منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    فاعلية الأسلوبية وملامحها في قصيدة “مرثية لاعب سيرك” للشاعر أحمد عبد المعطي حجازي بقلم: د. رابح طبجون *

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    فاعلية الأسلوبية وملامحها في قصيدة “مرثية لاعب سيرك” للشاعر أحمد عبد المعطي حجازي بقلم: د. رابح طبجون *   Empty فاعلية الأسلوبية وملامحها في قصيدة “مرثية لاعب سيرك” للشاعر أحمد عبد المعطي حجازي بقلم: د. رابح طبجون *

    مُساهمة   الثلاثاء ديسمبر 07, 2010 1:48 pm


    المحرر | أكاديميا, مقالات و دراسات أدبية | 2010.11.14 1tweetretweet

    فاعلية الأسلوبية وملامحها في قصيدة “مرثية لاعب سيرك” للشاعر أحمد عبد المعطي حجازي بقلم: د. رابح طبجون *   %D8%AD%D8%AC%D8%A7%D8%B2%D9%8A
    1 ـ لمحـة عن ديوان “مرثية للعمر الجميل”ـــــــــــــ”مرثيةللعمر الجميل”… مجموعة من القصائد الحرة، التي نظّمها الشاعر “أحمد عبدالمعطي حجازي”. وقد احتوى الديوان على مجموعة من المرثيات رثى فيها الشاعرعمره الجميل، قبل سن الأربعين، رأى كيف تجرف تحولات الحياة أحلامهالشعرية، وكم تحصد أعمار جيله”(1)، جراءظروف سياسية أو اقتصادية، واجتماعية. وقد صدر ديوان “مرثية للعمر الجميل”عام 1972، ونال صاحبه جائزة الدولة التقديرية المصرية، عام 1997″(2)، أما “مرثية لاعب سيرك”: فهي عنوان لقصيدة من ديوان “مرثية للعمر الجميل”، وهي مكونة من 66 سطرا.2 ـ الأسلوبية والنص الأدبيتسعى الأسلوبية بصفة عامة إلى دراسة الأعمال الأدبية لاكتشاف ما فيهامن صفات جمالية، وذلك برصد مدى الانزياح الموجود فيها، والذي من شأنهإبراز صفة التميز والتفرد لعمل فني عن غيره، أو لعصر عن عصر آخر، وتكشفالأسلوبية “عن القيم الجمالية في الأعمال الأدبية، منطلقا من تحليلالظواهر اللغوية والبلاغية للنص، تحليل الأساليب وفق منهج موضوعي”.(3)وفي هذه المقاربة سنحاول فحص واحدة من روائع الأدب المصري الحديث،للشاعر “أحمد عبد المعطي حجازي” وهي قصيدة “مرثية لاعب سيرك”، من أجلإبراز فاعلية الأسلوبية، وإلى أي مدى لعب الانزياح دوره في إبراز السماتالجمالية والفنية والتعبيرية للقصيدة؟ وما مدى تأثير القصيدة على المتلقي؟باعتبار أن “حضور المتقبل على صفحات الخطاب يعلم على الضرورة، وهو ما يمكناستغلاله في بلورة الأبعاد السيكولوجية والنفسية في الظاهرة اللغوية”(4)،وذلك أن المرسل يكيف رسالته حسب أصناف الذين يخاطبهم بطريقة عفوية بعيدةعن التكلف، ليحملهم على فهم محتوى رسالته، ومنه يمكن القول أن القصيدةموجودة بالقوة، ولا تخرج إلى حيز الفعل إلا بالمتلقي لأنه “لا نص بلاقارئ”.3- المستويات 1- المستوى الصوتي : يعتبر الصوت وسيلة ضرورية لمعرفةطريقة عمل اللغة،ويعد التحليل الصوتي مهما في التحليل الأسلوبي، لأن “ثمةإمكانات تعبيرية كامنة في المادة الصوتية… وثمة تراسلا بين المشاعر وبينالتأثيرات الحسية التي تحدثها اللغة”(5) فالشاعر يستعمل أصواتا معينة تتناسب مع حياته النفسية، وبالتالي تعتبر الأصوات جانبا ماديا ملموسا من اللغة مقارنة بالجانب النفسي.أ- الوزن: “مرثية لاعب سيرك” قصيدة حرة من بحر“الرجز”، وسمي هذا البحر رجزا نسبة لقولهم: “ناقة رجزاء” إذا ارتعشت عندقيامها، لضعف يلحقها أو داء”.(6) ونجد في هذا البحر اضطراباكبيرا، لجواز حذف حرفين من كل تفعيلة، وكثرة إصابته بالزحافات والعلل… فهوأكثر البحور تقلبا… وفيه جوازات كثيرة”.(7)والرجز من البحور الصافية البسيطة، يتكون من تفعيلة سباعية “مستفعلن”وقد نوع الشاعر “أحمد عبد المعطي حجازي” في استخدام عدد التفعيلات، حيثنجده استخدم ثلاث تفعيلات في السطر الأول من القصيدة: فـالعالم المملوء أخطاء
    <table cellpadding="0" cellspacing="0" width="100%"><tr><td>/ 0 /0//0 /0/0//0 /0/0</td></tr></table>
    مستفعلن مستفعلن فعلنوقد طرأ على التفعيلة الأخيرة حذف الوتد: مستفعلن مستفعلن مستفسالم سالم محذوفونجده استعمل (5 تفعيلات) في مثل قوله: حين تلوح مثل فارس يجيل الطرف في مدينته
    <table cellpadding="0" cellspacing="0" width="100%"><tr><td>/0 ///0 //0 //0 //0//0 /0 /0 //0 //0 //0</td></tr></table>
    مستعلن متفعلن متفعلن مستفعلن متفعلنوقد دخل على التفعيلة الأولى (مستفعلن) طيء، فصارت (مستعلن) وتحول إلىمفتعلن، وتسمى مطوية: مستعلن متفعلن متفعلن مستفعلن متفعلنمفتعلن متفعلن متفعلن مستفعلن متفعلنمطوي مخبون مخبون سالـــــم مخبونأما التفعيلة الثانية والثالثة و الخامسة فدخل عليها خبن.وقد استعمل الشاعر في السطر التالي (6 تفعيلات) لإتمام الفكرة، فكسر النمط العادي لبحر الرجز: فيجمد الرعب على الوجوه لذة وإشفاقا وإصغاء
