموضوعات القائمة على مفهوم الحقول الدلالية فوضعوا لها رسائلهم المستقلة ، و بذلك سبقوا علم اللغة الحديث في التنبه إلى هذه النظرية ، و التأليف فيها

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 2:13 pm