1- قضايا البحث التداولي
اشتغلت التداوليات بمجموعة من الإشكالات والقضايا التي تعدّ من صميم
موضوعها، مثل: ماذا نفعل عندما نتكلم؟ ماذا نقول عندما نتكلم؟ من يتكلم؟
ومَن يُكلّم المتكلّمُ؟ ولماذا يتكلم على هذا النّحو؟ كيف يمكن أن يُخالِفَ
كلامُنا مقاصِدَنا؟ ما هي أوجه الاستخدام الممكنة للغة؟...
أجابت التداوليات عن هذه الأسئلة بطريقة تتناسبُ والطابعَ المتجدد لهذا
الحقل اللساني باعتباره حقلا يعيد النظر في المبادىء التي تتأسس عليها
الأبحاث اللسانية السابقة، وهي:
- أولوية الاستعمال الوصفي والتمثيلي للغة.
- أولوية النسق والبنية على الاستعمال.
- أولوية القدرة على الإنجاز.
- أولوية اللسان على الكلام
Armengaud, Françoise, La pragmatique, Que-sais-je?,
PUF, 1985, p:7
من هذا المنطلق، يمكن القول إن التداوليات حقل لساني يهتم بالبعد
الاستعمالي أو الإنجازي للكلام ويأخذ بعين الاعتبار المتكلم والسياق. إلا
أن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن هذا الاهتمام في حد ذاته ليس منسجما
وموحدا، لأنه يتوزع بين مجالات تداولية مختلفة ميزت فيها أورشيوني بين ثلاث
تداوليات أساسية متجاورة هي:
1 - التداولية التلفظية «Pragmatique énonciative (أو لسانيات التلفظ التي -
بسيرها في خط شارل موريس - تهتم بوصف العلاقات الموجودة بين بعض المعطيات
الداخلية للملفوظ، وبعض خصائص الجهاز التلفظي «Dispositif énonciatif»
(مرسل - متلقي - وضعية التلفظ) التي يندرج ضمنها الملفوظ.
2 - التداولية التخاطبيـة «Pragmatique illocutoire» (أو نظرية «أفعال
اللغة») التي - بتتبعها هذه المرة لأوستين وسيرل - تخصص لدراسة القيم
التخاطبية المنكتبة داخل الملفوظ والتي تسمح له بالاشتغال كفعل لغوي خاص.
3 - التداولية التحاورية «Pragmatique conversationnelle» التي «نتج تطورها
الحديث جدا عن استيراد الحقل اللساني للأفكار المؤسسة، أصلا من لدن
الإثنولوجيين وإثنوميتودولوجيي التواصل ]...[ والتي تهتم بدراسة اشتغال هذا
النمط الخاص من التفاعلات التواصلية الذي هو ''الحوارات'' (وهي تبادلات
كلامية تقتضي خصوصيتها أن تنجز بمساعدة دوال لفظية Signifiants verbaux
ولفظية موازية Para-verbaux» (2-46).
Kerbrat-Orecchioni, Catherine, «Pour une approche pragmatique du dialogue théâtral, in Pratiques, N° 41, mars 1984, p:46