مؤثرات قديمة في العامية السودانيـة
معتصم الحارث الضوي
منذ بدء الهجرات العربية إلى السودان في تواريخ سحيقة -ما زالت مدار البحث، بل الاختلاف بين المختصين- كانت معظم القبائل والعشائر والأسر المهاجرة - من سكان البادية.
لذا تتسم عاميتنا السودانية (الحديث هنا عن اللهجة السائدة في الشمال) وتزخر بكثير من الكلمات والمصطلحات التي أُسقط استخدامها من اللغة الفصحى الحديثة(1) ، بل ومن اللهجات العربية السائدة في مناطق أخرى من الوطن العربي الكبير، ولا سيما اللهجات المدينية. وقد يجد القارئ غير السوداني المطّلع على اللهجات البدوية أو الريفية المنتشرة في بلده قليلاً أو كثيراً من التشابه.
تعرّضت اللهجات في شمال السودان لتغيرات جذرية عبر القرون؛ وربما كان التأثير الأعظم هو التغير في نطق بعض الحروف والكلمات؛ ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، نذكر منها:
q الاختلاط بسكان المناطق السودانية الأصليين من بجة ونوبة وغيرهم(2).
q استسهال نطق الحروف بطريقة غير صحيحة(3).
q ما يعرفه علماء اللغة من ذيوع نطق بعض الكلمات نطقًا خاطئًا عند بعض الأفراد، ثم ذيوع ذلك النطق في مساحة أكبر حين يتناقله الناس بسخرية، ثم يصبح هو النطق المعتمد بعد عدة أجيال وإن خالف قواعد اللغة وأصولها(4).
q ما حملته بعض الفئات المهاجرة معها من أساليب غير فصيحة في النطق؛ ونذكر من ذلك استبدال الغين بالقاف. ولعل القارئ الكريم قد قرأ الحكاية التي تناقلتها كتب التراث عن رجل من أهل فارس، سألوه: "لماذا تنطقون القاف غيناً والغين قافًا؟" فأجاب: أستقفر الله، من يغول هذا؟!
وتشيع هذه اللغة في السودان، والأجزاء الشرقية من الجزيرة العربية، وتشمل مناطق جنوب العراق، والكويت، والبحرين، وقطر، وأجزاء من عُمان، والمنطقة جنوب شرق الجزائر.
من ناحية أخرى حافظت اللهجة الشمالية –بصفة عامة- على الكثير من خصائص بيئاتها اللغوية الأصلية؛ ومن ذلك ما يشيع عند بدو الجزيرة العربية من عدم كسر الحروف الأولى من الكلمات، وذلك على عكس ما هو شائع في اللهجات العربية المدينية؛ وتعد هذه من سمات الفصاحة، حيث تشيع عند البدو باستثناء قبائل قليلة نذكرُ منها قبيلة تميم. أما جهينة وكاهلة وغيرها من القبائل التي استوطن كثيرٌ من أفرادها شمال السودان، فقد نقلت إلينا هذه اللغة صافية (والمقصود باللغة في هذه الحال هو اللهجة).
- الهاجرة في كلام العرب هي الفترة بين الضحى والظهيرة، وتشيع –دلالة على معنى هذه الكلمة في السودان- كلمةُ "هجيرة" (وهي كلمة فصيحة كذلك، وذكرت في شعر كبار الشعراء، كما هو مثبت في الهامش)(5) وإن كان التأثير العامي في جمع الكلمة على "هجاير".
- العجاج، ويعني بها العرب التراب الذي تُثيرُه الريح، وتشيع هذه الكلمة بالمعنى نفسه في السودان.
- العفْر، العفَر: هو ظاهر التراب كما ورد في لسان العرب، والقاموس المحيط، وكان البديل لها في لغتنا العامية كلمة "العفار" بضم العين.
- السافياء(6) في كلام العرب هو: التراب الذي يذهبُ في الأرض مع الريح. والمصطلح العامي الشمالي هو "السفّاية" بتشديد حرف الفاء.
من الواضح كثرة وتنوع هذه المصطلحات للدلالة على الطبيعة المناخية لشمال السودان (وهي منطقة صحراوية جرداء باستثناء المناطق المتاخمة للنيل، والتي تنتشر فيها الزراعة والرعي).
أما في الصفات الخُلُقية والخلقية، فإنما:
- تصف العرب من لا ملاحة له بين الناس بأنه "مسيخ"، وتنتشر هذه الكلمة للتعبير عن الإنسان السخيف والسمج، أو من يتعامل مع الناس ببرود. والعلاقة بين هذه الاستعارة والتعبير عن الطعام الخالي من الملح "مسيخ" واضحة وجلية.
- الأشتْر: يعنى بها مشقوق الجفن، وتحوّل معناها عبر الزمان لتعبّر عن الإنسان الأخرق.
- الزول: لغةً: الشخص الحرِك الظريف المتوقد.
- إذا كان عبوس الشخص من الغيظ، وكان في ذلك منتفخ الأوداج فهو "مُبرْطِم".
- إذا كان الشخص رذْلاً نذْلاً لا مروءة له ولا جَلَد، فهو في اللغة "فَسْل"، بالسين الساكنة. وقد تحوّل معناها في العامية السودانية؛ فأصبحت تُستخدم للتعبير عن الشخص البخيل. كما تغيّر نطقها -كديدن السودانيين- فأصبحت السين مكسورة(7).
