حقيق المخطوطات.. ماذا تعرف عنه ؟
الخميس, 28 مايو 2009 11:20 مائسه
( 0 - عدد مرات التقييم )
تعريف التحقيق في اللغة :
لفظةالتحقيق جاءت مصدراً من الفعل " حقق يحقق تحقيقاً" وأصل مادته الفعلالمضعف العيــن (حقّ) وقد تولدت عنه معان عديدة يرى ابن فارس أنها تدورحول إحكام الشيء وصحته
قال صاحب اللسان : " حقَّ الأمرُ يَحِقُّويَحُقُّ حقاً وحقوقاً :صار حقاً وثَبَتَ ، وحَقّه وأحقّه: أثبته وصارعنده حقاً لا يُشك فيه ، وحَقَّهُ وحَقَّقَهُ :صَدَّقَهُ ، وحَقَّقَالرَّجُلُ إذا قال : هذا الشيءُ هو الحقُّ ؛ كقولك :صَدَّقَ ، وأحقَقْتُالأمرَ إحقاقاً : إذا أحكمتُه وصحّحتُه " .ومن هذا النص نأخذ أن المادة تدل على المفاهيم التالية :
الإثبات . التصديق . الإحكام . والتصحيح .
وكلمة ( تحقيق ) : مصدر حقّق ؛ لأن ( فَعَّلَ ) مصدرُها القياسي ( تَفعِيل ) .
ومن خلال هذه المعاني يتبين لنا أن كلمة تحقيق تدور حول : إحكام الشيء وصحته والتيقن والتثبت .
التحقيق في الاصطلاح :
يعرفهالدكتور عبد الله عسيلان بأنه " إخراج الكتاب على أسس صحيحة محكمة منالتحقيق العلمي في عنوانه ، واسم مؤلفه ، ونسبته إليه ، وتحريره منالتصحيف والتحريف ، والخطأ ، والنقص والزيادة " بقراءته قراءة صحيحة يكونفيها متنه أقرب ما يكون إلى الصورة التي تمت على يد مؤلفه ، أو " إخراجهبصوره مطابقة لأصل المؤلف ، أو الأصل الصحيح الموثوق إذا فقدت نسخة المؤلف"
يقول الدكتور عبدالسلام هارون : هو " بذل عناية خاصةٍ بالمخطوطاتحتى يمكنَ التّثَبُّتُ من استيفائها لشرائطَ معينة ، والكتاب المحقق : هوالذي صح عنوانه ، واسم مؤلِّفه ، ونسبة الكتابِ إليه ، وكان متنه أقرب مايكون إلى الصورةالتي تَرَكها مؤلفُها " .
ومن هذين التعريفين وغيرهما نخرج بأن التحقيق : ( هو تقديم النص المخطوط كما يريده مؤلفه ) صفات المحقق :
1- الإحساس بقيمة التراث العلمي والفكري .
2- الحب والتعلق بتراثنا المخطوط ومعايشته وتوثيق الصلة به قراءة ودراسة وخبرة
3- أن يطلع على قواعد التحقيق وأصوله ، وما يجوز له وما لا يجوز له فيه .
4- أن يكون لديه استعداد للمناقشة والحوار وقبولِ رأي الآخرين .
5- الأمانة العلمية التي تقتضي تحرير النص وتصحيحه
6- أن يسبق عمليةَ التحقيق دراية واسعة بتاريخ هذا العلم الذي يحقق فيه.
7- أن يكون على علم بما صدر من كتب تتصل بمادته ؛ وذلك ليفيد منها في تحقيقاته
كيفية التحقيق :
يتفقالباحثون على ضرورة المحافظة على النص القديم كما وصلنا ، فليست الغاية منالتحقيق تحسين أسلوب المؤلف وتصحيح أخطائه أو أخطاء عصره ، وإنما الغايةعرض الكتاب كما يريده مؤلفه ثم خدمة نصه بشرح غامضه والتعريف به وتخريجهوفهرسته .
