منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    السميائيات مفاهيمها وتطبيقاته

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    السميائيات مفاهيمها وتطبيقاته Empty السميائيات مفاهيمها وتطبيقاته

    مُساهمة   الخميس فبراير 25, 2010 2:48 pm

    السميائيات مفاهيمها وتطبيقاته

    * سعيد بوعيطة.

    حين بلور العالم اللغوي فردينان دو سوسير نظريته اللسانية، أشار بأنها ستندرج ضمن نظرية شاملة، تتجلى في السميولوجيا، لكن إلى مرحلة متأخرة، (في فرنسا على الأقل) شكل الفيلسوف الأمريكي سارل ساندرس بيرس أهم مصدر للسميولوجيا على الرغم من كون أغلب تصوراته المعرفية، يلفها نوع من الغموض لتشعب اهتماماته، وعدم وضوح الرؤيا الفكرية لديه. وفي المنحى الفلسفي نفسه، شكل كتاب –فلسفة الأشكال الرمزية- لصاحبه إرنست كاسيرر مصدرا هاما من المصادر ذات البعد المنطقي، فتجلت في أعمال كل من فريج مرورا ب : روسل وكارناب وصولا إلى الفيلسوف الأمريكي سارل موريس في أسس نظرية العلامة –في حين استند آخرون إلى الار السوسيري والبحث عن قيمه اللفظية داخل المنظومات الأخرى، وعلى رأسهم إريك بوسين وفي الحقبة نفسها، برزت اللسانيات البنيوية تجلت في أعمال كل من "رومان جاكيسون، بالمسلف، وبنفست تنطلق من تصورات سيمولوجية لتحدد أهمية اللغة داخل المنظومات الأخرى (غير اللغوية) أما داخل المنظومة الفنية فنجد أحد أقطاب حلقة براغ وهو جان موكارفسكي واقتفت أثره الباحثة الأمريكية سوزان لنيجر التي ميزت بين المنظومة الفنية والمنظومة اللسانية.


    بعد الحرب العالمية الثانية، تم جمع هذا الموروث السميائي خاصة في كل من :أمريكا، فرنسا والإتحاد السوفياتي، وبرزت أعمال هامة مع كل من كلودليفي ستراوس في مجال الانثروبولوجي رولاند في مجال النقد الأدبي، وغريماس في مجال السرديات، فتشعبت بذلك حقول اهتماماتها. لكن على الرغم من ذلك، فإن السميولوجيا لا تزال غامضة الملامح نظرا لتشعب حقول اهتماماتها، وتعدد مرجعياتها وتباين مصطلحاتها ومفاهيمها من باحث لآخر، ومن حقل مغربي لآخر. هذا الغموض والتباين، هو ما حاول الدكتور سعيد بنكراد، تفكيكه وتبيانه في كتابه الأخير -السميائيات/ مفاهيمها وتطبيقاتها- الصادر عن مطبعة النجاح (الدار البيضاء-المغرب) دجنبر 2003، في 183 صفحة (منشورات الزمن).
    يقوم الكتاب على ثمانية فصول، تناول في كل فصل قضية معينة، في مقدمة الكتاب حاول الباحث سعيد بنكراد، الوقوف عند أهم المحطات التاريخية(بنوع من الايجاز) للسميائيات مشيرا إلى أن "حالة النضج التي وصت إليها السميائيات استدعت التفكير في كتابة تاريخ يرسم الخط التصاعدي لهذا العلم الجديد. ص 7 .