- من الطريف أن كلمة "أفدع" (ومعناها في اللغة: مُعْوجَّ الرُسْغِ) قد أصبحت تُستخدم للتعبير عن المرأة التي تُحرّك يديها بطريقة أنثوية مغناج أثناء المشي.
- الشخص الذي يشتهي اللحم "قرْمان" في العامية، و"قَرِم" في الفصحى(.
- كفانا الله أن يُصبح الواحد منّا "عَوْكلاً"(9) ؛ ومعناها: الغاية في الحُمْق والخَرَق. وتشيع هذه الكلمة في السودان ومصر. وقد تكون مُستخدمة في مناطق أخرى من عالمنا العربي. وتُنطق بتحريك حرف العين بالضمِّ بدلاً من الحركة الفتحة، وإشباع حركة الضم في امتداد الواو بعدها (عُــوكل).
- أما التي تُلقي عنها رداء الحياء فهي في اللغة "جَلِعة"، وقد تبدل معناها في العامية لتصبح بمعنى المِغناج.
- "المُتلوِّم" لغةً هو: المنتظر لقضاء حاجته وغرضه، المتلبث على أمرٍ. وقد أخضعت العاميةُ هذه الكلمة لنوع من التغيير المتمثّل في استبدال المعنى بنقيضه وضده؛ فيقولُ السودانيون "فلان متلوّم في علان" أي أنه أخطأ في حقه.
- "الشنَف" هي شدة البُغض في الفصحى. وقد تغيّر معناها قليلاً؛ فصار يُطلقُ على من لا يعجبه العجب(10)!! فيجد في كل شيء وأي شيء عيباً شائناً؛ ويُسمى الواحد من هؤلاء في السودان بالإنسان "الشنَّاف".
- "العُرَّة"(11) في اللغة هي البعر المختلط بالتراب (فقه اللغة وسر العربية لأبي منصور الثعالبي). وتستخدمها العامية للدلالة على الشخص فائق البلاهة والحُمق والغباء.
ومن الصفات المتصلة بالحركة والانتقال:
- من الاستعارات اللفظية المتميزة استخدام كلمة "مَرَقَ" الفصحى (ومن معانيه الشائعة في العربية معنى الخروج، كما في "مرق السهم من الرمية")؛ فيُقال في السودان "فلان مرق؟"؛ أي: هل خرج أو غادر المكان؟ وهذا -لعمري- استخدام ذو إسقاط واضح على مرحلة البداوة والرعي والقنص؛ فالرعي والقنص مِنْ حرف المهاجرين عبر القرون إلى السودان.
- "الدَرَجان" لغةً هي: مشية الصبي الصغير. يقولُ أهلنا للحث على الحركة "ادّرّج" بتشديد الدال والراء.
- "الكَوْس" هو: مشي الإبل على ثلاث قوائم في اللغة(12) ، وقد استبدلت العامية ضمةً بفتحة الكاف، وأشبعت حركة الضمة في امتداد حرف الواو. والفعل في العامية "يكوس"؛ ويعنى به: يبحث. وتُشتق منه بقية التصريفات؛ فيُقال للشخص الباحث عن شيء ما: إنه "كايس لِ...". وصيغة المبالغة "كوّاس" أي الباحث عادة بنشاط وحيوية.
ومن الصفات المتصلة بالطعام:
- إذا لم يكن للطعام طعم، فإن العرب تسميه "مسيخ"؛ وتشيع هذه الكلمة في أرجاء السودان كافة.
- "التَمَطُّق" (بضم الطاء المشددة) هو: صوت المتذّوِق إذا صوَّت باللسان. وقد حافظت العامية على استخدامات هذه الكلمة بمعناها الأصلي، مع تغيير نطق القاف لتُصبحَ مثل الجيم القاهرية (وهذه قاعدة معلومة، وأسلوب قديم انتشر في كافة أرجاء الوطن العربي باستثناء ساحل الشام وفلسطين والوجه البحري بمصر (ما خلا محافظة الشرقية)، وأجزاء من شرق الجزائر.
ألقينا في هذه العُجالة بعض لمحات عن اللهجة العامية المستخدمة في شمال السودان.
وللحديث بقية.
---------------
الهوامش:
1- وليس هذا بأمر نادر أو غريب على العربية أو أية لغة أخرى، ومثال هذا ما وجدناه في كتاب جامع الدروس العربية للغلاييني، ص. 64، الجزء الأول بشأن الفعلين "وذر، ودع"؛ إذ قال "(وقد سمع سماعاً نادراً الماضي من "يَدَعُ ويذَرُ"، فقالوا (ودَع ووَذر)، بوزن (وضع)، إلا أن ذلك شاذ في الاستعمال؛ لأن العرب كلهم -إلا قليلا منهم- قد اميت هذا الماضي من لغاتهم. وليس المعنى أنهم لم يتكلَّموا به البتة، بل قد تكلموا به دهراً طويلاً، ثم أماتوه بإهمالهم استعماله. فلما جمع العلماء ما وصل إليهم من لغات العرب وجدوه مماتاً، إلا ما سمع منه سماعاً نادراً." فهذا إهمال بالإماتة.
