جماليات الشكل القصصي في أعمال القاص المغربي جمال بوطيب
جماليات الشكل القصصي
في أعمال القاص المغربي جمال بوطيب
" برتقالة للزواج!!... برتقالة للطلاق!!.."[1] و" مقام الارتجاف"[2]
إبراهيم الحجري
منذ فترة التأسيس حتى الآن, ظلت القصة المغربية القصيرة تبحث لها عن هوية تنماز بها عن أشكال السرد الشرقي الذي ظلت أصواتٌ تؤكدأنها مجرد صدى له, وأن هذا الأخير هو الصوت, ظلت, بشكل هجاسي تبحث لها عنموقع محترم، بعيدا عن هذه الادعاءات المعادية, وإذا كان جيل الرواد قد باتمهووسا, بحكم البدايات, بمسألة التأسيس, ونحن نلتمس له العذر في ذلك, فإنالأجيال اللاحقة اجتهدت بشكل كبير كي تمنح لهذا الفن شكل التميز والتفردوطعم الخصوصية المغربية بعيدا عن أشكال الاجترار والتقليد والمعارضةوالنسج على نول... وقد كان لجيل الثمانينيات حجر هذا الرهان, حيث تسلحتمجموعة من الأصوات العميقة, بما تمتلك من بهاء وحماس, لأجل مغربة هذا الفنالعصيب, وقد خولت الثقافة الشاسعة لهذه الأصوات وقدرتها البليغة علىالاجتهاد والاستيعاب وتمثل الواقع وهضم التجارب السابقة؛ وامتلاكها لوعينقدي رصين، من أن تخلق لها تميزا في الكتابة السردية, وأن تضع أشكالاسردية مغايرة؛ ليس فقط على مستوى القوالب، بل أيضا على مستوى الأبعادوالدلالات والمضامين, وبفعل هذه التراكمات التي خلقتها هذه الأصواتالمكابرة، تأتَّى للقصة المغربية أن تنعم بتلك النقلة النوعية والكميةالمتميزة, وأن تحفل بالتحول الكبير الذي رفعها من درجة التأسيس إلى مرحلةإثبات الذات وبصْم وشم الخصوصية التي تحتفي بالزمان والمكان والشخصيةوالرؤيا المغربيِّين, ولعل السمة الغالبة التي ميزت هذه الأصواتالثمانينية هي كونها ظلت مهووسة برهان التجريب والتمرد على النماذجوالأشكال السائدة. وقد أثار هذا التحول الذي طال مستوى الكتابة القصصيةعلى الخصوص, إشكاليات عدة.
-أولا: على مستوى التلقي: حيث إن المتراكم القرائي لدى المتلقي مشبع بنموذجالقصة الكلاسيكية التي تحترم مقاييس معينة, وأول ما يصادف الكتابة الجديدةمن أسئلة، هو كيف بإمكانها أن تجد لها موقعا داخل هذا المتراكم المهيأسلفا.
- ثانيا: على مستوى النقد والمتابعة: فأغلب النقاد السدنة والشيوخ اعتبروا هذه التحولات مجرد مسوخ وقدح شكلية خالية من كل ماء يؤهلهالأن تكون موضوعا للدرس والتحليل, وبالتالي باتت هذه الكتابات مهملة,مهمشة, يغلفها التناسي ويأكلها الغبار رغم ما يمكن أن تضيفه على القصالمغربي من جدة وتميز.
-ثالثا: على مستوى البناء: إذا كانت القصة الكلاسيكية تتأسس على حكي مباشريرتكن إلى السرد الكرونولوجي لأحداث معينة, واقعية أو متخيلة, يجعل القارئيستأنس بمتعة الحكاية وبساطة اللغة, فإن الكتابة القصصية الجديدة تراهنعلى توريط هذا المتلقي الكسول في بناء النص وإعادة البناء واستغلال ثقافتهكلها, تاريخا ومقروءا وواقعا, من أجل فك شفرات النص وفهم مضامينه وسبرأغواره التي لا تمنح نفسها لأي كان. ولا بد للقارئ أن يقرأ ويعيد القراءة,متمثلا عناصر البناء الشكلي والدلالي بشكل متوازن, على اعتبار أن الكتابةالجديدة تعتبر المتلقي عنصرا ديناميا لا بد من إقحامه بشكل ما في صميمالعمل أو لنقل توريطه في فخ البناء. لذلك كانت تحضر بشكل مقصود مؤشراتداخل المنجز الإبداعي القصصي تحيل على طبيعة المروي لهم والعلاقة التيتربطه بالراوي والحكاية(إن وجدت أصلا). وقد تساوقت هذه التجارب معالنداءات التي تقول بانفتاح النص على أشكال جديدة وتمرده على منظور النقاءالأجناسي, وبالتالي فقد بات القصاصون يفتحون شرفات داخل تجاربهم لتتلقحوتتخصب وتجد لها امتدادات خارج فضائها الخالص.
