منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    مقارة سيميائية لرواية القيامة

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    مقارة سيميائية لرواية القيامة Empty مقارة سيميائية لرواية القيامة

    مُساهمة   الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 1:28 am

    افتراضي مقاربة سيميائية لرواية القيامة... الآن لابراهيم درغوثي/ تونس

    مقاربة سيميائية لرواية القيامة... الآن لابراهيم الدرغوثي
    حفصة / الجزائر

    مقدمة
    في الحقيقة تتعدد المفاهيم و التعريفات حول موضوع السيمولوجياوالسيمياء، ففيالمصطلح مجمل في حد ذاته بعض الغموض الذي قد لا يمنح له تعريفا محددا إن مايهمنا في هذا الإطار تحديد أهداف هذا العلم، حتى نتمكن من الوصول إلى نتائج سليمةأقرب إلى الصواب فعلم السيمياء يهدف إلى دراسة المعاني الخفية لكل نظام علاماتي فهويدرس لغة الإنسان و الحيوان و غيرها من العلامات الغير لسانية باعتبارها نسقا منالعلاقات و يدخل في هذا الإطار علامات المرور و أساليب العرض و اللوحاتالإشهارية.........الخ.
    إن اللجوء إلى المقاربة السيميائية يعتبر خطوة هامة فيمسار الاتصال والتواصل إذ انه ينتج المجال لتحديد القيم الدلالية و العلامات و منثم فتح قنوات الاتصال و نحن إذا أردنا إتباع هذه المنهجية فإننا سنكون في حاجة ماسةإلى معارف كثيرة لإدراك كل الإيحاءات التي يثيرها نص ما.
    إن المستوى الأول منالقراءة مرتبط بادراك ما تحمله النصوص بكل أبعادها وهو تعامل ظاهري مع النص قد لايسهم في فتح أبواب كثيرة عليه أما المستوى الثاني فهو ذلك المستوى حيث نقومبالتأويل والتدليل.
    إن أهمية علم الدلالة تكمن بوجه خاص في الكشف عن حركيةالدلالة وإبراز مستوياتها ومن ثم إعادة بنائها بهدف تعيين الوحدات الدالة وتنظيمهاوفق سلم تراتبي( 2)إذن فالعمل التحليلي السيميائي مبني على إتباع المعنى ومطاردتهبين متاهات الكلمات. إن تأويلنا للنص يختلف باختلاف تجاربنا ومعارفنا لكن الأكيدأننا بحاجة إلى أدوات إجرائية تسهم في إنارة دروب التحليل إذ تستهدف استقراء النظامالدلالي, لذلك فالتطبيق يتطلب نوعا من الإلمام بالمفاهيم التنظيرية لكن تتبع هذاالجانب قد يجعلنا نغوص فيه فنبتعد عن عملنا التطبيقي إذ أن الدراسات التي تناولتالسيميولوجيا كثيرة الاتجاهات والتفرعات لذلك فلقد فضلت ذكر تعريفين لهذا العلمق****ا اثنان من أساطين الدراسات السيميائية أولهما هو لدي سوسير الذي يعرفالسيميولوجيا بأنه العلم الذي يدرس حياةالعلامات في كنف الحياة الاجتماعية من خلال عدم الفصل بين مادة التعبير ومعنىالتعبير وهي تقترب من المحتويات وتحاول الابتعاد شيئا فشيئ عنالدلالات...(1)وهكذا فان السيميولوجيا تهتم بإيجاد العلاقة بين العلامةوالحياة الاجتماعية متطرقة بذلك إلى نقطة مهمة هي المحتوى أما التعريف الثاني فهولرولان بارت الذي يرى بأن السيميولوجيا هي ذلك العمل الذي يصفي اللسان ويطهراللسانيات وينفي الخطأ مما بعلق به أي الرغبات والمخاوف والإغراءات والعواطفوالاحتجاجات والاعتذارات وكل ما تنطوي عليه اللغة الحية.(2)ياله من تعريف غريبيكاد يضفي على السيمولوجيا صفة القدسية لكنه تعريف يحاول تحرير النص من السلطةوجعله يسير وفق الدلالة المتعددة بحيث تكون العلاقة بين الدال والمدلول علاقة تطهيرترفعه عن كل ما قد يشوبه من الخارجإن الغرض الذي يحمله كل محلل لنص ما هو إلامحاولة لفهم النص وتفسيره من خلال مكوناته بالدخول إلى عالم النص وإضاءة جوانبهالمظلمة وكشف أسراره اللغوية بحيث نبني فرضية حول نظام البناء فيه وطريقة ترتيبمكوناته وإدراك العلاقة التي تربط بينها.
    إن العمل الأدبي أيا كان نوعه هو نتاجرمزي قد يكون بسيطا يسهل القبض على معانيه وقد يكون معقد التركيب ذو وجود متميزمتعدد المستويات والدلالات والأبعاد مما يجعل التأويل متعددا والقراءة شاسعة المجالو هكذا فإن الدراسة السيميولوجية تحاول تحديد البناء الدلالي للنصوص هذا البناءالذي قد يتخذ في أغلب الأحيان من المنطق الصوري وسيلة تحيل إلى الدلالة من خلالالعلامات التي تؤدي إلى مجموعة من الإحالات التي لا تنتهي، لذلك علينا أن نتجاوز ماتدل عليه الألفاظ ويحدد "روبرت شولتز" ذلك بقوله "و كمسؤولين سيميائيين لسنا أحرارافي وضع المعنى بل أحرار في العثور عليه بإتباع الطرق الدلالية والنحوية والتداوليةالمختلفة التي تخرجنا من نطاق كلمات النص أي أننا لا نستطيع أن نضفي عليه كلالمعاني التي قد نستطيع ربطها بالنص عن طريق الشفرة التأويلية1

