"الشكلانية الروسية" Russian Formalism:
تحتل "الشكلية الروسية" مكانة خاصة في مسيرة تطور الدراسات الأدبية والنقدية، إذ لها دور كبير في نشأة ما أصبح يعرف باسم "نظرية الأدب" Literary Theory، وذلك لما قدمته "الشكلية الروسية" من أفكار وأراء أحدثت الكثير من التغيرات في النظر إلي العمل الأدبي، وإلي ما يجب أن يكون عليه التأريخ أو التناول النقدي له. يقول ((تزيفتان تودوروف)) Tzvetan Todorov: ((لن تري نظرية الأدب، بالأسلوب الجامعي، النور، إلا في القرن العشرين، وبالتوالي، في بلدان مختلفة. كان مكان التجديد في السنوات العشر والعشرين من هذا القرن [يقصد القرن الماضي] في روسيا، حيث ظهر تيار من الأفكار سمي بالشكلانية، وانتقل مركز الجاذبية إلي ألمانيا، بين الحربين، ثم انقسمت نظرية الأدب إذن إلي نزعات متعددة، ارتبط بعضها بالأسلوبية وبعضها الآخر بمقاربة ((مورفولوجية)). وفي الثلاثينيات والأربعينيات، ستزدهر تيارات مختلفة للنقد الشكلاني وللنظرية الأدبية (في أنجلترا ثم الولايات المتحدة) أشهرها النقد الجديد New Criticism، وكانت نقطة الانطلاق المشتركة لكل هذه المجموعات هي علم الجمال الرومانسي التي أدت بالمنظرين إلي تأكيد استقلالية الأدب ومن ثم استقلال نظريته))(1).
كيف نشأت "الشكلية الروسية":
يتعجب ((رادو سيردالسكو)) Radu Surdulescu من الطريقة التي نشأت بها "الشكلية الروسية"؛ إذ أول مرة في تاريخ النقد يلتقي مجموعة من النقاد علي هدف محدد، هو الوصول إلي تحديد "منهج موضوعي" Objective Method، يتم به دراسة "سمات الأدب" من حيث الطرائق والأساليب، علي نحو تتحقق فيه "العلمية" Scientific، وذلك في مقابل رفض ما كان سائدا من قبل. إذ كان "الأدب" يعامل علي أنه انعكاس محض لسيرة كاتب، أو لتوثيق تاريخي، أو لأحداث اجتماعية؛ بينما "الشكليون" في مقابل ذلك، يصرون علي أن "الأدب" منتج لــه "خصوصيته المستقلة" Autonomous Product.(2)
وقد نشأت "الشكلية الروسية" عبر حركتين، الأولي كانت في ((موسكو))، وعرفت باسم "حلقة موسكو اللغوية" Moscow Linguistic Circle، وقد تأسست عام (1915م)، وكان مـن أبـرز أعـضـائـهــا: ((بتر بوجاترف)) Petr Bogatyrëv، و((رومان ياكوبسون)) Roman Jakobson، و((جريجوري فينوكر)) Grigory Vinokur. أما الثانية فكانت في ((بطرسبورج)) Petersburg، وكانت تسمي "أوبياز" OPOJAZ وهي اختصار لعبارة باللغة الروسية تعني: "جمعية دراسة اللغة الشعرية"، وقد تأسست في عام (1916م)، وكان من أبرز أعضائها: ((بوريس ايخنباوم)) Boris Eikhenbaum، و((فيكتور شكلوفسكي)) Viktor Shklvsky، و((يوري تينيانوف)) Yuri Tynyanov، وكانت هناك علاقات صداقة، وتقارب كبير في الأفكار بين هاتين الحركتين.(3)
ومن الملاحظ، أن في اسمي "حلقة موسكو اللغوية" و"جمعية دراسة اللغة الشعرية"، هناك تأكيد علي "اللغة" وعلي العامل اللغوي؛ وذلك لأنهم أرادوا دراسة "الأدب" علي أساس أنه "لغة"، ولكنه "لغة" بها بعض اختلاف عن تلك المستخدمة في التواصل العادي الغير أدبي، يقول ((خوسيه ماريا بوثويلو إيفانكوس)) Josè María Pozuelo Yvancos: ((وكانت وجهة نظر الشكليين حول اللغة الأدبية تريد أن تكون إيجابية؛ وذلك بعزل الإجراءات الكيفية التي تتشكل منها في مظهر يفرق بينها وبين اللغة اليومية. لقد كانوا يحاولون تجاوز الفكرة القديمة القائلة بأن الشعر ((فكرة بالصور))، وطرحوا، علي العكس، دراسة أدبية الأدب لا دراسة الأدب)).(4)
أهم أفكار "الشكلية الروسية":
سبقت الإشارة إلي أن الشكليين رفضوا وجهة النظر التي تري "الأدب" علي أنه انعكاس محض لسيرة كاتب، أو لتوثيق تاريخي، أو لأحداث اجتماعية، بتعبير آخر ــ كما يقول ((إيجلتون)) ــ: ((ليس الأدب دينا ــ زائفا أو سيكولوجيا ــ زائفة أو سوسيولوجيا زائفة، بل تنظيما خاصا للغة. وله قوانينه، وبنياته، وأدواته النوعية التي يجب أن تدرس في ذاتها بدل أن تختزل إلي شيء آخر. فالعمل الأدبي ليس مركبة لنقل الأفكار، ولا انعكاسا للواقع الاجتماعي، ولا تجسيدا لحقيقة مفارقة (متعالية Transcendental): إنه حقيقة مادية، ويمكن تحليل أدائه مثلما يمكن للمرء أن يفحص ماكينة. إنه مكوّن من كلمات، وليس من موضوعات أو مشاعر، ومن الخطأ اعتبار أنه تعبير عن عقل مؤلف ما.))(5)
ومن المعروف أن الشكليين قد تأثروا بحركة كانت سائدة قبل الحرب العالمية الثانية ــ كانت بدايتها عام (1909م) كما يري ((دافيد كينينجهام)) David Cuningham (6)ــ وهي حركة عرفت باسم "المستقبلية" Futurism، وهي كانت تسلك سلوكا معاديا للثقافة البرجوازية المتدهورة، وكانت ترفض ذلك البحث الروحي المنغلق علي الذات الموجود عند "الرمزية" Symbolism، وكانت ترفض رؤية الشاعر علي أنه "حامي حمي الأسرار الخفية"، إذ كان شعارها في مقابل ذلك هو: "الكلمة المكتفية بذاتها"، وهو ما يعني التركيز علي "الأدب" ذاته، وليس النظر إليه علي أنه وسيط Medium ينقل من خلاله شيئا آخر غيره هو.(7)
ومن أبرز الذين أحدثوا أثرا هاما في التنظير "للشكلية" في مراحلها الأولي، ((فيكتور شكلوفسكي)) Viktor Shklvsky، خاصة مع مقاله الرائع الذي نشره عام (1917م) بعنوان: "الفن بوصفه صنعة" Art as Device؛ وفيه يدحض ((شكلوفسكي)) مقولة ((ألكسندر بوتبنيا)) Aleksander Potebnya، التي شاعت وانتشرت علي نحو شاسع بين دارسي "الأدب" في ذلك الوقت، ((فبوتبنيا)) يري أن "الأدب" هو "تفكير بالصور"، وذلك وثيق الصلة برؤية الرمزيين الذين يرون "الشعر" بوصفه تعبيرا عن اللامتناهي، وبوصفه تعبيرا عن نوع من الحقيقة غير المنظورة، وذلك يبرر ما تتخذه "الصورة" من أهمية كبرى عندهم.(Cool
