نقد نظرية السرد | |
الحداثة ومابعدها في العمل الروائي | |
الثلاثاء , 2 نوفمبر 2010 م | |
> قيل عن الرواية انها عالم يتسع لكل شيء فهي حياة كاملة بكل تفصيلاتهاوابعادها ، كون مادتها قابلة لامتصاص ما يدور وما يمكن ان يحدث او يؤثر فيالمحيط وبالتالي الاحاطة بعناصر الصراع من جوانبه المتعددة من خلال توظيفالسرد او توظيفها في خدمة السرد . ولقد بين النقاد اكثر من مرة ان الروايةتميل الي ابتلاع جميع الانواع الادبية ، بل ابتلاع فنون اخري . وقيل في الرواية الحديثة انها لاقواعد لها فهي مفتوحة الابواب والنوافذعلي الاشكال والصراعات الممكنة الحدوث التي يراها الروائي . من هنافالسؤال الذي يبرز هو ما الفرق بين عناصر الروايتين من ناحية استلهام روحالتعريف من جهة وما يريده القاريء من جهة اخري ؟ ان الاستخدام البين لاسلوب ما وراء الرواية مشتق من النقاشات الحديثة عنالوعي والواقع ، اذ استخدم عدد من التسميات المعروفة لوصف ما وراء الروايةالمعاصرة منها : الذات الواعية، انعكاس الافكار والمشاعر الذاتية ،انعكاسية الذات) ، الانطوائية ، النرجسية او التمثيلية الذاتية (المستقلة)كما يمكن ان يسمي بعض من ادب ما وراء الرواية المعاصر ايضا بفوق الروائي ،الادب المزيف ، الادب الباروكي الحديث ، ادب ما بعد الحداثة او غيرالواقعية . وغالبا ما ينتهك مؤلفو ما وراء الرواية مستويات السرد من خلالالتأثر الذاتي بالشخصيات الخيالية او التدخل عنوة للتعليق علي الاحداثوغربلة الواقع بتأكيد استحالة وجود حقائق مطلقة . والمساءلة الصريحة عنكيفية نقل الفرضيات والتقاليد السردية اضافة الي مخاطبة القاريء مباشرةدونما حاجة للجوء الي اسلوب المؤلف المختبيء او المختفي . ولذا فقد وجدنامن يعد هذا الضرب الروائي خروجا علي الاعراف والتقاليد السردية والتخيلية، وهناك من نظر اليه بوصفه رواية مضادة Anti-Novel او رواية مقالة ادبيةواجتماعية ، بل ان البعض راح يتحدث عن موت الرواية و في كتابها (ما وراء الرواية .. نظرية وممارسة في ادب الذات الواعية)تشير باتريشيا واو الي ان اعمال ما وراء الرواية هي الاعمال التي تعرضنظرية كتابة الادب من خلال ممارسة كتابة الخيال ، وهنا تجدر الاشارة اليالفرق الجلي بين مصطلح ما وراء الرواية ، ومصطلح المخطط التاريخي لما وراءالرواية ، الذي ميزته ليندا هوتكيون اذ اشارت الي ان المخطط التاريخي لماوراء الرواية يتناقض بشكل متعمد مع ما يسمي بما وراء الرواية المتطرف فيالحداثة المتأخرة (فوق الروائي في امريكا) فالمحاولات لجعل العمل الادبيغيرهامشي من خلال مقارنته بالعمل التاريخي ثيميا وشكليا . ان الاعمال التي تسمي بالمخطط التاريخي لما وراء الرواية ، هي اعمال واعيةفيها امكانية عكس المشاعر والافكار الذاتية مع اهتمامها بالتاريخ ،فالمدونات التاريخية المبكرة تحتوي عناصر روائية هي مزيج ضمني للحقيقةوالخرافة . فتكوين كلمة تاريخ بالانكليزية نفسها تتضمن كلمة قصة History -story علي انها تأخذ جذرها اساسا من كلمة تاريخ التي جاءت لتمثل الموضوعية، موضوعية الحقيقة ، اما الرواية فجاءت لتمثل ذاتية الخيال . وهذه الاعمالبأختصار تمد جسرا بين الاعمال التاريخية والادبية من خلال توحيد