مستشرقون وتحقيق التراث العربي بتاريخ 22-7-1431 هـ الموضوع: تاريخ و حضارة |
بقلم: الدكتور مولود عـويمـر نظم مخبر مخطوطات الحضارة الإسلامية في شمال إفريقيا (جامعة وهران) ملتقى حول موضوع " المستشرقون وتحقيق التراث العربي" وذلك يومي9 و10 جوان 2010. وشارك في هذا الملتقى العديد من الباحثين من مختلفالجامعات الجزائرية. وألقيت بهذه المناسبة العلمية، تسعة وثلاثون محاضرةتناولت بالدراسة والتحليل ثلاثة محاور أساسية، وهي: الإستشراق وتحقيق تراثالعلوم الإسلامية، الإستشراق وتحقيق العلوم الإنسانية، الإستشراق وتحقيقالعلوم الطبيعية. وبعد الإنصات إلى تلاوة آيات من القرآنالكريم والسماع النشيد الوطني، وكلمات الافتتاحية والترحيب التي ألقاها كلمن الدكتور عبد الكريم بكري، المدير الأول لكلية العلوم الإنسانيةوالحضارة الإسلامية، والدكتور دحو فغرور العميد الحالي للكلية، انطلقتأشغال الملتقى. ترأس الجلسة الأولى الدكتور بوعلام بلقاسمي (جامعة وهران). تحدث في البداية الدكتور أحسن زقور (جامعة وهران) عن دورالمستشرقين في تحقيق مخطوطات الفقه الإسلامي، مركزا على تحقيق ونشرالمستشرق الألماني وأستاذ بجامعة بون الدكتور ميكلوش موراني لتراث علماءالمالكية، وبالخصوص لعبد الله بن وهب المتوفي عام 197هجرية. وأكد الدكتورزقور على أن موراني وقع في أخطاء كثيرة على الرغم من جديته. وتناول الكلمةبعده الدكتور الهواري يوسي (جامعة وهران) لتقييم جهود المستشرق الفرنسيليفي بروفانسال (1894-1956) في تحقيق تراث التاريخ لبلاد المغرب والأندلس. وقدم المحاضرة الثالثة الدكتور مولود عويمر (جامعة الجزائر 2) بعنوان: "إسهامات المستشرق فرانز روزنتال (1914-2003) في إحياء المصادرالإسلامية لعلم التاريخ" لقد وقع اختيار المحاضر على هذا المستشرقالأمريكي بالذات نظرا لإلمامه الواسع بالتراث الإسلامي في مجال علمالتاريخ (Historiographie)، وتفرغه التام لتحقيق أهم مصادره وترجمتها إلىاللغة الإنجليزية، وتدريسها في جامعة يال الأمريكية بين عامي 1956 و1985.لقد قدم روزنتال في كتابه ”علم التاريخ عند المسلمين” الصادر في عام 1952دراسة عميقة لنشأة علم التاريخ عند المسلمين وتطوره في الحضارة الإسلامية.ونشر روزنتال في الكتاب نفسه نصوصا مرجعية في هذا التخصص المعرفي خاصةالنصان:"المختصر في علم التأريخ" لمحي الدين الكافيجي؛ و"الإعلان بالتوبيخلمن ذم أهل التاريخ" للسخاوي. وقام الدكتور فرانز روزنتال أيضا بتحقيقمقدمة إبن خلدون و تاريخ الطبري وترجمتهما إلى اللغة الإنجليزية. وقدم فيكتابه القيّم: "مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي" رؤية متكاملةلإسهامات العقل المسلم في إنتاج المعرفة، وتأثيراتها على تطور الحضارةالغربية. وتحدث الدكتور خالد بلعربي من جامعة سيدي بلعباس عن ليفيبروفانسال وتحقيقه لكتاب "البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب". وحملتالمحاضرة الأخيرة للجلسة الأولى عنوان : " المستشرقون والأدب العربي"للدكتور محمد مرتاض (جامعة تلمسان) الذي ركز على أعمال كارل بروكلمان(1868-1956) ودفيد صمويل مارغوليوث (1858-1940) مشيرا إلى أصداء آراء هذاالأخير في العالم العربي التي انتهت بسجال فكري بين الكاتب المصري طه حسينومجموعة