لكن ((شكلوفسكي)) ينظر "للصورة" من وجهة نظر أخري، وعلي أساس مغاير؛ يقول في ذلك: ((الفرق بين رؤية ((بوتنبيا)) وبين رؤيتنا للصورة؛ أننا لا نري "الصورة" بوصفها مرجعا أساسيا دائما لنواحي الحياة المختلفة؛ إذ هدفها ليس إفهامنا المعني، وإنما هدفها خلق معني له طريقته الخاصة في إدراك الموضوع، إن الصورة تساعد علي خلق "رؤية" Vision لكيفية إدراك الموضوع، بدلا من ذلك الإدراك المعتاد للمعني كما هو)).(9)
وما يجعل "الصورة" لا تحتل عند ((شكلوفسكي)) هذه المكانة الجوهرية التي تحتلها عند ((ألكسندر بوتنبيا))، اختلاف الرؤية التي ينظر بها ((شكلوفسكي)) إلي "الأدب"، وإلي دوره ووظيفته الذي عليه أن يقوم بهما من منظوره، يقول ((شكلوفسكي)) في ذلك: ((إن غرض الفن هو نقل الشعور بالأشياء كما هي مدركة وليس كما هي معروفة بالفعل. وتقنية الفن [في ذلك] هي "تغريب" Unfamiliar الأشياء، وجعل الصيغ عسيرة، مع زيادة كل من صعوبة ومدي الإدراك؛ وذلك لأن عملية الإدراك غاية جمالية في ذاتها ولا بد من إطالة أمدها. فالفن طريقة لاكتشاف فنية Artfulness الموضوع، أما الموضوع ذاته فليس له أهمية)) ( 10)
((فشكلوفسكي)) يري أننا مع مرور الوقت يحدث عندنا نوع من "الألفة" Habitualization، بيننا وبين كل ما هو حولنا، كالعمل أو الثياب أو الزوجة أو حتى الخشية من الحرب، ليصبح ذلك مرسخا في "اللاشعور" Unconsciously؛ لذا هو يحدث بطريقة "تلقائية" Automization تماما، ويكاد "المعني" في ظل ذلك أن يضيع منا جرَّاء هذا "الاعتياد"، فنحن مثلا نكمل الكلمات الناقصة في حوار ما نتيجة هذا "الاعتياد" المفرط، دون أن نلتفت إلي أن هناك نقصا في "المعني" المُقـَدَّم. وهنا يأتي دور "الأدب" الذي ينبهنا إلي هذا "الاعتياد"، ويعيد إلينا وعينا وإدراكنا بالأشياء علي حقيقتها، من خلال ما يقوم به "الأدب" من عملية يطلق عليها ((شكلوفسكي)) بالروسية مصطلح [OSTRANENIE]، وهو يعني "التغريب" Defamiliarization، ويقصد به نزع "الألفة" الاعتيادية التي أصبحت موجودة بالفعل بيننا وبين الأشياء، عن طريق جعل هذه الأشياء مدركة وملحوظة بكيفية مغايرة، ليست "آلية" وليست "اعتيادية" كما كان الحال في السابق. (11)
وعلي هذا "فالصور" و"المعاني" التي تستخدم في "الأدب"، موجودة في الحياة من قبل أساسا، لكن نحن الذين أصبحنا غير قادرين علي إدراكها بسبب "الألفة" التي حدثت بيننا وبين جميع مظاهر الحياة التي نحياها، إلي أن يأتي "الشعراء" في شعرهم فيقوموا بإعادة ترتيب وتنظيم هذه "الصور" في سياقات مختلفة، غير معتادة أو مألوفة كالتي نستخدمها نحن في حياتنا اليومية العادية، فما يقوم به "الشعراء" في الحقيقة؛ ليس ابتكار "صور" جديدة غير موجودة من قبل، وإنما هو إعادة تنظيم وترتيب لهذه "الصور" في نمط جديد، وذلك هو ما يجعلنا نشعر بأنها إبداع واختلاق جديد بخلاف ما هو حادث فعلا. (12)
إذن "الأدب" في أساسه ــ من منظور "الشكلية" ــ "لغة" لكنها "لغة" مستخدمة بطريقة خاصة، "فالأدب" يقوم بعملية تحويل وتكثيف "للغة" العادية المستخدمة في تواصلنا العادي، إن "الأدب" ــ كما يقول ((رومان ياكوبسون)) Roman Jakobson ــ عنف منظم يمارس علي الحديث العادي؛ ولذا فإن أنجح الأشياء في معالجة "الأدب" هو "علم اللغة"؛ لكونه القادر علي تحديد هذه "الانحرافات" Deviation التي يحدثها "الأدب" في "اللغة" التي يستخدمها. (13)
لذا اهتم "الشكليون" بالوزن Metre، والقافية Rhyme، والنواحي الصوتية Consonantal Clusters، وما إلي ذلك من جوانب شكلية متعلقة بالصياغات اللغوية التي يتكون منها العمل الأدبي، في مقابل إهمالهم "المضمون" و"المحتوي" Content الذي تعنيه الكلمات فعلا، فهم يرون أن "المضمون" الذي يقدمه العمل الأدبي ليس ذا أهمية بالنسبة إلي "إنشاء الشعر"، فالمضمون ليس أكثر من مجرد دافع للعمل الأدبي، وللنواحي الشكلية التي ينشئها المؤلف فيه. (14)
وليس إهمال "المضمون" الذي يقدمه "الأدب" و"العمل الأدبي" بشيء غريب أو شاذ بالنسبة للشكليين، بل هو نقطة جوهرية تماما في أفكارهم، فالاهتمام بما يقدمه "العمل الأدبي" يغري دائما بالانزلاق إلي علم النفس وعلم الاجتماع والنواحي الفلسفية المختلفة، بينما التفكير في "المضمون" علي أنه مجرد ذريعة لإنشاء "العمل الأدبي"، ومجرد فرصة مناسبة لممارسة نوع خاص من التدريب الشكلي، يتواءم تماما مع ما يريده الشكليون من دراسة لهذه النواحي دراسة علمية دقيقة؛ وبالتالي تصبح "رواية" مثل: "دون كيخوته" Don Quijote؛ ليست "رواية" عن هذه الشخصية التي تحمل هذا الاسم، بل هذه الشخصية هي مجرد أداة للجمع بين عناصر مختلفة من التقنيات الروائية، وعلي الغرار نفسه؛ تصبح رواية مثل رواية "مزرعة الحيوانات" Animal Farm ليست مجازا عن "الستالينية" Stalinism؛ بل علي العكس، "الستالينية" هي التي تقدم فرصة مناسبة لبناء مثل هذا المجاز الموجود في هذه الرواية.(15)
وليس القضية من منظورهم قضية إنكار لهذا المضمون، فهم يعترفون بعلاقة "الفن" بالواقع الاجتماعي، ولا ينفون هذه العلاقة، وإنما القضية عندهم قضية تحديد التخصصات، إذ هذه العلاقة ــ من منظورهم ــ ليست من شأن الناقد، كما أن ليس عمله تحديدها أو تحديد "المضمون" الموجود في "الأدب" (16)، وإنما كما قلت كان همهم الأساسي هو دراسة النواحي الشكلية في مظاهرها اللغوية، التي يتبعها العمل الأدبي لكي يجعل من نفسه مغايرا للغة الخطاب العادي المستخدمة في الحديث اليومي، لكي يتمكن من تقديم تلك المعاني والحقائق التي اعتدنا عليها، في شكل "مُغـَرَّب"، نستطيع معه الإدراك علي نحو أعمق وأكثر نضجا عما قبل.
