حلام مستغانمي كتاب نسيان com
http://www.stardz.com/forum
كلمة السر لفتح الملف هي
www.stardz.com
الصورة الرمزية إيمان أحمد
كتاب احلام مستغانمي نسيان com
الأخ القدير .. حسن الرفاعي
شكرا بحجم فرحتي بوجود التسخة الكترونياً
لكني لم أستطع التسجيل و تحميل الكتاب من الموقع
و وجدت الكتاب على هذا الرابط و يمكن تحميله بكل سهولة
d8a7d8add984d8a7d985-d985d8b3d8aad8bad8a7d986d985d98a-d986d8b3d98ad8a7d986
نسيان " وأحلام مستغانمي
واذكري " ليلة الجدي " هو الحل
بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح) ..أم الفحم ..فلسطين
" نسيان . com " ، هو كتاب للأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي ، وهو في موضوعه الذي يتناوله في جانب مختلف ، عن ثلاثية الكاتبة الشهيرة ( ذاكرة الجسد ، فوضى الحواس ، عابر سرير ) ، والتي على ما يبدو كانت الوجه الأدبي الذي رسب في الوعي العام للأديبة ، وهذا بعينه ما شكل تصورا أو قياسا ، لدى كثيرين ممن أقبلوا على كتاب " نسيان " حال صدوره ، فكانت دهشتهم ، اذ لم يجدوا في نسيان ، ما ظنوه في انتظارهم ، فلقد جاء " نسيان " ، متناولا الحب في جانب منه ، لكنه ليس بحال مثيلا لأي من الأجزاء الثلاثة للثلاثية الرائعة ، فبدت تساؤلات تجلت في ملاحظات ، وفي مقالات ، وهي في كثير منها ، تطل بالدهشة الناطقة بالسؤال : ماذا دعا الى هذا ؟ وماذا جرى للمقدرة الأدبية للأديبة ، ولماذا هذا الاختلاف ؟ ، ولماذا لم يأت نتاج الأدبية ، بذات النسق ، وبذات الموضوع وبذات التناول أو ما يشبهه ، وكأن عقل الأديبة وابداعها يتوجب أن يكون مقصورا على وجه من الفن الأدبي ، فلا يتجاوزه ، وهذا ما لا لم يقل به ، ولن يقول به ذو باع طويل أو قصير في الأدب ، أو في كتابة في أدب ، أو علم ، أو ثقافة أو صحافة ، أو ما حلى للعقل أن يجوبه من وجه من خيال أو واقع ، وبازاء تلك الدهشة الهائمة ، بكل لا دراية في بناء فني لنص ، ولا باتجاهات الفكر وتناولاته ، واطلالاته ، ليعجب الانسان من تأويلات وترهات ، واسقاطات على بناء فني ، لم يعيه القائل بها ، ولم يدرك كنه ، ولا حتى فطن ، بأن من ليس به ما يمكنه من أن يعقلن ما يحاول أن يتعلقه ، فالأجدى له أن يعود الى العقل لأعادة تأسيسه ، على ما يؤهله الى تناول يكون مستقره نتاج عقلن يتعقلن عقلنة ، فليس كل منطوق بالضرورة قولا يجاز أخذه على أن عقلا يجيزه أو يرتضيه ، وهو ما لا يدركه اللاعقل ، فهو اللاعقل الذي من براعتة ما لا يعقل ، فنص هنا ونص هناك ، فيما لو استوى على هذا أو ذاك السؤال ؛ فما صلته بما يتناوله ، فلا غير استواء العقل على ، أن يكون فض النزاع مع النص ، بالغاء النص من رتبة حاول أن يتبوأها ، أي انتزاعه ، من كون محتواه بما يقال فيه له أدنى صله بما يتوهمه بأنه يعنيه ، وغير ذلك من ملفوظات تائهة عن معنى لها ، من مثل " فوضى النسيان " ، كوصف حائر تائه عن معنى ، لسرديات الأديبة في كتابها " نسيان " ، وثمة لفظ كهذا يستدعي التساؤل ، فما فوضى ، وما نسيان ، وما المعنى الذي يستوي عليه نتاج اقترانهما معا ، وما صلة هذا الاقتران بكتاب " نسيان " ، للأدبية البارعة في السرد ، وفي انتقاء البناء الفني واحكام حلقاته ، وكيف جاز لهائم على رؤوس موج من جهل ، أن لا يعرف ، بأن جهله ، انما هو فاصلة بينه وبين المعرفة ، أتراه بلغ الجهل عماء بصيرة ؟ ، لربما ! ، فغالبا ما الجهل ينبه من اتخذه نطاقا له ، بأنه الجهل الذي لا يمكنه الا أن يجعل صاحبه جاهلا ، فأي جهالة هذه التي باتت تجهل جهلها ، وأصبحت تظن في ذاتها مقدرة على الاستواء على تقدير وتبيان وتصدير أحكام ، أفحكم الجاهل يمكنه أن يكون ، بغير دلالة على حال نفسية وعقلية حطت به على غير بصيرة ، لتحكي لنا قصتنا في هذا الزمن مع جهالة جهلاء تنهش في لحم الابداع كله .
فليس ثمة معنى لجملة فوضى النسيان ، فهي جملة يصعب أن يجد لها العقل في الواقع ما يبين عن معنى لها ، فهي مثل كثير من الجمل العربية التي اعتاد العربي أن يقولها ، فاذا دنوت من سؤال عن معنى لها ، أصابه التفات الى صورة في وعيه خالية من صلة بواقع ، ليدلل على ما يقصده بقوله تلك الجملة ، واذا مقصود الدلالة للجملة على معنى معين ، أو على سردية في كتاب نسيان للأدبية أحلام مستغانمي ، فبالامكان النظر عميقا في سرديات الكتاب من أوله الى آخره ، لكي نجد بأنه محكم في سردياته منظم في فكراته ، وبأن كل السرديات والفكرات التي اشتملتها ، للدلالة على حالة انسانية في واقع ، أو لتبيانها ، لاكتناه موقف في مواجهة وضعية انسانية معينة للمرأة العربية ، فانما قامت بها الكاتبة أحلام مستغانمي ، بذكاء وبلغة متلهفة على السرد ، ما يجعل القارىء يتلهف على المزيد من القراءة ، وعلى المزيد من الانتباه ، فليس ثمة تناقض في السرد ، ولا في عرض الفكرات التي تريد أن تجليها الكاتبة ، ولا ثمة فوضى في الترتيب ، ولا في انسياق نظام التواتر للفكرات في السرديات ، بل هي تصب معا في غاية محددة للكتاب ، فالكتاب له بنائية محكمة ، وهي قد تشكلت ببراعة الكاتبة ، على ما يخدم غاية اقتضتها أن تصب فيها ، فلا فوضى في الفكر ولا في البناء الفني ، وليس ثمة تناقض ، في مجرى السير بالكتابة ، في اتجاه غاية قام من أجلها الكتاب ، ولربما الفوضى تبدو في خيال قارىء أو متبصر ، يحاول أن يمتد بنظره الى وضعية المرأة ليشمل ما في الحياة منها ، فيعجب لكل ما يموج به خياله من تصورات ، فلا تنتظم له ، بل تتداخل وتتعارك ، فيتوه في داخل اشكالية استولدها له خياله ، بسبب من عدم تدخل من عقله في هيئة منظم ثم باحث ثم مكون لحكم ، وهي خصيصة عقل يتصور بخفة وبهلهلة بلا نزعة الى فهم ، وانما برغبة من اطلالة مشوقة ، تحل في فراغ وقت جانح الى تهافت ، وهي حالة لا علاقة لها بالكتاب ولا بالكاتبة ولا بما كان له الكتاب .