    <table cellpadding="0" cellspacing="0" width="100%"><tr><td>//0//0 /0///0 //0//0 //0//0 /0/0//0 /0/0</td></tr></table>
    متفعلن مستعلن متفعلن متفعلن مستفعلن فعلنمخبون مطوي مخبون مخبون مطوي محذوفوالملاحظ كثرة الزحافات والعلل، وكذلك التنوع في اختيار عدد التفعيلات،حسب حاجة الشاعر إليها في السطر. وقد استخدم الشاعر هذا البحر لأنه يناسبحالته المضطربة،كما أنه يعكس مدى ارتباكه من خلال كثرة التغيرات الطارئةعلى التفعيلات.بالمقاطع: لقد قدر تواتر المقاطع الطويلة بـ(152 مقطعا) مثال ذلك قول الشاعر: (في العالم المملوء أخطاء) تبرز المقاطع الطويلة هنا: في/ عا / لو / طا.فهذا السطر يحوي (04) مقاطع طويلة.والمقاطع الطويلة في قصيدة “مرثيةلاعب سيرك” تعكس نفسية الشاعر، وعالمه الداخلي المليء بالحزن والحيرة؛ولذلك أراد إيجاد متنفس له من خلال المد الموجود في المقاطع الطويلة.ويتضح ذلك إذا جمعنا كم تواتر المقاطع الطويلة الكلي في كامل القصيدة،وقسمناه على عدد الأسطر.152 م ط / 66 س ~ 3 م ط / سﺟ- التكرار : يعتبر التكرار وسيلة موسيقية يثري بهاالشاعر المعاصر نصه الشعري، وهذا تعويضا لما فقدته القصيدة المعاصرة الحرةمن النواحي الموسيقية الخليلية،نذكر من ذلك:1- تكرار الكلمات: يعمد الشعراء إلى تكرار بعضالوحدات اللغوية، وذلك لأن “تكرار الكلمات التي تنبني من أصوات يستطيعالشاعر بها أن يخلق جوا موسيقيا خاصا يشيع دلالة معينة”(Cool وهذايعني أن ما تثيره أصوات الكلمات من معان ودلالات، قد يكون أقدر على حمل مايختلج نفس الشاعر من المعاني التي تحملها الكلمات في حد ذاتها وقد كرر“أحمد عبد المعطي حجازي” العديد من الكلمات في قوله (أخطاء، تخطئا، الخطأ/ ليلة، الليلة، الليالي / آلاء وآلاء / الحبال للحبال / ملجأ، ملجأ /منتظرا، المنتظرة / تنبض، أنبض). ويعد تكرار هذه الكلمات ظاهر ملفتةللانتباه، من ناحية وضع الكلمة المكررة في نفس السطر مما يمنح هذا الأخيرجرسا موسيقيا جميلا.وقد كرر الشاعر مادة (ن ب ض) فاستعملها مرة في زمنالمضارع (تنبض) ومرة في زمن الماضي (أنبض). ولهذا التكرار دوافع نفسيةوأخرى فنية، وتكمن الدوافع الفنية في تحقيقه للنغمية، التي تحتوي هندسةموسيقية تغني المعنى، كما أن للتكرار خفة وجمالا لا يخفى أثرهما في نفسالمتلقي، حيث أن الفقرات الإيقاعية تشيع في القصيدة لمسات عاطفية،ووجدانية يفرغها إيقاع المفردات المكررة.2- التجانس الخلفي الأمامي: يحدث هذا النوع منالتكرار عند تجانس الصوت، عبر حدود الكلمتين المتواليتين. ونعني به تجانسالصوت الأخير من الكلمة الأولى مع الصوت الأول من الكلمة الثانيةالمتوالية. وقد تواتر هذا النوع من التكرار في القصيدة (15 مرة) نذكر منها(الناس صياحهم، الطرف في، المنون نفسها، حيات تلوت، أنت تبدي، الموت تلج،أنت تفلت، حتى تعود، ليلة ترى، لحظة تغفل). ولهذا النوع من التجانس طاقةموسيقية أخاذة، فعندما يقول الشاعر: أنت تفلت الحبال للحبالفتجانس حرف التاء الذي في الضمير المنفصل (أنت) وحرف التاء الذي يبدأ به الفعل (تفلت).وكذلك تجانس حرف اللام في (الحبال) وحرف اللام الذي تبدأ به الكلمةالمكررة (للحبال) ثم العودة إلى حرف اللام، في نهاية الكلمة كل هذاالتجانس يمنح للسطر إيقاعا متميزا يكسبه جمالا وخفة. والملاحظ على هذاالنوع من التكرار، كثرة استعمال حرف (التاء)، وهو حرف مهموس، وهي صفة تبعثعلى التأمل والتقصي العميق. أما التجانس الذي حدث في نهاية الكلمة (الناس)وبداية الكلمة (صياحهم)، فيكمن في كون حرفي (س، ص) صفيريان يتصفان باحتكاكقوي، يناسب الضيق الذي يغمر نفسية الشاعر.3- تكرار السطر: ويتجلى ذلك في تكرار الشاعر للسطر السادس (3 مرات)” في أي ليلة ترى يقبع ذلك الخطأ “فكان هذا السطر بمثابة لازمة، بدأ بها المقطع الثاني، وأنهى بها المقطعالثالث والرابع.كما نجد الشاعر يكرر السطر “حين تدور الدائرة” ويكمنالانزياح في تكراره لهذا السطر في حرصه على ذكره بعد ثلاث أسطر، وهو عددقليل، يبرز مدى رغبة الشاعر في تأكيد خوفه واضطرابه. وقد أضفى هذا التكرارجمالا على موسيقى القصيدة.4- تكرار الحروف: من خلال قيامنا بعملية إحصائية، شملت الحروف الأكثر تواترا وجدنا ما يلي:- التاء : هو صوت مهموس “… لا تتذبذب الأوتار الصوتية حال النطق به”(9)تواتر هذا لحرف (94 مرة) وهو أكبر تكرار في حروف القصيدة. ومن المواضعالتي ورد فيها (يجتر، تعود، صمت، محتال، مدينته، تدور). والتاء صوتانفجاري أسناني لثوي المخرج، شديد مهموس، يتم نطقه بإلصاق طرف اللسانبداخل الثنايا العليا، ومقدمه باللثة وبتخفيض مؤخر اللسان، وإقفال المجرىالأنفي، وفتح الأوتار الصوتية،”ويتصف الصوت المهموس بالرهافة والهمس، وهماصفتان تبعثان على التأمل والتقصي العميق”(10) وإن هذه الصفات تناسب حالت الأنين والوجد التي يعانيها الشاعر.