ما الفرق بين المناهج النقدية الآتية :
ما الفرق بين الأسلوبية والبنيوية والبلاغية ؟؟؟؟؟؟؟
إشكالية المنهج الأسلوبي وخصوصيّة اللغة
منقول
http://www.alefyaa.com/data/stories/.../04-12/608.jpg
شغلت المحاولات المنهجيّة لدراسة النصوص برؤية شمولية الدرس النقدي الحديث، ودارت حوارات جادّة حول (النص) بوصفه (إشكالية معرفية) يمكن معالجتها على وفق تصورات متعددة أهمّها ما أثاره الشكلانيون الروس وقبلهم النقّاد العرب القدماء عندما حدّدوا ميدان النقد الحيّ (النصّ)، محققين ما يعرف بدراسة النصوص من (الداخل)، وكانت هذه التوجّهات تأخذ طابعاً فلسفياً اتضحت صورته في الحركة البنيوية وما بعدها، ومن امتدادات هذه التوجّهات ظهرت الدراسات الأسلوبية (Stylistics) بوصفها محاولات منهجية لدراسة (النصوص) برؤية جديدة تستند الى علوم اللسانيات، وترفض وضع الأحكام المسبقة للأداء (المعياريّة)، وتبحث عن الكيفية التي يظهر فيها الاسلوب (Style) وتحاول تعليل ظهور الانزياحات بشكل تبتعد فيه عن النظرة التجزيئية التي عيبت بسببها إجراءات التحليل البلاغي القديمة. وقد نشطت الدراسات الأسلوبية في الجامعات لما تتمتع به من خاصية توفيقية بين علوم اللغة وعلوم الأدب وما تدّعيه من (موضوعية) تقوم في الكثير من الأحيان على الاحصاء والتحديد العلمي، وفي ذلك ابتعاد عن الانطباعات المجرَّدة التي تظهرها بعض مناهج النقد الانطباعي أو النفسي أو الاجتماعي أو التاريخي. إن لمنهج التحليل الأسلوبي توجّهات يمكن تسميتها أنماطاً ارتبطت بأصحابها أو بالطريقة التي تتبعها في التحليل (أسلوبية ريفاتير،و أسلوبية بالي، والأسلوبية الاحصائية،و أسلوبية التلقي،و الأسلوبية الصوتية،و الأسلوبية البلاغية ...) وهي جميعاً تتناغم مع الفلسفة المعاصرة الميّالة الى التحرّر من قيد (المعيارية) والأحكام المسبقة، فالأسلوبية تفترض أن لكل (نص) بلاغته الخاصة وأحكامه الجمالية النابعة من داخله، فاذا ما كانت البلاغة تبحث في ميدان بلوغ الوظيفة الجمالية ومطابقة الكلام لمقتضى حال المتلقي، فالأسلوبية تحقق انسجاماً بين الرؤية النقديّة للوظيفة الجمالية هذه، ومطابقتها لمقتضى الحال استناداً الى رؤية شمولية مستندة الى علوم اللسانيات رافضة التجزئة، فهي على اختلاف طرائقها في التحليل تبحث في العلاقات داخل نسيج النص، وتتابع (الشحنات) المنبعثة منه، وما يستحضره الأسلوب من إنزياحات (Deviations) وتحاول تعليل ظهور تلك الشحنات والانزياحات، ويمكننا القول إن في الدرس النقدي/البلاغي العربي بواكير للرؤية الأسلوبية في النقد الحديث مثلّها عبدالقاهر الجرجاني (ت 474هـ) في (دلائل الاعجاز) و (أسرار البلاغة)، وحازم القرطاجني (ت 684هـ) في (منهاج البلغاء وسراج الأدباء)، فضلاً عن إشارات كثيرة تلتقي مع منهج التحليل الأسلوبي في معظم الدراسات النصيّة التي مثّلتها كتب البلاغة العربية القديمة التي كان ميدان عملها (النص). فلا تجد أية اشارة مقحمة الى ما حول النص في كتب البلاغة والنقد القديمة أهمّها : تأويل مشكل القرآن لإبن قتيبة (ت 276هـ)، و قواعد الشعر لثعلب (ت 291هـ)، والبديع لابن المعتز (ت 296هـ)، والموازنة للآمدي (ت 370هـ)، والوساطـة لعبدالعـزيز الجرجانـي (ت 392هـ)، والعمـدة لابـن رشــيق (ت 456هـ)، وسر الفصاحة لابن سنان (ت 466 هـ)، ومفتاح العلوم للسكاكي (ت 626هـ) وغيرها. وقد اهتم الدرس النقدي العربي الحديث متأخّراً بالظواهر الأسلوبية والحداثية في النقد العربي القديم، وحاول الكثير من النقاد في المشرق العربي والمغرب الكشف عن تلك الظواهر في التراث النقدي والبلاغي العربي أبرزهم: أ.