    تمهــيد :
    رواية " القيامة....الآن " رواية تنقلنا إلى عوالم ما اعتدنا أن نفكر فيها إلا فيإطار معرفتنا الدينية بها إنها عوالم ذات حيثيات مختلفة تحمل الكثير إنها روايةتنتمي إلى ما يسمى بالرواية الجديدة التي انتشرت في تونس منذ 1983 بصدور رواية "ن" لهشام القروي " و"النفير والقيامة " لفرج الحوار 1985...الخ إن هذه الروايات تحملصفة الجدة إذ أنها تخرج عن إطار خصائص الآثار الروائية عل صعيد السرد العربي وقداعتبرت تيارا عاما جمع بعض الروائيين الذين نهلوا من الثقافة العربية والغربية وكانلهذا النوع أثر في بناء موطن لحوار ثقافي متعدد الأطرافإن الرحلة بين صفحاتالرواية تجعل القارئ يتساءل هل يمكن إطلاق تسمية الرواية على هذا العمل ؟ إنه لايملك أي من مقومات الرواية المتعارف عليها فهيكله مختلف تماما هل هذا العمل مجردلوحات عبثية أفلتت من عقال الكبت السياسي والإرهاب الفكري الذي مورس على العالمالعربي لعقود طويلة ؟ إن قراءة الرواية تصيبنا بالارتباك فالرواية مدعمة بآيات وأحديث واردة عن النبي صلي الله عليه و سلم في أخبار القيامة لكن توظيف هذه النصوصكان توظيفا غريبا فيه جرأة غير معتادة. رواية الدر غوثي و إن لم تكن مثل الرواياتالمألوفة إلا أنها كانت ذات أصوات متعددةو فضاءات متشعبة إنها تمثل مستوي من الوعيإذ أنها تجسد تفاعلا بين الأزمنة الثلاث نقرأ الرواية فيمتلكنا شعور غريب حولها قديكون مصدره الأول هذه المرجعية المقدسة.
    هذه الرواية بقدر ثرائها و دلالتهاالمتعددة و رموزها و معانيها و ثوبها الفضفاض الذي استوعب الزمن بكل أبعاده، الزمنالأسطورة، زمن الواقع، زمن الخيال، زمن الممكن ولا ممكن لقد اكتست حلة من الغموضارتأينا أن نعيد أسبابه إلى ما يلي:
    1 - اختفاء البنية التقليدية للرواية بكلجزئياتها.
    2 - تعدد السياقات النصية.
    3 - حضور النص الديني بقوة مما يربكالدلالة.
    4 - الأجواء التي تدور فيها الرواية أجواء تزرع الشك حول الدلالة التيقد نتوصل إليها.
    و لكي تكون الدراسة ذات نتائج جديدة ارتأيت أن أركز في جانبكبير منها على البنية الدلالية و حددت موضوع الدراسة بعنوان مقاربة سميائية لرواية " القيامة.....الآن" لإبراهيم الدر غوثي و قد قسمت الدراسة إلى ثلاثة مباحث و تمهيدوخاتمة.
    مبحث أول تطرقت فيه إلى الرؤيا والتوظيف حاولت فيه أن اكتشف الرؤياالكامنة خلف الرواية و طرق توظيف المعاني و قسمت هذا المبحث إلى عنصرينهما....
    قراءة سيميائية للعنوان: حاولت فيه أن القي الضوء على العنوان و مدىتفاعله مع نص الرواية ثم انتقلت في العنصر الثاني إلى الكلام عن الرؤيا و التوظيفأنه عنصر حاولت فيه أن أدرس البنية المنطقية التي تحكم النص و الأطراف التي تتجاذبهثم انتقلت إلى مبحث ثاني حاولت فيه دراسة الإحالة المرجعية للنص و عنونته بـ" النصسيميائية المرجع و الفرار من الواقع" و قسمته إلى ثلاثة عناصر تحدثت فيه عنالإحالات الدينية و الثقافية والإيديولوجية حيث أفردت لكل إحالة عنصر مستقلا أماالمبحث الثالث فهو يدرس العلاقة بين اللغة والصورة و عنونته بـ" اللغة و سيمياءالصورة" حاولت فيه أن استكشف طريقة بناء المعنى و تضافر عناصره لإعطاء دلالة كبرى وقسمته إلى العناصر التالية: عنصر أول تحدثت فيه عن الألفاظ و علاقتها ببناء المعنىثم انتقلت إلى عنصر ثاني حاولت فيه تحديد معالم بناء السيميوزيس ثم انتقلت إلىالحديث عن الزمان و المكان حيث أردت تسليط الأضواء على المكان و الزمان في هذهالرواية ثم أنهيت هذه الدراسة بخاتمة لخصت فيها ما توصلت إليه من خلال قراءتيالمتواضعة لهذا النص.
    القيامة…الآن: منطقية الرواية و سرياليةالتوظيف.

