منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    مكتبة التراث الشعبي

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    مكتبة التراث الشعبي Empty مكتبة التراث الشعبي

    مُساهمة   السبت أكتوبر 15, 2011 5:38 am



    مكتبة التراث الشعبي








    كتبهاناجى الفيتورى ، في 13 أغسطس 2008
    الساعة: 08:25 ص




    مكتبة التراث الشعبي





    هَذَا مَو غْنا يا سفاتِيل
    هَذا قْطاف وْرزالَه
    حَلاوْة الغْنَا عَ الرّجاجيل
    اللّي قَحّزَوا م العْمالَه
    في
    قصيدة (هذا مو غنا يا سفاتيل) فإن وطنية البويف تظهر على نحو فائق لا مثيل
    له، فهو يستنكر أن يجد المغنون أي الشعراء، في تلك الأوقات العصيبة التي
    يمر بها الوطن ويكابدها الناس، فراغاً أو استعداداً للغناء والتسلي بنظم
    الشعر في موضوعات الحياة العادية. فهو يرى أن الوقت وقت حرب وجهاد، وأن على
    كل امرئ أن يجاهد بما يملك من سلاح. ومن ثم فأولى بالشعراء الذين منحهم
    الله ملكة القول والتعبير أن يجاهدوا بشعرهم، فهذا هو الموضوع الوحيد الذي
    يحلو ويجدر فيه القول. أما ما عدا ذلك فهو لعب، بل ربما كان أقبح من ذلك.
    أنه، كما يقول البويف، سخف ووقاحة وقلة أدب قطاف ورزالة:
    هَذَا مَو غْنا يا سفاتِيل
    هَذا قْطاف وْرزالَه
    حَلاوْة الغْنَا عَ الرّجاجيل
    اللّي قَحّزَوا م العْمالَه
    ولا
    يخفى على القارئ السُّخْط الشديد الذي يأخذ الشاعر على أولئك اللاهين
    اللاعبين، إذ يسميهم سفاتيل، ويسمي شعرهم قطاف ورزالة. ثم يندفع في حماسة
    شديدة لوصف أولئك الرجاجيل، الذين ضحّوا بحياة الراحة قرب أهلهم وحبيباتهم،
    وهجروا منازلهم وأموالهم، وهاجروا قَحّزَوا م العْمالة ليجاهدوا في سبيل
    الله والوطن، في شعر قوي جميل بالغ التأثير، بعاطفته المتدفقة حماسة وقوة،
    ووزنه السريع المتلاحق الذي يحكي كر الخيل واحتدام المعارك.

    5 - وصف المتخاذلين والمستسلمين:
    ويرتبط
    هذا المعنى بالمعنى الذي سبق، فذكر الجهاد والمجاهدين ضد سيطرة المحتل،
    تستدعي بالضرورة الجانب الآخر من الصورة، وهو جانب المستسـلمين للعدو
    الخاضعين لسيطرته والقاعدين من ثَمّ عن مقاومته والجهاد ضده. وشعر البويف
    في هذا المعنى يحمل، إضافة إلى قيمته الشخصية، وهي الدلالة على وطنية
    الشاعر، قيمة تاريخية مهمة، وهي قيمة التسجيل والتوثيق لحقائق ووقائع
    التاريخ. فعبر هذا الشعر نتعرف على الصورة الحقيقية التي كان الشاعر يراها
    ويعيشها. والصورة بالطبع لم تكن ناصعة في جميع جوانبها. فكما كان ثَمَّةَ
    أولئك الذين رفضوا الذل والخضوع للمستعمر، وقاوموه بكل ما كانوا يملكون من
    وسائل، وكل ما تيسر لهم من أسباب القوة وعدة القتال، وحين غُلِبُوا على
    أمرهم، رفضوا البقاء تحت جناح الذلة والسيطرة، فجَلَوا عن الوطن إلى حيث
    يعيشون أحراراً موفوري الكرامة، كان ثمة إلى جانب هؤلاء أولئك النفر الذين
    كانوا أعداء الله كما يسميهم الشاعر، وذلك لأنهم كانوا أعداء الوطن وأهله،
    وعونا للمستعمر عليه.