وهناك إهمال من نوع آخر ذكره الزمخشري في "أساس البلاغة" لجار الله الزمخشري / كتاب الحاء – كتاب الحاء 2 (الكتروني) مكتبة نداء الإيمان. أو نقلا عن المجاز وفنون الاستعارة ص. 23 للدكتور محمد حسن عبد الله، دار زرقاء اليمامة:
فمثلاً كلمة القطار بعد ما كانت تطلق على صف من الإبل، صارت تطلق على صف العربات التي تكون ما نعرفه بالقطار؛ ومن ثم يكون معيار التغيّر هنا -هو الصورة التي تؤدي دوراً في نقل اللفظ إلى الدلالة على معنى آخر غير معناه الأول (وبين المعنيين علاقة مشابهة أو غيرها) مرجع: حركية الكلمة في سرادق الموت، أحمد حسن محمد، ص. 83.
وهناك أمر آخر في عملية التغيير، وهو ما يتعلق بما تحدث عنه دي سوسير وجاكبسون في أمر الاعتباطية في اللغة في محاولة للمزج بطاقات الأصوات ودورها في العلاقة الاعتباطية أو التعسفية إن جاز وجودها: فإن " الطاقات الصوتيّة تعبر عن الحالة والموقف تعبيرًا فذًّا -كما يقول بالي- حيث تتوافق طاقات الأصوات مع الدلالة والظلال العاطفية فتنطلق طاقة الأصوات التعبيرية الفذة من عقالها، وتنتقل إلى طور الظهور والفعالية (علم الأسلوب (مبادئه وإجراءاته) ص 27، د. صلاح فضل) فلا توجد لغة تخلو من العناصر المسبّبة مهما كان من تعسفية الرمز واعتباطيته (النظرية البنائية في النقد الأدبي ص. 29 للدكتور صلاح فضل ، دار الشروق الطبعة الأولى 1998.).
ولعل أمر الاعتباطية وعدم القدرة على وجود المحاكاة الصوتية راجع إلى التوسّع في المجاز اللغوي الذي حكته نظرية الزمخشريّ (المجاز وفنون الاستعارة 23.) من حيث أن اللغة كلها مجاز. فتؤدي الصورة دوراً في نقل اللفظ إلى الدلالة على معنى آخر غير معناه الأول (وبين المعنيين علاقة مشابهة أو غيرها). ولعلني أميل إلى أن ذلك التوسع قد يكون ذا حدّين: فمن ناحية من الممكن أن نطمس علاقات المحاكاة الصوتية في الرمز حيث ننتبه إلى علاقات أخرى في المعنى بعيدًا عن الدلالات الصوتية، ومن ناحية أخرى قد يكون التركيز على الطاقات الصوتية كبيرا فيكون مساعدًا للسببية المتمثلة في "محاكاة الصورة السمعية لحركة التصوّر أو المدلول" في اللغة." ( النظرية البنائية في النقد الأدبي ص. 31.) (المصدر الأخير في الربط والاستنتاجات: كتاب" حركية الكلمة في سرادق الموت، أحمد حسن، ص. 83، 84).
إضافة إلى هذا هناك نوع من التغييرات التي طرأت على اللغة في العصر الحديث، وهي بعض ألفاظ قد تكون خاطئة في استخدامها لأول مرة، ثم صارت في حكم المستعمل المعترف به إلى حد كبير عند جمهور العرب، ومنها –مثلاً- أسلوب النسبة الذي صار متداولاً بزيادة واو قبل ياء النسب مثلما في كلمة "وحدوي"، وكذلك استخدام كلمة "نسائم"، وكثيراً مما نجده في الأخطاء الشائعة لا يناسب كلام العرب وأساليبهم، ولكن يُعْتَمَدُ على مر الزمن من المجامع.
2- ومثيل ذلك ما حدث في كلمة "الجوال" المأخوذة عن الفارسية معربة، والتقريب لها بكلمة "الشوال" واستخدامها بكثرة على الألسن. حتى صار الكثيرون يعرضون عن كتابتها بفصيحها "غرارة، جوالق" إلى كتابتها "جوال، شوال". وذكر الوسيط كلمة "شوال" وإن لم يذكر اعتماد المجمع لها (معجم الأخطاء الشائعة، محمد العدناني، ص. 137، مكتبة لبنان، بيروت.)
3- وطبعًا ترسخ هذه العادة حين تجد استجابة، وكأن شيئًا خطأً في النطق لم يكن، ومن ثم تصير طريقة من السهل تداولها، وقد يكون من أسبابها عدم اهتمام الشخص الناطق باللغة التي ينطق بها؛ لأنه يقتصر فقط على معيار وصول المعنى، فما دام قد وصل فهي الطريقة المأخوذ بها، والتي نستخدمها، ويكثر ذلك في استخدام الأجانب عن اللغة لغةً لا تتوافق إمكاناتها اللفظية وطاقاتها الصوتية مع أساليبهم في نطق لغتهم، وكما قيل: "إن لكل لغة هارموني خاصاً بها".
4- هو أمر قريب من النقطة السابق الحديث فيها، وتحليلها في الهامش.
5- وورودها في:
* خرقٌ لأهوال الدجى مُتدرِّعٌ في بحر كلِّ هجيرةٍ غوّاص (لابن الرومي)
* في حَيثُ مِن حُرِّ الطِعانِ هَجيرَةٌ تُحمى وَمِن ظِلِّ اللِواءِ مَقيلُ (لابن خفاجة)
* على ما لهم في صوم كل هجيرةٍ ومن خلوة للَه تحت الغياهب (لابن علوي الحداد).