- الهمزة: تواترت (56 مرة) ومن المواقع التيظهرت فيها (آلاء، أشياء، أحياء،ضوضاء، بيضاء، سوداء) ويدل اختيار الشاعرلحرف الهمزة على معان أساسية، وهي الحزن والرثاء والبث والشكوى، كما أنهاتعد نبرة تشاؤمية طاغية على النص لدرجة أنها كانت بمثابة روي للقصيدة.“والتوقف الحنجري للهمزة هو الصوت المهموس الوحيد الذي ليس له نضير مجهور،لأن التوقفات الحنجرية تحدث بعرقلة انطلاق الهواء، وذاك بإطباق الأوتارالصوتية إطباقا تاما”.(11) وهذه الطريقة في النطق لا تحدث ذبذبة كالتي تحدث للأصوات المجهورة الأخرى.- اللام : وهو صوت صامت متوسط وأنفي, كما أنهصوت رنان جانبي. وقد تواتر في القصيدة (57 مرة) من ذلك نذكر (المتهدل،ليلة، الثقيل، المنازل، جميل، الحبال) وهذا التكرار أضفى ليونة في الوقعالموسيقي.وكان له دورا بارزا متحدا بدلالته.إذ أن هذا الصامت المنحرف كانله انسجام مع معنى الخطأ، الذي هو انحراف عن الصواب، وقد أحدث ذلك تجاوباونغما له أثر مهيمن على الأداء، وعلى شعور المتلقي.- الميم :وهي صامت متوسط، وهو أنفي وجانبي وهيصوت رنانRésonant ”وتحدث الأصوات الرنانة بتشكيل القناة الصوتية بدلا منتعويقها أو عرقلتها وفي إنتاج الأصوات الرنانة فإن خروج التيار الهوائيسواء من الفم أو الأنف لا يعترضه شيء”(12) وقد تواتر حرف الميم(61 مرة) ومن المواضع التي ورد فيها (ممتلئا، المرتطم، مقدمك، مودعا،المغامرة) ويعكس هذا الصوت الشفوي والأنفي Nasal نغمة الحزن التي تجتاحكيان الشاعر. جراء يقينه بالمأساة التي تنتظر اللاعب. وعند النطق بهذاالحرف ( الميم ) تحدث ذبذبة في الأوتار الصوتية. وهذا ما يعكس الاضطرابالذي يعتري وجدان الشاعر، والنغمة المصاحبة لهذا الحرف تثير في المتلقيالحزن والشجن.- الواو : وهو حرف لين تواتر في القصيدة (44مرة) في مثل قوله (الوجوه، المنون، يبدو، نورها، الطبول) وقد سميت الواوحرف لين، لأن الصوت يمتد فيها، واحتملت المد لأنها سواكن اتسعت مخارجهاحتى يجري فيها الصوت.ونجد أيضا حرف” الياء” الذي تواتر (57 مرة) في مثل قوله (نبيل، يجتر،يقبع، صياحه، مصابيح، رشيق). أما” الألف” فقد تواتر (69 مرة) نذكر من ذلك(أمام، نائما، حساب، شاربا).و”لحروف المد وظيفة فنية صوتية، إذ تؤدي فيكثير من الأحيان إلى تنوع النغمة الموسيقية، فهي ذات مرونة عالية، وتمتازأصوات المد بوضوحها في السمع، فكثير منها يوحي بنداء ضمني”(13) ويتمثل هذا النداء الضمني بالنسبة للشاعر رغبتـه في التنفيس عن حالة الحسرة والآهات.وتهتم البنية الصرفية الأسماء، والأفعال والضمائر، حسب تواترها فيالقصيدة وإذا كانت القصيدة تتكون من أسماء، وأفعال وحروف فهذا يعكس مدىأهمية هذا المستوى في الدراسة الأسلوبية.أ- بنية الأسماء :يعرف الاسم بعدة علامات منها الكسرة، التنوين، دخول الألف واللام،وكذالك دخول حروف الجر. كما أن الظروف وأسماء الإشارة والأسماء الموصولةكلها أسماء. وقد أحصينا تواتر الأسماء في القصيدة كما هي مدونة في الجدول:
    الأسماءنكرةمعرفةاسم فاعلالصفات والنعوت
    172651071520
    1 – المعرفة: من خلال الجدول نلاحظ أن المعرفة هي الغالبة على بنية الأسماء في القصيدة، حيث تواترت (107 مرة) نذكر منها فاعلية الأسلوبية وملامحها في قصيدة “مرثية لاعب سيرك” للشاعر أحمد عبد المعطي حجازي بقلم: د. رابح طبجون *   Icon_sad العلم – المكان – الطبول – الملعب – الخطر – الحبال – الظلمة).ويرجع هذا الاختيار الكثير لأسماء المعارف، إلى رغبة الشاعر إلىالتعيين والقصد، فالشاعر يتحدث عن تجربة وفكرة يريد تبليغها وتقريبها إلىالمتلقي، ولذلك استعمل الأسماء المعرفة.وللتوضيح والتحديد أكثر ندرج الجدول الآتي:
    نوع الاسم المعرفةالعدد
    ضمائر منفصلة07
    أسماء إشارة04
    أسماء موصولة02
    المبدوء بأل التعريف72
    المضاف22