ومعظم المخطوطات القديمة يحتاج إلى مراس طويل ، وذلك لأنكثيرا منها يخلو من النقط والإعجام ، وقد تكون منقوطة غير أنها تنتمي إلىالنوع الأندلسي الذي يسير على طريقه معينة في التنقيط ، وينبغي أن يتعرفالباحث على طريقة الناسخ في شطب بعض الكلمات وفي إشارة الإضافة ، وثمةاختصارات درج عليها كثير من النساخ ينبغي أن نعرف دلالاتها ، وعليه أنيلاحظ اختلاف الخطوط في النسخة الواحدة ، وقد يغير حكمه على النسخة من حيثمنزلتها بعد الخط الجديد .
ومما يتصل بمقدمات التحقيق اللازمة ،التمرس العميق بأسلوب المؤلف ، ومن الضروري أن يتمرس المحقق أيضاً بطريقةكشف مصادر المؤلف إن لم ينص عليها .
وبعد ذلك يسير المحقق وفق المعالم التالية :
1-يقوم الباحث أولا بنسخ نص الأم مهما كانت منزلتها عنده نسخا حرفيا لايجتهد في التصحيح والتعليق بشيء، وفي هذه المرحلة سوف يمر بكلمات كثيرة لايعرف قراءتها ، فعليه أن يكتبها كما هي وكما بدت له .
2- بعد انتهاءعملية النسخ من الأم يتفق مع عدد من أصدقائه الذين يتصفون بشيء من العلموالاطلاع على الخطوط ويكون عددهم بعدد النسخ وذلك لإجراء عملية المقابلة ،ويعطي لكل منهم رمزا ، ويقرأ هو ، وإخوانه يسيرون معه حتى إذا صادف أيخلاف بين النسخ سجله .
3- ثم تبدأ عملية إعادة المقابلة بأن تجري تبادلا بين النسخ وذلك لضبط الاختلافات فقد يسهو أحد أو يضل في القراءة .
4-بعد ذلك ينظر الباحث في الأمر : فإن كان لديه نسخة بخط المؤلف اطمأن أولاإلى وصوله إلى حد الثقة الكاملة في قراءتها ، وهنا تبدو شخصيته العلمية فيالإحاطة الدقيقة بمادة الكتاب وهذه تعد من أخطر المراحل لأنه ستظهر منخلالها ثقافته وملاحظته ومدى تعمقه بمادة الاختصاص ، هنا سيعطي قرارا يقربمن القرار الأخير في الرسم النهائي لكل كلمة في مخطوطه وهنا يثبت الرسمالذي اعتمده وهو الذي يريده المؤلف ، ويكتب في الحاشية ما يراه من تصويب.
متى يصحح المحقق نسخة المؤلف ويثبت التصحيح في المتن ؟ 1- في آيات القرآن الكريم ، وينبغي أن ينتبه المحقق هنا إلى موضوع القراءات .
2- في الأخطاء النحوية الفاضحة ، فيصحح ثم يقول في الحاشية " في الأصل ..... وهو سهو "
3- في الأخطاء التي لا يتردد معك أحد في الحكم عليها بأنها من قبيل السهو الخالص من مثل قول المؤلف " وأبو بكر ليس من الصحابة"
4- قد ينقل المؤلف عمن سبقه ، وينص على اسمه ، وقد يسقط من المنقول كلمة أو أكثر كان إسقاطها من قبيل السهو الواضح .
وإنفقدت نسخة المؤلف فما بقي من النسخ مهما كانت منزلتها فإنك تعاملها علىأساس : أنتم رجال ونحن رجال ، فنختار منها الكلمة التي نراها تناسب المتنوتكون قريبة من روح النص ومستمدة من أسلوب المؤلف وطريقته .
ماذا يهمل المحقق من اختلافات النسخ ؟
1- إن حدث سقط من إحدى النسخ التي لا تحمل توثيقا ذا قيمة يستغرق ورقة وأكثر فلا تسجل الإشارة إلى السقط في الحاشية .
