منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    سيميائية النص الأدبي:

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    سيميائية النص الأدبي: Empty سيميائية النص الأدبي:

    مُساهمة   الخميس فبراير 25, 2010 9:47 am

    سيميائية النص الأدبي:

    من الصعب تحديد مصطلح السيميائية نظرا إلى تشعب المنظور الدلالي
    للكلمة، سواء من حيث طبيعتها الكلية أو الجزئية ، غير أن هذا لا يمنع من الإحاطة
    بمبحث دلالة الألفظ في محتواها المنطقي والبلاغي، ضمن ما تدل عليه مباحث اللغة،
    من خلال رصد دائرة المطابقة في بعض ما تتضمنه من دلالات الكلمة، بوصفها ذات
    مستويات عديدة في البناء التركيبي للنظام اللغوي ، سواء من حيث نمط المواصفة، أو
    من خلال الحدود المرسومة ، أو ما ينجز عن ذلك من أداء وصياغة أسلوبية، بما في
    ذلك معاني الحروف والمفردات، كما عبر عن ذلك الساكي في كتابه مفتاح العلوم
    بقوله: إن المفردات رموز على معانيها ، وإن كان هذا لا ينفي وجود فوارق صوتية
    . في مفردات الحروف تختص بها 1
    إن صلة اللفظ بمدلوله من الصفات المميزة لحقل العلامات التي لها طبائع في
    البناء التركيبي لمدلول اللفظ، وما ينتج عنه من إشارات، وعلامات سيميائية، تتدرج
    لتمحور العناصر التكوينية للبناء اللفظي، ذلك أن اللفظ المفرد إما أن يكون معناه
    مستقلا بالمفهومية، بحيث لا يحتاج في فهم معناه الإرادي إلى غيره أو لا يكون كذلك
    2"
    لقد جاءت السيميائية لتقريب العلوم الإنسانية من حقل العلوم التجريبية، وهي تهتم
    بإنتاج العلامات واستخدامها، بحيث تتجّلى الأنظمة السيميولوجية من خلال العلاقات
    بين هذه العلامات.
    والسيميولوجية منهج يهتم بدراسة حياة الدلائل داخل الحياة الاجتماعية، ويحيلنا الى
    معرفة كنه هذه الدلائل، وعّلتها، وكينونتها، ومجمل القوانين، التي تحكمها. فالكون
    -------------------------------------
    - 1 مفتاح العلوم الانسانية 151
    . - 2 محمد عبد المطلب : مفهوم العلامة في التراث ، مجلة فصول، ع 4 ، مج ، 1986 6


    مركب من دلائل، وبذلك كانت السيميولوجيا بحسب دي سوسير " علم يعرفنا على
    وظيفة هذه الدلائل والقوانين التي تتحكم فيها" 3 ويعمل من جهة على دراستها بكل
    أبعادها، وأستعمالاتها، وتعقيداتها دراسة شاملة، وعامة، لكل مظاهرها العلامية؛
    لأن ذلك يشكل جوهر ما يندرج ضمن أهدافها، وغاياتها، ومطامحها، في تحقيق
    المشروع السيميولوجي الذي يرمي من وجهة نظر [ هينو ] " الى تأسيس وعي بنيوي
    للاستقراء الدلالي، ويعني ذلك وصف القواعد العامة لإنتاج المعنى الإنساني وصفا
    دقيقا " 4 ؛ وفي ذلك محاولة لفك رموز الخطاب، والاهتمام بخلية النص من حيث كونه
    مولدا لمجموع من العلاقات والرموز، ذات مدلولات لا يمكن الكشف عنها إلا من
    خلال العلاقات الجدلية القائمة بينها؛ إذ " الطبيعة الحقيقية للأشياء لا تكمن في الأشياء
    . نفسها، بل في العلاقات التي نك  ونها، ثم ندركها بين الأشياء 5
    ومع ذلك ما يزال المشروع السيميولوجي رهين المغامرة. فهو علم مستحدث
    اصطلاحيا، لكنه قديم قدم الإنسان في تجاربه واحتكاكه بالكون وبالطبيعة ، وهو حقل
    علمي واسع ومتنوع يقارب المسعى الفكري في إدراك العلاقات بين العلامات . ونظرا
    إلى ذلك فهو يستند إلى علوم مختلفة ويلتمس مشروعيته من مجالات إبستيمولوجية
    متداخلة ، كما أنه لم يستقم بعد كعلم خاص له أدواته المعرفية الخاصة، وأطره
    وأجهزته المميزة. ولعل علم النفس العام هو السند الأكبر له، لكون هذه الدلائل ذات
    طابع اجتماعي نفسي، ومن ثم فقد تبنى دي سوسير " آدم الألسنة " سيكولوجية
    اجتماعية لتدعيم منحاه السيميولوجي. وعلى الرغم من ذلك ، ما يزال هذا الحقل
    متضمنا في علوم أخرى ما دمنا نفتقد إلى مفتاح ندخل به إلى عالمه وهو ينحو إلى
    التجريد والشمولية . وتظل، إلى جانب ذلك، معظم المقاربات التحليلية حول المفاهيم
    والأبعاد السيميائية تعاني غيابا للمنهج المعاصر في مواصلة البحث السيميولوجي الذي
    يحوم حول الموضوع ولا يدخله.
    --------------------------------------
    - 3 حنون مبارك : دروس في السيميائيات، دار توبقال للنشر، المغرب، ص 79
    - 4 محمد الناصر العجمي: مدخل الى نظرية غريماص السردية / الفكر العربي المعاصر
    . 1990 ، ص 80 – 79/ ،ع/ 78
    . - 5 ترنس هوكز: البنيوية وعلم الإشارة ، بغداد، 1986 ، ص 14