ومن بين هذه الأصوات التي أسست لهذا الاجتهاد وحملت صخرة هذه الرهانات بإصرار وعناد سيزيفيين؛ نجد الأديب جمال بوطيب[3][4],وبين المجموعة والمجموعة كان الرجل يطور من أساليب قصه ويأتي بالجديد,وعقب كل تجربة تحس أن الرجل ليس هو الرجل وأن تبدلات جذرية طرأت دون أنتحيد به عن عزمه الأسمى وهاجسه الموحد, وإن تعددت التجارب, ألا وهو خلققوالب مبتكرة وصياغات مغايرة تخرج بالقصة عن طابع التنميط والاجترارية,سلاحه في ذلك مكسب التجريب[5]الذي يشكل قناة العبور إلى ضفاف المدهش من القوالب والأشكال, ويمثل شراعالأمان الذي يبيح للكاتب هذا العبور ويبرر له ركوبه, ومن خلال سفَرناالقرائي عبر المنجزين الثاني والثالث للقاص جمال بوطيب, والموسومين علىالتوالي ب "برتقالة للزواج!!... برتقالةللطلاق!!..." و"مقام الارتجاف", نلحظ, بشكل كبير, حضور الاعتبارات السالفةالذكر, هذا من جهة, ومن جهة أخرى يثيرنا طغيان أشكال مستحدثة على كلاالمنجزين, مما يحرض في ذهن المتلقي أكثر من سؤال حول طبيعة هذه الأشكالوالقوالب, وأهميتها في إبراز شعرية المتون الحكائية وخدمة المحكيات وبلورةالطفوحات الدلالية, ووظيفتها تكمن في خلق نص منسجم قادر على إرباك المتلقيواستفزازه وتحريضه على التساؤل وإعادة القراءة وتحريك أسس القراءة لديه.وإذا كنا مع الكاتب والقراء نحتفي بهذه التساؤلات ونروم اتخاذها موضوعاتجوهرية لتلقّ فعَّال يحيد بنا عن الاستهلاك والخطية والنمطية, فإننا فيالآن نفسه, ندعو إلى عدم محاورة مثل هذه المنجزات بناء على خلفيات قرائيةمتقادمة تبحث عن المتعة والفائدة بأقل جهد ممكن, مثلما ندعو إلى تمثلراهنية الأسئلة التي أضحت تؤرق جوهر الكتابة وتقض مضجع الكتاب؛ بعيدا عنأي تعصب للمتراكم القرائي, وبعيدا عن أسطورة الثابت والنموذج وغيرها منالقيم التي لا شرعية لها في تغليف الإبداع وتكبيله؛ تحت غطاء أي ذريعة كانت, فالحقيقة الكامنة أمامنا هي النص ولا شيء يثبته هذا النص إلا اللاثباتفي شكل الكتابة مهما كان نمطها, فالتحولات والتبدلات التي تطال هذهالقوالب والأشكال ماهي سوى إجابات عن التحولات الملحة التي تطال الحياةنفسها, فكيف نريد من الكتابة أن تُنمط وترسو على هيئة معينة والحياة تتغيربشكل لا نستطيع إدراكه ولا التحكم فيه, فلا بد أن تضع الحياة المتسارعةالتي نحياها أشكالها التعبيرية التي تختار وتريد، دون أن تكون هذه الأخيرةمضطرة للثبات والصمود أكثر مما تستطيع.
وإذاكان المنجزان اللذان بين أيدينا غنيين, من حيث التحول الشكلي والاحتفاءالتجريبي, إلى درجة يستعصي علينا فيها القبض على كل ملامح المغايرة التيتسِم النصوص, فإننا بمكنتنا الإحاطة ببعض سمات التبدل والانتقال التجريبيالذي خضع له مسار السرد طيلة هذه المتون, والتي نستطيع أن نستجليَهاكالتالي:
-تقطيع النص القصصي وتفتيت المتن الحكائي, وهذه الطريقة تمنح الكاتب فرصةالتحكم في سيولته واللعب بالمضمون في محاولة لنزع الاتجاه الخطيالكرونولوجي لأحداث الحكاية, وهذه الوسيلة, وإن كانت تفيد في استعادة نفَسالحكي وضبطه؛ وتعطي للكاتب حق التدخل لتكسير رتابة السرد المسترسلوالاستراحة من عبء التسجيل الهندسي المستقيم لمعطيات المتن القصصي, فإنهالكي تكون وظيفية لا بد أن تكون منسجمة مع البناء الخطابي للنص, غير نشازٍ,ودون أن يحس المتلقي أنها غاية في حد ذاتها, وأيضا لا بد أن يكون محتوىالمقاطع متكاملا, بعضها يكمل البعض الآخر, لهذا فجمال بوطيب, وإن كان يحددلكل مقطع عنوانا مستقلا؛ فإن ذلك لا يمنع أن يكون للخطاب انسجامه وتكامله,وهكذا كان، فأغلب النصوص مقطعة إلى أقوال وروايات وأخبار سردية, وواضح أنالكاتب يستعين بتقنية التقطيع هاته ليعلن تمرده من جهة على صيغ الحكيالمتداولة التي تفي للخطية الكرونولوجية من جهة, ومن جهة أخرى كي يفتحشرفة داخل منجزه لتداخل المحكيات والخطابات والأزمنة.