ولقد لفت انتباهي قراء عديدون الى استعجابهم من تفاوت بين الثلاثية وبين كتاب نسيان ، وبرأيهم أن الكاتبة واحدة فكيف اللغة هنا والسرد هنا ، والبناء الفني هنا في نسيان مختلف جذريا ، عنه في الثلاثية ، وبرأيهم بأنهم حين أخذتهم اللهفة على كتاب جديد للكاتبة ، قد أخذتهم بوازع من أثر الثلاثية في نفوسهم وعقولهم ، ولكنهم فوجئوا بما هو مختلف ، ولقد أجد العذر الى هؤلاء فهم بالضرورة ليسوا ممن برعوا في كتابة ، وانما في تذوق رواية أو نص فهم مقبلون على قراءة ما يستهوون ويحبون ، فليسوا ممن لهم صلة عميقة بتكوين حكم في نص ، فتساؤلهم به من دلالة على مستوى وصلوه ، وهو ما يدعو الى لفت انتباههم الى أن ما يقولونه صحيح ، لكن استعجابهم يزول حين يدركون بأن الثلاثية انما هي حكاية وطن ..حكاية شعب ، والكاتبة بازاء وطنها وشعبها ، اختارت ما يتفق من بناء فني ولغة وسرد ومفاهيم في جملتها شكلت الحكاية ، لكن " نسيان " ، هو كتاب له خصيصة مختلفة بتة ، فهو يقترب بتناوله للحب على اطلاقه ، ولكنه ليس كتابا في وجوه للحب وفقط ، وانما هو يتمركز في وضعية للفتاة أو المرأة في جانب من هذا الحب ، وهو العذاب الذي يظل كنار تتقلى عليه الفتاة أو المرأة تحت ظروف شتى ، وهي نار الشوق والوفاء ، فالحب له وجه وفاء ، وهذا باب اعتصار للنفس وبالتالي عذابها ، وهي عذابات ملأى بالمرارة وبالشوق أو بالرغبة على استواء الحس على علاقة سوية مع من ينحو نحوه الحس ، فثمة آخر وهو الذي تسبب بالعذاب ، بصرف النظر ، كان ظالما أم مظلوما ، فالحب لا يفهم سوى ذاته ، فهو الحب الذي لا يعترف بعارض ، فهو قوة نفسية عابرة للحدود ، لا حد يمكنه أن يحد من حب ، ولا تبرير يمكنه أن يكون مبررا لدى حب ، فالحب هو الذي يأخذ بجماع النفس وينحو بها بملء ما به من معان الى من هو الحبيب ، حتى وان قسى بهجر أو بقطع صلة ، فهو الحب الذي يمتلك النفس ، ولا حول ولا قوة لعقل بحال نفس تحب ، فالعقل تابع لا متبوع ، فعقلنة الحب ضرب من وهم ، فهكذا يبدو للحبيب ، فهو مرتاح في حبه ، فهو الحب الذي يشعله ويضيء له الحياة ، بطريقة لا يمكنه معنى آخر، أن يقوم بمثل ما يقوم به هذا الحب ، فأحضان الحبيب هي الدنيا وما فيها ، فهكذا يتراءى لمن أحب ، فهو بالحب يملك الدنيا ، بل يملك كل ما يريده من هذه الدنيا ، ومن هنا الاحساس بالحرمان ، حين البعاد أو الهجر أو القطيعة أو ...، فنشأة العذاب في النفس كثيرا ما أدت الى حالات نفسية تحتاج الى من يعين ، وهو العون المظنون بأن به خلاص من حس عميق اسمه الحب ، فكيف ؟ ، وهل ثمة شفاء من حب ، فهو الذي لا شفاء منه ، فهكذا تذهب الظنون ، وعلى الأخص منها ظنون العاشقات ، فكثيرة هي العذابات التي تتشعب ألوانها في نفوس معذابات ، وكثيرة هي في الواقع السرديات لعاشقات ، ومن أحببن ، فثمة سير كثيرة ، تحتاج الى سرد يتعقلن ما لا تراه العاشقة نفسها ، بأنه القابل لعقلنة ، لكنه رأي ووجهة نظر عقل يطل على مشهد عذاب لعاشقة أمامه ، ويرى بأن هذه العاشقة تحتاج الى معونة من فكر ، يساعد في هكذا حال ، وهكذا يذهب من بهم اطلالة على أحوال العاشقات ، فبظنهم ثمة عقل يجب أن يأخذ دوره ، ولا بد لهذا العقل من أن يطل على عقل العاشقة ، ليخرجها مما هي فيه ، من ذوبان في عشق، أصبح في حكم عذاب ، فهو عشق أو حب لطرف أدار ظهره ، ولم يعد في حقيقته طرفا في علاقة بهذا الحب الذي تتقلى العاشقة على ناره ، فالاكتواء المستمر بنار حب كهذا لا بد من أن يتوقف ، فكيف ، فهنا البذل ضمن الصياغة أو الابداع لهذه الكيفية ، وهنا كان دوما دور النزوع الى تقديم عون لهذه العاشقة ، وكذلك كان أداء علماء نفس ولم يزل في أحوال حب كثيرة ، فهي الكيفية التي يراد لها أن تكون فالحة في تحقيق خلاص عاشقة من عشق يمرمرها، فما هي هذه الكيفية ، وهل يمكنها أن تكون بملء المراد منها ، من استخلاص نفس عاشقة ، من حب استحال نبع مرارة ، تمزق في حياتها ، فهي انسان ومن حق هذا الانسان الأنثى أن تستوى له الدنيا ، فلا يجب أن يكون ضحية طهارة نفس ، ولا ضحية وهم ، ولا ضحية من أي قبيل من ذلك فهي انسان ، ولا أصح من أن يبلغ الانسان بانسان درب خلاص ، وهنا كان البحث عن معالجة عاشقة من عشق يكاد ينتقصها حياتها بعد غدر أو هجر ، هو برأيها لم تكن هي تستحقه ، فهي عاشقة وبها عطاء العشق ومظلومة مغدورة ، متمرمرة بمزيج من حب واحساس بظلم ، وهنا في هذا النطاق كان للادبية أحلام مستغانمة ما يزيد في عمق تأملها ، اذ سنحت لها ظروف علاقة أن تتم دعوتها لترى كيف أنه يتم استعمال الثلاثية في معالجة نفسانية ، وكان لها مشاهداتها بأم عينيها في عيادة ما في الخليج ، فكانت تساؤلاتها ، وكانت اطلالة فكرها ، وهجم عليها سؤالها ماذا يمكنها أن تضيف ، وكيف يمكنها أن تؤلف ، فهو نطاق ملهم للأديبة وخاصة منهن أحلام مستغانمي التي أبدعت في تصوير حب الوطن الهائم على موج متلاطم زاخر بكل تيار يهب على الوطن ، فكانت فكرة الكتاب (نسيان ) ، فهي حالات حب مختلفة ، وهي عذابات متفاوته ، وهو حرمان يموج فيها جميعا ، وهي كلها حالات لا يحسن بها حل سواه الذي انتبهت اليه احلام وهو نسيان ، فلا حل سواه ، انه البدء من جديد ، فهي حياة انسان ، وهو في هذه الحالة انثى ، ومن حقها على نفسها أن تنسى ، وتبدأ مباشرة حياتها ، تتجدد بنسيان ، لتبدأ بداية أخرى فتقبل على الحياة ، فلا تظل أسيرة حب لم يعد له طرف آخر ، فلقد أصبح مقطوعا ، فهي الحياة التي تركض ، وأولى بالانسان أن يدركها ليكون فيها فاعلا ومؤثرا ، فالعاشقة يجب أن تلتفت الى نفسها ، وتخدم نفسها بنسيان من هو جدير بأن يطويه النسيان ، فالنسيان هو الحل .
ومن هنا وعلى دفات فكر الأدبية راح يترتب البناء الفني لكتاب اسمه " نسيان " ، فحالات عشق مختلفة ، تدور بها عذابات متفاوتة في عمقها ، وفي مبلغ تأثيرها على حياة العاشقة ، وهكذا أصبح لا بد من تبويب الكتاب ، بما يتفق والحالات التي يتناولها . وكذلك العناوين ، فلا بد وأن تكون بها دلالة على مضمون الحالة العشقية ، وأيضا كل حالة لا مفر ويتم تناولها بما يتفق وكيفية تخليص العاشقة من عذاباتها .
وبالتفاتة الى جميع الحالات العشقية ( أو حالات الحب الذي أصبح منصبا على طرف علاقة لم تعد قائمة ) ، الدامعة أسى وحسرة كلها ، لنجد بأن جامعا في الخطاب اليها ، هو ضرورة نسيان في حياة الانسان الأنثى ، فكيف والذكريات لا تنفك تطل بما بها .. كيف يتأتى نسيان ، فاذكري أيتها الأنثى " ليلة الجدي " ، فلعلها تتدافع الذكريات الى زاوية النسيان ، وهو حل تنطق به حكمة جزائرية تحكيها الكاتبة في كتابها ، ولا أدري لماذا لم يتعنون كتاب الكاتبة ب " ليلة الجدي " بدلا عن نسيان ، فلربما لأن (نسيان ) غاية مطلوبة بذاتها ، رغم كل هجوم كاسح لذكريات ، وذلك لكي تبدأ هذه الأنثى الانسان حياة من جديد . وحيث أن الحالة العشقية الواحدة ، ليست بلا مثيل لها ، وانما هي ظاهرة عامة ، وذات تكرارية في الحياة وعبر الزمان ، فلا بد من مناخ عام ، من جمع شمل الصيحة الفردية ( نسيان ) ، في اطار صيحة جامعة كلية (نسيان ) ، فلست وحدك ، وانما غيرك ، بمثل ما أنت عليه ، فأنت واحدة من كثيرات ، وها هن مثيلاتك يشاركنك صيحتك .. قرارك .. نسيان ، فهو حزب النسيان ، الجامع في اطاره كل نسيان ، وهذا الحزب ضرورة شفاء وعافية ، وضرورة حس بأنك .. يا ايتها العاشقة لست وحدك في الاقرار ، بأن " ليلة الجدي " آلية انتاج ( نسيان ) ، وبأن ( نسيان ) ، تحت أي عقلنة لحالك الذي حالت أحوالك اليه ، بعد بتر لعلاقة مع حبيب ، انما هو الحل .