    وعلى الرغم من المحاولات الجادة في السعي إلى توسيع هذا الحقل وتقريبه
    إلى الأذهان إلا أنه ظل يشكو عدم القدرة على تحديد توجهاته. ومن أسباب ذلك عدم
    تمكنه من الأداة المعرفية التي يطرح بها إشكالاته من منظور جدلي وفقدان الفكر
    الديالكتيكي الذي يبث من خلال رؤاه. وإن اتخذ المصطلح مفهوما مشتركا وهو دراسة
    حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعية، إلا أن كيفية الطرح والمعالجة تختلف، مما
    أفضى إلى تعددية الخطاب السيميائي، فمنهم من يحيله إلى مجرد خطوط بيانية تحصر
    جدلية الطرح في أطر أو مثلثات، ومنهم من قلص فضاءه ليحيله إلى معادلة ثنائية لا
    تتعدى العلاقة فيها طرفيها ، وهذا ما غيب الجانب الديناميكي والحركي لهذا الحقل؛
    ليظل طيلة السنوات الأخيرة مجرد حقل تجارب يستمد خبراته من مختبر العلوم
    الأخرى بما فيها الرياضيات، والمنطق، وعلم النفس، وغيره من العلوم التي أحالته إلى
    محض ممارسة مجانية. إلا أن هذا الجدل في الرؤيا والتعددية في الطرح، أكسب
    السيميولوجيا وجودا مغايرا ومفهوما مناقضا للأفكار السابقة في ميدان ممارساتها،
    ومجال استعمالاتها، فاتخذت من الممارسات الفنية أوسع فضاء لها.
    لقد تعددت المفاهيم السيميولوجية في أدبيات النقاد، والألسنيين، والفلاسفة، مما
    أقضى إلى ظهور سيميولوجيات متولدة عن التعارض في المنطلقات والتصورات.
    ، وتتمثل هذه الأختلافات في التعارض " من حيث النظريات السيميوطيقية المتناثرة " 6
    والمفترحة من قبل المنظرين، وفي البعد التصوري لما يمكن أن يخلق نظرية
    سيميولوجية، وقد نتجت هذه الأختلافات من تعددية القراءة لمفاهيم دي سوسير، وما
    نجم عنها من تأويلات أعطت أبعادا وتصورات جديدة لهذا الحقل، من حيث الطرح
    والرؤيا وتجاوز العهد الذي طغت فيه اللغويات وسيطرت فيه العلامة. فمنهم من
    يمنطق هذا الحقل بحيث يجعله مرادفا للمنطق ، والرائد في هذا بيرس الذي يقول: "
    إن المنطق في معناه العام ليس إلا كلمة أخرى للسيميوطيقا " 7 . وعلى الرغم من أن
    معظم الأطروحات السيميائية تتخذ من الظواهر الاجتماعية على اعتبار أنها دوال
    ----------------------------------
    . - 6 مارسيلو داسكال: الاتجاهات السيميولوجية المعاصرة، المغرب ، 1987 ، ص 18
    . - 7 أمينة رشيد: السيموطيقا، مفاهيم وأبعاد، مجلة الفصول، م 1،ع 1981،3


