المنهج البنيوي والاسس العلمية
عبد الله الخطيب
ان المنهج البنيوي المعاصر يعتمد (الوضعية الجديدة) ـ التيار الذاتي في فلسفة القرن العشرين. ان هذا التيار ينكر ان للفلسفة نظرة شاملة للعالم، ويرفض (علاقة وعي الانسان) بالوجود، أي علاقة الانسان بالطبيعة والمجتمع مما جعل من (البنيوية) منهجا مجردا يعتمد (الحدس) بعيدا عن تأثير ذات الانسان الفاعلة التي هي حصيلة التفاعل العام والشامل مع الوجود، واساس هذا المنهج هو (ابعاد) الانسان القوة العاقلة الوحيدة وبوعي لتطور الحياة بصورة شاملة،لذلك اصبح المنظور (البنيوي) للوجود لا علاقة له (بكينونته) وبكينونة الانسان التأريخية والاجتماعية، بل بالعلاقات (الشكلية) التي تعتمد (المنطق الصوري) الاستاتيكي للاشياء التي تعكس (الكل) المجرد والظاهري الذي لايدل على أي (جوهر) لها وان تلك (الكينونة) تتكون (ذاتيا) دون فعل الانسان او أي فعل خارجي (انظر/ جارودي: البنيوية فلسفة موت الانسان) ص/ .83
ان (البنيوية) من هذا الاطار الفكري لا تخرج عن (آنوية) برغون (الآنات الزمانية) المتتابعة ذاتيا ومن (مونادا) لا يبتز و (عدمية) سارتر (آن) برغسون لا وجود لتأثير الانسان وكذلك في (مونادا) لا يبتز ـ الوحدة (البنائية) الجوهرية المجردة للوجود، وهي مادة روحانية (انظر الموسوعة الفلسفية ص/511). وفي (عدمية سارتر) يفصل الانسان عن ماضيه (أي عن تاريخ صيرورته) ولايحدد أي مستقبل له، فيكون (العدم) المجرد بينهما، أي بين (الماضي المنفصل والمستقبل الوهمي) وفي ذلك (العدم المجرد اللاشعوري يجد الانسان (حريته) وكل ذلك يخضع الى جزء من (الأنا المطلق) كما في فلسفة (فخته) وهذا الجزء من (الأنا المطلق) هو الذي يكون (العلاقات) بين الاشياء، ومن الاشياء والصور (البنيوية) للوجود و (ذات الانسان) المجردة.
وعلى ذلك فأن المعرفة في (البنيوية) تعتمد الصيرورة البعيدة عن وعي الانسان، بينما المعرفة من الناحية العلمية هي (عملية) انعكاس الواقع وعرضه في الفكر الانساني وهي مشروطة (بقوانين التطور الاجتماعي) وترتبط ارتباطا لا ينفصم بالممارسة، وهدفها ينحصر في بلوغ الحقيقة الموضوعية، ويكتب الانسان في عملية المعرفة (المعارف والمفاهيم الخاصة لظواهر الواقع ويتحقق من العالم المحيط به وهذه المعرفة تستخدم في النشاط العلمي من اجل تغيير العالم واخضاع الطبيعة للمتطلبات الانسانية.
وبعبارة علمية تعتمد الارقام. ان الاشياء التي تنعكس في عقل الانسان هي (تراكمات الكموم) جمع (كم) وتفجيرها (بالعمل) أي تحويل الافكار بالتطبيق الى قوة، لتظهر (الكيفيات) الجديدة التي يتغير بموجبها (المجتمع بصورة (شاملة) بينما (البنيوية) تعتبر تلك (الكموم) عبارة عن (رموز) لاشياء بعيدة عن الانسان (انظر ترنس هوكز/ البنيوية وعلم الاشارة ص/35، واريث كيرزويل/ عصر البنيوية من ليفي شتراوس الى فوكو ص/66 وما بعدها. وعلى ذلك فأن المعرفة نتاج العمل الاجتماعي والتفكير اللذين يمارسهما الناس ولايمكن فهمهما من دون (كشف الطبيعة الاجتماعية لنشاط الانسان العملي)، ان اسلوب (الانتاج) والبناء التحتي والفوقي للمجتمع هي اهم العناصر (البنيوية) في التشكيلة الاجتماعية وهي تصف الاساس المادي وتحدد الهيكل الاقتصادي و (السيماء) الاجتماعية والروحية لكل تشكيلة اجتماعية.
