منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    مكونات النص الفنية والثقافية في «القارور

    خنساء محبة السماء
    خنساء محبة السماء


    عدد المساهمات : 96
    تاريخ التسجيل : 02/11/2009
    العمر : 34

    مكونات النص الفنية والثقافية في «القارور Empty مكونات النص الفنية والثقافية في «القارور

    مُساهمة  خنساء محبة السماء الأحد ديسمبر 12, 2010 12:10 pm

    مكونات النص الفنية والثقافية في «القارور 31
    <table class="dcitbce" align="center" border="0" cellpadding="0" width="98%"><tr><td><table style="border-collapse: collapse;" border="0" cellpadding="4" width="98%"><tr><td valign="top">شكل بنائي مغاير وكتابة روائية تسترسل في سرد حكايتها
    مكونات النص الفنية والثقافية في «القارورة» ليوسف المحيميد
    د. زهور كرام

    تنتمي رواية «القارورة» للكاتب والروائي السعودي يوسف المحيميد، إلىالنصوص التي يتحول بناؤها إلى مظهر من مظاهر الوعي المحتمل للحكاية، وإلىصيغة ثقافية مغايرة للواقع.
    إنها نص روائي ينتج معرفة فنية وثقافية، حول اتجاهات الإبداعية الروائيةالسعودية التي باتت تفرض ضرورة انخراط أسئلة النقد في مساحاتها الرمزية،نظرا لما تعبّر عنه من انفتاح المتخيل على إمكانات من الوعي، تتجاوزبمرونة تقنية وجمالية أشكال الوعي السائدة في المجتمع السعودي.
    وتحكي الرواية عن حربين تنشبان بالتوازي: حرب ضد مشاعر امرأة تعيش الحببكل تفاصيله وأبعادها الذاتية، ثم تكتشف بعد ذلك خيانة الحبيب الذي تقربمنها لينتقم من أخيها. ثم الحرب ضد الكويت التي سترعب المكان والإنسانوالمفاهيم.
    تلتقي الحربان في زمن البداية والنهاية، وفي تفاصيل الأحداث المتداخلة،كما يلتقيان في معنى الخلط المرعب للمفاهيم والقيم والزمن. وعبر الحربينتتفجر حكايات تُخرجها الحرب من صمتها:
    > ولم تمض سوى أيام حتى صارت الكويت الصغيرة المحافظة العراقية التاسعةعشرة، وأصبحت أنا المحافظة الثامنة في أملاك الدحال السرية، بعد ستة صغاروزوجة لم تكتشف إلا مع اسمه الحقيقي، الذي لم يكن علي الدحال» (ص 140).
    بناء الحكاية
    تقترح رواية «القارورة» شكلاً بنائياً مغايراً لاحتضان الحكاية، وهو شكلغير مُصرَّح به ظاهريا من إعلان مكشوف سرديا لنوعية التجارب، فهي لا تنتميإلى النصوص التي تعتمد على سرد الحكاية أفقياً، واعتماد سارد واحد، يُخبربالحكاية، ويدعها تُسرد وفق موقعه السردي. وليست من النوع الذي يكسر رتابةالأفقي ليدع الحكاية تتشظى عموديا، عبر تعدد السارد، وترك الفرصة للقارئلكي يُعيد تجميع شتات الحكاية لإعلانها نظاما، وفق خلفية السرد التي انبنتعليه الرواية، إنما هي كتابة روائية تسترسل في سرد حكايتها بدون تشظ، غيرأنها لا تخضع للرؤية السردية الواحدة، ولا يسرها سارد واحد ووحيد، إنماتعرف في تكوّنها حالة تناوب سردي.
    وأهم ما يميّز كتابة هذه الرواية، إلى جانب البُعد المعرفي والاجتماعيوالثقافي الذي تطرحه، هو منطق التحولات البنيوية التي يعرفها السرد داخلهذا النص من جهة، ثم إمكانات النص الثقافية التي تدفع بالتحليل إلى الخروجبالمحكي إلى مساحات السياقات الثقافية للمجتمع السعودي، وهذا ما يجعلالقراءة تتحرك بين مكونات النص البنائية الفنية، وبين مكونات النصالثقافية التي تعزز بلحظة الانخراط في أسئلة واقع المجتمع السعودي. وهيحركية تفاعلية وعلائقية تنتج أشكالا من الرفض تبدأ من رفض الصور المألوفةالجاهزة التي يتربى عليها الفكر، وتوجه عن ثمة السلوك والممارسة الحياتية،(صور المرأة مثلا)، إلى اقتراح الصور البديلة التي تعلي من شأن الفرد فيالحياة العامة والخاصة باعتباره رغبة وإرادة وفعلا حرا.