د. عبدالسلام المسدّي ، ود. عبدالله الغذّامي، ود. حسن ناظم، ود. يمنى العيد، ود. محمد عبدالمطلب، ود. أحمد مطلوب، ود. عواطف كنوش، وعدنان بن ذريل، ود. رجاء عيد وغيرهم، كل هؤلاء وعوا أن بواكير الحداثة والرؤية الأسلوبية إنما هي بضاعتنا، وكانوا يشيرون - ضمناً - الى وحدة الثقافة العربية، وما كتبه هؤلاء إنّما هي ردود فعل لما اكتشفوه من أوهام التبعية للمترجم والمنهج الخاطئ في معالجة النصوص على وفق الرؤية الاسلوبية عند الغربيين. إن للغربيين توجهاتهم الخاصة التي تتحكم بها طبيعة العائلة اللغوية التي تنتمي إليها لغاتهم والكيفية التي تتعامل بها تلك اللغات مع الضمائر والآليات الأخرى في الجمع أو التثنية وغيرها، فضلاً عن النظام العروضي، فعلى سبيل المثال يستند العروض العربي (الخليلي) الى وحدات وزنية موسيقية لها القدرة على التنوع حتى تصل أنماط التنوع هذه الى اكثر من (150) نمطاً وزنياً وموسيقياً، أما العروض الانكليزي (مثلاً) فيعتمد النبر (Stress) في أربعة أنماط وزنية فقط وفضلاً عن ذلك كله نجد الفجوة بين اللغتين العربية والانكليزية واسعة جداً وبخاصة عند النظر في العمق الحضاري، فالأدب العربي على سبيل المثال تجاوز عمره الحضاري (1500) سنة، أما الشعر الانكليزي فعمقه لم يتجاوز (500) سنة فهو يحوم حول شكسبير ومَن حوله، ونحن نحفظ للمهلهل وامرئ القيس والخنساء قصائد عاشت اكثر من (1450) سنة بسبب ظروف اللغة التاريخية، ممّا أعطاها خاصيّة أفقية في التطوّر يمكن أن نسمّيها (لغة الامتداد الحضاري) وهذا يؤثر طبعاً في فاعلية اللغة الأسلوبية. من ذلك نقول ان دراساتنا النقدية لايمكنها الاستناد المطلق الى مناهج التحليل الأسلوبي على وفق رؤية الغربيين، لأن في اللغة العربية مداخل لايمكن الإمساك بها على وفق رؤية اللغات الهند وأوربية أو غيرها. ويمكن ملاحظة جوانب من الانجاز الأسلوبي في القرآن الكريم لايمكن اخضاعها لإجراءات التحليل الأسلوبي المجردة، فالذي يهيمن على التحليل عنصر داخلي تتحكم به لغة هائلة يمكن رصد الكثير من مظاهرها. وسأكتفي بالوقوف عند ظاهرة توظيف (الكاف) بعيداً عن ميدان المماثلة بوصفها ظاهرة أسلوبية في القرآن لتحسّس الطابع الاشكالي في الاستعانة بمنهج التحليل الاسلوبي في اللغة العربية. فقد توظَّف (الكاف) لتحقيق غايات تنفتح على اتجاهات بعيدة عن التماثل، فالذي يتأمل قوله تعالى : (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدّت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (سورة الحديد/آية 21). يجد (كاف) التشبيه ذات طابع توضيحي يؤكد أن عرض السماء والأرض يفوت الحصر، فالمشبه به (المفترض) : (عرض السماء والأرض) يعبّر عن سعة الجنة. لقد وجّهت (كاف) التشبيه الأنظار نحو افتراض ان الجنة تسع كلّ شيء، ويمكن القول هنا إن الجنة قد لا تكون قياساتها ماديّة بل هي خلقّ آخر وكون ثان مقرّب بوساطة التشبيه الذي يخرق مبدأ التماثل، ويبدو أن (الكاف) هي التي قررّت ذلك، ولو رُفِعَتْ لحضر التماثل وظهر التحديد الذي يقرّر أن عرض الجنة هو عينه عرض السماء والأرض ! وفي قوله تعالى : (إنّا كلّ شيء خلقناه بقدر وما أمرنا إلاّ واحدة كلمحٍ بالبصر) (سورة القمر : 50-49/54) تجاوزت (الكاف) معنى المماثلة أيضاً، فقوله : (وما أمرنا إلاّ واحدة كلمحٍ بالبصر) يحيل على دلالات تتعلق باثبات وجود البعث والحساب والثواب، فضلاً عن الاقرار بأن مشيئة الله وأعماله وما يريده لا تخضع للزمن الإنساني النسبي، وهذه الصورة (التشبيهيّة) تستحضر قوله تعالى : (بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كنْ فيكون) (سورة القمر : 117/2)، وقد تتواشج العناصر المكونة للصورة وتتحاور بشكل واسع، ففي قوله تعالى : (وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين) (سورة الجاثية : 34/45 يلاحظ أن (الكاف) قامت بدور توضيحي شُبّه فيه الفعل بالفعل، وهذا لا يحصل من دون ارتباط هذه الأداة بـ (ما) المصدريّة، فالتشبيه له كيان خاص إذ لا يمكن القول : (جلس زيد كجلس عمرو !)