    إن أي تاريخ محتمل لهذا النشاط المعرفي، يفترض (بشكل قبلي) تحديد متابعة الأولى استنادا إلى هذا التمييز، يمكن تناول تاريخ السميائيات من زاويتين : تتعلق الأولى بتقديم عرض واف من التصورات الأولى المؤسسة للسميائيات وتتعلق الثانية بتحديد موضوعاتها المتنوعة فاستحضار النماذج المؤسسة، يمكن من تجنب الإغراق في التفاصيل الدقيقة الخاصة بكل تيار على حدة، وسيمكن الحديث عن الإمتدادات من حصر الموضوع في التصور الذي تقده السميائيات عن السميوز (السيرورة الدلالية) باعتبارها الحجر الأساس في كل فعل سميائي.
    استنادا إلى مرحلتي التأسيس هاتين، يمكن صياغة تواريخ لسميائيات متعددة، يمكن الحديثة عن تاريخ للسميائيات السردية، كما يمكن أن نكتب تاريخ سميائيات الصورة، وآخر لسميات المسرح والسينما. وهكذا دواليك. لقد تطورت استنادا إلى مقترحات سوسير وبورس في مجال دراسة العلامة، توجهات سميائية متعددة لذا فإننا نجد –في انتقالنا من واقعة إلى أخرى –أنفسنا أمام سلسلة من المفاهيم. لقد تناول الباحث وجهة نظر المؤسسين: بورس وسوسير وحدد موقعيهما من التطورات التي عرفتها السميائيات في الثلث الأخير من القرن العشرين.

    أما في الفصل المعنون ب –السميائيات وموضوعها- فقد تناول الدكتور بنكراد السميائيات من حيث الموضوع والأصول الفلسفية العامة والإمتداد في التاريخ القديم والحديث لكونها نشاطا معرفيا، بالغ الخصوصية من حيث أصوله وامتداداته ومن حيث مردوديته وأساليبه التحليلية بعد أن أبرز الباحث بنكراد مكانة هذا النشاط المعرفي (السميائيات) وقد ارتبط هذا النشاط المعرفي بالأعمال الفلسفية الكبرى. إذ يمكن القول بأن فلسفة اللغة من الرواقيين إلى كاسيرير ومن الفروسطين إلى فيكو. ومن القديس أوغستين إلى فتغنشتاين، لم تكف عن مساءلة أنساق العلامات، وبهذا تكون هذه الفلسفات قد طرحت بشكل جدري قضية السميائيات. لهذا يتعذر (أحيانا) فهم بعض التصورات السميائية (مدرسة باريس مثل)، دون التعرف على المبادئ الفلسفية التي تحكم تصورها للمعنى. والشيء نفسه عند الفيلسوف والسميائي الأمريكي شارل سندرس بيرس.

    لم يقف الباحث عند هذه الأصول المعرفية (الفلسفية للسميائيات)، بل عمل على البحث في موضوعها وحدودها النظرية ومبادئها التحليلية، إن السميائيات لا تنفرد بموضوع خاص بها، بل تهتم بكل ما ينتمي إلى التجربة الإنسانية العادية شريطة أن تكون هذه الموضوعات جزءا من سيرورة دلالية. فكل مظاهر الوجود اليومي للإنسان، تشكل موضوعا للسميائيات. وبشكل عام فالموضوع الرئيسي للسميائيات هو السيرورة المؤدية إلى إنتاج الدلالة أي ما يطلق عليه في الاصطلاح السميائي : السميوز إن هذا الأخير (في التصور الدلالي الغربي) هو الفعل المؤدي إلى إنتاج الدلالات وتداولها. أو وظيفة السميائية في اصطلاح لويس هالمسيف، بعد ذلك ناقش مفاهيم عدة : اللفظ الدلالة، العلامة، الخ.ويخلص الباحث في هذا الفصل إلى كون السميائيات عبارة عن نظرية خاصة بالمعنى، وليس مجرد رصد لعلامة معزولة. لهذا فإن السميائيات يجب أن تقودنا في كل عملية تحليلية إلى إنتاج معرفة لا مجرد الوقوف عند تحديد مكونات الواقعة المدروسة ورصد تنويعاتها الممكنة.



    في الفصل الثاني –سوسير، السيميولوجيا : علم للعلامات- ناقش الباحث في هذا الفصل، أهم المفاهيم والطروحات الفكرية عند سوسير كما جاءت في كتابه –دروس في اللسانيات العامة أهمها اللسان،الكلام،اللغة والأنساق المكونة للغات الإنسانية في ترابطاتها وعلاقاتها البالغة التنوع. هذه العلاقات التي حددها –كذلك- بنفست في ثلاثة :

    أ-علاقة قائمة على وجود تناظر بين نسقين أو أكثر.

