منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    التعليم الجامعي: التلقين عدو التفكير

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    التعليم الجامعي: التلقين عدو التفكير Empty التعليم الجامعي: التلقين عدو التفكير

    مُساهمة   الخميس مايو 27, 2010 7:50 am

    : التعليم الجامعي: التلقين عدو التفكير
    العاشق
    02-14-2009, 03:16 PM
    كثيرة هي الممارسات التي تشهدها الساحة التربوية بعامة والتعليم الجامعي بمختلف مستوياته بخاصة. وقد وجدت نفسي الساعة أمام إحدى الظواهر التي تعيق التعليم الجامعي وتعمل على استنساخ الجهل وتحول دون امتلاك أدوات التفكير واستراتيجياته وكفاياته.
    ولكن ما الحكاية؟ وما الموضوع؟.
    يتخرج الطالب من مرحلة التعليم العام، بعد أنْ يتوجه بعام أو أكثر من الحفظ والتلقين كي يحصل على أعلى المعدلات التي تمكنه الالتحاق بأحد التخصصات التي يرغب فيها، أو هي من تفضيلات الأهل. لذا، يكون الغرض الرئيس حينذاك تحصيل الشهادة، وعدم الالتفات إلى المضمون أو الكفايات.
    يأتي الطالب إلى الحرم الجامعي وفي مخيلته أنّ الجامعة ستكون المكان المناسب لبناء القدرات والحصول على المعرفة وامتلاك الكفايات اللازمة لسوق العمل؛ فتكون المفاجأة والصدمة في آن؛ حيث باتت الجامعة مسرحاً للتلقين، واستعراض العضلات.
    وأعتقد أنني لست متخصصاً بعلم الاجتماع. لذا، لا أستطيع الحديث عن كثير من الظواهر الاجتماعية التي يشهدها الحرم الجامعي. وسأحاول التركيز على العمليّة التعليميّة التعلمية. ولعل الموضوعات الأخرى تكون موضع معالجة من قبل المتخصصين الأكفياء.
    يذهب الأستاذ الجامعي إلى قاعة المحاضرات، ولديه تصورات مسبّقة أنّه سيحاضر. وفي الوقت ذاته يذهب الطالب إلى قاعة المحاضرات ولديه تصورات مسبّقة أنّه سيقضي وقت المحاضرة في تدوين (أو نسخ) محتوى المحاضرة. وتستمر العلاقة بين المحاضر والطلبة على هذا الحال طيلة الفصل الدراسي. وتكون الاختبارات بمثابة أداة لقياس قدرة دماغ الطالب على الاحتفاظ بالمحتوى الذي سكب فيه.
    أمّا فيما يتعلق بالمحتوى؛ فهو في غالبية الأحيان لا يواكب التطورات التي طرأت على ميدان التخصص، وهو لا يتعدى حدود المساحة التي تحتلها كلمات الكتاب المعتمد في تدريس تلك المادة والذي قد يكون من تأليف المحاضر، أو من إعداد مجموعة من المحاضرين.
    أمّا في ما يتعلق بالقياديّة، والتلمذة، والتفكير فلا مكان لها في هذا النمط من التعليم الجامعي الذي يقوم على التلقين.
    وخلاصة القول في هذا السياق أنّ الأستاذ الجامعي يرى أنّ دوره ينحصر في المحاضرة والتلقين، وأنّ الطالب الجامعي يرى أنّ دوره ينحصر في الاستماع والتدوين واسترجاع المحتوى عند الاختبار. بمعنى أننا أمام حالة لاتفاعليّة من الإرسال والاستقبال.
    ما الأسباب؟.
    تتلخص الأسباب في النقاط التالية:.
    ضعف المستوى الأكاديمي لدى بعض أعضاء هيئة التدريس؛ أنّ التلقين هو سيد الموقف وينسجم مع توقعات الطالب والمحاضر؛ الاعتقاد الخاطيء بأنّ التلقين واستنزاف طاقات الطلبة في الاستماع وتدوين الملاحظات يساعد في ضبط الطلبة؛ الاعتقاد أنّ المحاضر هو المصدر الوحيد للمعرفة، ومن هنا تنبع أهميّة تركيز الاستماع، واتقان مهارات النسخ وتدوين الملاحظات؛ عدم الرغبة في زيادة مسؤوليّة المتعلم عن تعلمه؛ عدم الالمام بطرائق التدريس الحديثة واستراتيجيات تنمية مهارات التفكير المنتج (والمقصود هنا: مهارات التفكير المبدع، ومهارات التفكير الناقد، ومهارات الحل المبدع للمشكلات، ومهارات حل المشكلات المستقبليّة)؛ الوقوع في مصيدة روتينات الحياة، والميل إلى الخمول والكسل، وعدم القدرة على الخروج عن المألوف؛ عدم الالمام بالتطورات التي طرأت على ميدان التخصص؛ الانغماس في الأعمال الإدارية أو تلك التي لا تمت للتعليم بصلة، الأمر الذي يجعل من المحاضرة التقليديّة الحل الوحيد لتوفير متطلبات الوظيفة.
    كيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟.
    المحاضرة التي يجري الإعداد المسبق لها، والتي توظف أساليب عرض مشوقة، هي على درجة عالية من الأهميّة عندما يتعلق الأمر بالحديث عن حقائق أو أسس ومبادئ محددة، أو عرض جملة تعريفات، أو وصف بعض الظواهر. وقد أشارت نتائج البحوث والدراسات أنّ المحاضرة تفيد في اكتساب المعرفة القائمة. ولكن، ليس في مقدورها تحفيز الطلبة لانتاج معرفة جديدة تنبني على أساس معالجة (نقد، نقض، قبول، إعادة بناء، ....) المعرفة المكتسبة.