اسم الكاتب : بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح) ..أم الفحم ..فلسطين
' نسيان ' وأحلام مستغانمي
واذكري ' ليلة الجدي ' هو الحل
بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح) ..أم الفحم ..فلسطين
' نسيان . com ' ، هو كتاب للأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي ، وهو في موضوعه الذي يتناوله في جانب مختلف ، عن ثلاثية الكاتبة الشهيرة ( ذاكرة الجسد ، فوضى الحواس ، عابر سرير ) ، والتي على ما يبدو كانت الوجه الأدبي الذي رسب في الوعي العام للأديبة ، وهذا بعينه ما شكل تصورا أو قياسا ، لدى كثيرين ممن أقبلوا على كتاب ' نسيان ' حال صدوره ، فكانت دهشتهم ، اذ لم يجدوا في نسيان ، ما ظنوه في انتظارهم ، فلقد جاء ' نسيان ' ، متناولا الحب في جانب منه ، لكنه ليس بحال مثيلا لأي من الأجزاء الثلاثة للثلاثية الرائعة ، فبدت تساؤلات تجلت في ملاحظات ، وفي مقالات ، وهي في كثير منها ، تطل بالدهشة الناطقة بالسؤال : ماذا دعا الى هذا ؟ وماذا جرى للمقدرة الأدبية للأديبة ، ولماذا هذا الاختلاف ؟ ، ولماذا لم يأت نتاج الأدبية ، بذات النسق ، وبذات الموضوع وبذات التناول أو ما يشبهه ، وكأن عقل الأديبة وابداعها يتوجب أن يكون مقصورا على وجه من الفن الأدبي ، فلا يتجاوزه ، وهذا ما لا لم يقل به ، ولن يقول به ذو باع طويل أو قصير في الأدب ، أو في كتابة في أدب ، أو علم ، أو ثقافة أو صحافة ، أو ما حلى للعقل أن يجوبه من وجه من خيال أو واقع ، وبازاء تلك الدهشة الهائمة ، بكل لا دراية في بناء فني لنص ، ولا باتجاهات الفكر وتناولاته ، واطلالاته ، ليعجب الانسان من تأويلات وترهات ، واسقاطات على بناء فني ، لم يعيه القائل بها ، ولم يدرك كنه ، ولا حتى فطن ، بأن من ليس به ما يمكنه من أن يعقلن ما يحاول أن يتعلقه ، فالأجدى له أن يعود الى العقل لأعادة تأسيسه ، على ما يؤهله الى تناول يكون مستقره نتاج عقلن يتعقلن عقلنة ، فليس كل منطوق بالضرورة قولا يجاز أخذه على أن عقلا يجيزه أو يرتضيه ، وهو ما لا يدركه اللاعقل ، فهو اللاعقل الذي من براعتة ما لا يعقل ، فنص هنا ونص هناك ، فيما لو استوى على هذا أو ذاك السؤال ؛ فما صلته بما يتناوله ، فلا غير استواء العقل على ، أن يكون فض النزاع مع النص ، بالغاء النص من رتبة حاول أن يتبوأها ، أي انتزاعه ، من كون محتواه بما يقال فيه له أدنى صله بما يتوهمه بأنه يعنيه ، وغير ذلك من ملفوظات تائهة عن معنى لها ، من مثل ' فوضى النسيان ' ، كوصف حائر تائه عن معنى ، لسرديات الأديبة في كتابها ' نسيان ' ، وثمة لفظ كهذا يستدعي التساؤل ، فما فوضى ، وما نسيان ، وما المعنى الذي يستوي عليه نتاج اقترانهما معا ، وما صلة هذا الاقتران بكتاب ' نسيان ' ، للأدبية البارعة في السرد ، وفي انتقاء البناء الفني واحكام حلقاته ، وكيف جاز لهائم على رؤوس موج من جهل ، أن لا يعرف ، بأن جهله ، انما هو فاصلة بينه وبين المعرفة ، أتراه بلغ الجهل عماء بصيرة ؟ ، لربما ! ، فغالبا ما الجهل ينبه من اتخذه نطاقا له ، بأنه الجهل الذي لا يمكنه الا أن يجعل صاحبه جاهلا ، فأي جهالة هذه التي باتت تجهل جهلها ، وأصبحت تظن في ذاتها مقدرة على الاستواء على تقدير وتبيان وتصدير أحكام ، أفحكم الجاهل يمكنه أن يكون ، بغير دلالة على حال نفسية وعقلية حطت به على غير بصيرة ، لتحكي لنا قصتنا في هذا الزمن مع جهالة جهلاء تنهش في لحم الابداع كله .
فليس ثمة معنى لجملة فوضى النسيان ، فهي جملة يصعب أن يجد لها العقل في الواقع ما يبين عن معنى لها ، فهي مثل كثير من الجمل العربية التي اعتاد العربي أن يقولها ، فاذا دنوت من سؤال عن معنى لها ، أصابه التفات الى صورة في وعيه خالية من صلة بواقع ، ليدلل على ما يقصده بقوله تلك الجملة ، واذا مقصود الدلالة للجملة على معنى معين ، أو على سردية في كتاب نسيان للأدبية أحلام مستغانمي ، فبالامكان النظر عميقا في سرديات الكتاب من أوله الى آخره ، لكي نجد بأنه محكم في سردياته منظم في فكراته ، وبأن كل السرديات والفكرات التي اشتملتها ، للدلالة على حالة انسانية في واقع ، أو لتبيانها ، لاكتناه موقف في مواجهة وضعية انسانية معينة للمرأة العربية ، فانما قامت بها الكاتبة أحلام مستغانمي ، بذكاء وبلغة متلهفة على السرد ، ما يجعل القارىء يتلهف على المزيد من القراءة ، وعلى المزيد من الانتباه ، فليس ثمة تناقض في السرد ، ولا في عرض الفكرات التي تريد أن تجليها الكاتبة ، ولا ثمة فوضى في الترتيب ، ولا في انسياق نظام التواتر للفكرات في السرديات ، بل هي تصب معا في غاية محددة للكتاب ، فالكتاب له بنائية محكمة ، وهي قد تشكلت ببراعة الكاتبة ، على ما يخدم غاية اقتضتها أن تصب فيها ، فلا فوضى في الفكر ولا في البناء الفني ، وليس ثمة تناقض ، في مجرى السير بالكتابة ، في اتجاه غاية قام من أجلها الكتاب ، ولربما الفوضى تبدو في خيال قارىء أو متبصر ، يحاول أن يمتد بنظره الى وضعية المرأة ليشمل ما في الحياة منها ، فيعجب لكل ما يموج به خياله من تصورات ، فلا تنتظم له ، بل تتداخل وتتعارك ، فيتوه في داخل اشكالية استولدها له خياله ، بسبب من عدم تدخل من عقله في هيئة منظم ثم باحث ثم مكون لحكم ، وهي خصيصة عقل يتصور بخفة وبهلهلة بلا نزعة الى فهم ، وانما برغبة من اطلالة مشوقة ، تحل في فراغ وقت جانح الى تهافت ، وهي حالة لا علاقة لها بالكتاب ولا بالكاتبة ولا بما كان له الكتاب .
