تتمة حروف المعاني
سادسا ـ هاء السكت :
هاء ساكنة لبيان حركة الحرف في كل مبني متحرك ، أو لبيان الألف في صيغة الندبة .
مثال بيان الحركة في كل مبني متحرك ، نقول : بمهْ ، ولمهْ ، وقهْ ، ولم يعطهْ ، وارمهْ . ومنه قوله تعالى : { هاؤم اقرءوا كتابيهْ }1 .
175 ـ وقوله تعالى : { ما أغنى عني ماليهْ هلك مني سلطانيهْ }2 .
وبيان حركة الألف ، نحو : وامعتصماهْ ، واليلاهْ .
* وزيادة هاء السكت تكون واجبة ، وجائزة .
الواجبة : هي التي لا يجوز حذفها ، أو الاستغناء عنها ، وتكون في موضعين :
1 ـ أن تزاد على الفعل الذي بقي على حرف واحد ، أو حرفين أحدهما زائد .
نحو : قِهْ . في قولنا : قِ محمدا من الهلاك .
ونحو : لا تقِهْ . في قولنا : لا تقِ محمدا من الهلاك .
2 ـ أن تزاد على " ما " الاستفهامية المجرورة بالإضافة بعد حذف الألف .
نحو : اقتضاء مَهْ ؟
أما الجائزة : فتكون في غير الموضعين السابقين ، بشرط أن يكون الوقف بها على كل متحرك حركة بناء لا تشبه الإعراب ، كـ " ما " الاستفهامية المجرورة بحرف الجر . نحو : بمهْ ، ولمهْ .
وبعد الأفعال المحذوفة الآخر جزما ، أو وقفا ، والضمائر المبنية على الفتح .
نحو : لم يدعهْ ، وأعطهْ .
176 ـ ومنه قوله تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره }3 .
والضمائر المبنية على الفتح .
177 ـ كقوله تعالى : { وما أدراك ما هيهْ }4 .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 19 الحاقة . 2 ـ 29 ، 30 الحاقة .
3 ـ 7 الزلزلة . 4 ـ 10 القارعة .
ومنه قول حسان :
إذا ما ترعرع فينا الغلام فما إن يقال له : من هوهْ
ولا يقف بهاء السكت على المبني بناء عارضا كاسم " لا " النافية للجنس ، أو المنادى المبني على الضم ، أو العدد المركب ، ولا تلحق الفعل الماضي وإن كانت حركة بنائه لازمة لشبهه بالمضارع (1) .
شين الوقف :
عبارة عن حرف الشين يجعله بعض العرب بدلا من كاف المؤنث في حالة الوقف ، حرصا على البيان ، لأن الكسرة الدالة على التأنيث تختفي في الوقف فأبدلوها شينا .
نحو قولهم : عليش : في عليك ، ومنش : في منك ، ومررت بش : في مرري بك .
* وقد تلحق الشين الكاف دون حذفها ، ويكون الوقف على الشين .
كقولهم : أكرمتكش : في أكرمتك ، ومررت بكش : في مررت بك .
* ولا يكون الوقف بالشين في حالة وصل الكلام بعضه ببعض ، وإنما يجب الحذف ، وقد سمع موقوفا في الوصل .
كقول الشاعر :
فعيناشِ عيناها وجيدُشِ جيدها سوى أن عظم الساق منشِ دقيق
ومنه قوله تعالى في قراءة بعضهم : { قد جعل ربش تحتش سريا } .
في قوله تعالى : { قد جعل ربك تحتك سريا }2 .
* وشين الوقف تسمى " الكشكشة " ، وهي إحدى لغات بني تميم ، ومثلها " الكسكسة " في بكر ، وهي : إلحاقهم بكاف المؤنث سينا في الوقف .
نحو : مررت بكس : في مررت بك ، ونزلت عليكس : في نزلت عليك .
وما سبق من لغات بعض القبائل لا يقاس عليه .
ـــــــــــــــ
1 ـ شرح ابن الناظم ص 812 .
حرف التذكر :
حرف مد يزاد بعد الكلمة ، أو الحرف إذا أريد اللفظ بما بعده ، ونسي ذلك المراد ، فيقف متذكرا ، ولا يقطع كلامه ، لأنه لم ينته منه .
نحو قولهم : قالا : في " قال " بمد فتحة اللام .
ونحو : يقولو : في " يقول " بمد ضمة اللام .
