منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    من الأسلوب إلى الأسلوبية ـ إلمامة في النشأة والمفهوم

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    من الأسلوب إلى الأسلوبية ـ إلمامة في النشأة والمفهوم Empty من الأسلوب إلى الأسلوبية ـ إلمامة في النشأة والمفهوم

    مُساهمة   الأحد أكتوبر 10, 2010 2:42 pm



    من الأسلوب إلى الأسلوبية ـ إلمامة في النشأة والمفهوم BpAfP1KYbNE?utm_source=feedburner&utm_medium=email


    من الأسلوب إلى الأسلوبية ـ إلمامة في النشأة والمفهوم
    Posted: 08 Oct 2010 06:41 AM PDTمن الأسلوب إلى الأسلوبية ـ إلمامة في النشأة والمفهوم %D9%85%D9%88%D9%85%D9%86%D9%8Aفي البدء: الأسلوب في الدرس العربي القديم//ــــــــــــإن كلمة “أسلوب” لم تكن ذات قيمة علمية كالتي تحضى بها اليوم بعدما أصبحت عنوانا جديدا لنوع من المعرفة . و حينما نتناول الكلمة ” أسلوب ” فإننا سنعرض لمفهومها الرئيسي – بتعبير الدلاليين - ومدى علاقته بمفهومها الاصطلاحي. فـ ” الأسلوب” في اللغة العربية لفظ استعمل في غير ما وضع له أصلا من قبيل المجاز .فابن منظور في لسان العرب يقول:”و يقال للسطر من النخيل أسلوب ، و كل طريق ممتد ، فهو أسلوب .قال : و الأسلوب الطريق ، و الوجه، و المذهب ، يقال : أنتم في أسلوب سوء، ويجمع أساليب.والأسلوب الطريق يؤخذ فيه ،و الأسلوب بالضم : الفن ، أخذ فلان في أساليب من القول أي أفانين منه…1وهو عند الزمخشري يحمل مفاهيم لغوية أخرى ، فيذكر في مادة (سلب) نفسها:”سلبه ثوبه،وهو سليب ، وأخذ سلب القتيل وأسلاب القتلى، ولبست الثكلى السلاب ، أي الحداد ، وتسلبت،وسلبت على ميتها ، فهو مسلب ، والحداد على الزوج والتسليب عام …وسلكت أسلوب فلان : طريقته و كلامه على أساليب حسنة … وشجرة سليب، أخذ ورقها وثمرها، وشجر سلب وناقة سلوب : أخذ ولدها ، ونوق سلائب ….2.ويمكن أن نتبين أمرين أساسين من خلال النظر إلى التحديد اللغوي لكلمة “أسلوب”فالأول البعد المادي الذي نلمسه في تحديد مفهوم الكلمة من حيث ارتباطها في مدلولها بمعنى الطريق الممتد أو السطر من النخيل، وكذلك من حيث ارتباطها بالنظر في الشكلية كعدم الالتفات يمنة أو يسرة إذا أخذ الإنسان في السير في الطريق .والثاني البعد الفني الذي يتجلى من خلال ربطها بأساليب القول أي أفانينه ، إذ يقال: سلكت أسلوب فلان : طريقته وكلامه على أساليب حسنة 3والقدماء درسوا” الأسلوب” انطلاقا من بحثهم في خصائص الأساليب الشعرية وخصائص أسلوب القرآن ، خاصة في مباحث الإعجاز ، ونجد في هذا السياق – وقد كتب في الإعجاز علماء كثيرون لا سبيل إلى حصرهم – حديث ابن قتيبة “إنما يعرف فضل القرآن من كثر نظره واتسع علمه ، وفهم مذاهب العرب وافتنانها في الأساليب ومما خص الله به لغتها دون جميع اللغات ، فإنه ليس في الأمم أمة أتيت من العارضة والبيان واتساع المجال ما أوتيته العرب خصيصا من الله ، لما أرهصه في الرسول وأراده من إقامة الدليل على نبوته بالكتاب … فالخطيب من العرب إذا ارتجل كلاما في نكاح أو حمالة أو تخصيص أو صلح أو ما شبه ذلك ، لم يأت به عن واد واحد ، بل يفنن فيختصر تارة إرادة التخفيف ، ويطيل تارة إرادة الإفهام ويكرر تارة إرادة التوكيد ويخفي بعض معانيه حتى يغمض على أكثر السامعين ،ويكشف بعضها حتى يفهمه بعض الأعجمين، ويشير إلى الشيء ويكني عنه، وتكون عنايته بالكلام على حساب الحال، وكثرة الحشد وجلالة المقام ..ثم لا يأتي الكلام مهذبا كل التهذيب، ومصفى كل التصفية، بل يمزج ويشوب ليدل بالناقص على الوافر والغث على السمين، ولو جعله كله بحرا واحدا لبخسه بهاءه وسلبه ماءه .4فالأسلوب بالنسبة إليه فن القول ومعرفة دواعيه فقط ربط” الأسلوب” بطرق الأداة للمعنى أي الكيفية التي يشكل بها المتكلم كلامه ، كما ربطه أيضا بالقطعة الأدبية كلها فلم يقصر كلامه على الجملة الواحدة ، بل إن طبيعة الأسلوب تمتد لتشمل – عنده – النص الأدبي وما يتخلله من خصائص وسمات . وهذه القضية من أبرز قضايا المدارس الأسلوبية الحديثة التي جاوزت بها البلاغة التقليدية .أما عبد القاهر الجرجاني (ت 471 هـ) فالأسلوب يتجلى في نظريته المعروفة في البلاغة والنقد واللغة ، بنظرية النظم التي استطاع أن يفسرها في الدلائل تفسيرا ردها فيه إلى المعاني الثانية أو الإضافية التي تلتمس في ترتيب الكلام حسب مضامينه ودلالاته في النفس ، وهي معان ترجع إلى الإسناد وخصائص مختلفة في المسند إليه والمسند وفي أضرب الخبر وفي متعلقات الفعل من مفعولات وأحوال وفي الفصل بين الجمل والوصل وفي القصر وفي الإيجاز والإطناب 5فقد فرق الجرجاني بين “اللغة”و”الكلام” وهذه التفرقة ضمنية في فكرة يهتدى إليها عن طريق الاستنباط لا بصريح اللفظ منه .ولا يستطيع باحث في هذه العجالة أن يلم بجميع أشتات نظرية ” النظم” المعروضة في دلائل الإعجاز و لا أن يحيط بمفهوم عبد القاهر للنظم و الأسلوب ، فثمة جوانب غنية خصبة تحتاج إلى الإضاءة .أما عند ابن خلدون فقد تبلور الفكر النظري الأسلوبي في مقدمته تبلورا واضحا حيث ورد عنه حديث في الأسلوب لايقل أهمية عما سبق حين حدد المعني الاصطلاحي له،وبحث معناه عند أهل الصناعة قائلا :”ولنذكر هنا سلوك الأسلوب عند أهل هذه الصناعة وما يريدون بها فبي إطلاقهم ، فاعلم أنها عبارة عندهم عن المنوال الذي تنسج فيه التراكيب أو القالب الذي يفرغ فيه و لا يرجع إلى الكلام باعتبار إفادته أصل المعنى الذي هو وظيفة الإعراب ولا باعتبار إفادته كمال المعنى من خواص التركيب الذي هو وظيفة البلاغة والبيان ولا باعتبار الوزن كما استعمله العرب فيه الذي هو وظيفة العروض . فهذه العلوم الثلاثة خارجة عن هذه الصناعة الشعرية وإنما يرجع إلى صورة ذهنية للتراكيب المنتظمة كلية وانطباقها على تركيب خاص ، وتلك الصورة ينتزعها الذهن من أعيان التراكيب وأشخاصها ويصيرها في الخيال كالقالب أو المنوال ثم ينتقي التراكيب الصحيحة عند العرب باعتبار الإعراب والبيان ، فيرصفها فيه رصا كما يفعله البناء في القالب أو النساج في المنوال حتى يتسع القالب بحصول التراكيب الوافية بمقصود الكلام ويقع على الصورة الصحيحة باعتبار ملكة اللسان فيه ، فإن لكل فن من الكلام أساليب تختص به وتجد فيه على أنحاء مختلفة …6ثم يورد أمثلة عن أساليب الكلام المختلفة في الشعر .