    ب-العلاقة الثانية : هي من طبيعة توليدية.

    ج-العلاقة الثالثة : وهي أهم هذه العلاقات، هي العلاقة التأويلية، بمعنى أن نسقا ما يصبح أداة لتأويل الأنساق الأخرى، وقد ركز على مفهوم اللسان، باعتباره أداة للتعيين وأداة للتصنيف وأداة للتقطيع المفهومي. إن موقع اللسان هذا هو الذي يجعل منه بوابة رئيسية نحو فهم مناطق جديدة من الإنساني والإجتماعي وتحديد أنماط التدليل والتواصل داخلها.



    عكس ما ذهب إليه ش،س، بيرس الذي جعل من السميائيات مادة أصيلة لمقاربة مجمل الأنساق المكونة للتجربة الإنسانية. مستعينا في ذلك بالفينومينولوجيا والمنطق والتأويل. بعد ذلك فصل الباحث بنكراد القول في مفاهيم عدة: اللسان،الكلام،وحدد خصائص كل منهما كما جاءا في التراث السوسيري. إن آلية تحديد الفكر اللغوي عند سوسير، بدأت مع التعريف الذي يخص به العلامة ووظيفتها وموقعها ومكوناتها، تماما كما فعل من قبل مع اللسان. الذي اعتبره مهدا لهذه العلامات. ناقش الباحث الطابع المزدوج للعلامة Signe فهي صوت ومعنى في الوقت نفسه. حامل ومحمول إنه دال ومدلول. والعلاقة الرابطة بينهما، علاقة اعتباطية. بمعنى غياب منطق عقلي يبرر العلاقة بين الدال والمدلول على الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى التصور السوسيري. لمفهوم الإعتباطية. فإن قيمته المعرفية ومردوديته التحليلية، لا يمكن إنكارها. تلك بعض المبادئ الأساسية التي اعتمدها سوسير في بناء صرحه النظري. إن هذا البناء، سيشكل الملاذ النظري للسميولوجيا. ولئن كان سوسير لم يتناول هذا العلم إلا بشكل عرضي وبصيغة مستقبلية. فقد نظر إليه مع ذلك باعتباره الأب المؤسس لهذا العلم. فالمعرفة السميولوجية مستمدة في جانب كبير منها من المعرفة اللسانية. وإذا كانت مجهودات سوسير السميولوجية قد وفقت عند هذا الحد. فإن الهزة العنيفة التي أحدثها نموذجه المعرفي في تناول الوقائع اللسانية، سيمتد صداها إلى علوم مجاورة وجدت في هذا النموذج ضالتها المنشودة. كما هو الشأن عند ليفي شتراوس وجاك لاكان، إن هذا ما سيحاول الباحث بنكراد تبيانه من خلال حديثه عن الأنساق غير اللسانية. كالصورة واللغة الإيمائية في الفصل الرابع والفصل الخامس والفصل السادس.



    في الفصل الثالث –بورس : السميائيات نظرية تأويلية: في هذا الفصل، حاول الباحث بنكراد إيضاح الأسس المعرفية عند الفيلسوف والسميائي الأمريكي شارل سندرس بيرس (1839-1914). إن هذه الأسس لا تنفصل من جهة عن المنطق باعتباره القواعد الأساسية للتفكير والحصول على الدلالات المتنوعة. ولا تنفصل كذلك من جهة ثانية عن الفينومينولوجيا باعتبارها منطقا صلبا لتحديد الإدراك وسيروراته ولحظاته، فهي باعتبارها تبحث في الأصول الأولية لانبثاق المعنى من الفعل الإنساني، تقتضي في تصوره، النظر إليها باعتبارها طرقا استدلالية يتم بموجبها الحصول على الدلالات وتداولها. إن هذا ما دفع بورس إلى تعريف السميائيات باعتبارها منطقا. إن هذا الأخير في معناه العام –حسب بورس- ليس سوى تسمية أخرى للسميائيات. تلك النظرية شبه الضرورة والشكلية للعلامات C.S Piirce Ecrit sur le signe, seuil, 1987 . إن تصنيف الدلالات تشكل غاية من غايات التأويل-إما باعتباره حصيلة سيرورة قياسية أو حصيلة لسيرورة استدلالية أو هي نتائج سيرورة اقتراضية. لهذا لا يمكن فهم التصور البورسي للعلامة، إلا من خلال استيعاب الميكانيزمات الادراكية كما تصنفها هذه السيرورة، إذ لا يشكل التعريف الذي يقدمه بورس للعلامة سوى الوجه المرئي الاجرائي لرؤية فلسفية ترى في التجربة الانسانية كلها كيانا منظما من خلال مقولات، تشير إلى سيرورة إدراكية غير مرئية. تلك كانت التربة التي سينبت فيها بورس تصوره الفينومينولوجي. فالسميائيات حقل شاسع وثري. إنه بذلك قادر على استيعاب كل معطيات التجربة الإنسانية وتحليلها وتصنيفها وتحديد مناطق التدليل داخلها.