* تمدُّ جناحيْ ظلّها في هجيرةٍ فتحسبها في البيد خيط نعام (لابن نباتة المصري)
* يُزْهى إذا حِرْباؤها صَليَ الوَغَى حِرْباءُ كلّ هَجيرَةٍ مِهْيافِ (لأبي العلاء المعري)
* بِالبيضِ قَد أَنِفَت إِنَّ الحُسامَ إِذا هَجيرَةٌ حَرَّضَتهُ ساعَةً أَنِفا (لأبي تمام)
* ومن شعر أبي نواس (ذكره العمدة الأصفهاني في "خريدة القصر وجريدة العصر":
تظلله من حر كل هجيرة وتؤنسه في وحشة البلد القفر
* وهناك، عند أبي زيد الفازي، وأبي نواس، والشريف الرضي، وغيرهم
* وهناك امرأة عربية اسمها هجيرة بنت أذاة بنت رياح بن عبد الله.، وبلد على حدود اليمن اسمها الهجيرة (كما ذكر الهمداني في صفة جزيرة العرب: مرجع الموسوعة الشعرية)
* وذكرها المحبي في "نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة" في قوله: "فلما دنا وقت الظهيرة، ولفح حر الهجيرة".
6- وقد ورد في لسان العرب في معنى كلمة السافياء: " والسافِياءُ: الريحُ التي تَحْمِلُ تراباً كثيراً على وجه الأَرض تَهْجُمُه على الناس؛ قال أَبو دُواد:
ونُؤْي أَضَرَّ به السافِياء = كدَرْسٍ من النُّونِ حينَ امَّحَى
ويقال:
السافِياءُ الترابُ يذهَبُ مع الريح، وقيل: السافِياءُ الغُبارُ فقط."
7- وعندي احتمال تفسيري للأمر الحادث: فإن كلمة الفِسْلُ، بالكسر: الأحمقُ، ومن المحتمل أن يحصل مثل هذا النقل في الحركات بين الحروف.
8- (إيضاح) هذه الكلمة تستخدم في التعبير عن اشتهاء يكون للحم، ويقولون: قرم إلى اللحم؛ أي أن الكلمة وحدها لا يدخل في في معناها كلمة اللحم إلا بذكر كلمة اللحم. وإن كان اعتياد الاستخدام والملازمة بين الكلمتين أورث كلمة "قرم" وحدها، معناها وكأنما ذكرت كلمة "اللحم".
9- وزيادة إيضاح فقد ورد من معاني هذه الكلمة:
1) في فقه اللغة وسر العربية في معرض ذكره لصفات المرأة: "فإذا كَانَتْ حَمْقَاءَ خَرْقَاءَ فَهِيَ دِفْنِسٌ وَوَرْهَاءُ ثُمَّ عوْكَل وَخِذْعِل".
ما ذكره لسان العرب: " وقيل: عَوْكَلُ كلِّ رَمْلةٍ رأْسُها. والعَوْكَلَة: العظِيمة من الرَّمْل؛ قال ذو الرمة:
وقد قابَلَتْه عَوْكَلاتٌ عوانِكٌ رُكَامٌ نَفَيْنَ النَّبْتَ غيرَ المَآزِر؛
أَي ليس بها نبتٌ إِلاَّ ما حَوْلَها. والعَوْكَل: المرأَة الحَمْقاء.
والعَوْكَل: الرَّجل القصير الأَفْحَج؛
قال: ليسَ براعي نَعَجاتٍ عَوْكَلِ أَحَلَّ يَمْشِي مِشْيَةَ المُحَجَّلِ
2) وفي تاج العروس: " العُباب. العَوْكَل: الأرنبُ العَقُور. وقال الفَرّاءُ: العَوْكَلةُ: الأرنب. العَوْكَلة: الرجلُ القصيرُ
الأَفْحَجُ البخيلُ المَشؤوم، قال:
ليس براعي نَعَجَاتٍ عَوْكَلِ
أحَلَّ يَمْشِي مِشْيَةَ المُحَجَّلِ
العَوْكَلُ من النِّساء: الحَمقاء. وعُكْلٌ، بالضَّمّ: د كما في الصِّحاح. أيضاً: أبو قبيلةٍ فيهم
غَباوَةٌ وقِلَّةُ فَهْمٍ، وذلك يقال لكلِّ من فيه غَفْلَةٌ ويُستَحْمَقُ: عُكْلِيٌّ، اسمُه عَوْفُ بنُ عَبْدِ".
10- وقد وردت الكلمة ساكنة النون في القاموس المحيط بمعنى -تقريبًا- هو ما سبق ذكره في العامية، ألا وهو: النَّظَرُ إلى الشيءِ كالمُعْتَرِضِ عليه، أو كالمُتَعَجِّبِ منه، أو كالكارِهِ لَهُ.".
11- وقد وردت الكلمة بمعانٍ، منها: القذر وعذرة الناس ( لسان العرب)، والعُرُّ والعُرَّة: ذرق الطير. والعُرَّة أيضًا: عَذِرة الناس، وعُرَة السَّنام: الشحمة العليا. وعَرَّه بمكروه يَعُرُّه عَرّا أصابه به. والاسم: العُرَّة. (المحكم والمحيط الأعظم).
12- هذا ما ورد في "فقه اللغة وسر العربية". ولها كذلك معان أخرى في مصادر أخرى: "الكَوْسُ: المَشي على رجل واحدة، ومن ذوات الأَربع على ثلاث قَوائم، وقيل: الكَوْسُ أَن يَرْفع إِحدى قوائمه ويَنْزُوَ على ما بقي، وقد كاسَتْ تَكُوسُ كَوْسا" (لسان العرب). ولها معنى في الجماع.