-حضور الغنائية وطفوح النفس الشعري من حين لحين خاصة في تجربة "مقامالارتجاف ",إذ غلب على السرد التعابير الاستعارية والطفرات المجازيةالدسمة مما زاد بناءه جمالية وكثافة, وقد يعود هذا الحضور إلى التداخلالممكن بين الحكائي والشعري لدى الذات الكاتبة, خاصة وأن الكاتب يزاوج بينالتجربتين معا شعرا ونثرا, ومن الطبيعي, كما هو معروف أن يحدث, داخل الأثرالإبداعي لنفس الكاتب, التفاعل والتلاقح والتوارد, ومن العسير أن يظلالمبدع وفيا لتجربة معينة على حساب الأخرى:
"قول أول:
-قال النخل: بعت سعفي.
-قالت الحقول: لونت خضرتي.
قالت الطيور: هجرت أوكاري.
قال النحل: عفت عسلي."[b][6]
-استلهام أشكال وقوالب جديدة, غريبة على عالم القص, قريبة منه في نفس الآن,وقد أضفى عليها الكاتب دينامية السرد وحولها, تبعا لتكتيكات فنية, لتلائمطبيعي المحكي ولتصير كائنات قصصية, إذ يتم استدارجها من موقعها الأصلي ثميتم استنباتها في محيط القصة التي تمنحها حياة جديدة وملامح جديدة وأهواءخاصة تفقدها صورتها الأصلية وتمنحها صورة أخرى بعد أن تحيَّن وتستدمجويعاد تشكيلها. ومن هذه الأشكال نجد المسرح كشكل فني (شكل النص المسرحي)،وكذا الأغنية:
بغداد الأسطورة، بغداد السلام
بغداد المنصورة، يا عش الحمام"[7]
ثم الحكاية الشعبية (بناؤها على الخصوص):
"كان يا مكان، في قديم الزمان/ كانت اللذة بلا جنحان/ والحب مورد ف البستان/ والعسكر يقارع كل من يفرق الخلان"[8]
فالرسالة:
"سيدة ارتجافي.
عرفتك من خطك الأنثوي المرقون بغبش غاضب على الورقةالرمادية الداكنة..."[9]
والوصية, الخطبة:
" أيها الناس:
سحرت العين، وسهل الخد، ولطف الكف..."[10]
إضافة إلى المقامة, والنقد,... وقد زاد هذا من غنى المنجزين وثرائهما شكلا ومضمونا قالبا وقلبا, دالا ودلالة.
-توظيف الموروث الثقافي داخل المتون وتحيينه بشكل يخدم انسجام النص ويعمقتواصله مع عوالم شتى, ولقد حضر هذا الموروث بأشكال متعددة منها الحضورالمفهومي أو المصطلحي, وحضور أسماء الأعلام: ( الجازية، أنتجون، محمدالكغاط، أوديب، الجاحظ، ريما، دياب، الحلاج، أمغار، جميل، ابن ربيعة،الشريف، بطوطة...) وكذا استلهام التاريخي والأسطوري والشعبي "وهذي ساعةمباركة فاش تلاقينا"[11] مما يجعل النص القصصي حافزا على تحريك مدارك ومعارف وتجارب كثيرة يطبعها التواشج والتعددوالتناقص, ويخرج المنجزان هذه المواد المتوارثة من سياقها التي استعملتفيه لتأخذ طابعا جديدا وخاصا يفرضه عليها السياق النصي الجديد, وأكثر منهذا أن الكتابة هنا تعمق من أثر هذه الأنساق الحكاية القديمة على المتلقي؛خاصة حينما تلبس ثوب التحيين وتزدان بفرادة التجربة, وأحيانا يعمد الكاتبإلى إعادة صياغة هذه الأنساق بأسلوب جديد يجعلها مشبعة بحيوية الحياةالعصرية وما يطبعها من تعقد.
-الاشتغالعلى موضوعات جديدة وإحياء مواضيع متقادمة بأشكال حديثة, فقد أوسع الكاتبتجربته لاحتواء التصوف والرومانسية كما اجتهد ليطوع هلوسات الذاتوكوابيسها وأحلامها ليضع منها موضوعات للتشظي والخروج من الأعضاءوالانسلاخ عن الجسد وتعدد الكائن الواحد واستنساخ المخلوق البشري وتحويلهإلى جماد أو شيء؛ ثم الاحتفاء بالجسد في بحثه الدؤوب عن اللذة والضوءالهارب والطرف المفقود, العصي على القبض.