ولقد لفت انتباهي قراء عديدون الى استعجابهم من تفاوت بين الثلاثية وبين كتاب نسيان ، وبرأيهم أن الكاتبة واحدة فكيف اللغة هنا والسرد هنا ، والبناء الفني هنا في نسيان مختلف جذريا ، عنه في الثلاثية ، وبرأيهم بأنهم حين أخذتهم اللهفة على كتاب جديد للكاتبة ، قد أخذتهم بوازع من أثر الثلاثية في نفوسهم وعقولهم ، ولكنهم فوجئوا بما هو مختلف ، ولقد أجد العذر الى هؤلاء فهم بالضرورة ليسوا ممن برعوا في كتابة ، وانما في تذوق رواية أو نص فهم مقبلون على قراءة ما يستهوون ويحبون ، فليسوا ممن لهم صلة عميقة بتكوين حكم في نص ، فتساؤلهم به من دلالة على مستوى وصلوه ، وهو ما يدعو الى لفت انتباههم الى أن ما يقولونه صحيح ، لكن استعجابهم يزول حين يدركون بأن الثلاثية انما هي حكاية وطن ..حكاية شعب ، والكاتبة بازاء وطنها وشعبها ، اختارت ما يتفق من بناء فني ولغة وسرد ومفاهيم في جملتها شكلت الحكاية ، لكن ' نسيان ' ، هو كتاب له خصيصة مختلفة بتة ، فهو يقترب بتناوله للحب على اطلاقه ، ولكنه ليس كتابا في وجوه للحب وفقط ، وانما هو يتمركز في وضعية للفتاة أو المرأة في جانب من هذا الحب ، وهو العذاب الذي يظل كنار تتقلى عليه الفتاة أو المرأة تحت ظروف شتى ، وهي نار الشوق والوفاء ، فالحب له وجه وفاء ، وهذا باب اعتصار للنفس وبالتالي عذابها ، وهي عذابات ملأى بالمرارة وبالشوق أو بالرغبة على استواء الحس على علاقة سوية مع من ينحو نحوه الحس ، فثمة آخر وهو الذي تسبب بالعذاب ، بصرف النظر ، كان ظالما أم مظلوما ، فالحب لا يفهم سوى ذاته ، فهو الحب الذي لا يعترف بعارض ، فهو قوة نفسية عابرة للحدود ، لا حد يمكنه أن يحد من حب ، ولا تبرير يمكنه أن يكون مبررا لدى حب ، فالحب هو الذي يأخذ بجماع النفس وينحو بها بملء ما به من معان الى من هو الحبيب ، حتى وان قسى بهجر أو بقطع صلة ، فهو الحب الذي يمتلك النفس ، ولا حول ولا قوة لعقل بحال نفس تحب ، فالعقل تابع لا متبوع ، فعقلنة الحب ضرب من وهم ، فهكذا يبدو للحبيب ، فهو مرتاح في حبه ، فهو الحب الذي يشعله ويضيء له الحياة ، بطريقة لا يمكنه معنى آخر، أن يقوم بمثل ما يقوم به هذا الحب ، فأحضان الحبيب هي الدنيا وما فيها ، فهكذا يتراءى لمن أحب ، فهو بالحب يملك الدنيا ، بل يملك كل ما يريده من هذه الدنيا ، ومن هنا الاحساس بالحرمان ، حين البعاد أو الهجر أو القطيعة أو ...، فنشأة العذاب في النفس كثيرا ما أدت الى حالات نفسية تحتاج الى من يعين ، وهو العون المظنون بأن به خلاص من حس عميق اسمه الحب ، فكيف ؟ ، وهل ثمة شفاء من حب ، فهو الذي لا شفاء منه ، فهكذا تذهب الظنون ، وعلى الأخص منها ظنون العاشقات ، فكثيرة هي العذابات التي تتشعب ألوانها في نفوس معذابات ، وكثيرة هي في الواقع السرديات لعاشقات ، ومن أحببن ، فثمة سير كثيرة ، تحتاج الى سرد يتعقلن ما لا تراه العاشقة نفسها ، بأنه القابل لعقلنة ، لكنه رأي ووجهة نظر عقل يطل على مشهد عذاب لعاشقة أمامه ، ويرى بأن هذه العاشقة تحتاج الى معونة من فكر ، يساعد في هكذا حال ، وهكذا يذهب من بهم اطلالة على أحوال العاشقات ، فبظنهم ثمة عقل يجب أن يأخذ دوره ، ولا بد لهذا العقل من أن يطل على عقل العاشقة ، ليخرجها مما هي فيه ، من ذوبان في عشق، أصبح في حكم عذاب ، فهو عشق أو حب لطرف أدار ظهره ، ولم يعد في حقيقته طرفا في علاقة بهذا الحب الذي تتقلى العاشقة على ناره ، فالاكتواء المستمر بنار حب كهذا لا بد من أن يتوقف ، فكيف ، فهنا البذل ضمن الصياغة أو الابداع لهذه الكيفية ، وهنا كان دوما دور النزوع الى تقديم عون لهذه العاشقة ، وكذلك كان أداء علماء نفس ولم يزل في أحوال حب كثيرة ، فهي الكيفية التي يراد لها أن تكون فالحة في تحقيق خلاص عاشقة من عشق يمرمرها، فما هي هذه الكيفية ، وهل يمكنها أن تكون بملء المراد منها ، من استخلاص نفس عاشقة ، من حب استحال نبع مرارة ، تمزق في حياتها ، فهي انسان ومن حق هذا الانسان الأنثى أن تستوى له الدنيا ، فلا يجب أن يكون ضحية طهارة نفس ، ولا ضحية وهم ، ولا ضحية من أي قبيل من ذلك فهي انسان ، ولا أصح من أن يبلغ الانسان بانسان درب خلاص ، وهنا كان البحث عن معالجة عاشقة من عشق يكاد ينتقصها حياتها بعد غدر أو هجر ، هو برأيها لم تكن هي تستحقه ، فهي عاشقة وبها عطاء العشق ومظلومة مغدورة ، متمرمرة بمزيج من حب واحساس بظلم ، وهنا في هذا النطاق كان للادبية أحلام مستغانمة ما يزيد في عمق تأملها ، اذ سنحت لها ظروف علاقة أن تتم دعوتها لترى كيف أنه يتم استعمال الثلاثية في معالجة نفسانية ، وكان لها مشاهداتها بأم عينيها في عيادة ما في الخليج ، فكانت تساؤلاتها ، وكانت اطلالة فكرها ، وهجم عليها سؤالها ماذا يمكنها أن تضيف ، وكيف يمكنها أن تؤلف ، فهو نطاق ملهم للأديبة وخاصة منهن أحلام مستغانمي التي أبدعت في تصوير حب الوطن الهائم على موج متلاطم زاخر بكل تيار يهب على الوطن ، فكانت فكرة الكتاب (نسيان ) ، فهي حالات حب مختلفة ، وهي عذابات متفاوته ، وهو حرمان يموج فيها جميعا ، وهي كلها حالات لا يحسن بها حل سواه الذي انتبهت اليه احلام وهو نسيان ، فلا حل سواه ، انه البدء من جديد ، فهي حياة انسان ، وهو في هذه الحالة انثى ، ومن حقها على نفسها أن تنسى ، وتبدأ مباشرة حياتها ، تتجدد بنسيان ، لتبدأ بداية أخرى فتقبل على الحياة ، فلا تظل أسيرة حب لم يعد له طرف آخر ، فلقد أصبح مقطوعا ، فهي الحياة التي تركض ، وأولى بالانسان أن يدركها ليكون فيها فاعلا ومؤثرا ، فالعاشقة يجب أن تلتفت الى نفسها ، وتخدم نفسها بنسيان من هو جدير بأن يطويه النسيان ، فالنسيان هو الحل .
ومن هنا وعلى دفات فكر الأدبية راح يترتب البناء الفني لكتاب اسمه ' نسيان ' ، فحالات عشق مختلفة ، تدور بها عذابات متفاوتة في عمقها ، وفي مبلغ تأثيرها على حياة العاشقة ، وهكذا أصبح لا بد من تبويب الكتاب ، بما يتفق والحالات التي يتناولها . وكذلك العناوين ، فلا بد وأن تكون بها دلالة على مضمون الحالة العشقية ، وأيضا كل حالة لا مفر ويتم تناولها بما يتفق وكيفية تخليص العاشقة من عذاباتها .