، ولكن يمكن القول : (جلس زيد كجلوس عمرو)، أي أن جلوس زيد يماثل جلوس عمرو. ان استعمال المصدر المؤول يراد منه إظهار الحركة ؛ لأن المصدر الصريح قارّ وثابت ؛ فتشبيه الفعل بالفعل الذي أظهرته الأداتان المندمجتان في (كما) قد استحضر الفاعل أيضاً وهو اللّه تعالى، وبسبب ذلك ارتقت الصورة من المماثلة المحدودة الى المشهد، وقد أسهم مجئ الفعل (ننساكم) بصيغة المضارعة في ذلك، والسياق ذهب بالصورة الى مستويات أخرى، فالله تعالى (مثّل تركهم في العذاب بمن حبس في مكان ثم نَسِيَهُ السجّان من الطعام والشراب حتى هلك بطريق الاستعارة التمثيلية) كذلك جاء فعل النسيان في سياق المجاز المرسل، فقد قال : (ننساكم) بدلاً من (نترككم في النار) (واستعمال النسيان في الترك مجاز بعلاقة السببيّة)، واسناد فعل النسيان الى الله تعالى يدخل في مفهوم المجاز العقلي الذي أثار خلافاً عقائدياً كانت أهم محاوره إسناد الأفعال الإنسانية الى الله تعالى، ويصدق ذلك على قوله عزّ من قائل : (الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرّتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون) (سورة الأعراف : 51/7).
منقوووووول http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=9723
ما الفرق بين الأسلوبية والبنيوية والبلاغية ؟؟؟؟؟؟؟
إشكالية المنهج الأسلوبي وخصوصيّة اللغة
منقول
http://www.alefyaa.com/data/stories/.../04-12/608.jpg
شغلت المحاولات المنهجيّة لدراسة النصوص برؤية شمولية الدرس النقدي الحديث، ودارت حوارات جادّة حول (النص) بوصفه (إشكالية معرفية) يمكن معالجتها على وفق تصورات متعددة أهمّها ما أثاره الشكلانيون الروس وقبلهم النقّاد العرب القدماء عندما حدّدوا ميدان النقد الحيّ (النصّ)، محققين ما يعرف بدراسة النصوص من (الداخل)، وكانت هذه التوجّهات تأخذ طابعاً فلسفياً اتضحت صورته في الحركة البنيوية وما بعدها، ومن امتدادات هذه التوجّهات ظهرت الدراسات الأسلوبية (Stylistics) بوصفها محاولات منهجية لدراسة (النصوص) برؤية جديدة تستند الى علوم اللسانيات، وترفض وضع الأحكام المسبقة للأداء (المعياريّة)، وتبحث عن الكيفية التي يظهر فيها الاسلوب (Style) وتحاول تعليل ظهور الانزياحات بشكل تبتعد فيه عن النظرة التجزيئية التي عيبت بسببها إجراءات التحليل البلاغي القديمة. وقد نشطت الدراسات الأسلوبية في الجامعات لما تتمتع به من خاصية توفيقية بين علوم اللغة وعلوم الأدب وما تدّعيه من (موضوعية) تقوم في الكثير من الأحيان على الاحصاء والتحديد العلمي، وفي ذلك ابتعاد عن الانطباعات المجرَّدة التي تظهرها بعض مناهج النقد الانطباعي أو النفسي أو الاجتماعي أو التاريخي. إن لمنهج التحليل الأسلوبي توجّهات يمكن تسميتها أنماطاً ارتبطت بأصحابها أو بالطريقة التي تتبعها في التحليل (أسلوبية ريفاتير،و أسلوبية بالي، والأسلوبية الاحصائية،و أسلوبية التلقي،و الأسلوبية الصوتية،و الأسلوبية البلاغية ...) وهي جميعاً تتناغم مع الفلسفة المعاصرة الميّالة الى