فمن خلال هذا النص لا نجد خلافا كبيرا مع المفاهيم السابقة ، فالأسلوب – عنده – سلوك لأهل صناعة الشعر ، بمعنى المنوال والقالب ، وهو بعيد عن معاني النحويين والبلاغيين والعروضيين ، إذا يعدها خارجة عن الصناعة الشعرية ، ويرجعه إلى صورة ذهنية للتراكيب المنتظمة كليا ، والتي تنطبق على تركيب خاص في الذهن ، وبذلك فالأسلوب – عنده – مكتسب من الملكة اللغوية التي يحوزها الأديب ، وهو بالتالي يجمع بين الأسلوب واللغة أو الكفاءة اللغوية كما يسميها تشو مسكي .7ب- الأسلوب في الدرس العربي الحديثتعرض النقاد واللغويون للأسلوب ، ودارسو الأدب عموما ، وتعددت تعريفاته تبعا لمناهج البحث ، وربما اعتمد بعضهم على ما ذكره القدماء فلم يخالفوه إلا قليلا ، فنجد حسين المرصفي وهو يتحدث في صناعة الشعر ووجوه تعلمه لا يكاد يختلف عما ذكره ابن خلدون ، وعما حدده ابن رشيق، والأسلوب – عنده – لا تكفيه الملكة فحسب، بل هو بحاجة إلى تلطف في العبارة، ومحاولة في رعاية الأساليب التي اختصت العرب بها في استعمالها . 8فقد كان اعتماد المرصفي على ما جاء في حديث الملكة لابن خلدون ، وعلى سنن العرب في اكتسابها ونظم الشعر . ولكن الرافعي بعد ذلك ، وهو يبحث في مسألة إعجاز القرآن الكريم والبلاغة النبوية، تعرض إلى معنى الأسلوب وحدده في أفصح الكلام وأبلغه وأجمعه لحر اللفظ ونادر المعنى .9ويبدو تأثره بما كتبه الجرجاني في دلائل الإعجاز و أسرار البلاغة وبعض ما كتبه قدامىالبلاغيين واضحا ومما ذهب إليه أن الأسلوب صورة عن مبدعيه ، حتى أن القارئ يكاد يمسك إحساساته من خلال تعبيره ويستطيع أن يتبين مواطن ضجره وملله … وما إلى ذلك .10وجعل الرافعي أيضا اللغة قسمين : عامة ، وهي أساليب التواصل العامة في المواقف المختلفة ، والتي تتم بطرق عفوية أيضا لا اعتناء فيها بالتركيب وقوى التأثير الفنية ، وخاصة ، تتميز بحسن اختيار طرق أداء المعاني وأقربها للتأثير في المتلقي11 ولا بد لها أن ترتبط بطبيعة المتلقين وطبقات إفهامهم واعتبارها بما هو أبلغ في نفس .وأشار أيضا إلى ارتباط المعاني بالجانب النفسي للمبدع ، لأن الكلام صورة مادية للأحاسيس ان النفسية الخفية ومن المحدثين أيضا نجد كتاب” الأسلوب” لأحمد الشايب ومن نتائجه أن مفاهيمه للأسلوب وعناصره اعتمدت في المدارس وعدها المعلمون والمدرسون عناصر للأدب، وهي الفكرة، العاطفة، نظم الكلام، الخيال، الأسلوب. ويعرف الأدب بأنه هو الكلام الذي يعبر عن العقل والعاطفة.12والأسلوب عنده فن من الكلام وهو طريقة التفكير والتصوير