    ومن قصائد البويف التي بين أيدينا نأخذ صورة دقيقة عن هؤلاء الخونة باعة الوطن للعدو:
    فمنهم
    فئة غلبهم الجبن، وسيطر عليهم حب الحياة والتشبث بها، ففضلوا الاستسلام
    والخضوع، ويصورهم الشاعر تصويراً فائقاً في قصيدته الصادقة مثيل الشمس( )،
    حيث يقول :


    بِيعَن بنات الطُّوقْ ضاعَن حْقُوقْها عَتَبْهن عَلَي لَطفال لاجاويد
    وْوَينْ قَدّمَت لَجْـواد رادت لْحُوقُها مَرعُوب الـجّواجي قال:وَينْ نْريد
    عَلَيّ الطّلاق صْملَت ما عَد نْـتُوقْها وْما عَد مْقَبّل خَطُوتَين نْـزيد
    وانْ كانّي قدَعْت اليَومْ ماعَد نْعُودْها وان كانّي نْجِيت نْعِيش عمرْ جديد
    وهي
    أبيات رائعة، يبدع فيها الشاعر تصوير الموقف كله، ويجسد من خلالها وقفة كل
    من الفريقين. وهو يتبنى صورة فنية جميلة، إذ يرمز إلى الوطن المعتدى عليه
    والمغتصب من أهله بـبنات الطوق، وهي الشياه التي تم الاستيلاء عليها وسيقت
    عُنوة من أهلها وموطنها. وواضح من الروح العامة السائدة في القصيدة أن
    الشاعر اتخذ من الضأن رمزاً للحيوان عامة، ومن خلاله للمال والممتلكات.

    ثم
    يقدم للموضوع بالقول بأن العتب أو اللوم والاعتماد الحقيقي هو على الرجال
    الكرام الشجعان لطفال لاجاويد، الذين يأبون المذلة والهوان. ثم يوضح ذلك
    فيما يلي من أبيات، ذلك أنه حين احتشد لجواد، وتنادوا للجهاد في سبيل
    استرداد الحقوق الضائعة، بادر الجبان، الذي يبدع الشاعر في تجسيد الرعب
    الذي امتلكه في قوله مرعوب الجواجي، أي مرتعد الفرائص، بادر إلى تثبيط
    الهمم وإضعاف العزائم، وظل يتساءل: وين نريد؟ وهو استفهام استنكاري، يجسد
    به الشاعر الحالة النفسية التي تملكت ذلك الجبان، فصار يستبعد الهدف الذي
    ينادونه إليه، ويضخم خطورة واستحالة بلوغه، ثم يندفع يقسم باليمين علَيّ
    الطلاق أن تلك المهمة ميئوس من نجاحها، وأن الشياه التي اغتصبت وسيقت قد
    تجاوزت المدى القابل لأن تلحق فيه صملت. غير أن الجبان سرعان ما يظهر على
    حقيقته، ويصرح بقعوده وتقاعسه، فيقول ما عد مقبل خطوتين نزيـد. ثم يظهر في
    البيت الأخير المبرر الأناني الحقير الذي بنى عليه الجبان موقفه وهو حرصه
    على الحياة وان كانّي نجيت نعيش عمر جديد .

    وفي
    هذه الأبيات يبلغ الشاعر حداً كبيراً من التوفيق الفني بما يصل إليه من
    تجسيد الروح التي تسيطر على الجبناء المتخاذلين الداعين إلى اليأس،
    الحريصين على الحياة حتى تحت الذل والإهانة.