    لا تعرف القارورة الثبات في مكونات الحكي، ولا الرتابة، في عملية السرد،إنما استرسال الحكاية وفق طبيعة الوعي الذي يشكل ـ بدوره ـ زمن الكتابة هوالذي يصنع هذه التحولات. فالشخصية المحورية التي انبنى عليها الحكي«منيرة» تبدأ شخصية تتلقى الحكاية من الجدة، والأوامر من الأخ الأكبروالأب، والصور الجاهزة حول المرأة، منطق الأعراف، ثم تنتقل بفعل امتلاكالقارورة بحكاياتها الصامتة إلى ساردة تحكي عن قصتها التي فاضت بهاالقارورة، وتكتب ألمها عندما راهنت على مشاعرها، فإذا بكرامتها تداسخيانة، وتوثق لخيانة حبيب تجعل من الكشف عنها لحظة الانتصار على لغةالأوامر والقانون في بلدها.
    ينتصر السرد بهذا الشكل للشخصية منيرة، عندما ينتقل بها من موقع المفعولبه، أو الموضوع الذي يتم التداول حول شأنه في نظام العشيرة والأسرةوالمجتمع. ومن مجرد متلقية لحكايات الآخرين إلى صاحبة موقع تدبر شأنحكايتها بفعلها، وتكتب سرها الذي امتلأت به القارورة، وتصبح فاعلة فيحكايتها عندما تمنح لها نظاما وترتيبا، أي تجعل منها زمنا لانبثاق وعيمحتمل. فعلت عملية الانتقال هذه، في مجرى الحكاية وجعلتها تُنتج وعيااستثنائيا. ولعل الذي ساهم في الانتقال من الصمت والشفهي إلى الكتابةوالتوثيق كون «منيرة» تدخل مجال الحكي باعتبارها ممارسة لفعل الكتابةالصحافية. فقد كانت تكتب عمودا صحافيا «ورد في آنية» إلى جانب امتلائهاحكايا الآخرين لكونها تشتغل بدار الفتيات، وتُلزمها وظيفتها الإصغاء إلىحكايات الآخرين أو بالأحرى حكايات الأخريات. ولهذا، فالموقع الذي تشهدتُكَوُّنه داخل المجال السردي، لم يكن مفتعلا أو جاهزا، وإنما كانمُدَعَّماً بمكونات تخص طبيعة شخصية «منيرة».
    تتشكل حكاية «القارورة» سرديا بين ضميرين رئيسيين: من جهة ضمير المتكلمالمعلن صراحة، وعبر مؤشرات ملموسة على امتلاك «منيرة» أحقية الحكي عنحكايتها وبضميرها الصريح، الذي يسرد حكاية خيانة الحبيب وبالموازاة حكايةالحرب على الكويت، ويتخلل هذا التوازي الحكي عن الأعراف والتقاليد. ومنجهة ثانية، ضمير الغائب الذي يسرد «القارورة» انطلاقا من موقعه فيقدممعرفة عن العام، ويلتبس أحيانا مع أصوات اجتماعية قد تكون صوت المجتمعوالأعراف وكل ما يشكل السياق العام.
    هكذا، تعيش القارورة حالة التكون الروائي وهي تخرج تدريجيا من ظلامالقارورة حكايات مشتتة إلى بياض الكتابة. تخرج من حالة الشفهي إلىالمكتوب، ومن المكتوب إلى المسرود لتأخذ شكلها الطبيعي ضمن نظرية جنسالرواية، حيث يصبح لها منطق يؤثث أفعالها وعلاقات شخصياتها، ويصبح جوهروجودها ليس في اعتبارها حكاية من الحكايات، إنما كونها صارت شكلا من الوعيالذي قد يربك وعيا قائماً، ويخلخل رتابته ويخدش منطقه.
    غير أن هذا الوضع التناوبي بين الضميرين المتكلم والغائب، لا يتم بشكلفجائي أو اقتحامي، كما لا يحدث التغيير على مستوى أسلوب الكتابة. لا نشعرـ كقراء ـ بلعبة الضمائر المكشوفة في صناعة النص، إنما نشعر بحالة سرديةمنسجمة بنائيا وأسلوبيا تعمّق الرؤية على ذات الساردة/ منيرة، عبر رؤيةالمتكلم. وتضيء هذه الذات الرؤية الجماعية عبر الغائب باعتباره ضميراعارفا بكل شيء وموجودا في كل مكان، بل الذي يحدث هو انتصار السرد لضميرالمتكلم، عندما يجعله يفتت سلطة الغائب المعرفية. ويتم ذلك بمرونة فنية لاتحدث اصطداما ضمائريا، إنما يمكن الحديث في هذا المستوى عن مظهر من مظاهرتكون الحوارية.
    وهي حوارية بين مستويات سردية: مستوى السارد الغائب الذي يتأكد مع كل تدرجسردي أنه يدخل برغبة مراقبة الساردة بضمير المتكلم، وتلقين معرفة حول وضعمعين يخص بلد بعينه، وقضايا محددة وفق أعراف وشروط سياقية، لكن ملفوظاتهذا السارد تخرج من سياقها الاجتماعي ـ المادي، وتدخل السياق الروائي ـالتخييلي، لتجد نفسها محكومة بمنطق مختلف يُربك سلطتها ويجعلها تدخل فيشرط استثنائي، وتجاورها في هذا الشرط ملفوظات أخرى يسمح لها السياق السرديبالتعبير المفتوح على قضايا مسكوت عنها.