    2- النكرة: لم يكن استعمال النكرةفي القصيدة كبيرا إذا ما قارناه بالمعرفة، غير أنه ورد في مواضع نذكرمنها قوله (مرة – ليلة – ضوضاء – آلاء). وتدل النكرة على المبهم، وهيالأصل. المعرفة فهي الفرع غير أن الشاعر لم يهتم بالمبهم في قصيدته، لأنهيسعى إلى إيصال فكرته إلى المتلقي، والمعرفة أصلح لذلك من النكرة.(14)3- اسم الفاعل: يقوم اسم الفاعل بدور الفعل المشتقمنه فإذا كان فعله متعديا فهو يحتاج إلى فاعل ومفعول به. أما إذا كانفعله متعديا فلا يحتاج إلى مفعول به. وقد تواتر اسم الفاعل في القصيدة (15مرة) وهذا الاختيار المقصود من طرف الشاعر يعزز الحركية في القصيدة.4- الصفات والنعوت: تواترت بشكل معتبر يقدر بـ (20نعتا). واختار الشاعر الصفات والنعوت عن وعي منه بأنها تطفي جمالا علىالنص، فضلا عن توضيحها لمواصفاتها، ونذكر على سبيل المثال قوله (العالمالمملوء-جسمك النحيل-صمت نبيل-ملعب الواسع). وقد أكد الانزياح الموجود فيالصفات فاعليته، وقدرته على خلق الجمال والإثارة، وذالك الانحراف الحاصلبين الصفة، والذي تم من خلاله خلق تلك العلاقات المألوفة بين الصفةوالموصوف.كما في قول الشاعر: صمت نبيلحيث زاوج “أحمد عبد المعطي حجازي” بين الصفة والموصوف في حقلين متباعدين، لأنه وصف الصمت بصفة تخص الإنسان (النبل).ب- بنية الأفعال: يشترك الفعلبجانب الاسم في بناء وتكوين النص، فهو لا يقل أهمية عنه لذا قمنا بإحصاءالأفعال الموجودة في القصيدة. واختصرنا النتائج في الجدول التالي:
    عدد الأفعالالأفعال الماضيةالأفعال المضارعةفعل الأمر
    59164201
    1- الأفعال الماضية: من خلال الجدول نلاحظ أن تواتر الفعل الماضي كان قليلا إذا ما قارناه بالفعل المضارع.
    (فعل) بسيطعام (استغراقي)حاضرمستقبلمستمربعيد(كان+فعل)
    050402040100
    ونذكر على سبيل المثال الفعلين (عرفت – صدقت)، وهما الفعلان الأخيرانفي القصيدة، واختارهما الشاعر لتبقى قصيدته صالحة لكل مكان وزمان،باعتبارهما فعلان يدلان على المستقبل حسب سياق القصيدة.و بصفة عامة استعملالشاعر الفعل الماضي بمختلف أشكاله غير أنه لم يستعمل الماضي البعيد، لأنهبصدد الحديث عن فكرة مستمرة غير محدودة بزمن.2- الأفعال المضارعة: استعملها الشاعر بشكل كبير، وهوالزمن الذي يخدم أفكاره، ويلبي احتياجاته النفسية. كما أنه يصلح أن يتحركفي دوائر زمنية أخرى. وقد أحصينا ذلك وفقا لمعطيات السياق الذي تفرضهالقصيدة حيث: استعمل الماضي القريب مرة واحدة (01)، والماضي المستمر مرتان(02)، والحاضر ثمان مرات (08)، أما المستقبل القريب فاستعمله سبعة عشر مرة(17)، المستقبل البعيد مرتان (02)، والعام إحدى عشرة مرة (11).إن اختيار الشاعر للمستقبل القريب في مثل قوله (تخطأ – تبتسم)، والعامفي مثل قوله (تمتد – تبدي)، يجعل القصيدة متجددة، حيث تحظى بطابع العموميالذي لا يتقيد بمكان وزمان، تماما كما أراد الشاعر.- نسبة الفعل إلى الصفة: إنالكلمات التي تعبر عن حدث أو فعل تدخل ضمن دائرة ما يسمى بالتعبير بالحدثActive aspect أما الكلمات التي تعبر عن صفة مميزة لشيء ما، أي التي تصفهذا الشيء، تدخل ضمن دائرة ما يسمى بالتعبير بالوصف Qualitative aspect.وبما أن الأفعال تواترت في القصيدة (59 مرة)، والصفات (20 مرة) فهذايدل على شدة انفعال الشاعر، لأن زيادة عدد كلمات الحدث على عدد كلماتالوصف دلالة على شدة الانفعال (59 فعل > 20 صفة).كما أن نسبة الأفعالفي القصيدة دلالة على الأسلوب الأدبي.ولمعرفة نسبة الفعل إلى الصفة نجري المعادلة الآتية:نسبة الفعل إلى الصفة = عدد الأفعال/ عدد الصفات2.95 = 59 / 20نسجل ارتفاع (ن ف ص) في القصيدة وهذا دليل على كثرة الحركية في النص.ترى الأسلوبية في دراسة المستوى التركيبي أهمية كبيرة لبحث الخصائصالمميزة لمؤلف معين. وتنطلق الأسلوبية لتحليل من مسائل عديدة، كدراسةأطوال الجمل وقصرها، ودراسة أركان التركيب من مبتدأ وخبر وفعل وفاعل وماإلى ذلك. بمعنى أن الأسلوبية تنطلق في دراسة المستوى التركيبي من جزء منالجملة أو الجملة كاملة.وبما أن دراسة التركيب واسعة جدا، إذا ما تناولناها بشكل عادي،اقتصرنا في دراستنا على الظواهر البارزة في القصيدة، والتي نبدأها بـ:أ- الانزياح على مستوى الروابط1- الوصل بحروف العطف: يعرف الخطيب القزويني الوصل بقوله:”الوصل عطف بعض الجمل على بعض والفصل تركه”(15).وهذا يعني استعمال حروف العطف العشرة (و- ف – ثم – حتى – أو – أما – أم –لكن – لا – بل)، يؤدي إلى الوصل والتخلي عنه يؤدي إلى الفصل.والوصل يلعب دورا فعالا في البنية السطحية، أي على مستوى الشكل. والوصلخارجي المتواضع عليه. فكل سياق تركيبي يستعمل أدوات الربط لاستكمال بنائهالسطحي، ودلالته العميقة.وقد أحصينا ظاهرة الوصل في قصيدة “مرثية لاعب سيرك” فتحصلنا على النتائج التالية:(24/و - 24/ ف - 3/ ثم - 4/ أو - 4/ أما، أم، بل – 0/ لكن، لا )وقد لاحظنا استعمال حرف العطف “و” بشكل كبير. ولحرف العطف “و” سماتتعبيرية. إذ أنه يتسم بمداخلات عدة، وفي القصيدة يرتبط هذا الحرف بالمشاعرالساخنة والمتدفقة للشاعر، وذلك عندما يقول على سبيل المثال (الخوفوالمغامرة)، وقد عنى أيضا حركة متلاحقة وسريعة مفعمة بالتدفق والحماسة،وتتابع خاطف أشبه بموج البحر.