ولكن نفهم هذا التنوع والتعدد في التكوينات (البنيوية) ينبغي لنا ان نفرز في الاقل مظهرين من مظاهر تحليل المجتمع (1) عد المجتمع التشكيلة الاجتماعية نظاما موضوعيا من مؤسسات ومنظمات... الخ مختلفة ومتفاعلة بعضها مع بعض (2) عد المجتمع نتاج تفاعل الناس ومجمل العلاقات بين الناس ونتيجة نشاطهم، وعلى هذا الصعيد تتفرز تكوينات (بنيوية) مثل جماعات الناس (المحددة) تاريخيا (القبيلة، الشعب، الامة... الخ) ان هذين المظهرين (للبنية) الاجتماعية يتشابكان في الحياة الاجتماعية، ويتشابكان في الحياة الفعلية وليسا معزولين احدهما عن الآخر.
ان مفهوم (البنيوية) المعاصرة الذي اعتمدته الطبقة (التكنوقراطية الحديثة) لبناء الرأسمالية الجديدة يحمل فلسفة تمثل في طبيعتها (العقائدية) للفلسفة التجريدية التي تؤمن (بموت الانسان) اجتماعيا كما بشر بذلك (فوكو) في فلسفته البنيوية التي تعتمد (التجريد) لكل افعال الانسان الحضارية، وعلى ذلك يكون الاساس الرئيس لها هو توكيد (اسبقية العلاقة) على الكينونة) واولوية (الكل) على (الاجزاء) فالعنصر لا معنى له ولا توأم الا بعقده العلاقات المكونة له، ولا سبيل الى تعريف للوحدات الا بعلاقاتها فهي (اشكال لا جواهر) وهذه الفرضيات يرفضها (العلم التجريبي) لان العلم المجرد، اثبت وجود كلية العنصر واذا اتحد مع عنصر آخر يتولد عنصر آخر جديد (انظر جارودي/ البنيوية فلسفة موت الانسان ص/133).
ومن تحديد صفات الوحدة (البنيوية) المثالي المجرد، لايمكن الانتقال عن طريق (نظرية الكم) العلمية من بنية الى اخرى، ان هذا الاقصاء للانسان، هو الاقصاء من بنيوية (فوكو) لذلك يجهد (فوكو) نفسه (لترجيح) كفة الفكرة القائلة (ان الانسان هو من اختلاق فكر ونهاية القرن الثامن عشر)؟ (فوكو/ الكلمات والاشياء ص/319) ويقول ان الانسان لم يكن له نمط وجود خاص في التصور الكلاسيكي للمعرفة، فالمعرفة لا (ذات) لها (انظر/ زكريا ابراهيم/ مشكلة البنيوية ص/43).
ونتيجة للمنهج البنيوي اللا علمي، يكون مفهوم الانسان كذات وفاعل انه محض اختلاق. يجد (فوكو) نفسه مكرها على تحريف او شطب العديد من صفحات تاريخ الانسان، واسس تطور الحضارات الانسانية العاملة، وحرصا على عدم تعطيل (جدلية التاريخ) حاول (التوسر وغولدمان) البنيويان اليساريان بالنسبة لفلسفة (فوكو) المتطرف ان يدرسا (الاقتصاد والتاريخ) من غير منطلق (فوكو) بعيدا عن المنطق الذي اعتمده في فلسفته التي جردت الانسان من انسانيته. انظر/ عصر البنيوية: ص/208 وما بعدها.