مجلة واتا للترجمة واللغات، السنة الثانية، العدد 5، شتـاء 2008
معتصم الحارث الضوي
منذ بدء الهجرات العربية إلى السودان في تواريخ سحيقة -ما زالت مدار البحث، بل الاختلاف بين المختصين- كانت معظم القبائل والعشائر والأسر المهاجرة - من سكان البادية.
لذا تتسم عاميتنا السودانية (الحديث هنا عن اللهجة السائدة في الشمال) وتزخر بكثير من الكلمات والمصطلحات التي أُسقط استخدامها من اللغة الفصحى الحديثة(1) ، بل ومن اللهجات العربية السائدة في مناطق أخرى من الوطن العربي الكبير، ولا سيما اللهجات المدينية. وقد يجد القارئ غير السوداني المطّلع على اللهجات البدوية أو الريفية المنتشرة في بلده قليلاً أو كثيراً من التشابه.
تعرّضت اللهجات في شمال السودان لتغيرات جذرية عبر القرون؛ وربما كان التأثير الأعظم هو التغير في نطق بعض الحروف والكلمات؛ ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، نذكر منها:
q الاختلاط بسكان المناطق السودانية الأصليين من بجة ونوبة وغيرهم(2).
q استسهال نطق الحروف بطريقة غير صحيحة(3).
q ما يعرفه علماء اللغة من ذيوع نطق بعض الكلمات نطقًا خاطئًا عند بعض الأفراد، ثم ذيوع ذلك النطق في مساحة أكبر حين يتناقله الناس بسخرية، ثم يصبح هو النطق المعتمد بعد عدة أجيال وإن خالف قواعد اللغة وأصولها(4).
q ما حملته بعض الفئات المهاجرة معها من أساليب غير فصيحة في النطق؛ ونذكر من ذلك استبدال الغين بالقاف. ولعل القارئ الكريم قد قرأ الحكاية التي تناقلتها كتب التراث عن رجل من أهل فارس، سألوه: "لماذا تنطقون القاف غيناً والغين قافًا؟" فأجاب: أستقفر الله، من يغول هذا؟!
وتشيع هذه اللغة في السودان، والأجزاء الشرقية من الجزيرة العربية، وتشمل مناطق جنوب العراق، والكويت، والبحرين، وقطر، وأجزاء من عُمان، والمنطقة جنوب شرق الجزائر.
من ناحية أخرى حافظت اللهجة الشمالية –بصفة عامة- على الكثير من خصائص بيئاتها اللغوية الأصلية؛ ومن ذلك ما يشيع عند بدو الجزيرة العربية من عدم كسر الحروف الأولى من الكلمات، وذلك على عكس ما هو شائع في اللهجات العربية المدينية؛ وتعد هذه من سمات الفصاحة، حيث تشيع عند البدو باستثناء قبائل قليلة نذكرُ منها قبيلة تميم. أما جهينة وكاهلة وغيرها من القبائل التي استوطن كثيرٌ من أفرادها شمال السودان، فقد نقلت إلينا هذه اللغة صافية (والمقصود باللغة في هذه الحال هو اللهجة).
- الهاجرة في كلام العرب هي الفترة بين الضحى والظهيرة، وتشيع –دلالة على معنى هذه الكلمة في السودان- كلمةُ "هجيرة" (وهي كلمة فصيحة كذلك، وذكرت في شعر كبار الشعراء، كما هو مثبت في الهامش)(5) وإن كان التأثير العامي في جمع الكلمة على "هجاير".
- العجاج، ويعني بها العرب التراب الذي تُثيرُه الريح، وتشيع هذه الكلمة بالمعنى نفسه في السودان.
- العفْر، العفَر: هو ظاهر التراب كما ورد في لسان العرب، والقاموس المحيط، وكان البديل لها في لغتنا العامية كلمة "العفار" بضم العين.
- السافياء(6) في كلام العرب هو: التراب الذي يذهبُ في الأرض مع الريح. والمصطلح العامي الشمالي هو "السفّاية" بتشديد حرف الفاء.
من الواضح كثرة وتنوع هذه المصطلحات للدلالة على الطبيعة المناخية لشمال السودان (وهي منطقة صحراوية جرداء باستثناء المناطق المتاخمة للنيل، والتي تنتشر فيها الزراعة والرعي).
أما في الصفات الخُلُقية والخلقية، فإنما:
- تصف العرب من لا ملاحة له بين الناس بأنه "مسيخ"، وتنتشر هذه الكلمة للتعبير عن الإنسان السخيف والسمج، أو من يتعامل مع الناس ببرود. والعلاقة بين هذه الاستعارة والتعبير عن الطعام الخالي من الملح "مسيخ" واضحة وجلية.
- الأشتْر: يعنى بها مشقوق الجفن، وتحوّل معناها عبر الزمان لتعبّر عن الإنسان الأخرق.
- الزول: لغةً: الشخص الحرِك الظريف المتوقد.
- إذا كان عبوس الشخص من الغيظ، وكان في ذلك منتفخ الأوداج فهو "مُبرْطِم".
- إذا كان الشخص رذْلاً نذْلاً لا مروءة له ولا جَلَد، فهو في اللغة "فَسْل"، بالسين الساكنة. وقد تحوّل معناها في العامية السودانية؛ فأصبحت تُستخدم للتعبير عن الشخص البخيل. كما تغيّر نطقها -كديدن السودانيين- فأصبحت السين مكسورة(7).
