تعريف النص
تعريف النص
يعرّف
(قاموس الألسنية) الذي أصدرته مؤسسة لاروس (النصّ) على النحو التالي: - إن
المجموعة الواحدة من الملفوظات(*)، أي الجمل المنفذة، حين تكون خاضعة
للتحليل، تسمّى: (نصاً)؛ فالنص عينة*، من السلوك الألسني؛ وإن هذه العينة
يمكن أن تكون مكتوبة، أو محكية(1)...، انتهى كلام القاموس.
وإن اعتبار
(النص) عينة، يعني أنه يعكس بحدّ ذاته (ملاك) اللغة، أي كل ما يتعلق بها
بصفتها نظام علامات لغوية تستخدم كوسيلة اتصال بين المتكلمين بها؛ فأياً
كانت اللغة التي تنتمي إليها (المادة اللغوية) التي ندرسها، فالعينة منها،
عندما تكون محل الدراسة تسمى نصاً..
وإن العالم الألسني (هيالمسليف)
يستعمل مصطلح (نص) بمعنى واسع جداً، فيطلقه على أي ملفوظ، أي كلام منفذ،
قديماً كان أو حديثاً، مكتوباً أو محكياً، طويلاً أو قصيراً(2)؛ فإن عبارة:
- ستوب- أي قف(1) هي في نظر هيالمسليف نص؛ كما أن جماع المادة اللغوية لـ
(رواية) بكاملها هي أيضاً نص(3)..
تودوروف
أما (المعلم تودوروف)
فإنه يبدأ مقالته عن (النص) في مؤلفه: - القاموس الموسوعي لعلوم اللغة- ،
بقوله - تجدّ الألسنية بحثها بدراسة (الجملة).. ولكن مفهوم النص لا يقف على
نفس المستوى الذي يقف عليه مفهوم الجملة، أو القضية، أو التركيب؛ وكذلك هو
متميز عن الفقرة التي هي وحدة منظمة من عدة جمل(4)..
ثم يقول: -
(النص) يمكن أن يكون جملةً، كما يمكن أن يكون كتاباً بكامله، وإن تعريف
النص يقوم على أساس استقلاليته وانغلاقيته، وهما الخاصتان اللتان تميزانه،
فهو يؤلف نظاماً خاصاً به، لا يجوز تسويته مع النظام الذي يتم به تركيب
الجمل، ولكن أن نضعه في علاقة معه، هي علاقة اقتران، وتشابه.- .
ثم
يضيف: - وبتعابير هيالمسليفية، (النص) نظامٌ جاف، أو تضميني، وذلك لأنه
نظام ثان بالنسبة إلى نظام أساسي للدلالة، فنحن حين نحلل (الجملة) نميّز
بين مقوّمات صوتية، وتركيبية، ودلالية، وكذلك نحن نميز مثلها في (النص)،
دون أن تكون من نفس المستوى(6)- ، أي لا يكون لهذه المقومات المختلفة نفس
القيمة في تحليل النصّ، إذ أنها سيترتب عليها أنماط من التحليلات
متباينة..
فهناك بالنسبة إلى (النص) مظاهر، أو وجوه، صوتية، وتركيبية،
ودلالية، ولكل مظهر منها (إشكاليته)؛ إذ هو يؤسس أحد الأنماط الكبرى التي
لتحليل النص: التحليل البلاغي، أو السردي، أو المعلوماتي..
هناك في النص (المظهر اللفظي)، وهو مؤلف من العناصر الصوتية، والقاعدية التي تؤلف جمل النص.
ثم
هناك (المظهر التركيبي)، والذي يمكن تبينّه ليس بالرجوع إلى قواعد تأليف
الجمل، وإنما بالرجوع إلى العلاقات التي بين الوحدات النصية، أي الجمل،
ومجموعات الجمل..
وهناك أخيراً (المظهر الدلالي)، والذي هو نتاجٌ معّقدٌ للمضمون الدلالي الذي توحي به هذه العناصر، والوحدات..
ثم
يتحدّث تودوروف، بالنسبة إلى المظهر اللفظي، عن (تحليل الخطاب) عند هاريس
ومريديه، ثم يتحدث، بالنسبة إلى المظهر الدلالي عن (تحليل القضايا) عند
ديبوا...