(16) وذلك عندما يصف أداء اللاعب في قوله:وأنت في منازل الموت تلج عابثا مجترئا وأنت تفلت الحبال للحبال تركت ملجأ وما أدركت بعد ملجأكما أننا نجد الحرف نفسه “و” يقودنا إلى التؤدة والتمهل “وكأنه يوحي بالأسى أو النوح المحمل بالشجن”.(17) مثال ذلك قول الشاعر:وتصبح الأقدام والأذرع أحياء وتمتد وحدها وتستعيد من قاع المنون نفسهاوستعمل الشاعر حرف الواو عند وصفه للخطأ المنتظر وكان الحرف في كل مرةيتبع بالضمير “هو” حيث يقول (وهو جليل – وهو مختال – وهو خفي). وذلك لأنهمتلهف لوصف الخطأ، فلا يؤثر تراخيا أو ترتيبا بل يورد هذه الجمل الحاليةمتتالية.- أما حرف العطف “أو” فلم ينل حضه مقارنة بحرف العطف “و”. غير أنهوجد في أربعة مواضع في قوله (أسرع أو أبطأ) وهي هنا تفيد التغيير ، ولكنالنتيجة في النهاية هي حدوث الخطأ ، أي أن هذا التخيير يقود إلى نفسالنقطة.أما قوله: في هذه الليلة! أو في غيرها من الليال. فهو هنا يعني تقسيم، فالخطأ قد يقع في هذه الليلة أو في غيرها. لأن الزمان غير محدد ولكن وقوعه محتم مهما طال ذلك الزمان أو قصر.- وفيما يخص حرف العطف “الفاء” وقد ورد في ثلاث مواضع (فهو جميل) (وهومختال، فيبدو نائما) (فيجمد الرعب على الوجوه لذة). والعطف هنا لأجلالتراخي الذي يعمد إليه الشاعر في بعض المواطن يقدم لنا وصفا لمشهد معين.- ” ثم” تكررت مرتين: وقد أفادت الترتيب:و يملأون الملعب الواسع ضوضاء. ثم يقولون: ابتدئ !وذلك أن المشهد يقتضي انتشار الفوضى في القاعة أولا وبعدها بزمن غير محدد يطلب هؤلاء المتحمسون من اللاعب أن يبدأ عرضه.- وقوله:مودعا. يطلب ود الناس بصمت النبيل. ثم تسير نحو أول الحبال،يستحضر الشاعر هنا المشهد ويعيشه بأدق تفاصيله، وذلك أن الصمتوالتركيز يسبق السير نحو الحبال، وعليه وضع الشاعر حرف العطف “ثم” عن وعيواختيار.- لكن، لا: وردت مرة واحدة، وذلك بصدد إخبارنا بما يجيش في نفسه ويرثيعمره الجميل، وكان في ذالك مندفعا ومستعجلا، فلم يوظف (لكن – لا) لأنه لايريد استدراكا ولا نفيا.2- الفصل: إن “الفصل لا يحتاج من المنشئ إلى أداة،لأنه كما يقال عدم، والعدم سابق الوجود أما الوصل فلا بد له من فنوات ربطتبرز هيئته وشكله الخارجي” (18). وقد يعني الفصل نطق الجمل والكلمات كما تبادرت إلى الذهن دون محاولة ربطها أو تنسيقها.استخدم الشاعر “أحمد عبد المعطي حجازي” الفصل في مواضع عديدة نذكر منهاقوله: (سوداء بيضاء – مستقيما مومئا – مستقرا هادئا – وحيدتا معتذرة –شاربا ممتلئا – على الجسم المهيض المرتطم). وهذا يدل حالة شعورية متعلقةبالشاعر، فعندما يتخلى الشاعر عن الربط أو العطف في فوله: (سوداء بيضاء)فهو في عالم يستفيد فواصله روابطه من الواقع النفسي له، والذي يوازي حالةغضب وخوف. وفي حالة التفكك هذه يستغني الشاعر عن الوصل في الفضاء النصي،إلا في المواضع التي يؤدي فيها الوصل دور دلاليا. (19)3- حروف الجر: كثرت حروف الجر في القصيدة، حيث بلغت (38 حرفا). والجدول التالي يوضح تواتر حروف الجر في القصيدة.
    حروف الجرعدد تواترها في القصيدةحروف الجرعدد تواترها في القصيدة
    في14من02
    على08عن02
    الكاف07الباء01
    اللام03حتى01
    - إن تواتر حرف الجر (في) كان كثيرا، وقد استهل به الشاعر قصيدته في قوله:في العالم المملوء أخطاءوكذلك في قوله:في أي ليلة ترى يقبع ذلك الخطأ في هذه الليلة أو في غيرها من الليال حين يغيض في مصابيح المكان نورها وتنطفئوقد أفاد الحرف في هذه المواضع الظرفية، فالشعر مهتم في قصيدته بالزمانوالمكان المجهول الذي سيقع فيه الخطأ. وإن تكرار حرف الجر “في” يوحيللمتلقي بالحيرة والبحث، وما أضفى عليه هذه الميزة هو اقترانه بالاستفهام،الذي خدم حرف الجر بشكل إيجابي، أثر في المعنى وفي جمال النص.وبصفة عامةنلاحظ على القصيدة كثرة الروابط، فلو جمعنا حروف العطف وحروف الجر لوجدناالنتيجة الآتية: 35 (حرف عطف) + 38 (حرف جر) = 73 (حرف ربط). وهذا يدل علىتماسك النص المفعم بالشحنات الشعورية، والأدوات الجمالية.بالانزياح على مستوى الأسلوب1- الانزياح على مستوى الأسلوب الإنشائييقع الأسلوب الإنشائي في مستويين بنائيين، مستوى إنشائي طلبي، وهو مايستدعي مطلوبا، ويجري في أساليب متعددة كالتعجب والقسم والرجاء وأساليبالمدح والذم.ومستوى إنشائي طلبي وهو ما يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب، ويقعأسلوبه في قنوات خمس هي: الاستفهام - الأمر – النهي – النداء - النفي.والجدول التالي يبين تواتر الأسلوب الإنشائي في القصيدة.