عبد الله الخطيب
ان المنهج البنيوي المعاصر يعتمد (الوضعية الجديدة) ـ التيار الذاتي في فلسفة القرن العشرين. ان هذا التيار ينكر ان للفلسفة نظرة شاملة للعالم، ويرفض (علاقة وعي الانسان) بالوجود، أي علاقة الانسان بالطبيعة والمجتمع مما جعل من (البنيوية) منهجا مجردا يعتمد (الحدس) بعيدا عن تأثير ذات الانسان الفاعلة التي هي حصيلة التفاعل العام والشامل مع الوجود، واساس هذا المنهج هو (ابعاد) الانسان القوة العاقلة الوحيدة وبوعي لتطور الحياة بصورة شاملة،لذلك اصبح المنظور (البنيوي) للوجود لا علاقة له (بكينونته) وبكينونة الانسان التأريخية والاجتماعية، بل بالعلاقات (الشكلية) التي تعتمد (المنطق الصوري) الاستاتيكي للاشياء التي تعكس (الكل) المجرد والظاهري الذي لايدل على أي (جوهر) لها وان تلك (الكينونة) تتكون (ذاتيا) دون فعل الانسان او أي فعل خارجي (انظر/ جارودي: البنيوية فلسفة موت الانسان) ص/ .83
ان (البنيوية) من هذا الاطار الفكري لا تخرج عن (آنوية) برغون (الآنات الزمانية) المتتابعة ذاتيا ومن (مونادا) لا يبتز و (عدمية) سارتر (آن) برغسون لا وجود لتأثير الانسان وكذلك في (مونادا) لا يبتز ـ الوحدة (البنائية) الجوهرية المجردة للوجود، وهي مادة روحانية (انظر الموسوعة الفلسفية ص/511). وفي (عدمية سارتر) يفصل الانسان عن ماضيه (أي عن تاريخ صيرورته) ولايحدد أي مستقبل له، فيكون (العدم) المجرد بينهما، أي بين (الماضي المنفصل والمستقبل الوهمي) وفي ذلك (العدم المجرد اللاشعوري يجد الانسان (حريته) وكل ذلك يخضع الى جزء من (الأنا المطلق) كما في فلسفة (فخته) وهذا الجزء من (الأنا المطلق) هو الذي يكون (العلاقات) بين الاشياء، ومن الاشياء والصور (البنيوية) للوجود و (ذات الانسان) المجردة.
وعلى ذلك فأن المعرفة في (البنيوية) تعتمد الصيرورة البعيدة عن وعي الانسان، بينما المعرفة من الناحية العلمية هي (عملية) انعكاس الواقع وعرضه في الفكر الانساني وهي مشروطة (بقوانين التطور الاجتماعي) وترتبط ارتباطا لا ينفصم بالممارسة، وهدفها ينحصر في بلوغ الحقيقة الموضوعية، ويكتب الانسان في عملية المعرفة (المعارف والمفاهيم الخاصة لظواهر الواقع ويتحقق من العالم المحيط به وهذه المعرفة تستخدم في النشاط العلمي من اجل تغيير العالم واخضاع الطبيعة للمتطلبات الانسانية.
وبعبارة علمية تعتمد الارقام. ان الاشياء التي تنعكس في عقل الانسان هي (تراكمات الكموم) جمع (كم) وتفجيرها (بالعمل) أي تحويل الافكار بالتطبيق الى قوة، لتظهر (الكيفيات) الجديدة التي يتغير بموجبها (المجتمع بصورة (شاملة) بينما (البنيوية) تعتبر تلك (الكموم) عبارة عن (رموز) لاشياء بعيدة عن الانسان (انظر ترنس هوكز/ البنيوية وعلم الاشارة ص/35، واريث كيرزويل/ عصر البنيوية من ليفي شتراوس الى فوكو ص/66 وما بعدها. وعلى ذلك فأن المعرفة نتاج العمل الاجتماعي والتفكير اللذين يمارسهما الناس ولايمكن فهمهما من دون (كشف الطبيعة الاجتماعية لنشاط الانسان العملي)، ان اسلوب (الانتاج) والبناء التحتي والفوقي للمجتمع هي اهم العناصر (البنيوية) في التشكيلة الاجتماعية وهي تصف الاساس المادي وتحدد الهيكل الاقتصادي و (السيماء) الاجتماعية والروحية لكل تشكيلة اجتماعية.