ثم يقول أنه ظهر في الفترة الحديثة في فرنسا باحثون يمارسون
(تحليل النص) من (منظور علامي)، مثل كريستييفا، وبارث وغيرهما، يحاولون
بذلك إنضاج نظرية عامة للنص.. حيث يأخذ مفهوم النص عندهم معنى خاصاً، ولا
يعود ينطبق على: - مجموعة منظمة من الجمل(7)- ؛ ثم في نهاية قاموسه، ينشر
تودوروف مقالتين لفرانسوا فال عن آراء كريستييفا في ذلك(..
بارث
في
مقالة تعود إلى أوائل الستينات عن (نظرية النص)، يقدم بارث تعريفاً عاماً
للنص، يعكس المفهوم التقليدي للنصّ، يصير يشرحه، ثم يؤثر عليه تعريف (جوليا
كريستييفا)، والذي تذهب فيه إلى إظهار توالدية النص، كما سنرى بعد قليل..
وقد عاد (بارث) في أوائل السبعينيات إلى هذه الوجهة من النظر، فتوسع
فيها، في مقالة بعنوان: (من النص إلى العمل)، ولا عجب، فإن جهود بارث في
علم العلامات، واهتماماته بعلامية الأدب رَجّحت عنده الأخذ بالاعتبار
الكريستييفي.
تعريف أول
المهم، أن (بارث) بالنسبة إلى التعريف
الأول ينطلق من الدلالة الاشتقاقية لمصطلح (تكست)، أي النص، والتي تعني في
اللاتينية (النسيج) تكستوس، فيقول:
- (النص) نسيج كلمات منسقة في
تأليف معين، بحيث هو يفرض شكلاً يكون على قدر المستطاع ثابتاً، ووحيداً- ثم
يشرح ذلك، فيقول: - إن (النصّ) من حيث أنه نسيج، فهو مرتبط بالكتابة،
ويشاطر التأليف المنجز به هالته الروحية، وذلك لأنه بصفته رسماً بالحروف،
فهو إيحاء بالكلام، وأيضاً بتشابك النسيج- .
وأما مهمات النص، في
نظره، فهي ضمانه للشيء المكتوب، وصيانته له، وذلك بإكسابه صفة
(الاستمرارية) استناداً إلى التسجيل الرامي إلى تصحيح ضعف الذاكرة، أو
أيضاً استناداً إلى شرعية الحرف الذي هو أثر يتعذّر الاعتراض عليه؛ الأمر
الذي يربطه بعالم من (الأنظمة) كالقانون، والدين، والأدب، والعلوم عامة..
(النص)
إذن سلاح في وجه الزمان، والنسيان، أو في وجه حذلقات القول، والتواءاته
حين يختلق، أو يتذكر، أو يستدرك، وفي مفهومه العام، أي المفهوم الذي يقول
(بارث) عنه إنه تقليدي، مؤسسي، وشائع، هو (نسيج) كلمات منسقة، وذلك هو
تعريفه الأول، ولكن ثمة تعريفاً ثانياً له، يقدمه بارث متبنياً آراء جوليا
كريستييفا...
تعريف ثان
هذه الوجهة من النظر يتوسع (بارث) فيها
في السبعينات(9)، حيث يصير يتعاطف مع مبادئ التفكيكية، كما يصير يحدّد
موقفه من البنيوية، وعلى الخصوص من التناص، وهو ما نختزله في النقاط
الأساسية التالية:
1- في مقابل (العمل الأدبي) المتمثل في شيء محدّد،
فإن (النصّ) هو مجرد نشاط، وإن وضع (المؤلف) فيه هو مجرد وضع احتكاك؛ وهو
لا يحيل إلى مبدأ بداية، أو نهاية، وإنما هو يحيل إلى غيبة الأب، وبالتالي
يبدد مفهوم الانتماء..
2- يمارس (النص) التأجيل الدائم، واختلاف
الدلالة(10) فهو مثل اللغة (مبني)؛ ولكنه ليس مغلقاً، ولا متمركزاً، بل هو
لا نهائي، لا يشير إلى فكرةٍ معصومةٍ، بل إلى لعبة مخلَعة؛ وهو لا يجيب على
الحقيقة، بل هو يتبدّد إزاءها..