ويتبع حرف المد حركة الحرف الذي قبله ، فإن كانت حركة الحرف فتحة ، كان حرف التذكر ألفا ، وإن كانت حركة الحرف ضمة ، كان حرف التذكر واوا ، وإن كانت حركة الحرف الكسرة كان حرف التذكر الياء .
نحو قولهم : العامي : في قولهم : في العامِ .
* أما إذا كانت حركة الحرف الأخير من الكلمة التي يتذكر فبها المتكلم ، ولا يريد أن يقطع كلامه سكونا ، كـ " أل " التعريف في كلمة الرجل ، والغلام لزم كسرها تشبيها بالقافية المجرورة إذا كان حرف رويها صحيحا ساكنا .
85 ـ كقول النابغة الذبياني :
أفد الترحل غير أن ركابنا لما يزل برحالنا وكأن قدِ
الشاهد قوله : وكأن قدِ ، فكسر حرف الدال من كلمة قد ، لأنه ساكن في الأصل ، وحرك بالكسر لمجيء الساكن بعده .
ومنه قولهم : قدِ احمرَّ البلح .
وعليه نقول في التذكر : قدي ، في قد قام .
* أما إذا كانت حركة الحرف الأخير من الكلمة ، أو الحرف الذي يتذكر فيه المتكلم مما يكون مفتوحا في حالة ، ومكسورا في حالة أخرى بحسب مقتضى الكلام ، كحرف الجر " من " ، نقول : منَّا ، في حالة مجيئها مفتوحة ، في مثل قولك :
غضبت منَ الرجل .
ونقول " منِّي " في حالة مجيئها مكسرة في مثل قولنا : غضبت منِ ابنك .
وما ذكرناه آنفا ينطبق على كل ساكن وقفت عليه ، وتذكرت بعده كلاما فأنه يلزم فيه الكسر ، مع إشباع الكسرة للاستطالة ، والتذكر ، إن كان مما يكسر ، إذا تلاه ساكن ، أما إذا كان الحرف الساكن مما يكون مضموما ، ووقفت عليه متذكرا ، ألحقته واوا . كقولك : " مذو " ، في : ما رأيتك مذ اليوم .
فـ " مذ " إذا جاء ساكن بعدها ضمت ، لأن الأصل في " منذ " الضم .
حروف الزيادة : إنْ ، أنْ ، ما ، لا ، من ، والباء .
وهي حروف تزاد في وسط الكلام ، وتكون زيادتها للتأكيد ليس غير . فدخولها في الكلام كخروجها ، إذ إنها لا تحدث معنى إعرابيا ، وقد تسمى بعض النحاة هذه الحروف بحروف الزيادة ، وسماها البعض بحروف الصلة ، أو الحشو .
أولا ـ " إن " المكسورة الهمزة ، الساكنة النون ، تكون زيادتها غالبا بعد " ما " النافية ، وتكون هذه الزيادة على نوعين : ـ
1 ـ نوع تكون فيه " إن " زائدة مؤكدة . نحو : ما إن رأيته . والمقصود : ما رأيته.
فـ " إن " في الكلام السابق زائدة ، لم يكن لوجودها في الكلام أي أثر إعرابي .
ومنه قول دريد بن الصمة :
" ما إن رأيت ولا دريت به "
الشاهد قوله : " ما إن " فزاد " إن " بعد " ما " ، وتقدير المعنى : ما رأيت .
86 ـ ومنه قول الكميث :
فما إن طبنا جبن ولكن منايانا ودولة آخرين
1 ـ نوع تكون فيه " إن " زائدة كافة ، وهذا النوع لا اختلاف فيه عن النوع السابق ، وإنما يحدده نوع " ما " النافية التي تسبق " إن " الزائدة .
نحو : ما إن محمد قائم .
فـ " ما " النافية إما أن تكون حجازية ، أو تميمية . فإذا كانت حجازية فهي نافية عاملة ، و " إن " بعدها زائدة كافة لها عن العمل ، ويكون ما بعدها مبتدأ وخبر ، مثلها مثل " ما " الكافة لـ " إنَّ " الثقيلة عن العمل .
178 ـ نحو قوله تعالى : " إنما المؤمنون إخوة }1 .
وإذا كانت " ما " تميمية فهي نافية لا عمل لها ، وتمون " إن " بعدها زائدة مؤكدة للنفي كما في النوع الأول ، ونحو : ما إن رأيت .