    يؤثر هذا الوضع في ملفوظات السارد الغائب، ويخلخل موقعه، ويدفعه باتجاهطرح السؤال حول راهنية موقعه. يدعم هذه الخلخلة حضور لغات مرافقة مثل لغةالمنشور (ص 82)، الذي تم توزيعه في مظاهرة قيادة النساء للسيارات، ونلاحظأن الحوارية قد تعمّقت في مستوى الحكي عن حدث قيادة النساء للسيارات، حيثتداخلت لغات المجتمع الرافض بلغات المدافعات عن فكرة الثورة على منعالنساء من قيادة السيارات، بلغة الساردة منيرة التي كانت تقوم بوظيفةتهيئة مناخ حواري عندما تطرح أسئلة هي أسئلة المجتمع السعودي المحافظ.
    يتم خدش ملفوظات الغائب، بل بترها عبر جرأة ضمير المتكلم، ويتم ذلك منطريقة سرد منيرة لحكايات الآخرين، مثل تسرد حكاية ميثاء (ص 108)، التيخرجت عن سلطة وصايا ضمير الغائب. ومن شكل الحكي يتضح أن منيرة متعاطفة معميثاء، لأن هذه الأخيرة وإن قامت بجريمة قتل زوجها، فإن منيرة تجد لهاالعُذر في ذلك. ونفس الشيء حدث مع باقي الحكايات التي استمعت إليها منيرةفي دار الفتيات حيث تعمل. ولعل طبيعة شخصية منيرة التي تملك قدرة تطويعالحكاية سرديا قد أثرت على وضعية السارد الغائب الذي يتعامل معها مرة بشكلرسمي، يكاد يتميز بالنقل الموضوعي للمعرفة يقول ضمير الغائب: «بينماالأخصائية الاجتماعية منيرة الساهي تحاول..» (ص 122)، وعندما يجدها وقدتوغلت في تبرير ما يحدث في مجتمعها من جرائم ترتكبها النساء ضد أزواجهن،فإنه يتدخل ليحاورها وينتقدها، لكن من دون الدخول في اصطدام أو إقصاءلوجهة نظرها مثل: «ألم يكن العرب قديما يتراجعون عن سفر أو مهمة أو ماشابه، وهم يستدلون على ذلك بالعلامات؟ ألم يكن أهل الصحراء يتلقفونالعلامات كي تهديهم في حياتهم وطرقهم المتشعبة؟ كيف لم تنتبه منيرة الساهيإلى علامة كتلك، وهي تشارك في تحقيق مع فتاة مراهقة ومستغلة؟ لتتحول هيبدورها إلى امرأة تقع في حبائل ابن الدّحال، الذي يفوق هذا المتسرع خبرةودهاء وتكتيكا» (ص 121).
    والملاحظ أن ضمير الغائب في ما هو يحاور تبريرات وتحريات الاختصاصيةالاجتماعية منيرة الساهي، لا يوجه إليها خطابه بشكل مباشر، إنما يتعاملمعها باعتبارها ضميرا غائبا. ونفس الشيء يحدث مع منيرة، ولهذا فإنالحوارية تحدث بين الملفوظات في المستوى السردي.
    حكاية «القارورة» تعلن عن واقع يجعل من التفكير حول المرأة جامدا ولاتاريخيا، ما دامت إمكانات التعبير مقيدة التداول، ولا يزال يتم ترديد نفسالوصايا التي تجاوزها إحساس المرأة وثقافتها، بل أيضا التحولات الداخليةوالعامة، ويظهر ذلك من الشخصيات النصية مثل أخ «منيرة» محمد، الذي اعتبركتابة منيرة، للزاوية الصحافية ورد في آنية سببا في جعلها تخرج عن منطقالأعراف، فإن الخطاب ـ الذي نعني به طريقة سرد الحكاية ـ قد خرق منطق هذهالحكاية، وكسر الصوت الواحد، المدبر لشأن المعرفة العامة والخاصة، واتضحذلك في وضعية السرد الروائي.
    عبر هذا التحول في موضع المرأة سرديا، تكون القارورة قد ألهمت القراءةبإمكانية وعي ناضج، ينتفض عبر التخييل ليحاور وبمرونة واقع الوعي القائم،الذي ما زال يحاصر المرأة ضمن الموضوع المفعول به. و«القارورة» بهذهالاستراتيجية السردية قد تربك بعض التوجهات النقدية التي تشتغل في إطاركتابة المرأة، معتبرة أن المرأة/ الكاتبة وحدها مؤهلة أكثر لمقاومة الصمتعن خصوصية وضعها، حين تتمثل اللحظة النسائية وترقى بها إبداعيا.
    * ناقدة وروائية من المغرب
    جريدة الشرق الأوسط- الاربعـاء 06 ربيـع الاول 1427 هـ 5 ابريل 2006 العدد 9990

    </td></tr></table></td></tr></table>

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 8:02 am