2- عبارات الثناء والدعاء التي تحرص عليها بعض النسخ وتهملها بعض النسخ فاختر ما تثبته الأم ولا تشر إلى باقي النسخ
3-عبارات التصريح بالأسماء من مثل : أبو الفتح ، قد تقول إحدى النسخ : أبوالفتح ابن جني ، تختار العبارة الأكمل الأوضح و تهمل الباقي ولا تشير إلىالاختلاف .
4- قد تورد بعض النسخ الآيات ناقصة فتختار من النسخ الآيات الكاملة ولا تشير إلى باقي النسخ.
5- اختلاف النساخ في الكلمات الأولى من المخطوط ، تختار ما قالته الأم ولا تشير إلى الاختلاف
6- مقدمة الأشعار من مثل : قال الشاعر ، تختار الأكمل ولاسيما إن كان ثمة إضافة ضرورية كقوله " قال الشاعر – وهو زهير "
7-في النسخ السقيمة المليئة بالتصحيف والتحريف تهمل ما أسقطه ناسخها من قبيلانتقال النظر أو الجهل بتسلسل الكلام أو الجهل بقراءة الأشعار .
8- الأخطاء النحوية التي لا تمثل وجهًا كقول إحدى النسخ : وفيها قولين وليس في الأمر حرجاً ، لا تشير إلى ذلك في الحاشيةو يدخل في عمل المحقق :
دراسة الزيادات التي يجدها :
إذاكان المحقق يعمل على نسخة المؤلف فإن عليه إن يلتزم بها ويثبت نصها فيالمتن . وقد يجد زيادات في النسخ الأخرى ، وهذا أمر نادر جداً ، ويرجحأنها من ثقافة النساخ . أما إذا غابت نسخة المؤلف فإن الزيادات التي يلتقيبها في النسخ التي بين يديه على أنواع، ويختلف الحكم في إثباتها متناً أوالحاشية حسب كل نوع منها :
أ ـ فإن انفردت بها الأم أثبتها في المتنوأشار إلى ذلك في الحاشية إلا إذا كانت تعليقاً أو إضافة من صنع مالكالنسخة فلا لزوم لإضافتها ن ولا للإشارة إليها .
ب ـ وإن لم تردالزيادة في الأم وردت في النسخ الأخرى أو في واحده منها ، نظر المحقق فيهذه الزيادة : فإن غلب على ظنه أنها من الأصل أضافها إلى المتن ووضعها بينمعقوفين [ ] وأشار إلى ذلك في الحاشية ، وإن غلب على ظنه أنها من زيادةالنساخ أضافها إلى الحاشية ، وإن كانت بخط مالك النسخة وهو عادة يغاير خطالناسخ أهمل المحقق هذه الإشارة ولم يشر إليها في الحاشية .
أما طريقة الإشارة : فإذا كانت الزيادة في الأم لم يضعها بين معقوفين وإنما يضع إشارة رقمية عند أول الزيادة .واخيرا .. دراسة الخروم :
الخرومظاهرة واردة في المخطوطات القديمة ، ولا تؤلف كثرتها وقلتها علامة علىقِدم الخطوط وحداثته ، وذلك لأن كثيراً من المخطوطات القديمة تحفظ منالحشرات والرطوبة والمسح ، وفي المقابل يتعرض كثير من المخطوطات الحديثةلآفات كثيرة تؤدي على مسح كلماتها ، كما أن تصوير المخطوط قد يؤدي علىغياب بعض الجوانب من اللوحة فيصير الأمر قريباً من الخروم .
فكيف يعالج المحقق هذه الظاهرة لترميم النص ؟1 ـ يستعين بالنصوص التي نقلت عن المؤلف أو نقل المؤلف عنها فتكون هذهالنصوص بمثابة النسخة الثانية ، فيرمم منها الخرم ويضعه بين قوسين ويشيرفي الحاشية إلى ذلك
2 ـفإن لم يجد النص الذي أصاب بعض كلماته الخرماستعان بالمراجع التي تدور في فلك ا.لموضوع نفسه ، ووضع عدة نقاط في مواضعالخرم .. ورمم من هذه المراجع في الحاشية ، ويجتهد أن يكون الترميم فيمساحة كلمات المخروم وذلك على الصورة التالية :
(( والعامل في المبتدأ ..... ، والعامل في الخبر......))
