AM
le professeur Abdelhalim kabot
kabot@maktoob.com
1ـ 3/الأدبية والأسلوبية:
لم تكتفي الأدبية في بناء هيكلها ومنطقها بالأخذ من الشعرية والشكلية الروسية فحسب، بل مدت يدها لتلتقط من ثمار المدرسة الأسلوبية، بحيث تتقاطع معها في الوحدات الصغرى. "وإن كان هدف الأسلوبية هو اللغة، فإن هدف الأدبية هو علم النص، فهي تستعين بها وتتجاوزها وكلتاهما في النهاية تنضويان تحت الشعرية وهدفها هو إيجاد نظرية علمية للأدب"([1] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn1)) كما سبق القول.
1-4/ الأدبية بين أحضان المدرسة المورفولوجية بألمانيا:
لما كانت الأدبية وليدة الشعرية فقد عرفت هذه الأخيرة رواجا هائلا في الساحة النقدية بين أرجاء ألمانيا. إذ انتقلت إليها في فترة الإبداع الرومانسي الذي عرف بفترة الرومانسيين وتجسدت الدراسات الشعرية فيها من خلال تساؤلات النقاد الألمان عن مميزات الأدب الخاصة، مما عجل بظهور المدرسة المورفولوجية فيها فقد "ظهرت المدرسة المورفولوجية بألمانيا، واعتمدت على التراث الأدبي للشاعر غوت(Gotte) رافضة للنزعة التاريخية ثم اهتمت بوصف أنواع الأدبية، وأساليب الكتابة في مستويات القراءة."([2] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn2)) فنظرية القراءة أو نظرية التلقي كما يصطلح عليها بعض الدارسين بألمانيا كانت وليدة المدرسة المورفولوجية.
وهذه النظرية اهتمت بمباحث الأدبية كثيرا إذ سعت جاهدة لإبراز مميزات وخصائص الأجناس الأدبية من خلال اختلاف أساليب كتابتها، وتنوعها في مستويات تلقي القراء لها بالإضافة إلى سعي هذه النظرية إلى بلورة معنى الأدبية من خلال الإبداع الذي يشارك فيه الأديب والقارئ -على حد سواء- بعد أن كانت تطرح على نفسها عدة تساؤلات حول هذه القضية المتعلقة بإبداع النصوص الأدبية، ومن بين تلك الأسئلة التي كانت تطرحها نظرية التلقي أو نظرية القراءة هذا السؤال الجوهري الذي شكل محتواه مجالا خصبا للدراسة النقدية لدى المدرسة المورفولوجية وهو:
"هل النص هو الذي أبدعه الروائي؟ أم أن للقراء دورا في إبداعه؟ كما رأى بعض منظري نظرية القراءة."([3] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn3)) هذه النظرية والتي تطورت مع منظرين مثل هانز روبرت جوس(Hans Robert Jouss) وولفنجانج أيزر(Wolfgang Iser) وكانا أستاذين بجامعة كونستانس بألمانيا. وقد ركزا على الدور الذي يلعبه الجمهور في قراءة النصوص الأدبية، حيث قال
أيزر(Iser) وذلك في عام (1988م): "عند التفكير في العمل الأدبي، تركز النظرية الفينومينلوجية تركيزا تاما على الفكرة التي تقول إن على المرء ألا يدخل في اعتباره النص الفعلي فحسب، بل كذلك - وبنفس القدر- يهتم بالأفعال المتضمنة في الاستجابة للنص، ولذلك يتصدى رومان إنجاردن (Roman Ingarden) لبنية النص الأدبي بالطرق التي يمكن بها أن يتحقق هذا النص. فالنص في ذاته يقدم زوايا نظر تخطيطية من خلالها يمكن للنص أن يتكشف و يتبدى إلا أن الحضور الفعلي لا يتم إلا في فعل التحقق."([4] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn4))
فهنا أيزر يوضح أو يلمح للدور الذي يلعبه المتلقي في تحقيق النص وإنجازه فالجمهور المتلقي لا سيما إذا كان ما يتلقاه رواية أو قصة أو حكاية يلعب دورا مهما فيما يمكن أن نسميه تحقق النص(Réalisation of text).