والتعبير، وهو العنصر اللفظي في الكلام … ويعلق شكري عياد على هذا الأمر بقوله:” إن الأستاذ لم يطمئن إلى الوصف الذي يرتكز على ذاتية المنشئ، وآثر عليه – ربما دون أن يشعر -وصفا يرتكز على العبارة اللغوية نفسها، وهو بذلك يعتبر – من ناحية – على اهتزاز النظرة الرومانسية إلى الأدب، والحاجة إلى نظرة أخرى، تعترف للنص بحياة مستقلة عن حياة منشئه، وتدرسه على أنه ظاهرة لها وجودها الخاص، وكانت هذه النظرة إلى الأدب التي بدأت في أروبا والولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وأخذت تبسط سلطانها على الدراسات الأدبية منذ الأربعينيات، لا تزال تتلمس طريقها بين الأدباء العرب في حذر واستحياء.13ورغم الرواج الذي لقيه كتاب” الأسلوب” لا سيما في صفوف المدرسين، يعلق محمدعبد المطلب بأن تطبيقه النظري والعلمي في المدارس انتهى بالطلاب إلى”تمزيق النص وإخراج أمعائه، دون أن يقع الطالب على الجماليات الكامنة في التعبير اللغوي 14والملاحظ أن من جاء بعد المرصفي والرافعي والشايب وغيرهم، أحسنوا الاستفادة في هذا الميدان من معطيات الأسلوبية الحديثة، على المستويين النظري والتطبيقي، وحاولوا جادين لتأصيلها في الأدب العربي وربط جذورها بالتراث .ج- الأسلوب في الدرس الغربيكلمة أسلوب (style) في الدرس الغربي لها ارتباط بمعناها اللاتيني حيث قدمت إليه من الكلمة (stilus) وتعني) ريشة( وفي الإغريقية تعني)عمودا( 15. ثم انتقل مفهوم الكلمة إلى معان أخرى تتعلق بطبيعة الكتابة للمخطوطات ،ثم أخذ يطلق على التعبيرات اللغوية الأدبية، وتشير المعاجم الغربية – الفرنسية والإنجليزية – إلى هذا المعنى العام للأسلوب والذي يقتصر على: طريقة الكتابة أو الطريق الخاصة للتعبير عن الفكر، الانفعالات، والعواطف.وعند المقارنة بين الاستعمالات المختلفة لكلمة” الأسلوب” نجدها جميعا تشير إلى خاصية معينة ومحددة ” شيء خاص في الحياة وفي الحديث، وفي الرسم أو في النحت، وفي طريقة التعامل. وفي النهاية فإن المصطلح أصبح هدفا لدراسات واعتبارات كثيرة. 16وفي كتب البلاغة الإغريقية كان “الأسلوب” وسيلة من وسائل الإقناع واندرج مفهومه تحت علم الخطابة، وخاصة فيما يتعلق باختيار الكلمات المناسبة لمقتضى الحال، وقد تكلم عنه أرسطو في باب الخطابة و كونتليانوس في نظم الخطابة .17وعرفه أفلاطون بقوله : “الأسلوب شبيه بالسمة الشخصية 18 ولم يدخل مصطلح” أسلوب” اللغات الأروبية الحديثة إلا في القرن التاسع عشر،حيث استخدم أول مرة في اللغة الإنجليزية عام 1846، ودخل القاموس الفرنسي مصطلحا كذلك سنة 1872. وتكاد جميع الدراسات الأسلوبية تنطلق من مفهوم” الكونت دي بوفون”(comte de buffon) (1788-1707)للأسلوب والذي ذكره في محاضراته عام 1753 ، والذي لايبتعد عن مفهوم أفلاطون المذكور سابقا حيث يقول :” إن المعارف والوقائع ، والمكتشفات تنزع بسهولة، وتتحول وتفوز إذا ما وضعتها يد ماهرة موضع التنفيذ هذه الأشياء إنما