    ويشير الواقع الراهن للتعليم الجامعي إلى أنّنا بأمس الحاجة إلى التعلم التفاعلي الذي يوظف جملة المصادر المتاحة، ويساعد في زيادة مسؤولية المتعلم عن تعلمه، وينتقل بالأستاذ الجامعي إلى مرحلة وظيفيّة متقدمة يلعب فيها دور القيادي والأنموذج، والموجه.
    ولكن، من أين نبدأ؟.
    قد تكون البداية بالاطلاع على طرائق التدريس الحديثة التي جرى توظيفها في الجامعات العريقة في الدول المتقدمة. فهناك جامعات توظف اساليب واستراتيجيات التعلم القائم على حل المشكلات الذي عرف اختصاراً باسم (pbl). وهناك جامعات توظف أساليب واستراتيجيات التعلم التعاوني التفاعلي.
    وأستطيع تعريف التعلم التفاعلي، بصورة مبسطة، على أنّه التعلم بوساطة الأداء العملي (مثل: المحاكاة ولعب الأدوار؛ جمع المعلومات والبيانات؛ رصد الظواهر المختلفة؛ حلقات البحث والنقاش، نمذجة المشكلات البيئيّة، تصميم تجربة مخبريّة للتحقق من أمر ما، ...).
    وقبل أنْ تتبنى إحدى طرائق التدريس؛ يجب أنْ تأخذ في الحسبان النقاط التاليّة، وهي:.
    طبيعة المادة التعليميّة التي تقوم بتدريسها؛ مستويات الطلبة، وأنماط تفكيرهم، وأنماط تعلمهم؛ مدى توافر المصادر، والوسائط، والتقانات التي يمكن توظيفها بفاعلية في العمليّة التعليميّة التعلميّة؛ اتجاهات الطلبة نحو التعلم التفاعلي. حيث أنها غالباً ما تكون سلبية في بداية الأمر، ثم تتحول، بصورة تدريجيّة، إلى اتجاهات إيجابيّة بفعل خبراتهم في إطار التعلم التفاعلي؛ نتائج بحوث ودراسات علم النفس المعرفي التي تشير إلى شروط استخدام طرائق واستراتيجيات التعلم التفاعلي، وأثرها في تحصيل الطلبة والمعرفة المكتسبة لديهم؛ الوقت المطلوب للتعلم التفاعلي، والجهد المبذول فيه، وبخاصة إذا كانت نسبة الطلبة الذين يميلون إلى الاستماع نسبة كبيرة.
    التعلم التفاعلي يساعد في توظيف مهارات التفكير.
    التعلم التفاعلي يساعد في زيادة المعارف المكتسبة.
    هل أنت مبدع؟ ولماذا لا تبدأ بالتجريب؟.
    المبادأة، والخروج عن المألوف، وتحمل نتائج المخاطرة، هي من السمات والخصائص المميزة للمبدع. لذا، ندعوك إل الخروج عن المألوف وابدأ بنفسك، واعمل من أجل الارتقاء بوظيفة الاستاذ الجامعي، واطرح جانباً أسلوب المحاضرة التقليديّة، وانبذ التلقين، ولا تدخر جهداً في سبيل امتلاك الكفايات الواجب توافرها لدى الأستاذ الجامعي في القرن الحادي والعشرين، واعمل على تنفيذ الخطوات التاليّة في إطار محاولاتك من أجل التغيير المنشود، وهي:.
    أوّلاً: الخروج عن المألوف، والتوقف عن التلقين، ومخالفة توقعات الطلبة، تمهيداً لتغيير مفهوم التعليم الجامعي لديهم، وتغيير توقعاتهم وسلوكاتهم بصدد المحاضرة ودور المحاضر.
    ثانيّاً: تقبل التغيير انطلاقاً من الرغبة في الارتقاء بمهنة الأستاذ الجامعي، وتعظيم نتاجات العمليّة التعليميّة التعلميّة. إنْ كنت أنت تتقبل التغيير؛ فإنّك ستحقق النجاح.
    ثالثأً: أنْ تدرك مسبّقاً أنّ التغيير المنشود لن يحظى بتقبل الطلبة بداية. لذا، لا تدع الاحباط يتسلل إلى نفسك، واستمر في المحاولة. وتؤكد بحوث ودراسات علم النفس المعرفي وعلم النفس التربوي أنّ النجاح سيكون حليف محاولاتك؛ بفعل الأداء المتميز الذي يتسم بدرجة عالية من الالتزام والمثابرة.
    رابعاً: تشجيع الطلبة على التساؤل المنظم والجريء؛ وأنْ تقوم بطرح الأسئلة التي تتطلب من الطلبة مناقشتها والبحث عن الإجابات الممكنة لها، واحرص على توفير الفرص التربويّة التي يتوافر فيها الجذب والتشويق ومتعة اكتساب المعرفة.
    خامساً: استخدم كل طريقة من طرائق التعلم التفاعلي بحسب مدى تناغمها مع المحتوى الذي ترغب في معالجته مع طلبتك.
    سادساً: حاول، بقدر المستطاع، اشراك جميع الطلبة في خبرات التعلم التفاعلي.
    سابعاً: ساعد الطالب على تفعيل البنية المعرفيّة لديه بوساطة ربط موجوداتها القائمة بالمعارف والمهارات والخبرات المكتسبة لاحقاً. ونشير في هذا السياق أنّ التعلم التفاعلي يجعل البنية المعرفية تتسم بالحيويّة والديناميكيّة؛ ثامناً: تذكر دائماً أن المحاضرة التقليديّة وسيلة فاعلة لهدر الوقت وقتل إبداعات الطلبة، ولا حاجة لنا بها في وقت نشهد فيه هذا التفجر المعرفي.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 9:09 pm