وهذا ما استفادت منه الأدبية كما استفادت من تمييز أيزرIser)) بين قطبين: "الأول فني ويشير إلى العمل الذي يتم بواسطة القارئ (المتلقي)."([5] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn5)) فكأنه أراد القول أن الأعمال الأدبية لا يكون لها وجود إلا بعد قراءتها، وإدراكها من طرف القارئ، وهنا يقول باركلي في شعاره: " الموجود هو المدرك"(To be is to be perceived).
1- 5/ الأدبية بين أحضان مدرسة النقد الجديد:
ساهمت مدرسة النقد الجديد بشكل فعال في تطوير مباحث أدبية لا تقل أهمية عما وضعته الشعرية، والشكلية والأسلوبية والمورفولوجية أو التلقي في رحاب الأدبية. فهذه المدرسة الأنجلو سكسونية التي تميزت "بطرحها لقضايا نقدية جوهرية تعد من صميم الأدبية كالصورة الشعرية، وأنماطها المختلفة كالصور الشعرية الغامضة والساخرة والمتناقضة وخاصة في أبحاث بروكس ويسمات(Prockes Whemsat )، كما يعتبر كتاب "نظرية الأدب" للكاتب( رينيه وليك، وإستين وارين) من أبرز أعمال وبحوث هذه المدرسة."([6] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn6)) التي أخذت منها الأدبية الشيء الكثير.
كما امتدت اهتمامات المدارس الأوربية بالمباحث الأدبية بعد أن هيمنت تحليلات باشلار النفسية الموسعة بفرنسا، وكانت سيطرتها جلية في تلك الفترة، بالإضافة إلى تحليلات سارتر الوجودية النفسية، وهذا يعتبر من أسباب" تأخر وضوح الأدبية بتأخر وضوح مفهوم الشعرية، وتبلورها في أذهان النقاد الفرنسيين، وكان ذلك حوالي النصف الثاني من القرن العشرين بفضل تطور دراسات علم السلالات البشرية مع "ليفي شتراوس"([7] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn7)) ما أدى إلى ظهور المنهج البنيوي الذي تمحورت دراساته البنيوية، في الفترة المتأخرة من القرن العشرين([8] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn8)) حول البنيات السردية، ونظم الخطاب الأدبي وآلياته المختلفة مع رولان بارت وجوليا كريستيفا وجرار جينات وتودوروف.
مما سبق تتضح لنا علاقة الأدبية تاريخيا بالدراسات النقدية الغربية بحيث قامت الشعرية بإنجابها والشكلية قامت برعايتها، والأسلوبية أفادتها كما أفادتها نظرية التلقي الألمانية، ومدرسة النقد الجديد بإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية كما أفادها التحليل البنيوي بفرنسا بعد تأخر ظهورها فيها.::(56)::
(يتبع إنشاء الله تعالى)
([1])سعيد يقطين: تحليل الخطاب الروائي، ص14.
([2])صلاح فضل: نظرية البنائية في النقد الأدبي، مكتبة الأنجلو المصرية، مصر، ط2، 1980م، ص180 ،181.
([3])آرثر أيزر برجر: النقد الثقافي، ص49.
([4])المرجع نفسه، ص57، 58.
([5])المرجع نفسه، ص58.
([6]) صلاح فضل: نظرية البنائية في النقد الأدبي، ص140، 141.
([7])ميشال فوكو: مقال البنيوية والتحليل الأدبي، ترجمة: محمد الخماسي، مجلة العرب والفكر العالمي، عدد خاص النقدوالمصطلح النقدي، العدد الأول، بيروت، 1988م، 18.