- من الطريف أن كلمة "أفدع" (ومعناها في اللغة: مُعْوجَّ الرُسْغِ) قد أصبحت تُستخدم للتعبير عن المرأة التي تُحرّك يديها بطريقة أنثوية مغناج أثناء المشي.
- الشخص الذي يشتهي اللحم "قرْمان" في العامية، و"قَرِم" في الفصحى(.
- كفانا الله أن يُصبح الواحد منّا "عَوْكلاً"(9) ؛ ومعناها: الغاية في الحُمْق والخَرَق. وتشيع هذه الكلمة في السودان ومصر. وقد تكون مُستخدمة في مناطق أخرى من عالمنا العربي. وتُنطق بتحريك حرف العين بالضمِّ بدلاً من الحركة الفتحة، وإشباع حركة الضم في امتداد الواو بعدها (عُــوكل).
- أما التي تُلقي عنها رداء الحياء فهي في اللغة "جَلِعة"، وقد تبدل معناها في العامية لتصبح بمعنى المِغناج.
- "المُتلوِّم" لغةً هو: المنتظر لقضاء حاجته وغرضه، المتلبث على أمرٍ. وقد أخضعت العاميةُ هذه الكلمة لنوع من التغيير المتمثّل في استبدال المعنى بنقيضه وضده؛ فيقولُ السودانيون "فلان متلوّم في علان" أي أنه أخطأ في حقه.
- "الشنَف" هي شدة البُغض في الفصحى. وقد تغيّر معناها قليلاً؛ فصار يُطلقُ على من لا يعجبه العجب(10)!! فيجد في كل شيء وأي شيء عيباً شائناً؛ ويُسمى الواحد من هؤلاء في السودان بالإنسان "الشنَّاف".
- "العُرَّة"(11) في اللغة هي البعر المختلط بالتراب (فقه اللغة وسر العربية لأبي منصور الثعالبي). وتستخدمها العامية للدلالة على الشخص فائق البلاهة والحُمق والغباء.
ومن الصفات المتصلة بالحركة والانتقال:
- من الاستعارات اللفظية المتميزة استخدام كلمة "مَرَقَ" الفصحى (ومن معانيه الشائعة في العربية معنى الخروج، كما في "مرق السهم من الرمية")؛ فيُقال في السودان "فلان مرق؟"؛ أي: هل خرج أو غادر المكان؟ وهذا -لعمري- استخدام ذو إسقاط واضح على مرحلة البداوة والرعي والقنص؛ فالرعي والقنص مِنْ حرف المهاجرين عبر القرون إلى السودان.
- "الدَرَجان" لغةً هي: مشية الصبي الصغير. يقولُ أهلنا للحث على الحركة "ادّرّج" بتشديد الدال والراء.
- "الكَوْس" هو: مشي الإبل على ثلاث قوائم في اللغة(12) ، وقد استبدلت العامية ضمةً بفتحة الكاف، وأشبعت حركة الضمة في امتداد حرف الواو. والفعل في العامية "يكوس"؛ ويعنى به: يبحث. وتُشتق منه بقية التصريفات؛ فيُقال للشخص الباحث عن شيء ما: إنه "كايس لِ...". وصيغة المبالغة "كوّاس" أي الباحث عادة بنشاط وحيوية.
ومن الصفات المتصلة بالطعام:
- إذا لم يكن للطعام طعم، فإن العرب تسميه "مسيخ"؛ وتشيع هذه الكلمة في أرجاء السودان كافة.
- "التَمَطُّق" (بضم الطاء المشددة) هو: صوت المتذّوِق إذا صوَّت باللسان. وقد حافظت العامية على استخدامات هذه الكلمة بمعناها الأصلي، مع تغيير نطق القاف لتُصبحَ مثل الجيم القاهرية (وهذه قاعدة معلومة، وأسلوب قديم انتشر في كافة أرجاء الوطن العربي باستثناء ساحل الشام وفلسطين والوجه البحري بمصر (ما خلا محافظة الشرقية)، وأجزاء من شرق الجزائر.
ألقينا في هذه العُجالة بعض لمحات عن اللهجة العامية المستخدمة في شمال السودان.
وللحديث بقية.
---------------
الهوامش:
1- وليس هذا بأمر نادر أو غريب على العربية أو أية لغة أخرى، ومثال هذا ما وجدناه في كتاب جامع الدروس العربية للغلاييني، ص. 64، الجزء الأول بشأن الفعلين "وذر، ودع"؛ إذ قال "(وقد سمع سماعاً نادراً الماضي من "يَدَعُ ويذَرُ"، فقالوا (ودَع ووَذر)، بوزن (وضع)، إلا أن ذلك شاذ في الاستعمال؛ لأن العرب كلهم -إلا قليلا منهم- قد اميت هذا الماضي من لغاتهم. وليس المعنى أنهم لم يتكلَّموا به البتة، بل قد تكلموا به دهراً طويلاً، ثم أماتوه بإهمالهم استعماله. فلما جمع العلماء ما وصل إليهم من لغات العرب وجدوه مماتاً، إلا ما سمع منه سماعاً نادراً." فهذا إهمال بالإماتة.
وهناك إهمال من نوع آخر ذكره الزمخشري في "أساس البلاغة" لجار الله الزمخشري / كتاب الحاء – كتاب الحاء 2 (الكتروني) مكتبة نداء الإيمان. أو نقلا عن المجاز وفنون الاستعارة ص. 23 للدكتور محمد حسن عبد الله، دار زرقاء اليمامة:
فمثلاً كلمة القطار بعد ما كانت تطلق على صف من الإبل، صارت تطلق على صف العربات التي تكون ما نعرفه بالقطار؛ ومن ثم يكون معيار التغيّر هنا -هو الصورة التي تؤدي دوراً في نقل اللفظ إلى الدلالة على معنى آخر غير معناه الأول (وبين المعنيين علاقة مشابهة أو غيرها) مرجع: حركية الكلمة في سرادق الموت، أحمد حسن محمد، ص. 83.