    الأسلوب الإنشائي الطلبينوعـهالأسلوب الإنشائي الطلبينوعـه
    في أي ليلة ترى يقبع ذلك الخطأفي هذه الليلة!ابتدئ!استفهاماستفهامأمرفي أي ليلة ترى يقبع ذلك الخطأوتبتسم!ألا تخطئااستفهاماستفهامنهي
    نلاحظ أن أساليب الإنشاء في القصيدة تجاوزت دلالتها التقريرية النمطيةإلى فضاءات تعبيرية جسدت الصياغة الفنية المتميزة لدلالته الثرية بالمعاني.وللأسلوب الإنشائي الطلبي في القصيدة طاقة داخلية، وذلك بتجاوزه إلىفضاءات دلالية تتعدد فيها الألوان والأشكال، مما يمنح المتلقي فرصةالإبحار خارج الحدود النمطية.فالشاعر عندما يقول مستفهما:في أي ليلة ترى يقبع ذلك الخطأ.فكل من (أي – ترى) تحملان في الظاهر طلبا واستفهاما غير أن الشاعر فيالفضاء الدلالي لا يبحث عن جواب، بل هو استفهام يرمز إلى الحيرة.و”الاستفهام أسلوب من الأساليب الإنشائية ويعني طلب العلم بشيء لم يكنمعلوما من قبل. وهو في حقيقته الدلالية التركيبية، تحويل تركيب إخباري إلىاستفسار، باستعمال أدوات خاصة وتنغيم معين، أو الاكتفاء بالتنغيم أحيانا”.و”أي” يطلب بها تعيين أحد المشتركين في شيء يعمهما، وهي في المعنى بحسب ما تضاف إليه، فيستفهم بها عن الزمان و المكان كما في قوله :في أي ليلة ترى يقبع ذلك الخطأويحدد النمط كالآتي: أي + اسم مؤنث + (ترى) + فعل مضارع + اسم إشارة (فاعل) + بدل. (20)ويبدو الانزياح في تكثيف أسلوب الاستفهام من خلال النمط في إضافة كلمة(ترى). أما الاستفهام من خلال التنغيم، فيظهر في قوله: (في هذه الليلة!)( وتبتسم!)
    الأسلوب الخبريغرضهالأسلوب الخبريغرضه
    هوى وغط الأرض أشلاء!يسحب الناس صياحهم،على مقدمك المفروش أضواء!تفلت الحبال للحبال.تركت ملجأ وما أدركت بعد ملجأ.فهو جميل!الوعظالتحذيرالتحذيرالتحذيرالتقبيحالتقبيحجذاب كأفعى،ورشيق كالنمر!وهو جليل!إذ تعرض الذكرى!حين تدور الدائرة!صدقت النبأ!التقبيحالتقبيحالوعظالنصحالتذكيرالاستعطاف
    والأمر في قوله: (ابتدئ!) غير أن الملاحظ على هذه الأساليب الإنشائيةأنها تنتهي بعلامة تعجب (!). وهذا الانزياح و الازدواجية التي يحملهماالأسلوب الإنشائي الطلبي يعد ظاهرة متميزة.2- الانزياح على مستوى الأسلوب الخبري:الخبر كلام يجري في قناتين، ويحتمل خارج حدود التركيب الصدق أو الكذب،والخبر كل قول أفاد به المستمع بما لم يكن عنده. وللأسلوب الخبري أغراضتفصح عنها السياقات والنظم التركيبية، والجدول يوضح تواتر الأسلوب الخبريوغرضه في القصيدة. من خلال الجدول نجد أن الأسلوب الخبري قد تواتر بشكلمعتبر، وأن أغراضه متنوعة.فعندما يقول: وهو جميل! الشاعر يصف الخطر بالطاووس الجميل، ولكنه لايقصد الجمال بل يقصد تقبيحه. وهذا ما يدل عليه التعجب الذي يلي الجملة (!). وهذا الازدواج والتركيز على إحساس التعجب الذي ينتقل إلى المتلقي عبرالأسلوب الخبري الذي هو لغة داخل لغة، تثير في النفوس المتعة، وتحركالوجدان.الصورة image، هذا المصطلح الذي أصبح يطلق على العديد من أشكال التعبيرالبلاغية، صار وثيق الصلة بكل ماله علاقة بأشكال التعبير المجازية، منتشبيه واستعارة وغيرهما.وينبغي أن ننبه ـ في مقامنا هذا ـ أننا نتحدث عن الصورة التي هي تعبيرلغوي أو زخرف أسلوبي. وقد عرفت كارولين سبيرجون Karoline Spirgeon الصورةبقولها : “أنها الكلمة الوحيدة الصالحة لتشمل على كل نوع من أنواعالتشبيه. وعلى كل ما هو في الحقيقة تشبيه مكثف أي استعارة …
    <table cellpadding="0" cellspacing="0" width="100%"><tr><td>جدول يوضح تواتر الأسلوب الخبري وغرضه في القصيدة.</td></tr></table>
    الصورة = التشبيه + الاستعارة”(21).وعليه تكمن قيمة الصورة الفنية في كونها طريقة في الكلام أكثر إثارة منالكلام العادي. وقد تم إحصاء الصور الموجودة في القصيدة. ونبدأها بـ:أ- الانزياح على مستوى الصورة الاستعارية:تعرف الاستعارة بأنها “استخدام الوحدة اللغوية خارج حدودها التي وضعتأصلا لها. مع ضرورة وجود قرينة ملفوظة في النص، أو ملحوظة في السياق، تمنعمن إرادة الدلالة الوضعية الأصلية”(22). ويمكن القول أن الاستعارة تشبيه مختزل، وقد تواترت الصورة الاستعارية في “مرثية لاعب سيرك” 15 مرة. وذلك في مثل قوله :ويملأون الملعب الواسع ضوضاءحيث شبه الملعب بالكأس، وحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه(يملأون) على سبيل الاستعارة المكنية. وعليه “تقدم الاستعارة للمخيلةشيئين في وقت واحد، هما المعنى الوضعي للفظ، والمعنى الذي ينبه إليهبواسطة الأول في الفكرة”.