ماهية الابستيمولوجية:الإبستيمولوجية epistemology مصطلح ذو أصل إغريقي مؤلف من كلمتين: epistemo وتعني المعرفة و logos وتعني علم. ويعني المصطلح حرفياً علم المعرفة أو علم العلم.
مصدر ثاني لنظرية المعرفة: نظرية المعرفة أو الإبستمولوجيا (Epistemology) كلمة مؤلفة من جمع كلمتين يونانيتين : episteme بمعنى علم و logos بمعنى : حديث ، علم ، نقد ، دراسة فهي إذا دراسة العلوم النقدية . تعتبر نظرية المعرفة أحد فروع الفلسفة الذي يدرس طبيعة و منظور المعرفة ، المصطلح بحد ذاته (إبستمولوجيا) يعتقد أن من صاغه هو الفيلسوف الاسكتلندي جيمس فريدريك فيرييه.
يعرفها لالاند في معجمه الفلسفي بأنها فلسفة العلوم ، وهي تختلف بهذا عن علم مناهج العلوم ( ميثودولوجيا ) لأن الايبستمولوجيا تدرس بشكل نقدي مبادئ كافة أنواع العلوم و فروضها و نتائجها لتحديد أصلها المنطقي و بيان قيمتها .
معظم الجدل و النقاش في هذا الفرع الفلسفي يدور حول تحليل طبيعة المعرفة و ارتباطها بالترميزات و المصطلحات مثل الحقيقة ، الاعتقاد ، و التعليل (التبرير) . تدرس الإبستمولوجيا أيضا وسائل إنتاج المعرفة ، كما تهتم بالشكوك حول إدعاءات المعرفة المختلفة . بكلمات أخرى تحاول الإبستمولوجيا أن تجيب عن الأسئلة : "ما هي المعرفة؟" "كيف يتم الحصول على المعرفة؟" . و مع أن طرق الإجابة عن هذه الأسئلة يتم باستخدام نظريات مترابطة فإنه يمكن عمليا فحص كل من هذه النظريات على حدة .(1)
أول من وضع المصطلح:هو الفيلسوف الاسكتلندي جيمس فريدريك فيرييه (1808 - 1864) حين ألف كتابه مبادئ الميتافيزيقا. إذ قسم الفلسفة فيه إلى قسمين: أنطولوجية وإبستيمولوجية.
أما المعنى المعاصر لمصطلح إبستيمولوجية في الفلسفة العربية والفرنسية فهو: الدراسة النقدية للمعرفة العلمية.
ومع أن مفهوم «العلم» حاضر في تاريخ الفلسفة، ولاسيما عند أفلاطون وأرسطو وديكارت ولوك وليبتنز فإن الإبستيمولوجية بوصفها مبحثاً مستقلاً موضوعه المعرفة العلمية، لم تنشأ إلا في مطلع القرن العشرين حين اتجهت إلى تحديد الأسس التي يرتكز عليها العلم، والخطوات التي يتألف منها، وإلى نقد العلوم والعودة إلى مبادئها العميقة. وذلك بتأثير التقدم السريع للعلم، والاتجاه نحو التخصص المتزايد، وما ولدّه ذلك من تغيّر في بنية منظومة العلوم، ومن صعوبات وإشكالات ذات طبيعة نظرية.
و الإبستيمولوجية بوصفها الدراسة النقدية للعلم تختلف عن نظرية المعرفة .(1)
والابيستيمولوجيا العربية: برأي المفكر المغربي محمد عابد الجابري تنطوي على كثير من الغيبيات و التابوهات الدينية والتراثية مثل غطاء الرأس للمرأة أو الخوف من الحسد أو من الانخراط في العمل السياسي وخاصة في الأحزاب المعارضة .. الخ..
ولزيادة التبسيط يمكن توضيح الابيستيمولوجيا بشكل رياضي كالتالي: الحدث أ«البنية المعرفية»
ب« المخرجات التي تحدد ماهية الاستجابة واتجاهها »
ج« ولنضرب مثلا بسيطا على ذلك:
1- سيارة مسرعة تدهس عدنان وتطرحه أرضا هذا هو الحدث »أ«.
2- محمود يشاهد الحادث من بعد ولم يتمكن من تحديد رقم السيارة أو نوعها. فيفكر بالقيام بما يمليه عليه الواجب أي حمل الجريح عدنان إلى اقرب مستشفى لكنه يتردد، هذه هي الاستجابة »ج«
3- جرت التقاليد العشائرية وحتى بعض أحكام القانون وأنظمة السير باعتبار محمود مشبوها وربما يتم اعتقاله إلى حين التأكد من براءته، ولذلك يغير محمود وجهة سيره ويترك عدنان جريحا على الشارع فيموت بعد ساعة نتيجة نزيف داخلي كان بالإمكان وقفه لو تم نقله إلى المستشفى مباشرة بعد الحادث.
وإذا طبقنا النظرية المعرفية على الشعب العربي بشكل عام لعرفنا الكثير عن السلوكيات والمواقف العربية..