-التعاملالوظيفي مع اللغة, فالكاتب لا يقدس اللغة بل يحررها من أسلاك النقاءوالصفاء ويبتكر لها علاقات جديدة قادرة على الإيحاء, كما أنه يسعى إلىتطويعها ومنحها دينامية وحركية غير معهودة تزيد المحكي توثبا وانطلاقاومرونة, لذلك فهو يوظف اللغة الفصحى الرصينة والتي لا تخلو من دسم الشعريةكما يوظف اللغة الدارجة والفرنسية ليزيد مسرودة غنى وثراء ولكي يرقي منمستوى الواقع اللغوي عبر منجزيه, إنه يراهن على انفتاح الخطاب وتعددهاللغوي, وهو في نفس الوقت يؤكد أن العربية الفصحى قد تعجز أحيانا عنالإيفاء بالمقصود الدلالي؛ وأن الاستعانة بالمدد اللغوي المحايث قد يفجرإيحائية النص ويولد معان تليدة تخدم انسجام مكونات الخطاب وتزيده قوةتأثيره:"الرايب"[12]، "الشقوفا"[13]...
-استعمال ضميري الخطاب والتكلم والابتعاد عن ضمير الغيبة مما يعزز مسألةحضور السيري وهيمنة النفس الخطابي, فضمير الخطاب يعكس اهتمام الكتابةبالمروي له واستحضاره عبر المتن كشخصية فاعلة ومنفعلة, فيجعلك هذا تحس بأنالتجربة كلها موجهة لقارئ بعينيه.
-تعدد الرواة عبر نفس النص القصصي, وهي تقنية تتيح للكاتب التعامل مع الحدث( إن وجد) من زوايا متعددة، وفي كل مرة تختلف الرواية واللغة وصيغتاهماوتختلف بالتالي درجة التلقي وأفق التواصل وعناصر مكونات المحكي.
-النزوع الصوفي داخل تجربة "مقام الارتجاف" خاصة، وذلك من خلال التعبير عنالتوحد في جسد المحبوب والتفاني في الاحتفاء به، ففي قصة (أنتجون والعازف)تبدو نغمة الحب الصوفي طاغية، حيث تمنح الحسناء السارد الأعمى بصيرةأسطورية (وكنت أقاوم سلطة عينيها وبيني وبين نفسي أعترف سرا وقهرا أننيحتى اللحظة كنت أعمى البصر والبصيرة)[14]. كما أن نزعة التصوف تبدو أيضا من خلال توحد الجسدين[15].
-طفوح التجربة ونغولها بالتناص وأشكاله المتعددة, وهي تناصات على أية حالليست حرفية,إنها مجرد استلهام لتجارب قديمة أو معاصرة؛ ثم استدماجها فيالتجربة بطريقة تكون فيها دالة وبصورة مغايرة لما كانت تدل عليه في الأصل,إنها تتخذ أبعادا جديدة داخل النص الجديد بعد أن تحرك لدى القارئ ذاكرتهوتحفز لديه معارف سابقة محال عليها نصيا, وعبر هذين المنجزين يمكن أن نجدلدى بوطيب نوعين من التناص:
- تناص دلالي يستوحي مقولات ويستعيرها لشحن متنه الدلالي المعبر عنه نصيا.
-تناصات شكلية تطمح من خلالها التجربة إلى استلهام أشكال مغايرة من مجالاتأخرى مشابهة أو قريبة، أقصد سواء المنبنية على الحكي أو على غيره:كالشكلالمسرحي أو شكل الوصية والرسالة والمرافعة والمقامة والمقالة النقدية وغيرذلك من الأشكال, وللإشارة فهذه الأشكال تطوع نفسها داخل المحكي لتتناسب معمعطيات القص حتى يتهيأ لها تحقيق الدلالة المنشودة وفق الانسجام الذيتستلزمه حكاية الحكاية.