ولا بد من التذكير هنا بدعوة ((ياكوبسون)) التي يريد فيها تحويل مجري البحث من "الأدب" ذاته، إلي ما يطلق هو عليه "الأدبية" Literariness، يقول ((ياكوبسون)): ((موضوع البحث في علم الأدب Literary Science ليس الأدب Literature، وإنما "الأدبية" Literariness، تلك التي تجعل من أي عمل معطي عمل أدبي)) (17)، لذا فهو ــ في الموضع نفسه ــ ينتقد ما كان عليه الحال عند مؤرخي الأدب السابقين، الذين تعاملوا مع التاريخ الأدبي وكأنهم رجال بوليس، يحاولون الإمساك بالمتهمين ووضعهم في الحجز، لذا أمسكوا بكل ما يقابلهم من نواح سياسية واجتماعية ونفسية، لكنهم لم يمسكوا أبدا "بالأدب" ذاته، لم يمسكوا "بعلم الأدب" علي نحو ما يريد ((ياكوبسون)) أن يحدث في الدراسات الأدبية.
"الحبكة" Plot و"الحكاية" Fable و"التحفيز" Motivation:
في إطار محاولة الشكليين دراسة "أدبية الأدب" وليس "الأدب" ذاته؛ يضعون تفريقا جوهريا بين كل من "الحبكة" Plot [SJUŠET]، وبين "الحكاية" Fable [FABULA]، حيث "الحكاية" هي المادة الخام للقصة، إنها الأحداث المحتملة التي يمكن أن يتشكل منها العمل الأدبي، وهي في هذا الطور غير معدلة أو مغيرة، إذ لم تعمل فيها الوسائل Devices التي يستخدمها الأديب في إنتاج أدبه بعد؛ أما عندما يتناولها الأديب بالمعالجة والتعديل والتغيير بإعمال هذه الوسائل التي تضفي علي "الحكاية" الجمالية الفنية، نكون قد وصلنا إلي "الحبكة" Plot التي تتميز بأن فيها عنصر جمالي، ليس متاحا في "الحكاية"؛ يقول ((رامان سلدن)) Raman Selden: (((...) مفهوم "الحبكة" لدي الشكليين كان أكثر ثورية من مفهومها الأرسطي، علي نحو ما تكشف لنا دراسة شكلوفسكي عن لورنس شتيرن. فالحبكة في "ترسترام شاندي" ليست مجرد ترتيب لأحداث القص وابطائه[هكذا في النص]، فالاستطرادات والحيل الطباعية وإحلال أجزاء من الكتاب محل غيرها (التقديم. الإهداء، الخ) والأوصاف المسهبة ــ كلها وسائل تركز انتباهنا علي شكل الرواية. وهكذا فإن الحبكة ــ في هذه الحالة ــ هي، بمعني معين، انتهاك الترتيب الشكلي المتوقع للأحداث.)) (1Cool
وكان ((أرسطو)) قد عرف الحبكة قديما بأنها: ((بناء الأحداث))، وبأنها: ((مجري الأحداث))، وجعل منها عنصرا جوهريا في إنشاء التراجيديا، إذ هي جوهرها الأول كما يقول (19)، ومن ثم عدد ((أرسطو)) شروط إجادتها، وسبل إتقانها، التي من أهمها أن تـُقـَدِّم "الحبكة" للمشاهد أحداثا تسير وفق المحتمل والمتبع في الحياة، في إطار ما هو معروف عن نظريته في "المحاكاة"، وقد أخذ ((أرسطو)) يرتب ويصنف "الحبكة" إلي بسيطة ومعقدة، وعلق علي فترتها الزمنية بين الطول والقصر، وغير ذلك من الأمور التي تعين الشاعر علي إنشاء تراجيديا ذات "حبكة" تقنع المشاهد وتجذبه إليها.(20)
لكن تفكير الشكليين حول "الحبكة" يختلف كثيرا عن تفكير ((أرسطو))، فهم يهدفون أساسا إلي محاولة تحديد كيف ينشأ ويتكون "الأدب"، من هذه المعطيات العادية الموجودة في الحياة، وبالتالي "فالحبكة" و"الحكاية" هنا محاولة للفصل بين ما هو "أدبي" وما هو ليس كذلك، فهي تقدم ــ من منظورهم ــ تفسيرا للتشابه الموجود بين الأعمال الأدبية المختلفة، عبر الأنحاء المتفرقة في العالم، إذ هذا التشابه لا يُفـَسَّر علي أنه نتاج تشابه في أحداث متماثلة أثرت علي العمل الأدبي أو علي الأديب، وليس أيضا نتيجة "نفوذ ثقافي" Cultural Influence خضعت له الأعمال الأدبية، وإنما هو في الحقيقة يعود إلي ما تفرضه متطلبات إنشاء "الحبكة" علي الأديب وعلي العمل الأدبي.(21)
وكان ((بوريس توماشفسكي)) Boris Tomashevsky قد أطلق علي أصغر وحدة من "الحبكة" اسم "الحافز" Motif، وهو قد يكون عبارة مفردة أو فعلا مفردا في "الحبكة" (22)، ويميز ((توماشفسكي)) بين "الحافز المقيد" Bound Motif و"الحافز الحر" Free Motif، الأول هو "حافز" تتطلبه الحكاية أو القصة، إذ هو ذو ضرورة منطقية خاصة في عمل "الحكاية" وتماسكها الزمني، بينما الآخر ــ "الحافز الحر" ــ فهو ليس ذا أهمية أو ضرورة منطقية بالنسبة لمسيرة "الحكاية"، ويمكن للحوافز أن تكون ساكنة، تحدد حالة، أو يمكن لها أن تكون حركية تعين حدثا.(23)
ويشير ((سلدن)) إلي أن نظرية "الحافز" عند الشكليين تتضاد مع النظريات التقليدية من حيث النظرة إلي العلاقة بين العمل الأدبي، وبين الواقع الذي يستقي العمل الأدبي مادته منه، يقول ((سلدن)): ((هذه النظرية تقلب رأسا علي عقب المفهوم التقليدي الذي يجعل الوسائل الشكلية خاضعة للمضمون، فمن الواضح أن الشكليين ينظرون، بطريقة معكوسة، إلي أفكار القصيدة وموضوعاتها وإشاراتها إلي الواقع علي أنها مجرد ذريعة خارجية يلجأ إليها الكاتب لتبرير استخدامه الوسائل الشكلية، وهم يطلقون علي هذا الاعتماد علي عناصر خارجية غير أدبية اسم "التحفيز" motivation.)) (24)
"الشكلية" والستالينية:
علي الرغم من أن الثورة الروسية ــ ثورة (1917م) ــ قد شجعت الشكليين علي المضي في تطوير نظرية ثورية عن الفن، إلا أن الحال تبدل مع مضي الوقت، خاصة مع إطلاق يد "الستالينية"، حيث تم التضييق علي الشكليين وعلي أرائهم، إذ عد أن أية نظرية حول "الأدب" لا تأخذ في اعتباراتها النواحي الاجتماعية، هي نوع من الهرطقة والبدعة غير المقبولة من وجهة نظر التيار الشيوعي المتصلب، لذا أجبِّر الكثير منهم علي تغيير معتقداته، واضطر الكثير منهم إلي الهجرة والرحيل من روسيا إلي أماكن مختلفة من نواحي العالم كما سيجيء.(25)