* وزاد " إن " المؤكدة مع " ما " المصدرية ، فيكونان معا بمعنى " الحين والزمان ".
نحو : انتظرنا ما إن جلس القاضي . والمعنى : زمان جلوسه .
179 ـ ومنه قوله تعالى : { وكنت عليهم شهيدا ما دمت حيا }2 .
والمعنى : مدة دوامك ، أو زمن دوامك حيا .
حيث انسبكت " ما " مع الفعل مكونة مصدرا مؤولا يستعمل بمعنى الحين ، ويكون الظرف هو الاسم المحذوف الذي أقيم المصدر مقامه .
فإذا قلنا : سأجلس ما دمت جالسا . يكون التقدير : سأجلس مدة جلوسك .
فحذفنا الظرف ، وهو كلمة " مدة " ، أو " وقت " وجعلنا المصدر مكانها .
87 ـ ومنه قول معلوط القريعي :
ورج الفتى للخير ما إن رأيته على السن خيرا ما يزال يزيد
والمعنى : رج الخير له إذا رأيته يزداد على السن والكبر خيرا .
ثانيا ـ " أن " المفتوحة الهمزة الساكنة النون :
تزاد " أن " بعد " ما " . نحو : لما أن جاء المعلم قمنا إجلالا له .
180 ـ ومنه قوله تعالى : { ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم }3 .
فـ " أن " في الآية زائدة للتوكيد ، ويدلنا على ذلك قوله تعالى في سورة هود :
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 10 الحجرات . 2 ـ 117 المائدة .
3 ـ 33 العنكبوت .
" ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم }1 . فلا اختلاف في المعنى بين الآيتين .
كما تزاد " أن " في القسم . نحو : أما والله أن لو فعلت لفعلت .
ثالثا ـ " ما " الزائدة : تزاد " ما " على ضربين : ـ
1 ـ زائدة كافة سواء أكان ذلك للاسم ، أم للفعل ، أم للحرف .
مثال زيادتها وكفها للاسم : حضرتُ بعدما أنتم قيام .
ونحو : بينما نحن نستمع لشرح المعلم قرع الجرس .
88 ـ ومنه قول كثير عزة :
بينما نحن بالبلاكت فالقا ع سراعا والعيش تهوي هويَّا
الساهد قوله : بينما نحن ، فقد زيد " ما " بعد " بين " فكفتها عن العمل ، والأصل في الظرف أن يجر ما بعده من الأسماء بالإضافة ، فزيادة " ما " أبطل هذا العمل ، وجاء بعدها جملة ابتدائية .
وزيادتها على الفعل نحو : قلما ، وطالما .
وهي حينئذ تكفه عن العمل ، وتجعله صالحا لدخوله على فعل آخر .
نحو : قلما أحضرُ ، وطالما انتظرتُ .
ودخولها على الفعل تجعله كالحرف ، فيستغي عن الفاعل ، لتهيئته للدخول على فعل أخر ، وهذا ممتنع في الأفعال في غير هذا الموضع .
وتزاد على الحر الحرف فتكفه عن العمل من ناحية ، وتهيئه للدخول على ما لم يدخل عليه قبل الكف من ناحية أخرى .
مثال الأول : كأنما عليٌّ أسد ، ولعلما محمدٌ قادم .
181 ـ ومنه قوله تعالى : { إنما إلهكم إله واحد }2 .
وقوله تعالى : { إنما أنت مذكر }3 .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 77 هود . 2 ، 3 ـ 21 الغاشية .
182 ـ ومثال الثاني قوله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء }1
وقوله تعالى : { كأنما يساقون إلى الموت }2 .
وقوله تعالى : { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين }3 .
2 ـ زائدة مؤكدة غير كافة ، وهي نوعان :
أ ـ أن تكون عوض عن محذوف . نحو : أمَّا أنت قائما قمت معك .
ومنه قول الشاعر :
أبا خراشة أمَّا أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبُعُ
الشاهد قوله : أما أنت " فأما " : هي " أن " زيدت إليها " ما " للتوكيد ، وهذه العبارة عوض من " كان " المحذوفة ، والأصل : إن كنت ذا نفر .
ب ـ أن تكون زيادتها لمجرد التوكيد ، وهذا كثير في القرآن الكريم ، والشعر ، والنثر . نحو : غضبت من غير ما جرم . وعنفت من غير ما سبب . فـ "
سادسا ـ هاء السكت :
هاء ساكنة لبيان حركة الحرف في كل مبني متحرك ، أو لبيان الألف في صيغة الندبة .