التحرّر من قيد (المعيارية) والأحكام المسبقة، فالأسلوبية تفترض أن لكل (نص) بلاغته الخاصة وأحكامه الجمالية النابعة من داخله، فاذا ما كانت البلاغة تبحث في ميدان بلوغ الوظيفة الجمالية ومطابقة الكلام لمقتضى حال المتلقي، فالأسلوبية تحقق انسجاماً بين الرؤية النقديّة للوظيفة الجمالية هذه، ومطابقتها لمقتضى الحال استناداً الى رؤية شمولية مستندة الى علوم اللسانيات رافضة التجزئة، فهي على اختلاف طرائقها في التحليل تبحث في العلاقات داخل نسيج النص، وتتابع (الشحنات) المنبعثة منه، وما يستحضره الأسلوب من إنزياحات (Deviations) وتحاول تعليل ظهور تلك الشحنات والانزياحات، ويمكننا القول إن في الدرس النقدي/البلاغي العربي بواكير للرؤية الأسلوبية في النقد الحديث مثلّها عبدالقاهر الجرجاني (ت 474هـ) في (دلائل الاعجاز) و (أسرار البلاغة)، وحازم القرطاجني (ت 684هـ) في (منهاج البلغاء وسراج الأدباء)، فضلاً عن إشارات كثيرة تلتقي مع منهج التحليل الأسلوبي في معظم الدراسات النصيّة التي مثّلتها كتب البلاغة العربية القديمة التي كان ميدان عملها (النص). فلا تجد أية اشارة مقحمة الى ما حول النص في كتب البلاغة والنقد القديمة أهمّها : تأويل مشكل القرآن لإبن قتيبة (ت 276هـ)، و قواعد الشعر لثعلب (ت 291هـ)، والبديع لابن المعتز (ت 296هـ)، والموازنة للآمدي (ت 370هـ)، والوساطـة لعبدالعـزيز الجرجانـي (ت 392هـ)، والعمـدة لابـن رشــيق (ت 456هـ)، وسر الفصاحة لابن سنان (ت 466 هـ)، ومفتاح العلوم للسكاكي (ت 626هـ) وغيرها. وقد اهتم الدرس النقدي العربي الحديث متأخّراً بالظواهر الأسلوبية والحداثية في النقد العربي القديم، وحاول الكثير من النقاد في المشرق العربي والمغرب الكشف عن تلك الظواهر في التراث النقدي والبلاغي العربي أبرزهم: أ.د. عبدالسلام المسدّي ، ود. عبدالله الغذّامي، ود. حسن ناظم، ود. يمنى العيد، ود. محمد عبدالمطلب، ود. أحمد مطلوب، ود. عواطف كنوش، وعدنان بن ذريل، ود. رجاء عيد وغيرهم، كل هؤلاء وعوا أن بواكير الحداثة والرؤية الأسلوبية إنما هي بضاعتنا، وكانوا يشيرون - ضمناً - الى وحدة الثقافة العربية، وما كتبه هؤلاء إنّما هي ردود فعل لما اكتشفوه من أوهام التبعية للمترجم والمنهج الخاطئ في معالجة النصوص على وفق الرؤية الاسلوبية عند الغربيين. إن للغربيين توجهاتهم الخاصة التي تتحكم بها طبيعة العائلة اللغوية التي تنتمي إليها لغاتهم والكيفية التي تتعامل بها تلك اللغات مع الضمائر والآليات الأخرى في الجمع أو التثنية وغيرها، فضلاً عن النظام العروضي، فعلى سبيل المثال يستند العروض العربي (الخليلي) الى وحدات وزنية موسيقية لها القدرة على التنوع حتى تصل أنماط التنوع هذه الى اكثر من (150) نمطاً وزنياً وموسيقياً، أما العروض الانكليزي (مثلاً) فيعتمد النبر (Stress) في أربعة أنماط وزنية فقط وفضلاً عن ذلك كله نجد الفجوة بين اللغتين العربية والانكليزية واسعة جداً وبخاصة عند النظر في العمق الحضاري، فالأدب العربي على سبيل المثال تجاوز عمره الحضاري (1500) سنة، أما الشعر الانكليزي فعمقه لم يتجاوز (500) سنة فهو يحوم حول شكسبير ومَن حوله، ونحن نحفظ للمهلهل وامرئ القيس والخنساء قصائد عاشت اكثر من (1450) سنة بسبب ظروف اللغة التاريخية، ممّا أعطاها خاصيّة أفقية في التطوّر يمكن أن نسمّيها (لغة الامتداد الحضاري) وهذا يؤثر طبعاً في فاعلية اللغة الأسلوبية. من ذلك نقول ان دراساتنا النقدية لايمكنها الاستناد المطلق الى مناهج التحليل الأسلوبي على وفق رؤية الغربيين، لأن في اللغة