إن نصف المساجين في معظم الأقطار العربية سجناء رأي، أي أنهم معارضون لتوجهات حكوماتهم السياسية وربما الاجتماعية وهذا ما يفسر عزوف مواطني تلك الدول عن الانخراط في الأحزاب أو العمل السياسي بما في ذلك عدم الاهتمام بالانتخابات والإدلاء بأصواتهم.. الخ
مجال نظرية المعرفة: ففي حين تتناول نظرية المعرفة théorie de la connaissance عملية تكون المعرفة الإنسانية من حيث طبيعتها وقيمتها وحدودها وعلاقتها بالواقع، وتبرز - بنتيجة هذا التناول - اتجاهات اختيارية وعقلانية ومادية ومثالية، فإن موضوع الإبستيمولوجية ينحصر في دراسة المعرفة العلمية فقط.
وإذا كانت الإجابات التي تقدمها نظرية المعرفة «إطلاقية» وعامة وشاملة، فإن الإبستيمولوجية تدرس المعرفة العلمية في وضع محدد تاريخياً، من دون أن تنزع نحو إجابات مطلقة.
مجالات الابستيمولوجية: تدرس الإبستمولوجيا وسائل إنتاج المعرفة ، كما تهتم بالشكوك حول إدعاءات المعرفة المختلفة . بكلمات أخرى تحاول الإبستمولوجيا أن تجيب عن الأسئلة : "ما هي المعرفة؟" "كيف يتم الحصول على المعرفة؟" . و مع أن طرق الإجابة عن هذه الأسئلة يتم باستخدام نظريات مترابطة فإنه يمكن عمليا فحص كل من هذه النظريات على حدة .(1)
وإلى جانب مسألة تاريخ العلم تبحث الإبستيمولوجية في مسألة تصنيف العلوم. وهي مسألة عالجتها الفلسفة من قبل، غير أن الإبستيمولوجية رفضت التصنيف السكوني للعلوم الذي يقوم على أساس تصنيف الملكات الذي يعود إلى أرسطو. إذ صنّفت العلوم وفقاً للملكات عل النحو الآتي:
1- ملكة العقـل: وتشمل الرياضيات والفيزياء والفلسفة.
2- ملكة الذاكرة: وتشمل التاريخ والتاريخ الطبيعي.
3- ملكة الخيال: وتشمل الشعر.
كما تجاوزت الإبستيمولوجية تصنيف العلوم على أساس الانتقال من أكثر العلوم عمومية وبساطة إلى أكثرها خصوصية وتعقيداً،وهو تصنيف يعود إلى أوغست كونت .
مع ذلك يتفق الإبستيمولوجيون على تصنيف موحد للعلوم فهناك التصنيف الجدلي للعلوم الذي قدمه الإبستيمولوجي السوفييتي كيدروف الذي يرى أن العلوم ثلاثة أنواع:
العلوم الطبيعية، والعلوم الاجتماعية، والعلوم الفلسفية، مقتفياً في ذلك أثر أنلغز .
ولكنه رأى أن هناك علوماً متوسطة بين العلوم السابقة، فالعلوم التطبيقية: كالزراعة والطب، تقع بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية. والرياضيات تقع بين العلوم الطبيعية والعلوم الفلسفية. ويرتبط علم النفس بجميع العلوم الأخرى إذ يرتبط بالعلوم الطبيعية من طريق نظرية النشاط العصبي ويرتبط بالعلوم الاجتماعية عن طريق علم اللغة ويرتبط بالعلوم الفلسفية عن طريق المنطق ونظرية المعرفة. أما الفلسفة فإنها تنفذ إلى جميع العلوم لأنها تمدها بالمنهج العام.
أما جان بياجيه فيقسم العلوم إلى مجموعات أربع: العلوم المنطقية الرياضية والعلوم الفيزيائية والعلوم البيولوجية والعلوم النفسية - الاجتماعية ومنها الألسنية وعلم الاقتصاد. وبين هذه العلوم علاقة متبادلة.
زيادة على ذلك :ترى الإبستيمولوجية في التعميمات الفلسفية لنظرية المعرفة عائقاً أمام تطور المعرفة العلمية. ذلك أن التصورات الزائفة عن المعرفة تؤثر سلبياً في مجال المعرفة العلمية، وخاصة حين تضع حدوداً للعلم.
مدارس الابستمولوجيا : هي مختلفة, فالتجريبيون يردون المعرفة إلى الحواس, والعقليون يؤكدون أن بعض المبادئ مصدرها العقل لا الخبرة الحسية, وعن طبيعة المعرفة, يقول الواقعيون أن موضوعها مستقل عن الذات العارفة, ويؤكد المثاليون أن ذلك الموضوع عقلي في طبيعته لأن الذات لا تدرك إلا الأفكار. وكذلك تختلف المذاهب في مدى المعرفة: فمنها ما يقول أن العقل يدرك المعرفة اليقينية, ومنها ما يجعل المعرفة كلها احتمالية, ومنها ما يجعل معرفة العالم مستحيلة.
وقد توصل مؤسسو علم الفيزياء الحديث إلى أن المنهج الاستقرائي أصبح عاجزاً عن قراءة كتاب الطبيعة، ولهذا عولوا على المنهج الاستنباطي الرياضي. ولقد توصل نيوتن إلى نظريته في الميكانيك وقانون الجاذبية عن طريق المنهج الاستنباطي وليس عن طريق الاستقراء.