مثال بيان الحركة في كل مبني متحرك ، نقول : بمهْ ، ولمهْ ، وقهْ ، ولم يعطهْ ، وارمهْ . ومنه قوله تعالى : { هاؤم اقرءوا كتابيهْ }1 .
175 ـ وقوله تعالى : { ما أغنى عني ماليهْ هلك مني سلطانيهْ }2 .
وبيان حركة الألف ، نحو : وامعتصماهْ ، واليلاهْ .
* وزيادة هاء السكت تكون واجبة ، وجائزة .
الواجبة : هي التي لا يجوز حذفها ، أو الاستغناء عنها ، وتكون في موضعين :
1 ـ أن تزاد على الفعل الذي بقي على حرف واحد ، أو حرفين أحدهما زائد .
نحو : قِهْ . في قولنا : قِ محمدا من الهلاك .
ونحو : لا تقِهْ . في قولنا : لا تقِ محمدا من الهلاك .
2 ـ أن تزاد على " ما " الاستفهامية المجرورة بالإضافة بعد حذف الألف .
نحو : اقتضاء مَهْ ؟
أما الجائزة : فتكون في غير الموضعين السابقين ، بشرط أن يكون الوقف بها على كل متحرك حركة بناء لا تشبه الإعراب ، كـ " ما " الاستفهامية المجرورة بحرف الجر . نحو : بمهْ ، ولمهْ .
وبعد الأفعال المحذوفة الآخر جزما ، أو وقفا ، والضمائر المبنية على الفتح .
نحو : لم يدعهْ ، وأعطهْ .
176 ـ ومنه قوله تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره }3 .
والضمائر المبنية على الفتح .
177 ـ كقوله تعالى : { وما أدراك ما هيهْ }4 .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 19 الحاقة . 2 ـ 29 ، 30 الحاقة .
3 ـ 7 الزلزلة . 4 ـ 10 القارعة .
ومنه قول حسان :
إذا ما ترعرع فينا الغلام فما إن يقال له : من هوهْ
ولا يقف بهاء السكت على المبني بناء عارضا كاسم " لا " النافية للجنس ، أو المنادى المبني على الضم ، أو العدد المركب ، ولا تلحق الفعل الماضي وإن كانت حركة بنائه لازمة لشبهه بالمضارع (1) .
شين الوقف :
عبارة عن حرف الشين يجعله بعض العرب بدلا من كاف المؤنث في حالة الوقف ، حرصا على البيان ، لأن الكسرة الدالة على التأنيث تختفي في الوقف فأبدلوها شينا .
نحو قولهم : عليش : في عليك ، ومنش : في منك ، ومررت بش : في مرري بك .
* وقد تلحق الشين الكاف دون حذفها ، ويكون الوقف على الشين .
كقولهم : أكرمتكش : في أكرمتك ، ومررت بكش : في مررت بك .
* ولا يكون الوقف بالشين في حالة وصل الكلام بعضه ببعض ، وإنما يجب الحذف ، وقد سمع موقوفا في الوصل .
كقول الشاعر :
فعيناشِ عيناها وجيدُشِ جيدها سوى أن عظم الساق منشِ دقيق
ومنه قوله تعالى في قراءة بعضهم : { قد جعل ربش تحتش سريا } .
في قوله تعالى : { قد جعل ربك تحتك سريا }2 .
* وشين الوقف تسمى " الكشكشة " ، وهي إحدى لغات بني تميم ، ومثلها " الكسكسة " في بكر ، وهي : إلحاقهم بكاف المؤنث سينا في الوقف .
نحو : مررت بكس : في مررت بك ، ونزلت عليكس : في نزلت عليك .
وما سبق من لغات بعض القبائل لا يقاس عليه .
ـــــــــــــــ
1 ـ شرح ابن الناظم ص 812 .
حرف التذكر :
حرف مد يزاد بعد الكلمة ، أو الحرف إذا أريد اللفظ بما بعده ، ونسي ذلك المراد ، فيقف متذكرا ، ولا يقطع كلامه ، لأنه لم ينته منه .
نحو قولهم : قالا : في " قال " بمد فتحة اللام .
ونحو : يقولو : في " يقول " بمد ضمة اللام .