(1) خرم في الأصل بمقدار كلمة لعلها (( الابتداء))
وإن لم يهتد إلى ترميم الخرم أشار في الحاشية إلى ذلك . وقد يستطيع أن يحل المشكلة بالنسخ الأخرى التي لم يصبها خرم .دراسة السقط :
وقد يحدث أن تسقط ورقة أو أكثر من المخطوط :
أ ـ فإن كان الباحث يعتمد على نسخة المؤلف استعان بالنسخ الأخرى وأشار إلى اختلافها .
ب ـ وإن لم يكن يعتمد على نسخة المؤلف وحدث سقط من الأم اعتمد على النسخ الأخرى
جــ وإن أجمعت النسخ على هذا السقط كأن تنقل عن بعضها أشار المحقق إلى ذلكفي الحاشية ، واجتهد في معرفة مضمون السقط بمثابة الإشارة إلى عنوان فيأسطر محدودة يبدؤه بقوله : (( لعله كان ............)) .
المراجع:1- تحقيق المخطوطات - أ.د عبدالله عسيلان
2- تحقيق النصوص ونشرها - د . عبدالسلام هارون .
بقلم: جلنار
آخر تحديث ( الخميس, 11 يونيو 2009 00:48 ) الكاتب مائسه مشترك منذ يوم الاثنين, 16 مارس 2009.مقالات أخرى للكاتب
الخميس, 28 مايو 2009 11:20 مائسه
( 0 - عدد مرات التقييم )
تعريف التحقيق في اللغة :
لفظةالتحقيق جاءت مصدراً من الفعل " حقق يحقق تحقيقاً" وأصل مادته الفعلالمضعف العيــن (حقّ) وقد تولدت عنه معان عديدة يرى ابن فارس أنها تدورحول إحكام الشيء وصحته
قال صاحب اللسان : " حقَّ الأمرُ يَحِقُّويَحُقُّ حقاً وحقوقاً :صار حقاً وثَبَتَ ، وحَقّه وأحقّه: أثبته وصارعنده حقاً لا يُشك فيه ، وحَقَّهُ وحَقَّقَهُ :صَدَّقَهُ ، وحَقَّقَالرَّجُلُ إذا قال : هذا الشيءُ هو الحقُّ ؛ كقولك :صَدَّقَ ، وأحقَقْتُالأمرَ إحقاقاً : إذا أحكمتُه وصحّحتُه " .ومن هذا النص نأخذ أن المادة تدل على المفاهيم التالية :
الإثبات . التصديق . الإحكام . والتصحيح .
وكلمة ( تحقيق ) : مصدر حقّق ؛ لأن ( فَعَّلَ ) مصدرُها القياسي ( تَفعِيل ) .
ومن خلال هذه المعاني يتبين لنا أن كلمة تحقيق تدور حول : إحكام الشيء وصحته والتيقن والتثبت .
التحقيق في الاصطلاح :
يعرفهالدكتور عبد الله عسيلان بأنه " إخراج الكتاب على أسس صحيحة محكمة منالتحقيق العلمي في عنوانه ، واسم مؤلفه ، ونسبته إليه ، وتحريره منالتصحيف والتحريف ، والخطأ ، والنقص والزيادة " بقراءته قراءة صحيحة يكونفيها متنه أقرب ما يكون إلى الصورة التي تمت على يد مؤلفه ، أو " إخراجهبصوره مطابقة لأصل المؤلف ، أو الأصل الصحيح الموثوق إذا فقدت نسخة المؤلف"
يقول الدكتور عبدالسلام هارون : هو " بذل عناية خاصةٍ بالمخطوطاتحتى يمكنَ التّثَبُّتُ من استيفائها لشرائطَ معينة ، والكتاب المحقق : هوالذي صح عنوانه ، واسم مؤلِّفه ، ونسبة الكتابِ إليه ، وكان متنه أقرب مايكون إلى الصورةالتي تَرَكها مؤلفُها " .