3- (النص) مفتوح، وإن القارئ المتلقي
ينتجه في عملية مشاركة، وهذه المشاركة ليست هي الاستهلاك، وإنما هي اندماج
القراءة، والتأليف في عملية دلالية واحدة، بحيث تكون ممارسة القراءة
إسهاماً في التأليف، ناهيك بأن (النص) نوع من (اللذة)، بل إنه واقعة
غزلية..
***
وعلى هذه الشاكلة، يكون (النص): - فعالية كتابية،
ينضوي تحتها كل من المؤلف الباث، والقارئ المتلقي، وبنتيجة التواصل،
والمشاركة اللذين بينهما يكون (النص) جزءاً من - كلام مموضع- في منظور
كلامي معين..
وبذلك يصبح (النص) مجرد (إيحاءات)، مجرد (بريق) خاطف من
الومضات العابرة في فضاءات لا متناهية.. وهناك يصير (النص) يقيم لنفسه
نظاماً لا ينتمي إلى النظام اللغوي، ولكنه يظل على علاقة معه(11) هي علاقة
التماس والتجاور، والاقتران والتشابه..
كريســــــــتييفا
في
مقالتها: - النص المغلق- ، حيث تتحدث (جوليا كريستييفا) عن أيديولوجية
الرواية، أي وحدتها، ووظيفة التداخل النصيّ فيها، وتحلل ما يتعلق بهذه
الوظيفة، تبدأ (جوليا كريستييفا) تحليلها بتقديم تعريف للنص يبرز تخلقه،
قالت:
- بما أن السيميائيات ليست فقط خطاباً، فإنّها تتخذ كموضوع لها
ممارسات سيميائية عديدة، تعتبرها (عبر لسانية)، أي متكونة من خلال اللسان،
ولكن غير قابلة لأن تختزل في المقولات التي تلتصق به في أيامنا هذه..
من
هذا المنظور، نحن نحدّد (النص) كجهاز عبر لساني يعيد توزيع نظام اللسان
بواسطة الربط بين كلام تواصلي يهدف إلى الإخبار المباشر، وبين أنماط عديدة
من الملفوظات السابقة عليه، أو المتزامنة معه، فالنصّ إذن (إنتاجية) وهو ما
يعني:
أ- إن علاقته باللسان الذي يتموضع داخله هي علاقة إعادة توزيع
(صادقة/ بناءة)، وبذلك فهو قابل للتناول عبر المقولات المنطقية، لا عبر
المقولات اللسانية الخالصة.
ب- إنه ترحال للنصوص، وتداخل نصي، ففي فضاء (نصّ) معيّن تتقاطع، وتتنافى ملفوظات عديدة، مقتطعة من نصوص أخرى(12)..
***
ذلكم
هو تعريف (كريستييفا) للنص، وشرحها له، بترجمة فريد الزاهي، والمقصود منه
أن (النص) هو أكثر من خطاب، لأنه يفيد توزيع نظام اللغة، كاشفاً في الأساس،
عن العلاقة التي بين كلمات الأخبار المباشر فيه، وبين الملفوظات السابقة
عليه، إذ هو يمثل عملية (تناص) تتقاطع، وتتنافى فيها ملفوظات متنوعة..
إن
علاقة (النص) باللغة إذن هي من قبيل إعادة توزيع نظامها، (صدماً) أي
تفكيكاً، ثم (تسوية)، أي إعادة بناء، مما يجعله صالحاً لأن يعالج بمقولات
منطقية، أكثر من صلاحية المقولات الألسنية الصرفة له..
(النص) إذن
عملية إنتاجية، أو عملية تقييس(13)، أي هو نشاط توالدي، يبتعث المعاني،
بحيث تكون مقوماته اللغوية محل قياس، بعد أن كان يظن أنها مقاسة على النظام
اللغوي الإيصالي.
النص يبتعث توالدية اللغة
ومن هذه الوجهة من
النظر، يعرف (النص) أيضاً بأنه المكان الذي يتموضع فيه (التمعين)
سينيفيانس، وإن (الوحدة) فيه لا تعود العلامة، سيني، وإنما المجموع الدال،
أو أيضاً المركبات الدالة، والتي بعيداً عن أن تتسلسل بشكل طولاني، سوف
ينضم بعضها إلى بعض بشكل تعددي فتؤلف النصّ(14)..