ويتبع حرف المد حركة الحرف الذي قبله ، فإن كانت حركة الحرف فتحة ، كان حرف التذكر ألفا ، وإن كانت حركة الحرف ضمة ، كان حرف التذكر واوا ، وإن كانت حركة الحرف الكسرة كان حرف التذكر الياء .
نحو قولهم : العامي : في قولهم : في العامِ .
* أما إذا كانت حركة الحرف الأخير من الكلمة التي يتذكر فبها المتكلم ، ولا يريد أن يقطع كلامه سكونا ، كـ " أل " التعريف في كلمة الرجل ، والغلام لزم كسرها تشبيها بالقافية المجرورة إذا كان حرف رويها صحيحا ساكنا .
85 ـ كقول النابغة الذبياني :
أفد الترحل غير أن ركابنا لما يزل برحالنا وكأن قدِ
الشاهد قوله : وكأن قدِ ، فكسر حرف الدال من كلمة قد ، لأنه ساكن في الأصل ، وحرك بالكسر لمجيء الساكن بعده .
ومنه قولهم : قدِ احمرَّ البلح .
وعليه نقول في التذكر : قدي ، في قد قام .
* أما إذا كانت حركة الحرف الأخير من الكلمة ، أو الحرف الذي يتذكر فيه المتكلم مما يكون مفتوحا في حالة ، ومكسورا في حالة أخرى بحسب مقتضى الكلام ، كحرف الجر " من " ، نقول : منَّا ، في حالة مجيئها مفتوحة ، في مثل قولك :
غضبت منَ الرجل .
ونقول " منِّي " في حالة مجيئها مكسرة في مثل قولنا : غضبت منِ ابنك .
وما ذكرناه آنفا ينطبق على كل ساكن وقفت عليه ، وتذكرت بعده كلاما فأنه يلزم فيه الكسر ، مع إشباع الكسرة للاستطالة ، والتذكر ، إن كان مما يكسر ، إذا تلاه ساكن ، أما إذا كان الحرف الساكن مما يكون مضموما ، ووقفت عليه متذكرا ، ألحقته واوا . كقولك : " مذو " ، في : ما رأيتك مذ اليوم .
فـ " مذ " إذا جاء ساكن بعدها ضمت ، لأن الأصل في " منذ " الضم .
حروف الزيادة : إنْ ، أنْ ، ما ، لا ، من ، والباء .
وهي حروف تزاد في وسط الكلام ، وتكون زيادتها للتأكيد ليس غير . فدخولها في الكلام كخروجها ، إذ إنها لا تحدث معنى إعرابيا ، وقد تسمى بعض النحاة هذه الحروف بحروف الزيادة ، وسماها البعض بحروف الصلة ، أو الحشو .
أولا ـ " إن " المكسورة الهمزة ، الساكنة النون ، تكون زيادتها غالبا بعد " ما " النافية ، وتكون هذه الزيادة على نوعين : ـ
1 ـ نوع تكون فيه " إن " زائدة مؤكدة . نحو : ما إن رأيته . والمقصود : ما رأيته.
فـ " إن " في الكلام السابق زائدة ، لم يكن لوجودها في الكلام أي أثر إعرابي .
ومنه قول دريد بن الصمة :
" ما إن رأيت ولا دريت به "
الشاهد قوله : " ما إن " فزاد " إن " بعد " ما " ، وتقدير المعنى : ما رأيت .
86 ـ ومنه قول الكميث :
فما إن طبنا جبن ولكن منايانا ودولة آخرين
1 ـ نوع تكون فيه " إن " زائدة كافة ، وهذا النوع لا اختلاف فيه عن النوع السابق ، وإنما يحدده نوع " ما " النافية التي تسبق " إن " الزائدة .
نحو : ما إن محمد قائم .
فـ " ما " النافية إما أن تكون حجازية ، أو تميمية . فإذا كانت حجازية فهي نافية عاملة ، و " إن " بعدها زائدة كافة لها عن العمل ، ويكون ما بعدها مبتدأ وخبر ، مثلها مثل " ما " الكافة لـ " إنَّ " الثقيلة عن العمل .
178 ـ نحو قوله تعالى : " إنما المؤمنون إخوة }1 .
وإذا كانت " ما " تميمية فهي نافية لا عمل لها ، وتمون " إن " بعدها زائدة مؤكدة للنفي كما في النوع الأول ، ونحو : ما إن رأيت .