وهناك أمر آخر في عملية التغيير، وهو ما يتعلق بما تحدث عنه دي سوسير وجاكبسون في أمر الاعتباطية في اللغة في محاولة للمزج بطاقات الأصوات ودورها في العلاقة الاعتباطية أو التعسفية إن جاز وجودها: فإن " الطاقات الصوتيّة تعبر عن الحالة والموقف تعبيرًا فذًّا -كما يقول بالي- حيث تتوافق طاقات الأصوات مع الدلالة والظلال العاطفية فتنطلق طاقة الأصوات التعبيرية الفذة من عقالها، وتنتقل إلى طور الظهور والفعالية (علم الأسلوب (مبادئه وإجراءاته) ص 27، د. صلاح فضل) فلا توجد لغة تخلو من العناصر المسبّبة مهما كان من تعسفية الرمز واعتباطيته (النظرية البنائية في النقد الأدبي ص. 29 للدكتور صلاح فضل ، دار الشروق الطبعة الأولى 1998.).
ولعل أمر الاعتباطية وعدم القدرة على وجود المحاكاة الصوتية راجع إلى التوسّع في المجاز اللغوي الذي حكته نظرية الزمخشريّ (المجاز وفنون الاستعارة 23.) من حيث أن اللغة كلها مجاز. فتؤدي الصورة دوراً في نقل اللفظ إلى الدلالة على معنى آخر غير معناه الأول (وبين المعنيين علاقة مشابهة أو غيرها). ولعلني أميل إلى أن ذلك التوسع قد يكون ذا حدّين: فمن ناحية من الممكن أن نطمس علاقات المحاكاة الصوتية في الرمز حيث ننتبه إلى علاقات أخرى في المعنى بعيدًا عن الدلالات الصوتية، ومن ناحية أخرى قد يكون التركيز على الطاقات الصوتية كبيرا فيكون مساعدًا للسببية المتمثلة في "محاكاة الصورة السمعية لحركة التصوّر أو المدلول" في اللغة." ( النظرية البنائية في النقد الأدبي ص. 31.) (المصدر الأخير في الربط والاستنتاجات: كتاب" حركية الكلمة في سرادق الموت، أحمد حسن، ص. 83، 84).
إضافة إلى هذا هناك نوع من التغييرات التي طرأت على اللغة في العصر الحديث، وهي بعض ألفاظ قد تكون خاطئة في استخدامها لأول مرة، ثم صارت في حكم المستعمل المعترف به إلى حد كبير عند جمهور العرب، ومنها –مثلاً- أسلوب النسبة الذي صار متداولاً بزيادة واو قبل ياء النسب مثلما في كلمة "وحدوي"، وكذلك استخدام كلمة "نسائم"، وكثيراً مما نجده في الأخطاء الشائعة لا يناسب كلام العرب وأساليبهم، ولكن يُعْتَمَدُ على مر الزمن من المجامع.
2- ومثيل ذلك ما حدث في كلمة "الجوال" المأخوذة عن الفارسية معربة، والتقريب لها بكلمة "الشوال" واستخدامها بكثرة على الألسن. حتى صار الكثيرون يعرضون عن كتابتها بفصيحها "غرارة، جوالق" إلى كتابتها "جوال، شوال". وذكر الوسيط كلمة "شوال" وإن لم يذكر اعتماد المجمع لها (معجم الأخطاء الشائعة، محمد العدناني، ص. 137، مكتبة لبنان، بيروت.)
3- وطبعًا ترسخ هذه العادة حين تجد استجابة، وكأن شيئًا خطأً في النطق لم يكن، ومن ثم تصير طريقة من السهل تداولها، وقد يكون من أسبابها عدم اهتمام الشخص الناطق باللغة التي ينطق بها؛ لأنه يقتصر فقط على معيار وصول المعنى، فما دام قد وصل فهي الطريقة المأخوذ بها، والتي نستخدمها، ويكثر ذلك في استخدام الأجانب عن اللغة لغةً لا تتوافق إمكاناتها اللفظية وطاقاتها الصوتية مع أساليبهم في نطق لغتهم، وكما قيل: "إن لكل لغة هارموني خاصاً بها".
4- هو أمر قريب من النقطة السابق الحديث فيها، وتحليلها في الهامش.
5- وورودها في:
* خرقٌ لأهوال الدجى مُتدرِّعٌ في بحر كلِّ هجيرةٍ غوّاص (لابن الرومي)
* في حَيثُ مِن حُرِّ الطِعانِ هَجيرَةٌ تُحمى وَمِن ظِلِّ اللِواءِ مَقيلُ (لابن خفاجة)
* على ما لهم في صوم كل هجيرةٍ ومن خلوة للَه تحت الغياهب (لابن علوي الحداد).