إن عملية توليد
(نظام دال) لا يمكن، في نظر جوليا كريستييفا أن تكون واحدة، وذلك لأنها لا
تخضع لـِ (مركزية الذات)، أي ليست موضوعاً لمركز التنظيم للمعنى في النص،
والذي أي المركز يعود عادة إلى المؤلف، وإنما هي (عملية تعددية) عبر
تفاضلات، وفروقات تصير تتجمع في فضاء مفتوح من (الخلق، والتدمير)
الذاتيين.
وبذلك يصبح النص (انزياحاً) بين اللغة الطبيعية التي تمثل
الأشياء، وبين ما تحتها من حجم، أو سماكة للاستعمالات الدالة، فتختمر
الدلالات بنفس ماديتها، من داخل اللغة، حسب لعب عملي، غريب عن (الإيصال)،
يكسب المفردات قياسيتها، أي تصبح هي المقيسة، حسب تعبير قاموس المنظمة
العامة للتربية، والثقافة، والعلوم وتلك هي الإنتاجية، أو التقييس..
***
وبالفعل،
لقد قاومت (جوليا كريستييفا) الاستعمال الإيصالي للغة، وذهبت إلى أن
(النص) يضيء (القدرة التوالدية) التي للغة، فيبعثها، وهذا يعني أن النص لم
يعد خاضعاً لمثالية المعنى وإنما هو يخضع لمادية (لغة الدال) الذي ينتج
آثار المعنى..
وبذلك لم يعد (الخطاب) وحدة مغلقة، وإنما هو الآن محلّ
اختراق (التناص) له، وأيضاً محل انتشار وظيفة تنظيمية في مستوياته، تجعل
قراءته ممكنة.. وأن اللقاء الذي يتم فيه بين النظام النصي المعطى، وبين
الأقوال، والسلاسل التي يشملها، أو يحيل إليها، يشكلّ (وظيفة التناص)،
والتي يمكن ترجمتها إلى قراءة تكشف عن السياق التاريخي، والاجتماعي
للنصّ(15).
التحليل السيمي والعلامية
وعلى هذه الشاكلة، يكون
(النصّ) وحدة أيديولوجية، كما أن التعرف إلى خصوصية (النظام) الذي يهيمن
عليه يصيرُ حيّز دراسته من مجرد (دراسة بلاغية) لنوع من الأنواع الأدبية،
إلى (دراسةٍ علامية) لأنماط الكتابة فيه(16).
وبالفعل، بدلاً من
(التمفصل الطبيعي) الذي للغة في النصّ، تقدم كريستييفا (تمفصلاً مزدوجاً)،
هما: تمفصل ظاهر النص، الفينوتكست، وتمفصل توالدية النص، الجينوتكست، الأمر
الذي دفعهما إلى اصطناع التحليل السيمي(17)..
***
و(التحليل
السيمي) نسبة إلى سيم، جمعها سيمات، أي الوحدة المعنوية الصغرى، أو المعنى
المفرد للكلمة، وهو تحليل تستعير (جوليا كريستييفا) مفاهيمه الضرورية من
علوم أخرى غير الألسنية، مثل الرياضيات، والتحليل النفسي، بحيث تكون
ممارسته هي التدليل على الكيفية التي تكون فيها توالدية النص ظاهرة..
وهنا
تجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين توالدية النص، (الجينوتكست)، وبين
ظاهرة، (الفينوتكست) ليست مثل العلاقات التي بين: - بنية عميقة- ، و- بنية
سطحية- ؛ وإنما توالدية النص، (الجينوتكست) هي النص معتبراً كانبنائية،
وليس كبنية، فليس الجينوتكست بنية محددة، إذ يظل النص مجموعة علامات، هي
(مبنية)، ثم مهدمة، ثم مبنية من دفعات(18)، وهكذا..
وهذا يعني العودة
إلى الاهتمام بـ (مركزية الذات) في اللغة، وعلى الخصوص في الأدب، وبالتالي
عن ذاتية المؤلف فيه، بدءاً من الامتدادات اللاشعورية حتى بروز المقابل
الاجتماعي.. وقد أوضحت جوليا كريستييفا في كتبها العلمية، والنقدية(19)، أن
تحولات (اللغة الأدبية) تمثل الممارسة الجدلية لذات داخل اللغة، وأن
التاريخ هو مجموعة نصوص أكثر منه تاريخية دون لغة..