تكون خارج الإنسان، وأما الأسلوب فهو الإنسان نفسه. ولذا لا يمكنه أن ينتزع أو يحمل أو يتهدم .19والأسلوب عند شارل بالي (C- Bally) (1947-1865) هو مجموعة من عناصر اللغة المؤثرة عاطفيا على المستمع أو القارئ وحصر مفهومه كذلك في تفجر الطاقات التعبيرية الكامنة في اللغة بخروجها من عالمها الافتراضي إلى حيز الوجود اللغوي، فالأسلوب هو الاستعمال ذاته، وكأن اللغة مجموعة شحنات معزولة والأسلوب هو إدخال بعضها في تفاعل مع البعض الآخر، ومعدن الأسلوب ما يقوم في اللغة من وسائل تعبيرية تبرز المفارقات العاطفية والإرادية والجمالية حتى الاجتماعية والفنية .20ويقدم” ميشال ريفاتير” (M- Riffaterre) تعريفا للأسلوب على أساس ما يتركه النص من ردود فعل لدى متلقيه فيعده قوة ضاغطة تسلط على حساسية القارئ بواسطته يتم “إبراز بعض عناصر سلسلة الكلام، ويحمل القارئ على الانتباه إليها بحيث إن غفل عنها يشوه النص، وإذا حللها وجد لها دلالات تمييزية خاصة، بما يسمح بتقرير أن الكلام يعبر والأسلوب يبرز. 21 ومفهوم“ريفاتير” للأسلوب يستمد مقوماته من مرجعين أساسين :*المرجع الأول نظرية الإعلام (Théorie de l’information ) والتي تقضي أن تكون من كل عملية تخاطب جهاز أدنى يتألف من بـــــاث (Emmetteur) ومتقبـــــل(Recepteur) وناقـــــل(Tranmetteur)، حيث يقوم الباث بعملية التركيب (Codage) أي صياغة الرسالة (Message) التي تنتقل عبر قناة حسية (Canal) بواسطة الأداة اللسانية، ويقوم المقبل بعملية التفكيك (Décodage) 22* والمرجع الثاني النظرية السلوكية ، وهبي نظرية نفسية تسعى إلى إقامة علم نفس موضوعي يعتمد على الملاحظة الاختبارية ورفض الاستبطان والملاحظة الذاتية .23أما الأسلوب عند جان كوهين (Jean Cohen) فيمكن استخلاص جوهر مفهومه من خلال كتابه « بنية اللغة الشعرية » « Structure dulangage poétique» فهو يذكر بصدد تحديد المنهج المتبع في دراسته للشعر الفرنسي في الحقب الثلاثة (الكلاسيكية ، الرومانسية والرمزية) ذلك المنهج الذي لا يمكن أن يكون إلا منهجا مقارنا ما دام البحث في مسائل تمييزية، إذ يواجه الشعر بالنثر في ظل نظرية الانزياح، وهي أساس عمل كوهين، فالشعر عنده انزياح عن معيار هو قانون اللغة، ولكون النثر هو اللغة الشائعة فيمكن الحديث عن معيار تعد القصيدة انزياحا عنه. والانزياح هو التعريف الذي يعطيه شارل برونو للواقعة الأسلوبية آخذا في ذلك عن قول فاليري وهذا التعريف يتبناه اليوم معظم الاختصاصيين، فالأسلوب هو كل ما ليس شائعا ولا عاديا ولا مطابقا للمعيار العام المألوف، ويبقى مع ذلك كما مورس في الأدب يحمل قيمة جمالية. إن الانزياح إذن مفهوم واسع جدا تخصيصه وذلك بالتساؤل عن علة كون بعض أنواعه جماليا ، والبعض ليس كذلك 24 .