    1- العنوان: قراءة سميائية.
    2- الرؤيا و التو
    العنوان: قراءة سيميائية:
    عنوان الرواية " القيامة.....الآن " غريبا يصعب فك ثغراته واستقرائه وفهم أجزائه يستوجب أن نحاول تفكيكه إلى عناصربسيطة قد توحي بالمعنى الكامن. إن العنوان مكون من كلمتين تفصل بينهما مجموعة منالنقاط. لفظة القيامة تحملنا مباشرة إلى التفكير في نهاية العالم لكنها بداية لحياةأخرى إنها بداية الحساب.... بداية الثواب والعقاب تغير يلحق كل شيء....إنها انقطاعللحياة الدنيوية الفانية واتصال بالحياة الأخروية الدائمة...إنها المستقبل الكائنمنذ البداية.. زمنها غير محدد لكنه آت لا محالة...هي مرتبطة بالمستقبل لكن هذهاللفظة المرتبطة بمستقبل معين ترتبط في بنية لفظية بظرف زماني يفيد الحاضر " الآن" الدالة على الوجود, على الحضور إن هذه البنية غير المتجانسة بنية عميقة الدلالةفالروائي لا يسير ضمن حدود الزمن ولا يعترف بها... إنه يرفض الماضي والحاضر ويستشرفالمستقبل يلعب على الزمن محدثا نزعا من القطيعة مع الحاضر والماضي...إن القيامة هيالآن نظرا لما يحدث في العالم...القيامة تمارس السلطة على الآن " إن الحاضر أقربإلى القيامة فالوضع العام متأزم ملتهب غير متوافق مع المنطق وهكذا فإنه أولى أنيرتبط بالقيامة الحاضر المظلم هو بكل ما فيه من تناقضات ومفارقات لا يفسر إلا إذاقرأناه من منطلق أن القيامة قامت.