من العلماء المسلمين. ترأس الجلسة العلمية الثانية الدكتورلخضر لخضاري (جامعة وهران). ألقى المحاضرة الأولى الدكتور عبد القادرسليماني (جامعة وهران) بعنوان: "تحريف النصوص عند المستشرقين في تحقيقالتراث العربي: السيرة النبوية أنموذجا". فقدم دراسة تاريخية لآراءالمستشرقين ويوليوس هاوزن (1844-1918) وكارل بروكلمان (1868-1956)ومنتغومري وات (1909-2006). وتحدث بعده الدكتور عكاشة خوالف (جامعة وهران)عن تعامل المستشرقين مع القرآن وعلومه بكثير من الافتراءات والمغالطاتوعدم فهم معاني القرآن فهما عميقا وصحيحا. ويظهر ذلك جليا في الترجماتالعديدة للقرآن التي قام بها المستشرقون كرجيس بلاشير (1900-1973) وجاكبيرك (1910-1995). وتناول الكلمة بعده الأستاذ عبد الحفيظ حيمي(جامعة تيارت) للحديث عن إسهامات المستشرق الهولندي رينهارت دوزي(1820-1883) في تحقيق تراث المغرب والأندلس. فقد قام بتحقيق مجموعة مصادرمغربية وأندلسية منها: المعجب لعبد الواحد المراكشي، والأجزاء الأولىلكتاب المغرب لإبن عذاري. وألف كتابه المشهور " تاريخ مسلمي اسبانيا".وبيّن المحاضر أن هذا المستشرق تحامل على الإسلام والمسلمين واتهم العرببالخمول وحب الثأر. تحدث بعد ذلك الدكتور مختار حمحامي (جامعة وهران) عنالمخطوط الفقهي في الدراسات الإستشراقية، بينما تحدث الأستاذ عمر بوعلالة(المركز الجامعي الوادي) عن منهج المستشرق الإنجليزي آرثر جيفري(1892-1959) في تحقيق كتاب "المباني في نظم المعاني" لمؤلف مجهول، وكتاب"المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" لإبن عطية. وأبدى المحاضر بعضالملاحظات على طريقة هذا المستشرق في التحقيق وذلك بتحكيم عمله إلىالقواعد المنهجية المتعارف عليها لدى كل مدارس تحقيق وبعث التراثالمخطوط. تطرق الأستاذ الحاج هامل (جامعة الجزائر) لاهتمام المستشرقميكلوش موراني بمصادر الفقه المالكي المخطوطة. وقدمت المحاضرة بعده باللغةالفرنسية الأستاذة سعدية شيخ (جامعة مستغانم) عن الشرق في الأدب الفرنسيابتداء من ترجمة قالون لكتاب"ألف ليلة وليلة" في سنة 1711. ثم ذكرتالأستاذة سعدية تأثر العديد من الأدباء الفرنسيين بالشرق أمثال فيكتورهيغو (1802-1885)، غوستاف فلوبير (1821-1880)، وغوي موباسو (1850-1893)الذي خصته المحاضرة بدراسة سيمائية لبعض كتاباته مبيّنة نظرته الاستعماريةالعنصرية. استأنفت أشغال الملتقى على الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر.ترأس الجلسة الدكتور غازي جاسم الشمري (جامعة وهران). تحدث في البدايةالدكتور الجيلالي سلطاني (جامعة وهران) عن إسهامات المستشرقين دوزي ويوسفآشباخ في تحقيق ودراسة التراث العربي في الأندلس في عهد المرابطين. وتحدثبعده الدكتور عبد الحكيم صايم عن جهود المستشرقين في تحقيق تراث العلومالعقلية. وقدم الدكتور أحمد الحمدي (جامعة وهران) في محاضرته ملاحظات حولمسالك المعرفة لدى المستشرقين. وحرص المحاضر على تحليل أعمال المستشرقينالفرنسيين الذين اهتموا بمخطوطات الصحراء الجزائرية أمثال: مارتان، مارتي،دوفيري، فوكو، فوانو، وتوضيح مدى استفادتهم من المخطوطات التي عثروا عليهافي هذه المنطقة في كتاباتهم المختلفة. وقدمت الأستاذة فاطمة بلهواري(جامعة وهران) قراءة في تحقيق ماريا