ومن هذين التعريفين وغيرهما نخرج بأن التحقيق : ( هو تقديم النص المخطوط كما يريده مؤلفه ) صفات المحقق :
1- الإحساس بقيمة التراث العلمي والفكري .
2- الحب والتعلق بتراثنا المخطوط ومعايشته وتوثيق الصلة به قراءة ودراسة وخبرة
3- أن يطلع على قواعد التحقيق وأصوله ، وما يجوز له وما لا يجوز له فيه .
4- أن يكون لديه استعداد للمناقشة والحوار وقبولِ رأي الآخرين .
5- الأمانة العلمية التي تقتضي تحرير النص وتصحيحه
6- أن يسبق عمليةَ التحقيق دراية واسعة بتاريخ هذا العلم الذي يحقق فيه.
7- أن يكون على علم بما صدر من كتب تتصل بمادته ؛ وذلك ليفيد منها في تحقيقاته
كيفية التحقيق :
يتفقالباحثون على ضرورة المحافظة على النص القديم كما وصلنا ، فليست الغاية منالتحقيق تحسين أسلوب المؤلف وتصحيح أخطائه أو أخطاء عصره ، وإنما الغايةعرض الكتاب كما يريده مؤلفه ثم خدمة نصه بشرح غامضه والتعريف به وتخريجهوفهرسته .
ومعظم المخطوطات القديمة يحتاج إلى مراس طويل ، وذلك لأنكثيرا منها يخلو من النقط والإعجام ، وقد تكون منقوطة غير أنها تنتمي إلىالنوع الأندلسي الذي يسير على طريقه معينة في التنقيط ، وينبغي أن يتعرفالباحث على طريقة الناسخ في شطب بعض الكلمات وفي إشارة الإضافة ، وثمةاختصارات درج عليها كثير من النساخ ينبغي أن نعرف دلالاتها ، وعليه أنيلاحظ اختلاف الخطوط في النسخة الواحدة ، وقد يغير حكمه على النسخة من حيثمنزلتها بعد الخط الجديد .
ومما يتصل بمقدمات التحقيق اللازمة ،التمرس العميق بأسلوب المؤلف ، ومن الضروري أن يتمرس المحقق أيضاً بطريقةكشف مصادر المؤلف إن لم ينص عليها .
وبعد ذلك يسير المحقق وفق المعالم التالية :
1-يقوم الباحث أولا بنسخ نص الأم مهما كانت منزلتها عنده نسخا حرفيا لايجتهد في التصحيح والتعليق بشيء، وفي هذه المرحلة سوف يمر بكلمات كثيرة لايعرف قراءتها ، فعليه أن يكتبها كما هي وكما بدت له .
2- بعد انتهاءعملية النسخ من الأم يتفق مع عدد من أصدقائه الذين يتصفون بشيء من العلموالاطلاع على الخطوط ويكون عددهم بعدد النسخ وذلك لإجراء عملية المقابلة ،ويعطي لكل منهم رمزا ، ويقرأ هو ، وإخوانه يسيرون معه حتى إذا صادف أيخلاف بين النسخ سجله .
3- ثم تبدأ عملية إعادة المقابلة بأن تجري تبادلا بين النسخ وذلك لضبط الاختلافات فقد يسهو أحد أو يضل في القراءة .
4-بعد ذلك ينظر الباحث في الأمر : فإن كان لديه نسخة بخط المؤلف اطمأن أولاإلى وصوله إلى حد الثقة الكاملة في قراءتها ، وهنا تبدو شخصيته العلمية فيالإحاطة الدقيقة بمادة الكتاب وهذه تعد من أخطر المراحل لأنه ستظهر منخلالها ثقافته وملاحظته ومدى تعمقه بمادة الاختصاص ، هنا سيعطي قرارا يقربمن القرار الأخير في الرسم النهائي لكل كلمة في مخطوطه وهنا يثبت الرسمالذي اعتمده وهو الذي يريده المؤلف ، ويكتب في الحاشية ما يراه من تصويب.