    لها مدلولات موضوعا لها، فقد جاءت " السيميوطيقا لتكون العلم الذي يدرس بنية
    الإشارات وعلائقها " 8 إلا أن هذا العلم لم يستوف مقوماته المعرفية، وقدراته
    المنهجية، لتحقيق استقلالية طموحة تخرج عن دوائر اللغويات ومستويات الطرح
    الأحادي، وربما يكون تودوروف من الذين ثاروا على طغيان الألسنية التي جعلت من
    نفسها نموذجا سميولوجيا، ومن ثم فقد دعا هذا الباحث إلى تحرر هذا العلم وألح على
    أنه "يجب على السيميوطيقا أن تدخل عهدها الثالث الذي يصبح فيه العلم المستقل القائم
    على تمييز العلامات والرموز" 9 . وفي المقابل تطل علينا كريستيفا ياستقراء لا محدود
    لعالم الرموز والإشارات اللامحدودة، وتنطلق من جدلية النص والذات لتعلن أن "
    السيميولوجيا هي لحظة التفكير في قوانين التدليل دون أن تبقى أسيرة اللغة التواصلية
    التي تخلو من مكان الذات" 10 ، وتقصد باللغة، هنا، اللغة الأداتية أو الوسيطة، أو الناقلة
    التي هي كائنة من أجل الإيصال وحسب، ولكن ما عساه يكون هذا التدليل؟.
    إن كريستيفا تنتشلنا من التساؤل لتقول إن تفكيك الدليل، وخلق فضاء جديد، من
    المواقع القابلة للقلب والتأليب، ذلك هو فضاء التدليل، وهذه مساهمة جريئة لا تخلو من
    رؤيا جديدة، وإذا كانت محاولات بعض اللغويين، والفلاسفة، والمنظرين لعلم
    السيميولوجية قد حققت بعض المنجزات وحّلقت بعيدا، محاولة الإلمام بمجالات شتى
    في ممارسات جمة، فإنها أخفقت في بلورة مفاهيمها وتصوراتها في نظرية عامة،
    ورؤيا شاملة، تستوعب الواقع والذات. فما يكاد هذا الحقل يستقر حتى يتزعزع هدوؤه
    المزعوم، وربما مآل ذلك الى ما ينطبق عليه القاموس السيميوطيقي من مصطلحات،
    كالمؤشر، والأيقونة، والإشارة، والدليل، والتواصل، والشفيرة، والمؤول،
    والعلامة،....إلخ، إلا أن ثراء القاموس وإن كان لا يؤدي بالضرورة الى حقائق
    مسلم بها فما هو إلا نتيجة لكثرة رواده وتباين اتجاهاته. فتعددت بذلك فروع
    السيميولوجية وتقاطعت اتجاهاتها ولم يظهر هذا التنوع، والتفرع، والتصور،
    ------------------------------
    . - 8 بيير جيرو:علم الإشارة، دار طلاس، دمشق، ص 9
    - 9 مجلة فصول العدد السابق ص 47
    -10 مارسيلو داسكال: الإتجاهات السيميولوجية المعاصرة ص 70


    والاستعمال. وهذا يعكس ما ذهبت إليه جان مرتيني في تحديدها للاتجاهات الثلاثة
    للسيميولوجية 11 ، بحيث يتناولها الاتجاه الأول ممثلا في "مونان " من حيث الاتصال،
    ويستعملها الثاني على مستوى الدلالة "بارت" بينما يستخدمها الثالث " موريس" في
    جميع استعمالاتها، وهذا ما أثار إشكالية الدلالة والاتصال، ومن ثم تعددت أشكال،
    وأنماط ،وأوصاف الاتصال، انطلاقا من السلوك الاتصالي الحيواني الى الأنظمة
    الترميزية البشرية. وبما أن التواصل يكون بوساطة الأنظمة من العلامات الدالة، فلا
    ينبغي له أن يتم بين أحداث دالة ف " إنتاج الإعلام عبر إشارات هو الموضوع
    الأساسي لعلم السيميولوجية 12 الذي هو بحث في ماهية هذه الإشارات، وعّلتها، وكيفية
    حدوثها، أو انتاجها ووظيفتها، والقوانين التي تتحكم بها.
    ---------------------------
    -11 مجلة فصول، العدد السابق ص 43
    . - 12 المرجع نفسه، ص 44


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 6:15 am