خيسوس بيغيرا لكتاب" المسند الصحيحالحسن في مآثر ومحاسن مولانا أبي الحسن" لمحمد بن مرزوق التلمساني. ونالتهذه الباحثة الإسبانية بهذا العمل الأكاديمي شهادة الدكتوراه من جامعةمدريد عام 1973. فقد حققت هذا الكتاب تحقيقا دقيقا معتمدة على مصادرومراجع كثيرة، وبيّنت الأهمية الكبيرة لهذا المسند من جوانب مختلفة، فهويقدم صورة عن الإدارة السياسية للحكم وكيف يجب أن يكون الساسة في تسيير فيشؤون الرعية. وتحدث الأستاذ مبارك جعفري (المركز الجامعي الوادي) عنالمستشرق الفرنسي أوكتاف هوداس (1840-1916) وجهوده في تحقيق وترجمة مصادرالتاريخ الإسلامي لغرب إفريقيا في العصر الحديث. فقد حقق وترجم ونشرأربعة مصادر هامة حول هذه المنطقة، وهي: "تاريخ السودان" لعبد الرحمانالسعدي، و"تذكرة النسيان في أخبار ملوك السودان" لمؤلف مجهول، و"كتابالفتاش" لمحمود كعت، وكتاب "نزهة الحادي في أخبار ملوك القرن الحادي".وتطرق المحاضر في مداخلته للتعريف بمضامين هذه الكتب الأربعة، وإبرازمنهجه في التحقيق وأهميتها العلمية خاصة وأنه ولم يبقى منها اليوم إلا ماأصدره هذا المستشرق الفرنسي. ترأسالجلسة الرابعة الأستاذ أحمد عمراني (جامعة وهران). تحدث الأستاذ محمدبوشريط (جامعة معسكر) عن منهجية ليفي بروفانسال في تحقيق كتاب "أعلامالأعلام". ودرس من جهته الأستاذ مصطفى بن واز (جامعة بشار) منهجية هذاالمستشرق في تحقيق كتاب "جمهرة أنساب العرب" لإبن حزم. وتطرق الدكتور محمدبوشنافي (جامعة سيدي بلعباس) إلى مساهمة المستشرق الفرنسي دومنيك لوسيانيفي تحقيق ونشر التراث الجزائري المتعلق بالعهد العثماني. وتعرضت الأستاذةنوال بلمداني (جامعة معسكر) لمنهجية ليفي بروفانسال في تحقيق كتاب "مفاخرالبربر". وقدم المحاضرة الأخيرة الأستاذ محمد النذير أوسالم (جامعة وهران)حول عمل لفي بروفانسال في نشر وتقديم كتاب صحيح البخاري بخط أبي عمرانموسى بن سعادة الأندلسي. وفي صبيحة يوم الخميس 10 جوان2010 ، استأنفت أشغال الملتقى. ترأست الجلسة الدكتورة العيدية حمزة (جامعةوهران). قدم في البداية الدكتور بوزيد بومدين محاضرة بعنوان "تحقيقالمستشرقين للمخطوط في علم الكلام والفلسفة العربية". وتحدث بعده مباشرةالدكتور إبراهيم لونيسي (جامعة سيدي بلعباس) عن دور المستشرق الفرنسي دوسلان (1801-1878) في تحقيق ودراسة التراث العربي الإسلامي في الجزائر. ففيعام 1845 أرسلته وزارة التربية والتعليم الفرنسية إلى الجزائر في مهمةعلمية. اهتم بفهرسة المخطوطات ووضع قائمة عناوين أهم المخطوطات العربيةالتي تحتوي عليها المكتبة الوطنية بالجزائر ومكتبة سيدي حمودة بقسنطينة.وعيّن دوسلان في وظيفة كبير المترجمين في الجيش الفرنسي في الجزائر. قامبتحقيق مجموعة كتب ونصوص، منها: كتاب "المغرب في ذكر افريقية والمغرب"لأبي عبيد البكري، وترجمه إلى اللغة الفرنسية. وقام أيضا بترجمة مقدمة إبنخلدون، وتاريخ البربر المقتبس من كتابه العبر. تحدث بعدذلك الأستاذ ناصر الحاج (المركز الجامعي الوادي) عن المهمة الاستكشافيةللمستشرق إيميل ماسكراي واهتمامه بالتراث الإباضي خلال مهمتهالأركيولوجية والأنثروجغرافية سنة 1878 ـأي قبل السيطرة الفرنسية المباشرةعلى المنطقةـ والتي كلف بها من طرف وزارة التعليم العمومي الفرنسية. وشملتالمهمة