متى يصحح المحقق نسخة المؤلف ويثبت التصحيح في المتن ؟ 1- في آيات القرآن الكريم ، وينبغي أن ينتبه المحقق هنا إلى موضوع القراءات .
2- في الأخطاء النحوية الفاضحة ، فيصحح ثم يقول في الحاشية " في الأصل ..... وهو سهو "
3- في الأخطاء التي لا يتردد معك أحد في الحكم عليها بأنها من قبيل السهو الخالص من مثل قول المؤلف " وأبو بكر ليس من الصحابة"
4- قد ينقل المؤلف عمن سبقه ، وينص على اسمه ، وقد يسقط من المنقول كلمة أو أكثر كان إسقاطها من قبيل السهو الواضح .
وإنفقدت نسخة المؤلف فما بقي من النسخ مهما كانت منزلتها فإنك تعاملها علىأساس : أنتم رجال ونحن رجال ، فنختار منها الكلمة التي نراها تناسب المتنوتكون قريبة من روح النص ومستمدة من أسلوب المؤلف وطريقته .
ماذا يهمل المحقق من اختلافات النسخ ؟
1- إن حدث سقط من إحدى النسخ التي لا تحمل توثيقا ذا قيمة يستغرق ورقة وأكثر فلا تسجل الإشارة إلى السقط في الحاشية .
2- عبارات الثناء والدعاء التي تحرص عليها بعض النسخ وتهملها بعض النسخ فاختر ما تثبته الأم ولا تشر إلى باقي النسخ
3-عبارات التصريح بالأسماء من مثل : أبو الفتح ، قد تقول إحدى النسخ : أبوالفتح ابن جني ، تختار العبارة الأكمل الأوضح و تهمل الباقي ولا تشير إلىالاختلاف .
4- قد تورد بعض النسخ الآيات ناقصة فتختار من النسخ الآيات الكاملة ولا تشير إلى باقي النسخ.
5- اختلاف النساخ في الكلمات الأولى من المخطوط ، تختار ما قالته الأم ولا تشير إلى الاختلاف
6- مقدمة الأشعار من مثل : قال الشاعر ، تختار الأكمل ولاسيما إن كان ثمة إضافة ضرورية كقوله " قال الشاعر – وهو زهير "
7-في النسخ السقيمة المليئة بالتصحيف والتحريف تهمل ما أسقطه ناسخها من قبيلانتقال النظر أو الجهل بتسلسل الكلام أو الجهل بقراءة الأشعار .
8- الأخطاء النحوية التي لا تمثل وجهًا كقول إحدى النسخ : وفيها قولين وليس في الأمر حرجاً ، لا تشير إلى ذلك في الحاشيةو يدخل في عمل المحقق :
دراسة الزيادات التي يجدها :
إذاكان المحقق يعمل على نسخة المؤلف فإن عليه إن يلتزم بها ويثبت نصها فيالمتن . وقد يجد زيادات في النسخ الأخرى ، وهذا أمر نادر جداً ، ويرجحأنها من ثقافة النساخ . أما إذا غابت نسخة المؤلف فإن الزيادات التي يلتقيبها في النسخ التي بين يديه على أنواع، ويختلف الحكم في إثباتها متناً أوالحاشية حسب كل نوع منها :
أ ـ فإن انفردت بها الأم أثبتها في المتنوأشار إلى ذلك في الحاشية إلا إذا كانت تعليقاً أو إضافة من صنع مالكالنسخة فلا لزوم لإضافتها ن ولا للإشارة إليها .
ب ـ وإن لم تردالزيادة في الأم وردت في النسخ الأخرى أو في واحده منها ، نظر المحقق فيهذه الزيادة : فإن غلب على ظنه أنها من الأصل أضافها إلى المتن ووضعها بينمعقوفين [ ] وأشار إلى ذلك في الحاشية ، وإن غلب على ظنه أنها من زيادةالنساخ أضافها إلى الحاشية ، وإن كانت بخط مالك النسخة وهو عادة يغاير خطالناسخ أهمل المحقق هذه الإشارة ولم يشر إليها في الحاشية .