ويجسد كوهين تعريفه للانزياح بقوله :” يمكن أن نشخص الأسلوب بخط مستقيم يمثل طرفاه قطبين ، القطب النثري الخالي من الانزياح والقطب الشعري الذي يصل فيه الانزياح إلى أقصى درجة، ويتوزع بينهما مختلف أنماط اللغة المستعملة فعليا، وتقع القصيدة قرب الطرف الأقصى، كما تقع لغة العلماء، بدون شك قرب القطب الآخر، وليس الانزياح فيها منعدما لكنه يدنو من الصفر، وسنظفر في مثل هذه اللغة بأقرب نموذج كما يدعوه رولان بارت درجة الصفر في الكتابة وبهذه اللغة سنقارن إذا كنا في حاجة إلى ذلك”.25ويخلص جان كوهين إلى أن الأمر الأولي الذي ينبني عليه هذا التحليل هو أن الشاعر لا يتحدث كما يتحدث الناس جميعا بل أن لغته شاذة، وهذا الشذوذ هو الذي يكسبها أسلوبا ، فالشعرية هي علم الأسلوب الشعري .وإذا كان جان كوهين قد عرض الأسلوب في ضوء مفهوم الانزياح في دراسة القيمة “بنية اللغة الشعرية “لتعد تطويرا وممارسة في الوقت نفسه لما يعرف بـ”الشعرية البنيوية”فإن “تزفتان تدوروف (Tz/ Todorov) هو الآخر تناول”الأسلوب” في دراساته الشعرية، ومصطلح”الشعرية” لا يبتعد كثيرا عن مفهوم” الأسلوب”،فمن المعاني التي تشير إليها الشعرية:مجموع الإمكانات ( التيماتيكة ، التركيبية ، الأسلوبية …إلخ) التي يتبناها كاتب ما26 وعليه فإن الشعرية تتخذ موضوعها في بلورة الوسائل التقنية الكفيلة بتحليل الآثار الأدبية باعتبارها خطابا أدبيا تظهر فيه مبادئ تناسل لا نهائية النصوص .27و تودروف لا يفصل بين ما يسميه سجلات القول، وهي محددة بكونها الكيفية التي يعرض بها الشارد، مثلا قصة معطيا هيمنة لعناصر بعينها، والأسلوب ، فكلامها، بالنسبة إليه ، شئ واحد، فالأسلوب عنده من خلال التمييز بين المعاني الشائعة للكلمة :1- فالأسلوب قد يقصد به أسلوب عصر معين أو حركة فنية ما، ومن الأفضل أن نستعمل هنا مفاهيم من مثل حقبة، جنس، نوع2- وقد يقصد به أسلوب عمل أدبي معين .3- وقد بعد الأسلوب انحراف عن معيار ، مع ذكر صعوبة تحديد المعيار -4 – وقد يعني نوعا وظيفيا للكلام ( الأسلوب الصحافي أو الإداري .. وغيره ) 28وبعد هذه التفرقة بين المعاني الجارية لكلمة “أسلوب ” نستطيع تحديده عند ” تودرورف ” باعتباره الاختيار الذي يجب أن يجريه النص من بين عدد معين من الالتزامات المتضمنة في اللغة، والأسلوب بهذا الفهم يوازي سجلات اللغة وتر ميزاتها الصغرى، وهذا ما تحيل عليه تعابير من مثل الأسلوب المجازي، الخطاب الانفعالي، وأن وصفا لعبارة ما، ليس إلا وصفا لمجل المميزات الكلامية .29وعلى العموم فنظرة الدارسين الغربيين للأسلوب يمكن إرجاعها إلى ثلاث وجهات نظر:أولا:الأسلوب اختيار وانتقاء يلجأ إليه المنشئ فيؤثر سمات لغوية معينة دون غيرها، للتعبير عن موقف معين ، ما دامت اللفظة تتيح له قائمة من الإمكانات المسهلة للتعبير والمحققة لجملة من الأغراض الإبلاغية، فالأسلوب هو جملة تلك الاختيارات البارزة في أدب أو كتابة منشئ معين نميزه عن غيره .وليس كل اختيار يقوم به المؤلف يكون أسلوبيا فهو نوعان:1- اختيار محكم بسياق الكلام .2- اختيار تتحكم فيه مقتضيات التعبير الخالصة .