وتم بعد ذلك دمج الشكليين الروس الذين بقوا ولم يهاجروا، تم دمجهم في المعاهد السوفيتية المختلفة، حيث تم حل جمعية "أوبياز" OPOJAZ، مع أوائل العشرينيات من القرن الماضي، لكي تدمج في "معهد الدولة لدراسة تاريخ الفنون" State Institute for the History of the Arts ببطرسبرج، أما "حلقة موسكو اللغوية" فعقب رحيل ((ياكوبسون)) و((بوجاتيرف)) إلي براغ Prague بشكلوسفاكيا في عام (1920م)، أصبحت جزءا من "أكاديمية الدولة لدراسة الفنون" State Academy for the Study of the Arts بموسكو.(26)
وبهذا ينتقل مركز الثقل في الدراسات التي تتناول "الأدب" من الناحية اللغوية ـ من المنظور اللساني ــ إلي مكان آخر، إلي براغ وحلقتها اللغوية التي سيتم العرض لها في المشاركة القادمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿ -﴾ تزيفتان تودوروف: ((الشعرية))، ترجمة: شكري المبخوت، ورجاء بن سلامة، ط2، دار توبقال، الدار البيضاء، 1990م، صـ14.
﴿2-﴾ Radu Surdulescu: From Structure and Structurality in Critical Theory, 1.Russian Formalism: The Systemic Nature of Literariness, Taken From The Internet, Date:12-05-2006, «http://www.unibuc.ro/eBooks/lls/RaduSu rdulescu-FormStructuality/Capitolul%20I.htm»
﴿3 ـ﴾ See: Peter Steiner: Russian Formalism, IN: The Cambridge History Of Literary Criticism, Volume VIII, From Formalism to Poststucturalism, ED: Raman Selden, Cambridge University Press, New York, 2005, p.11.
﴿4-﴾ خوسيه ماريا بوثويلو إيفانكوس: ((نظرية اللغة الأدبية))، ترجمة: د.حامد أبو أحمد، مكتبة غريب، [سلسلة الدراسات النقدية رقم (2)]، القاهرة، د.ت، صـ45.
﴿5-﴾ تيري إيجلتون: ((مقدمة في نظرية الأدب))، ترجمة: أحمد حسان، الهيئة العامة لقصور الثقافة، [سلسلة كتابات نقدية رقم (11)]، القاهرة، سبتمبر 1991م، صـ13. وأعتقد أنه هناك خطأ في الترجمة هنا ــ ربما كان خطأ مطبعي ــ؛ إذ لو استبدلت كلمة ((أدائه)) بكلمة ((أدواته)) لكان ذلك أكثر اتساقا مع أفكار "الشكلية الروسية"، التي تري أن للأدب أدواته وآلياته الخاصة، وكانت أكثر اتساقا أيضا مع كلمة ((ماكينة)) التي تليها في الجملة نفسها.
﴿6-﴾ See: David Cunningham: Futurism (1909-1939), The Literary Encyclopedia, Taken From The Internet, Date: 26-04-2006,
«http://www.Litencyc.com/phpstopics/rec=true&uid=450»
﴿7-﴾ راجع: رامان سلدن: ((النظرية الأدبية المعاصرة))، ترجمة: د.جابر عصفور، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة، 1991م، صـ23-24.
﴿8-﴾ أنظر: السابق، صـ27.
﴿9-﴾ Victor Shklovsky: Art as Device, (1917), Abbreviated, Taken From The Internet, Date: 13-05-2006,
«http://courses.essex.ac.uk/LT/LT204/D EVICE.HTM»
﴿10-﴾ Ibid، وقد استعنت في ترجمة هذه الفقرة بترجمة د.جابر عصفور لها ضمن ترجمته لكتاب: رامان سلدن: ((النظرية الأدبية المعاصرة))، مرجع سابق، صـ27- 28.
﴿11-﴾ See: Ibid, and See Also: Radu Surdulescu: From Structure and Structurality in Critical Theory, 1.Russian Formalism: The Systemic Nature of Literariness, op.cit.
﴿12-﴾ See: Victor Shklovsky: Art as Device, (1917), Op.Cit.
﴿13-﴾ أنظر: تيري إيجلتون: ((مقدمة في نظرية الأدب))، مرجع سابق، صـ13-14.
﴿14-﴾ See: John Holcombe: Formalists, Taken From The Internet,
Date: 12-05-2006, «http://www.textetc.com/theory/formalists.html»
﴿15-﴾ أنظر: تيري إيجلتون: ((مقدمة في نظرية الأدب))، مرجع سابق، صـ13-14.
﴿6 -﴾ أنظر: السابق: صـ14.
﴿7 -﴾ Quoted In: David Musselwhite: Russian Formalism, Taken From The Internet, Date: 12-05-2006.
«http://courses.essex.ac.uk/LT/LT204/le cnotes4.htm»
﴿ 8-﴾ رامان سلدن: ((النظرية الأدبية المعاصرة))، مرجع سابق، صـ31.
﴿9 -﴾ أرسطو: ((فن الشعر))، ترجمة: د.إبراهيم حمادة، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1989م، صـ97-98.
﴿20-﴾ راجع: السابق، صـ97-122.
﴿21-﴾ See: David Musselwhite: From Victor Shklovsky: "The connection between devices of Syuzhet construction and general stylistic devices"(1919), Taken From The Internet, Date: 12-05-2006, «http://cour ses.essex.ac.uk/LT/LT204/SYUZHET.HTM»
﴿22-﴾ أنظر: رامان سلدن: ((النظرية الأدبية المعاصرة))، مرجع سابق، صـ31-32.
﴿23-﴾ ﭽﻳﺭﺍﻟﺪ برنس: ((قاموس السرديات))، ترجمة: السيد إمام، دار ميريت للنشر والمعلومات، القاهرة، 2003م، صـ116
﴿24-﴾ رامان سلدن: ((النظرية الأدبية المعاصرة))، مرجع سابق، صـ32.
﴿25-﴾ See: John Holcombe: FORMALISTS, Op.Cit.
﴿26-﴾ See: Peter Steiner: Formalism, IN: The Cambridge History Of Literary Criticism, Volume VIII, From Formalism to Poststucturalism, op.cit, p.12.