    ومن
    هؤلاء المتخاذلين فئة تعدت مجرد الخضوع للمستعمر، جبناً وحرصاً على
    الحياة، إلى خدمته وإعانته على السيطرة على الوطن وأبنائه. ويصورهم الشاعر
    في عدة مواطن من قصائده. كقوله، داعياً إلى الجهاد ولاعناً الذين خدموا
    المستعمر:

    واللّي عَطاه الله جاهَد في الْكفَر
    واللّي خَدَمهم داخْل النِّيران
    أو مشيرا إلى هؤلاء بأنهم خضعوا للمستعمر بإرادتهم، وبعد أن تبادلوا الرأي وتشاوروا في ذلك:
    توازَوا خْباث الرّاي قالَوا نْطِيعْها
    وْدالَت عَداي الله حَطَّت خْتُومْها
    وفي
    هذا البيت تعبير فائق الدقة عن موقف هذه الفئة، فهم توازوا أي اختاروا
    بعضهم البعض، وانسلخوا عن أولئك الذين تبادلوا الرأي بدورهم، ولكن رأيهم
    استقر على عدم الرضوخ للمستعمر والتصميـم على مقاومته ومكافحته. والبيت
    يسجل بدقة مقصودة أن موقف الطاعة والخضوع للعدو كان أيضاً نتيجة تمحيص
    وتفكير وتبادل للرأي: قالوا نطيعها، أي اجتمع قولهم على الخضوع والاستسلام.

    ثم
    يربط الشاعر في الشطرة الثانية من البيت بين هذا الموقف الذي انتهى إليه
    خباث الرأي وبين تمكن المستعمر من السيطرة على البلاد، فيقول إن قرار أولئك
    بالاستسلام وإلقاء عصا الطاعة أدى، كنتيجة حتمية، إلى غلبة أعداء الله
    والوطن دالت عداي الله حطت ختومها.

    وفي
    قصيدة أخرى يسجل الشاعر جانبين آخرين من موقف هذه الفئة: الأول هو تعاملهم
    مع المستعمرين الأجانب، وارتباطهم بهم حتى قبل أن يتم الاحتلال العسكري،
    مشيراً إلى ذلك في قوله :

    وْناضَوا مزاقط واخْذِين عَلى الغَضَب
    وْبـاعَوا املاك البـادْيه للرُّوم
    والجانب الثاني هو خضوعهم للمحتل ومسارعتهم للاعتراف له بالسيطرة والهيمنة، وذلك في قوله :
    وْجَنها خْباث الرَّاي كَي صار الطّلَب
    وْناضَوا وْدارَوا للّعِين خْـتُوم
    ويكتسب هذا الموقف حدة خاصة لأن الشاعر يقرنه مباشرة بموقف الفئة المجاهدة؛ إذ يقول في البيت السابق مباشرة:
    والْتَمَّوا ضنا لَجواد عَدّادْة العَتَب
    واسْتَشهَد اللّي منْهم عَلَيه اللَّوم
    ويسجل
    لنا شعر البويف أيضا موقف فئة أخرى، لم تتورع هي أيضا عن خدمة المستعمر،
    وهي فئة الشعراء الموالين له، حيث تبلغ خسة هؤلاء حداً كبيراً، ذلك أنها
    تتجاوز موقف الخضوع والاستسلام إلى موقف التأييد والمؤازرة الفعلية للمحتل
    الغاصب ضد أبناء الوطن والمجاهدين من أجل حريته. ويذكر لنا الرواة أن
    الشاعر ذهب يوماً الى مدينة توكرة، وكان يعيش مع أهله في قرية بوجرار
    القريبة منها، وحين وصل إلى مركز المدينة وجد جمعاً من الناس متجمهراً عند
    مقر الحاكم الايطالي، فسأل رفيقته التي كانت تقوده عن الخبر فقالت له: إن
    ثمة شاعراً ينشد شعراً في مدح ذلك الحاكم يقول فيه :

    هَذا اللّي خَرَّب عْقال بنينه
    وْهَذا اللّي كَسَّر طْناشَر دَور
    فلم يملك الشاعر إلا أن أنشد على الفور :
    وْهَذا اللّي من ضَيمْ باداوينا
    فات الجّيَفْ حسّار في الباكُور


    مكتبة
    التراث الشعبي … مشروع ثقافي علمي يهدف إلى جمع التراث الأدبي الشعبي في
    ليبيا ، والعمل على تدوينه وتصنيفه، ثم تحقيقه ونشر نصوصه، مزودة بالضروري
    المفيد من الشروح والهوامش والتعليقات

    أضف الى مفضلتك


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 08, 2024 12:07 am