(22) وهنا يبرز ثراء الصورة وكثافتها.نلاحظ عند تتبع البناء الاستعاري المتكون من ثلاث مراحل، مرحلة إخراجالوحدة اللغوية من منطقة الدلالة المجردة إلى الصورة المحسوسة. ومرحلةالتحويل التي أكسبت الصورة الصامتة والجامدة قوة الحركة والحيوية. ومرحلةالتركيز على التكثيف عن طريق تفخيم الصورة. نلاحظ مدى قدرة الشاعرالتعبيرية على خلق الانزياح في الأسلوب الاستعاري، والذي يظهر في المستوىالعميق للتركيب، والذي يعكس في نفس الوقت حالة الشاعر المضطربة، غيرالمطمئنة؛ حيث يحاول أن يشخص ويجسد ما هو محسوس، وينقله إلى المتلقي الذييتفاعل مع الصورة الاستعارية تماما كما يتفاعل الشاعر الخائف المحتار فيقوله:يرتبك الضوء على الجسم المهيض المرتطمويتجلى اضطراب الشاعر في هذه الصورة الاستعارية لاختاره للفظة (يرتبك)لأن الارتباك إحساس يختلج النفس البشرية وليس الضوء ، وهكذا تنقل حالةالارتباك التي يعاني منها الشاعر إلى المتلقي بشكل جميل، حيث أنه لم يصرحبذلك، بل غلف شعوره في صورة جميلة ومعبرة.ب- الانزياح على مستوى التشبيهيعد التشبيه فنا تعبيريا ،وقد تواتر هذا النوع من الانزياح في “مرثيةلاعب سيرك” (11 مرة). وهذا يدل على تركيز الشاعر على الدلالة الوضعية؛ أيدلالة المطابقة، وقد سعى الشاعر لإظهار صفة المشبه، والذي كان يعود علىالخطأ في (5 مواضع )، وذلك عن طريق مقابلتها بصفة مماثلة هي صفة المشبهبه. وهذا توضيحا وإبرازا لها.كما أنه استعمل في كل أشكاله التعبيرية للصورة، الأدوات الأصلية(“الكاف” 4 مرات، “مثل” مرتان، “كأن” 4 مرات) ولم يستعمل الأدوات الفرعية،حرصا منه على الدقة في التصوير. لكنه عمد إلى جعل تشبيهاته غنية، وكثيفة،وهذا ما يفسره التمثيلي المنتزع من صور متعددة.والذي تواتر ثلاث مرات في القصيدة مثال ذلك قول الشاعر:حين تلوح مثل فارس يجيل الطرف في مدينته مودعا. يطلب ود الناس، في صمت نبيلفلاعب السيرك يبدو كالفارس، في عدة مشاهد، في إجالة الطرف، وفي توديعهلمعالم مدينته، وفي صمته الذي يعكس نبله وشهامته. وهذه الصورة التمثيليةتجعل المتلقي يشعر بغناء الصورة وجمالها.قدم الشاعر في تشبيهاته وجه الشبه في (7 مواضع) وهذا أمر ملفتللانتباه، يجعل المتلقي يهتم بوجه الشبه الذي يريد المرسل التركيز عليه،والذي يحرص على وضعه في صدارة الصورة. من ذلك نذكر قوله:رشيق كالنمرمزج الشاعر في تشابيهه بين غرضين؛ فهو يصف الخطأ بغرض التزيين عن طريق المشبه به الذي يوحي بذلك. كقوله:فهو جميل كأنه الطاووس، جذاب كأفعى،وقد تقصد الشاعر هذا المزج، وكأنه يريد من خلال ذلك القول للمتلقي أنالخطأ يبدو جميلا كجمال الطاووس، ولكنه في حقيقة أمره يخفي خطرا قاتلا،كالسم الذي تخفيه الأفعى الجذابة.- الانزياح على مستوى المجاز المرسليعرف المجاز المرسل بأنه مجاز لغو علاقته غير المشابهة، مع قرينة مانعةمن إرادة المعنى الأصلي. وقد تواتر في القصيدة (7 مرات)؛ حيث اهتم الشاعربالمجاز المرسل الذي علاقته الكلية في أربعة مواضع. من ذلك نذكر قوله:ترفـع كفيك على رأس الملأاستعمل الشاعر في هذا القول المجاز المرسل، الذي علاقته الجزئية في موضعين، في لفظة (كفيك) “والكف: اليد أو الراحة مع الأصابع”.(23)وقد تعني في المثال الكف بما فيها من راحة وأصابع، إضافة إلى الذراع،بل إنها تعني جسم اللاعب ككل عندما يتموضع فوق الخيط المعلق. أما الموضعالثاني فيكمن في قوله (رأس الملأ)، فذكر الرأس ويقصد به رؤوس الجماهيرككل، والجمهور عبارة عن أشخاص لهم أجسام كاملة، وليس رؤوسا منفصلة عنالأجسام.وفي قوله :يجير الطرفذكر الطرف وهو مفرد في حين أن الشخص يجيل عينين اثنتين لا طرفا واحدا.و”الطرف هو العين”.والملاحظ على المجاز المرسل الذي علاقته الجزئية،والمجاز المرسل الذي علاقته الكلية المتواتر مرتين، أنه استند إلى ما هومرئي وملموس، وعليه ابتعد الشاعر عن كل ما هو معنوي، كأن تكون علاقةالمجاز السببية أو الحالية.وهذا ما يجعل المتلقي يستحضر كل ما له علاقة بالموقف، فقوله (ترفع كفيكعلى رأس الملأ)، يجعل المتلقي يركب الصورة كاملة، وضعية اللاعب وهو يحاولالوقوف على الحبل، ونظر الجمهور إليه بخوف ودهشة، دقات القلب، ارتجافاللاعب ثم انتصاره عند رفع كفه على مرأى من الجمهور. كلها مشاهد وصوريستحضرها المتلقي انطلاقا من لفظة (كف).