تحتل "الشكلية الروسية" مكانة خاصة في مسيرة تطور الدراسات الأدبية والنقدية، إذ لها دور كبير في نشأة ما أصبح يعرف باسم "نظرية الأدب" Literary Theory، وذلك لما قدمته "الشكلية الروسية" من أفكار وأراء أحدثت الكثير من التغيرات في النظر إلي العمل الأدبي، وإلي ما يجب أن يكون عليه التأريخ أو التناول النقدي له. يقول ((تزيفتان تودوروف)) Tzvetan Todorov: ((لن تري نظرية الأدب، بالأسلوب الجامعي، النور، إلا في القرن العشرين، وبالتوالي، في بلدان مختلفة. كان مكان التجديد في السنوات العشر والعشرين من هذا القرن [يقصد القرن الماضي] في روسيا، حيث ظهر تيار من الأفكار سمي بالشكلانية، وانتقل مركز الجاذبية إلي ألمانيا، بين الحربين، ثم انقسمت نظرية الأدب إذن إلي نزعات متعددة، ارتبط بعضها بالأسلوبية وبعضها الآخر بمقاربة ((مورفولوجية)). وفي الثلاثينيات والأربعينيات، ستزدهر تيارات مختلفة للنقد الشكلاني وللنظرية الأدبية (في أنجلترا ثم الولايات المتحدة) أشهرها النقد الجديد New Criticism، وكانت نقطة الانطلاق المشتركة لكل هذه المجموعات هي علم الجمال الرومانسي التي أدت بالمنظرين إلي تأكيد استقلالية الأدب ومن ثم استقلال نظريته))(1).
كيف نشأت "الشكلية الروسية":
يتعجب ((رادو سيردالسكو)) Radu Surdulescu من الطريقة التي نشأت بها "الشكلية الروسية"؛ إذ أول مرة في تاريخ النقد يلتقي مجموعة من النقاد علي هدف محدد، هو الوصول إلي تحديد "منهج موضوعي" Objective Method، يتم به دراسة "سمات الأدب" من حيث الطرائق والأساليب، علي نحو تتحقق فيه "العلمية" Scientific، وذلك في مقابل رفض ما كان سائدا من قبل. إذ كان "الأدب" يعامل علي أنه انعكاس محض لسيرة كاتب، أو لتوثيق تاريخي، أو لأحداث اجتماعية؛ بينما "الشكليون" في مقابل ذلك، يصرون علي أن "الأدب" منتج لــه "خصوصيته المستقلة" Autonomous Product.(2)
وقد نشأت "الشكلية الروسية" عبر حركتين، الأولي كانت في ((موسكو))، وعرفت باسم "حلقة موسكو اللغوية" Moscow Linguistic Circle، وقد تأسست عام (1915م)، وكان مـن أبـرز أعـضـائـهــا: ((بتر بوجاترف)) Petr Bogatyrëv، و((رومان ياكوبسون)) Roman Jakobson، و((جريجوري فينوكر)) Grigory Vinokur. أما الثانية فكانت في ((بطرسبورج)) Petersburg، وكانت تسمي "أوبياز" OPOJAZ وهي اختصار لعبارة باللغة الروسية تعني: "جمعية دراسة اللغة الشعرية"، وقد تأسست في عام (1916م)، وكان من أبرز أعضائها: ((بوريس ايخنباوم)) Boris Eikhenbaum، و((فيكتور شكلوفسكي)) Viktor Shklvsky، و((يوري تينيانوف)) Yuri Tynyanov، وكانت هناك علاقات صداقة، وتقارب كبير في الأفكار بين هاتين الحركتين.(3)
ومن الملاحظ، أن في اسمي "حلقة موسكو اللغوية" و"جمعية دراسة اللغة الشعرية"، هناك تأكيد علي "اللغة" وعلي العامل اللغوي؛ وذلك لأنهم أرادوا دراسة "الأدب" علي أساس أنه "لغة"، ولكنه "لغة" بها بعض اختلاف عن تلك المستخدمة في التواصل العادي الغير أدبي، يقول ((خوسيه ماريا بوثويلو إيفانكوس)) Josè María Pozuelo Yvancos: ((وكانت وجهة نظر الشكليين حول اللغة الأدبية تريد أن تكون إيجابية؛ وذلك بعزل الإجراءات الكيفية التي تتشكل منها في مظهر يفرق بينها وبين اللغة اليومية. لقد كانوا يحاولون تجاوز الفكرة القديمة القائلة بأن الشعر ((فكرة بالصور))، وطرحوا، علي العكس، دراسة أدبية الأدب لا دراسة الأدب)).(4)
أهم أفكار "الشكلية الروسية":
سبقت الإشارة إلي أن الشكليين رفضوا وجهة النظر التي تري "الأدب" علي أنه انعكاس محض لسيرة كاتب، أو لتوثيق تاريخي، أو لأحداث اجتماعية، بتعبير آخر ــ كما يقول ((إيجلتون)) ــ: ((ليس الأدب دينا ــ زائفا أو سيكولوجيا ــ زائفة أو سوسيولوجيا زائفة، بل تنظيما خاصا للغة. وله قوانينه، وبنياته، وأدواته النوعية التي يجب أن تدرس في ذاتها بدل أن تختزل إلي شيء آخر. فالعمل الأدبي ليس مركبة لنقل الأفكار، ولا انعكاسا للواقع الاجتماعي، ولا تجسيدا لحقيقة مفارقة (متعالية Transcendental): إنه حقيقة مادية، ويمكن تحليل أدائه مثلما يمكن للمرء أن يفحص ماكينة. إنه مكوّن من كلمات، وليس من موضوعات أو مشاعر، ومن الخطأ اعتبار أنه تعبير عن عقل مؤلف ما.))(5)
ومن المعروف أن الشكليين قد تأثروا بحركة كانت سائدة قبل الحرب العالمية الثانية ــ كانت بدايتها عام (1909م) كما يري ((دافيد كينينجهام)) David Cuningham (6)ــ وهي حركة عرفت باسم "المستقبلية" Futurism، وهي كانت تسلك سلوكا معاديا للثقافة البرجوازية المتدهورة، وكانت ترفض ذلك البحث الروحي المنغلق علي الذات الموجود عند "الرمزية" Symbolism، وكانت ترفض رؤية الشاعر علي أنه "حامي حمي الأسرار الخفية"، إذ كان شعارها في مقابل ذلك هو: "الكلمة المكتفية بذاتها"، وهو ما يعني التركيز علي "الأدب" ذاته، وليس النظر إليه علي أنه وسيط Medium ينقل من خلاله شيئا آخر غيره هو.(7)
ومن أبرز الذين أحدثوا أثرا هاما في التنظير "للشكلية" في مراحلها الأولي، ((فيكتور شكلوفسكي)) Viktor Shklvsky، خاصة مع مقاله الرائع الذي نشره عام (1917م) بعنوان: "الفن بوصفه صنعة" Art as Device؛ وفيه يدحض ((شكلوفسكي)) مقولة ((ألكسندر بوتبنيا)) Aleksander Potebnya، التي شاعت وانتشرت علي نحو شاسع بين دارسي "الأدب" في ذلك الوقت، ((فبوتبنيا)) يري أن "الأدب" هو "تفكير بالصور"، وذلك وثيق الصلة برؤية الرمزيين الذين يرون "الشعر" بوصفه تعبيرا عن اللامتناهي، وبوصفه تعبيرا عن نوع من الحقيقة غير المنظورة، وذلك يبرر ما تتخذه "الصورة" من أهمية كبرى عندهم.(Cool