([8]) المرجع نفسه، ص19. ألف مبروك .. لقد سعدتم بهذا الموضوع.
le professeur Abdelhalim kabot
kabot@maktoob.com
1ـ 3/الأدبية والأسلوبية:
لم تكتفي الأدبية في بناء هيكلها ومنطقها بالأخذ من الشعرية والشكلية الروسية فحسب، بل مدت يدها لتلتقط من ثمار المدرسة الأسلوبية، بحيث تتقاطع معها في الوحدات الصغرى. "وإن كان هدف الأسلوبية هو اللغة، فإن هدف الأدبية هو علم النص، فهي تستعين بها وتتجاوزها وكلتاهما في النهاية تنضويان تحت الشعرية وهدفها هو إيجاد نظرية علمية للأدب"([1] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn1)) كما سبق القول.
1-4/ الأدبية بين أحضان المدرسة المورفولوجية بألمانيا:
لما كانت الأدبية وليدة الشعرية فقد عرفت هذه الأخيرة رواجا هائلا في الساحة النقدية بين أرجاء ألمانيا. إذ انتقلت إليها في فترة الإبداع الرومانسي الذي عرف بفترة الرومانسيين وتجسدت الدراسات الشعرية فيها من خلال تساؤلات النقاد الألمان عن مميزات الأدب الخاصة، مما عجل بظهور المدرسة المورفولوجية فيها فقد "ظهرت المدرسة المورفولوجية بألمانيا، واعتمدت على التراث الأدبي للشاعر غوت(Gotte) رافضة للنزعة التاريخية ثم اهتمت بوصف أنواع الأدبية، وأساليب الكتابة في مستويات القراءة."([2] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn2)) فنظرية القراءة أو نظرية التلقي كما يصطلح عليها بعض الدارسين بألمانيا كانت وليدة المدرسة المورفولوجية.
وهذه النظرية اهتمت بمباحث الأدبية كثيرا إذ سعت جاهدة لإبراز مميزات وخصائص الأجناس الأدبية من خلال اختلاف أساليب كتابتها، وتنوعها في مستويات تلقي القراء لها بالإضافة إلى سعي هذه النظرية إلى بلورة معنى الأدبية من خلال الإبداع الذي يشارك فيه الأديب والقارئ -على حد سواء- بعد أن كانت تطرح على نفسها عدة تساؤلات حول هذه القضية المتعلقة بإبداع النصوص الأدبية، ومن بين تلك الأسئلة التي كانت تطرحها نظرية التلقي أو نظرية القراءة هذا السؤال الجوهري الذي شكل محتواه مجالا خصبا للدراسة النقدية لدى المدرسة المورفولوجية وهو:
"هل النص هو الذي أبدعه الروائي؟ أم أن للقراء دورا في إبداعه؟ كما رأى بعض منظري نظرية القراءة."([3] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn3)) هذه النظرية والتي تطورت مع منظرين مثل هانز روبرت جوس(Hans Robert Jouss) وولفنجانج أيزر(Wolfgang Iser) وكانا أستاذين بجامعة كونستانس بألمانيا. وقد ركزا على الدور الذي يلعبه الجمهور في قراءة النصوص الأدبية، حيث قال
أيزر(Iser) وذلك في عام (1988م): "عند التفكير في العمل الأدبي، تركز النظرية الفينومينلوجية تركيزا تاما على الفكرة التي تقول إن على المرء ألا يدخل في اعتباره النص الفعلي فحسب، بل كذلك - وبنفس القدر- يهتم بالأفعال المتضمنة في الاستجابة للنص، ولذلك يتصدى رومان إنجاردن (Roman Ingarden) لبنية النص الأدبي بالطرق التي يمكن بها أن يتحقق هذا النص. فالنص في ذاته يقدم زوايا نظر تخطيطية من خلالها يمكن للنص أن يتكشف و يتبدى إلا أن الحضور الفعلي لا يتم إلا في فعل التحقق."([4] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn4))
فهنا أيزر يوضح أو يلمح للدور الذي يلعبه المتلقي في تحقيق النص وإنجازه فالجمهور المتلقي لا سيما إذا كان ما يتلقاه رواية أو قصة أو حكاية يلعب دورا مهما فيما يمكن أن نسميه تحقق النص(Réalisation of text).