    تناول الباحث –في الفصل نفسه- مفهوم العلامة. إنها الوجه الآخر لإواليات الإدراك. لذا لا يمكن تصور سميائيات مفصولة عن عملية إدراك الذات وإدراك الآخر. وإدراك –الأنا- وإدراك العالم الذي تتحرك داخله هذه –الأنا- فالعلامة هي مأثول يحيل إلى موضوع عبر مؤول هذه الحركة (سلسلة الإحالات)، هي ما يشكل في نظرية بورس ما يطلق عليه السيميوز أي النشاط الترميزي الذي يقود إلى إنتاج الدلالة وتداولها. يمكن تفسير هذا التصور من خلال خاصيتين تعتبران أساسيتين في التصور البورسي لاشتغال ووجود العلامة.

    أ-الخاصية الأولى : تعود إلى كون السميائيات عند بورس ليست مرتبطة باللسانيات فموضوع دراستها لا يختصر في اللسان ذلك أن التجربة الإنسانية (واللسان جزء منها. (هي موضوع السميائيات البورسية.

    ب- الخاصية الثانية : تعود إلى نمط التصور الذي يحكم العلاقة الرابطة بين الانسان ومحيطه. علاقة غير مباشرة يحكمها مبدأ التوسط (ما يطلق عليه كاسيرير أشكال الرمزية) هذا هو البناء العام للعلامة. وذلك هو موقعها داخل التجربة الإنسانية. وتلك هي وظيفتها في الإبداع والإدراك وإنتاج الدلالات.

    بعد ذلك، ناقش الباحث بنكراد مفاهيم عدة الماثول والموضوع، المؤول، هذا الأخير بمثابة ثالث عنصر داخل نسيج السميوز،لكنه عمادها وبؤرتها الرئيسية.

    في هذا الفصل، قدم الباحث عرضا عاما للأسس المركزية للسميائيات كما تتجلى من خلال بناء العلامة واشتغالها. والعلامة في هذه الحالة مبنية على العرف والتواضع. ولقد وفر هذا التوزيع إطارا عاما لدراسة الانساق البصرية، خاصة ما يتعلق بالصورة وإواليات إنتاجها للدلالات.