لكن ((شكلوفسكي)) ينظر "للصورة" من وجهة نظر أخري، وعلي أساس مغاير؛ يقول في ذلك: ((الفرق بين رؤية ((بوتنبيا)) وبين رؤيتنا للصورة؛ أننا لا نري "الصورة" بوصفها مرجعا أساسيا دائما لنواحي الحياة المختلفة؛ إذ هدفها ليس إفهامنا المعني، وإنما هدفها خلق معني له طريقته الخاصة في إدراك الموضوع، إن الصورة تساعد علي خلق "رؤية" Vision لكيفية إدراك الموضوع، بدلا من ذلك الإدراك المعتاد للمعني كما هو)).(9)
وما يجعل "الصورة" لا تحتل عند ((شكلوفسكي)) هذه المكانة الجوهرية التي تحتلها عند ((ألكسندر بوتنبيا))، اختلاف الرؤية التي ينظر بها ((شكلوفسكي)) إلي "الأدب"، وإلي دوره ووظيفته الذي عليه أن يقوم بهما من منظوره، يقول ((شكلوفسكي)) في ذلك: ((إن غرض الفن هو نقل الشعور بالأشياء كما هي مدركة وليس كما هي معروفة بالفعل. وتقنية الفن [في ذلك] هي "تغريب" Unfamiliar الأشياء، وجعل الصيغ عسيرة، مع زيادة كل من صعوبة ومدي الإدراك؛ وذلك لأن عملية الإدراك غاية جمالية في ذاتها ولا بد من إطالة أمدها. فالفن طريقة لاكتشاف فنية Artfulness الموضوع، أما الموضوع ذاته فليس له أهمية)) ( 10)
((فشكلوفسكي)) يري أننا مع مرور الوقت يحدث عندنا نوع من "الألفة" Habitualization، بيننا وبين كل ما هو حولنا، كالعمل أو الثياب أو الزوجة أو حتى الخشية من الحرب، ليصبح ذلك مرسخا في "اللاشعور" Unconsciously؛ لذا هو يحدث بطريقة "تلقائية" Automization تماما، ويكاد "المعني" في ظل ذلك أن يضيع منا جرَّاء هذا "الاعتياد"، فنحن مثلا نكمل الكلمات الناقصة في حوار ما نتيجة هذا "الاعتياد" المفرط، دون أن نلتفت إلي أن هناك نقصا في "المعني" المُقـَدَّم. وهنا يأتي دور "الأدب" الذي ينبهنا إلي هذا "الاعتياد"، ويعيد إلينا وعينا وإدراكنا بالأشياء علي حقيقتها، من خلال ما يقوم به "الأدب" من عملية يطلق عليها ((شكلوفسكي)) بالروسية مصطلح [OSTRANENIE]، وهو يعني "التغريب" Defamiliarization، ويقصد به نزع "الألفة" الاعتيادية التي أصبحت موجودة بالفعل بيننا وبين الأشياء، عن طريق جعل هذه الأشياء مدركة وملحوظة بكيفية مغايرة، ليست "آلية" وليست "اعتيادية" كما كان الحال في السابق. (11)
وعلي هذا "فالصور" و"المعاني" التي تستخدم في "الأدب"، موجودة في الحياة من قبل أساسا، لكن نحن الذين أصبحنا غير قادرين علي إدراكها بسبب "الألفة" التي حدثت بيننا وبين جميع مظاهر الحياة التي نحياها، إلي أن يأتي "الشعراء" في شعرهم فيقوموا بإعادة ترتيب وتنظيم هذه "الصور" في سياقات مختلفة، غير معتادة أو مألوفة كالتي نستخدمها نحن في حياتنا اليومية العادية، فما يقوم به "الشعراء" في الحقيقة؛ ليس ابتكار "صور" جديدة غير موجودة من قبل، وإنما هو إعادة تنظيم وترتيب لهذه "الصور" في نمط جديد، وذلك هو ما يجعلنا نشعر بأنها إبداع واختلاق جديد بخلاف ما هو حادث فعلا. (12)
إذن "الأدب" في أساسه ــ من منظور "الشكلية" ــ "لغة" لكنها "لغة" مستخدمة بطريقة خاصة، "فالأدب" يقوم بعملية تحويل وتكثيف "للغة" العادية المستخدمة في تواصلنا العادي، إن "الأدب" ــ كما يقول ((رومان ياكوبسون)) Roman Jakobson ــ عنف منظم يمارس علي الحديث العادي؛ ولذا فإن أنجح الأشياء في معالجة "الأدب" هو "علم اللغة"؛ لكونه القادر علي تحديد هذه "الانحرافات" Deviation التي يحدثها "الأدب" في "اللغة" التي يستخدمها. (13)
لذا اهتم "الشكليون" بالوزن Metre، والقافية Rhyme، والنواحي الصوتية Consonantal Clusters، وما إلي ذلك من جوانب شكلية متعلقة بالصياغات اللغوية التي يتكون منها العمل الأدبي، في مقابل إهمالهم "المضمون" و"المحتوي" Content الذي تعنيه الكلمات فعلا، فهم يرون أن "المضمون" الذي يقدمه العمل الأدبي ليس ذا أهمية بالنسبة إلي "إنشاء الشعر"، فالمضمون ليس أكثر من مجرد دافع للعمل الأدبي، وللنواحي الشكلية التي ينشئها المؤلف فيه. (14)
وليس إهمال "المضمون" الذي يقدمه "الأدب" و"العمل الأدبي" بشيء غريب أو شاذ بالنسبة للشكليين، بل هو نقطة جوهرية تماما في أفكارهم، فالاهتمام بما يقدمه "العمل الأدبي" يغري دائما بالانزلاق إلي علم النفس وعلم الاجتماع والنواحي الفلسفية المختلفة، بينما التفكير في "المضمون" علي أنه مجرد ذريعة لإنشاء "العمل الأدبي"، ومجرد فرصة مناسبة لممارسة نوع خاص من التدريب الشكلي، يتواءم تماما مع ما يريده الشكليون من دراسة لهذه النواحي دراسة علمية دقيقة؛ وبالتالي تصبح "رواية" مثل: "دون كيخوته" Don Quijote؛ ليست "رواية" عن هذه الشخصية التي تحمل هذا الاسم، بل هذه الشخصية هي مجرد أداة للجمع بين عناصر مختلفة من التقنيات الروائية، وعلي الغرار نفسه؛ تصبح رواية مثل رواية "مزرعة الحيوانات" Animal Farm ليست مجازا عن "الستالينية" Stalinism؛ بل علي العكس، "الستالينية" هي التي تقدم فرصة مناسبة لبناء مثل هذا المجاز الموجود في هذه الرواية.(15)
وليس القضية من منظورهم قضية إنكار لهذا المضمون، فهم يعترفون بعلاقة "الفن" بالواقع الاجتماعي، ولا ينفون هذه العلاقة، وإنما القضية عندهم قضية تحديد التخصصات، إذ هذه العلاقة ــ من منظورهم ــ ليست من شأن الناقد، كما أن ليس عمله تحديدها أو تحديد "المضمون" الموجود في "الأدب" (16)، وإنما كما قلت كان همهم الأساسي هو دراسة النواحي الشكلية في مظاهرها اللغوية، التي يتبعها العمل الأدبي لكي يجعل من نفسه مغايرا للغة الخطاب العادي المستخدمة في الحديث اليومي، لكي يتمكن من تقديم تلك المعاني والحقائق التي اعتدنا عليها، في شكل "مُغـَرَّب"، نستطيع معه الإدراك علي نحو أعمق وأكثر نضجا عما قبل.