* تمدُّ جناحيْ ظلّها في هجيرةٍ فتحسبها في البيد خيط نعام (لابن نباتة المصري)
* يُزْهى إذا حِرْباؤها صَليَ الوَغَى حِرْباءُ كلّ هَجيرَةٍ مِهْيافِ (لأبي العلاء المعري)
* بِالبيضِ قَد أَنِفَت إِنَّ الحُسامَ إِذا هَجيرَةٌ حَرَّضَتهُ ساعَةً أَنِفا (لأبي تمام)
* ومن شعر أبي نواس (ذكره العمدة الأصفهاني في "خريدة القصر وجريدة العصر":
تظلله من حر كل هجيرة وتؤنسه في وحشة البلد القفر
* وهناك، عند أبي زيد الفازي، وأبي نواس، والشريف الرضي، وغيرهم
* وهناك امرأة عربية اسمها هجيرة بنت أذاة بنت رياح بن عبد الله.، وبلد على حدود اليمن اسمها الهجيرة (كما ذكر الهمداني في صفة جزيرة العرب: مرجع الموسوعة الشعرية)
* وذكرها المحبي في "نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة" في قوله: "فلما دنا وقت الظهيرة، ولفح حر الهجيرة".
6- وقد ورد في لسان العرب في معنى كلمة السافياء: " والسافِياءُ: الريحُ التي تَحْمِلُ تراباً كثيراً على وجه الأَرض تَهْجُمُه على الناس؛ قال أَبو دُواد:
ونُؤْي أَضَرَّ به السافِياء = كدَرْسٍ من النُّونِ حينَ امَّحَى
ويقال:
السافِياءُ الترابُ يذهَبُ مع الريح، وقيل: السافِياءُ الغُبارُ فقط."
7- وعندي احتمال تفسيري للأمر الحادث: فإن كلمة الفِسْلُ، بالكسر: الأحمقُ، ومن المحتمل أن يحصل مثل هذا النقل في الحركات بين الحروف.
8- (إيضاح) هذه الكلمة تستخدم في التعبير عن اشتهاء يكون للحم، ويقولون: قرم إلى اللحم؛ أي أن الكلمة وحدها لا يدخل في في معناها كلمة اللحم إلا بذكر كلمة اللحم. وإن كان اعتياد الاستخدام والملازمة بين الكلمتين أورث كلمة "قرم" وحدها، معناها وكأنما ذكرت كلمة "اللحم".
9- وزيادة إيضاح فقد ورد من معاني هذه الكلمة:
1) في فقه اللغة وسر العربية في معرض ذكره لصفات المرأة: "فإذا كَانَتْ حَمْقَاءَ خَرْقَاءَ فَهِيَ دِفْنِسٌ وَوَرْهَاءُ ثُمَّ عوْكَل وَخِذْعِل".
ما ذكره لسان العرب: " وقيل: عَوْكَلُ كلِّ رَمْلةٍ رأْسُها. والعَوْكَلَة: العظِيمة من الرَّمْل؛ قال ذو الرمة:
وقد قابَلَتْه عَوْكَلاتٌ عوانِكٌ رُكَامٌ نَفَيْنَ النَّبْتَ غيرَ المَآزِر؛
أَي ليس بها نبتٌ إِلاَّ ما حَوْلَها. والعَوْكَل: المرأَة الحَمْقاء.
والعَوْكَل: الرَّجل القصير الأَفْحَج؛
قال: ليسَ براعي نَعَجاتٍ عَوْكَلِ أَحَلَّ يَمْشِي مِشْيَةَ المُحَجَّلِ
2) وفي تاج العروس: " العُباب. العَوْكَل: الأرنبُ العَقُور. وقال الفَرّاءُ: العَوْكَلةُ: الأرنب. العَوْكَلة: الرجلُ القصيرُ
الأَفْحَجُ البخيلُ المَشؤوم، قال:
ليس براعي نَعَجَاتٍ عَوْكَلِ
أحَلَّ يَمْشِي مِشْيَةَ المُحَجَّلِ
العَوْكَلُ من النِّساء: الحَمقاء. وعُكْلٌ، بالضَّمّ: د كما في الصِّحاح. أيضاً: أبو قبيلةٍ فيهم
غَباوَةٌ وقِلَّةُ فَهْمٍ، وذلك يقال لكلِّ من فيه غَفْلَةٌ ويُستَحْمَقُ: عُكْلِيٌّ، اسمُه عَوْفُ بنُ عَبْدِ".
10- وقد وردت الكلمة ساكنة النون في القاموس المحيط بمعنى -تقريبًا- هو ما سبق ذكره في العامية، ألا وهو: النَّظَرُ إلى الشيءِ كالمُعْتَرِضِ عليه، أو كالمُتَعَجِّبِ منه، أو كالكارِهِ لَهُ.".
11- وقد وردت الكلمة بمعانٍ، منها: القذر وعذرة الناس ( لسان العرب)، والعُرُّ والعُرَّة: ذرق الطير. والعُرَّة أيضًا: عَذِرة الناس، وعُرَة السَّنام: الشحمة العليا. وعَرَّه بمكروه يَعُرُّه عَرّا أصابه به. والاسم: العُرَّة. (المحكم والمحيط الأعظم).
12- هذا ما ورد في "فقه اللغة وسر العربية". ولها كذلك معان أخرى في مصادر أخرى: "الكَوْسُ: المَشي على رجل واحدة، ومن ذوات الأَربع على ثلاث قَوائم، وقيل: الكَوْسُ أَن يَرْفع إِحدى قوائمه ويَنْزُوَ على ما بقي، وقد كاسَتْ تَكُوسُ كَوْسا" (لسان العرب). ولها معنى في الجماع.
مجلة واتا للترجمة واللغات، السنة الثانية، العدد 5، شتـاء 2008