وبالتفاتة الى جميع الحالات العشقية ( أو حالات الحب الذي أصبح منصبا على طرف علاقة لم تعد قائمة ) ، الدامعة أسى وحسرة كلها ، لنجد بأن جامعا في الخطاب اليها ، هو ضرورة نسيان في حياة الانسان الأنثى ، فكيف والذكريات لا تنفك تطل بما بها .. كيف يتأتى نسيان ، فاذكري أيتها الأنثى ' ليلة الجدي ' ، فلعلها تتدافع الذكريات الى زاوية النسيان ، وهو حل تنطق به حكمة جزائرية تحكيها الكاتبة في كتابها ، ولا أدري لماذا لم يتعنون كتاب الكاتبة ب ' ليلة الجدي ' بدلا عن نسيان ، فلربما لأن (نسيان ) غاية مطلوبة بذاتها ، رغم كل هجوم كاسح لذكريات ، وذلك لكي تبدأ هذه الأنثى الانسان حياة من جديد . وحيث أن الحالة العشقية الواحدة ، ليست بلا مثيل لها ، وانما هي ظاهرة عامة ، وذات تكرارية في الحياة وعبر الزمان ، فلا بد من مناخ عام ، من جمع شمل الصيحة الفردية ( نسيان ) ، في اطار صيحة جامعة كلية (نسيان ) ، فلست وحدك ، وانما غيرك ، بمثل ما أنت عليه ، فأنت واحدة من كثيرات ، وها هن مثيلاتك يشاركنك صيحتك .. قرارك .. نسيان ، فهو حزب النسيان ، الجامع في اطاره كل نسيان ، وهذا الحزب ضرورة شفاء وعافية ، وضرورة حس بأنك .. يا ايتها العاشقة لست وحدك في الاقرار ، بأن ' ليلة الجدي ' آلية انتاج ( نسيان ) ، وبأن ( نسيان ) ، تحت أي عقلنة لحالك الذي حالت أحوالك اليه ، بعد بتر لعلاقة مع حبيب ، انما هو الحل
http://www.stardz.com/forum
كلمة السر لفتح الملف هي
www.stardz.com
الصورة الرمزية إيمان أحمد
كتاب احلام مستغانمي نسيان com
الأخ القدير .. حسن الرفاعي
شكرا بحجم فرحتي بوجود التسخة الكترونياً
لكني لم أستطع التسجيل و تحميل الكتاب من الموقع
و وجدت الكتاب على هذا الرابط و يمكن تحميله بكل سهولة
d8a7d8add984d8a7d985-d985d8b3d8aad8bad8a7d986d985d98a-d986d8b3d98ad8a7d986
نسيان " وأحلام مستغانمي
واذكري " ليلة الجدي " هو الحل
بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح) ..أم الفحم ..فلسطين
" نسيان . com " ، هو كتاب للأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي ، وهو في موضوعه الذي يتناوله في جانب مختلف ، عن ثلاثية الكاتبة الشهيرة ( ذاكرة الجسد ، فوضى الحواس ، عابر سرير ) ، والتي على ما يبدو كانت الوجه الأدبي الذي رسب في الوعي العام للأديبة ، وهذا بعينه ما شكل تصورا أو قياسا ، لدى كثيرين ممن أقبلوا على كتاب " نسيان " حال صدوره ، فكانت دهشتهم ، اذ لم يجدوا في نسيان ، ما ظنوه في انتظارهم ، فلقد جاء " نسيان " ، متناولا الحب في جانب منه ، لكنه ليس بحال مثيلا لأي من الأجزاء الثلاثة للثلاثية الرائعة ، فبدت تساؤلات تجلت في ملاحظات ، وفي مقالات ، وهي في كثير منها ، تطل بالدهشة الناطقة بالسؤال : ماذا دعا الى هذا ؟ وماذا جرى للمقدرة الأدبية للأديبة ، ولماذا هذا الاختلاف ؟ ، ولماذا لم يأت نتاج الأدبية ، بذات النسق ، وبذات الموضوع وبذات التناول أو ما يشبهه ، وكأن عقل الأديبة وابداعها يتوجب أن يكون مقصورا على وجه من الفن الأدبي ، فلا يتجاوزه ، وهذا ما لا لم يقل به ، ولن يقول به ذو باع طويل أو قصير في الأدب ، أو في كتابة في أدب ، أو علم ، أو ثقافة أو صحافة ، أو ما حلى للعقل أن يجوبه من وجه من خيال أو واقع ، وبازاء تلك الدهشة الهائمة ، بكل لا دراية في بناء فني لنص ، ولا باتجاهات الفكر وتناولاته ، واطلالاته ، ليعجب الانسان من تأويلات وترهات ، واسقاطات على بناء فني ، لم يعيه القائل بها ، ولم يدرك كنه ، ولا حتى فطن ، بأن من ليس به ما يمكنه من أن يعقلن ما يحاول أن يتعلقه ، فالأجدى له أن يعود الى العقل لأعادة تأسيسه ، على ما يؤهله الى تناول يكون مستقره نتاج عقلن يتعقلن عقلنة ، فليس كل منطوق بالضرورة قولا يجاز أخذه على أن عقلا يجيزه أو يرتضيه ، وهو ما لا يدركه اللاعقل ، فهو اللاعقل الذي من براعتة ما لا يعقل ، فنص هنا ونص هناك ، فيما لو استوى على هذا أو ذاك السؤال ؛ فما صلته بما يتناوله ، فلا غير استواء العقل على ، أن يكون فض النزاع مع النص ، بالغاء النص من رتبة حاول أن يتبوأها ، أي انتزاعه ، من كون محتواه بما يقال فيه له أدنى صله بما يتوهمه بأنه يعنيه ، وغير ذلك من ملفوظات تائهة عن معنى لها ، من مثل " فوضى النسيان " ، كوصف حائر تائه عن معنى ، لسرديات الأديبة في كتابها " نسيان " ، وثمة لفظ كهذا يستدعي التساؤل ، فما فوضى ، وما نسيان ، وما المعنى الذي يستوي عليه نتاج اقترانهما معا ، وما صلة هذا الاقتران بكتاب " نسيان " ، للأدبية البارعة في السرد ، وفي انتقاء البناء الفني واحكام حلقاته ، وكيف جاز لهائم على رؤوس موج من جهل ، أن لا يعرف ، بأن جهله ، انما هو فاصلة بينه وبين المعرفة ، أتراه بلغ الجهل عماء بصيرة ؟ ، لربما ! ، فغالبا ما الجهل ينبه من اتخذه نطاقا له ، بأنه الجهل الذي لا يمكنه الا أن يجعل صاحبه جاهلا ، فأي جهالة هذه التي باتت تجهل جهلها ، وأصبحت تظن في ذاتها مقدرة على الاستواء على تقدير وتبيان وتصدير أحكام ، أفحكم الجاهل يمكنه أن يكون ، بغير دلالة على حال نفسية وعقلية حطت به على غير بصيرة ، لتحكي لنا قصتنا في هذا الزمن مع جهالة جهلاء تنهش في لحم الابداع كله .
فليس ثمة معنى لجملة فوضى النسيان ، فهي جملة يصعب أن يجد لها العقل في الواقع ما يبين عن معنى لها ، فهي مثل كثير من الجمل العربية التي اعتاد العربي أن يقولها ، فاذا دنوت من سؤال عن معنى لها ، أصابه التفات الى صورة في وعيه خالية من صلة بواقع ، ليدلل على ما يقصده بقوله تلك الجملة ، واذا مقصود الدلالة للجملة على معنى معين ، أو على سردية في كتاب نسيان للأدبية أحلام مستغانمي ، فبالامكان النظر عميقا في سرديات الكتاب من أوله الى آخره ، لكي نجد بأنه محكم في سردياته منظم في فكراته ، وبأن كل السرديات والفكرات التي اشتملتها ، للدلالة على حالة انسانية في واقع ، أو لتبيانها ، لاكتناه موقف في مواجهة وضعية انسانية معينة للمرأة العربية ، فانما قامت بها الكاتبة أحلام مستغانمي ، بذكاء وبلغة متلهفة على السرد ، ما يجعل القارىء يتلهف على المزيد من القراءة ، وعلى المزيد من الانتباه ، فليس ثمة تناقض في السرد ، ولا في عرض الفكرات التي تريد أن تجليها الكاتبة ، ولا ثمة فوضى في الترتيب ، ولا في انسياق نظام التواتر للفكرات في السرديات ، بل هي تصب معا في غاية محددة للكتاب ، فالكتاب له بنائية محكمة ، وهي قد تشكلت ببراعة الكاتبة ، على ما يخدم غاية اقتضتها أن تصب فيها ، فلا فوضى في الفكر ولا في البناء الفني ، وليس ثمة تناقض ، في مجرى السير بالكتابة ، في اتجاه غاية قام من أجلها الكتاب ، ولربما الفوضى تبدو في خيال قارىء أو متبصر ، يحاول أن يمتد بنظره الى وضعية المرأة ليشمل ما في الحياة منها ، فيعجب لكل ما يموج به خياله من تصورات ، فلا تنتظم له ، بل تتداخل وتتعارك ، فيتوه في داخل اشكالية استولدها له خياله ، بسبب من عدم تدخل من عقله في هيئة منظم ثم باحث ثم مكون لحكم ، وهي خصيصة عقل يتصور بخفة وبهلهلة بلا نزعة الى فهم ، وانما برغبة من اطلالة مشوقة ، تحل في فراغ وقت جانح الى تهافت ، وهي حالة لا علاقة لها بالكتاب ولا بالكاتبة ولا بما كان له الكتاب .