العربية مداخل لايمكن الإمساك بها على وفق رؤية اللغات الهند وأوربية أو غيرها. ويمكن ملاحظة جوانب من الانجاز الأسلوبي في القرآن الكريم لايمكن اخضاعها لإجراءات التحليل الأسلوبي المجردة، فالذي يهيمن على التحليل عنصر داخلي تتحكم به لغة هائلة يمكن رصد الكثير من مظاهرها. وسأكتفي بالوقوف عند ظاهرة توظيف (الكاف) بعيداً عن ميدان المماثلة بوصفها ظاهرة أسلوبية في القرآن لتحسّس الطابع الاشكالي في الاستعانة بمنهج التحليل الاسلوبي في اللغة العربية. فقد توظَّف (الكاف) لتحقيق غايات تنفتح على اتجاهات بعيدة عن التماثل، فالذي يتأمل قوله تعالى : (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدّت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (سورة الحديد/آية 21). يجد (كاف) التشبيه ذات طابع توضيحي يؤكد أن عرض السماء والأرض يفوت الحصر، فالمشبه به (المفترض) : (عرض السماء والأرض) يعبّر عن سعة الجنة. لقد وجّهت (كاف) التشبيه الأنظار نحو افتراض ان الجنة تسع كلّ شيء، ويمكن القول هنا إن الجنة قد لا تكون قياساتها ماديّة بل هي خلقّ آخر وكون ثان مقرّب بوساطة التشبيه الذي يخرق مبدأ التماثل، ويبدو أن (الكاف) هي التي قررّت ذلك، ولو رُفِعَتْ لحضر التماثل وظهر التحديد الذي يقرّر أن عرض الجنة هو عينه عرض السماء والأرض ! وفي قوله تعالى : (إنّا كلّ شيء خلقناه بقدر وما أمرنا إلاّ واحدة كلمحٍ بالبصر) (سورة القمر : 50-49/54) تجاوزت (الكاف) معنى المماثلة أيضاً، فقوله : (وما أمرنا إلاّ واحدة كلمحٍ بالبصر) يحيل على دلالات تتعلق باثبات وجود البعث والحساب والثواب، فضلاً عن الاقرار بأن مشيئة الله وأعماله وما يريده لا تخضع للزمن الإنساني النسبي، وهذه الصورة (التشبيهيّة) تستحضر قوله تعالى : (بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كنْ فيكون) (سورة القمر : 117/2)، وقد تتواشج العناصر المكونة للصورة وتتحاور بشكل واسع، ففي قوله تعالى : (وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين) (سورة الجاثية : 34/45 يلاحظ أن (الكاف) قامت بدور توضيحي شُبّه فيه الفعل بالفعل، وهذا لا يحصل من دون ارتباط هذه الأداة بـ (ما) المصدريّة، فالتشبيه له كيان خاص إذ لا يمكن القول : (جلس زيد كجلس عمرو !)، ولكن يمكن القول : (جلس زيد كجلوس عمرو)، أي أن جلوس زيد يماثل جلوس عمرو. ان استعمال المصدر المؤول يراد منه إظهار الحركة ؛ لأن المصدر الصريح قارّ وثابت ؛ فتشبيه الفعل بالفعل الذي أظهرته الأداتان المندمجتان في (كما) قد استحضر الفاعل أيضاً وهو اللّه تعالى، وبسبب ذلك ارتقت الصورة من المماثلة المحدودة الى المشهد، وقد أسهم مجئ الفعل (ننساكم) بصيغة المضارعة في ذلك، والسياق ذهب بالصورة الى مستويات أخرى، فالله تعالى (مثّل تركهم في العذاب بمن حبس في مكان ثم نَسِيَهُ السجّان من الطعام والشراب حتى هلك بطريق الاستعارة التمثيلية) كذلك جاء فعل النسيان في سياق المجاز المرسل، فقد قال : (ننساكم) بدلاً من (نترككم في النار) (واستعمال النسيان في الترك مجاز بعلاقة السببيّة)، واسناد فعل النسيان الى الله تعالى يدخل في مفهوم المجاز العقلي الذي أثار خلافاً عقائدياً كانت أهم محاوره إسناد الأفعال الإنسانية الى الله تعالى، ويصدق ذلك على قوله عزّ من قائل : (الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرّتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون) (سورة الأعراف : 51/7).
منقوووووول http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=9723