أما الأول فنفعي مقامي، والنفعية استعمال الإنسان للغة من أجل إنجاز أغراض معينة، فيقوم باستخدام كلمة أو عبارة دون غيرها لأنها أكثر مطابقة للحقيقة وربما يوظفها لتضليل سامعه ولإيهامه بأشياء معينة أو لتفادي الاصطدام معه إذا كانت لديه حساسية اتجاه كلمة ما. وأما الثاني فانتقائي نحوي ، والنحو-في تصوره الشامل- الجامع للجوانب الصوتية والصرفية والدلالية والتركيبية، فيعمد المتكلم إلى توظيف عبارة أو تركيب يحكم صحتها وفصاحتها ودقتها ، وبهذين الاختيارين يتحدد الأسلوب .والأسلوب من وجهة نظر ثانية، انحرافDéviation أو انزياح Ecart أو عدول عن نموذج آخر يعد النمط المعياري له. ووفقا لهذه النظرية تكون الدراسة الأسلوبية دراسة مقارنة بين النص المفارق والنص النمط لتبين السمات والخصائص اللغوية. والمقارنة هنا وسيلة هامة وأساسية فهي قوام التمييز بين خصائص الأساليب.ومن الاعتراضات التي وجهت إلى أصحاب نظرية “الانحراف” هي صعوبة تحديد المعيار أو القاعدة التي يقاس إليها الانحراف عن النمط الذي تتميز به لغة النص الأدبي .والأسلوب من جهة نظر ثالثة، يقوم على ما يتركه النص من ردود فعل لدى المتلقي، وهذا يمثله “ريفـاتير”30 كما خلص “كروتشه “إلى أن اللغة ليست مقبرة لأجساد ثاوية محنطة، والوحدة الحقيقة هي الشكل الداخلي لبعض أجزاء القول وعلى الباحث اللغوي والجمالي الناقد أن يواجه هذا الشكل الداخلي لتوضيح مداه في بنيته ومعناه 31 .إن الأسلوب في اصطلاح البلاغيين يعني ( فن قول ) باعتباره طريقة من طرق التعبير ، ومن هنا فأنه يرتبط ارتباطا وثيقا بالمبدع من حيث أن لكل طريقته الخاصة في التعبير من خلال فن القول .وهكذا فإن الأسلوب القولي يأخذ مفهوما واسعا حيث تتعدد أنواعه وتختلف بتعدد الأشخاص المبدعين واختلافهم في سماتهم النفسية . 32 فهو عند موريه موقف من الوجود وشكل من أشكل الكينونة وليس في الحقيقة شيئا نلبسه ونخلعه كالرداء ،ولكنه الفكر الخالص نفسه والتحويل المعجز لشيء روحي إلى الشكل الوحيد الذي يمكننا تلقيه كما يقر الدكتور صلاح فضل في كتابه (علم الأسلوب ص75)،وهو عند معظم اللغويين إما اختيار أو انحراف أو عدول.1 ابن منظور ، لسان العرب ، مادة (سلب) ، دار صادر ، بيروت مج1 ، ط1 ، 1955 ، ص 473 2- الزمخشري ، أساس البلاغة القاهرة ، مادة (سلب) ، كتاب الشعب ، 1960 ،ص452. ومادة (سلب) الطاهر أحمد الزاوي ، ترتب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان ، ج2 ، 1399 هـ/ 1979 م ، ص 590 ، ومادة (سلب )الفيروز أبادي، دار الجيل ، بيروت، ج 1 ، ص 86 . ومادة (سلب)، ابن فارس ، معجم مقياس اللغة ، تحقيق وضبط عبد السلام محمد هارون ، دار الجيل ، بيروت ، لبنان ، مج 3 ،ط1 1411 ه /1991 ،ص92 و ما بعدها.