ولا بد من التذكير هنا بدعوة ((ياكوبسون)) التي يريد فيها تحويل مجري البحث من "الأدب" ذاته، إلي ما يطلق هو عليه "الأدبية" Literariness، يقول ((ياكوبسون)): ((موضوع البحث في علم الأدب Literary Science ليس الأدب Literature، وإنما "الأدبية" Literariness، تلك التي تجعل من أي عمل معطي عمل أدبي)) (17)، لذا فهو ــ في الموضع نفسه ــ ينتقد ما كان عليه الحال عند مؤرخي الأدب السابقين، الذين تعاملوا مع التاريخ الأدبي وكأنهم رجال بوليس، يحاولون الإمساك بالمتهمين ووضعهم في الحجز، لذا أمسكوا بكل ما يقابلهم من نواح سياسية واجتماعية ونفسية، لكنهم لم يمسكوا أبدا "بالأدب" ذاته، لم يمسكوا "بعلم الأدب" علي نحو ما يريد ((ياكوبسون)) أن يحدث في الدراسات الأدبية.
"الحبكة" Plot و"الحكاية" Fable و"التحفيز" Motivation:
في إطار محاولة الشكليين دراسة "أدبية الأدب" وليس "الأدب" ذاته؛ يضعون تفريقا جوهريا بين كل من "الحبكة" Plot [SJUŠET]، وبين "الحكاية" Fable [FABULA]، حيث "الحكاية" هي المادة الخام للقصة، إنها الأحداث المحتملة التي يمكن أن يتشكل منها العمل الأدبي، وهي في هذا الطور غير معدلة أو مغيرة، إذ لم تعمل فيها الوسائل Devices التي يستخدمها الأديب في إنتاج أدبه بعد؛ أما عندما يتناولها الأديب بالمعالجة والتعديل والتغيير بإعمال هذه الوسائل التي تضفي علي "الحكاية" الجمالية الفنية، نكون قد وصلنا إلي "الحبكة" Plot التي تتميز بأن فيها عنصر جمالي، ليس متاحا في "الحكاية"؛ يقول ((رامان سلدن)) Raman Selden: (((...) مفهوم "الحبكة" لدي الشكليين كان أكثر ثورية من مفهومها الأرسطي، علي نحو ما تكشف لنا دراسة شكلوفسكي عن لورنس شتيرن. فالحبكة في "ترسترام شاندي" ليست مجرد ترتيب لأحداث القص وابطائه[هكذا في النص]، فالاستطرادات والحيل الطباعية وإحلال أجزاء من الكتاب محل غيرها (التقديم. الإهداء، الخ) والأوصاف المسهبة ــ كلها وسائل تركز انتباهنا علي شكل الرواية. وهكذا فإن الحبكة ــ في هذه الحالة ــ هي، بمعني معين، انتهاك الترتيب الشكلي المتوقع للأحداث.)) (1Cool
وكان ((أرسطو)) قد عرف الحبكة قديما بأنها: ((بناء الأحداث))، وبأنها: ((مجري الأحداث))، وجعل منها عنصرا جوهريا في إنشاء التراجيديا، إذ هي جوهرها الأول كما يقول (19)، ومن ثم عدد ((أرسطو)) شروط إجادتها، وسبل إتقانها، التي من أهمها أن تـُقـَدِّم "الحبكة" للمشاهد أحداثا تسير وفق المحتمل والمتبع في الحياة، في إطار ما هو معروف عن نظريته في "المحاكاة"، وقد أخذ ((أرسطو)) يرتب ويصنف "الحبكة" إلي بسيطة ومعقدة، وعلق علي فترتها الزمنية بين الطول والقصر، وغير ذلك من الأمور التي تعين الشاعر علي إنشاء تراجيديا ذات "حبكة" تقنع المشاهد وتجذبه إليها.(20)
لكن تفكير الشكليين حول "الحبكة" يختلف كثيرا عن تفكير ((أرسطو))، فهم يهدفون أساسا إلي محاولة تحديد كيف ينشأ ويتكون "الأدب"، من هذه المعطيات العادية الموجودة في الحياة، وبالتالي "فالحبكة" و"الحكاية" هنا محاولة للفصل بين ما هو "أدبي" وما هو ليس كذلك، فهي تقدم ــ من منظورهم ــ تفسيرا للتشابه الموجود بين الأعمال الأدبية المختلفة، عبر الأنحاء المتفرقة في العالم، إذ هذا التشابه لا يُفـَسَّر علي أنه نتاج تشابه في أحداث متماثلة أثرت علي العمل الأدبي أو علي الأديب، وليس أيضا نتيجة "نفوذ ثقافي" Cultural Influence خضعت له الأعمال الأدبية، وإنما هو في الحقيقة يعود إلي ما تفرضه متطلبات إنشاء "الحبكة" علي الأديب وعلي العمل الأدبي.(21)
وكان ((بوريس توماشفسكي)) Boris Tomashevsky قد أطلق علي أصغر وحدة من "الحبكة" اسم "الحافز" Motif، وهو قد يكون عبارة مفردة أو فعلا مفردا في "الحبكة" (22)، ويميز ((توماشفسكي)) بين "الحافز المقيد" Bound Motif و"الحافز الحر" Free Motif، الأول هو "حافز" تتطلبه الحكاية أو القصة، إذ هو ذو ضرورة منطقية خاصة في عمل "الحكاية" وتماسكها الزمني، بينما الآخر ــ "الحافز الحر" ــ فهو ليس ذا أهمية أو ضرورة منطقية بالنسبة لمسيرة "الحكاية"، ويمكن للحوافز أن تكون ساكنة، تحدد حالة، أو يمكن لها أن تكون حركية تعين حدثا.(23)
ويشير ((سلدن)) إلي أن نظرية "الحافز" عند الشكليين تتضاد مع النظريات التقليدية من حيث النظرة إلي العلاقة بين العمل الأدبي، وبين الواقع الذي يستقي العمل الأدبي مادته منه، يقول ((سلدن)): ((هذه النظرية تقلب رأسا علي عقب المفهوم التقليدي الذي يجعل الوسائل الشكلية خاضعة للمضمون، فمن الواضح أن الشكليين ينظرون، بطريقة معكوسة، إلي أفكار القصيدة وموضوعاتها وإشاراتها إلي الواقع علي أنها مجرد ذريعة خارجية يلجأ إليها الكاتب لتبرير استخدامه الوسائل الشكلية، وهم يطلقون علي هذا الاعتماد علي عناصر خارجية غير أدبية اسم "التحفيز" motivation.)) (24)
"الشكلية" والستالينية:
علي الرغم من أن الثورة الروسية ــ ثورة (1917م) ــ قد شجعت الشكليين علي المضي في تطوير نظرية ثورية عن الفن، إلا أن الحال تبدل مع مضي الوقت، خاصة مع إطلاق يد "الستالينية"، حيث تم التضييق علي الشكليين وعلي أرائهم، إذ عد أن أية نظرية حول "الأدب" لا تأخذ في اعتباراتها النواحي الاجتماعية، هي نوع من الهرطقة والبدعة غير المقبولة من وجهة نظر التيار الشيوعي المتصلب، لذا أجبِّر الكثير منهم علي تغيير معتقداته، واضطر الكثير منهم إلي الهجرة والرحيل من روسيا إلي أماكن مختلفة من نواحي العالم كما سيجيء.(25)