* وزاد " إن " المؤكدة مع " ما " المصدرية ، فيكونان معا بمعنى " الحين والزمان ".
نحو : انتظرنا ما إن جلس القاضي . والمعنى : زمان جلوسه .
179 ـ ومنه قوله تعالى : { وكنت عليهم شهيدا ما دمت حيا }2 .
والمعنى : مدة دوامك ، أو زمن دوامك حيا .
حيث انسبكت " ما " مع الفعل مكونة مصدرا مؤولا يستعمل بمعنى الحين ، ويكون الظرف هو الاسم المحذوف الذي أقيم المصدر مقامه .
فإذا قلنا : سأجلس ما دمت جالسا . يكون التقدير : سأجلس مدة جلوسك .
فحذفنا الظرف ، وهو كلمة " مدة " ، أو " وقت " وجعلنا المصدر مكانها .
87 ـ ومنه قول معلوط القريعي :
ورج الفتى للخير ما إن رأيته على السن خيرا ما يزال يزيد
والمعنى : رج الخير له إذا رأيته يزداد على السن والكبر خيرا .
ثانيا ـ " أن " المفتوحة الهمزة الساكنة النون :
تزاد " أن " بعد " ما " . نحو : لما أن جاء المعلم قمنا إجلالا له .
180 ـ ومنه قوله تعالى : { ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم }3 .
فـ " أن " في الآية زائدة للتوكيد ، ويدلنا على ذلك قوله تعالى في سورة هود :
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 10 الحجرات . 2 ـ 117 المائدة .
3 ـ 33 العنكبوت .
" ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم }1 . فلا اختلاف في المعنى بين الآيتين .
كما تزاد " أن " في القسم . نحو : أما والله أن لو فعلت لفعلت .
ثالثا ـ " ما " الزائدة : تزاد " ما " على ضربين : ـ
1 ـ زائدة كافة سواء أكان ذلك للاسم ، أم للفعل ، أم للحرف .
مثال زيادتها وكفها للاسم : حضرتُ بعدما أنتم قيام .
ونحو : بينما نحن نستمع لشرح المعلم قرع الجرس .
88 ـ ومنه قول كثير عزة :
بينما نحن بالبلاكت فالقا ع سراعا والعيش تهوي هويَّا
الساهد قوله : بينما نحن ، فقد زيد " ما " بعد " بين " فكفتها عن العمل ، والأصل في الظرف أن يجر ما بعده من الأسماء بالإضافة ، فزيادة " ما " أبطل هذا العمل ، وجاء بعدها جملة ابتدائية .
وزيادتها على الفعل نحو : قلما ، وطالما .
وهي حينئذ تكفه عن العمل ، وتجعله صالحا لدخوله على فعل آخر .
نحو : قلما أحضرُ ، وطالما انتظرتُ .
ودخولها على الفعل تجعله كالحرف ، فيستغي عن الفاعل ، لتهيئته للدخول على فعل أخر ، وهذا ممتنع في الأفعال في غير هذا الموضع .
وتزاد على الحر الحرف فتكفه عن العمل من ناحية ، وتهيئه للدخول على ما لم يدخل عليه قبل الكف من ناحية أخرى .
مثال الأول : كأنما عليٌّ أسد ، ولعلما محمدٌ قادم .
181 ـ ومنه قوله تعالى : { إنما إلهكم إله واحد }2 .
وقوله تعالى : { إنما أنت مذكر }3 .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 77 هود . 2 ، 3 ـ 21 الغاشية .
182 ـ ومثال الثاني قوله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء }1
وقوله تعالى : { كأنما يساقون إلى الموت }2 .
وقوله تعالى : { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين }3 .
2 ـ زائدة مؤكدة غير كافة ، وهي نوعان :
أ ـ أن تكون عوض عن محذوف . نحو : أمَّا أنت قائما قمت معك .
ومنه قول الشاعر :
أبا خراشة أمَّا أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبُعُ
الشاهد قوله : أما أنت " فأما " : هي " أن " زيدت إليها " ما " للتوكيد ، وهذه العبارة عوض من " كان " المحذوفة ، والأصل : إن كنت ذا نفر .
ب ـ أن تكون زيادتها لمجرد التوكيد ، وهذا كثير في القرآن الكريم ، والشعر ، والنثر . نحو : غضبت من غير ما جرم . وعنفت من غير ما سبب . فـ "