ولكن نفهم هذا التنوع والتعدد في التكوينات (البنيوية) ينبغي لنا ان نفرز في الاقل مظهرين من مظاهر تحليل المجتمع (1) عد المجتمع التشكيلة الاجتماعية نظاما موضوعيا من مؤسسات ومنظمات... الخ مختلفة ومتفاعلة بعضها مع بعض (2) عد المجتمع نتاج تفاعل الناس ومجمل العلاقات بين الناس ونتيجة نشاطهم، وعلى هذا الصعيد تتفرز تكوينات (بنيوية) مثل جماعات الناس (المحددة) تاريخيا (القبيلة، الشعب، الامة... الخ) ان هذين المظهرين (للبنية) الاجتماعية يتشابكان في الحياة الاجتماعية، ويتشابكان في الحياة الفعلية وليسا معزولين احدهما عن الآخر.
ان مفهوم (البنيوية) المعاصرة الذي اعتمدته الطبقة (التكنوقراطية الحديثة) لبناء الرأسمالية الجديدة يحمل فلسفة تمثل في طبيعتها (العقائدية) للفلسفة التجريدية التي تؤمن (بموت الانسان) اجتماعيا كما بشر بذلك (فوكو) في فلسفته البنيوية التي تعتمد (التجريد) لكل افعال الانسان الحضارية، وعلى ذلك يكون الاساس الرئيس لها هو توكيد (اسبقية العلاقة) على الكينونة) واولوية (الكل) على (الاجزاء) فالعنصر لا معنى له ولا توأم الا بعقده العلاقات المكونة له، ولا سبيل الى تعريف للوحدات الا بعلاقاتها فهي (اشكال لا جواهر) وهذه الفرضيات يرفضها (العلم التجريبي) لان العلم المجرد، اثبت وجود كلية العنصر واذا اتحد مع عنصر آخر يتولد عنصر آخر جديد (انظر جارودي/ البنيوية فلسفة موت الانسان ص/133).
ومن تحديد صفات الوحدة (البنيوية) المثالي المجرد، لايمكن الانتقال عن طريق (نظرية الكم) العلمية من بنية الى اخرى، ان هذا الاقصاء للانسان، هو الاقصاء من بنيوية (فوكو) لذلك يجهد (فوكو) نفسه (لترجيح) كفة الفكرة القائلة (ان الانسان هو من اختلاق فكر ونهاية القرن الثامن عشر)؟ (فوكو/ الكلمات والاشياء ص/319) ويقول ان الانسان لم يكن له نمط وجود خاص في التصور الكلاسيكي للمعرفة، فالمعرفة لا (ذات) لها (انظر/ زكريا ابراهيم/ مشكلة البنيوية ص/43).
ونتيجة للمنهج البنيوي اللا علمي، يكون مفهوم الانسان كذات وفاعل انه محض اختلاق. يجد (فوكو) نفسه مكرها على تحريف او شطب العديد من صفحات تاريخ الانسان، واسس تطور الحضارات الانسانية العاملة، وحرصا على عدم تعطيل (جدلية التاريخ) حاول (التوسر وغولدمان) البنيويان اليساريان بالنسبة لفلسفة (فوكو) المتطرف ان يدرسا (الاقتصاد والتاريخ) من غير منطلق (فوكو) بعيدا عن المنطق الذي اعتمده في فلسفته التي جردت الانسان من انسانيته. انظر/ عصر البنيوية: ص/208 وما بعدها.