وتم بعد ذلك دمج الشكليين الروس الذين بقوا ولم يهاجروا، تم دمجهم في المعاهد السوفيتية المختلفة، حيث تم حل جمعية "أوبياز" OPOJAZ، مع أوائل العشرينيات من القرن الماضي، لكي تدمج في "معهد الدولة لدراسة تاريخ الفنون" State Institute for the History of the Arts ببطرسبرج، أما "حلقة موسكو اللغوية" فعقب رحيل ((ياكوبسون)) و((بوجاتيرف)) إلي براغ Prague بشكلوسفاكيا في عام (1920م)، أصبحت جزءا من "أكاديمية الدولة لدراسة الفنون" State Academy for the Study of the Arts بموسكو.(26)
وبهذا ينتقل مركز الثقل في الدراسات التي تتناول "الأدب" من الناحية اللغوية ـ من المنظور اللساني ــ إلي مكان آخر، إلي براغ وحلقتها اللغوية التي سيتم العرض لها في المشاركة القادمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿ -﴾ تزيفتان تودوروف: ((الشعرية))، ترجمة: شكري المبخوت، ورجاء بن سلامة، ط2، دار توبقال، الدار البيضاء، 1990م، صـ14.
﴿2-﴾ Radu Surdulescu: From Structure and Structurality in Critical Theory, 1.Russian Formalism: The Systemic Nature of Literariness, Taken From The Internet, Date:12-05-2006, «http://www.unibuc.ro/eBooks/lls/RaduSu rdulescu-FormStructuality/Capitolul%20I.htm»
﴿3 ـ﴾ See: Peter Steiner: Russian Formalism, IN: The Cambridge History Of Literary Criticism, Volume VIII, From Formalism to Poststucturalism, ED: Raman Selden, Cambridge University Press, New York, 2005, p.11.
﴿4-﴾ خوسيه ماريا بوثويلو إيفانكوس: ((نظرية اللغة الأدبية))، ترجمة: د.حامد أبو أحمد، مكتبة غريب، [سلسلة الدراسات النقدية رقم (2)]، القاهرة، د.ت، صـ45.
﴿5-﴾ تيري إيجلتون: ((مقدمة في نظرية الأدب))، ترجمة: أحمد حسان، الهيئة العامة لقصور الثقافة، [سلسلة كتابات نقدية رقم (11)]، القاهرة، سبتمبر 1991م، صـ13. وأعتقد أنه هناك خطأ في الترجمة هنا ــ ربما كان خطأ مطبعي ــ؛ إذ لو استبدلت كلمة ((أدائه)) بكلمة ((أدواته)) لكان ذلك أكثر اتساقا مع أفكار "الشكلية الروسية"، التي تري أن للأدب أدواته وآلياته الخاصة، وكانت أكثر اتساقا أيضا مع كلمة ((ماكينة)) التي تليها في الجملة نفسها.
﴿6-﴾ See: David Cunningham: Futurism (1909-1939), The Literary Encyclopedia, Taken From The Internet, Date: 26-04-2006,
«http://www.Litencyc.com/phpstopics/rec=true&uid=450»
﴿7-﴾ راجع: رامان سلدن: ((النظرية الأدبية المعاصرة))، ترجمة: د.جابر عصفور، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة، 1991م، صـ23-24.
﴿8-﴾ أنظر: السابق، صـ27.
﴿9-﴾ Victor Shklovsky: Art as Device, (1917), Abbreviated, Taken From The Internet, Date: 13-05-2006,
«http://courses.essex.ac.uk/LT/LT204/D EVICE.HTM»
﴿10-﴾ Ibid، وقد استعنت في ترجمة هذه الفقرة بترجمة د.جابر عصفور لها ضمن ترجمته لكتاب: رامان سلدن: ((النظرية الأدبية المعاصرة))، مرجع سابق، صـ27- 28.
﴿11-﴾ See: Ibid, and See Also: Radu Surdulescu: From Structure and Structurality in Critical Theory, 1.Russian Formalism: The Systemic Nature of Literariness, op.cit.
﴿12-﴾ See: Victor Shklovsky: Art as Device, (1917), Op.Cit.
﴿13-﴾ أنظر: تيري إيجلتون: ((مقدمة في نظرية الأدب))، مرجع سابق، صـ13-14.
﴿14-﴾ See: John Holcombe: Formalists, Taken From The Internet,
Date: 12-05-2006, «http://www.textetc.com/theory/formalists.html»
﴿15-﴾ أنظر: تيري إيجلتون: ((مقدمة في نظرية الأدب))، مرجع سابق، صـ13-14.
﴿6 -﴾ أنظر: السابق: صـ14.
﴿7 -﴾ Quoted In: David Musselwhite: Russian Formalism, Taken From The Internet, Date: 12-05-2006.
«http://courses.essex.ac.uk/LT/LT204/le cnotes4.htm»
﴿ 8-﴾ رامان سلدن: ((النظرية الأدبية المعاصرة))، مرجع سابق، صـ31.
﴿9 -﴾ أرسطو: ((فن الشعر))، ترجمة: د.إبراهيم حمادة، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1989م، صـ97-98.
﴿20-﴾ راجع: السابق، صـ97-122.
﴿21-﴾ See: David Musselwhite: From Victor Shklovsky: "The connection between devices of Syuzhet construction and general stylistic devices"(1919), Taken From The Internet, Date: 12-05-2006, «http://cour ses.essex.ac.uk/LT/LT204/SYUZHET.HTM»
﴿22-﴾ أنظر: رامان سلدن: ((النظرية الأدبية المعاصرة))، مرجع سابق، صـ31-32.
﴿23-﴾ ﭽﻳﺭﺍﻟﺪ برنس: ((قاموس السرديات))، ترجمة: السيد إمام، دار ميريت للنشر والمعلومات، القاهرة، 2003م، صـ116
﴿24-﴾ رامان سلدن: ((النظرية الأدبية المعاصرة))، مرجع سابق، صـ32.
﴿25-﴾ See: John Holcombe: FORMALISTS, Op.Cit.
﴿26-﴾ See: Peter Steiner: Formalism, IN: The Cambridge History Of Literary Criticism, Volume VIII, From Formalism to Poststucturalism, op.cit, p.12.