الهوامش
ملفوظ ةnancé
عيّنة ةchantillon
قف Stop
مفهوم Notion
جملة phrase
قضية propasition
تركيب Syntagme
استقلالية Autonomie
انغلاقية Clâture
اقتران Contiguité
تشابه Ressemblance
حاف Connotatif
دلالة Signification
مظهر Aspect
مظهر لفظي A.verbal
مظهر تركيبي A.syntaxique
مظهر دلالي A.sémantique
تحليل Analyse du
الخطاب discours
تحليل Analyse
القضايا propositionnalle
علامية Sémiatiqw
النص Texte
استمرارية Continuité
بنيوية Structuralisme
تناص Inter
تداخل نصي Textualité
وحدة النص Idéolagéme
علم العلامات Sémiologu
عبر Inter
ألسنية linguistique
إنتاجية تقييس Productirrté
تمعين Segnifiance
***
(1- 2- 3) قاموس الألسنية، لاروس، باريز 1972، ص486
(4-
5- 6)- القاموس الموسوعي لعلوم اللغة، لديكرو وتودوروف، باريز، سوي 1972-
ص375- 376، وأما (الدلالة الحافة) فيعكسها النص بجملة، ومردها الموقف
الانفعالي للاستعمال اللغوي عامة..
7- ثم ينتقل (تودوروف) إلى الحديث
عن المحاولات القديمة في تحليل النصوص السردية، وهي محاولات وصفية، صورية،
وأولية، لم تبلغ درجة التنظير، ونجدها عند (لونجاس)، و(مارانداً)، ثم عند
(بريموند)، ثم عند (فريدمان)، وهي تستهدف تحولات المسرودية، وعلى الخصوص
نتائج الوساطة فيها، أي عملية التحول، وأشخاصها، وقد تميزت تحليلات
(فريدمان) بتصنيفها للحبكات، مثل الحبكات التي تطور تأزمات الأبطال،
ومصائرهم، أو الحبكات التي تصوّر طباعهم، وشخصياتهم، أو الحبكات التي توضح
فكرة المسرودية نفسها..
8- القاموس الموسوعي لعلوم اللغة، ص443- 453
9-
(نظرية النص) لرولان بارث، ترجمة محمد خير البقاعي، مجلة العرب والفكر
العالمي، بيروت 1988، وانظر كتاب: مقالات في الأسلوبية- للدكتور منذر
عياشي، نشر اتحاد الكتاب العرب بدمشق، 1991، ص137، وكتاب: - بلاغة الخطاب
وعلم النص- للدكتور صلاح فضل، عالم المعرفة، آب 1992- ص229.
10- وفي
نظر بارث أنه، في سيميولوجية الأدب، يكون (النص) أقرب إلى البلاغة منه إلى
الألسنية، إذ تدرس أجزاؤه متحررة من مرجعية المحتوى، ومفتوحة على
الإيحاءات، وعلى التأجيل المتواصل للمعنى..
11- وهنا يؤكد بارث على
انفتاح النص على (التفسير)، وأن تحليله يجب أن يتجه إلى تبيان (الشيفرات)،
كود أوسنن، التي تهيمن على المؤدّى الدلالي فيه، فيميّز خمس (5) شيفرات
يقوم عليها النص، هي:
1- شيفرة الأحداث، وما بينها من علاقات، 2-
شيفرة الثقافة، أي الأفكار، والقيم المتحكمة بالكتابة، 3- الشيفرة
التضمينية، وتتعلق بالشخصيات ومزاياها، 4- شيفرة التفسير، وتتعلق بلغزية
النصّ، ثم 5- شيفرة الموضوعة، تيم، حيث يكون النص بمثابة حقل رمزي للمعاني،
وسبق أن شرحنا ذلك في كتبنا السابقة..
12- هذه المقاطع أخذناها من
كتاب: - علم النص- ص21، والذي جمع فيه (فريد الزاهي) أربع مقالات لجوليا
كريستييفا، هي: النص وعلمه، النص المغلق والانتاجية المسماة نصاً، والشعر
والسلبية، ترجمها، ثم أطلق عليها عنوان علم النص، ونشرت في دار توبقال في
الدار البيضاء، 1991.