منطقتي الأوراس ووادي مزاب، والتي تقضي بجمع أكبر قدر ممكن منالمصادر الخاصة المتعلقة بأركيولوجية وإثنوغرافية كل منطقتي وادي ميزابوالأوراس. كما بيّن الأستاذ ناصر نتائج هذه المهمة على مستويين: أولهماالمستوى العلمي، أي من خلال ما توصل ماسكراي إلى تحقيقه من مخطوطات إباضيةتمكن من الحصول عليها. ثانيهما على المستوى الاستراتيجي، أي ما حققهماسكراي للهيئة الرسمية التي كلفته بالمهمة، وذلك من خلال المراسلاتالرسمية التي كانت له خلال، وعند انقضاء مهمته. قدمتالأستاذة غنية أوحمشيش (جامعة وهران) نظرات المستشرقين حول القرآن الكريموعلومه، وحللت منهج ميشال كوبيرس المعتمد على البلاغة السامية. إن هذاالمنهج يسعى إلى فهم البنى الكاملة (التركيب البلاغي) للأجزاء المتنافرةفي أي نص معتمدا على الصور المعكوسة والتوازي الصوري كأسس نظمية جديدة.اعتمد كويبرس على هذه النظرية الجديدة لمناقشة التناقضات الظاهرية فيالقرآن في مزاعم المستشرقين. أكدت المحاضرة على أن الدراسة الإستشراقيةللنظم القرآنية جاءت متأخرة، تعتمد على الانتقاء السلبي وهو ما يبدو جليافي نظرة المستشرقين لمسألة النسخ والمنسوخ، وتناقضهم في الطرح والتأويل. وتحدث في آخر الجلسة الدكتور مصطفى بوعبيد (جامعة معسكر)مقدما محاضرة عن ألفرد بل (1873-1945) وتحقيق كتاب "بغية الرواد في ذكرالملوك من بني عبد الواد" ليحيى بن خلدون. عرّف في البداية بالمستعربالفرنسي، وبأهم أعماله في مجالي البحث التاريخي والأثري، وأشار إلىإصداراته في هذين الميدانين، سواء في "المجلة الإفريقية"، أو "النشرةالأثرية"، أو كتب مستقلة. ثم ركز في مداخلته على كتاب "بغية الرواد فيذكر الملوك من بني عبد الواد" ليحيى بن خلدون، وإقدامه على تحقيقه ونشرهسنة 1910، متعرضا إلى النسخ المخطوطة التي اعتمدها في التحقيق، ومنهجه فيالتحقيق، وأهم الأخطاء التي وقع فيها. وأشار في الأخير إلى دور المؤرخالجزائري عبد الحميد حاجيات في إعادة تحقيق الجزء الأول من هذا الكتاب،والأستاذ بوزيان الدراجي في إعادة تحقيق الجزء الثاني منه. ترأسالجلسة السادسة الدكتور عبد القادر داودي (جامعة وهران). تحدث الدكتورمحمد صاحبي (جامعة وهران) عن جهود المستشرق الفرنسي رونيه باسي(1855-1924) في فهرسة التراث العربي المخطوط في الجزائر. وتحدث بعده الدكتور محمد بوشقيف (جامعة تلمسان) عن دور المستشرقين في تحقيق التراث التاريخي الزياني، لا سيما المستشرقان الفرنسيان: الأب بارجيس (1810-1896) الذي حقق كتاب "نظم الدر والعقيان في شرف بني زيان" لمؤلفه أبي عبد الله التنسي، والمستشرق الفرنسي ألفرد بل (1873-1945) محقق كتاب "بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد" ليحي بن خلدون. وختم الدكتور بوشقيف محاضرته بإبراز أهم الأخطاء التي وقع فيها المستشرقان الفرنسيان في تحقيق الكتابين المذكورين. وتحدثبعده الأستاذ عبد الحق شرف (جامعة تيارت) عن مجلة المعهد المصري بمدريدالتي نشرت العديد من الدراسات الإستشراقية المهمة، خاصة ما تعلق منهابالتراث الأندلسي. وعلى مدار خمسة وخمسين سنة من العطاء (1953-1998)، ضمتهذه المجلة أبحاث قيّمة لكبار المستعربين الأسبان. أكد الأستاذ شرف علىضرورة الاهتمام بهذا الإنتاج العلمي ودراسته دراسة