وهذا ما استفادت منه الأدبية كما استفادت من تمييز أيزرIser)) بين قطبين: "الأول فني ويشير إلى العمل الذي يتم بواسطة القارئ (المتلقي)."([5] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn5)) فكأنه أراد القول أن الأعمال الأدبية لا يكون لها وجود إلا بعد قراءتها، وإدراكها من طرف القارئ، وهنا يقول باركلي في شعاره: " الموجود هو المدرك"(To be is to be perceived).
1- 5/ الأدبية بين أحضان مدرسة النقد الجديد:
ساهمت مدرسة النقد الجديد بشكل فعال في تطوير مباحث أدبية لا تقل أهمية عما وضعته الشعرية، والشكلية والأسلوبية والمورفولوجية أو التلقي في رحاب الأدبية. فهذه المدرسة الأنجلو سكسونية التي تميزت "بطرحها لقضايا نقدية جوهرية تعد من صميم الأدبية كالصورة الشعرية، وأنماطها المختلفة كالصور الشعرية الغامضة والساخرة والمتناقضة وخاصة في أبحاث بروكس ويسمات(Prockes Whemsat )، كما يعتبر كتاب "نظرية الأدب" للكاتب( رينيه وليك، وإستين وارين) من أبرز أعمال وبحوث هذه المدرسة."([6] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn6)) التي أخذت منها الأدبية الشيء الكثير.
كما امتدت اهتمامات المدارس الأوربية بالمباحث الأدبية بعد أن هيمنت تحليلات باشلار النفسية الموسعة بفرنسا، وكانت سيطرتها جلية في تلك الفترة، بالإضافة إلى تحليلات سارتر الوجودية النفسية، وهذا يعتبر من أسباب" تأخر وضوح الأدبية بتأخر وضوح مفهوم الشعرية، وتبلورها في أذهان النقاد الفرنسيين، وكان ذلك حوالي النصف الثاني من القرن العشرين بفضل تطور دراسات علم السلالات البشرية مع "ليفي شتراوس"([7] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn7)) ما أدى إلى ظهور المنهج البنيوي الذي تمحورت دراساته البنيوية، في الفترة المتأخرة من القرن العشرين([8] (http://www.ksau.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=195#_ftn8)) حول البنيات السردية، ونظم الخطاب الأدبي وآلياته المختلفة مع رولان بارت وجوليا كريستيفا وجرار جينات وتودوروف.
مما سبق تتضح لنا علاقة الأدبية تاريخيا بالدراسات النقدية الغربية بحيث قامت الشعرية بإنجابها والشكلية قامت برعايتها، والأسلوبية أفادتها كما أفادتها نظرية التلقي الألمانية، ومدرسة النقد الجديد بإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية كما أفادها التحليل البنيوي بفرنسا بعد تأخر ظهورها فيها.::(56)::
(يتبع إنشاء الله تعالى)
([1])سعيد يقطين: تحليل الخطاب الروائي، ص14.
([2])صلاح فضل: نظرية البنائية في النقد الأدبي، مكتبة الأنجلو المصرية، مصر، ط2، 1980م، ص180 ،181.
([3])آرثر أيزر برجر: النقد الثقافي، ص49.
([4])المرجع نفسه، ص57، 58.
([5])المرجع نفسه، ص58.
([6]) صلاح فضل: نظرية البنائية في النقد الأدبي، ص140، 141.
([7])ميشال فوكو: مقال البنيوية والتحليل الأدبي، ترجمة: محمد الخماسي، مجلة العرب والفكر العالمي، عدد خاص النقدوالمصطلح النقدي، العدد الأول، بيروت، 1988م، 18.
([8]) المرجع نفسه، ص19. ألف مبروك .. لقد سعدتم بهذا الموضوع.