أما طريقة الإشارة : فإذا كانت الزيادة في الأم لم يضعها بين معقوفين وإنما يضع إشارة رقمية عند أول الزيادة .واخيرا .. دراسة الخروم :
الخرومظاهرة واردة في المخطوطات القديمة ، ولا تؤلف كثرتها وقلتها علامة علىقِدم الخطوط وحداثته ، وذلك لأن كثيراً من المخطوطات القديمة تحفظ منالحشرات والرطوبة والمسح ، وفي المقابل يتعرض كثير من المخطوطات الحديثةلآفات كثيرة تؤدي على مسح كلماتها ، كما أن تصوير المخطوط قد يؤدي علىغياب بعض الجوانب من اللوحة فيصير الأمر قريباً من الخروم .
فكيف يعالج المحقق هذه الظاهرة لترميم النص ؟1 ـ يستعين بالنصوص التي نقلت عن المؤلف أو نقل المؤلف عنها فتكون هذهالنصوص بمثابة النسخة الثانية ، فيرمم منها الخرم ويضعه بين قوسين ويشيرفي الحاشية إلى ذلك
2 ـفإن لم يجد النص الذي أصاب بعض كلماته الخرماستعان بالمراجع التي تدور في فلك ا.لموضوع نفسه ، ووضع عدة نقاط في مواضعالخرم .. ورمم من هذه المراجع في الحاشية ، ويجتهد أن يكون الترميم فيمساحة كلمات المخروم وذلك على الصورة التالية :
(( والعامل في المبتدأ ..... ، والعامل في الخبر......))
(1) خرم في الأصل بمقدار كلمة لعلها (( الابتداء))
وإن لم يهتد إلى ترميم الخرم أشار في الحاشية إلى ذلك . وقد يستطيع أن يحل المشكلة بالنسخ الأخرى التي لم يصبها خرم .دراسة السقط :
وقد يحدث أن تسقط ورقة أو أكثر من المخطوط :
أ ـ فإن كان الباحث يعتمد على نسخة المؤلف استعان بالنسخ الأخرى وأشار إلى اختلافها .
ب ـ وإن لم يكن يعتمد على نسخة المؤلف وحدث سقط من الأم اعتمد على النسخ الأخرى
جــ وإن أجمعت النسخ على هذا السقط كأن تنقل عن بعضها أشار المحقق إلى ذلكفي الحاشية ، واجتهد في معرفة مضمون السقط بمثابة الإشارة إلى عنوان فيأسطر محدودة يبدؤه بقوله : (( لعله كان ............)) .
المراجع:1- تحقيق المخطوطات - أ.د عبدالله عسيلان
2- تحقيق النصوص ونشرها - د . عبدالسلام هارون .
بقلم: جلنار
آخر تحديث ( الخميس, 11 يونيو 2009 00:48 ) الكاتب مائسه مشترك منذ يوم الاثنين, 16 مارس 2009.مقالات أخرى للكاتب
- 2 نوفمبر
- مشكلات الطفولة والمراهقة - الممارسات العملية وعلم النفس النمائي
- الفوضى الخلاقة ، الأصل والصورة والواقع
- حسن أبو هنية : نظرية الفوضى الخلاقة واستراتيجيات الهيمنة في العالم العربي
- 1 نوفمبر / تشرين ثاني
- ألف ليلة وليلة - مجهول
- 28 أكتوبر / تشرين أول
- غجرية - تيسير السبول
- رسـائـل تـيـسـيـر الـسـبـول
- أحزان صحراوية 1- تيسير السبول
- لحظات من خشب -تيسير السبول
- شتاء لا يرحل - تيسير السبول
- تيسير السبول
- 25 اكتور / تشرين اول
- 20 أكتوبر / تشرين أول
- انطلاق الأسبوع الثقافي اللبناني
- اول رواية كوميدية تفوز بجائزة مان بوكر!!
- 13 اكتوبر / تشرين أول
- رشيدة بنمسعود : الكتابة النسائية بحثا عن إطار مفهومي
- معلقة النابغة الذبياني