ومادة (سلب) ، الرازي ، مختار الصحاح ، دار الجبل ، بيروت ، لبنان 1407 هـ/1987م ، ص 308 ، ومادة( سلب) ، المنجد في اللغة والأعلام ، دار المشرق ، بيروت ، ط 1 ، 1991 م ،ص 342 وما بعدها . ومادة (سلب )، إبراهيم أنيس وآخرون، المعجم الوسيط ، دار الأمواج ،بيروت، لبنان، ط2 ، 1410 هـ/ 1990 م ، ص 440 وما بعدها .3 – محمد عبد المطلب ، البلاغة والأسلوبية ، الشركة المصرية العالمية للنشر ، لبنان ، ط1، 1994 م ، ص 104 – ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن ، شرحه ونشره السيد أحمد صقر ، دار التراث ، القاهرة ط2، 1973 ، ص 12 .5 - شوقي ضيف ، البلاغة تطور وتاريخ، دار المعارف بمصر ط2 ، ص 189 .6 – ابن خلدون ، المقدمة ، دار الجيل ، بيروت ، (د ت )ص 631 ، 632 .7 - جون ليونز ، نظرية تشومسكي اللغوية ، ترجمة حلمي خليل ، دار المعرفة الجامعية ، 1995 .8 – حسين المرصفي: الوسيلة الأدبية للعلوم العربية، مطبعة المدارس الملكية، القاهرة، 1292 هـ، ج 2 ، ص 4659 – الرافعي ، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ، مطبعة المقتطف والمقطم ، القاهرة ، ط3 ، 1928 م ، ص 204 .10 - المرجع نفسه ، ص 272 .11 - المرجع نفسه ، ص 342.12 - أحمد الشايب، الأسلوب، دراسة بلاغية تحليلية لأصوات الأساليب الأدبية ، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة ، ط5 ، 1956 ، ص 13 .13 - شكري عياد : مفهوم الأسلوب، مجلة فصول ، أكتوبر ، 1985 ، ص 55.14 - محمد عبد المطلب : البلاغة والأسلوبية ،مرجع سابق، ص 117 .15 - هوجومونتين : الأسلوب والأسلوبية، ترجمة د/ عبد اللطيف عبد الحليم ، مجلة فصول ، عدد 103 رجب 1406 هـ 1986، ص 4116 - المرجع نفسه، ص 04 .17 – مجدي وهبة ، معجم المصطلحات الأدبية ، مكتبة لبنان ، بيروت ، ط1 ، 1974 ، ص : 54218 - بييرجيرو ، الأسلوب والأسلوبية ، ترجمة منذر العياشي ، مركز الإنماء القومي ، لبنان ،( د، ت) ص : 2319 المرجع نفسه، ص: 22، وعبد السلام المسدي: الأسلوبية والأسلوب، الدار العربية للكتاب،ط 2 ، 1982 ،ص 6720 - عبد السلام المسدي :النقد و الحداثة،مع دليل بيبليوغرافي،دار الطليعة للطباعة والنشر،بيروت ، ط1، 1983 ، ص 4421 - عبد السلام المسدي ، الأسلوبية و الأسلوب ، ص : 83 .22 – عبد السلام المسديSad محاولات في الأسلوبية الهيكلية). مجلة الموقف الأدبي ، ع 71 / آذار 1977 ،ص 111 11223 – المرجع نفسه : ص 112 .24 - جان كوهين، بنية اللغة الشعرية ،ترجمة عبد الولي محمد العربي، دار طوبقال للنشر،الدار البيضاء ط1، 1986،ص 1525 – المرجع نفسه : ص 24.2326 - عثمان الميلود ، شعرية تودر وف ، دار قرطبة ، الدار البيضاء ،ط1 ،1990 ، ص : 04 .27 - المرجع نفسه ، ص 05 .28 – المرجع نفسه ، ص 39 ، 40 .29 - المرجع نفسه ، ص : 4030 - سعد مصلوح ، الأسلوب دراسة لغوية إحصائية ، عالم الكتب ، القاهرة ، ط3 ،1416 هـ 1996 م،ص: 37 وما بعدها31 - صلاح فضل، علم الأسلوب ،ص 3632 – مجيد ناجي ،الأسس الفنية لأساليب البلاغة العربية ، ص 12 .
    احفظ المقالة على أحد المواقع التالية



      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 10:56 pm