-مثلما تتعدد الأشكال والأشكال والدوال عبر هذه المتون, فإن الشخصية أيضالا تعرف استقرارا، فهي ليست سوى قالب أو وعاء تفرغ فيه السحنات والملامحأو لنقلْ إنها مجرد علامة أو سمة دلالية متحولة, فهي ليست بالضرورة كائناآدميا, بل قد تغدو, عبر التجربة, أشياء ميتة أصلا أو جمادات, وبأسلوب فنيحجازي تتحرك هذه الجمادات وتتحاور وتفعل ما يفعله الآدميون أو يكادون, إنهذه الأشياء والجمادات تتنقل عبر المحكي وفق دينامية متجددة تمنحها لهاالخصوبة النصية, انطلاقا من الوعي المسبق لدى الذات الكاتبة بأهمية التنقلبين الحالات عبر المتن الواحد وأبعاد هذا الانمساخ والتبدل "الكرسي البنيالشاغر وعلبة الستيفيزان والفنجان والكوب في قهقهات شامتة. تستفحل الشماتةفيضرب الفنجان على يد الكوب، يضحكان حتى تغلب الغرغرة الأحداق..."[16]
-تشغيل الصمت وترك فسحات للمتلقي كي يدلي بدلوه في سبيل بناء الدلالة وهيتقنية تقحم القارئ في صميم التجربة وتجعله كائنا نصيا وظيفيا فاعلا بدل أنيكون استهلاكيا, منتجا وليس سلبيا, فقد نجد بعض الفراغات التي تكتفيبالتنقيط, وهذا ضرب من الاشتغال على الصمت, وجعله لغة فصيحة قد تقول مايعجز عنه الإفصاح والإعراب نفساهما, فالخطاب منفتح على التأويل, مشرعانوافذه للتداخل والتنافر والتفاعل والتلاقح, إنه متاهة لا سبيل للخلاصمنها بالنسبة للمتلقي, فهو لابد أن يقترح ويتأمل وينفعل ويتساءل ويقارنويقلق ويعلق.. إلخ من الأفعال القرائية الناجمة عن اصطدامه بالسيولةالنصية, ومن هنا تبدو القوة القاهرة للغة الصمت على الإيهام والاستنطاقوالاستفزاز وخلق نص متعدد القراءات مفتوحا على التأويل, نص لا يمنح نفسهببساطة وإنما يرهق قارئه بتشغيله على فك شفراته وبناء دلالاته[17].
-مثل أي كاتب وأية تجربة كتابة, قصصية كانت أو غيرها, فإنه لابد منانفلاتات العودة إلى الذاكرة باعتبارها المعين الثر الذي ما يفتأ يمدالتجارب بالعمق والصدق والثراء, حيث إنه كلما ضاقت السبل بالكتابة وجدتلها فجوة داخل هذا المدى الشاسع, وكلما تاه بها المداد كانت الذاكرةالواعية اللجام الذي يعيدها إلى المسار المنشود ويمنحها وهج اللحظةوإشراقة الدفق لشعوري, إن الذاكرة التي تؤرخ لجراح الذات والتماعاتالتجارب الحياتية في نجاحاتها وإخفاقاتها تشكل ذلك المنبثق النوراني الذييصل هم الذات بالهم الجمعي اللذين يلتحمان على أية حال من الأحوال, لذلكففي هذين المنجزين تحضر الذات بقوة كما تحضر الذاكرة الفردية والجمعية عبرتردد مجموعة من المؤشرات البارزة التي تحيل على الواقع، من خلال أمكنةمعينة عبرتها الذات أو قرأت أو سمعت عنها وأزمنة غابت عنها الذات أوحضرتها وأسماء أعلام لاقت أهلها الذات أو تفاعلت معها بشكل من الأشكال.
* المؤشرات المكانية: ظهر المهراز, الحي الجامعي, السور, بوجلود, فاس, باب الفتوح الطالعة الصغيرة, الأطلس, البطرس...
*المؤشرات الزمانية: فترات الدراسة الجامعية.
*المؤشرات الاسمية, محمد الكغاط, جمال بوطيب, جميل، الجازية، الحلاج، الحجام...
وكماأكدنا ذلك سابقا فالكاتب يعي جيدا ما يكتب وما يفكر فيه, مع سبق الإصراروالترصد, بل يصمم عمله وفق استراتيجيات مهيكلة مسبقا, ومن هنا يتخذ هذاالتمثل بعدا إجرائيا مميزا, فحضور هذه المؤشرات الدلالية, بما تحيل عليهمن مرجعيات, جدير بأن يكشف ذلك التعالق الوطيد بين الذاتي والموضوعي,الواقعي والمتخيل,في هذه التجربة مع حسن تمثل الحدود والفواصل والإيقاعات,وهو ما يجعلنا ننبه إلى كثافة الطبيعة التقنية للعملين السرديين, إذ تبدوكل العناصر المشكلة للعمل القصصي منسجمة وموضوعة بعناية في مكانها اللائقوبشكل محسوب للغاية, حتى أن البناء عامة يبدو تشييدا مضبوطا على إيقاعالدلالة المنسجمة والرسالة النصية.