ولقد لفت انتباهي قراء عديدون الى استعجابهم من تفاوت بين الثلاثية وبين كتاب نسيان ، وبرأيهم أن الكاتبة واحدة فكيف اللغة هنا والسرد هنا ، والبناء الفني هنا في نسيان مختلف جذريا ، عنه في الثلاثية ، وبرأيهم بأنهم حين أخذتهم اللهفة على كتاب جديد للكاتبة ، قد أخذتهم بوازع من أثر الثلاثية في نفوسهم وعقولهم ، ولكنهم فوجئوا بما هو مختلف ، ولقد أجد العذر الى هؤلاء فهم بالضرورة ليسوا ممن برعوا في كتابة ، وانما في تذوق رواية أو نص فهم مقبلون على قراءة ما يستهوون ويحبون ، فليسوا ممن لهم صلة عميقة بتكوين حكم في نص ، فتساؤلهم به من دلالة على مستوى وصلوه ، وهو ما يدعو الى لفت انتباههم الى أن ما يقولونه صحيح ، لكن استعجابهم يزول حين يدركون بأن الثلاثية انما هي حكاية وطن ..حكاية شعب ، والكاتبة بازاء وطنها وشعبها ، اختارت ما يتفق من بناء فني ولغة وسرد ومفاهيم في جملتها شكلت الحكاية ، لكن " نسيان " ، هو كتاب له خصيصة مختلفة بتة ، فهو يقترب بتناوله للحب على اطلاقه ، ولكنه ليس كتابا في وجوه للحب وفقط ، وانما هو يتمركز في وضعية للفتاة أو المرأة في جانب من هذا الحب ، وهو العذاب الذي يظل كنار تتقلى عليه الفتاة أو المرأة تحت ظروف شتى ، وهي نار الشوق والوفاء ، فالحب له وجه وفاء ، وهذا باب اعتصار للنفس وبالتالي عذابها ، وهي عذابات ملأى بالمرارة وبالشوق أو بالرغبة على استواء الحس على علاقة سوية مع من ينحو نحوه الحس ، فثمة آخر وهو الذي تسبب بالعذاب ، بصرف النظر ، كان ظالما أم مظلوما ، فالحب لا يفهم سوى ذاته ، فهو الحب الذي لا يعترف بعارض ، فهو قوة نفسية عابرة للحدود ، لا حد يمكنه أن يحد من حب ، ولا تبرير يمكنه أن يكون مبررا لدى حب ، فالحب هو الذي يأخذ بجماع النفس وينحو بها بملء ما به من معان الى من هو الحبيب ، حتى وان قسى بهجر أو بقطع صلة ، فهو الحب الذي يمتلك النفس ، ولا حول ولا قوة لعقل بحال نفس تحب ، فالعقل تابع لا متبوع ، فعقلنة الحب ضرب من وهم ، فهكذا يبدو للحبيب ، فهو مرتاح في حبه ، فهو الحب الذي يشعله ويضيء له الحياة ، بطريقة لا يمكنه معنى آخر، أن يقوم بمثل ما يقوم به هذا الحب ، فأحضان الحبيب هي الدنيا وما فيها ، فهكذا يتراءى لمن أحب ، فهو بالحب يملك الدنيا ، بل يملك كل ما يريده من هذه الدنيا ، ومن هنا الاحساس بالحرمان ، حين البعاد أو الهجر أو القطيعة أو ...، فنشأة العذاب في النفس كثيرا ما أدت الى حالات نفسية تحتاج الى من يعين ، وهو العون المظنون بأن به خلاص من حس عميق اسمه الحب ، فكيف ؟ ، وهل ثمة شفاء من حب ، فهو الذي لا شفاء منه ، فهكذا تذهب الظنون ، وعلى الأخص منها ظنون العاشقات ، فكثيرة هي العذابات التي تتشعب ألوانها في نفوس معذابات ، وكثيرة هي في الواقع السرديات لعاشقات ، ومن أحببن ، فثمة سير كثيرة ، تحتاج الى سرد يتعقلن ما لا تراه العاشقة نفسها ، بأنه القابل لعقلنة ، لكنه رأي ووجهة نظر عقل يطل على مشهد عذاب لعاشقة أمامه ، ويرى بأن هذه العاشقة تحتاج الى معونة من فكر ، يساعد في هكذا حال ، وهكذا يذهب من بهم اطلالة على أحوال العاشقات ، فبظنهم ثمة عقل يجب أن يأخذ دوره ، ولا بد لهذا العقل من أن يطل على عقل العاشقة ، ليخرجها مما هي فيه ، من ذوبان في عشق، أصبح في حكم عذاب ، فهو عشق أو حب لطرف أدار ظهره ، ولم يعد في حقيقته طرفا في علاقة بهذا الحب الذي تتقلى العاشقة على ناره ، فالاكتواء المستمر بنار حب كهذا لا بد من أن يتوقف ، فكيف ، فهنا البذل ضمن الصياغة أو الابداع لهذه الكيفية ، وهنا كان دوما دور النزوع الى تقديم عون لهذه العاشقة ، وكذلك كان أداء علماء نفس ولم يزل في أحوال حب كثيرة ، فهي الكيفية التي يراد لها أن تكون فالحة في تحقيق خلاص عاشقة من عشق يمرمرها، فما هي هذه الكيفية ، وهل يمكنها أن تكون بملء المراد منها ، من استخلاص نفس عاشقة ، من حب استحال نبع مرارة ، تمزق في حياتها ، فهي انسان ومن حق هذا الانسان الأنثى أن تستوى له الدنيا ، فلا يجب أن يكون ضحية طهارة نفس ، ولا ضحية وهم ، ولا ضحية من أي قبيل من ذلك فهي انسان ، ولا أصح من أن يبلغ الانسان بانسان درب خلاص ، وهنا كان البحث عن معالجة عاشقة من عشق يكاد ينتقصها حياتها بعد غدر أو هجر ، هو برأيها لم تكن هي تستحقه ، فهي عاشقة وبها عطاء العشق ومظلومة مغدورة ، متمرمرة بمزيج من حب واحساس بظلم ، وهنا في هذا النطاق كان للادبية أحلام مستغانمة ما يزيد في عمق تأملها ، اذ سنحت لها ظروف علاقة أن تتم دعوتها لترى كيف أنه يتم استعمال الثلاثية في معالجة نفسانية ، وكان لها مشاهداتها بأم عينيها في عيادة ما في الخليج ، فكانت تساؤلاتها ، وكانت اطلالة فكرها ، وهجم عليها سؤالها ماذا يمكنها أن تضيف ، وكيف يمكنها أن تؤلف ، فهو نطاق ملهم للأديبة وخاصة منهن أحلام مستغانمي التي أبدعت في تصوير حب الوطن الهائم على موج متلاطم زاخر بكل تيار يهب على الوطن ، فكانت فكرة الكتاب (نسيان ) ، فهي حالات حب مختلفة ، وهي عذابات متفاوته ، وهو حرمان يموج فيها جميعا ، وهي كلها حالات لا يحسن بها حل سواه الذي انتبهت اليه احلام وهو نسيان ، فلا حل سواه ، انه البدء من جديد ، فهي حياة انسان ، وهو في هذه الحالة انثى ، ومن حقها على نفسها أن تنسى ، وتبدأ مباشرة حياتها ، تتجدد بنسيان ، لتبدأ بداية أخرى فتقبل على الحياة ، فلا تظل أسيرة حب لم يعد له طرف آخر ، فلقد أصبح مقطوعا ، فهي الحياة التي تركض ، وأولى بالانسان أن يدركها ليكون فيها فاعلا ومؤثرا ، فالعاشقة يجب أن تلتفت الى نفسها ، وتخدم نفسها بنسيان من هو جدير بأن يطويه النسيان ، فالنسيان هو الحل .
ومن هنا وعلى دفات فكر الأدبية راح يترتب البناء الفني لكتاب اسمه " نسيان " ، فحالات عشق مختلفة ، تدور بها عذابات متفاوتة في عمقها ، وفي مبلغ تأثيرها على حياة العاشقة ، وهكذا أصبح لا بد من تبويب الكتاب ، بما يتفق والحالات التي يتناولها . وكذلك العناوين ، فلا بد وأن تكون بها دلالة على مضمون الحالة العشقية ، وأيضا كل حالة لا مفر ويتم تناولها بما يتفق وكيفية تخليص العاشقة من عذاباتها .
وبالتفاتة الى جميع الحالات العشقية ( أو حالات الحب الذي أصبح منصبا على طرف علاقة لم تعد قائمة ) ، الدامعة أسى وحسرة كلها ، لنجد بأن جامعا في الخطاب اليها ، هو ضرورة نسيان في حياة الانسان الأنثى ، فكيف والذكريات لا تنفك تطل بما بها .. كيف يتأتى نسيان ، فاذكري أيتها الأنثى " ليلة الجدي " ، فلعلها تتدافع الذكريات الى زاوية النسيان ، وهو حل تنطق به حكمة جزائرية تحكيها الكاتبة في كتابها ، ولا أدري لماذا لم يتعنون كتاب الكاتبة ب " ليلة الجدي " بدلا عن نسيان ، فلربما لأن (نسيان ) غاية مطلوبة بذاتها ، رغم كل هجوم كاسح لذكريات ، وذلك لكي تبدأ هذه الأنثى الانسان حياة من جديد . وحيث أن الحالة العشقية الواحدة ، ليست بلا مثيل لها ، وانما هي ظاهرة عامة ، وذات تكرارية في الحياة وعبر الزمان ، فلا بد من مناخ عام ، من جمع شمل الصيحة الفردية ( نسيان ) ، في اطار صيحة جامعة كلية (نسيان ) ، فلست وحدك ، وانما غيرك ، بمثل ما أنت عليه ، فأنت واحدة من كثيرات ، وها هن مثيلاتك يشاركنك صيحتك .. قرارك .. نسيان ، فهو حزب النسيان ، الجامع في اطاره كل نسيان ، وهذا الحزب ضرورة شفاء وعافية ، وضرورة حس بأنك .. يا ايتها العاشقة لست وحدك في الاقرار ، بأن " ليلة الجدي " آلية انتاج ( نسيان ) ، وبأن ( نسيان ) ، تحت أي عقلنة لحالك الذي حالت أحوالك اليه ، بعد بتر لعلاقة مع حبيب ، انما هو الحل .