واندماجالجنسين ، اذ يفتح ما وراء الرواية للمخطط التاريخي نوعا من المعبر والنفقالزمني الذي يعيد اكتشاف المدونات التاريخية لاشخاص عانوا الكبت وطمسالهوية في حقبة زمنية محددة . ان هذا اللون من التجريب الذي وجد طريقه فيالمرحلة الاخيرة الي فضاء البنية السردية في ادبنا الروائي القصصي متمثلافي روايات عراقية مثل (سابع ايام الخلق) لعبد الخالق الركابي و (همس مبهم)لفؤاد التكرلي ، وفي قصة احمد خلف القصيرة الطويلة (تيمور الحزين) وغيرهم، والذي اثار لدي البعض الاعتراضات والتحفظات . ففي كتابه (بحوث فيالرواية الجديدة) يقول ميشيل بوتور (نكتب دائما من اجل ان نقرأ) فيمايتحدث النقاد اليوم عن القطيعة المتزايدة ما بين الكاتب والجمهور والتيسبق ان عبر عنها الرومانسيون بطريقة فيها الكثير من الفجاجة . وتعد الرواية الحديثة انموذجا لهذه القطيعة بسبب عدم التلاقي بين ما يعرضهالكاتب وما ينتظره الجمهور . غير ان الان روب غرييه يري في هذا الطلاقصورة لطلاق اعمق يوجد بين الانسان والعالم . بينما لا يتحدث نقاد آخرون عنطلاق بين الكاتب والجمهور ولكن عن موت القاريء بالنظر الي تأثير وسائلالاعلام المكتوبة والسمعية والبصرية في تحديد المقروئية . وفي هذا يقولجورج دورمسون الروائي وعضو الاكاديمية الفرنسية (ان الرواية التي لايتحدثعنها التلفزيون في الايام الاولي لصدورها هي رواية محكوم عليها بالموت) انمشروع ما بعد الحداثة ينبغي التماسه في ذلك التغييب والنفي للذات البشرية، فأختفاء الكائن الانساني وتذويبه في بنيات شارطة ومتحكمة فيه سواء أكانتبنيات اقتصادية ام سياسية هو مؤشر علي تحول فلسفي هيمن علي المنظومةالثقافية الغربية بكل تعبيراتها حيث نجده ايضا ينعكس علي مستوي نظرياتالادب ، فارتفعت دعوات لتمويت المؤلف كما هو الحال مع نظرية النص التيقدمها رولان بارت ، اضافة الي المناداة بتحرير الرواية من نمطها التقليديالقائم علي نظام الشخصيات الي رواية حركية مبنية علي اساس اللغة وبلبناتالالفاظ حيث لاتحضر الشخوص حضورا مهيمنا كما هو الحال في الفضاء الروائيالكلاسيكي ، بل هنالك ثمة دعوات الي تخليص الرواية كليا من مفهوم الشخصية، وهو تصور يندرج ضمن سياق ما بعد الحداثة الموغل في استبعاد الذاتالانسانية وتهميشها او زحزحتها عن مركزيتها الانطولوجية . واذا كان البعض يري ان الر واية موشكة علي الموت فلأن تفسير ذلك هو انالرواية كعمل ابداعي يتكون بالاستمرارية وفيها ربط للحاضر اي التجربةالحاضرة مع التجربة السابقة للفن الروائي ، ولان عصرنا هو عصر اللحظةالراهنة والاحداث اليومية المتسارعة التي تعلن فيها كل الاطرافوالايديولوجيات والمصالح السياسية رؤاها من خلال ما ينعكس من منشوراتدورية واسبوعية ويومية بالشكل السريع فأن هذا يبعد الرواية بعض الشيء عنكونها الرؤية الاكثر تعقيدا اما الرأي الاخر فيري ان الرواية هي (حمايتناضد نسيان الكائن .) وهذا كله متروك للمستقبل لان الشارع مشغول اليوم في كلبقاع العالم بالشيء السريع الخاطف للبصر الذي يتم تناوله بالاسلوب الاقربوالاوسع انتشارا ايناس البدران |
نقد نظرية السرد
خنساء محبة السماء- عدد المساهمات : 96
تاريخ التسجيل : 02/11/2009
العمر : 34
- مساهمة رقم 1