على مستوى البنية السطحية للنص: ماذا نلاحظ عند قراءتنا أو سماعنا كلمات النص وجمله المتوالية إلى نهايته؟
أول ما نلاحظه هو توزع النص في وحدات صوتية-لغوية متساوية موقعة
وموزونة تدعى الأبيات، والبيت الواحد في هذا النص ينقسم على شطرين متكافئين
عروضيا هكذا:
مستفعلن فاعلاتن ______________ مستفعلن فاعلاتن
ويدعى "بحر المجتث" غايته أن يضبط إطار الموسيقى الخارجية لمجموع
أبيات النص التي تتشكل منها القصيدة، أي ما يقصد الشاعر إلى قوله ويجيد
إتقان البناء الفني اللغوي وفق ذلك القالب الموسيقي الدقيق لهذا كان الشعر
ارفع من النثر لأنه مزيج من الموسيقى الخالصة والكلام الفني. وهذا الشكل
معروف في الأدب العربي منذ القديم حتى انه لمجرد سماعنا كلمة شعر أو قصيدة،
ترد على أذهاننا وأفهامنا صور ومعان كثيرة نعرفها قبل قراءة النص، ومعنى
ذلك إننا نملك معلومات مسبقة عما يكون عليه جنس الشعر ونوعه الذاتي الغنائي
كما هي الحال في النص الذي ندرسه لكونه ليس حوارا مسرحيا ولا يشمل على قصة
محبوكة وإنما هو شعر غنائي له مميزاته الخاصة ولكن ما الذي يجري على مستوى
لغة النص وفي بنائها الفني؟ نلاحظ مرة أخرى أن الخطاب بدا بنداء موجه إلى
الليل "ياليل"، وهذا إلى شيء معنوي غير عاقل وليس فيه روح، ومع ذلك تكرر
هذا النداء في الأبيات (24،21،17،13) حاملا معه في كل مرة رغبة إنسانية
معينة لم يرد الشاعر أن يفصح عنها بوضوح أو يحصرها في مطلب محدد. والإنسان
ليس من عاداته أن يتكلم مع الليل، فهذا النداء إذن غير حقيقي، وإذا أردنا
أن نحقق لأنفسنا فهم المقاصد الخافية لهذا الكلام والاطلاع على بعض النوايا
غير المعلنة فما علينا سوى أن نفكك هذه الشفرات أو الرموز اللغوية
متجاوزين ذلك المستوى السطحي والمعنى المعجمي البسيط إلى ما تحمله الكلمات
من معان بلاغية عميقة فكلمات النص لها ظاهر وباطن كما نرى، كما أن كل
التراكيب والصور المجازان وحتى الإيقاع الموسيقي الصادر عن أجراس الحروف
وأصوات الكلمات المتقابلة والمترادفة لها مثل ذلك من معنى
أول ما نلاحظه هو توزع النص في وحدات صوتية-لغوية متساوية موقعة
وموزونة تدعى الأبيات، والبيت الواحد في هذا النص ينقسم على شطرين متكافئين
عروضيا هكذا:
مستفعلن فاعلاتن ______________ مستفعلن فاعلاتن
ويدعى "بحر المجتث" غايته أن يضبط إطار الموسيقى الخارجية لمجموع
أبيات النص التي تتشكل منها القصيدة، أي ما يقصد الشاعر إلى قوله ويجيد
إتقان البناء الفني اللغوي وفق ذلك القالب الموسيقي الدقيق لهذا كان الشعر
ارفع من النثر لأنه مزيج من الموسيقى الخالصة والكلام الفني. وهذا الشكل
معروف في الأدب العربي منذ القديم حتى انه لمجرد سماعنا كلمة شعر أو قصيدة،
ترد على أذهاننا وأفهامنا صور ومعان كثيرة نعرفها قبل قراءة النص، ومعنى
ذلك إننا نملك معلومات مسبقة عما يكون عليه جنس الشعر ونوعه الذاتي الغنائي
كما هي الحال في النص الذي ندرسه لكونه ليس حوارا مسرحيا ولا يشمل على قصة
محبوكة وإنما هو شعر غنائي له مميزاته الخاصة ولكن ما الذي يجري على مستوى
لغة النص وفي بنائها الفني؟ نلاحظ مرة أخرى أن الخطاب بدا بنداء موجه إلى
الليل "ياليل"، وهذا إلى شيء معنوي غير عاقل وليس فيه روح، ومع ذلك تكرر
هذا النداء في الأبيات (24،21،17،13) حاملا معه في كل مرة رغبة إنسانية
معينة لم يرد الشاعر أن يفصح عنها بوضوح أو يحصرها في مطلب محدد. والإنسان
ليس من عاداته أن يتكلم مع الليل، فهذا النداء إذن غير حقيقي، وإذا أردنا
أن نحقق لأنفسنا فهم المقاصد الخافية لهذا الكلام والاطلاع على بعض النوايا
غير المعلنة فما علينا سوى أن نفكك هذه الشفرات أو الرموز اللغوية
متجاوزين ذلك المستوى السطحي والمعنى المعجمي البسيط إلى ما تحمله الكلمات
من معان بلاغية عميقة فكلمات النص لها ظاهر وباطن كما نرى، كما أن كل
التراكيب والصور المجازان وحتى الإيقاع الموسيقي الصادر عن أجراس الحروف
وأصوات الكلمات المتقابلة والمترادفة لها مثل ذلك من معنى