    أما الفصل الرابع- سيمولوجيا الأنساق البصرية- (الصورة نموذجا) فقد أكد الباحث –من خلاله- بأن المعطيات الموصوفة في النموذج اللساني، يمكن أن يتحول إلى كوة نطل من خلالها على الأنساق غير اللسانية. فالقوانين التي تتحكم في اشتغال الأنساق الأخرى مبنية وفق قوانين اللسان. هكذا تصور سوير السميولوجيا. وفق هذا المنطق، حدد موضوعها وتخومها. هذه المعطيات تقدم معرفة أولية ستقود السميولوجيا إلى الاستقلال بنفسها والبحث عن هويتها من خلال تبني ما يوفره النموذج اللساني من أدوات ومفاهيم وأساليب في التحليل والرؤية وبناء عليه، يمكن القول أن كل الصيغ التعبيرية التي تشتم منها رائحة التعليل يجب أن تقصى من ميدان السميولوجيا فدلالاتها ليست حصيلة تسنين، بل هي معطاة من خلال التشابه أو التجاوز. وقد ناقش الباحث مفهوم الاعتباطية من خلال ما تناوله أ.إيكو إن هذا ما مكن الباحث من الفصل، داخل تحليل الصورة. بين مستويين. ما يعود إلى الإدراك (كيف ندرك الصورة) وما يعود إلى إنتاج الدلالة (كيف يأتي المعنى إلى الصورة) وهما عمليتان مختلفتان ولا ترتبطان بنفس الإشكالية في هذا الإطار. نقاش الباحث : الصورة والسنن الإدراكي، الصورة وإنتاج المعنى ليخلص-في هذا الفصل- إلى الإدراكي، الصورة وإنتاج المعنى ليخلص-في هذا الفصل- إلى كون مجمل الدلالات التي تثيرها الصورة من خلال بعديها الأيقوني والتشكيلي، ليست وليدة مادة مضمونية دالة من تلقاء ذاتها وليست وليدة معاني قادة ومثبتة في أشكال لا تتغير. إنها أبعاد انتروبولوجية مشتقة من الوجود الإنساني ذاته.

    في الفصل الخامس –جمع بصيغة المفرد- (قراءة سميائية في ألبوم فوتوغرافي) قدم الباحث سعيد بنكراد، قراءة سميولوجية لمجموعة من الصور التي يشتمل عليها ألبوم فوتوغرافي من إنجاز مصور فوتوغرافي مغربي معروف هو داود اولاد السيد وقد تعامل الباحث مع هذا الألبوم باعتباره يشكل وحدة منسجمة لها امتدادات في ذاتها من خلال عناصرها المكونة. وهو بذلك يشتغل كنص يحيل، كما تحيل كل النصوص على كون أو أكوان دلالية محدودة في الزمان وفي المكان ناقش مجموعة قضايا:

    1- مقاربة جمع بصيغة المفرد

    2- ذات التصوير وأخرى للتجريد

    3-المشهد السردي وانسياب النظرة

    4- عودة إلى المفرد .

    صور تنتج الإنسان الغريب وفي ذات الوقت السجل الأيفونوغرافي القادر على استيعابه.

    في الفصل السادس –سميائيات النسق الإيماني (الجسد ولغاته)

    حاول تقديم قراءة لنسق إيماني يتسم بالتعميد والتركيب إذ اعتمد الباحث المعرفة السميولوجية التي تبيح التعامل مع الجسد باعتباره نسقا تواصليا. له امتدادات في كل مناحي الحياة العاطفية والعقلية والمناخية. إن هذه القراءة، تسعى إلى الكشف عن الطريقة التي ينتج بها الجسد دلالاته والدلالات هنا هي مجمل الطاقات التعبيرية الكامنة في الجسد (مع تجاوز البعد النفعي المباشر للجسد) وتوجيه الاهتمام إلى استعمالاته الاستعارية المتنوعة وكما هو الحال في التعامل مع اللسان من خلال هذا التصور. ناقش الباحث :

    1-الجسد الشيء والحجم الإنساني 2- الدال الجسدي : تداخل العملي والثقافي

    3- العضو بين الحجم الثقافي والبعد العملي.

    4-امتدادات الجسد خارج نفسه.

    5- الجسد :السكون والرغبة وسلطة الأشكال.



    ليصل إلى كون الجسد واقعة اجتماعية، ومن ثم فهو واقعة دالة. فهو يدل باعتباره موضوعا. ويدل باعتباره حجما إنسانيا ويدل باعتباره شكلا إنه علامة.

    وككل العلامات لا يدرك إلا من خلال استعماله فكل استعمال يحيل على نسق وكل نسق يحيل على دلالة مثبتة في سجل الذات وسجل الجسد وسجل الأشياء.

