منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    دمعة قمر

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    دمعة قمر Empty دمعة قمر

    مُساهمة   السبت فبراير 20, 2010 1:09 pm

    تنطلق الفرضيات النصية لنصوص دمعة قمر من احتمالية نصية قائمة على التكثيف الذي يتميز أحيانا بالمباشرة والتقريرية، وأحيانا أخرى تكون في غاية الفنية ،وربما تصل إلى الغموض لكنه ليس غموضا يضيع المعنى ،لكنه غموض يضيع القارئ البسيط الذي ليس لديه خلفية ثقافية تعينه على تعقب النصوص وفهم أساليبها ورسم أحداثها.

    وبما أن النصوص كثيرة ولم نحدد نصا بعينه،وانما ستكون دراستنا لهذه النصوص جميعها على وفق النظرية الأسلوبية التعبيرية أو ما تسمى أحيانا بالأسلوبية العاطفية التي وضع أسسها الألماني (شارل بالي) ،والتي تعتمد على تحليل النصوص من خلال الأثر الذي تتركه في المتلقي وتحرك الجانب العاطفي لديه فيندمج المتلقي لاشعوريا مع النصوص .

    وسنعتمد على نقد النصوص وتحليلها على وفق المستويات التحليلية الثلاث ،وهي :
    أولا المستوى التركيبي:

    للمستوى التركيبي أهمية كبرى في الدراسات الأسلوبية رغم أن الدرس الأسلوبي الحديث لا يقف عند بنية التركيب فحسب بل يكتنه أبعادها الدلالية, والشعر هو بنية ذات عناصر متظافرة معجم وتركيب وصوت،إذ أن أي نص أدبي لايمكن إدراك دلالته إلا من خلال التركيب والسياق ،فيعمل المحلل الأسلوبي على حضورهما معا من اجل الكشف عن دلالتهما ،فالأسلوبي عندما يقف عند هذا المستوى فانه يرصد الجمل والتراكيب والبنية الدلالية القائمة في النص .

    وتتميز نصوص دمعة قمر بالانزياح الدلالي ،وهذا الانزياح ينقل المفردات من مستواها الدلالي السابق إلى مستويات مغايرة تماما كونه الخروج غير المتوقع للكلمات ،وما يعمله الانزياح هنا مفاجأة المتلقي ودمجه في العملية الإبداعية ،وللوقوف عند هذا المستوى نقف على أهم تلك الملامح الأسلوبية وهي :

    1- نسق الاستفهام


    إن الوقوف عند البنية اللسانية للنصوص النثرية يقودنا إلى خصوصية اللغة ،وأقول دون مجاملة إن نصوص دمعة قمر تظهر تمكن في اللغة والتحكم بالحرف وهي نصوص تصل أحيانا إلى الجودة في سلاسة التعبير ،ودائما تأتى تساؤلاتها على محك الإنكار الذي يخرج الاستفهام إلى المعاني المجازية وهي تأتى للسخرية والتهكم من الواقع أو من حالات معينة تترك تأثيرها عليها ففي (لا مهما حصل ) تقول دمعة:

    أأمطرتُ ..أم تغيرت تضاريس صحرائي ؟
    من أين جاءت كلّ هذه الفوضى
    أمرت عاصفة فبعثرت رمالي
    وعاثت الفساد بأجوائي
    ما الذي حصل؟

    يقف هذا النص دون إجابة ربما هو هاجس خفي دفعها إلى تراكم أدوات استفهام اكثر من مرة لكي تزيل ما علق في نفسها من ماضٍ لا تريد له الرجوع ،ولعل هذا الأمر يتأكد من خلال قولها:

    ومر الدهر لا اعي أمسى من يومي
    لا أريد استعادة الماضي
    ولا أهوى أمجادي
    لن أعود إليها مهما حصل

    إذ انه هروب من هذا الواقع الذي لا تريده وحتى أمجادها أصبحت بالنسبة لها ماضٍ أسود ،فهي تعمد إلى استخدام أدوات الاستفهام اكثر من مرة ،وكان الجواب ضمني وان لم تلقَ إجابة لاسئلتها ،فهي لا تريد لحياتها أن تتحول إلى شبه صحراء مجدبة بعد أن مات قلبها وتجمدت المشاعر فيه.

    وفي نصها الآخر (غير مخصص للقراءة )تلجا إلى استخدام أداة الاستفهام (أين و كيف ) ،فتقول :

    أين كنت عندما لجأت إليك
    أين كنت عندما أمسكت بطرفك
    كيف يصحو القلب من موت بعينيك
    ويرتجي من حلو رثائك
    كيف أعطيك ما ليس عندي

    نرى إن هذا النص يجسد مأساة عالقة في نفس دمعة قمر والاستفهام هنا إنكاري فيه تهكم وسخرية ،فهي تسأل عن هذا الشخص أين كنت وأنا بحاجة إليك لكن النص يتقاطع هنا في قولها:

    من يمسح الدمع الذي جفّ بخدي

    إذ أن مسح الدمع يتطلب جريانه وهي تقول جفّ بخدي ،ولكن ربما لشدة وقع المأساة عليها جعلها ترى الدمع يجري وهو جاف يسري على خديها ،وكأنه اصبح جزءا من الخدّ لا يفارقه

    وتبدو دمعة حائرة حيث تقول :