13- يترجم مصطلح (بروديكتيفيتيه) بإنتاجية،
وأيضاً تقييس؛ وهو يعود إلى جوليا كريستييفا، ويقصد التوالدية اللغوية، من
كون النصّ جعل من (اللغة) عملاً لاكتشاف عمل اللغة، وهذا التقييس يظهر
كنتيجة لايحاءات النص، والسماكة الدلالية التي له بين السطح، والعمق، وتجد
في القاموس الموسوعي لعلوم اللغة، السابق الذكر، مقالتين لفرانسوا فال،
إحداهما عن معنى الانتاجية، أو التقييس، ص445- 448، والأخرى عن علم
العلامات والتحليل السيمي، ص449- 453.
14- (التمعين) سينيفيانس
هوابتعاث المعاني بدلاً من إعطاء دلالة معينة، وهناك عدة ترجمات لمصطلح
سينيفيانس، مثل عملية الدلالة، أو الدلالية، أو الدلالة أيضاً، إلا أن
أصحها هو التمعين، وتقول جوليا كريستييفا: - إنّ (التمعين) سينيفيانس،
بخلاف (الدلالة) سينيفيكاسيون، لا يمكن أن يقوم على الإيصال، أو التمثيل
للأشياء، أو التعبير، إن (التمعين) يضع المؤلف في النص ليس كباعث إسقاطات،
وإنما كضياع - انظر القاموس السابق الذكر..
15- (التناص)، أو التداخل
النصي في الكتابة، له وظيفة تنظيمية، إذ أنه يظل متصلاً بعمليتي الامتصاص
والتحويل، الجذريين أو الجزئيين، للعديد من النصوص الممتدة في نسيج النص،
وهو الأمر الذي جعل دراسته تتطلب (مقاربة) ترى في هذه النصوص (حواراً)
لممارسات متنوعة، وإن (جوليا كريستييفا) في هذا الخصوص تتوسع بمفهوم
(حوارية) الخطاب، وهو مفهوم يعود إلى باختين، فتجعل منه مفهوم (تعددية)
الخطاب..
16- وذلك أن المقصود من تحليل الأدب في نظر جوليا كريستييفا
هو تقديم كشف حساب عن (التوالدية الذاتية) داخل اللغة، والتي تقوم بدور
فاعل وحقيقي، فردي أو جماعي، ثم الكشف عن الملفوظية، كعملية ترميز، مما هو
عودة إلى الاهتمام بمركزية الذات..
17- انظر كتاب: - النقد- لروجية
فايول، باريز 1978- ص319: وانظر مقالة فرانسوا فال السابقة الذكر، في
القاموس الموسوعي لعلوم اللغة، ص447.
18- في حين، في المقابل، كان
(فان ديجك) منذ مطلع السبعينيات، يعمل على تحويل البلاغة إلى نظرية للنص،
وذلك في المسار العام الذي اتخذته وقتها دراسات مجموعة من العلماء، مثل
سبلتر، وتولمان وغيرهما، إلا أن تحليلات (فان ديجك) للأبنية النصية، ثم
دعوته إلى تأسيس ما أسماه بـ - علم النص- قد ميّزه، و- علم النص- ، في نظر
فان ديجك هو الإطار العام لشتى البحوث، والمظاهر التقنية التي لا تزال تنعت
ببلاغية، وهو كعلم يحاول وصف النصوص، وتحديد وظائفها، والجدير بالتنويه
هنا أن الباحث الألسني د.صلاح فضل هو من نفس المدرسة، ويدين بمبادئها، انظر
كتابه بلاغة الخطاب وعلم النص، السابق الذكر، ص245 وما بعدها، إلا أن
كثيراً من هذه المبادئ هي في رأينا مَحّل نظر، فاقتضى التنويه..
19-
وأبرز هذه الكتب هي: اللغة هذا المجهول، 1969، سيميوتيكه، من أجل تحليل
سيمي، 1969، تقديم فنية ديستويفسكي، 1970، نص الرواية، 1970، ثورة اللغة
الشعرية، 1974، الخطاب التعددي، 1977 وغيرها.. وقدّ ظلت كريستييفا فيها
مخلصة لعلم العلامات، والتحليل العلامي، ولذلك يعتبر النقاد تنظيراتها،
وتطبيقاتها تخدم البنيوية، كما تخدم التفكيكية على السواء..
طارق