نقدية لإثراء التراثالحضاري الإسلامي بربطه بما أنتجه العقل المسلم في الأندلس خلال عدة قرونفي مختلف العلوم والفنون. وتطرق الدكتور محمد بوكربة(جامعة وهران) إلى جهود المستشرق ليون فليكس غوتيه (1864-1940) في كتابةتاريخ المغرب العربي. وتحدث الأستاذ عبد الجليل ملاخ (جامعة أدرار) عنالمستشرق البولوني دي كالاسنتي موتيلنسكي (1854-1907) الذي حقق كتاب "أخبار الأئمة الرستميين" للمؤرخ إبن الصغير الذيعدّ المصدر الوحيد الذي عايش أواخر عهد الدولة الرستمية(160-296هـ/777-909م) التي قامت في المغرب الأوسط. والأهم أنّ ابن الصغيرلم يكن إباضيا على مذهب الدولة التي كتب عنها، ونقل كثيرا من الأحداث والفتن التي سكتت عنها الأقلام الإباضية كالشماخي والدجيني وأبي زكريا، ولاتزال المعلومات التي نشرها وحققها موتيلنسكي المصدر الوحيد عند المؤرخينوالباحثين عن هذا المخطوط، و لم يُعثر على النسخة الأصلية لحد الآن، رغمأنّ موتيلنسكي قد ذكر بأنّه رأى نسخة مخطوطة في خزائن سهل ميزاب مطلعالقرن الماضي (ق 20م). وتحدث الأستاذ فريد بودربالة(جامعة وهران) عن جهود المستشرق الإنجليزي آرثر جيفري (1892-1959) فيتحقيق التراث الإسلامي. وجاءت المداخلة الأخيرة للأستاذ محمد لعباسي(جامعة وهران) عن تحقيق المستشرقين لكتب الرياضيات في بلاد المغربوالأندلس، ومن أبرزهم المستشرق الفرنسي فرانس فوبكه (1826-1864). ترأسالجلسة السابعة الدكتور محمد موفق (جامعة وهران). وقدم الباحث الأستاذبلقاسم ضيف (الجلفة) مداخلة بعنوان: " المستشرقون ودورهم في تحقيق ونشرمعاجم اللغة العربية". فحقل المعاجم من الحقول الخصبة للعمل الاستشراقي،فقد بذل المستشرقون جهودا كبيرة في نشر وتأليف المعاجم واهتموا بالتعقيبوالاستدراك على المعاجم العربية القديمة، وزادوا في المعاني، وتوسعوا فيالمقارنات وصنفوا قوانين الألفاظ والمصطلحات كما تخصص بعضهم بالقواميسالخاصة بالألفاظ الشعبية أو العامية الدارجة، واللهجات العربية المختلفةوقد ينطوي الجهد الذي بذله المستشرقون في المعاجم أي جهدا آخر في حقلاللغة وتحقيق المخطوطات. فقد نشر المستشرق الإنجليزي ماثيولمسدن (1777-1835) القاموس المحيط لمجد الدين الفيروز أبادي سنة1817 فيجزأين مع مقدمة بالانجليزية وترجمة لصاحبه بالعربية. ونشر المستشرقالألماني غوستاف ليبرشت فلوجل (1802-1870) كتاب "التعريفات للشريفالجرجاني" سنة 1845. وحقق المستشرق الألماني هنري فرديناد وستنفلد(1808-1899) كتاب " معجم ما استعجم " لأبي عبيد البكري، ونشره في جزأين،فصدر الأول منهما عام 1874، والثاني سنة 1877 . كما نشر المستشرق النمساويدافيد هاينريش مللر (1849-1912) كتاب "الفرق للأصمعي" عام 1876. ونشرالمستشرق الهولندي هوتسما ( المتوفي سنة 1943) كتاب "الأضداد" لأبي بكرمحمد بن القاسم الأنباري عام 1881. وتضمنت هذه الجلسةبحثا مشتركا قدمه الأستاذان سليمان صديقي ومحمد الكبير فقيقي عن "رحلة إبنبطوطة بين التحقيق الإستشراقي والتحقيق المغربي". لقد اهتمالمستشرقون بنشر أجزاء هذه الرحلة وترجمتها، فأخذوا يبحثون عنها وعن نسخهاالمختلفة إلى أن تمكن المستشرق السويسري جون لويس بوركهارت (1784-1817) منالوصول إلى مختصر للرحلة في أعقاب المهمة التي كلف بها عام 1809. كما تمكنالمستشرق " ستزن" وهو بالمشرق سنة 1810 من الحصول على مختصر آخر للرحلة،وهكذا استمرت جهود المستشرقين في جمع النسخ إلى أن تمكن الفرنسيانديفريميري و سانكينتي ما بين 1853و1858 بتكليف من "الجمعية الأسيوية" مناستكمال جمع النسخ المتبقية مما حصل عليه الفرنسيون بعد أن فرضوا هيمنتهمعلى الجزائر، حيث نشر الاثنان الرحلة مترجمة في أربع مجلدات. وأصبحتالرحلة في متناول العالم الغربي وكذلك العربي والإسلامي، ثم شرعت عمليةترجمة الرحلة إلى لغات عديدة. وهكذا تمكن المستشرقون من نشر الرحلة فيأوساط عديدة دون أن تكون أمامهم الفرصة والإمكانيات المعرفية اللازمةلتحقيق الرحلة من جميع الجوانب. ثم جاء تحقيقالأكاديميين المغاربة المعاصرين (محمد الهادي التازي بشكل خاص) متأخرابزمن طويل عن عمل المستشرقين في هذا المجال، لظروف تاريخية اتسمت بالهيمنةالاستعمارية الأوروبية على العالم العربي والإسلامي. وتحدثبعدهما الدكتور بن عتو بلبروات (جامعة سيدي بلعباس) عن اهتمام الاستشراقالفرنسي برحلة الباي محمد الكبير إلى الجنوب الجزائري. وقد قام المستعربجورجيوس بتحقيق وترجمة الرحلة ونشرها في أربع حلقات في "المجلة الإفريقية"التابعة للجمعية التاريخية الجزائرية بين 1856 و1859. وفي موضوع علمالجغرافيا عند المسلمين، حاضر كل من الأستاذ بن علي بوبكر (جامعة بشار)الذي ركز على علم الجغرافيا في كتابات المستشرق الروسي اغناطيوس جوليانوفتس كراتشكوفسكي (1883-1958)، وتحدث الأستاذالهواري ملاح (جامعة وهران) عن نشر المستشرقين للتراث الجغرافي العربي،فقد أصدر المسترق الألماني فرديناند فستنفلد (1808-1899) كتاب "معجمالبلدان" لياقوت الحموي، وكتاب "وصف العالم" للقزويني. ونشر المسترقالبريطاني وليم رايت (1830-1889) لكتاب رحلة إبن جبير. وساهم المستشرقالهولندي ميخائيل جان دي جويه (1830-1889) في إصدار "المكتبة الجغرافيةالعربية" في عشرة أجزاء لكبار الجغرافيين المسلمين. ولابدأن نشير هنا إلى أن كل المداخلات تضمنت مداخل شرح من خلالها المحاضرونمفهوم الإستشراق وتابعوا تطوه، وفكوا العلاقة التي تربط الكثير منالمستشرقين بالمؤسسات الاستعمارية. وكانت معظم المحاضرات تتسم بالجديةوالرصانة العلمية. وبعد الاستماع إلى المحاضرات التي قدمها الأساتذة،والمناقشات التي دارت حولها، خرج المشاركون بمجموعة توصيات، من أهمها: - إعداد فهرسة خاصة بتراجم المستشرقين تكون مرجعا للباحثين في حقل الدراسات الإستشراقية. - فتح تخصص الدراسات الإستشراقية بكليات العلوم الإنسانية والإسلامية. - العمل على ترجمة أعمال المستشرقين المتعلقة بالتراث الجزائري. - طبع أعمال الملتقى في عدد خاص من مجلة المخبر المنظم لهذا الملتقى العلمي. وتناولالكلمة في ختام الملتقى الدكتور عبد المجيد بن نعميّة، مدير المخبروالدكتور محمد بن معمر رئيس قسم التاريخ بكلية العلوم الإنسانية والحضارةالإسلامية للثناء على المحاضرين والمناقشين من الأساتذة والطلبة. وفيالأخير تليت آيات بيّنات من الذكر الحكيم. ورفعت الجلسة على أمل اللقاء فيشهر نوفمبر القادم بحول الله في ملتقى آخر حول إسهامات الباحثينالجزائريين في تحقيق التراث العربي الإسلامي. 25 |
مستشرقون وتحقيق التراث العربي
- تاريخ التسجيل : 31/12/1969
- مساهمة رقم 1