    الرؤيا والتوظيف
    الواقع أن الموقف الذي يكتف الذات هو المؤطر الأول للمشاهد التياحتضنتها دلالات الرواية إن الأفكار توجه والأحاسيس تثور وتنقل الحاضر إلى الماضيومن ثم إلى المستقبل من الحياة اليومية إلى الحياة البرزخية الماورائية خارج حدودالزمان والمكان تتمخض الرؤية المغلفة بالرمز لتجد لها مكانا وزمانا مختلفين، هذهالرؤية التي تقوم بين الواقع ولا واقع بين الموجود و المغيب تمسك بالماضي المخزيوالواقع المعيب ونرى الخلاص في المستقبل الغائب رؤية قلقة يكتنفها الغموض تجعلالذات مذبذبة بين الوافد إليها من الخارج ماضيا و حاضرا سياسة و دينا واشتراكية وإمبريالية و بين الصاعد من الداخل شعور بالاغتراب و الانشطار...رفض للماضي و الحاضرو انتصار للمستقبل إن هذا النص مبني على ثنائيات متعددة تملك سيرورة خاصة ضمن النصكما أنه مبني على الغموض، إنه غموض يخلق موقفا، خروج عن المألوف يحمل القارئ علىالولوج إلى خبايا النص كي نفهم الموقف أو المواقف التي يحملها .أقنعة النص التيتحمل تعارضا و اختلافا ليس إلا مرافئ حط بها الروائي ليقرأ الأحداث، كما أنالاقتباسات الفنية و الدينية والأدبية تجسد نوعا من التعالي عن الواقع و الغربة والانفصال عنه... هذا النص يجسد تلك الجزئية في العالم العربي حيث رجعية الفكر وسلطة السياسة و التحكم في المصير الإنساني آدم بن الآدمي (هو الشخصية الأساسية فيالرواية إن صح إطلاق هذه التسمية عليه، إنه يمثل الإنسان الضائع المغرب بكل مايعتوره من تغيرات قوى تسعى للتحكم به وبمصيره و نحن هنا نجد أنفسنا أمام ثنائيةالغالب و المغلوب حيث أن الشعوب العربية مغلوبة على أمرها أما الغالب فهو متعددفمرة هو المسيح الدجال ومرة هو القيصر يوليوس ثم ها هي ثنائية الموت و الحياة،الموت هي هذه الرواية أفضل بكثير من الحياة إنه يمنح الذات المنشطرة سكونا وراحة فيحياة أبدية تتمكن من خلالها من إشفاء غليلها من كل من ظلموها أو ظلموا غيرهاالرواية تتراوح بين حياة عاشها آدم في مستشفى المجانين حيث فضل البقاء و بين الموتالذي يختزل المسافات ويمنح ذلك الشعور بالسكينة و هاهنا ثنائية أخرى تتمثل فيثنائية العدو و الظلم إن آدم يتعرض للظلم و الاستبداد هو وعادل الخالدي ومحمد عليالحافي و فرحات حشاد... و لا تتحقق العدالة إلا بعد أن تقوم العدالة ويعاقب الظالمويحترق الشهيري و سالم العطيوي في نار جهنم زبانية الحكومة ممن تلذذوا بتعذيبالسجناء بل حتى باستيراد وسائل التعذيب و التفنن في طرقه أما الشعب فهو يتأرجح بينالصحو والغفلة إنه يصفق و يهلل لكل جديد، نفاق إعلامي وسياسي وحتى شعبي.
    إنالمنطقية تخلق علاقة أخرى بين الديمقراطية و الدكتاتورية، الحاضر هو عالمالدكتاتورية وبالتالي فالآخرة تفتح بابا للديمقراطية في اختيار المصائر و التحليقبعيدا عن عالم مشوه ثم هناك ثنائية الروح والجسد.... الجسد مقيد لا يملك الحريةبينما الروح في عالم القيامة تملك مطلق الحرية في الانتقال بين السماوات و الأرض وهكذا يتصارع عالمان: عالم مادي قاس ظالم تتغير فيه موازين القوى و عالم ما ورائييصبح حقيقة وتسيير الأمور فيه وفق منطقية مقبولة و هكذا يبني "الدر غوثي" روايتهعلى مجموعة من الثنائيات يصل بها في النهاية إلى بناء واحد يتمثل في أن الواقع اقربإلى علامات القيامة وهذه الحياة التي فيها كل هذه الأمور الفظيعة و محاولةالإمبريالية تحذير الشعوب و إغوائها هي حياة غير منطقية لا مبرر لها إلا في إطارالقيامة...هذه الدنيا ضاقت على آدم بن الآدمي و خنقته فهي ليست الدنيا التي يفترضأن تكون و الآخرة بالمقابل أفضل و أكثر منطقية لكي نستطيع فهم الأحداث كما هي .

    منقول

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 4:56 am