-بقدر ما ينشغل النص في هذه التجربة بالمحكي والمكتوب وبقدر ما يحتفيبالدلالة والمقاصدية فهو أيضا ينشغل بطريقة تشكله وبنائه, وكأنما يحكي عنالمخاضات العسيرة التي أفرزته وأخرجته إلى حيز الوجود, وهي إشارة ذكية إلىغياب المواكبة النقدية للأعمال الأدبية, مما جعل الكاتب يضمِّن منجزاتهإشارات نقدية حول طبيعة المكتوب وصيغه، وهو في، نفس الآن، تعبير عن أهميةمراهنة الكاتب على الوعي بأشكال الكتابة وقوالبها وآفاق تطورها ومدىانفتاحها على الذات والآخر والواقع والتراث, فمن شأن ذلك فتح شرفات جديدةلتخصيب المكتوب وتسميد تربته ببهارات ممكنة, ولعل هذا ما جعل الكتابةالسردية توسَم بالتعدد والانفتاح وكثير من المرونة.
-تسعى المجموعتان إلى فك ألغاز الشخصية وسبر أغوار الجسد الأنثوي فيعلاقتهما بالذات الواعية واللاواعية, وفي ارتباطها بالآخر مهما تعددتصنوفه وتجلياته في محاولة لفك العزلة عن الكائن وكشف الغطاء عن المستور منالهواجس والكوابيس والسلط التي تتحكم في مفاتيح العبور إلى سراديبهماومساربهما العميقة, ويتصدر الجسد الأنثوي قائمة الذوات التي تنبض بالحيويةداخل المتون, وبخاصة في مجموعة "مقام الارتجاف", إذ يتخذ هذا الجسد بعداوجوديا يتطور أحيانا ليصل إلى بعد صوفي معقد, خصوصا حينما يصبح ممتصالنزوعات شتى تتجذر وتتماهي لتتسربل بنكهة السؤال الفلسفي الذي يحضنالمظاهر المتعددة للتفاعلات الشخصية تبعا لعلائقها الشائكة: (الرقص,الزواج, الخيانة, الغناء, الموت, الحياة, الفتنة, الجمال, الضعف, القوة,النفاق, العفة, البلاغة...) وقد احتفت خطابات (الإهداء) بنساء تاريخيات,واقعيات, حقيقيات أو متخيلات, مما يعمق حضور خطاب الأنوثة المقدسة,الطاهرة والمدنسة, بما تقترح من بلاغة الافتتان وانتصار الراغائب واستئسادالطفح الجسدي بلغاته القاهرة المتعددة.
-نغول المكتوب بالخطابات الساخرة, وتكررها بشكل ملفت حتى تكاد تكون هيالقيمة المهيمنة على الخطاب السردي بهذين المجموعتين, وهذا الخطاب، إذيتعدد، فهو يحيل على امتعاض الكاتب من قيم سائدة ومنحطة وانتقاده للواقعالمزيف, وقد تعددت مظاهر التهكم الوظيفي عبر المنجزين؛ وإن توحدتمقصدياتها, بكونها تفضي إلى دلالة واحدة هي عدم الرضى مما يعتمر الذاتوالواقع من معايير وأشكال واهية, إن العملين يسخران من:
-القارئ الباحث عن الجاهز, المستهلك, الكسول, العاجز عن التساؤل والنقد.
-الناقد السادن الذي يقدس متراكماته ولا يحفل بما جد واستحدث.
-الأشكال الإبداعية التي تنحو منحى التقليد والمعارضة وتظل صدى لنموذج سائد.
-الواقع المتعفن بالأدران والأمراض والأوبئة المتجذرة في العقليات والأدمغة.
-القصاصون والأشباح والوصوليون الذين لا يملكون، من الإبداعية، سوى الجبين ووجه حربائي ولسان منافق.
-كل أشكال الولاء للثوابت والتي تقمع الابتكار والتجديد.
-السلط التي تكبل قوى التوثب والانعتاق والخلق, خاصة في مجال الإبداع.
إنهيمنة هذا الخطاب يتساوق دلاليا مع الاستبطان الضمني للغيرة على الآدمية،ذاك الانتماء الذي تحتفي به التجربة وتدافع عنه, ومن أجله تجرد فورتهاوتستنفر عذاباتها القصوى.
-تحرص التجربة القصصية, من خلال هذين المنجزين, على تعرية أوجه التناقضالذي تشوب القيم والسلوكات, وذلك عبر تمظهر الكلمة ونقيضها وكشف التصدععلى مستوى البنيات والأشكال, إذ تحتدم الرغائب والخطابات واللغات فيتماسات عنيفة, تتفجر حينا وتخبو أحيانا, إذ لا شيء ثابت نصيا, فالقيمةتنفي القيمة, والشكل يدحض الشكل, وما بين القوسين يسخر مما يسبقه أو يليه,ويتفاقم التسلسل في الأحداث والحالات والتحولات كما تتشوش آفاق التفاعلوالتواصل بين أطراف الحوارات, وتحتضن الفوضى قلب النظام.
*نحس أحيانا أن النص ينطلق من نقطة معينة ثم يكبر شيئا فشيئا وتتعقد البؤروتشتعل التحولات وفق منطق خاص وتتفاعل الحبكات, ثم في الأخير نجد أنفسنامنتهين حيث ابتدأنا, فتصير البداية نهاية والنهاية بداية وتستحيل خطيةالسرد إلى دوامة دائرية متاهية.