    كيف أعطيك ما ليس عندي
    ابحث جاهدة ولا ألقى الجواب

    هي تعترف إنها لم تلقَ الجواب لسؤالها الحائر والممزق ، وتصل إلى ذروة اليأس والقنوط فتقول :

    ربي ارحمني وأقم الساعة

    وغالبا ما تأتى أسئلة دمعة على محك الإنكار ففي(لو كنا التقينا ) تقول :

    أتظن لو كنا التقينا
    أتراك كنت ستلغي النساء
    وتستبدلهنّ بوجه القمر
    كنت رقصتني كل مساء
    وغازلتني طربا وسحرا
    كنت ستنظم أبياتا لنا
    وتعلمني أصول الشعر


    تبدو دمعة إنها لا تريد إجابة هنا فقد جاء السؤال على محك الإنكار أي إنكار لو كان حدث لكنه لم يحدث وغالبا ما تدور في ذاكرة الكاتبة أسئلة حيرى مثل قولها :

    ألف سؤال يجوب الأفق
    وما من جواب يلوح
    لقاء لو كنا تم يوم أمس
    كنا مررنا كمر السحاب
    فلا ألامس كان يوما لنا
    ولا الحاضر يعزّينا
    لهذا ما التقينا

    إذن هذه الأسئلة والأحلام هي من نسج الخيال لا اللقاء تحقق بوصل هذا الحبيب (هينئا له ) الحاضر الغائب في ثنايا الذاكرة ولا تلك الأسئلة وجدت إجابات .

    2- نسق النفي :
    غالبا ما تنتشر على جسد نصوصها أدوات النفي (لا ولم وليس ..)،ويعد نسق النفي إثبات أيضا لانك لا تنفي شيء إلا تريد إثبات غيره ،وان رصد الملامح الفنية لهذا النسق يقوم على أساس ثنائية النفي والإثبات ,محاولة من الكاتبة للتعبير عن رؤية شخصية أو جماعية تخلق من خلال فنية النص عبر ذلك التعامل بحركة متوازية ينتج عنها إبراز بعض التحولات اسلوبية التي تؤدي باللغة دورها في تشكيل بنية متجانسة تحقق التواصل الانفعالي بين المبدع والمتلقي كما إن لجؤها لهذا البناء التركيبي يؤدي إلى تقليص سياقات النص من خلال الحذف الذي يستند إلى ترك ما متوقع ذكره لدى القارئ .

    وسوف نقف عند بعض نصوصها كما في قولها (رجاء من دمعة قمر):

    لا تبكيني أنا لا استحق البكاء
    لا تشتق لي لأنني لا استحق اللقاء
    لا تناجيني لا تتحمل الشقاء
    لاتنظمني لاتعزفني لاتنشدني
    أنا لا استحق العناء
    أنا لست بشرا أنا لم اكن
    لست ملاكا بلا خطأ
    لست شغفا حتى احن
    لست الدواء لقلب يئن
    لا تتمن لي أي يمن
    أنا لا استحق الهناء
    إن السياق النصي المتراكم بفعل أداتي الاستفهام (لا و ليس ) ينهض من خلال التوظيف المكثف لهذه الأدوات التي تؤدي إلى جانبين دلاليين جانب النفي وجانب الإثبات المتحقق بفعل نفي تلك الصفات التي أثبتتها الكاتبة والإثبات هنا ضمني يعني أن البنية تمارس حساسيتها على البنية الخبرية في اتجاهين إذ تفرض حضورها على الجملة سلبا وإيجابا إذ أن النفي والإثبات رهينة ذلك التعامل اللغوي المتعلق لمجموعة من التصورات والمفهومات التي تنقل إشارات المرسل ورموزه.

    والملاحظ على هذا النص انه يمكن القول في انه يخالف نصوص دمعة إذ أن فيه نظرة تشاؤمية أضافتها الشاعر لنفسها ربما اليأس والقنوط أو هو الشعور بالذنب ،ونرى هنا شيئا يخالف ما اعتدناه في كتاباتها فهي تضفي على نفسها صفات (أنا لست بشرا و لست ملاكا ) هنا تناقض في أسلوبها (لست بشرا لست ملاكا ) ثنائية ضدية ربما هو الشعور بالذنب وحساسية الموقف دفعها إلى هذا التناقض،فضلا عن قولها ملاكا بأخطاء وبشر من دون خطا؟!!!!!
    وهي تقول لا تبكيني فيه نفي وفيه إثبات النفي لا تبكيني والإثبات اضحك في حياتك بعيدا عني وكذلك باقي الأسطر .
    وتظهر في هذه التجربة تناقض ربما هو وليد المعاناة الروحية والعاطفية وهاجس ما دفعها إلى ذلك ،ومن ذلك قولها:

    لست أنا ....أنت مخطئ أكيد
    لاتصورني عدو لدود
    وترغب سفك دمي في الوريد
    وتمن نفسك بازهى الوعود

    لست أنا .... يعني إن هنالك ازدواجية في الرؤيا أو لنقل تناقض على مستوى الإدراك محاولة منها لتخلص من هذا الشخص أو تريد منه أن لا يعرف منها حقيقة ما ،فضلا عما نجده في قولها (وترغب سفك دمي في الوريد)من المعلوم أن سفك الدم يكون من الوريد وليس في الوريد .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 4:51 am