اسم الكاتب : بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح) ..أم الفحم ..فلسطين
' نسيان ' وأحلام مستغانمي
واذكري ' ليلة الجدي ' هو الحل
بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح) ..أم الفحم ..فلسطين
' نسيان . com ' ، هو كتاب للأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي ، وهو في موضوعه الذي يتناوله في جانب مختلف ، عن ثلاثية الكاتبة الشهيرة ( ذاكرة الجسد ، فوضى الحواس ، عابر سرير ) ، والتي على ما يبدو كانت الوجه الأدبي الذي رسب في الوعي العام للأديبة ، وهذا بعينه ما شكل تصورا أو قياسا ، لدى كثيرين ممن أقبلوا على كتاب ' نسيان ' حال صدوره ، فكانت دهشتهم ، اذ لم يجدوا في نسيان ، ما ظنوه في انتظارهم ، فلقد جاء ' نسيان ' ، متناولا الحب في جانب منه ، لكنه ليس بحال مثيلا لأي من الأجزاء الثلاثة للثلاثية الرائعة ، فبدت تساؤلات تجلت في ملاحظات ، وفي مقالات ، وهي في كثير منها ، تطل بالدهشة الناطقة بالسؤال : ماذا دعا الى هذا ؟ وماذا جرى للمقدرة الأدبية للأديبة ، ولماذا هذا الاختلاف ؟ ، ولماذا لم يأت نتاج الأدبية ، بذات النسق ، وبذات الموضوع وبذات التناول أو ما يشبهه ، وكأن عقل الأديبة وابداعها يتوجب أن يكون مقصورا على وجه من الفن الأدبي ، فلا يتجاوزه ، وهذا ما لا لم يقل به ، ولن يقول به ذو باع طويل أو قصير في الأدب ، أو في كتابة في أدب ، أو علم ، أو ثقافة أو صحافة ، أو ما حلى للعقل أن يجوبه من وجه من خيال أو واقع ، وبازاء تلك الدهشة الهائمة ، بكل لا دراية في بناء فني لنص ، ولا باتجاهات الفكر وتناولاته ، واطلالاته ، ليعجب الانسان من تأويلات وترهات ، واسقاطات على بناء فني ، لم يعيه القائل بها ، ولم يدرك كنه ، ولا حتى فطن ، بأن من ليس به ما يمكنه من أن يعقلن ما يحاول أن يتعلقه ، فالأجدى له أن يعود الى العقل لأعادة تأسيسه ، على ما يؤهله الى تناول يكون مستقره نتاج عقلن يتعقلن عقلنة ، فليس كل منطوق بالضرورة قولا يجاز أخذه على أن عقلا يجيزه أو يرتضيه ، وهو ما لا يدركه اللاعقل ، فهو اللاعقل الذي من براعتة ما لا يعقل ، فنص هنا ونص هناك ، فيما لو استوى على هذا أو ذاك السؤال ؛ فما صلته بما يتناوله ، فلا غير استواء العقل على ، أن يكون فض النزاع مع النص ، بالغاء النص من رتبة حاول أن يتبوأها ، أي انتزاعه ، من كون محتواه بما يقال فيه له أدنى صله بما يتوهمه بأنه يعنيه ، وغير ذلك من ملفوظات تائهة عن معنى لها ، من مثل ' فوضى النسيان ' ، كوصف حائر تائه عن معنى ، لسرديات الأديبة في كتابها ' نسيان ' ، وثمة لفظ كهذا يستدعي التساؤل ، فما فوضى ، وما نسيان ، وما المعنى الذي يستوي عليه نتاج اقترانهما معا ، وما صلة هذا الاقتران بكتاب ' نسيان ' ، للأدبية البارعة في السرد ، وفي انتقاء البناء الفني واحكام حلقاته ، وكيف جاز لهائم على رؤوس موج من جهل ، أن لا يعرف ، بأن جهله ، انما هو فاصلة بينه وبين المعرفة ، أتراه بلغ الجهل عماء بصيرة ؟ ، لربما ! ، فغالبا ما الجهل ينبه من اتخذه نطاقا له ، بأنه الجهل الذي لا يمكنه الا أن يجعل صاحبه جاهلا ، فأي جهالة هذه التي باتت تجهل جهلها ، وأصبحت تظن في ذاتها مقدرة على الاستواء على تقدير وتبيان وتصدير أحكام ، أفحكم الجاهل يمكنه أن يكون ، بغير دلالة على حال نفسية وعقلية حطت به على غير بصيرة ، لتحكي لنا قصتنا في هذا الزمن مع جهالة جهلاء تنهش في لحم الابداع كله .
فليس ثمة معنى لجملة فوضى النسيان ، فهي جملة يصعب أن يجد لها العقل في الواقع ما يبين عن معنى لها ، فهي مثل كثير من الجمل العربية التي اعتاد العربي أن يقولها ، فاذا دنوت من سؤال عن معنى لها ، أصابه التفات الى صورة في وعيه خالية من صلة بواقع ، ليدلل على ما يقصده بقوله تلك الجملة ، واذا مقصود الدلالة للجملة على معنى معين ، أو على سردية في كتاب نسيان للأدبية أحلام مستغانمي ، فبالامكان النظر عميقا في سرديات الكتاب من أوله الى آخره ، لكي نجد بأنه محكم في سردياته منظم في فكراته ، وبأن كل السرديات والفكرات التي اشتملتها ، للدلالة على حالة انسانية في واقع ، أو لتبيانها ، لاكتناه موقف في مواجهة وضعية انسانية معينة للمرأة العربية ، فانما قامت بها الكاتبة أحلام مستغانمي ، بذكاء وبلغة متلهفة على السرد ، ما يجعل القارىء يتلهف على المزيد من القراءة ، وعلى المزيد من الانتباه ، فليس ثمة تناقض في السرد ، ولا في عرض الفكرات التي تريد أن تجليها الكاتبة ، ولا ثمة فوضى في الترتيب ، ولا في انسياق نظام التواتر للفكرات في السرديات ، بل هي تصب معا في غاية محددة للكتاب ، فالكتاب له بنائية محكمة ، وهي قد تشكلت ببراعة الكاتبة ، على ما يخدم غاية اقتضتها أن تصب فيها ، فلا فوضى في الفكر ولا في البناء الفني ، وليس ثمة تناقض ، في مجرى السير بالكتابة ، في اتجاه غاية قام من أجلها الكتاب ، ولربما الفوضى تبدو في خيال قارىء أو متبصر ، يحاول أن يمتد بنظره الى وضعية المرأة ليشمل ما في الحياة منها ، فيعجب لكل ما يموج به خياله من تصورات ، فلا تنتظم له ، بل تتداخل وتتعارك ، فيتوه في داخل اشكالية استولدها له خياله ، بسبب من عدم تدخل من عقله في هيئة منظم ثم باحث ثم مكون لحكم ، وهي خصيصة عقل يتصور بخفة وبهلهلة بلا نزعة الى فهم ، وانما برغبة من اطلالة مشوقة ، تحل في فراغ وقت جانح الى تهافت ، وهي حالة لا علاقة لها بالكتاب ولا بالكاتبة ولا بما كان له الكتاب .