*تستحضر الكتابة القصصية داخل المنجزين صورة متلقيها، إذ يشغل حضور المرويله مساحات متميزة سواء بشكل ضمني أو بشكل لفظي، وهذا يعكس التوجه الواعيفي الكتابة السردية لدى القاص جمال بوطيب، الذي يحشد كل مقوماته المعرفيةوالثقافية لإنتاج نص هجاسي متمرد على الأشكال، متشبعا بإمكانيات الحداثةومرونة القوالب، ويبدو أن الكاتب يوظف مقروءه من نظريات ومعارف من أجلبناء شكل جديد يستلهم مقولات الخطاب الهيرمينوطيقي ومنه جمالية التلقيالتي تدعم التركيز على المتلقي وإمكانياته الهائلة في التأويل وفي إحياءالنص أو قتله، وتبدو التجربتان، هنا، كأنما الحوار فيهما يتم على نطاقواسع بين الراوي والمروي له/الرواة والمروي لهم، وهذا التوظيف قد يتخذبعدين:
-بعد ساخر: ينطلق فيه القص من مقولة القارئ السطحي الذي يريد من القصة أنتكون مشيدة وفق هواه ومتراكماته القرائية (الحكاية الممنطقة، وفق سيرورةالزمان والمكان والشخصية)، وهو منظور مبني على أساس الهدم والبناء.
-بعد بنائي: يشيد المحكي، من خلاله، منظورا جديدا لتلقي النص القصصي، وأفقامشرعا على التجريب الهادف ومفتوحا على إمكانيات رحبة تتسع لاستيعاب الهمالإنساني الذي يعتبر الإبداع أحد روافد تصريفه.
*تنشغل المجموعتان بطبيعة المكتوب وبأسئلة الكتابة في هذا العصر داخل فضاءمعين يحمل سمات مغربية، فالكتابة بقدرما تنشغل بنفسها وصيغ تمظهرها للقارئوعناصرها المتعددة، فهي كذلك تنصرف أحيانا كثيرة إلى انتقاد النقط السوداءفي الوسط الذي تنتمي إليه باعتباره الأفق الرحب الذي ينفس عن الروحالبشرية والملاذ الذي تقصده حينما تنسد الآفاق الأخرى, لذا فالرواة يسخرونمن حال الشعراء المتهافتين على النجومية بلا إبداع حق ويشفق على حالالكتاب الذين يجعلون من الكتابة قنطرة للعبور نحو ما يختلج في الذات وفقأوهام مزيفة وأحلام مادية صرفة, الكتاب الذين عمروا المشهد الثقافي بصنوفالفقاعات والأحابيل والقيم الفاسدة التي لا تمت بصلة لعالم الإبداع الحقالذي يجسد هم الإنسان ويعانق أحلامه وعذاباته ويستضمر لبوساته الشعوريةويطرح بجرأة أسئلته اليومية التي تقض مضجعه, وبدل أن تسود ثقافة جادةتساير التنمية البشرية وتحرضها في الإنسان, عمت ثقافة استهلاكية تروجللنفاق والمحاباة والمجاملة والتزوير والإقصاء والركض خلف سراب الشهرةوالقيم المادية والمناصب والصفات والألقاب, كل هذه الأشياء جعلت سوقالكساد والرطانة والابتذال مفتوحة من كل الواجهات على العبث والانتشارالسريع مثل فيروسات ذات عدوى قاهرة. وهذا الهاجس الذي يهلوس الذوات عبرالمكتوب يتناغم مع الانشغال القوي بالمكتوب نفسه وبصيغه وبشكل انبثاقهوانبصامه وتمظهره, سواء من خلال الاحتفاء المقاصدي أو من خلال اتخاذهمواضيع لكتاباته, ويبدو أن التجريب كتمية وكهم, يعد رهانا قويا داخلالمنجزين، لكن هذا المفهوم بقدر ما هو قادرعلى تحقيق الشعرية المتوخاة فهوقادر على أن يكون نشازا القصد منه ترشيح النص بالديباجة الزائدة التي لاتخدم بناه ورؤاه ورسالته، عكس ما ترومه الكتابة هنا، إنها تحرص على أنيكون التجريب وظيفيا ومنسجما مع باقي المكونات النصية المحايثة، وأن يكونكل عنصر متخذا مقاسه اللائق في التصميم العام للتجربة في أي نص وهذا مايميز الكتابة الواعية.