د- الانزياح على مستوى الكنايةيقول عبد القادر الجرجاني في الكناية “هي اللفظ يطلق والمراد به غير ظاهره”(24)؛لأن الأصل في اللفظ أنه وضع لمعنى واحد، واضح ومدرك في الذهن، ولكنه قديخرج إلى معنى مجازي، وبالتالي تكون الكناية نقطة تقاطع دائرة الحقيقةبدائرة المجاز، وذلك يعني أن الكناية في نهاية الأمر هي عبارة عن دال يشغلمدلولين”؛ مدلول حقيقي ومدلول مجازي. وقد استعمل الكناية (8 مرات). ونجدذلك في مثل قوله:تركت ملجأ، وما أدركت بعد ملجأوهي كناية عن صفة المجازفة والمغامرة.إن الكناية ترتبط بالاستعارة ارتباط الخاص بالعام؛ فكل كناية استعارة.وعليه نلمس ثراء الصورة التي تقدمها الكناية للمتلقي. ولعل استعمال “أحمدعبد المعطي حجازي” للكناية بمثابة امتداد للصورة الاستعارية. والصلة بينالدلالة الحقيقية، والدلالة المجازية في الأسلوب الكنائي، هي صلة تلازم.ونلمس في ذلك رغبة الشاعر في مد جسور تواصل بين الحقيقة والمجاز، عن طريق الكناية، ولكنه يضل يستقي جمال أسلوبه من الواقع.ويمكن تمثيل الكناية المعطاة كمثال في الشكل التالي الذي يوضح التقاء دائرة
    الحقيقة بدائرة المجاز في السطر 30 من القصيدة:وهكذا يقرب الشاعر الفكرة من خلال الكناية التي ترمي إلى التقريب بينالمتباعدين، لتلطيف حدتهما، والسعي إلى مجانستهما، وبهذه الطريقةالتعبيرية، يصل المعنى الذي أراده بطريقة لا تزعج عواطف المتلقي، ولا تؤذيذوقه، بل تكتسي جمالا يتجلى في الصورة التي تبعثها الكناية، بابتعادها عنالتصريح، الذي قد يخدش مشاعر المتلقي.كما أن الكناية تصور لنا المعنى مقرونا بالبرهان، فيكون ذكر الشيءودليله، أوقع على النفس، حيث ينقلنا الخيال إلى البحث عن ما يقتضيه هذاالبرهان، من معنى خفي مقصود، يدركه المتلقي عن طريق الاستنتاج الذهني،والإدراك التصوري.يعد المستوى الدلالي أحد أهم المستويات،التي يعتمد عليها الدرسالأسلوبي في التحليل. “وفيه يتناول المحلل الأسلوبي، استخدام المنشئللألفاظ، وما فيها من خواص تؤثر في الأسلوب، كتصنيفها إلى حقول دلالية،ودراسة هذه التصنيفات وما تمثله من انزياحات في المعنى”(25)، أي دراسة الألفاظ الغريبة على النص، والتي لها دلالة أسلوبية.أ- الحقول الدلاليةونبدأها بحقل المترادفات، وفي النص مجموعة من الحقول الدلالية، ويمكن أن نضع كل كلمة وفق الحقل الذي تتماشى معه.1- حقل الألفاظ المترادفات : ويتبين من خلال الجدول التالي :
    حقل الألفاظ الدالة على أسماء الحيوانات أو ما تعلق بهاالحيّات ـ الأفعى ـ القطط ـ الأسد ـ النمر ـ الطاووس ـ طيرا ـ الوحشيقبع(3) ـ تلوت ـ توحشت ـ تعاركت ـ يجتر ـ روضت ـ الوثبة ـ رشيق
    حقل الألفاظ المستقاة من القرآن الكريم.المنون ـ المستعرة- آلاء(2)- الكف ـ إشفاقا ـ جليل ـ مختال- عبثا- غفل- دائرة(2)- النبأ- ود- نور.
    حقل الألفاظ الدالة على العنفتوحشت- تعاركت- المدمرة- هوى- أشلاء- الحجر- المنحدرة- تنغرس- خنجر- لص- المرتطم- المتهدل- الكسير- مجترئا- المرعب
    حقل الألفاظ الدالة على الألم والحزنسوداء- افترقت- الموت- العبث- تركت ملجأ- ما أدركت بعدملجأ- الإشفاق- الظلمة- الثقيل- النحيل- الخطأ(5)- يغيظ- تنطفئ- صياح-مودعا- صمت(2)- الخوف- المغامرة- وحدها- المنون- الخطر- وحيدة- معتذرة-الذهول- يرتبك- المهيض.
    - حقل الألفاظ الدالة على الحيواناتنلاحظ أن الشاعر استعمل من الطبيعة جزءا محددا ألا وهو “الحيوان”، إذذكر أسماء 8 حيوانات، كما وظف جملة من الأفعال المتعلقة بها. وهذاالاستعمال ملفت للانتباه، يدل على أن الشاعر يحاول وضع الخطأ في أدنىمرتبة (وهي مرتبة الحيوان)، رغم أنه ذكر من الحيوانات جل الصفات الحسنةالتي تميزها، كقوله:فهو جميل كأنه الطاووسوقوله:جذاب كأفعى ورشيق كالنمر وهو جليل كالأسد الهادئ ساعة الخطر.ولكن رغم ذلك تظل دون عقل، وتظل هذه الحيوانات خطيرة تماما كالخطر الذي يتربص باللاعب.- حقل الألفاظ المستقاة من القرآن الكريماستعمل الشاعر قرابة (14) لفظا مستوحى من القرآن، وخاصة لفظة (آلاء)التي كررها مرتان والتي تعني القدرة، وهي لفظة مكررة في القرآن، في سورةالرحمن (31 مرة)، وهذا يدل على شدة تأثير هذه الكلمة، ووقعها على النفس،وقد استعملها الشاعر للتأثير في المتلقي.أم

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 08, 2024 12:03 am