    في الفصل السابع –بين التعدد التأويلي والمعنى الأحادي – حاول الباحث تقديم بعض الملاحظات الخاصة بالمعنى استنادا إلى التصورات النظرية التي تناولها في الفصول الثلاثة الأولى، غايته في ذلك رفع بعض الالتباس الذي علق بالدراسات الأدبية الحديثة.



    حاول من خلال ذلك الإجابة عن أسئلة محددة. تقترب من المعنى.

    أ-كيف تتشكل الواقعة. وتتحول إلى كيان مستقل بحدود وقواعد خاصة للإشتغال؟

    ب-كيف يأتي المعنى إلى الواقعة؟

    ج- كيف يمكن الفصل بين الواقعة لتحققه والنسق المولد بها؟

    وهل الواقعة مجرد تحقق شبيه بكل التحققات الأخرى أم أن كل تحقق يقوم بإغناء المادة المضمونية وينوع من أشكال حضورها؟

    تناول الباحث هذه الأسئلة وعالج من خلالها قضايا عدة :

    1-المعنى بين المحايثة والتحقق.

    2- المعنى بين الذاتية.

    3-الأديولوجيا وإنتاج المعنى.

    أما في الفصل الأخير/الثامن –مفاهيم سميائية-فقد قام الباحث بتقديم مجموعة من المفاهيم التي تشكل الحجر الأساس التي أنبنت عليه السيميائيات وتشكلت كنشاط معرفي مستقل. مفاهيم عرفت انتشارا داخل البنيوية في بداية الستينات لتصبح بعد ذلك مفاهيم مركزية يتم من خلالها فهم النص وإنجاز قراءاته من أهمها مفهوم المحايثة. إن لهذا الأخير أصولا غير التي اثبتتها البنيوية في تفاصيل تحاليلها. فالمحايثة هي ما هو معطى بشكل سابق على الفعل الانساني وتمفصلاته. فهي كما يشير لالاند مرتبطة بنشاطين: نشاط يحيل على كل ماهو موجود بشكل ثابت وقار عند كائن ما. وآخر يحيل على ما يصدر عن كائن ما. معبرا عن طبيعته الأصيلة المفهوم الثاني الذي تناوله الباحث، هو مفهوم السيميوز (السيرورة المنتجة للدلالة). فالدلالة-من خلال هذا المفهوم- هي سيرورة وليست معطى جاهزا وسابقا على الفعل. إن هذه السيرورة هي ما يطلق عليه في السميائيات السميوز (بورس) أو الوظيفة السميائية (هالمليف).

    المفهوم الثالث – المعنى استنادا إلى مفهوم المحايثة ومفهوم السيميوز يمكن تناول المعنى تحديد مداراته وأشكال تجليه. فالمعنى من المفاهيم التي تستعصي على التحديد والضبط. وعلى الرغم من أن الإستعمال العادي لا يميز إلا نادرا بين المعنى والدلالة، فإن الفرق بينهما شاسع وكبير في المسليف نفسه. يجعل من المعنى المادة التي تشتق منها الدلالات. أما غريماس فتناوله من زاويتين: تسمح الأولى بالقيام بعمليات الشرح والسنينات التي تنقلها من سنن إلى أخرى والثانية باعتباره ما يؤسس النشاط الانساني منظورا إليه كقصدية.المفاهيم الأخرى التي تناولها الباحث هي: الدلالة، التأويل، مستويات الدلالة، الرمز، الخ.



    تأتي أهمية الكتاب من كونه يعمل على تبسيط مفاهيم وأسس هذا الحقل المعرفي/السميائيات كما أن اشتغال الكتاب على فصول نظرية وأخرى تطبيقية، أبعد عن كل تعقيد وغموض. إن هذا لمسناه عند قراءتنا لكتاب آخر للباحث بنكراد.

    -السميائيات السردية-(الصادر عن السلسلة نفسها2001). هذه الخصائص والمميزات قد تحدد الرؤيا النقدية عند الباحث سعيد بنكراد.

    قراءة لكتاب: بنكراد(سعيد) السميائيات، مفاهيمها وتطبيقاتها،ط1 مطبعة النجاح الجديدة (منشورات الزمن) الدار البيضاء،2003 ص،138


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 4:54 am