ولعلالملاحظ عبر المتنين هو كون الكاتب يجرب في كل نص طرقا جديدة وأشكالامستحدثة، فهو يكره أن يكرر ذاته أو يفيَ لخط واحد, أو لنقُلْ إن الكتابةعنده مغامرة, رحلة متجددة لا ترسو إلا لتنطلق من جديد شأنها في ذلك شأنالحياة، فإن لم تكن مشفوعة بالتورط في الكشف والغوص فلابد أن تشيخ ثمتموت, إنها مسخ يجب أن يتحرر من كل المغاليق والستارات والحجب كي تتعددوتتناسخ وتتعايش ولا تذوب أبدا, وانطلاقا من هذا الوعي، كان جمال بوطيبيحرص على هذا التجدد ويرعى هذا التعدد ويسقي جذوره بماء البحث والتنقيبوالاجتهاد, إن الكتابة عنده هي اللا ثبات واللا سكوت والهجس الدائموالتساؤل الزوبعي الذي يفتك بالأشكال والأنواع التي تحب التسلط والسيطرة,إنه في كل نص جديد يفضل أن يعيش تجربة جديدة مغايرة, ومعها تكتب له حياةأخرى لم يتِحْها له الواقع ولم يسطرها له في دفتره المقدور, لذلك لايمكننا حصر هذا الثراء، فهو عصي على القبض بعوالمه القصية وتصاميمهالغريبة وموضوعاته الآسرة المذهلة, فاللحظات عبرها كالسراب تلتمع في موقعثم تفر إلى آخر, وهكذا تظل تلهث خلفها في رحلة كشفية أبدية، فتستهويكالمسارب، وتضيعك المتاهات، وتأسرك جنة النص التي لا سلطة فوقها سوى سلطةالله.
إنتجربة الكتابة, عبر هذين المنجزين, تختار لها هذا الخط المفتوح الهادموالباني في آن واحد، الراكض خلف ضوء لم ينبلج نوره قط, والباحث عن جوهرحقيق للإنسانية في بصمتها الصوفية الأولى, والمقتفي آثار التماعات الذاتفي تعاليها البهي وتوحدها الأقصى، وهي (أي الكتابة)إذ تختار لها هذاالمسار، تكاد تقتضي من فعل القراءة فتح الأسوار المغلقة والمستتروالبديهي, وتكاد تعرب عن دعوتها إلى رفع السلط وتحرير الشكل والدلالة معاوسلك سبيل الكشف عن الجوهر في الأشياء وسبر المكنونات المحفوفة بالأصفاد,المثقلة بالأغلال على تنوعها, وتكاد تلغيالقراءةَََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََََكفعل سلطوي لأنها تقرأ ذاتها وإن لم يقرأها أحد، وتكاد تلتحم بهذا القارئنفسه لأنها أسئلته اللامكشوفة ورفضه المرجأ، وتمرده المبطن، إنها تجربةتستحق أن تُفتح المرات تلو المرات، والأكيد أن الرحلة في كل مرة لن تشابهمثيلاتها من رحلات قرائية استكشافية لعوالم النصوص.
[1]- بوطيب جمال: (برتقالة للزواج!!... برتقالة للطلاق!!) قصص، دار الجسور، ط1، وجدة، 1996م.
[2]- بوطيب جمال: (مقام الارتجاف)، قصص، مطبعة فضالة المحمدية، ط1، 1999م.
[3]-الدكتور جمال بوطيب، أستاذ جامعي يدرس بكلية الآداب بآسفي، عضو نشيط فياتحاد كتاب المغرب، له أربع مجاميع قصصية منشورة، ومنجزات في الروايةوالنقد والشعر تنتظر دورها، يتولى الإشراف على محترف القصة بنفس الجامعة،فاز مؤخرا بإحدى جوائز مفدي زكريا (الجزائر) المهمة في مجال الشعر.
[4]- له: الحكاية تأبى أن تكتمل- برتقالة للزواج!! برتقالة للطلاق!!- مقام الارتجاف- زخة...ويبتدىء الشتاء
[5]-المقصود بالتجريب هو البحث الدؤوب عن أشكال جديدة وطرائق متفردة تخرج عنالمتداول والمعهود، وتكسر خطية الأنماط ووفائها للتقاليد والأعراف، مصممةعلى نحت سبل مغايرة لم تطرق من قبل، سلاحها في ذلك المبادرة والمغامرةوالمخاطرة والجرأة والاجتهاد والخرق.
[6]- جمال بوطيب: "مقام الارتجاف"، مصدر مذكور،ص9.
[7]- نفسه ص46.
[8]- نفسه ص47.
[9]- نفسه ص37.
[10]- نفسه ص29.
[11]- نفسه ص27.
[12]-نفسه ص 34.
[13]- نفسه ص 28.
[14]- نفسه ص 45.
[15]- انظر ص 60.
[16]- نفسه الصفحة 51.
[17]- تنظر الصفحات 66، 60، 45 مثلا.
أضافها جمال بوطيب في دراسات حول أعمال الكاتب @ 04:10 م
[/b] الذي أغنى الخزانة القصصية المغربية بأربع مجموعات
خبّر عن هذا المقال: |