ولقد لفت انتباهي قراء عديدون الى استعجابهم من تفاوت بين الثلاثية وبين كتاب نسيان ، وبرأيهم أن الكاتبة واحدة فكيف اللغة هنا والسرد هنا ، والبناء الفني هنا في نسيان مختلف جذريا ، عنه في الثلاثية ، وبرأيهم بأنهم حين أخذتهم اللهفة على كتاب جديد للكاتبة ، قد أخذتهم بوازع من أثر الثلاثية في نفوسهم وعقولهم ، ولكنهم فوجئوا بما هو مختلف ، ولقد أجد العذر الى هؤلاء فهم بالضرورة ليسوا ممن برعوا في كتابة ، وانما في تذوق رواية أو نص فهم مقبلون على قراءة ما يستهوون ويحبون ، فليسوا ممن لهم صلة عميقة بتكوين حكم في نص ، فتساؤلهم به من دلالة على مستوى وصلوه ، وهو ما يدعو الى لفت انتباههم الى أن ما يقولونه صحيح ، لكن استعجابهم يزول حين يدركون بأن الثلاثية انما هي حكاية وطن ..حكاية شعب ، والكاتبة بازاء وطنها وشعبها ، اختارت ما يتفق من بناء فني ولغة وسرد ومفاهيم في جملتها شكلت الحكاية ، لكن ' نسيان ' ، هو كتاب له خصيصة مختلفة بتة ، فهو يقترب بتناوله للحب على اطلاقه ، ولكنه ليس كتابا في وجوه للحب وفقط ، وانما هو يتمركز في وضعية للفتاة أو المرأة في جانب من هذا الحب ، وهو العذاب الذي يظل كنار تتقلى عليه الفتاة أو المرأة تحت ظروف شتى ، وهي نار الشوق والوفاء ، فالحب له وجه وفاء ، وهذا باب اعتصار للنفس وبالتالي عذابها ، وهي عذابات ملأى بالمرارة وبالشوق أو بالرغبة على استواء الحس على علاقة سوية مع من ينحو نحوه الحس ، فثمة آخر وهو الذي تسبب بالعذاب ، بصرف النظر ، كان ظالما أم مظلوما ، فالحب لا يفهم سوى ذاته ، فهو الحب الذي لا يعترف بعارض ، فهو قوة نفسية عابرة للحدود ، لا حد يمكنه أن يحد من حب ، ولا تبرير يمكنه أن يكون مبررا لدى حب ، فالحب هو الذي يأخذ بجماع النفس وينحو بها بملء ما به من معان الى من هو الحبيب ، حتى وان قسى بهجر أو بقطع صلة ، فهو الحب الذي يمتلك النفس ، ولا حول ولا قوة لعقل بحال نفس تحب ، فالعقل تابع لا متبوع ، فعقلنة الحب ضرب من وهم ، فهكذا يبدو للحبيب ، فهو مرتاح في حبه ، فهو الحب الذي يشعله ويضيء له الحياة ، بطريقة لا يمكنه معنى آخر، أن يقوم بمثل ما يقوم به هذا الحب ، فأحضان الحبيب هي الدنيا وما فيها ، فهكذا يتراءى لمن أحب ، فهو بالحب يملك الدنيا ، بل يملك كل ما يريده من هذه الدنيا ، ومن هنا الاحساس بالحرمان ، حين البعاد أو الهجر أو القطيعة أو ...، فنشأة العذاب في النفس كثيرا ما أدت الى حالات نفسية تحتاج الى من يعين ، وهو العون المظنون بأن به خلاص من حس عميق اسمه الحب ، فكيف ؟ ، وهل ثمة شفاء من حب ، فهو الذي لا شفاء منه ، فهكذا تذهب الظنون ، وعلى الأخص منها ظنون العاشقات ، فكثيرة هي العذابات التي تتشعب ألوانها في نفوس معذابات ، وكثيرة هي في الواقع السرديات لعاشقات ، ومن أحببن ، فثمة سير كثيرة ، تحتاج الى سرد يتعقلن ما لا تراه العاشقة نفسها ، بأنه القابل لعقلنة ، لكنه رأي ووجهة نظر عقل يطل على مشهد عذاب لعاشقة أمامه ، ويرى بأن هذه العاشقة تحتاج الى معونة من فكر ، يساعد في هكذا حال ، وهكذا يذهب من بهم اطلالة على أحوال العاشقات ، فبظنهم ثمة عقل يجب أن يأخذ دوره ، ولا بد لهذا العقل من أن يطل على عقل العاشقة ، ليخرجها مما هي فيه ، من ذوبان في عشق، أصبح في حكم عذاب ، فهو عشق أو حب لطرف أدار ظهره ، ولم يعد في حقيقته طرفا في علاقة بهذا الحب الذي تتقلى العاشقة على ناره ، فالاكتواء المستمر بنار حب كهذا لا بد من أن يتوقف ، فكيف ، فهنا البذل ضمن الصياغة أو الابداع لهذه الكيفية ، وهنا كان دوما دور النزوع الى تقديم عون لهذه العاشقة ، وكذلك كان أداء علماء نفس ولم يزل في أحوال حب كثيرة ، فهي الكيفية التي يراد لها أن تكون فالحة في تحقيق خلاص عاشقة من عشق يمرمرها، فما هي هذه الكيفية ، وهل يمكنها أن تكون بملء المراد منها ، من استخلاص نفس عاشقة ، من حب استحال نبع مرارة ، تمزق في حياتها ، فهي انسان ومن حق هذا الانسان الأنثى أن تستوى له الدنيا ، فلا يجب أن يكون ضحية طهارة نفس ، ولا ضحية وهم ، ولا ضحية من أي قبيل من ذلك فهي انسان ، ولا أصح من أن يبلغ الانسان بانسان درب خلاص ، وهنا كان البحث عن معالجة عاشقة من عشق يكاد ينتقصها حياتها بعد غدر أو هجر ، هو برأيها لم تكن هي تستحقه ، فهي عاشقة وبها عطاء العشق ومظلومة مغدورة ، متمرمرة بمزيج من حب واحساس بظلم ، وهنا في هذا النطاق كان للادبية أحلام مستغانمة ما يزيد في عمق تأملها ، اذ سنحت لها ظروف علاقة أن تتم دعوتها لترى كيف أنه يتم استعمال الثلاثية في معالجة نفسانية ، وكان لها مشاهداتها بأم عينيها في عيادة ما في الخليج ، فكانت تساؤلاتها ، وكانت اطلالة فكرها ، وهجم عليها سؤالها ماذا يمكنها أن تضيف ، وكيف يمكنها أن تؤلف ، فهو نطاق ملهم للأديبة وخاصة منهن أحلام مستغانمي التي أبدعت في تصوير حب الوطن الهائم على موج متلاطم زاخر بكل تيار يهب على الوطن ، فكانت فكرة الكتاب (نسيان ) ، فهي حالات حب مختلفة ، وهي عذابات متفاوته ، وهو حرمان يموج فيها جميعا ، وهي كلها حالات لا يحسن بها حل سواه الذي انتبهت اليه احلام وهو نسيان ، فلا حل سواه ، انه البدء من جديد ، فهي حياة انسان ، وهو في هذه الحالة انثى ، ومن حقها على نفسها أن تنسى ، وتبدأ مباشرة حياتها ، تتجدد بنسيان ، لتبدأ بداية أخرى فتقبل على الحياة ، فلا تظل أسيرة حب لم يعد له طرف آخر ، فلقد أصبح مقطوعا ، فهي الحياة التي تركض ، وأولى بالانسان أن يدركها ليكون فيها فاعلا ومؤثرا ، فالعاشقة يجب أن تلتفت الى نفسها ، وتخدم نفسها بنسيان من هو جدير بأن يطويه النسيان ، فالنسيان هو الحل .
ومن هنا وعلى دفات فكر الأدبية راح يترتب البناء الفني لكتاب اسمه ' نسيان ' ، فحالات عشق مختلفة ، تدور بها عذابات متفاوتة في عمقها ، وفي مبلغ تأثيرها على حياة العاشقة ، وهكذا أصبح لا بد من تبويب الكتاب ، بما يتفق والحالات التي يتناولها . وكذلك العناوين ، فلا بد وأن تكون بها دلالة على مضمون الحالة العشقية ، وأيضا كل حالة لا مفر ويتم تناولها بما يتفق وكيفية تخليص العاشقة من عذاباتها .
وبالتفاتة الى جميع الحالات العشقية ( أو حالات الحب الذي أصبح منصبا على طرف علاقة لم تعد قائمة ) ، الدامعة أسى وحسرة كلها ، لنجد بأن جامعا في الخطاب اليها ، هو ضرورة نسيان في حياة الانسان الأنثى ، فكيف والذكريات لا تنفك تطل بما بها .. كيف يتأتى نسيان ، فاذكري أيتها الأنثى ' ليلة الجدي ' ، فلعلها تتدافع الذكريات الى زاوية النسيان ، وهو حل تنطق به حكمة جزائرية تحكيها الكاتبة في كتابها ، ولا أدري لماذا لم يتعنون كتاب الكاتبة ب ' ليلة الجدي ' بدلا عن نسيان ، فلربما لأن (نسيان ) غاية مطلوبة بذاتها ، رغم كل هجوم كاسح لذكريات ، وذلك لكي تبدأ هذه الأنثى الانسان حياة من جديد . وحيث أن الحالة العشقية الواحدة ، ليست بلا مثيل لها ، وانما هي ظاهرة عامة ، وذات تكرارية في الحياة وعبر الزمان ، فلا بد من مناخ عام ، من جمع شمل الصيحة الفردية ( نسيان ) ، في اطار صيحة جامعة كلية (نسيان ) ، فلست وحدك ، وانما غيرك ، بمثل ما أنت عليه ، فأنت واحدة من كثيرات ، وها هن مثيلاتك يشاركنك صيحتك .. قرارك .. نسيان ، فهو حزب النسيان ، الجامع في اطاره كل نسيان ، وهذا الحزب ضرورة شفاء وعافية ، وضرورة حس بأنك .. يا ايتها العاشقة لست وحدك في الاقرار ، بأن ' ليلة الجدي ' آلية انتاج ( نسيان ) ، وبأن ( نسيان ) ، تحت أي عقلنة لحالك الذي حالت أحوالك اليه ، بعد بتر لعلاقة مع حبيب ، انما هو الحل